إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

موقف البتري محمد باقر الصدر من الخلفاء الراشدين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • موقف البتري محمد باقر الصدر من الخلفاء الراشدين

    اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    كان بودي التوسع في الموضوع أكثر ولكن لضيق الوقت سوف اعيد نشر المضوع كما كتبته (هنا)

    موقف الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رحمه الله) من الخلفاء الغاصبين

    سوف نتعرف على موقف الشهيد الصدر اعلى الله مقامه الشريف من الخلافة والخلفاء من خلال مطالعة سريعة لكتاب فدك في التاريخ، نجده رحمه الله تعالى يسمي موقف الزهراء سلام الله عليه بالـ (الثورة).
    ويعنون أول فصول كتابه (على مسرح الثورة) ثم يختار عناوين فرعية داخل الموضوع (مستمسكات الثورة) (طريق الثورة) ..
    ويفرز صفحة اول الكتاب لمقطع من خطبتها سلام الله عليه:


    فدونكها مخطومةً مرحولةً تلقاك يوم حشرك، فنِعم الحَكَم اللَّه، والزعيم محمّد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون.


    ثم يبدأ بتمهيد كتابه بلغة ادبية رصينة لم تخف الجوانب العلمية في طياتها، وهذا النوع من الكتابات كان رائجا في تلكم الفترة كما هو ملاحظ على كتب العقاد وغيره من الباحثين.
    يقول رحمه الله تعالى في التمهيد:


    وقَفَتْ لا يخالجها شكّ فيما تُقدِم عليه، ولا يطفح عليها موقفها الرهيب بصبابةٍ من خوفٍ أو ذعر، ولا يمرّ على‏ خيالها الذي كان جدّياً كلّ الجدّ تردّدٌ في تصميمها، ولا تساورها هاجسة من هواجس القلق والارتباك، وها هي الآن في أعلى القمّة من استعدادها النبيل، وثباتها الشجاع على خطّتها الطموح واسلوبها الدفاعي، فقد كانت بين بابين لا يتّسعان لتردّدٍ طويل ودرسٍ عريض، فلا بدّ لها من اختيار أحدهما، وقد اختارت الطريق المتعِب من الطريقين، الذي يشقّ سلوكه على المرأة بطبيعتها الضعيفة؛ لما يكتنفه من شدائد ومصاعب تتطلّب جرأةً أدبيّة، ومَلَكةً بيانيةً مؤثّرة، وقدرةً على‏ صبّ معاني الثورة كلّها في كلماتٍ، وبراعةً فنيّةً في تصوير النقمة ونقد الأوضاع القائمة تصويراً ونقداً يجعلان في الألفاظ معنىً من حياة وحظّاً من خلود، لتكون الحروف جنود الثورة الخيّرة، وسندها الخالد في تأريخ العقيدة، ولكنّه الإيمان والاستبسال في سبيل الحقّ الذي يبعث في النفوس الضعيفة نقائضها، ويفجّر في الطبائع المخذولة قوّةً لا تتعرّض لضعفٍ ولا تردّد.
    ولذا كان اختيار الثائرة لهذا الطريق ممّا يوافق طبعها، ويلتئم مع شخصيّتها المركّزة على الانتصار للحقّ والاندفاع في سبيله.


    وانت ترى هذا الوصف الدقيق لوقفة الزهراء سلام الله عليها وخطبتها في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم امام ابي بكر.

    وكانت حولها نسوة متعدّدات من حفدتها ونساء قومها كالنجوم المتناثرة يلتففن بها بغير انتظام، وهنّ جميعاً سواسية في هذا الاندفاع والالتياع، وقائدتهنّ بينهنّ تستعرض ما ستقدم عليه من وثبةٍ كريمةٍ تهيّئ لها العدّة والذخيرة، وهي كلّما استرسلت في‏استعراضها هذا ازدادت رباطة جأشٍ وقوّة جنان، وتضاعفت قوّة الحقّ التي تعمل في نفسها، واشتدّت صلابةً في الحركة، وانبعاثاً نحو الدفاع عن الحقوق المسلوبة، ونشاطاً في الاندفاع، وبسالةً في الموقف الرهيب، كأ نّها قد استعارت في لحظتها هذه قلبَ رَجلها العظيم، لتواجه به ظروفها القاسية وما حاكت لها يد القدر. أستغفر اللَّه، بل ما قدّر لها المقدِّر الحكيم من مأساةٍ مروّعةٍ تهدّ الجبل وتزلزل الصعب الشامخ.

    وهنا يشير رحمه الله الى ان هناك حقوقا مسلوبة، ومنها فدك وليس كلها... ويشرك في موقفها روح زوجها عليه السلام اشارة لحقه المسلوب في الخلافة.
    ثم يكمل رحمه الله واصفا حالتها الصحية والجسمية :

    وكانت في لحظتها الرهيبة التي قامت فيها بدور الجندي ‏المدافع شبحاً قائماً ترتسم عليه سحابة حزن مرير، وهي شاحبة اللون، عابسة الوجه، مفجوعة القلب، كاسفة البال، منهدّة العمد، ضعيفة الجانب، مائعة الجسم، وفي صميم نفسها وعميق فكرها المتأمّلة إشعاعة بهجة، وإثارة طمأنينة، وليس هذا ولا ذاك استعذاباً لأملٍ باسم، أو سكوناً إلى‏ حلمٍ لذيذ، أو استقبالًا لنتيجةٍ حسنةٍ مترقّبة، بل كانت الإشعاعة إشعاعة رضاً بالفكرة، والاستبشار بالثورة، وكانت الطمأنينة ثقةً بنجاح، لا هذا الذي نفيناه، بل على‏ وجهٍ آخر، وإنّ في بعض الفشل الآجل إيجاباً لنجاحٍ عظيم، وكذلك وقع، فقد قامت امّة برمّتها تقدّس هذه الثورة الفائرة، بل تستمدّ منها ثباتها واستبسالها في هذا الثبات.


    ثم يقارن حالها آنذاك وحالها حينما كان ابوها صلوات الله عليه على قيد الحياة..

    ودفعتها أفكارها في وقفتها تلك إلى الماضي القريب؛ يوم كانت موجات السعادة تلعب بحياتها السعيدة، ويوم كان نفس أبيها يصعد ونسمه يهبط. وكان بيتها قطب الدولة العتيد ودعامة المجد الراسخة المهيمنة على الزمن الخاشع المطيع.
    ولعلّ أفكارها هذه ساقتها إلى‏ تصوّر أبيها صلى الله عليه و آله وسلم وهو يضمّها إلى‏ صدره الرحيب، ويحوطها بحنانه العبقري، ويطبع على‏ فمها الطاهر قُبلاته التي اعتادتها منه، وكانت غذاءها صباحاً ومساءاً.
    ثمّ وصلت إلى‏ حيث بلغت سلسلة الزمن، فيواجهها الواقع العابس، وإذا بالزمان غير الزمان، وها هو بيتها - مشكاة النور، ورمز النبوّة والإشعاعة المتألّقة المحلّقة بالسماء - مهدَّد بين الفَينة والفَينة، وها هو ابن عمّها الرجل الثاني في دنيا الإسلام - باب علم النبوّة، ووزيرها المخلص‏، وهارونها المُرجَى‏، الذي لم‏ يكن لينفصل ببدايته الطاهرة عن بداية النبوّة المباركة،


    فانت ترى ولو ان الكلمات خرجت كلغة ادبية لكنها في طياتها تحمل العلم، لاحظ:
    باب علم النبوّة: ففي الحديث النبويّ المشهور: «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها». الرياض النضرة 2: 159، وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1: 64، وصحّحه السيوطي في جمع الجوامع، وأخرجه الترمذي في صحيحه بلفظٍ آخر. وراجع التاج الجامع للُاصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه و آله و سلم للشيخ منصور علي ناصف 3: 337، قال: رواه الترمذي والطبراني وصحّحه الحاكم. وفي بعض هذه المصادر: «أنا دار الحكمة ...»
    ووزيرها المخلص: إشارة إلى‏ قوله صلى الله عليه و آله وسلم- في حديث الدار أو الإنذار- المشهور: «إنّ هذا- والإشارة إلى‏ عليّ- أخي ووزيري وخليفتي فيكم ...». راجع الحديث بكامله في تأريخ الطبري 3: 218- 219، تفسير الخازن 3: 371

    وهارونها المُرجَى: ورد في الحديث النبويّ المتواتر: «أمَا ترضى‏ يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى‏ إلّاأ نّه لا نبيّ بعدي» راجع صحيح البخاري 5: 128، وصحيح مسلم 4: 1873، والتاج الجامع للُاصول 3: 333، والصواعق المحرقة: 187


    الذي لم‏ يكن لينفصل ببدايته الطاهرة عن بداية النبوّة المباركة: راجع نهج البلاغة (ضبط الدكتور صبحي الصالح): 300- 301 خطبة 192، قال الإمام عليّ عليه السلام: «وقد علمتم موضعي من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وَلَدٌ ... ولم يجمع بيتٌ واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وخديجة وأنا ثالثهما، أرى‏ نور الوحي وأشمّ رِيحَ النبوّة ...»

    ثم يكتب وما اروع ما خطه قلمه:

    فهو ناصرها في‏ البداية، وأملها الكبير في النهاية- يخسر أخيراً خلافة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، وتقوَّض معنويّاته النوريّة التي شهدت لها السماء والأرض جميعاً، وتُسقط سوابقه الفذّة عن الاعتبار ببعض المقاييس التي تمّ اصطلاحها في تلك الأحايين.

    وهل هناك اروع من هذا الكلام وما يأتي بعده الذي يفهمه حتى عوام العوام..
    يقول رحمه الله:


    وهنا بكت بكاءاً شقيّاً ما شاء اللَّه لها أن تبكي، ولم يكن بكاءاً بمعناه الذي يظهر على الأسارير ويخيّم على المظاهر، بل كان لوعة الضمير، وارتياع النفس، وانتفاضة الحسرات في أعماق القلب، وختمت طوافها الأليم هذا بعَبرتين نضّتا من مقلتيها.
    ثمّ لم تطل وقفتها، بل اندفعت كالشرارة الملتهبة - وحولها صويحباتها - حتّى‏ وصلت إلى‏ ميدان الصراع، فوقفت وقفتها الخالدة، وأثارت حربها التي استعملت فيها ما يمكن مباشرته للمرأة في الإسلام، وكادت ثورتها البِكر أن تلتهم الخلافة لولا أن عاكسها شذوذ الظرف، وتناثرت أمامها العقبات.
    تلك هي الحوراء الصدّيقة، فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، ريحانة النبوّة، ومثال العصمة، وهالة النور المشعّة، وبقيّة الرسول بين المسلمين - في طريقها إلى المسجد - وقد خسرت ابوّةً هي أزهى الابوّات في تأريخ الإنسان، وأفيضها حناناً، وأكثرها إشفاقاً، وأوفرها بركة.
    وهذه كارثة من شأنها أن تذيق المصاب بها مرارة الموت، أو أن تظهر له الموت حلواً شهيّاً وأمَلًا نيّراً.
    وهكذا كانت الزهراء حينما لحق أبوها بالرفيق الأعلى‏، وطارت روحه الفرد إلى‏ جنان ربّها راضيةً مرضيّة.


    ثم انه رضوان الله عليه يتطرق الى حال الزهراء صلوات الله عليها وحال الخلفاء المزعومين الجدد:

    ثمّ لم تقف الحوادث المرّة عند هذا الحدّ الرهيب، بل عَرَّضَت الزهراء لخَطْبٍ آخر قد لا يقلّ تأثيراً في نفسها الطَهور، وإيقاداً لحزنها، وإذكاءاً لأساها عن‏ الفاجعة الاولى‏ كثيراً، وهو خسارة المجد الذي سجّلته السماء لبيت النبوّةعلى‏ طول التأريخ، وأعني بهذا المجد العظيم: سيادة الامّة وزعامتها الكبرى‏، فقد كان من تشريعات السماء أن يسوس آل محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم امّته وشيعته؛ لأنّهم‏ مشتقّاته ومصغّراته، وإذا بالتقدير المعاكس يصرف مراكز الزعامة عن‏ أهلها، ومناصب الحكم عن أصحابها، ويرتّب لها خلفاء وامراء من عند نفسه.
    وبهذا وذاك خسرت الزهراء أقدس النبوّات والابوّات، وأخلد الرئاسات والزعامات بين عشيّةٍ وضحاها، فبعثتها نفسها المطوَّقة بآفاقٍ من الحزن والأسف إلى المعركة ومجالاتها، ومباشرة الثورة والاستمرار عليها.
    والحقيقة التي لا شكّ فيها أنّ أحداً ممّن يوافقها على‏ مبدئها ونهضتها لم‏ يكن ليمكنه أن يقف موقفها، ويستبسل استبسالها في الجهاد إلّا وأن يكون أكلةً باردة، وطعمةً رخيصةً للسلطات الحاكمة التي كانت قد بلغت يومذاك أوج الضغط والشدّة. فعلى الإشارة عتاب، وعلى القول حساب، وعلى الفعل عقاب، فلم يكن ليختلف عمّا نصطلح عليه اليوم بالأحكام العرفية، وهو أمر ضروري للسلطات يومئذٍ في سبيل تدعيم أساسها وتثبيت بنيانها.
    أمّا إذا كان القائم المدافع بنت محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم وبضعته‏ وصورته الناضرة، فهي محفوظة لا خوف عليها بلا شكّ، باعتبار هذه النبوّة المقدّسة، ولِما للمرأة في الإسلام عموماً من حرماتٍ وخصائص تمنعها وتحميها من الأذى‏.


    فهل ترى الوصف الدقيق لتلك الايام، وهل يبقى هناك قول لمعنى انه يطلق عليهم (خلفاء) وهو يصفهم الآن بـ(السلطات الحاكمة) وما هي عليه واصطلح عليه بالاحكام العرفية...
    ثم يذهب الصدر الى عنوان آخر:


    مستمسَكات الثورة:
    ارتفعت الزهراء بأجنحةٍ من خيالها المطهَّر إلى‏ آفاق حياتها الماضية ودنيا أبيها العظيم، التي استحالت - حِين لحق سيّد البشر بربّه - إلى‏ ذكرى‏ في نفس الحوراء متألّقةٍ بالنور، تمدّ الزهراء في كلّ حينٍ بألوانٍ من الشعور والعاطفة والتوجيه، وتشيع في نفسها ضروباً من البهجة والنعيم، فهي وإن كانت قد تأخّرت عن أبيها في حساب الزمن أياماً أو شهوراً ولكنّها لم تنفصل عنه في حساب الروح والذكرى‏ لحظةً واحدة.
    وإذن ففي جنبيها معين من القوّة لا ينبض‏، وطاقة على‏ ثورةٍ كاسحةٍ لا تخمد، وأضواء من نبوّة محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم ونفس محمّدٍ تنير لها الطريق، وتهديها سواء السبيل.
    وتجرّدت الزهراء في اللحظة التي اختمرت فيها ثورة نفسها عن دنيا الناس، واتّجهت بمشاعرها إلى‏ تلك الذكرى الحيّة في نفسها؛ لتستمدَّ منها قبساً من نورٍ في موقفها العصيب، وصارت تنادي:
    إليَّ يا صورَ السعادةِ التي أفقتُ منها على‏ شقاءٍ لا يصطبر عليه ...
    إليَّ يا أعزَّ روحٍ عليَّ، وأحبّها إليَّ ...، حدّثيني وأفيضي عليَّ من نورك الإلهي كما كنتِ تصنعين معي دائماً.
    إليَّ يا أبي اناجيك إن كانت المناجاة تلذُّ لك، وأبثّك همومي كما اعتدتُ أن أفعل في كلّ حين، واخبرك أنّ تلك الظِلال الظليلة التي كانت تقيني من لهيب هذه الدنيا لم يعدْ لي منها شي‏ء.
    قد كان بعدك أنباءٌ وهنبثةٌ - - لو كنت شاهدها لم تكثر الخُطُب‏
    إليَّ يا ذكريات الماضي العزيز، حدّثيني حديثك الجذّاب، وردّدي على‏ مسامعي كلَّ شي‏ء؛ لُاثيرَها حرباً لا هوادة فيها على‏ هؤلاء الذين ارتفعوا أو ارتفع الناس بهم إلى‏ منبر أبي ومقامه، ولم يعرفوا لآل محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم حقوقهم، ولا لبيتهم حرمةً تصونه من الإحراق‏ والتخريب، ذكّريني بمشاهد أبي وغزواته، ألم يكن يقصّ عليَّ ألواناً من بطولة أخيه وصهره واستبساله في الجهاد، وتفوّقه على‏ سائر الأنداد، ووقوفه إلى‏ صفّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم في أشدّ الساعات وأعنف المعارك التي‏ فرَّ فيها فلان وفلان وتقاصر عن اقتحامها الشجعان؟! أيصحّ بعد هذا أن نضعَ أبا بكر على‏ منبر النبيّ وننزل بعليٍّ عمّا يستحقّ من مقام؟!


    بالله عليك هل بقت لابي بكر قيمة بعد هذا الكلام؟
    ام هل تراه يذكر قضية احراق الدار واعتبرها من المسلمات لا بل اضاف لها عبارة (التخريب).
    راجع لقضية اخراق الدار الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 19، وتأريخ الطبري 2: 233، وشرح نهج البلاغة 6: 47- 48، فقد روي أنّ عمر بن الخطّاب جاء إلى‏ بيت فاطمة عليها السلام في عصابةٍ في رجالٍ من الأنصار ونفرٍ من المهاجرين، فقال: «والذي نفسي بيده لَتَخرجنَّ إلى البيعة أو لُاحرِقنّ البيت عليكم»

  • #2
    ثم يكمل رحمه الله مقطوعته:



    خبّريني يا ذكريات أبي العزيز، أليس أبو بكر هو الذي لم يأتمنه الوحي على‏ تبليغ آيةٍ للمشركين، وانتخب للمهمّة عليّاً؟! فماذا يكون معنى‏ هذا إن لم‏ يكن معناه أنّ عليّاً هو الممثّل الطبيعي للإسلام الذي يجب أن تسند إليه كلّ مهمّةٍ لا يتيسّر للنبيّ صلى الله عليه و آله و سلم مباشرتها؟


    وهو يشير الى حادثة التبليغ كما وردت في مسند أحمد بن حنبل 1: 3، وفي الكشّاف للزمخشري 2: 243، قال: «رُوي أنّ أبا بكر لمّا كان ببعض الطريق لتبليغ سورة براءة هبط جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمّد، لا يبلّغنّ رسالتك إلّا رجلٌ منك، فأرسل عليّاً ...»
    وها هو يعتبر ان عليا هو الممثل الحقيقي للاسلام وليس ابا بكر. كما يقولها بصراحة.
    ثم يضيف عن لسان حال الزهراء صلوات الله عليها:


    إنّي لأتذكّر بوضوحٍ ذلك اليوم العصيب الذي أرجف فيه المرجفون‏ لمّا استخلف أبي عليّاً على المدينة وخرج إلى الحرب، فوضعوا لهذا الاستخلاف ما شاؤوا من تفاسير، وكان عليّ ثابتاً كالطود لا تزعزعه مشاغبات المشاغبين، وكنت احاول أن يلتحق بأبي ليحدّثه بحديث الناس، وأخيراً لَحِقَ بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ رجع متهلّل الوجه ضاحك الأسارير، تحمله الفرحة إلى‏ قرينته الحبيبة؛ ليزفّ إليها بشرى‏ لا بمعنىً من معاني الدنيا، بل بمعنىً من معاني السماء. فقصَّ عليٌّ كيف استقبله النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ورحّب به، وقال له: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى‏ إلّا أنّه لا نبيّ بعدي»، وهارون موسى‏ كان شريكاً له في الحكم، وإماماً لُامّته، ومعدّاً لخلافته، فلابدّ أن يكون هارون محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم وليّاً للمسلمين وخليفته فيهم من بعده.


    وهذه الحادثة تجدها في كتاب التاج الجامع للُاصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه و آله و سلم 3: 332، قال: رواه الشيخان والترمذي، صحيح مسلم 4: 1870- 1871 الحديث 2404، خصائص النسائي: 48- 50. وراجع تفصيل الرواية في تأريخ الطبري 2: 182- 183
    ثم يكمل:


    ولمّا وصلت إلى‏ هذه النقطة من أفكارها المتدفّقة صرخت: إنّ هذا هو الانقلاب الذي أنذر اللَّه تعالى‏ به في كتابه إذ قال: «وَمَا مُحَمَّدٌ إلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفإن مَاتَ أوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى‏ أعْقَابِكُمْ».
    فها هُمُ الناس قد انقلبوا على‏ أعقابهم، واستولى‏ عليهم المنطق الجاهلي الذي تبادله الحزبان في السقيفة حين قال أحدهما: «نحن أهل العزّة والمنعة، واولو العدد والكثرة، وأجابه الآخر: مَن ينازعنا سلطان محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم ونحن أولياؤه وعترته». وسقط الكتاب والسُنّة في تلك المقاييس.


    وهذا الكلام من احسن التعريض بالسقيفة.
    ثم يذكر مقطعا استنسخه من خطبة الزهراء العصماء، فيقول رحمه الله:


    ثمّ أخذت تقول:
    يا مبادئ محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم التي جرت في عروقي منذ ولدت كما يجري الدم في‏ العصب، إنّ الرجل الذي هجم عليكِ في بيتك المكّي الذي أقامه النبيّ مركزاً لدعوته قد هجم على‏ آل محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم في دارهم، وأشعل النار فيها أو كاد ...
    يا روحَ امّي العظيمة، إنّكِ ألقيتِ عليَّ درساً خالداً في حياة النضال الإسلامي بجهادك الرائع في صفّ سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم، وسوف أجعل من نفسي خديجة عليّ في محنته القائمة.
    لبّيكِ لبّيكِ يا امّاه، إنّي أسمع صوتك في أعماق روحي يدفعني إلى‏ مقاومة الحاكمين.
    فسوف أذهب إلى‏ أبي بكر لأقول له: «لقد جئت شيئاً فريّاً، فدونكها مخطومةً مرحولةً تلقاك يوم حشرك، فنِعم الحكم اللَّه، والزعيم محمّد، والموعد القيامة» ، ولُانبّه المسلمين إلى‏ عواقب فعلتهم والمستقبل القاتم الذي بنوه بأيديهم، وأقول: «لقد لقحت فنظرة ريثما تُحلب، ثمّ احتلبوها طلاع القعب دماً عبيطاً ...، وهناك يخسر المبطلون، ويعرف التالون، غبّ ما أسّس الأوّلون».
    ثمّ اندفعت إلى‏ ميدان العمل وفي نفسها مبادئ محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم وروح خديجة، وبطولة عليّ، وإشفاقٌ عظيمٌ على‏ هذه الامّة من مستقبلٍ مظلم.


    ايوجد خير من هذه التعرية لأبي بكر وزمرته الحاكمة؟!!

    ثم يأتي رحمه الله على عنوان في الموضوع آخر:


    طريق الثورة:
    لم يكن الطريق الذي اجتازته الثائرة طويلًا؛ لأنّ البيت الذي انبعث منه‏ شرر الثورة ولهيبها هو بيت عليٍّ عليه السلام، بالطبع الذي كان يصطلح عليه‏ رسول‏ اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بيت النبوّة، وهو جار المسجد لا يفصل بينهما سوى‏ جدار واحد، فلعلّها دخلته من الباب المتّصل به والمؤدّي إليه من دارها مباشرة، كما يمكن أن يكون مدخلها الباب العامّ.

    وهو يشير الى ما ينقله الرواة والمؤرخون أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم استمرّ أكثر من ستّة أشهرٍ بعد نزول آية التطهير يقف على‏ باب دار عليٍّ وفاطمة عليهما السلام عند ذهابه إلى الصلاة، وهو يقول: «السلام عليكم يا أهل البيت». راجع مسند أحمد بن حنبل 3: 285، والمستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 3: 158.
    وفي انه جار المسجد راجع مسند أحمد بن حنبل 4: 369 .

    ثم انه رحمه الله يدفع اشكالا مقدرا، فيقول:

    ولا يهمّنا تعيين أحد الطريقين، وإن كنت ارجِّح أ نّها سلكت الباب العامّ؛ لأنّ سياق الرواية التأريخية التي حكت لنا هذه الحركة الدفاعية يُشعر بهذا، فإنّ دخولها من الباب الخاصِّ لا يكلّفها سيراً في نفس المسجد، ولا اجتياز طريقٍ بينه وبين بيتها، فمن أين للراوي أن يصف مشيها وينعته بأ نّه لا يخرم مشية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم‏ وهو لم يكن معها بالطبع؟! ولو تصوّرنا أنّها سارت في نفس المسجد فلا ينتهي سيرها بالدخول على الخليفة، وإنّما يبتدئ بذلك؛ لأنّ من دخل‏ المسجد صدق عليه أنّه دخل على‏ من فيه وإن سار في ساحته، مع أنّ الراوي يجعل دخولها على‏ أبي بكر متعقّباً لمشيها، وهذا وغيره يكون قرينةً على‏ ما استقربناه.


    ثم يأخذنا الى عنوان آخر في الموضوع يبين فيه سبب مصاحبة النساء لها صلوات الله عليها:


    النسوة:
    وتدلّنا الرواية على‏ أنّ‏ الزهراء كانت تصحبُ معها نسوةً من قومها وحفدتها كما سبق ذكره، ومردّ هذه الصحبة وذلك الاختيار للباب العامّ إلى‏ أمرٍ واحد، وهو تنبيه الناس، وكسب التفاتهم باجتيازها في الطريق مع تلك النسوة ليجتمعوا في المسجد، ويتهافتوا حيث ينتهي بها السير بقصد التعرّف على ما تريده، وتعزم عليه من قولٍ أو فعل، وبهذا تكون المحاكمة علنيّةً تعيها أسماع عامّة المسلمين في ذلك الوسط المضطرب.


    ثم يعود رحمه الله الى وصف ما سمّاه بالـ (الحركة الفاطمية) ويقصد بها مشيتها سلام الله عليها:


    ظاهرة:
    سبق أنّ الرواية التأريخية جاءت تنصّ على‏ أنّ الزهراء لم تكن لتخرم في مشيتها مشية أبيها صلى الله عليه و آله و سلم.
    ويتّسع لنا المجال لفلسفة هذا التقليد الدقيق، فلعلّه كان طبيعةً قد جرت عليها في موقفها هذا بلا تكلّفٍ ولا اعتناءٍ خاصّ، وليس هذا ببعيد، فإنّها- صلوات اللَّه عليها- قد اعتادت أن تقلّد أباها وتحاكيه في سائر أفعالها وأقوالها.
    ويحتمل أن يكون لهذه المشابهة المتقنة وجه آخر بأن كانت الحوراء قد عمدت في موقفها يومذاك إلى‏ تقليد أبيها في مشيه عن التفاتٍ وقصدٍ فأحكمت التمثيل، وأجادت المحاكاة، فلم تكن لتخرم مشية النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وأرادت بهذا أن تستولي على المشاعر وإحساس الناس وعواطف الجمهور بهذا التقليد الباهر الذي يدفع بأفكارهم إلى‏ سفرٍ قصير، وتجوّلٍ لذيذٍ في الماضي القريب حيث عهد النبوّة المقدّس، والأيام الضواحك التي قضوها تحت ظِلال نبيّهم الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم؛ فيكون في إرهاف هذه الإحساسات وصقلها صقلًا عاطفيّاً ما يمهّد للزهراء الشروع في مقصودها، ويوطّئ القلوب لِتَقَبّل دعوتها الصارخة، واستجابة استنقاذها الحزين، ونجاح محاولتها اليائسة أو شبه اليائسة.
    ولذا ترى‏ أنّ الراوي نفسه أثّرت عليه هذه الناحية أيضاً من حيث يشعر أو لا يشعر، ودفعه تأثّره هذا إلى‏ تسجيلها فيما سجّل من تصوير الحركة الفاطمية.
    صرخة باركتها الزهراء، ورعتها السماء، فكانت عند اندلاعها محطّ الثقل الذي تركّز عنده الحقّ المذبوح، والمحاولة اليائسة التي شاعت حولها ابتسامات أملٍ استحالت بعد انتهائها إلى‏ عبوسٍ مرير، ويأسٍ ثابت، واستسلامٍ فرضته حياة الناس الواقعة يومذاك.
    ثورة لم تكن لتقصد بها الثائرة نتيجةً لها على‏ ما يطّرد في الثورات الاخرى‏ بقدر ما كانت تهدف إلى‏ تثبيت الثورة لذاتها، وتسجيلها في ما يسجّله التأريخ في سطوره البارزة، فكانت الثورة على‏ هذا بنفسها تؤدّي الغرض كاملًا غير منقوص، وهذا ما وقع بالفعل، وبه نفسِّر الحكم بنجاحها وإن فشلت، كما سنوضّحه في موضعٍ آخر من هذا الكتاب.


    وهنا نترك لكم مطالعة في الكتاب ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
    تجد الكتاب على هذا الرابط (هنا)
    ونسخة نصية منه مع المرفقات (هنا)

    وكذلك نص كتاب الشهيد الصدر سمو الذات وسمو الموقف للسيد كاظم الحائري.

    والحمد لله رب العالمين.

    تعليق


    • #3
      كل هذا الكلام لا ينفع الشخصيات الرائعة الموجودة في مجتمعنا الذكي
      هذه شخصيات تريد عباقرة مثل ياسر الحبيب و ياري !!

      احدهم كال لي تابع قناة اهل البيت برنامج حسن الله ياري

      (على اساس اني منتظر الاخ ياري ينطيني ادلة وبراهين! )

      ابتسمت..كال لي شبيك شو تبتسم؟؟!
      كتله خاف اكلك و تزعل؟!
      كال لا كول..
      كتله هذا شخص مشبوه و لا تتابعه احسن..
      فرد علي برد افلاطوني عبقري حتى يحرجني!
      و قال انك عندك نزعات سنية!!!

      الناس هسة تقيم و تحب محمد باقر الصدر مو لانه هو محمد باقر الصدر المرجع
      الديني صاحب المؤلفات و النظريات..الخ..
      و انما لان اغلب السياسيين الشيعة العراقيين و اللبنانيين و الايرانيين..الخ..
      يشيدون بهذا الرجل الكبير فلو اشاد هؤلاء بياسر الحبيب مثلا و ذموا السيد
      الصدر لانقلبت الاية حيث ان الناس على دين ملوكها شما تعبد تقلدها..!

      الناس تريد اي معمم ملتحي و يكعد يبرز عضلاته و يسب السنة و رموزهم هذا
      هو المقياس الحقيقي عند الناس!!
      التعديل الأخير تم بواسطة باسل الجبوري; الساعة 22-02-2013, 05:02 PM.

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة باسل الجبوري
        كل هذا الكلام لا ينفع الشخصيات الرائعة الموجودة في مجتمعنا الذكي
        هذه شخصيات تريد عباقرة مثل ياسر الحبيب و ياري !!

        احدهم كال لي تابع قناة اهل البيت برنامج حسن الله ياري

        (على اساس اني منتظر الاخ ياري ينطيني ادلة وبراهين! )

        ابتسمت..كال لي شبيك شو تبتسم؟؟!
        كتله خاف اكلك و تزعل؟!
        كال لا كول..
        كتله هذا شخص مشبوه و لا تتابعه احسن..
        فرد علي برد افلاطوني عبقري حتى يحرجني!
        و قال انك عندك نزعات سنية!!!

        الناس هسة تقيم و تحب محمد باقر الصدر مو لانه هو محمد باقر الصدر المرجع
        الديني صاحب المؤلفات و النظريات..الخ..
        و انما لان اغلب السياسيين الشيعة العراقيين و اللبنانيين و الايرانيين..الخ..
        يشيدون بهذا الرجل الكبير فلو اشاد هؤلاء بياسر الحبيب مثلا و ذموا السيد
        الصدر لانقلبت الاية حيث ان الناس على دين ملوكها شما تعبد تقلدها..!

        الناس تريد اي معمم ملتحي و يكعد يبرز عضلاته و يسب السنة و رموزهم هذا
        هو المقياس الحقيقي عند الناس!!
        احسنت عزيزي
        وعلى دين الملوك الناس شما تعبد تقلدهة

        تعليق


        • #5
          الى ياسر الحبيب ومن تبعه ..
          محمد باقر الصدر رضوان الله عليه وقف موقفه الشجاع وصدع بالحق في حكومة يزيد العصر (هدام ) صدام اللعين ... كلمة حق عند سلطان جائر .. وانتم الان تنعمون بلندن وتهرجون بالسب واللعن .. و تسمون عظماء الشيعة بترية ...
          هداكم الله الى سبيل الحق

          تعليق


          • #6
            ماذا جاء حول كتاب (فدك في التاريخ)
            للامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدّس الله روحه


            http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=183635

            يقول الباحث الاسلامي وأحد الذين أرّخوا لحياة الشهيد الصدر رحمه الله بصورة منهجية، السيد محمد الحسيني في كتابه (الإمام الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر دراسات في سيرته ومنهجه‏) ص 145: تحت عنوان (مفسرا) :

            لقد كان السيد الشهيد «قده» مفسراً ذا أفق بعيد ومنهج تفسيري جديد انعكست فيه المعالم ذاتها التي تقدّم ذكرها والتي تتميز بها مدرسة الشهيد «قده».
            وقد يبدو غريباً لأول وهلة وصف السيد الشهيد «قده» مفسراً لمن يجعل إطلاق هذا الوصف وعدمه مرتبطاً يدور مدار التصنيف في علم التفسير، فالشهيد «قده» لم يصنّف تفسيراً سوى ما خلّفه للأمة الإسلامية من كتابات ومقالات ومحاضرات، بيد إنها كافية لأن تضعه في مقدمة علماء التفسير؛ لأنه صاحب مدرسة جديده في التفسير وهو (التفسير الموضوعي) الذي أشاد معالمه «قده» إلى جانب آرائه القيّمة المتناثرة هنا وهناك.
            ولذلك سأعمد إلى اقتطاف ما سجّله السيد الشهيد «قده» من التفاتات رائعة في تفسير القرآن الكريم.

            ويضيف الحسيني في ص 149:
            وقد تناول السيد الشهيد «قده» بعض الآيات القرآنية بالتفسير في مناسبات مختلفة ضمن بحوث مختلفة أو محاضرات ألقاها على طلبته، وان مراجعة هذه التفاسير يظهر النفس القرآني المتمّيز في فهم الآيات المباركات. نذكر كنموذج منها:
            في كتابه «فدك في التاريخ" الذي صنفه وهو في السابعة عشرة من عمره الشريف وفي تفسير قوله تعالى‏ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا يؤكد السيد «قده» حقيقة أن الإرث المقصود في الآية هو ارث المال لا ارث العلم كما يدعيه البعض، ليصح الاستدلال به في مقام إثبات ارث الزهراء من أبيها بشأن قضية فدك، ولذلك يعمد السيد «قده» إلى إثبات هذه الحقيقة ولكن بأسلوب فلسفي هذه المرة فيقول:
            «.. والإرث في الآية بمعنى ارث المال؛ لأنه هو الذي ينتقل حقيقة من الموروث إلى الوارث، وأما العلم والنبوة فلا ينتقلان انتقالًا حقيقيا، وامتناع انتقال العلم على نظرية اتحاد العاقل والمعقول واضح كل الوضوح، وأما إذا اعترفنا بالمغايرة الوجودية بينهما فلا ريب في تجرّد الصور العملية وإنها قائمه بالنفس قياماً صدورياً بمعنى إنها معلولة للنفس، والمعلول الواحد بحسب الذات - لا بمجرد الاتصال فقط - متقوم بعلته ومرتبط الهوية بها فيستحيل انتقاله إلى علّة أخرى، ولو افترضنا أن الصور المدركة أعراض وكيفيات قائمة بالمدرك قياماً حلولياً فيستحيل انتقالها؛ لاستحالة انتقال العرض من موضوع إلى موضوع كما برهن عليه في علم الفلسفة، سواء أقلنا بتجردها أو بماديتها، بأن اعترافنا باشتمال الصور المدركة على الخصائص العامة للمادة من قابلية الانقسام ونحوها. وإذن فالعلم يستحيل انتقاله في حكم المذاهب الفلسفية الدائرة حول الصور العلمية جميعاً»
            [فدك في التاريخ ص134]
            وقد حاول بعض المفسرين أن ينتصر للخليفة الأول ففسّر كلمة الإرث في كلام زكريا بإرث النبوة لأن يحيي «ع» لم يرث مال أبيه لاستشهاده في حياة أبيه، فيجيب السيد الشهيد «قده» على هذا الاعتراض بأنه متوجه على كلا التفسيرين؛ لأن يحيى كما انه لم يرث مال أبيه كذلك لم يخلفه في نبوته، وان ما يثبت له من النبوة لم يكن وراثياً. أما عن مطلوب زكريا فيقول السيد الشهيد «قده» انه سأل ربه وارثاً يرثه بعد موته ولذا قال: وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي أي بعد موتي فان كلامه يدل بوضوح على انه أراد وارثاً يخلفه ولم يرد نبياً يعاصره وإلا لكان خوفه من الموالي بعد وفاته باقياً فلابد على كل تقدير أن نوضّح الآية على أسلوب يسلم عن الاعتراض وهو أن تكون جملة يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ جواباً للدعاء بمعنى (إن رزقتني ولداً يرث) لا صفة ليكون زكريا قد سأل ربه ولياً وارثاً، فما طلبه النبي من ربه تحقق وهو الولد، وتوريثه المال أو النبوة لم يكن داخلًا في جملة ما سأل ربه وإنما كان لازماً لما رجاه في معتقد زكريا».
            [فدك في التاريخ ص136]

            ويضيف السيد الحسيني في ص 171: تحت عنوان:
            مع الشهيد الصدر مؤرخاً
            لم تصرف مشاكل الفقه والأصول الشهيد الصدر «قده» عن الخوض في ميادين المعرفة الآخرى فاتسعت اهتمامات الشهيد لتشمل اكثر حقول العلم والمعارف الإنسانية، ومن ذلك ميدان التاريخ ليسجل روائع أفكاره وآرائه التي توصل إليها «قده».
            ولقد كان الإمام الصدر «قده» شغوفاً بالتاريخ منذ صباه، فعالج مشكلة تاريخية من أعقد مشكلات التاريخ وهو في السابعة عشرة
            [مقدمة للمباحث الاصولية للحائري ص 64] من عمره وقيل في الحادية عشرة [مجلة الجهاد ص 28 عدد/ 14/ سنة 1401 هـ في حديث للسيد نورالدين الأشكوري] ولم [يقصد] يومئذ من تأليفه إلا الاحتفاظ به كمذكر لحياته الفكرية ومؤرخاً لتلك المرحلة من عمره الشريف - كما أوضحه السيد في مقدمة كتابه - ولكنه سرعان ما تقع عليه عيون ممن حوله فيرغبون في طبعه ونشره، فيذعن لرغبتهم وتحقيقاً لأمنيتهم ليظهر كتاب "فدك‏ في التاريخ" ليبدد كل الأبحاث والدراسات التي سبقته ويحتل الصدارة في المكتبة الإسلامية بأسلوبه الموضوعي وحجته البالغة في تحقيق مسألة الخصومة التاريخية بين الخليفة الأول والزهراء (ع) بنت رسول الله «ص» التي لم تعهد المكتبة التاريخية تحقيقاً بمثل هذا التحقيق ومحاكمة بمثل هذه المحاكمة.
            وقد كشف الشهيد «قده» عن حقائق تاريخية عدة في كتابه "فدك في التاريخ" وأماط اللثام عنها بلهجة علمية وأسلوب موضوعي، فتناول «قده» اكثر من محور في كتابه بما له دخل في معالجة أمر الخصومة فبحث بأروع ما يمكن معالم‏ سياسية الخليفتين الأول والثاني تجاه أهل البيت وأوضح الأسس التي تقوم عليها
            [راجع فدك في التاريخ ص 69] وأسهب البحث بشكل لم يسبق له مثيل في أمر السقيفة [فدك ص 53] وكذلك عالج بحثاً من أهم البحوث التاريخية وهو أمر الفتوحات الإسلامية [راجع فدك ص 38] فألقى عليها الأضواء الكاشفة، وفي كل هذه الأبحاث تجرد عن المواقف المسبقة والعواطف الجياشة التي قد تودي بالباحث إلى متاهات مظلمة.
            ولم يقتصر الشهيد «قده» على بحث الحقائق التاريخية ودراستها بلغة تاريخية صرفة، فهو المؤرخ الواعي الذي لا يسلم بالحقائق التاريخية بعيداً عن القرآن والسنة والعقل والذوق العام، فقد تناول السيد الشهيد «قده» الحديث الذي رواه الخليفة الأول في مقام رد الزهراء «ع» بالبحث والتحقيق فذكر عدة احتمالات في
            [راجع فدك في التاريخ ص 116] تفسير الحديث بما يبطل الاستدلال بالحديث الذي رواه الخليفة الأول لصالحة وبذلك يفقد الخليفة الأول حجته في خصومته مع الزهراء «ع».
            وكذلك تناول السيد الشهيد «قده» تفسير آيات الإرث التي احتجت بها الزهراء في مقام إثبات ارث الأنبياء بشكل يؤيد دعوى الزهراء ويدحض التبريرات والتأويلات التي حاكها بعض المفسرين‏
            [فدك في التاريخ ص 134].
            والحقيقة أن كتاب (فدك في التاريخ) بحث تأريخي استعمل فيه الشهيد «قده» أدوات المعرفة من تفسير وتحليل للحديث وفقه وفلسفة بما لا يجعله مجرد سرد تأريخي محض.

            كيف يتعامل الشهيد مع التاريخ‏
            لم يكن الشهيد الصدر «قده» من هواة التأليف والتصنيف ولذلك لم يترك في اكثر الحقول التي طرق أبوابها سوى مصنف أو اكثر وعدة بحوث متناثرة ومحاضرات في مناسبات مختلفة ومن ذلك حقل التاريخ الذي ترك فيه الشهيد كتابه‏ "فدك في التاريخ" وبحوثاً ومحاضرات تاريخية قدّر لها أن تكون مصادر للبحث التاريخي.
            ومن ذلك كله نسترق التعامل الصدري مع التاريخ والتعرف على مظاهر على التعامل.
            يشترط «قده» إن يكون المؤرخ موضوعياً يتجرد من عاطفته ولا يقتفي أثرها ويلبي ايعازاتها؛ لأن الموضوعية إن كانت شرطاً في كل المحاكمات العلمية فأنها في المحاكمات التاريخية أوضح لذلك يقول السيد الصدر «قده»:
            «إذا كان التجرد عن المرتكزات والأناة في الحكم والحرية في التفكير شروطاً للحياة الفكرية المنتجة، وللبراعة الفنية في كل دراسة عقلية مهما يكن نوعها ومهما يكن موضوعها، فهي أهم الشروط الأساسية لإقامة بناء تأريخي محكم لقضايا أسلافنا ترتسم فيه خطوط حياتهم التي صارت ملكاً للتأريخ، ويصور عناصر شخصياتهم التي عرفوها في أنفسهم أو عرفها الناس يومئذ فيهم، ويتسع لتأملات شاملة لكل موضوع من موضوعات ذلك الزمن المنصرم، يتعرف بها على لونه التاريخي والاجتماعي ووزنه في حساب الحياة العامة أو في حساب الحياة الخاصة التي يعني بها الباحث وتكون مداراً لبحثه كالحياة الدينية والأخلاقية والسياسية إلى ذلك غير ذلك من النواحي التي يأتلف منها المجتمع الإنساني بشرط أن تستمر هذه التأملات كيانها النظري من عالم الناس المنظور، لا من عالم تبتدعه العواطف والمرتكزات وينشئه التعبد والتقليد، لا من خيال مجنح يرتفع بالتوافه والسفاسف إلى الذروة ويبني عليها ما شاء من تحقيق ونتائج، لا من قيود لم يستطع الكاتب أن يتحرر عنها ليتأمل ويفكر كما تشاء له أساليب البحث العلمي النزيه‏»
            [فدك في التاريخ ص 34]
            ولكن لماذا كل هذه الشروط وقد انصرم ذلك الزمن ومضى دون رجعة فقد يكون بودّ بعض الباحثين أن يغفر لأسلافه ذنوبهم وخطاياهم وقد يحلو له أن لا يأتي على ذكر شي‏ء من سيئاتهم أو يحاول تبريرها أو تأويلها؟!
            يرى السيد الشهيد «قده» إن المؤرخ ليس حراً في أن يغفر لأسلافه تحت ضغوط العاطفة والتعبد والتقليد؛ لأنه إن فعل ذلك فانه سيزوّر التاريخ ويشوّه صورته.
            نعم! يحق له أن يكتب رواية يتيه فيها في عالم العواطف والخيال الخصب، وليكتب ما يشاء ويغفر ما يشاء ويحسن ما يشاء فان ذلك ملكه.
            يقول السيد الشهيد:
            «فإذا كنت تريد أن تكون حراً في تفكيرك، ومؤرخاً لدنيا الناس لا روائياً يستوحي من دنيا ذهنه ما يكتب فضع عواطفك جانباً أو إذا شئت فاملأ بها شعاب نفسك فهي ملكك لا ينازعك فيها أحد، واستثن تفكيرك الذي بها تعالج البحث فإنه لم يعد ملكك بعد أن اضطلعت بمسؤولية التاريخ وأخذت على نفسك أن تكون أميناً، ليأتي البحث مستوفياً لشروطه قائماً على أسس صحيحة من التفكير والاستنتاج‏»
            [فدك في التاريخ ص 35]
            وغالباً ما تتصف الكتابات التاريخية بالتّجرد التاريخي المحض بل تخالف أحياناً أولى البدهيات العقلية والشرعية، أما الشهيد الصدر «قده» فتجده المؤرخ الفقيه الذي يطعمك التاريخ مشوباً بالفقه كما يبدو ذلك في مسائل تاريخية عديدة، ففي بحثه لحكم الخليفة الأول وقضائه في أمر الخصومة مع الزهراء يطرح على بساط البحث مسألة من أدق المسائل الفقهية ألا هي (مسألة جواز قضاء الحاكم بعلمه أو عدم جواز ذلك) فردَّ على أساطين العلماء فيما تعارفوا عليه وما اشتهر على ألسنتهم.

            يقول السيد كاظم الحائري: فلقد ناقش في كتاب (فدك) ما وقع من بعض أكابر العلماء كصاحب الجواهر من الاستدلال على نفوذ علم القاضي بكون العلم أقوى من البيّنة المعلوم إرادة الكشف منها، ناقش ذلك بقوله:
            «والاحظ أنّ في هذا الدليل ضعفاً ماديّاً؛ لأنّ المقارنة لم تقم فيه بين البيّنة وعلم الحاكم بالإضافة إلى صلب الواقع، وإنّما لوحظ مدى تأثير كلٍّ منهما في نفس الحاكم، وكانت النتيجة - حينئذ - أنّ العلم أقوى من البيّنة؛ لأنّ اليقين أشدّ من الظنّ، وكان من حقّ المقارنة أن يلاحظ الأقرب منهما إلى الحقيقة المطلوب مبدئيّاً الأخذ بها في كلّ مخاصمة، ولايفضّل علم الحاكم في هذا الطور من المقايسة على البينة؛ لأنّ الحاكم قد يخطأ كما أنّ البيّنة قد تخطأ، فهما في شرع الواقع سواء، كلاهما مظنّة للزلل والاشتباه».
            وأيضاً ذكر المرحوم الشيخ آقا ضياء العراقيّ - الذي يعتبر من أكابر المحقّقين في العصر المتأخر - ذكر في كتابه ردّاً على من استدلّ لنفوذ علم القاضي بأدلّة القضاء بالحقّ والعدل:
            «أنّه قد يكون المراد بالحقّ والعدل هو الحقّ والعدل وفق مقاييس القضاء، لا الحقّ والعدل وفق الواقع، وكون علم القاضي من مقاييس القضاء أوّل الكلام»
            واستشهد على ذلك بالرواية الدالّة على عقاب رجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم، ببيان: أنّه لو كان موضوع القضاء هو الحقّ‏ الواقعيّ لا الحقّ وفق مقاييس القضاء، لكان قضاء من قضى بالحقّ - وهو لايعلم - صحيحاً وضعاً وتكليفاً، ولاعقاب عليه إلّا بملاك التجرّي.
            وأورد عليه استاذنا الشهيد في كتاب (فدك) أنّ هذه الرواية لاتدلّ على عدم موضوعيّة الواقع للحكم، غاية ما هناك أن نقيّد الأدلّة التي ظاهرها كون موضوع الحكم هو الحقّ والعدل الواقعيين بالعلم، بمقتضى دلالة هذه الرواية على عقاب من قضى من دون علم، فيصبح الواقع جزءَ موضوع، والعلم به جزءاً آخر للموضوع، ولابأس بذلك.
            [مقدمة مباحث الاصول ص64]

            تعليق


            • #7
              بسمه تعالى
              ان الله سبحانه تعالى ورسول الله والائمة المعصومين عليهم افضل الصلاة والسلام قد طالما بينوا للناس اسس الحوار والمناقشة ولا داعي لذكرها مرارا وتكرارا .
              ان مولانا الصادق يقول (اعربوا حديثنا فاننا قوم فصحاء .
              ان فرق الشيعة كثيرة ومنها فرقة الشيخية وهذا فرقة عرفت بمجاهرتها باللعن والسب وغيرها من الامور التي ينهي عنها الدين الاسلاميالعظيم .
              اما ما يخص ياسر الحبيب او حسن ياري فالحقيقة اقول انا لا اعرف في اي مدرسة فقهية درسوا وهذا ما يثير الشبهات عندي كوني من طلبة الفقه التاريخ الاسلامي ،، مما حباني ان احذف هذه القنوات وكل القنوات المتشدد وانصح الاخوة بما قمت به
              وشكرا

              تعليق


              • #8
                الى رحيق مختوم :
                اسأت واحسنت
                اسأت بكلمة بتري بالعنوان
                و احسنت بالموضوع

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة اياد السعداوي
                  الى رحيق مختوم :
                  اسأت واحسنت
                  اسأت بكلمة بتري بالعنوان
                  و احسنت بالموضوع

                  احسن الله اليك
                  وغفر الله اسائتنا
                  لكنّا استطعنا أن نلفت انتباهك للموضوع

                  تعليق

                  المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                  حفظ-تلقائي
                  x

                  رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                  صورة التسجيل تحديث الصورة

                  اقرأ في منتديات يا حسين

                  تقليص

                  لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                  يعمل...
                  X