إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

التنافس الدنيوي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التنافس الدنيوي

    التنافس الدنيوي

    عن أمير المؤمنين عليه السلام

    "أوصيكم بالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم وإن لم تحبوا تركها.. فلا تنافسوا في عزّ الدنيا وفخرها.. فإن عزها وفخرها إلى انقطاع"1.


    أ- مع الوصيّة

    ثمة أسئلة لا بد لنا أن نطرحها على أنفسنا بكل صراحة في وقفة صادقة يتحاور فيها الإنسان مع ذاته فيسأل ويجيب، كيف ينظر إلى الدنيا؟ كيف يتعامل معها؟ هل هي وسيلة أم هدف؟ أين تكمن أهميتها؟ أو عدم أهميتها؟ وغير ذلك مما يوصله إلى جواب لا يمكن للشك أن يسرح في ميدانه، ولا للأوهام أن تبدّل من حقيقة أمره الذي اهتدى إليه بنور بصيرته وإعمال فكره ليكون مفتاحاً لأبواب حكمته مردّداً ما في وصية أمير المؤمنين عليه السلام إن عزّ الدنيا إلى انقطاع فليس من الصواب التنافس فيه ولا العناء لأجله ولا أن يصبح ذلك أكبر همّه، سيما وأنه لا يعود عليه إلا بالشقاء والغمّ كما جاء في الحديث:

    "من كانت الدنيا أكبر همّه طال شقاؤه وغمّه"2.

    ومما قاله رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: "من أصبح والدنيا آخر همّه فليس من اللَّه في شي‏ء وألزم قلبه أربع خصال: هماً لا ينقطع عنه أبداً، وشغلاً لا ينفرج منه أبداً، وفقراً لا يبلغ غناه أبداً، وأملاً لا يبلغ منتهاه أبداً"3.

    على ضوء ذلك يجدر بنا تحديد هوية التعامل مع هذه الدنيا الفانية باعتبارها وسيلة لا غاية ودار ممّر لا دار مقرّ وأهميتها في كونها مزرعة الآخرة فيها نعبد اللَّه تعالى ونصلي له ونصوم ونجاهد وندّخر للعالم الآخر الأبدي.

    27

    فما يجمل في الدنيا هو أن نسارع إلى الخيرات والمغفرة لا أن نتنافس ونتقاتل على حطامها كما أنه ليس المطلوب هجران الحياة الدنيوية في ساحات العمل وإلا لما كان عمران ولا مجتمع، بل أن نوجّه دنيانا إلى هدف مقدس هو نيل رضى الخالق سبحانه، فنستعملها فيما هو مشروع وحينئذٍ لن تكون الدنيا هي الهدف مهما كانت الوسائل، فلا يعصي الإنسان ربّه عزّ وجلّ لقاء الحصول على جاه أو مال أو أي اعتبار للتكاثر والتفاخر الدنيوي يقول تعالى:

    ﴿فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾4.

    وفي آية ثانية: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾5.


    ب- حب الدنيا رأس كل خطيئة

    لا شك أن التنافس على الدنيا وزخارفها ناشى‏ء من حبّها وتمكّن ذلك الحب في قلب طالبها وإلا لو كان معرضاً عنها لما بذل مهجته وتحمّل الصعاب وتكبّد الآلام ليسبق غيره إلى عزها الزائف وفخرها الخاوي لذلك من المناسب أن نتحدث قليلاً عن حب الدنيا باعتباره أساساً للتنافس الذي يوصينا أهل البيت عليهم السلام بالابتعاد عنه، فكيف تحدّثت النصوص الشريفة عن حب الدنيا؟ هذا ما سنعرفه في هذه الفقرة من خلال الإصغاء إلى كلام المعصومين عليهم السلام بما يتركه من وقع في القلوب:

    1- حب الدنيا رأس الفتن وأصل المحن6.

    2- حب الدنيا أصل كل معصية7.

    3- حب الدنيا رأس كل خطيئة8.

    4- رأس الآفات الوله بالدنيا9.

    28

    5- حب الدنيا يوجب الطمع10.

    6- من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه11.

    7- من أحب الدنيا جمع لغيره12.

    8- لحب الدنيا صمَّت الأسماع عن سماع الحكمة وعميت القلوب عن نور البصيرة13.


    ج- آثار التنافس الدنيوي‏

    تلعب آثار الأعمال دوراً هاماً في اتخاذ القرار للإقدام عليها أو الإحجام عنها بحيث أن الإنسان قبل أن يقرّر القيام بعمل ما يدرس النتائج والآثار المترتبة على العمل فإن كانت ايجابية نافعة أقدم وإن كانت سلبية ضارّة أحجم ومن ترك هذه الطريقة عرّض نفسه للأخطار وسار على غير بصيرة من أمره.

    فقد يتفق مرة أن يسلم الإنسان من أخطار عمل قرّر القيام به دون معرفة ما ينطوي عليه، لكن ليس في كل الأحيان والظروف ضرورة أن هذا الأسلوب في التعاطي مع الأمور يعتبر مجازفة، وهو فيما يرتبط بشؤون الدنيا بصرف النظر عن الآخرة محدود المخاطر بالقياس إلى خطر العذاب الأخروي إذا كان العمل مرتبطاً بآخرة الإنسان ودينه.

    وما نريد هنا الوصول إليه أن نفهم معاً معنى أن يحيا الإنسان في الدنيا للدنيا وأن يحيا الإنسان في الدنيا للآخرة، وبين الحياتين أمد بعيد وفرق شاسع، يتجلى الفرق بانعكاسات عديدة في مختلف جوانب شخصية الإنسان، الفكرية والدينية والعلمية والعملية وله من الآثار في هذا العالم ما لا يكاد يقدر على الإحاطة بها. سواء من الجهة التي يوظّف فيها دنياه لآخرته حيث يطلق عليها عملية البناء الحقيقي الدائم وآثارها تفوق تصور البشر كما وعد اللَّه تعالى في كتابه المجيد أو من الجهة التي يوظّف فيها دنياه لدنياه فقط ونطلق عليها عملية البناء الكاذب المنقطع التي في جوهرها وحقيقة أمرها عملية تخريبيّة هدّامة. غير أننا سنعرض الآثار للعملية الثانية باعتبار أن

    29

    الموضوع الذي نسلّط الضوء عليه يرتبط بها ألا وهو التنافس الدنيوي، وليس من باب الإصرار على إهمال الجانب الايجابي وإيضاح آثاره والتركيز على الجانب السلبي ومخاطره.

    وهذه جملة من آثار حب الدنيا والتنافس على حطامها واعتباراتها التي لا قيمة لها في سجّل الخالق سبحانه:

    1- ستة آثار في حديث الصادق عليه السلام:

    1- الكبر.

    2- الحرص.

    3- الطمع.

    4- الرياء.

    5- العجب.

    6- الغفلة.

    يقول مولانا الصادق عليه السلام: "فمن أحبها أورثته الكبر، ومن استحسنها أورثته الحرص، ومن طلبها أورثته الطمع، ومن مدحها ألبسته الرياء، ومن أرادها مكّنته من العجب، ومن اطمأن إليها أركبته الغفلة"14.

    وكل ما تقدم في هذا الحديث الشريف من موجبات للآثار المتقدمة كحب الدنيا واستحسانها وطلبها ومدحها وارادتها والاطمئنان إليها هي دواعٍ للتنافس لأجلها، وإلا لا يتنافس الناس على شي‏ء لا يحبونه ولا يستحسنونه ولا يطلبونه...

    2- ثلاثة آثار في حديث أمير المؤمنين عليه السلام:

    1- فساد العقل‏

    2- همّ القلب‏

    3- أليم العقاب‏

    جاء عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: "حب الدنيا يفسد العقل، ويهمّ القلب عن سماع الحكمة، ويوجب أليم العقاب"15.

    30

    3- فناء العمر فيما لا يبقى:

    في الحديث: "إنكم إن رغبتم في الدنيا أفنيت أعماركم فيما لا تبقون له ولا يبقى لكم"16.

    4- العمى:

    عن مولى المتقين علي عليه السلام: "من غلبت الدنيا عليه عمي عما بين يديه"17.

    5- الحسرة الشديدة:

    في الحديث: "من كثر اشتباكه بالدنيا كان أشدّ لحسرته عند فراقها"18.

    6- عدم الخوف من الآخرة:

    عن مولانا الكاظم عليه السلام: "من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه"19.

    7- ذل النفس:

    فيما ورد: ".. فإن حب الدنيا يعمي ويهمّ ويبكم ويذلّ الرقاب"20.

    31

    من فقه الاسلام
    س: هل يجوز لشخص حليق اللحية، وأولاده أيضاً إما من المنافقين الهاربين، أو من الذين أعلنوا توبتهم أن يَؤمّ‏َ المؤمنين في صلاة الميّت على جنازة أحد المؤمنين؟
    ج: لا يبعد عدم إشتراط الشرائط المعتبرة في الجماعة، وفي إمام الجماعة في بقيّة الصلوات في صلاة الميّت، وإن كان الأحوط مراعاتها فيها أيضاً.

    س: لو قُتل مؤمن (في مكانٍ ما من العالم) في سبيل تنفيذ أحكام الإسلام، أو أنّه قتل في التظاهرات، أو في الجبهة في سبيل مواجهة أعداء اللَّه، فهل يعتبر شهيداً؟
    ج: له أجر وثواب الشهيد، وأما أحكام تجهيز الميّت الشهيد فتختص بمن استشهد في ساحة الحرب في المعركة أثناء اشتعال نار الحرب.

    س: لو حكم على مسلم بالإعدام طبقاً للقانون وبتأييد من السلطة القضائية بتهمة حمل المخدرات وقد نفّذ حكم الإعدام فيه:
    1- فهل يُصلّى عليه صلاة الميّت؟
    2- ما هو حكم الاشتراك في مراسم العزاء، وقراءة القرآن الكريم، ومصائب أهل البيت (عليهم السلام) التي تقام لهذا الشخص؟
    ج: المسلم الذي نفذ فيه حكم الإعدام حكمه حكم سائر المسلمين وتجري عليه جميع الأحكام، والآداب الإسلامية التي تجري على الأموات.

    س: هل مسّ العظم الذي يحتوي على اللحم والذي فُصل من بدن الحي يوجب غسل مسّ الميّت؟
    ج: في الفرض المذكور يجب غسل مسّ الميّت.

    س: عند قلع الأسنان يخرج معها شي من أنسجة اللثة، فهل مسّها (الأنسجة) يوجب غسل مسّ الميّت؟
    ج: لا يوجب الغسل.

    س: الشهيد المسلم الذي يدفن بثيابه هل تترتب عليه أحكام مسّ الميّت؟
    ج: لا يجب غسل مسّ الميّت بمسّ الشهيد المذكور21.

    خلاصة الدرس

    أ- من جملة ما أوصى به أمير المؤمنين عليه السلام، رفض الدنيا واجتناب التنافس والتقاتل على حطامها وزخارفها لأن العز الحقيقي الأبدي هو عز دار الآخرة.

    ب- لا يعني رفض الدنيا ترك العمل بها ومزاولة الحياة الطبيعية في الكسب والزراعة والصناعة، فذلك مطلوب لعمران الأرض وبناء المجتمع وإنما المراد أن لا تكون الدنيا هي الهدف وأكبر الهمّ.

    ج- إن التنافس لأجل الدنيا منشؤه حبّها وطلبها وهو ما عبّرت عنه الأحاديث الشريفة أنه رأس كل خطيئة وأصل كل معصية.

    د- من آثار حب الدنيا والتنافس لأجلها: الكبر، الحرص، الطمع، الرياء، العجب، الغفلة، فساد العقل، همّ القلب، أليم العقاب، فناء العمر فيما لا يبقى، العمى، الحسرة، الذل وعدم الخوف من الآخرة.

    أسئلة حول الدرس

    1- ما معنى التنافس الدنيوي؟
    2- ما هي العلاقة بين حب الدنيا والتنافس لأجلها؟
    3- فسّر قول أمير المؤمنين عليه السلام: "أوصيكم بالرفض لهذه الدنيا"؟
    4- تحدّث عن عمليتي البناء لدى الإنسان؟
    5- ما هي حقيقة الدنيا بنظر أهل البيت (عليهم السلام)؟
    6- جاء في حديث الصادق عليه السلام ست آثار لحب الدنيا، عدّدها؟
    7- ما معنى قوله عليه السلام: "فإن عزها وفخرها إلى انقطاع"؟
    8- هل كسب المال للانفاق على العيال من التنافس الدنيوي أو لا؟

    للحفظ
    قال اللَّه سبحانه: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى﴾22.

    عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: "أيها الناس إنما الدنيا دار مجاز والآخرة دار قرار فخذوا من ممرّكم لمقرّكم"23.

    للمطالعة

    قيمة الدنيا

    عن أبي عبد اللَّه، عن أبيه عليهم السلام، عن جابر، قال:

    مرّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بالسّوق وأقبل يريد الغالية، والناس تكتنفه24، فمرّ بجدي أسك25 على مزبلة ملقى وهو ميت، فأخذ بإذنه، فقال: أَيّكم يحبّ أن يكون هذا له بدرهم؟ قالوا: ما نحبّ أنّه لنا بشي‏ء، وما نصنع به؟ فقال: أتحبّون أنّه لكم؟ قالوا: لا، حتى قال ذلك ثلاث مرّات، فقالوا: والله لو كان حيّاً كان عيباً، فكيف وهو ميت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ الدنيا على الله أهون من هذا عليكم26.

    دوران الدنيا

    يُحكى أنّ‏َ ملكاً حارب البلاد التي تجاور بلده، وانتصر عليهم، وأَسر أَربعة من ملوكها، وربطهم إلى عربته الملكيَّة ليجرّوها له بدلاً من الخيول، لكنّه لاحظ أنّ أَحدهم يطيل النظر إلى إطارات العربة، فأوقفها، وسأَله:

    لماذا تلتفت وراءك كثيراً وتتأمل إطارات العربة؟

    فأجابه: إنني أرى في دوران الإِطارات ما يخفّف عني وأنا في هذه الحالة، فالإِطار دائرة لا تستقرُّ على حالٍ واحدة، فالجزء الأسفل منه يدور إلى أن يصبح عالياً، والجزء العالي يدور ليصبح إلى أسفل. عرف الملك المنتصر تلك الحكمة وقال: وكذلك تدور الدنيا، إنني الآن في المكان العالي وأنتم في المكان الأسفل ولا أدري غداً أين أكون، ثمّ‏َ نزل وأطلق سراح هؤلاء الملوك.
    هوامش

    1- ميزان الحكمة، ج‏3، ص‏1957.
    2- البحار، ج‏73، ص‏81.
    3- تنبيه الخواطر، ج‏1، ص‏130.
    4- النازعات:37-39.
    5- البقرة:86.
    6- غرر الحكم، 4870.
    7- تنبيه الخواطر، ج‏2، ص‏122.
    8- الكافي، ج‏2، ص‏130.
    9- ميزان الحكمة، حديث: 5818.
    10- م.ن. حديث: 5837.
    11- م.ن. حديث: 5842.
    12- م.ن. حديث: 5840.
    13- م.ن. حديث: 5844.
    14- مصباح الشريعة، ص‏197، باب 32.
    15- غر الحكم: 4878.
    16- م.ن. 3848.
    17- م.ن. 8856
    18- الكافي، ج‏2، ص‏320.
    19- البحار، ج‏78، ص‏315.
    20- الكافي، ج‏2، ص‏136.
    21- أجوبة الاستفتاءات، ج1، ص74-75.
    22- النجم: 29-30.
    23- نهج البلاغة، الخطبة 203.
    24- اكتنف الشي‏ء: احتوشه وحام حوله.
    25- جدي أسك: الجدي الذي قطعت أذنيه.
    26- قصص وحكم، ص‏238.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, يوم أمس, 06:44 PM
ردود 0
8 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة مروان1400, 26-03-2024, 06:41 AM
ردود 0
11 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة مروان1400
بواسطة مروان1400
 
يعمل...
X