![]() |
![]() |
![]() |
ومثل هؤلاء الأشخاص ليس لهم عاقبة سوى دخول النّار (وأُولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون).
وفي الآية الثانية يشير إلى دعوى أُخرى للمشركين حيث يقول: (ويستعجلونك بالسيّئة قبل الحسنة) بدلا من طلب الرحمة ببركة وجودك بينهم.
لماذا يصرّ هؤلاء القوم على الجهل والعناد؟ لماذا لم يقولوا: لو كنت صادقاً لأنزلت علينا رحمة الله، أو لرفعت العذاب عنّا!؟
وهل يعتقدون بكذب العقوبات الإلهيّة؟ (وقد خلت من قبلهم المثلات)(1).
ثمّ تضيف الآية (وإنّ ربّك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد
1 ـ المثلات جمع «مثلة» بفتح الميم وضمّ الثاء ومعناها العقوبات النازلة على الاُمم الماضية.
العقاب). إنّ العذاب الشديد غير مخالف لرحمته الواسعة، كما لا يتوهّم أحداً أنّ رحمته العامّة هي إعطاء الفرصة للظالمين أن يفعلوا ما يريدون. لأنّه في هذه الموارد يكون شديد العقاب، والحصول على نتائج هذه الصفتين للربّ يعني (ذو مغفرة) و (شديد العقاب) مرهونٌ بسلوك الإنسان نفسه.
* * *
يستفاد من خلال آيات متعدّدة في القرآن الكريم أنّ من جملة مشاكل الأنبياء مع المشركين إثبات «المعاد الجسماني» لأنّهم كانوا يتعجّبون دائماً من هذا الموضوع وهو: كيف يبعث الإنسان من جديد بعد أن صار تُراباً؟ كما أشارت إليه الآية السابقة (أءِذا كنّا تراباً أءِنّا لفي خلق جديد) وهناك سبع آيات أُخرى تشير إلى هذا الموضوع (الآية 35 و 82 من سورة المؤمنون ـ 27 النمل ـ 16 و53 الصافات ـ 3ق ـ 47 الواقعة).
ومن هنا يتّضح أنّ هذا التساؤل كان مهمّاً بالنسبة إليهم حيث كانوا يكرّرونه في كلّ فرصة، ولكن القرآن الكريم يجيبهم بعبارات قصيرة وقاطعة، فمثلا الآية (29) من سورة الأعراف: (كما بدأكم تعودون) تتكوّن من كلمات قليلة ولكنّها مفحمة لهم، وفي مكان آخر يقول تعالى: (وهو أهون عليه) لأنّكم في الخلق الأوّل لم تكونوا شيئاً أمّا الآن فتوجد على الأقل عظام نخرة مع التراب المتبّقي منكم.
وفي بعض الأحيان يأخذ بأيدي الناس ويدعوهم إلى التفكّر والإمعان في عظمة وقدرة الخالق (أو ليس الذي خلق السّماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم).
قرأنا في الآيات المتقدّمة أنّ الله يعفو ويغفر للذين ظلموا، وهذا الغفران غير لازم لمن يصرّ على ظلمه، ولكنّه من باب إعطاء الفرصة لهم لأن يصلحوا أنفسهم، وإلاّ فهو تعالى شديد العقاب.
ويمكن أن نستفيد من هذه الآية أنّ الذنوب الكبيرة ـ ومن جملتها الظلم ـ قابلة للغفران (ولكن بتحقّق شروطها)، وهو ردّ على قول المعتزلة بأنّ الذنوب الكبيرة لا يغفرها الله أبداً.
وعلى أيّة حال فـ«المغفرة الواسعة» و «العقاب الشديد» في الواقع تجعل كل المعترفين بوجود الله بين «الخوف» و «الرجاء» الذي يعتبر من العوامل المهمّة لتربية الإنسان، فلا ييأس من رحمة الله لكثرة الذنوب، ولا يأمن من العذاب لقلّتها.
ولهذا جاء في الحديث عن الرّسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) «لولا عفو الله وتجاوزه ما هنىء أحد العيش، ولولا وعيد الله وعقابه لأتّكل كلّ واحد»(1).
ومن هنا يتّضح أنّ الذين يقولون ـ أثناء إرتكابهم المعاصي ـ إنّ الله كريم، يكذبون في إتّكالهم على كرم الله، فهم في الواقع يستهزؤون بعقاب الله.
* * *
1 ـ مجمع البيان، المجلد 5 و 6، ص278 ـ تفسير القرطبي، المجلّد السادس، ص3514.
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد (7)
بعد ما أشرنا في الآيات السابقة إلى مسألة «التوحيد» و «المعاد»، تتطرّق هذه الآية إلى واحدة من إعتراضات المشركين المعاندين حول مسألة النبوّة: (ويقول الذين كفروا لولا أُنزل عليه آية من ربّه).
ومن الواضح أنّ إحدى وظائف النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إظهار معاجزه لكي يدلّ على صدقه وصلته بالوحي الإلهي، والذي يبحث عن الحقيقة له الحقّ في المطالبة بالمعجزة أثناء شكّه وتردّده في تصديق الدعوة، أو تتّضح له دلائل النبوّة عن طريق آخر.
ولكن يجب أن نلتفت إلى هذه النقطة وهي: إنّ أعداء الأنبياء لم يكن لديهم حُسن نيّة أو اتّباع للحقّ عند طلبهم المعجزة، بل لعنادهم وعدم تسليمهم للأمر الواقع ولذلك كانوا يقترحون بين فترة وأُخرى معاجز عجيبة وغريبة. وهذه ما
يسمّى بـ «المعجزات الأخلاقية».
إقتراحهم للمعاجز لم يكن لكشف الحقيقة، ولهذا لم يستجب الأنبياء لمطاليبهم، وفي الحقيقة كانت هذه الفئة من الكفّار المعاندين يعتقدون أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يدّعي القدرة على إنجاز أي عمل خارق للعادة، وأيّ واحد منهم يقترح عليه إنجاز عمل ما سوف يُلبّي مطاليبه.
ولكن الأنبياء كانوا يقولون لهم الحقيقة وهي أنّ المعاجز بيد الله، ورسالتنا هداية الناس.
ولذلك نقرأ في تكملة الآية قوله تعالى: (إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد).
* * *
هنا يرد سؤالان:
كيف يمكن لجملة (إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد) أن تكون جواباً للكفّار عند طلبهم المعجزة؟
الجواب: بالإضافة إلى ما قلناه سابقاً فإنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليست له القدرة الغيبية المطلقة كي يطلبوا منه الإعجاز، لأنّ الوظيفة الأُولى له هي إنذار أُولئك الذين يسيرون في طريق الضلال، والدعوة إلى الصراط المستقيم، وإذا ما إحتاجت هذه الدعوة إلى المعجزة فسوف يأتي بها النّبي، ولكن لا يأتي بها للمعاندين البعيدين عن هذه المسيرة.
فمعنى الآية: إنّ الكفّار نسوا أنّ هدف الأنبياء الإنذار والدعوة إلى الله، واعتقدوا أنّ وظيفتهم القيام بالمعاجز.
قال بعض المفسّرين: إنّ هاتين الصفتين (منذر) و (هاد) صفتان للرسول، فأصل الجملة تكون (أنت منذر وهاد لكلّ قوم).
ولكن هذا التّفسير خلاف الظاهر، لأنّ الواو في جملة (ولكلّ قوم هاد)تفصل بين جملة (إنّما أنت منذر) ولو كانت كلمة «هاد» قبل «لكلّ قوم» كان المعنى السابق صحيحاً. ولكن الأمر ليس كذلك.
والشيء الآخر هو أنّ هدف الآية بيان أنّ هناك قسمين من الدعوة إلى الله: أحدهما أن يكون عمل الداعي هو الإنذار فقط. والآخر: أن يكون العمل هو الهداية.
وسوف تسألون حتماً: ما هو وجه التفاوت بين (الإنذار) و (الهداية)؟ نقول في جواب هذا السؤال: إنّ الإنذار للذين أضلّوا الطريق ودعوتهم تكون إلى الصراط المستقيم، ولكن الهداية والإستقامة للذين آمنوا.
وفي الحقيقة إنّ المنذر مثل العلّة المحدثة، أمّا الهادي فبمنزلة العلّة الباقية وهذه هي التي تعبّر عنها بالرّسول والإمام، فالرّسول يقوم بتأسيس الشريعة والإمام يقوم بحفظها وحراستها. (ليس من شكّ أنّ الهداية في آيات أُخرى مطلقة للرسول، ولكن بقرينة المنذر في هذه الآية نفهم أنّ المقصود من الهادي هو الشخص الحافظ والحامي للشريعة).
هناك روايات عديدة تؤكّد ما قلناه سابقاً، فقد قال الرّسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم): «أنا المنذر وعلي الهادي».
ولا بأس أن نشير إلى عدّة من هذه الرّوايات :
1 ـ في ذيل هذه الآية من تفسير الفخر الرازي مرفوعاً عن ابن عبّاس قال: وضع رسول الله يده على صدره فقال: «أنا المنذر» ثمّ أومأ إلى منكب علي (عليه السلام)وقال: (أنت الهادي بك يهتدي المهتدون من بعدي) هذه الرّواية ذكرها العلاّمة
«ابن كثير» في تفسيره، والعلاّمة «ابن الصبّاغ المالكي» في الفصول المهمّة، و «الكنجي» الشافعي في كفاية الطالب و «الطبري» في تفسيره، و «أبو حيّان الأندلسي» في تفسيره البحر المحيط، وكذلك «العلاّمة النيسابوري» في تفسيره الكشّاف، وعدد آخر من المفسّرين.
2 ـ نقل «الحمويني» وهو من علماء أهل السنّة المعروفين في كتابه فرائد السمطين عن أبو هريرة قال «إن المراد بالهادي علي (عليه السلام)».
3 ـ «مير غياث الدين» مؤلّف كتاب (حبيب السيّد) كتب يقول في المجلّد الثّاني صفحة 12: «قد ثبت بطرق متعدّدة أنّه لمّا نزل قوله تعالى: (إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد) قال لعلي: «أنا المنذر وأنت الهادي بك ياعلي يهتدي المهتدون من بعدي».
كما نقل هذا الحديث «الآلوسي» في (روح المعاني) و «الشبلنجي» في (نور الأبصار) والشيخ «سليمان القندوزي» في (ينابيع المودّة).
وبما أنّ أكثر هذه الرّوايات مسنده إلى ابن عبّاس فإنّه لم يكن الشخص الوحيد الذي روى ذلك، فأبو هريرة نقل ذلك فيما ذكره الحمويني، وحتّى علي نفسه ـ طبقاً لما نقله الثعلبي ـ قد قال: «المنذر النّبي والهادي رجل من بني هاشم» يعني نفسه(1).
لا شكّ أنّ هذه الأحاديث لا تصرّح بالخلافة، ولكن بالنظر إلى ما تحتويه هذه الكلمة (الهداية) من المعنى الواسع، فإنّها غير منحصرة بعلي (عليه السلام) بل تشمل جميع العلماء وأصحاب الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين كانوا يقومون بنفس المهمّة، فإنّه يتّضح لنا تخصيص علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هذه الرّوايات بهذا العنوان يدلّ على انّه المصداق البارز له، وذلك لما يمتاز به من الخصوصيات، وهذا المطلب لا يكون منفصلا عن خلافة الرّسول (صلى الله عليه وآله) حتماً.
* * *
1 ـ للمزيد من الإطلاع راجع كتاب إحقاق الحقّ، المجلّد الثّالث، ص87 وما بعدها.
اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الاَْرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَىء عِندَهُ بِمِقْدَار (8) علِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَدَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْف بِالَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)
نقرأ في هذه الآيات قسماً من صفات الخالق، والتي تكمل بحث التوحيد والمعاد، فالحديث عن علمه الواسع ومعرفته بكلّ شيء، هو ذاك العلم الذي يقوم عليه نظام التكوين وعجائب الخلقة وآيات التوحيد، وهو العلم الذي يكون أساساً للمعاد والعدالة الإلهيّة يوم القيامة وهذه الآيات إستندت إلى هذين القسمين: (العلم بنظام التكوين، والعلم بأعمال العباد).
تقول الآية أوّلا: (الله يعلم ما تحمل كلّ اُنثى) في رحمها، سواء من اُنثى الإنسان أو الحيوان (وما تغيض الأرحام) أي تنقص قبل موعدها المقرّر (وما
تزداد)(1) أي يعلم بما تزيد عن موعدها المقرّر.
يعتقد البعض ـ أنّها تشير ـ كما ذكرنا آنفاً ـ إلى وقت الولادة، وهي على ثلاثة أنواع: فمرّة يولد المولود قبل موعده. ومرّة في موعده، وأُخرى بعد الموعد المقرّر. فالله يعلم كلّ ذلك ويعلم لحظة الولادة بالتحديد، وهذه من الأُمور التي لا يستطيع أي أحد أو جهاز أن يحدّد موعده، وهذا العلم خاص بذات الله المنزّهة، وسببه واضح لأنّ إستعدادات الأرحام والأجنّة مختلفة، ولا أحد يعلم بهذا التفاوت.
وقال بعض آخر: إنّها تشير إلى ثلاث حالات مختلفة للرحم أيّام الحمل، فالجملة الأُولى تشير إلى نفس الجنين الذي تحفظه، والجملة الثانية تشير إلى دم الحيض الذي يُنصب في الرحم ويمصّه الجنين، والجملة الثالثة إشارة إلى الدم الإضافي الذي يخرج أثناء الحمل أحياناً، أو دم النفاس أثناء الولادة(2).
وهناك عدّة إحتمالات أُخرى في تفسير هذه الآية دون أن تكون متناقضة فيما بينها، ويمكن أن يكون مراد الآية إشارةً إلى مجموع هذه التفاسير، ولكن الظاهر أنّ التّفسير الأوّل أقرب، بدليل جملة (تحمل) المقصود منها الجنين والجمل (تغيض) و (تزداد) بقرينة الجملة السابقة تشير إلى الزيادة والنقصان في فترات الحمل.
روى الشيخ الكليني في الكافي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أو الإمام الباقر (عليه السلام)
1 ـ «تغيض» أصلها الغيض بمعنى إبتلاع السائل وهبوط مستوى الماء. وتأتي بمعنى النقصان والفساد، و «الغيضة» المكان الذي يقف فيه الماء فيبتلعه، و «ليلة غائضة» أي مظلمة.
2 ـ يقول صاحب الميزان مؤيّداً هذا الرأي: إنّ بعض روايات أئمّة أهل البيت يؤيّد هذا الرأي. وابن عبّاس ممّن يؤيّد هذا الرأي أيضاً، ولكن بالنظر إلى الرّوايات المنقولة في تفسير نور الثقلين في ذيل الآية فانّ أكثرها يؤيّد ما قلناه في الرأي الأوّل.
في تفسير الآية أنّ «الغيض كلّ حمل دون تسعة أشهر، وما تزداد كلّ شيء حمل على تسعة أشهر». وفي تكملة الحديث يقول: «كلّما رأت المرأة الدم الخالص في حملها فإنّها تزداد وبعدد الأيّام التي زاد فيها في حملها من الدم»(1).
(وكلّ شيء عنده بمقدار) ولكي لا يتصوّر أحد أنّ هذه الزيادة والنقصان بدون حساب ودليل، بل انّ كلّ ساعة وثانية ولحظة لا تمرّ دون حساب، كما أنّ للجنين ودم الرحم حساب وكتاب أيضاً. فالآية التي بعدها تؤكّد ما قلناه في الآية السابقة حيث تقول: (عالم الغيب والشهادة) فعلمه بالغيب والشهادة لهذا السبب (الكبير المتعال) فهو يحيط بكلّ شيء، ولا يخفى عنه شيء.
ولتكميل هذا البحث وتأكيد علمه المطلق يضيف القرآن الكريم: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار)(2)وهذا هو الحقّ فالذي يوجد في كلّ مكان لا معنى للغيب والشهادة أو الليل والنهار عنده، فهو محيط بها وعالم بأخبارها بشكل متساو.
* * *
أشار القرآن المجيد مراراً إلى مسألة الجنين وعجائب تكوينه ليكون أحد الأدلّة على التوحيد ومعرفة الله وعلمه المطلق، وبالطبع فإنّ علم الأجنّة واحد من العلوم الحديثة وكان سابقاً عبارة عن معلومات أوّليّة محدودة ثمّ توسعت في هذا العصر. ولكن بتقدّم العلم والمعرفة حدثت قفزة في هذا المجال كشفت عن
1 ـ نور الثقلين، ج2، صفحة 485.
2 ـ «سارب» من سرَبَ على وزن ضرر، بمعنى الماء الجاري، ويقال للشخص الذاهب إلى عمل أيضاً.
كثير من أسرار هذا العالم الساكن والهادىء وعن كثير من عجائبه بحيث نستطيع أن نقول: إنّ أكبر درس للتوحيد ومعرفة الله كامنٌ في تكوين الجنين ومراحل تكامله.
فمن هذا الذي يرعى هذا الكائن المخفي وبتعبير القرآن واقع «في ظلمات ثلاث» الذي يمتاز بالظرافة ودقّة التكوين وأن يوصل له المقدار اللازم من الغذاء ويرشده مراحل حياته؟
وعندما تقول الآية السابقة: (الله يعلم ما تحمل كلّ اُنثى) فليس المقصود من علمه بالذكر والاُنثى فقط، بل بكلّ خصائصه والطاقة الكامنة فيه، هذه الأشياء لا يستطيع أحد وبأي وسيلة أن يتعرّف عليها، وعلى هذا فإنّ وجود هذا النظام الدقيق والمعقّد للجنين ومراحل تكامله لا يمكن أن يكون بدون صانع عالم وقدير.
نحن نقرأ في آيات مختلفة من القرآن الكريم أنّ كلّ شيء له حدّ محدود ولا يتجاوزه، ففي الآية (3) من سورة الطلاق يقول تعالى: (قد جعل الله لكلّ شيء قدراً)وفي الآية 21 سورة الحجر يقول تعالى: (وإن من شيء إلاّ عندنا خزائنه وما ننزله إلاّ بقدر معلوم) والآية التي نحن بصددها (وكلّ شيء عنده بمقدار).
كلّ هذه تشير إلى أنّه ليس هناك شيء في العالم بدون حساب، حتّى الموجودات في الطبيعة التي نعتبرها في بعض الأحيان غير مهمّة، فإنّ وجودها على أساس حساب دقيق، علمنا بذلك أم لم نعلم، وأساساً فإنّ معنى حكمة الله هو أن يجعل لكلّ ما في الكون حدّاً ومقداراً ونظاماً.
وكلّ ما حصلناه اليوم من أسرار الكون بواسطة العلوم يؤكّد هذه الحقيقة، فمثلا نرى أنّ دم الإنسان ـ الذي هو المادّة الحياتية لوجود الإنسان والذي يقوم
بنقل المواد الضروريّة اللازمة لخلايا الجسم ـ يتركّب من عشرين مادّة أو أكثر، وبنسب ثابتة دقيقة بحيث لو تمّ أي تغيير فيها لتعرّضت سلامة الإنسان للخطر، ولهذا السبب ولمعرفة النقص الحاصل في الجسم يقومون بتحليل الدم وقياس نسبة السكر والدهن وسائر مركّبات الدم الأُخرى، ويتمّ تشخيص العلّة بواسطة معرفة زيادة أو نقصان هذه النسب، وليس دم الإنسان وحده له هذه الميزة، بل كلّ ما في الوجود له نفس هذه الدقّة في النظام.
ولابدّ هنا من التنبيه على أنّ ما يظهر لنا في بعض الأحيان من عدم النظام في عالم الوجود هو في الواقع ناتج من قصور في علومنا ومعرفتنا، فالإنسان الذي يؤمن بالله لا يمكن أن يتصوّر ذلك، وبتطوّر العلوم تتأكّد لنا هذه الحقيقة.
وكي نستطيع أن نتعلّم هذا الدرس وهو أنّ المجتمع الإنساني الذي هو جزء من عالم الوجود إذا أراد له العيش بسلام، فعليه أن يجعل شعار (كلّ شيء عنده بمقدار) يسود جميع جوانبه، ويجتنب الإفراط والتفريط في أعماله وتخضع جميع مؤسساته الإجتماعية للحساب والموازين.
إستندت هذه الآيات إلى أنّ الغيب والشهادة معلومان عند الله، فهما مفهومان نسبيان وتستخدمان للكائن الذي علمه ووجوده محدود، وعلى سبيل المثال نحن نمتلك حواساً ذات مدى نسبي، فمتى ما كان الشيء داخلا في هذا المدى فهو شاهد بالنسبة لنا، وما كان خارجاً عنه فهو غيب، فلو فرضنا أنّ أبصارنا لها قدرة غير محدودة ويمكنها النفوذ في باطن الأشياء وإدراكها، فإنّ كلّ شيء يعتبر شاهد عندنا.
وبما أنّ كلّ شيء له حدّ محدود غير الذات الإلهيّة، فإنّ لغير الله تعالى غيب وشهادة، ولأنّ ذات الله غير محدودة ووجوده عام ومطلق فإنّ كلّ شيء بالنسبة
إليه شهادة، ولا معنى للغيب بالنسبة إليه، وإذا ما قلنا ـ إنّ الله عالم الغيب والشهادة فهو ما نعتبره نحن غيب وشهادة، أمّا هو فهما عنده سواء. لنفترض أنّنا ننظر ما في أيدينا في النهار، فهل نجهل ما فيها؟! جميع الكون في مقابل علم الله أوضح من هذا وأظهر.
أثناء قراءتنا للآيات الماضية التي تقول: إنّ الله يعلم السرّ والجهر من القول وحركاتكم في الليل والنهار وكلّها مشهودة عنده، هل نجد في أنفسنا إيماناً بهذه الحقيقة؟.. لو كنّا مؤمنين بذلك حقّاً ونشعر بأنّ الله تعالى مطّلع علينا فانّ هذا الإيمان والإحساس الباطني يبعث على تغيير عميق في روحنا وفكرنا وقولنا وضمائرنا؟.
نقل عن الإمام الصادق (عليه السلام) في جوابه لمن سأله عن طريقتهم في الحياة قال: «علمت إنّ الله مطلع عليّ فاستحييت».
كما نشاهد كثيراً من المواقف من تأريخ المسلمين وحياتهم تتجلّى فيها هذه الحقيقة، يقال: دخل أب وإبنه في بستان، فتسلّق الأب شجرةً ليقطف ثمارها دون إذن صاحبها، بينما بقي الإبن أسفل الشجرة لمراقبة الأوضاع. وفجأة صاح الابن الذي كان مؤمناً ومتعلّماً ونادى أباه بأن ينزل بسرعة، عندها خاف الأب ونزل فوراً وسأل من الذي رآني؟ قال: الذي هو فوقنا، فنظر الأب إلى الأعلى فلم يجد أحداً، وسأل من الذي رآني؟ قال: الذي هو فوقنا، فنظر الأب إلى الأعلى فلم يجد أحداً، فقال الابن: كان قصدي هو الله المحيط بنا جميعاً، كيف يمكن أن تخاف أن يراك الإنسان، ولا تخاف أن يراك الله؟! أين الإيمان؟!
* * *
لَهُ مُعَقِّبَتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْم حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْم سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَال (11)
علمنا في الآيات السابقة أنّ الله بما أنّه عالم الغيب والشهادة فإنّه يعلم أسرار الناس وخفاياهم، وتضيف هذه الآية أنّه مع حفظ وحراسة الله لعبادة فإنّ (له معقّبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله)(1).
ولكي لا يتصوّر أحد أنّ هذا الحفظ بدون شروط وينغمِسُ في المزلاّت، أو يرتكب الذنوب الموجبة للعقاب، ومع كلّ ذلك ينتظر من الله أو الملائكة أن يحفظوه، يعلّل القرآن ذلك بقوله: (إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما
1 ـ هناك حديث بين المفسّرين في أنّ الضمير (له) لمن يعود، وكما تشير الآية فإنّه يعود للإنسان كما تؤكّد عليه الآيات السابقة، ولكن بعضهم قال: يعود للنبي أو لله. وهذا يخالف ما جاء في ذيل الآية [فتأمّل].
بأنفسهم).
وكي لا يتبادر إلى الأذهان أنّه مع وجود الملائكة الحافظة فأيّ معنى للعذاب أو الجزاء؟ هنا تضيف الآية (وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مردّ له وما لهم من دونه من وال) ولهذا السبب فإنّه حين صدور العذاب الإلهي على قوم أو اُمّة، فسوف ينتهي دور المعقّبات ويتركون الإنسان عرضةً للحوادث
* * *
«المعقّبات» كما جاء في مجمع البيان للعلاّمة الطبرسي وكما قاله بعض المفسّرين جمع (معقبة) وهي بدورها جمع (معقّب) ومعناه المجموعة التي تعمل بشكل متناوب ومستمر. والظاهر من الآية أنّ الله سبحانه وتعالى أمر مجموعة من الملائكة بأن يحفظوا الإنسان في الليل والنهار ومن بين يديه ومن خلفه.
إنّ الإنسان ـ بدون شك ـ معرّض في حياته إلى كثير من الحوادث الروحية والجسمية، فالأمراض والمتغيّرات في السّماء والأرض محيطة بالإنسان، وخصوصاً في مرحلة الطفولة التي لا يدرك فيها ما يجري حوله ويكون هدفاً سهلا للإصابة بها، فقد يتعجّب الإنسان كيف ينجو الطفل وينمو من بين جميع هذه الحوادث، وخصوصاً في العوائل التي لا تدرك هذه المسائل وتعاني من قلّة الإمكانيات كأبناء الريف الذين يعانون من الحرمان والفقر وهم معرضون للأمراض أكثر من غيرهم.
وإذا ما أمعنّا النظر في هذه المسائل فسوف نجد أنّ هناك قوى محافظة، تحفظ الإنسان في مقابل هذه الحوادث كالدرع الواقي.
وكثيراً ما يتعرّض الإنسان إلى حوادث خطرة ويتخلّص منها بشكل
إعجازي تجعله يشعر أنّ كلّ ذلك ليس صدفة وإنّما هناك قوى محافظة تحميه.
وهناك كثير من الأحاديث المنقولة عن أئمّة المسلمين تؤكّد ذلك ومن جملتها: الحديث المروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير هذه الآية يقول: «يحفظ بأمر الله من أن يقع في ركي أو يقع عليه حائط أو يصيبه شيء، حتّى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينه يدفعونه إلى المقادير، وهما ملكان يحفظانه بالليل وملكان من نهار يتعاقبانه».
وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: «ما من عبد إلاّ ومعه ملكان يحفظانه فإذا جاء الأمر من عند الله خليا بينه وبين أمر الله».
ونقرأ في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) «إنّ مع كلّ إنسان ملكين يحفظانه فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه».
كما نقرأ في نهج البلاغة في وصف الملائكة من الخطبة الأُولى «ومنهم الحفظة لعباده».
إنّ عدم إدراكنا لوجود المعقّبات عن طريق الحسّ أو التجربة العلمية ليس دليلا على عدم وجودهم، لأنّه غير منحصر في هذا المجال فقط، فالقرآن الكريم والمصادر المعرفية الأُخرى أشارت إلى اُمور كثيرة وراء الحسّ والتي لا يمكن إثباتها بالطرق العادية. وأكثر من ذلك ما قلنا سابقاً من أنّنا نتعرّض في حياتنا إلى كثير من المخاطر والتي لا يمكن النجاة منها إلاّ بوجود هذه القوى المحافظة (ورأيت في حياتي بعض من هذه النماذج المحيّرة، والتي كانت بالنسبة لي كشخص صعب التصديق دليلا على وجود هذا المعقّب اللامرئي).
تبيّن الجملة (إنّ الله لا يغيّر ما بقوم) والتي جاءت في موردين متفاوتين في القرآن الكريم، أنّها قانون عام، قانون حاسم ومنذر!
هذا القانون الذي هو واحد من القوانين الأساسيّة لعلم الإجتماع في الإسلام، يقول لنا: إنّ ما يصيبكم هو من عند أنفسكم، وما أصاب القوم من السعادة والشقاء هو ممّا عملت أيديهم، وما يقال من الحظّ والصدفة وما يحتمله المنجّمون ليس له أساس من الصحّة، فالأساس والقاعدة هي إرادة الأُمّة إذا أرادت العزّة والإفتخار والتقدّم، أو العكس إن أرادت هي الذلّة والهزيمة، حتّى اللطف الإلهي أو العقاب لا يكون إلاّ بمقدّمة. فتلك إرادة الاُمم في تغيير ما بأنفسهم حتّى يشملهم اللطف أو العذاب الإلهي.
وبتعبير آخر: إنّ هذا الأصل القرآني الذي يبيّن واحداً من أهمّ المسائل الإجتماعية في الإسلام، يؤكّد لنا أن أي تغيير خارجي للاُمم مرتبط بالتغيير الداخلي لها، وأي نجاح أو فشل يصيب الأُمّة ناشىء من هذا الأمر، والذين يبحثون عن العوامل الخارجية لتبرير أعمالهم وتصرّفاتهم ويعتبرون القوى المستعمرة والمتسلّطة هي السبب في شقائهم يقعون في خطأ كبير، لأنّ هذه القوى الجهنميّة لا تستطيع أن تفعل شيئاً إذا لم تكن لديها قدرة ومركز في داخل المجتمع.
المهمّ أن نطهّر مجتمعاتنا من هذه المقرّات والمراكز للمستعمرين ولا نجعلها تنفذ في داخل مجتمعنا، فهؤلاء بمنزلة الشياطين، ونحن نعلم أنّ الشيطان ليس له سبيل على عباد الله المخلصين، فهو يتسلّط على الذي مهّد له السبيل في داخله.
يقول هذا الأصل القرآني: إنّنا يجب أن نثور من الداخل كي نُنهي حالة الشقاء والحرمان، ثورة فكرية وثقافية، ثورة إيمانيّة وأخلاقية، وأثناء وقوعنا في مخالب الشقاء يجب أن نبحث فوراً عن نقاط الضعف فينا، ونطهّر أنفسنا منها بالتوبة والرجوع إلى الله، ونبدأ حياة جديدة مفعمة بالنّور والحركة، كي نستطيع في ظلّها أن نبدّل الهزيمة إلى نصر، لا أن نخفي نقاط الضعف وعوامل الهزيمة هذه ونبحث عنها في خارج المجتمع ونظلّ ندور في الطرق الملتوية.
هناك كتب ومؤلّفات كثيرة كتبت عن عوامل إنتصار المسلمين الأوائل ثمّ تضعضع سلطانهم بعد حين، وكثير من تلك الأبحاث ظلّت تتعثّر في الطرق الملتوية، ولكن إذا ما أردنا أن نستلهم من الأصل أعلاه والصادر من منبع الوحي فيجب أن نبحث عن ذاك النصر أو تلك الهزيمة وعن عواملها الفكرية والعقائدية والأخلاقية في المسلمين. ففي الثورات المعاصرة ومن جملتها الثورة الإسلامية في إيران، أو ثورة الجزائر أو ثورة المسلمين الأفغان، نشاهد بوضوح إنطباق هذا الأصل القرآني عليها. فقبل أن تغيّر الدول المستعمرة والمستكبرة طريقتها في التعامل معنا، غيّرنا نحن ما بأنفسنا فتغيّر كلّ شيء.
وعلى أيّة حال فهذا درس ليومنا ولغدنا ولمستقبلنا ولكلّ المسلمين والأجيال القادمة. ونحن نرى أنّ القيادات المنتصرة فقط هي التي إستطاعت أن تقود وتغيّر شعوبها على أساس هذا الأصل الخالد، وفي تاريخ المسلمين والإسلام شواهد على ذلك كثيرة.
* * *
هُوَ الَّذِى يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَدِلُونَ فِى اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الِْمحَالِ (13) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَىْء إِلاَّ كَبَسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَلِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَفِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلَل (14) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِى السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلَلُهُم بِالْغُدُوِّ وَالاَْصَالِ(15)
يتطرّق القرآن الكريم مرّةً ثانية إلى آيات التوحيد وعلائم العظمة وأسرار الخلقة. فهذه الآيات تحاول أن تقرّب العلاقة بين الإنسان وربّه من خلال الإشارة إلى بعض الظواهر الطبيعيّة بشكل موجز وعميق المعنى لكي يشعّ نور الإيمان في
قلوب الناس، فتشير أوّلا إلى البرق (هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً)فالبرق بشعاعه يبهر العيون من جانب، ويحدث صوتاً مخيفاً وهو الرعد من جانب آخر، وقد يسبّب أحياناً الحرائق للناس وخصوصاً في المناطق الصحراوية فيبعث على خوفهم ومن جانب آخر فإنّه يسبّب هطول الأمطار ويروي ظمأ الصحراء ويسقي المزروعات فيطمع فيه الناس، وبين هذا الخوف والرجاء تمرّ عليهم لحظات حسّاسة. ثمّ تضيف الآية (وينشيء السحاب الثقال)القادرة على أرواء ظمأ الأراضي الزراعية.
نحن نعلم أنّ ظاهرة البرق في المفهوم العلمي هي إقتراب سحابتين إحداهما من الأُخرى، وهما تحملان شحنات سالبة وموجبة، فيتمّ تفريغ الشحنات بين السحابتين فتحدث شرارة عظيمة، ويحدث مثل ذلك عند إقتراب سلكين أحدهما سالب والآخر موجب، وإذا كنّا قريبين منهما فإنّنا نسمع صوتاً خفيفاً، ولكن لإحتواء الغيوم على شحنات هائلة من الألكترونات فانّهما تحدثان صوتاً شديداً يسمّى الرعد.
وإذا ما إقتربت سحابة تحمل الشحنة الموجبة من الأرض التي تحتوي على شحنات سالبة فستحدث شرارة تسمّى بالصاعقة، وخطورتها تكمن في أنّ الأرض والمناطق المرتفعة تعتبر رأس السلك السالب، حتّى الإنسان في الصحراء يمكن أن يمثّل هذا السلك فيحدث تفريغ للشحنات يحوّل الإنسان إلى رماد في لحظة واحدة، ولهذا السبب عند وقوع البرق والرعد في الصحراء يجب أن يلجأ الإنسان إلى شجرة أو حائط أو إلى الجبال أو إلى أي مرتفع آخر، أو أن يستلقي في أرض منخفضة.
![]() |
![]() |
![]() |