الاخوة اعضاء وزوار منتديات ياحسين ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الباب الاول :
لو عاملنا الأنبياء كما عامل الإمامية الصحابة !!
لو اتبعنا أسلوب الإمامية في طعنهم بالأصحاب عن طريق تصيد شبهات الألفاظ وتضخيم الأخطاء. وطبقنا ذلك على الأنبياء - عليه السلام - لما بقي لنا إيمان، ولا سلم لنا رسول! واليك البرهان على ما أقول:
( احتراما لمقام الانبياء سنطرح الشبهات بطريقة غير مباشرة )
إبراهيم الخليل عليه السلام:
قال تعالى:{ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأْرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لاَ أُحِبُّ الآْفِلِين * فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ } الأنعام/75-78.
لك اخي الكريم ان تقدر كيف لو أن هذه الآيات نزلت في حق أبي بكر الصديق لقالوا:
كيف يصلح أبو بكر للإمامة وقد كان مشركاً متحيراً! فمرة يقول عن الكوكب هذا ربي. ومرة يتخذ القمر إلها. وأخرى يتخذ الشمس كذلك. حتى قال:{ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنْ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ } . فهو يشهد على نفسه أنه من الضالين المشركين غير المهتدين فهو إذن من الظالمين. والإمامة لا تصلح للظالمين. لأن الله يقول: { وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } (البقرة/124)!!
موسى عليه السلام:
تأمل ما حكاه الله عن موسى - عليه السلام - :
1. قتل نفساً بغير نفس :
{ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الذي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِين قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (القصص/14-16).
ثم لم يف بما وعد وأخذ على نفسه من عهد، بل نسي وكاد أن يكرر الفعل نفسه في اليوم الثاني! كما قال تعالى:
{ فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأْمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأْرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ } القصص/19
حتى إن فرعون عيَّره بفعلته، وأنكر لذلك أمر نبوته فقال:
{ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ } الشعراء/19-20
وهذا إقرار من موسى على نفسه بأنه فعل ما فعل وهو من الضالين.
ولو كانت الآية في حق أبي بكر- رضي الله عنه - لتوسعوا في معنى الضلال، وقالوا هو الكفر الأكبر والشرك المطلق. ولقالوا: إنه قاتل ومتهور وظالم. وكل ذلك جاء في النص. فكيف يكون إماما للمسلمين وخليفة على المؤمنين والله يقول:
{ لا ينال عهدي الظالمين } !!
2. الخوف والهرب وأمور أخرى :
قال تعالى مخاطباً موسى - عليه السلام - وقد هرب من بين يديه خوفاً من الحية التي كانت عصا: { إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ } النمل/10-11 ولو كان ذلك في حق أبي بكر لقالوا: إنه جبان وعديم الإيمان. وهل يمكن لإنسان أن يخاف من شيء في حضرة الرحمن؟ وما ذلك إلا لظلمه. تأملوا قول الله: (إلا من ظلم)! فلولا ظلمه لما خاف أما قال تعالى: { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } آل عمران/151…الخ.
والله تعالى يقول: { لاينال عهدي الظالمين } أي (الإمامة).
ليس هذا فقط . وإنما جاء في حقه قوله تعالى:
{ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ – إلى قوله - وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ – إلى قوله - ففَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ } (الشعراء/12-21)
وصاحب الذنب غير معصوم. و(الإمامة) لا تكون إلا للمعصومين. ولو أسقطنا هذه الآيات الكريمة على أبي بكر - رضي الله عنه -، ولم تكن نازلة في حق نبي الله موسى - عليه السلام - لأشبعوه شتماً وطعناً وتجريحاً وقالوا: انظروا إلى خوفه وجبنه وفراره خوفاً من القتل! كيف يكون مثل هذا (إماما)؟!
وهذا الذي أقوله يقين وليس ظناً: فإن قوماً جاءوا إلى قوله تعالى حكاية عن قول نبيه - صلى الله عليه وسلم - لصاحبه أبي بكر - رضي الله عنه - : { لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } التوبة/40
فحرفوا (الحزن) إلى (الخوف). وقالوا: أبو بكر جبان خاف على نفسه وكان يرتعد من الخوف والنبي يهدئه ويطمئنه. وبنوا على ذلك حكايات وأساطير. مع أن الحزن شيء والخوف شيء آخر. كيف إذن لو نزل مثل هذا الكلام في حق أبي بكر؟!
لقد صرح الله تعالى بنسبة الخوف إلى موسى - عليه السلام - . وجاءت آيات أخرى تنهى بعض الأنبياء عن الخوف مثل خطاب الملائكة للوط - عليه السلام - : { لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ } العنكبوت/33 وبعضها ينهى عن الحزن مثل خطاب الله تعالى لنبيه محمد- صلى الله عليه وسلم -:{ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ } النحل/127. فلماذا يُذم أبو بكر على أشياء ثبتت في حق الأنبياء؟ مع أن آية الغار ليس فيها ذكر للخوف! أليس هذا هو عين الكيل بمكيالين؟!! أيذم أبو بكر لأنه حزن. ولا يذم من هو أفضل منه للسبب نفسه ؟! أليس الفاضل أولى بالقدح من المفضول؟ وأن حسنات الأبرار سيئات المقربين؟!
هل هذا سوء فهم أم سوء قصد ؟!
لكن لأن الأنبياء عليهم السلام متفق على صلاحهم، فالكلام عليهم واضح البطلان. لذلك سكتوا عنهم. بيد أن سنة الله واحدة، وقانونه واحد. فالأمر الذي يكون في حق أبي بكر سيئة لا بد أن يكون في حق سواه كذلك. لا سيما إذا كان نبياً يستحق الوصف بالأولى. كما قال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } الإسراء/73-75.
ثم تأمل ما قال الله في حق موسى- عليه السلام -: { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأْلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ } الأعراف/150.
وماذا في الألواح غير كلام الله؟! فكيف يلقيها موسى وهو كليم الله؟! إن الواجب الشرعي يحتم علينا أن نتأول له هذا الفعل بما لا يخدش نبوته. والسؤال ماذا كانوا سيقولون لو أن أبا بكر هو المعني بهذا الكلام؟ أي كانت في يده ألواح القرآن فألقاها وأخذ برأس علي أو عمر يجره إليه؟!
وماذا تتوقع أن يقولوا لو كان في هذه الآية اسم أبي بكر بدل موسى:
{ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ } الأعراف/155
وظاهر الكلام يمكن أن يحمل على أنه اعتراض، ونسبة للفتنة إلى جناب الرب، وأن العبد مسير لا مخير. وهو احتجاج بالقدر!! فإذا أضاف إلى ذلك طلب الرؤية تم فساد اعتقاد أبي بكر وظهر بطلان (إمامته) أليس هو الذي قال:
{ رب أرني أنظر إليك } !
ولو رحنا نستقصي جميع المواقف التي جاءت في القرآن عن موسى - عليه السلام - لوجدنا فيها منافذ شتى للتسلل! خذ مثلاً رحلته مع الخضر - عليه السلام - . وقس عليها. ماذا لو كان أبو بكر فيها بدل موسى؟! كيف سيشنع الشيعة ؟!
يونس عليه السلام
من المعلوم في القرآن أن نبي الله يونس - عليه السلام - عاقبه الله تعالى حين ترك قومه فابتلعه الحوت. وكان ما كان مما قصه الله في كتابه، حتى إن الله تعالى نهى نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - من التأسي به فقال:
{ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ } القلم/48.
ولو كان أبو بكر صاحب الحوت لقيل: كيف يكون مثل هذا (إماماً) والله ينهى عن التشبه أو الإقتداء به؟! والإمام يجب أن يكون معصوماً، وهذا قد ارتكب ذنباً عاقبه الله عليه أشد العقوبة. أليس هو القائل: { سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ } الأنبياء/87؟!
وهذا نص من الله في كونه من الظالمين. والله تعالى يقول: { لا ينال عهدي الظالمين } . إذن لا يصلح صاحب الحوت (للإمامة) ! ليس هذا ببعيد على من تمسك بأول هذه الآية:
{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا } آل عمران/155 وقطعوا أخرها: { وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } ،
وظلوا يشنعون عن الصحابة في ان بعضهم قد فر في معركة احد !! وعن مثيله قوله تعالى:
{ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } (آل عمران:152)
كل ذلك من أجل أن يتوصلوا إلى ذم أناس من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صرح الله بنفسه أنه عفا عنهم. فكيف لو عاقبهم على ذنبهم كما عاقب نبيه الكريم يونس - عليه السلام -؟!
ولجاءوا إلى قوله تعالى عن يونس - عليه السلام -: { فظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ } الأنبياء/87
فتخيل اخي الكريم لو كان ابي بكر بدلا من يونس ( عليه السلام ) في هذه الاية ماذا سيقول الشيعة ؟!
كيف يكون (إماماً) على الأمة؟! ولو جئتهم بألف دليل ودليل على أن اللفظ هنا ليس المقصود به القدرة، وإنما التضييق والعقوبة. أي ظن أن لن نضيق عليه بالعقوبة- لما كفوا عما يقولون لأن السبب كامن في سوء القصد، وليس في سوء الفهم.
لوط عليه السلام :
حكى الله تعالى عن لوط - عليه السلام - أنه قال لقومه حينما جاءوا يريدون ضيفه: { هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } هود/78 .
ولو كانت القصة في أبي بكر - رضي الله عنه - لوضعت لها روايات وشققت لها قصص وحكايات للطعن في أخلاقه وعرضه وشرف بناته وأهل بيته. كل ذلك من أجل سلبه الأهلية في تولي أمر المسلمين وإمامة المتقين.
آدم وبقية الأنبياء (عليهم السلام)
وقِس على ذلك بقية الأنبياء كأبينا آدم - عليه السلام - الذي صرح الله تعالى بخطيئته في عدة مواضع من القرآن حتى قال:
{ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى } طه/121
ولو كان هذا في حق أبي بكر لهللوا له وكبروا وحكموا له بدخول جهنم قطعاً بلا
شك. أليس الله يقول: { فَكُبكبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ } الشعراء:94/95. ويقول: { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبعُهُمْ الْغَاوُونَ } الشعراء/224.
ولحكموا أنه من أتباع إبليس. أليس الله يقول: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ } الحجر/42.
والآية الأولى سمته غاويا وعاصيا. فماذا تريدون بعد من دليل على كونه من أتباع إبليس؟ فكيف تتخذون مثل هذا إماما؟!
خير البشر أبو القاسم - صلى الله عليه واله وصحبه وسلم -
الأصل في الاستدلال أن يستند أولاً إلى المحكم الذي لا شك فيه. ليكون هو القاعدة والأساس الذي يرد إليه ما تشابه مما خالف أو ظُن أنه كذلك. وهذا في الأحكام الاعتقادية والفقهية وغيرها. ومنها الحكم على الأشخاص.
أما الحكم على شخص ما من خلال الشبهات وترك المحكمات فهذا منهج فاسد لا يوصل إلى الحقيقة.
إن محمداً - صلى الله عليه وسلم - مثال واضح على ما أقول:
إن مئات من الأدلة القطعية المحكمة تشهد على سمو أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - وصدق دعوته ونبوته. لكن هذا كله لم ينفع مع من اتبع ذلك المنهج الفاسد في النظر إلى صورة خير البشر أبي القاسم محمد عليه افضل الصلاة والسلام! لقد بدت صورته الزاهية المشرقة مشوهة في نظر أولئك التائهين حتى قالوا: إن محمدا رجل لا هم له إلا النساء وسفك الدماء! أليس هو الذي تزوج ذلك العدد الهائل من النساء مع انه حرمه على أصحابه؟! إن هذا يدل على شهوانيته وانشغاله الزائد بالحب والمرأة والجنس. واحتجوا برواية ساقطة ترويها بعض الكتب (المائعة) شبيهة برواية داود- عليه السلام - والقائد أوريا التي وردت في التوراة المزورة. ملخصها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى زينب فبهت لجمالها فتعلق قلبه بها وهام بحبها هياما حمله على تطليقها من زوجها زيد الذي هو ابنه بالتبني. ثم تزوجها من بعده! وركبوا هذا الإسفاف على الآية التي تحدثت عن اصل موضوع زواجه - صلى الله عليه وسلم - بزينب رضي الله عنها. والتي تقول:
{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ } الأحزاب/37
قالوا: أخفى حبها وافتتانه بها ونيته المبيتة في السعي في تطليقها والزواج منها خشية كلام الناس. وهذا معنى قوله في الآية نفسها:
{ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ } الأحزاب/37
إن هذا السخف
الذي وقع فيه بعض المستشرقين ومن لف لفهم مستندين إلى ما روته بعض الكتب التي تجمع بين الغث والسمين أقرب إلى التصديق عند من لا يؤمن بنبوة محمد- صلى الله عليه وسلم - من قول بعض السفهاء:
إن أبا بكر كان يخرج رجله من الغار عسى أن يراه المشركون الذين تجمعوا هناك كي يدخلوا ويقتلوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - ! وإن محمداً - صلى الله عليه وسلم - إنما أخذ أبا بكر معه كي يأمن شره حتى لا يشي به !
ولا شك في أن هذه الآية لو كانت في أبي بكر لكان لهم معه شأن آخر! إن أول طعن يوجهونه إليه في أخلاقه حتى يوصلوه إلى أسفل الدركات، ولن تسلم عقيدته وأصل إيمانه. إنه لا يخشى الله بل يخشى الناس أنه من الذين
{ يخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً } النساء/77.
وهذا هو النفاق والشرك فكيف يتخذ صاحبه (إماماً)؟!
ولو نزل في أبي بكر قوله تعالى:
{ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ } التحريم/1
لقالوا: أبقي شك بعد هذا القول الصريح في أن هذا الرجل لا يقيم لشرع الله وزناً! إنه يحلل ويحرم بهواه! تصوروا رجلاً يحرم ما أحل الله إرضاءً لزوجته! كيف تتخذونه (إماماً)؟!
ويؤيد هذا قوله تعالى: { تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآْخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلاَ كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } الأنفال/67-68.
وهذا صريح –طبقا لطريقة الإمامية في التفكير- في إرادة أبي بكر الدنيا على الآخرة. لكن لما كانت الآيات نازلة في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخذ الفداء من أسرى بدر بدلاً من قتلهم لم يتعرضوا لها بذكر. يقول تعالى:
{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأْرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآْخِرَةَ… } الأنفال/67-69.
وتاملوا قوله تعالى ( يا ايها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ان الله كان عليما حكيما ) سورة الاحزاب 48
فتخيل اخي القاريء لو كان احد الصحابة كان يكون عمر بن الخطاب هو المذكور في هذه الايه
كيف كان سيشنع الشيعة ؟! وكيف سيقولوا يا سبحان الله وهل هناك اوضح من هذه الايه ؟
اليس هذا نصا صريحا على ان عمر كان يطع الكافرين والمنافقين !!
ولكن الايه عن الرسول فسكتوا ولم ينبسوا بكلمة !!
وتامل هذه الايه التي يخاطب بها الله تعالى نبيه محمد ((فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين)) يونس 94
فهذا شرط والشرط لايقتضي الوقوع .. ولو كان ابي بكر المذكور في الاية كيف كان سيصفونه بابشع الاوصاف !! وسيقولون ان الله تعالى يقول عنه لاتكن من الممترين .. بل ان ابي بكر يشك في ما أنزله الله تعالى
هل هناك اوضح من هذا !! ولا ينتهي التشنيع ولا الطعن ..
اليست هذه الشبهه شبيهة بمن يعتمد على هذه الايه الكريمة من الشيعة ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم )
ويقول بان معنى هذا ان الصحابة سيرتدون بعد وفاة الرسول !! مع ان هذا ايضا شرط كما في الاية السابقه فلم هنا يتكلمون وهناك يسكتون ؟!
كيف استساغ عقلا وشرعا ان يطبق الشيعة منهجهم هذا في البحث عن الشبهات مع الصحابه
دون ان يطبقوه على دونهم من البشر ؟؟ الا يزن الله تعالى البشر بميزان واحد ؟؟
فما بالهم يزنون الناس بميزانيين ؟! اليس هذا سوء قصد مع الصحابه ؟! وليس سوء فهم ..
إن هذا الأسلوب المقلوب الذي لو طبقناه في حق الأنبياء عليهم السلام لما سلمت لواحد منهم نبوته! لهو الأسلوب الذي طبقه الرافضة في حق الأصحاب رضي
الله عنهم توصلاً إلى إسقاطهم وعزلهم عن الدور الذي أراده الله لهم.
ولا أظن منصفاً يقارن بين الفريقين إلا ويراجع نفسه وحساباته من جديد في
موقفه من خيرة البشر بعد الأنبياء عليهم السلام أولئك { الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } الأنفال/74
وسيكون الباب الثاني في نسخة اخرى ان شاء الله تعالى .
الباب الثاني:
لو عاملنا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (رضي الله عنه وارضاه ) كما عامل الشيعة الصحابة .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الباب الاول :
لو عاملنا الأنبياء كما عامل الإمامية الصحابة !!
لو اتبعنا أسلوب الإمامية في طعنهم بالأصحاب عن طريق تصيد شبهات الألفاظ وتضخيم الأخطاء. وطبقنا ذلك على الأنبياء - عليه السلام - لما بقي لنا إيمان، ولا سلم لنا رسول! واليك البرهان على ما أقول:
( احتراما لمقام الانبياء سنطرح الشبهات بطريقة غير مباشرة )
إبراهيم الخليل عليه السلام:
قال تعالى:{ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأْرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لاَ أُحِبُّ الآْفِلِين * فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ } الأنعام/75-78.
لك اخي الكريم ان تقدر كيف لو أن هذه الآيات نزلت في حق أبي بكر الصديق لقالوا:
كيف يصلح أبو بكر للإمامة وقد كان مشركاً متحيراً! فمرة يقول عن الكوكب هذا ربي. ومرة يتخذ القمر إلها. وأخرى يتخذ الشمس كذلك. حتى قال:{ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنْ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ } . فهو يشهد على نفسه أنه من الضالين المشركين غير المهتدين فهو إذن من الظالمين. والإمامة لا تصلح للظالمين. لأن الله يقول: { وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } (البقرة/124)!!
موسى عليه السلام:
تأمل ما حكاه الله عن موسى - عليه السلام - :
1. قتل نفساً بغير نفس :
{ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الذي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِين قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (القصص/14-16).
ثم لم يف بما وعد وأخذ على نفسه من عهد، بل نسي وكاد أن يكرر الفعل نفسه في اليوم الثاني! كما قال تعالى:
{ فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأْمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأْرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ } القصص/19
حتى إن فرعون عيَّره بفعلته، وأنكر لذلك أمر نبوته فقال:
{ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ } الشعراء/19-20
وهذا إقرار من موسى على نفسه بأنه فعل ما فعل وهو من الضالين.
ولو كانت الآية في حق أبي بكر- رضي الله عنه - لتوسعوا في معنى الضلال، وقالوا هو الكفر الأكبر والشرك المطلق. ولقالوا: إنه قاتل ومتهور وظالم. وكل ذلك جاء في النص. فكيف يكون إماما للمسلمين وخليفة على المؤمنين والله يقول:
{ لا ينال عهدي الظالمين } !!
2. الخوف والهرب وأمور أخرى :
قال تعالى مخاطباً موسى - عليه السلام - وقد هرب من بين يديه خوفاً من الحية التي كانت عصا: { إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ } النمل/10-11 ولو كان ذلك في حق أبي بكر لقالوا: إنه جبان وعديم الإيمان. وهل يمكن لإنسان أن يخاف من شيء في حضرة الرحمن؟ وما ذلك إلا لظلمه. تأملوا قول الله: (إلا من ظلم)! فلولا ظلمه لما خاف أما قال تعالى: { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } آل عمران/151…الخ.
والله تعالى يقول: { لاينال عهدي الظالمين } أي (الإمامة).
ليس هذا فقط . وإنما جاء في حقه قوله تعالى:
{ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ – إلى قوله - وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ – إلى قوله - ففَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ } (الشعراء/12-21)
وصاحب الذنب غير معصوم. و(الإمامة) لا تكون إلا للمعصومين. ولو أسقطنا هذه الآيات الكريمة على أبي بكر - رضي الله عنه -، ولم تكن نازلة في حق نبي الله موسى - عليه السلام - لأشبعوه شتماً وطعناً وتجريحاً وقالوا: انظروا إلى خوفه وجبنه وفراره خوفاً من القتل! كيف يكون مثل هذا (إماما)؟!
وهذا الذي أقوله يقين وليس ظناً: فإن قوماً جاءوا إلى قوله تعالى حكاية عن قول نبيه - صلى الله عليه وسلم - لصاحبه أبي بكر - رضي الله عنه - : { لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } التوبة/40
فحرفوا (الحزن) إلى (الخوف). وقالوا: أبو بكر جبان خاف على نفسه وكان يرتعد من الخوف والنبي يهدئه ويطمئنه. وبنوا على ذلك حكايات وأساطير. مع أن الحزن شيء والخوف شيء آخر. كيف إذن لو نزل مثل هذا الكلام في حق أبي بكر؟!
لقد صرح الله تعالى بنسبة الخوف إلى موسى - عليه السلام - . وجاءت آيات أخرى تنهى بعض الأنبياء عن الخوف مثل خطاب الملائكة للوط - عليه السلام - : { لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ } العنكبوت/33 وبعضها ينهى عن الحزن مثل خطاب الله تعالى لنبيه محمد- صلى الله عليه وسلم -:{ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ } النحل/127. فلماذا يُذم أبو بكر على أشياء ثبتت في حق الأنبياء؟ مع أن آية الغار ليس فيها ذكر للخوف! أليس هذا هو عين الكيل بمكيالين؟!! أيذم أبو بكر لأنه حزن. ولا يذم من هو أفضل منه للسبب نفسه ؟! أليس الفاضل أولى بالقدح من المفضول؟ وأن حسنات الأبرار سيئات المقربين؟!
هل هذا سوء فهم أم سوء قصد ؟!
لكن لأن الأنبياء عليهم السلام متفق على صلاحهم، فالكلام عليهم واضح البطلان. لذلك سكتوا عنهم. بيد أن سنة الله واحدة، وقانونه واحد. فالأمر الذي يكون في حق أبي بكر سيئة لا بد أن يكون في حق سواه كذلك. لا سيما إذا كان نبياً يستحق الوصف بالأولى. كما قال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } الإسراء/73-75.
ثم تأمل ما قال الله في حق موسى- عليه السلام -: { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأْلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ } الأعراف/150.
وماذا في الألواح غير كلام الله؟! فكيف يلقيها موسى وهو كليم الله؟! إن الواجب الشرعي يحتم علينا أن نتأول له هذا الفعل بما لا يخدش نبوته. والسؤال ماذا كانوا سيقولون لو أن أبا بكر هو المعني بهذا الكلام؟ أي كانت في يده ألواح القرآن فألقاها وأخذ برأس علي أو عمر يجره إليه؟!
وماذا تتوقع أن يقولوا لو كان في هذه الآية اسم أبي بكر بدل موسى:
{ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ } الأعراف/155
وظاهر الكلام يمكن أن يحمل على أنه اعتراض، ونسبة للفتنة إلى جناب الرب، وأن العبد مسير لا مخير. وهو احتجاج بالقدر!! فإذا أضاف إلى ذلك طلب الرؤية تم فساد اعتقاد أبي بكر وظهر بطلان (إمامته) أليس هو الذي قال:
{ رب أرني أنظر إليك } !
ولو رحنا نستقصي جميع المواقف التي جاءت في القرآن عن موسى - عليه السلام - لوجدنا فيها منافذ شتى للتسلل! خذ مثلاً رحلته مع الخضر - عليه السلام - . وقس عليها. ماذا لو كان أبو بكر فيها بدل موسى؟! كيف سيشنع الشيعة ؟!
يونس عليه السلام
من المعلوم في القرآن أن نبي الله يونس - عليه السلام - عاقبه الله تعالى حين ترك قومه فابتلعه الحوت. وكان ما كان مما قصه الله في كتابه، حتى إن الله تعالى نهى نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - من التأسي به فقال:
{ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ } القلم/48.
ولو كان أبو بكر صاحب الحوت لقيل: كيف يكون مثل هذا (إماماً) والله ينهى عن التشبه أو الإقتداء به؟! والإمام يجب أن يكون معصوماً، وهذا قد ارتكب ذنباً عاقبه الله عليه أشد العقوبة. أليس هو القائل: { سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ } الأنبياء/87؟!
وهذا نص من الله في كونه من الظالمين. والله تعالى يقول: { لا ينال عهدي الظالمين } . إذن لا يصلح صاحب الحوت (للإمامة) ! ليس هذا ببعيد على من تمسك بأول هذه الآية:
{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا } آل عمران/155 وقطعوا أخرها: { وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } ،
وظلوا يشنعون عن الصحابة في ان بعضهم قد فر في معركة احد !! وعن مثيله قوله تعالى:
{ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } (آل عمران:152)
كل ذلك من أجل أن يتوصلوا إلى ذم أناس من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صرح الله بنفسه أنه عفا عنهم. فكيف لو عاقبهم على ذنبهم كما عاقب نبيه الكريم يونس - عليه السلام -؟!
ولجاءوا إلى قوله تعالى عن يونس - عليه السلام -: { فظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ } الأنبياء/87
فتخيل اخي الكريم لو كان ابي بكر بدلا من يونس ( عليه السلام ) في هذه الاية ماذا سيقول الشيعة ؟!
كيف يكون (إماماً) على الأمة؟! ولو جئتهم بألف دليل ودليل على أن اللفظ هنا ليس المقصود به القدرة، وإنما التضييق والعقوبة. أي ظن أن لن نضيق عليه بالعقوبة- لما كفوا عما يقولون لأن السبب كامن في سوء القصد، وليس في سوء الفهم.
لوط عليه السلام :
حكى الله تعالى عن لوط - عليه السلام - أنه قال لقومه حينما جاءوا يريدون ضيفه: { هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } هود/78 .
ولو كانت القصة في أبي بكر - رضي الله عنه - لوضعت لها روايات وشققت لها قصص وحكايات للطعن في أخلاقه وعرضه وشرف بناته وأهل بيته. كل ذلك من أجل سلبه الأهلية في تولي أمر المسلمين وإمامة المتقين.
آدم وبقية الأنبياء (عليهم السلام)
وقِس على ذلك بقية الأنبياء كأبينا آدم - عليه السلام - الذي صرح الله تعالى بخطيئته في عدة مواضع من القرآن حتى قال:
{ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى } طه/121
ولو كان هذا في حق أبي بكر لهللوا له وكبروا وحكموا له بدخول جهنم قطعاً بلا
شك. أليس الله يقول: { فَكُبكبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ } الشعراء:94/95. ويقول: { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبعُهُمْ الْغَاوُونَ } الشعراء/224.
ولحكموا أنه من أتباع إبليس. أليس الله يقول: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ } الحجر/42.
والآية الأولى سمته غاويا وعاصيا. فماذا تريدون بعد من دليل على كونه من أتباع إبليس؟ فكيف تتخذون مثل هذا إماما؟!
خير البشر أبو القاسم - صلى الله عليه واله وصحبه وسلم -
الأصل في الاستدلال أن يستند أولاً إلى المحكم الذي لا شك فيه. ليكون هو القاعدة والأساس الذي يرد إليه ما تشابه مما خالف أو ظُن أنه كذلك. وهذا في الأحكام الاعتقادية والفقهية وغيرها. ومنها الحكم على الأشخاص.
أما الحكم على شخص ما من خلال الشبهات وترك المحكمات فهذا منهج فاسد لا يوصل إلى الحقيقة.
إن محمداً - صلى الله عليه وسلم - مثال واضح على ما أقول:
إن مئات من الأدلة القطعية المحكمة تشهد على سمو أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - وصدق دعوته ونبوته. لكن هذا كله لم ينفع مع من اتبع ذلك المنهج الفاسد في النظر إلى صورة خير البشر أبي القاسم محمد عليه افضل الصلاة والسلام! لقد بدت صورته الزاهية المشرقة مشوهة في نظر أولئك التائهين حتى قالوا: إن محمدا رجل لا هم له إلا النساء وسفك الدماء! أليس هو الذي تزوج ذلك العدد الهائل من النساء مع انه حرمه على أصحابه؟! إن هذا يدل على شهوانيته وانشغاله الزائد بالحب والمرأة والجنس. واحتجوا برواية ساقطة ترويها بعض الكتب (المائعة) شبيهة برواية داود- عليه السلام - والقائد أوريا التي وردت في التوراة المزورة. ملخصها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى زينب فبهت لجمالها فتعلق قلبه بها وهام بحبها هياما حمله على تطليقها من زوجها زيد الذي هو ابنه بالتبني. ثم تزوجها من بعده! وركبوا هذا الإسفاف على الآية التي تحدثت عن اصل موضوع زواجه - صلى الله عليه وسلم - بزينب رضي الله عنها. والتي تقول:
{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ } الأحزاب/37
قالوا: أخفى حبها وافتتانه بها ونيته المبيتة في السعي في تطليقها والزواج منها خشية كلام الناس. وهذا معنى قوله في الآية نفسها:
{ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ } الأحزاب/37
إن هذا السخف
الذي وقع فيه بعض المستشرقين ومن لف لفهم مستندين إلى ما روته بعض الكتب التي تجمع بين الغث والسمين أقرب إلى التصديق عند من لا يؤمن بنبوة محمد- صلى الله عليه وسلم - من قول بعض السفهاء:
إن أبا بكر كان يخرج رجله من الغار عسى أن يراه المشركون الذين تجمعوا هناك كي يدخلوا ويقتلوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - ! وإن محمداً - صلى الله عليه وسلم - إنما أخذ أبا بكر معه كي يأمن شره حتى لا يشي به !
ولا شك في أن هذه الآية لو كانت في أبي بكر لكان لهم معه شأن آخر! إن أول طعن يوجهونه إليه في أخلاقه حتى يوصلوه إلى أسفل الدركات، ولن تسلم عقيدته وأصل إيمانه. إنه لا يخشى الله بل يخشى الناس أنه من الذين
{ يخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً } النساء/77.
وهذا هو النفاق والشرك فكيف يتخذ صاحبه (إماماً)؟!
ولو نزل في أبي بكر قوله تعالى:
{ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ } التحريم/1
لقالوا: أبقي شك بعد هذا القول الصريح في أن هذا الرجل لا يقيم لشرع الله وزناً! إنه يحلل ويحرم بهواه! تصوروا رجلاً يحرم ما أحل الله إرضاءً لزوجته! كيف تتخذونه (إماماً)؟!
ويؤيد هذا قوله تعالى: { تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآْخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلاَ كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } الأنفال/67-68.
وهذا صريح –طبقا لطريقة الإمامية في التفكير- في إرادة أبي بكر الدنيا على الآخرة. لكن لما كانت الآيات نازلة في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخذ الفداء من أسرى بدر بدلاً من قتلهم لم يتعرضوا لها بذكر. يقول تعالى:
{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأْرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآْخِرَةَ… } الأنفال/67-69.
وتاملوا قوله تعالى ( يا ايها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ان الله كان عليما حكيما ) سورة الاحزاب 48
فتخيل اخي القاريء لو كان احد الصحابة كان يكون عمر بن الخطاب هو المذكور في هذه الايه
كيف كان سيشنع الشيعة ؟! وكيف سيقولوا يا سبحان الله وهل هناك اوضح من هذه الايه ؟
اليس هذا نصا صريحا على ان عمر كان يطع الكافرين والمنافقين !!
ولكن الايه عن الرسول فسكتوا ولم ينبسوا بكلمة !!
وتامل هذه الايه التي يخاطب بها الله تعالى نبيه محمد ((فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين)) يونس 94
فهذا شرط والشرط لايقتضي الوقوع .. ولو كان ابي بكر المذكور في الاية كيف كان سيصفونه بابشع الاوصاف !! وسيقولون ان الله تعالى يقول عنه لاتكن من الممترين .. بل ان ابي بكر يشك في ما أنزله الله تعالى
هل هناك اوضح من هذا !! ولا ينتهي التشنيع ولا الطعن ..
اليست هذه الشبهه شبيهة بمن يعتمد على هذه الايه الكريمة من الشيعة ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم )
ويقول بان معنى هذا ان الصحابة سيرتدون بعد وفاة الرسول !! مع ان هذا ايضا شرط كما في الاية السابقه فلم هنا يتكلمون وهناك يسكتون ؟!
كيف استساغ عقلا وشرعا ان يطبق الشيعة منهجهم هذا في البحث عن الشبهات مع الصحابه
دون ان يطبقوه على دونهم من البشر ؟؟ الا يزن الله تعالى البشر بميزان واحد ؟؟
فما بالهم يزنون الناس بميزانيين ؟! اليس هذا سوء قصد مع الصحابه ؟! وليس سوء فهم ..
إن هذا الأسلوب المقلوب الذي لو طبقناه في حق الأنبياء عليهم السلام لما سلمت لواحد منهم نبوته! لهو الأسلوب الذي طبقه الرافضة في حق الأصحاب رضي
الله عنهم توصلاً إلى إسقاطهم وعزلهم عن الدور الذي أراده الله لهم.
ولا أظن منصفاً يقارن بين الفريقين إلا ويراجع نفسه وحساباته من جديد في
موقفه من خيرة البشر بعد الأنبياء عليهم السلام أولئك { الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } الأنفال/74
وسيكون الباب الثاني في نسخة اخرى ان شاء الله تعالى .
الباب الثاني:
لو عاملنا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (رضي الله عنه وارضاه ) كما عامل الشيعة الصحابة .
تعليق