بسم الله الرحمن الرحيم
قالوا بأن أتباع المذاهب الأربعة هو كأتباع المراجع ... فسنجاريهم في هذا الموضوع
كنت أطلع على فتاوى حديثة من علماء سلفية حول الأكتتاب في أحدي الشركات
وكان هناك تضارب في الفتاوى هذا يقول يجوز و ذاك يقول لا يجوز
فما هو تكليف المكلف السني في حال تضارب فتاوى علمائه ؟
ما يصنع بالضبط ؟
هل هناك حل فقهي يخرجك من هذه الورطة ؟
أم تتبع مصلحتك و هواك في المسألة ؟
والمسألة ليست وليدة اليوم فالمذاهب الفقهية الأربعة تختلف مع بعضها وفي نفسها
أي أن الخلاف ليس بين مذهب و اخر بل داخل المذهب نفسه
ففي المذهب الحنفي :
يقول الشيخ بكر أبو زيد في كتابه المدخل المفصل ١٥-١
وتعدد الأقوال والآراء في المذهب الحنفي طبيعة له يقتضيها الجنوح للرأي.
ومن أمثلة ذلك :
أن لأبي حنيفة في مسألة الوضوء بنبيذ التمر عند عدم الماء ثلاث روايات, كما في كتاب ( المختلف في الفقه بين أبي حنيفة وأصحابه لأبي الليث السمرقندي 22 - 1
وفي المذهب المالكي :
حكى البقاعي, عن شرف الدين يحيى الكندي أنه سئل ما لمذهبكم كثير الخلاف قال لكثرة نظّاره في زمن إمامه كما نقل ذلك وعزاه إلى مصادره الشيخ بكر أبو زيد في كتابه ( المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل ) ١٦ - 15/ 1 فراجعه
ومن أمثلة ذلك :
أن للإمام مالك في مسألة انتقاض الوضوء من مسّ الذكر ثلاث روايات كما في كتاب (المقدمات 110 - 1 )
بل إن له في مسألة انتقاض الوضوء بمسّ المرأة فرجها أربع روايات, كما في كتاب المقدمات 102 - 1
وفي المذهب الشافعي :
قال أبو زهرة في كتابه ( الإمام الشافعي 104 )
ننبّه إلى أمر ثابت وهو أن الشافعي قد روى عنه أصحابه قولين
أو ثلاثة في المسألة الواحدة
قلت: بل وأربعة ومن أمثلة ذلك أن له في مسألة نجاسة الشعر بالموت أربعة أقوال كما في الحاوي الكبير [/1: 66 - 67 ) للماوردي الشافعي حتى إن الإمام النووي الشافعي ليقول كما في كتابه المجموع : ( 1 : 305 ) عن مذهبه الشافعي إن كتب المذهب فيها اختلاف شديد بين الأصحاب بحيث لا يحصل للمطالع وثوق بكون ما قاله المصنف منهم هو المذهب حتى يطالع معظم كتب المذهب المشهورة .
وفي المذهب الحنبلي :
تكثر الروايات, وتتعدد الأقوال في المسألة الواحدة, حتى إنك لتجد:
مئات المسائل يرد فيها عن الإمام قولان أو روايتان, حتى إن القاضي أبا يعلى الروايتين والوجهين جمع فيه ما يقارب ألف مسألة من المسائل الفقهية مما فيها روايتان أو وجهان.
بل تجد في المسألة الواحدة ثلاث روايات فأكثر, وقد ذكر ابن أبي موسى الحنبلي في ( كتابه الإرشاد في الفقه ) ما يقارب ست عشرة مسألة مما فيه ثلاث روايات فأكثر.
كما ذكر ابن قدامة في المغني − مثلاً − جملة من المسائل التي فيها أربع روايات, ( 1 : 376 ) ( 4 : 141 ) ( 7 : 220) .
بل إن الروايات لتصل عنه في بعض مسائله إلى الخمس بل والست روايات في مسألة واحدة
وكمثال على ذلك, يقول الإمام المرداوي الحنبلي في كتابه الإنصاف ( 12 : 132 ) قلت قد تقدم − في أول كتاب الطلاق − أن في أقوال السكران وأفعاله خمس روايات أو ستة وأن الصحيح من المذهب أنه مؤاخذ بها.
مع ملاحظة أن هذه الروايات الكثيرة كلها صريحة عن الإمام, وفي ذلك يقول المرداوي في الإنصاف : 8 : 434 :
اعلم أن في أقوال السكران وأفعاله روايات صريحات عن الإمام أحمد ثم ساق الروايات
حتى وصل الحال ببعض الناس أن يظن أنه ما من مسألة فقهية إلا وقد اختلف فيها قول الإمام أحمد, كما ذكر إبراهيم جالوا محمد , مما دعاه أن يؤلف في الرد على هذا التصور كتاباً مستقلاً, أسماه المسائل الفقهية التي لم يختلف فيها قول الإمام أحمد )
لتصل عدد تلك المسائل بعد البحث والاستقصاء إلى ستمائة وثلاثة وأربعين مسألة فقط كما ذكر في خاتمة رسالته السابقة 2 : 972
في مذهبنا لا تتضارب فتاوي المرجع الواحد ...
لكن في مذهبهم قد تتضارب
وهنا لنا أن نسأل ما هو تكليف السني في حال تضارب الروايات ؟
تعليق