![]() |
![]() |
![]() |
ولكي لا نبتعد كثيراً فالآية التي نحن بصدد تفسيرها تبحث في مجال الحقّ والباطل وتجسّم هذه المسألة بشكل دقيق، المقدّمات والنتائج، والصفات والخصوصيات والآثار، وتجعلها قابلة الفهم للجميع وتُسكت المعاندين، وأكثر
1 ـ البقرة، 20.
2 ـ البقرة، 261.
3 ـ البقرة، 264.
من ذلك تكفينا تعب البحوث المطوّلة.
وفي مناظرة للإمام الصادق (عليه السلام) مع أحد الزنادقة حول قوله تعالى: (كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب) قال: فما بال الغير؟
أجابه الإمام: «ويحك هي هي وهي غيرها!» قال: فمثّل لي ذلك شيئاً من أمر الدنيا! قال: «نعم، أرأيت لو أنّ رجلا أخذ لبنة فكسرها ثمّ ردّها في ملبنها، فهي هي وهي غيرها»(1).
ولابدّ هنا من ملاحظة هذه اللفظة وهي أنّ المثال وما له من تأثير كبير ودور فعّال يجب أن يكون مطابقاً وموافقاً للمقصود، وإلاّ يكون ضالا ومنحرفاً.
ولهذا السبب يستفيد المنافقون من هذه الأمثلة المنحرفة ليضلّوا بها الناس البسطاء، فهم يستعينون بشعاع المثال ليصدق الناس أكاذبيهم، فيجب أن نحذر من هذه الأمثلة المنحرفة ونلاحظها بدقّة.
* * *
1 ـ الإحتجاج، ص354.
لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِى الاَْرْضِ جَمِيعَاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَيهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18)
بعد ما كشفت الآيات السابقة عن وجهي الحقّ والباطل من خلال مثال واضح وبليغ، أشارت هذه الآية إلى مصير الذين إستجابوا لربّهم والذين لم يستجيبوا لهذه الدعوة واتّجهوا صوب الباطل. تقول أوّلا: (للذين إستجابوا لربّهم الحسنى).
«الحسنى» في معناها الواسع تشمل كلّ خير وسعادة، بدءاً من الخصال الحسنة والفضائل الأخلاقية إلى الحياة الإجتماعية الطاهرة والنصر على الأعداء وجنّة الخلد.
ثمّ تضيف الآية (والذين لم يستجيبوا له لو أنّ لهم ما في الأرض جميعاً
ومثله معه لافتدوا به).
لا توجد صيغةً أوضح من هذه الآية في بيان شدّة عذابهم وعقابهم، يمتلك الإنسان كلّ ما في الأرض وضعفه أيضاً ويفتدي به للنجاة ولا يحصل النجاة. تشير هذه الجملة في الواقع إلى آخر أُمنية والتي لا يمكن أن يتصوّر أكثر منها، وهي أن يمتلك الإنسان كلّ ما في الأرض، ولكن شدّة العذاب للظالمين ومخالفي الحقّ تصل بهم إلى درجة أن يفتدوا بكلّ هذه الاُمنية أو بأكثر منها لنجاتهم. ولنفرض إنّها قُبِلَت منهم فتكون نجاتهم من العذاب فقط، ولكن الثواب العظيم يكون من نصيب الذين إستجابوا لدعوة الحقّ.
ومن هنا يتّضح أنّ العبارة (ومثله معه) ليس المقصود منها أن يكون لهم ضعف ما في الأرض، بل أنّهم مهما ملكوا أكثر من ذلك فانّهم مستعدّون للتنازل عنه مقابل نجاتهم من العذاب. ودليله واضح، لأنّ الإنسان يطلب كلّ شيء لمنفعته، ولكن عندما يجد نفسه غارقاً في العذاب فما فائدة تملكه للدنيا كلّها؟
وعلى أثر هذا الشقاء (عدم قبول ما في الأرض مقابل نجاتهم) يشير القرآن الكريم إلى شقاء آخر (أُولئك لهم سوء الحساب).
فما هو المقصود من سوء الحساب؟
للمفسّرين آراء مختلفة حيث يعتقد البعض أنّه الحساب الدقيق بدون أي عفو أو مسامحة، فسوء الحساب ليس بمفهوم الظلم، لأنّ الله سبحانه وتعالى هو العدل المطلق، ويؤيّد هذا المعنى الحديث الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال لرجل: «يافلان مالك ولأخيك؟» قال: جعلت فداك كان لي عليه حقّ فأستقصيت منه حقّي إلى آخره، وعنده سماع الإمام لهذا الجواب غضب وجلس ثمّ قال: «كأنّك إذا استقصيت حقّك لم تسيء إليه! أرأيت ما حكى الله عزّوجلّ (ويخافون سوء الحساب) أتراهم يخافون الله أن يجور عليهم؟! لا والله ما خافوا إلاّ الإستقصاء
فسمّاه الله عزّوجلّ سوء الحساب، فمن إستقصى فقد أساءه»(1).
وقال البعض: المقصود من سوء الحساب، أنّه يلازم حسابهم التوبيخ والملامة وغيرها، فبالإضافة إلى خوفهم من العذاب يؤلمهم التوبيخ.
ويقول البعض الآخر: المقصود هو الجزاء الذي يسوؤهم، كما نقول: إنّ فلان حسابه نقي، أو لآخر: حسابه مظلم، وهذا يعني نتيجة حسابهم جيدة أو سيّئة، أو تقول: (ضع حسابه في يده) يعني حاسبه طبقاً لعمله.
هذه التفاسير الثلاثة غير متضادّة فيما بينها، ويمكن أن يستفاد منها في تفسير الآية، وهذا يعني أنّ هؤلاء الأفراد يحاسبون حساباً دقيقاً، وأثناء حسابهم يُوبّخون ويُلامون ومن ثمّ يستقصى منهم.
وفي نهاية الآية إشارة إلى الجزاء الثّالث أو النتيجة النهائية لجزائهم (ومأواهم جهنّم وبئس المهاد).
«المهاد» جمع مهد، بمعنى التهيؤ، ويستفاد منها معنى السرير الذي يستخدم لراحة الإنسان، هذا السرير يهيّأ للإستراحة، وقد ذكر القرآن الكريم هذه الكلمة للإشارة إلى أنّ هؤلاء الطغاة بدلا من أن يستريحوا في مهادهم يجب أن يحرقوا بلهيب النار.
* * *
يستفاد من الآيات القرآنية أنّ الناس في يوم القيامة ينقسمون إلى مجموعتين، فمجموعة يحاسبهم الله بيسر وسهولة وبغير تدقيق (فأمّا من اُوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً).(2)
1 ـ تفسير البرهان، المجلّد الثّاني، صفحة 288.
2 ـ الإنشقاق، 8.
وعلى العكس من ذلك هناك مجموعة يحاسبون بشدّة حتّى الذرّة والمثقال من الأعمال يحاسبون عليه، كما حدث لبعض البلاد التي كان أهلها من العاصين، (فحاسبناها حساباً شديداً وعذّبناها عذاباً نكراً).(1)
إنّ هذا الحساب الشديد هو نتيجة لما كان يقوم به هؤلاء في حياتهم من إستقصاء الآخرين حتّى الدينار الأخير، وإذا ما حدث خطأ من أحد فإنّهم يعاقبون بأشدّ ما يمكن، ولم يسامحوا أحداً حتّى أبناءهم وإخوانهم وأصدقائهم، وبما أنّ الآخرة إنعكاس لحياة الدنيا فإنّ الله سبحانه وتعالى يحاسبهم حساباً شديداً على أي عمل عملوه بدون أدنى سماح، وعلى العكس فهناك أشخاص سهلون ومسامحون ومن أهل العفو، خصوصاً في مقابل أصدقائهم وأقربائهم وذوي الحقوق عليهم أو الضعفاء، ويغضّون النظر عنهم وعن كثير من زلاّتهم الشخصيّة، وفي مقابل ذلك فإنّ الله سبحانه وتعالى يشملهم بعفوه ورحمته الواسعة ويحاسبهم حساباً يسيراً.
وهذا درس كبير لكلّ الناس وخصوصاً أُولئك الذين يتصدّرون الأُمور.
* * *
1 ـ الطلاق، 8.
أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الاَْلْبَبِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلاَ يَنقُضُونَ الْمِيثَقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَوةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّتُ عَدْن يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ ءَابَآئِهِمْ وَأَزْوَجِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَالْمَلَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَاب (23) سَلَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)
تتحدّث هذه الآيات عن سيرة اُولي الألباب وصفاتهم الحسنة، وفيها تكميل
للبحث السابق.
في الآية الأُولى من هذه المجموعة إستفهام إنكاري: (أفمن يعلم أنّما أنزل إليك من ربّك الحقّ كمن هو أعمى).
وهذا وصف رائع، فهو لم يقل: أفمن يعلم أنّ هذا القرآن على الحقّ كمن لا يعلم؟ بل قال: كمن هو أعمى؟ وهذه إشارة لطيفة إلى أنّه من المحال أن لا يعلم أحد بهذه الحقيقة إلاّ أن يكون أعمى القلب، فكيف يمكن لإنسان يمتلك عيناً سليمة ولا يرى نور الشمس، وهذا القرآن كالشمس. ولذلك يجيء في نهاية الآية قوله تعالى: (إنّما يتذكّر اُولو الألباب).
«الألباب» جمع لبّ بمعنى جوهر الشيء، ويقابل اُولي الألباب اُولو الجهل والعمى.
إنّ هذه الآية ـ وكما يذهب إليه بعض المفسّرين ـ تحثّ الناس على طلب العلم ومحاربة الجهل، لأنّها تعدّ الفرد الفاقد للعلم كمن هو أعمى. ثمّ بيّن سيرة اُولي الألباب من خلال ذكر صفاتهم الحميدة، وأوّل ما أشار القرآن إليه وفاؤهم بالعهد وعدم نقضهم له (والذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق).
إنّ «عهد الله» له معنى واسع، ويشمل العهود الفطرية التي عاهدوا بها ربّهم كالفطرة على التوحيد وحبّ الحقّ والعدالة، والمواثيق العقليّة التي يدركها الإنسان من خلال التفكير والتعقّل لعالم الوجود، والمبدأ والمعاد، وتشمل كذلك العهود الشرعيّة، وهي ما عاهدوا الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عليه من الطاعة للأوامر الإلهيّة وترك المعاصي والذنوب.
وتشمل هذه المجموعة كذلك الوفاء بالعهد بين الأفراد، لأنّ الله سبحانه وتعالى أوصى بها، بل تدخل ضمن الوفاء الشرعي والميثاق العقلي.
الصفة الثّانية من صفات أُولي الألباب هي (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل).
لا نجد صيغةً أوسع من هذه في هذا المجال، فالإنسان له صلات وروابط كثيرة، صلته مع ربّه، ومع الأنبياء والقادة، وروابطه مع الأصدقاء والجيران والأقرباء ومع كلّ الناس، والآية تأمر أن تُحترم هذه الصلات، وتنهى عن أي عمل يؤدّي إلى قطع هذه الصلات والروابط.
والإنسان في الحقيقة ليس منزوياً أو منفكّاً من عالم الوجود، بل تحكم كلّ وجوده الصلات والروابط، ومن جملة هذه الصلات:
1 ـ صلته بالله سبحانه وتعالى، والتي إذا ما قطعها الإنسان تؤدّي إلى هلاكه كما في إنطفاء نور المصباح في حالة قطع التيار الكهربائي عنه، وعلى هذا فإنّ هذه الصلة التكوينيّة بين الإنسان وربّه يجب أن تتبعها صلة بأوامره وأحكامه من حيث الطاعة والعبودية.
2 ـ صلته بالأنبياء والأئمّة (عليهم السلام) على أساس أنّهم قادة للبشرية وقطعها يؤدّي بالإنسان إلى الضلال والإنحراف.
3 ـ صلته بالمجتمع كافّة وخصوصاً بذوي الحقوق عليه أمثال الأب والاُمّ والأقرباء.
4 ـ صلته بنفسه، من حيث أنّه مأمور بحفظها وإصلاحها وتكاملها.
إنّ إقامة أي صلة من هذه الصلات، هي في الواقع مصداق للآية (يصلون ما أمر الله به أن يوصل) وقطعها قطع لما أمر الله به أن يوصل، لأنّ الله سبحانه وتعالى أمر بأن توصل ولا تقطع.
وبالإضافة إلى ما قلناه، فهناك أحاديث واردة بخصوص هذه الآية يتّضح منها أنّ المراد القرابة مرّة، ومرّة الإمامة أو آل الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومرّة أُخرى كلّ المؤمنين! فقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير الآية قال: «قرابتك» وعنه أيضاً (عليه السلام) قال: «نزلت في رحم آل محمّد وقد يكون في قرابتك»(1) ومن الطريف1 ـ نور الثقلين، ج2، صفحة 494.
أنّه (عليه السلام) يقول في نهاية الحديث: «فلا تكونن ممّن يقول للشيء أنّه في شيء واحد» وهذه الجملة إشارة واضحة إلى المعاني الواسعة للقرآن الكريم.
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث ثالث يقول: «هو صلة الإمام في كلّ سنة (أي بالمال) بما قلّ أو أكثر، ثمّ قال: وما اُريد بذلك إلاّ تزكيتكم»(1).
الصفة الثّالثة والرّابعة من سيرة اُولي الألباب هي قوله تعالى: (ويخشون ربّهم ويخافون سوء الحساب).
لمعرفة الفرق بين «الخشية» و «الخوف» المتقاربان في المعنى يقول البعض: «الخشية» هي حالة الخوف مع إحترام الطرف المقابل ومع العلم واليقين، ولذلك عدّها القرآن الكريم من خصوصيات العلماء حيث يقول: (إنّما يخشى الله من عباده العلماء).
ولكن بالنظر إلى إستخدام القرآن الكريم لكلمة الخشية مرّات كثيرة يتّضح لنا أنّها تأتي بمعنى الخوف وتستعمل معها بشكل مترادف.
هنا يُطرح هذا السؤال: إذا كان الخوف من الخالق هو نفس الخوف من حسابه، فما هو الفرق بين (يخشون ربّهم) و (يخافون سوء الحساب)؟
الجواب: إنّ الخوف من الله سبحانه وتعالى ليس ملزماً دائماً أن يكون خوفاً من حسابه وعقابه، بل إنّ العظمة الإلهيّة والإحساس بالعبوديّة له توجد حالة من الخوف في قلوب المؤمنين (بغضّ النظر عن الجزاء والعقاب)، والآية (28) من سورة فاطر قد تشير إلى هذا المعنى.
وهناك سؤال آخر يتعلّق بسوء الحساب، وهو: هل من الصحيح أنّ هناك ظلم في محاسبة الأفراد؟
وقد تقدّم الجواب على هذا السؤال قبل عدّة آيات من هذه الآية وقلنا أنّ المراد هو التدقيق الشديد في الحساب من دون عفو أو تسامح وذكرنا أيضاً
1 ـ المصدر السابق، صفحة 495.
حديثاً في هذا الصدد.
الصّفة الخامسة من صفات اُولي الألباب الإستقامة في مقابل جميع المشاكل التي يواجهها الإنسان في مسيرة الطاعة وترك المعصية، وجهاد الأعداء ومحاربة الظلم والفساد(1)، والصبر في مرضاة الخالق، ولذلك يقول تعالى: (والذين صبروا إبتغاء وجه ربّهم) لقد أشرنا مراراً إلى مفهوم الإستقامة التي هي المعنى الواسع للصبر.
أمّا معنى العبارة (وجه ربّهم) فقد تشير إلى أحد معنيين:
أوّلا: كلمة الوجه في هذه الموارد تعني العظمة، كما نقول للرأي الصائب والمهمّ «هذا وجه الرأي» بإعتبار أنّ الوجه يمثّل الشكل الظاهر والمهمّ للشيء، كما في وجه الإنسان الذي يعتبر أهمّ جزء من جسده، وفيه يقع السمع والبصر والنطق.
ثانياً: الوجه هنا بمعنى رضا الخالق، فهم يصبرون على المحن والمشاكل لجلب مرضاة الله، فإستعمال الوجه بهذا المعنى بسبب أنّ الإنسان عندما يريد أن يجلب رضا شخص يمعن النظر في وجهه (وعلى ذلك فهو يستعمل للكناية عن الشيء). وعلى أيّة حال فإنّ هذه الجملة تبيّن أنّ كلّ صبر وعمل خير تكون له قيمة عندما يصبح لوجه الله، وأيّ عمل آخر يقع تحت تأثير الرياء والغرور لا قيمة له مطلقاً.
يقول بعض المفسّرين: إنّ الإنسان يصبر مرّةً لكي يقول عنه الناس: إنّ هذا كثير الإستقامة. وأُخرى لخشيته أن يقولوا عنه أنّه قليل الصبر، أو يصبر حتّى لا يشمت به الأعداء، أو يعلم أن لا فائدة من الجزع .. كلّ هذه الأُمور والنيّات لا تدخل ضمن الكمال الإنساني إلاّ إذا كانت خالصة لوجه الله. فهو يصبر ويستقيم لأنّه يعلم أنّ أيّ فاجعة أو مصيبة لها حكمة ودليل، ولا يقول ما يسخط الربّ،
1 ـ ليس الصبر على الطاعة والمعصية والمصيبة فقط بل الصبر على النعم كذلك حتّى لا يصيب الإنسان الغرور.
فهذا الصبر هو المعني بقوله تعالى: (إبتغاء وجه الله).
الصفة السّادسة من صفاتهم هي (وأقاموا الصلاة). رغم أنّ إقامة الصلاة هي مصداق للوفاء بعهد الله وكذلك المصداق البارز لحفظ ما أمر الله به أن يوصل، ومصداق للصبر والإستقامة، ولكن هناك بعض مصاديق تلك المفاهيم الكلّية أكثر أهميّة في مصير الإنسان، فهذه الجملة والجمل التي ما بعدها تشير إلى ذلك.
أي شيء أهمّ من هذا؟! إنّ الإنسان يجدّد عهده وصلته بالله سبحانه وتعالى صباحاً ومساءاً، ويتفكّر بعظمة الخالق ويدعوه، ويُطهّر نفسه من الذنوب، ويرتبط بالحقّ المطلق، نعم .. فإنّ الصلاة لها كلّ هذه الآثار والبركات.
ثمّ يبيّن الصفة السّابعة لدعاة الحقّ حيث يقول تعالى: (وأنفقوا ممّا رزقناهم سرّاً وعلانية).
وهذه الآية ليست الوحيدة التي تشير إلى مسألة الإنفاق أو الزكاة بعد ذكر الصلاة، فكثير من الآيات تشير إلى هذا الترادف، فواحدة تُحكم الصلة بين العبد وربّه والثّانية بين العباد.
والجملة (ممّا رزقناهم) تشمل كلّ العطايا من الأموال والعلوم والقوّة والجاه، والإنفاق كذلك يشمل جميع هذه الأبعاد. والعبارة (سرّاً وعلانية) إشارة أُخرى إلى هذه الحقيقة وهي أنّ إنفاقهم يتمّ بشكل مدروس، فتارةً يكون سرّاً ويترتّب عليه أثر كبير، وذلك في الحالات التي توجب أن يحفظ فيها ماء الوجه للطرف الآخر أو تصون الطرف المنفق من الرياء، ومرّةً يكون الإنفاق العلني أكثر تأثيراً وذلك في الحالات التي تدعو الآخرين لكي يتأسّوا بهذا العمل الخيّر ويقتدوا به، فيكون سبباً لكثير من أعمال الخير.
ومن هنا يتّضح أنّ القرآن الكريم يدّقق في أعمال الخير بشكل كبير، ليس فقط في أصل العمل، بل حتّى في كيفيّة تنفيذه.
الصفة الثّامنة والأخيرة هي قوله تعالى: (ويدرئون بالحسنة السيّئة).
ومعنى هذه العبارة أنّهم لم يكتفوا بالتوبة والإستغفار فقط عند إرتكابهم الذنوب، بل يدفعونها كذلك بالحسنات على مقدار تلك الذنوب، حتّى يطهّروا أنفسهم والمجتمع بماء الحسنات.
«يدرئون» مضارع «درأ» على وزن «زرع» بمعنى دفع.
ويحتمل في تفسير الآية أنّهم لا يقابلون السيء بالسيء، بل يسعون من خلال إحسانهم للمسيئين أن يجعلوهم يعيدون النظر في مواقفهم، كما نقرأ في الآية (34)من سورة فصلت قوله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه ولي حميم).
وفي نفس الوقت ليس هناك مانع من أنّ الآية تشير إلى هذين المعنيين، كما أشارت إليها الأحاديث الإسلامية. ففي الحديث عن الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لمعاذ بن جبل: «إذا عملت سيّئة فاعمل بجنبها حسنة تمحها»(1).
وعن الإمام علي (عليه السلام) قال «عاتب أخاك بالإحسان إليه واردُد شرّه بالإنعام عليه»(2).
ولابدّ هنا من الإلتفات إلى هذه النقطة، وهي أنّ هذه الأحكام أخلاقية تخصّ الحالات التي يحصل فيها تأثير على الآخرين، وهناك قوانين وأحكام جزائية واردة في التشريع الإسلامي لمعاقبة المسيئين.
وبعد ما ذكر القرآن الكريم الصفات الثمانية لاُولي الألباب، أشار في نهاية الآية إلى عاقبة أمرهم حيث يقول تعالى: (أُولئك لهم عقبى الدار)(3).
الآية الاُخرى توضّح هذه العاقبة (جنّات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّياتهم).
1 ـ مجمع البيان ذيل الآية أعلاه.
2 ـ الكلمات القصار في نهج البلاغة، الكلمة 158.
3 ـ «العقبى» بمعنى العاقبة أو نهاية العمل خيراً كان أو شرّاً، ولكن بالنظر إلى قرينة الحال في الآية أعلاه تشير إلى العاقبة الحسنة.
والشيء الذي يكمل هذه النعم الكبيرة واللامتناهية (والملائكة يدخلون عليهم من كلّ باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) فهذه السلامة جاءت بعد ما صبرتم على الشدائد وتحمّلتم المسؤوليات الجسام والمصائب، ولكم هنا كامل الطمأنينة والأمان، فلا حرب ولا نزاع، وكلّ شيء يبتسم لكم، والراحة الخالية من المتاعب ـ هنا ـ معدّة لكم.
* * *
جملة (سلام عليكم بما صبرتم) تشير إلى مسألة الصبر فقط، في الوقت الذي نرى فيه الآيات السابقة أشارت إلى ثمانية صفات لاُولي الألباب، فما هو السرّ في ذلك؟
للإجابة على هذا الإستفهام نورد ما جاء عن الإمام علي (عليه السلام) في حديث قيّم وذي مغزى كبير، حيث قال: «إنّ الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس معه، ولا في إيمان لا صبر معه».
في الحقيقة إنّ كلّ الأفعال الحيّة والصفات الحميدة للأفراد والمجتمعات تستند إلى الصبر والإستقامة، وبدونها لا يمكن أن نحصل على أي شيء من هذه الصفات، لأنّ في مسيرة عمل الخير عقبات وموانع لا يمكن أن ننتصر عليها إلاّ بالإستقامة، فلا الوفاء بالعهد يمكن تنفيذه بدون الصبر والإستقامة ولا الصلات الإلهيّة، ولا الخوف من الله، ولا إقامة الصلاة ولا الإنفاق يمكن بلوغها بغير الصبر والإستقامة.
يستفاد من آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة أنّ للجنّة عدّة أبواب، ولكن هذا التعدّد للأبواب ليس لكثرة الداخلين إلى الجنّة فيضيق عليهم الباب الواحد، وليس كذلك للتفاوت الطبقي حتّى تدخل كلّ مجموعة من باب، ولا لبعد المسافة أو قربها، ولا لجمال الأبواب وكثرتها، فأبواب الجنّة ليست كأبواب القصور والبساتين في الدنيا، بل تعدّدت هذه الأبواب بسبب الأعمال المختلفة للأفراد. ولذا نقرأ في بعض الأخبار أنّ للأبواب أسماء مختلفة، فهناك باب يسمّى باب المجاهدين، والمجاهدون يدخلون بسلاحهم من ذلك الباب إلى الجنّة، والملائكة تحييهم(1)!
وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) «واعلموا أنّ للجنّة ثمانية أبواب، عرض كلّ باب مسيرة أربعين سنة»(2).
ومن الظريف أنّ القرآن الكريم يذكر لجهنّم سبعة أبواب (لها سبعة أبواب)(3) وطبقاً للرّوايات فإنّ للجنّة ثمانية أبواب، وهذه إشارة واضحة إلى أنّ طرق الوصول إلى السعادة وجنّة الخلد أكثر من طرق الوصول إلى الشقاء والجحيم. ورحمة الله سبقت غضبه «يامن سبقت رحمته غضبه».
ومن ألطف ما في الأمر أنّ الآيات السابقة أشارت إلى ثمان صفات من صفات أُولي الألباب، وكلّ واحدة منها ـ في الواقع ـ هي باب من أبواب الجنّة وطريق للوصول إلى السعادة الأبدية.
1 ـ منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، المجلّد الثّالث، ص995.
2 ـ الخصال للصدوق، الباب الثاني.
3 ـ الحجر، 44.
الآية أعلاه وآيات أُخرى من القرآن الكريم تصرّح أنّ من بين أهل الجنّة آباؤهم وأزواجهم وأبناؤهم الصالحون، وهذا إنّما هو لإتمام النعمة عليهم، وكي لا يشعروا بفراق أحبّائهم، وبما أنّ تلك الدار متكاملة وكلّ شيء يتجدّد فيها، فإنّ أصحابها يدخلون فيها بوجوه جديدة وأكثر محبّة وإلفة. المحبّة التي تضاعف من نعم الجنّة لهم.
لا شكّ أنّ الآية أعلاه أشارت إلى الآباء والأزواج والأبناء، ولكن في الواقع كلّ الأقرباء سيجتمعون هناك، لأنّه من غير الممكن وجود الأبناء والآباء بدون إخوانهم وأخواتهم .. وحتّى جميع أقربائهم، فالأب الصالح يلحق به أبناؤه وإخوته، وعلى هذا الأساس يكون حضور الأقرباء معهم بشكل طبيعي.
«العدن» الإستقرار، وهنا جاءت الكلمة بمعنى الخلود، ومنه المعدن لمستقرّ العناصر الفلزية. ويستفاد من مختلف آيات القرآن أنّ الجنّة دار خلود لأهلها، ولكن ـ كما قلنا في ذيل الآية (72) من سورة التوبة ـ جنّات عدن هي محلّ خاص في الجنّة، ولها صفات ومنازل عالية، ولا يدخلها إلاّ ثلاثة: الأنبياء والصدّيقون والشهداء(1).
ممّا لا شكّ فيه أنّ الحسنات والسيئات لها أثر متقابل في النفس ونحن نرى في حياتنا اليوميّة كثيراً من النماذج بخصوص هذا الموضوع، فمرّةً يتحمّل الإنسان مشاق سنين كثيرة ويسعى للحصول على الثروة، ولكن يفقدها بعمل
1 ـ للتوضيح أكثر راجع ما ذكر ذيل الآية (72) من سورة التوبة.
بسيط ناتج عن اللامبالاة، أو ليس هذا إحباطاً للحسنات المادية. ومرّةً أُخرى على العكس حيث يرتكب الإنسان كثيراً من الأخطاء في حياته ويتحمّل الخسارة الكبيرة، ولكن يسترجعها من خلال عمل شجاع ومحسوب.
والآية (ويدرئون بالحسنة السيّئة) إشارة إلى هذا الموضوع، لأنّ الإنسان غير معصوم، وهو معرّض للخطأ والمعصية، فعليه أن يفكّر بإصلاح ما فسد، فأعمال الخير لا تمحو الآثار الإجتماعية للذنوب، بل كذلك تمحو من قلبه الظلمة وتعيده إلى النّور والصفاء الفطري. وهذه الحالة تسمّى في القرآن الكريم بـ«التكفير» (كما تقدّم في ذيل الآية 217 من تفسير سورة البقرة إشارات كثيرة في هذا المجال).
ولكن كما قلنا ـ في تفسير الآية أعلاه ـ يمكن أن تكون إشارة إلى الفضيلة الأخلاقية لاُولي الألباب، وذلك أنّهم لا يواجهون السيّئة بالسيّئة، بل العكس يقابلون الإنتقام بالإحسان والسيّئة بالحسنة.
* * *
وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى الاَْرْضِ أُوْلئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَوةُ الدُّنْيَا فِي الاَْخِرَةِ إِلاَّ مَتَعٌ(26)
بعد ما ذكرت الآيات السابقة صفات اُولي الألباب ودعاة الحقّ، أشارت هذه الآيات إلى قسم من الصفات الأصليّة للمفسدين الذين فقدوا حظّهم من العلم والمعرفة حيث يقول جلّ وعلا: (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أُولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار).
في الحقيقة يتلخّص فساد عقيدتهم في الجمل الثلاث الآتية:
1 ـ نقض العهود الإلهيّة: وتشمل المواثيق الفطرية والعقليّة والتشريعيّة.
2 ـ قطع الصلات: وتشمل الصلة مع الله والرسل والناس ومع أنفسهم.
3 ـ الإفساد في الأرض: وهو نتيجة حتمية لنقض العهود وقطع الصلات.
أو ليس المفسد هو الذي ينقض عهد الله ويقطع الصلات؟!
فهذا السعي من قبل هذه المجموعة من الأفراد بهدف الوصول إلى الأغراض المادّية، وعوضاً أن تصل بهم هذه الجهود المبذولة إلى الأهداف النّبيلة تُبعدهم عنها، لأنّ اللعن هو عبارة عن الإبتعاد من رحمة الله(1).
ومن الظريف أنّ الدار هنا وفي الآية السابقة جاءت بصيغة مطلقة، وهذه إشارة إلى أنّ الدار الحقيقيّة هي الدار الآخرة، وأي دار ما عداها فانية وزائلة.
قوله تعالى: (الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) وهذه إشارة لاُولئك الذين يسعون للحصول على دخل أكثر فهم يفسدون في الأرض وينقضون عهد الله ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل لكي يزيدوا من دخلهم المادّي، وهم غافلون عن هذه الحقيقة وهي أنّ الرزق ـ في زيادته ونقصه ـ بيد الله سبحانه وتعالى.
وبالإضافة إلى ذلك يمكن أن تكون هذه الجملة جواباً على سؤال مقدّر، وهو: كيف أنّ الله سبحانه وتعالى يرزق كلّ هؤلاء الناس الصالح منهم والطالح من فيض كرمه.
والآية تجيب على هذا السؤال وتقول: (الله يبسط الرزق لمن يشاء) ومع ذلك فهو متاع قليل وزائل، وما ينبغي السعي إليه هو الآخرة والسعادة الأبديّة.
وعلى أيّة حال فإنّ المشيئة الإلهيّة في مجال الرزق هي أنّ الله سبحانه وتعالى لا يبسط الرزق لأحد بدون الإستفادة من الأسباب الطبيعيّة له «أبى الله أن يجري الأُمور إلاّ بأسبابها».
1 ـ يقول الراغب في مفرداته: اللعن بمعنى الطرد مع الغضب، واللعن في الآخرة تشير إلى العقوبة وفي الدنيا الإبتعاد من رحمة الله، وإذا كان من قبل الناس فمعناه دعاء السوء.
ثمّ تضيف الآية (وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلاّ متاع).
وقد ذكر «متاع» بصيغة النكرة لبيان تفاهة الدنيا بالمقارنة مع الآخرة.
* * *
الفساد يقابله الإصلاح، ويطلق على كلّ عمل تخريبي، ويقول الراغب في مفرداته: «الفساد خروج الشيء عن الإعتدال قليلا كان أو كثيراً، ويضادّه الصلاح، ويستعمل ذلك في النفس والبدن والأشياء الخارجة عن الإستقامة» وعلى ذلك فكلّ عمل فيه نقص، وكلّ إفراط وتفريط في المسائل الفردية والإجتماعية هو مصداق للفساد!
وفي كثير من موارد القرآن الكريم ذكر الفساد في مقابل الإصلاح (الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون)(1)، وقوله تعالى: (والله يعلم المفسد من المصلح)،(2) وقوله تعالى: (واصلح ولا تتبّع سبيل المفسدين)(3).
كما ذكر الإيمان والعمل الصالح في مقابل الفساد، وحيث يقول جلّ وعلا (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض).(4)
ومن جانب آخر ذكر الفساد، مع كلمة «في الأرض» في كثير من آيات القرآن الكريم نحو عشرين آية ونيّف، وهي توضّح الجوانب الإجتماعية للمسألة.
1 ـ الشعراء، 152.
2 ـ البقرة، 220.
3 ـ الأعراف، 142.
4 ـ سورة ص، 28.
ومن جانب ثالث ذكر الفساد والإفساد مع ذنوب أُخرى، ويحتمل أن يكون مصداقاً لها، وبعض هذه الذنوب كبيرة وبعضها الآخر أصغر فمثلا قوله تعالى: (إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً)،(1) وقوله تعالى (وإذا تولّى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث و(2)النسل)، وقوله تعالى: (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض)،(3) وقوله تعالى: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً).(4)
![]() |
![]() |
![]() |