1 ـ في ظلال القرآن، ج 6، ص 154 (ذيل الآية مورد البحث).

2 ـ «الباء» من الناحية الأدبية في هذه الحالة للملابسة.

[234]

زلزلة وهزّة عجيبة.

نعم، في مثل ذلك اليوم، زوال السماء، بمعنى الأجرام السماوية، وتلبُّسُ السماء بغيوم كثيفة، سيكون أمراً طبيعياً.

من الممكن توضيح نفس هذا التّفسير بنحو آخر:

شدّة التغيرات، وانفجارات الكواكب والسيارات يصير سبباً في تغطية السماء بغيم كثيف، ولكن توجد انشقاقات بين هذا الغيم، وعلى هذا فالسماء التي ترى بالعين في الأحوال العادية، تتشقق بواسطة هذه الغيوم الانفجارية العظيمة.(1)

تفسيرات أخرى قيلت لهذه الآية أيضاً لا تتوافق مع الأصول العلمية والمنطقية، وفي نفس الوقت فالتّفسيرات الثلاثة الآنفة لا تتنافى مع بعضها، فمن الممكن أن ترتفع حجب العالم المادي عن عين الإنسان من جهة، فيشاهد عالم ماوراء الطبيعة، ومن جهة أُخرى ستتلاشى الأجرام السماوية، وتظهر الغيوم الانفجارية، فتبرز التشققات ما بينها في ذلك اليوم، يوم نهاية هذا العالم وبداية النشور، يوم أليم جدّاً للمجرمين الظالمين المعاندين الذين لا إيمان لهم.

بعد ذلك يتناول القرآن الكريم أوضح علائم ذلك اليوم فيقول: (الملك يومئذ الحق للرحمن).

حتى أُولئك الذين كان لهم في هذا العالم نوع من الملك المجازي والمحدود والفاني والسريع الزوال، يخرجون أيضاً من دائرة الملك، فتكون الحاكمية من كلّ النواحي وجميع الجهات لذاته المقدسة خاصّة، وبهذا (وكان يوماً على الكافرين عسيراً).

نعم، في ذلك اليوم تزول القوى الكاذبة تماماً، وتكون الحاكمية لله خاصّة، فتتداعى قلاع الكافرين، وتزول قوى الجبابرة والطواغيت، وإن كانوا جميعاً في



1 ـ في هذه الحالة «الباء» في «بالغمام»
للسببية.

[235]

هذا العالم ـ أيضاً ـ لا شيء أمام إرادته تبارك وتعالى. واذا كان لهم في هذه الدنيا بهرجة، فبأي ملاذ يلوذون من الجزاء الإلهي في يوم القيامة، يوم انكشاف الحقائق وزوال المجازات والخيالات والأوهام، ولهذا سيكون ذلك اليوم يوماً بالغ الصعوبة عليهم، في الوقت الذي يكون على المؤمنين سهلا يسيراً وهيناً جدّاً.

في حديث عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) فقلت: ما أطول هذا اليوم!؟ فقال النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) «والذي نفسي بيده إنّه ليخفف عن المؤمن حتى يكون أخفَّ عليه من صلاة المكتوبة يصليها في الدنيا».(1)

والتأمل الدقيق في سائر آيات القرآن يكشف عن دلائل صعوبة ذلك اليوم على الكافرين، ذلك أنّنا نقرأ من جهة (و تقطعت بهم الأسباب).(2)

و من جهة أخرى (ما أغنى عنه ماله وما كسب).(3)

و من جهة ثالثة (يوم لا يُغني مولى عن مولى شيئاً).(4)

حتى الشفاعة التي هي وحدها طريق النجاة، تكون للمذنبين الذين كانت لهم صلة بالله وبأولياء الله (من ذا الذي يشفع عنده إلابإذنه).(5)

وايضاً (فلا يؤذن لهم فيعتذرون)،(6) فلا يسمح لهم بالاعتذار، فما بالك بقبول الاعذار الواهية!!

* * *



1 ـ تفسير القرطبي «الجامع لأحكام القرآن»، ج 13، ص 23; ج 7، ص 4739.

2 ـ سورة البقرة،الآية 166.

3 ـ سورة تبّت، الآية 2.

4 ـ سورة الدخان، الآية 41.

5 ـ سوره البقرة، الآية 255.

6 ـ سورة المرسلات، الآية 36.

[236]

 

 

الآيات

 

وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَـلَيْتَنِى اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا(27) يَـوَيْلَتَى لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلا(28) لَّقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِى وَكَانَ الشَّيْطَـنُ لِلاِْنسَـنِ خَذُولا(29)

 

سبب النّزول

«قال ابن عباس: نزل قوله تعالى: (ويوم يَعض الظالم) في عقبة بن أبي معيط، وأُبي بن خلف، وكانا متخالّين، وذلك أن عقبة كان لا يقدم من سفر إلاّ صنع طعاماً فدعا إليه أشراف قومه، وكان يكثر مجالسة الرّسول، فقدم من سفره ذات يوم فصنع طعاماً ودعا الناس، فدعا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى طعامه، فلما قربوا الطعام قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أنا بآكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّي رسول الله، فقال عقبة: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن محمداً رسول الله. وبلغ ذلك أُبي بن خلف فقال: صبئتَ يا عقبة؟ قال: لا والله ما صبأتُ، ولكن دخل عليَّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلاّ أن أشهد له فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم، فشهدتُ له فطعم، فقال أُبي: ما كنتُ براض عنك أبداً حتى تأتي فتبزق في وجهه،

[237]

ففعل ذلك عقبة وارتدَّ، وأخذ رحم دابة فألقاها بين كتفيه، فقال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): لا ألقاك خارجاً من مكّة إلاّ علوتُ رأسك بالسيف، فضرب عنقه يوم بدر صبراً، وأمّا أُبي بن خلف فقتله النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يوم أُحد بيده في المبارزة».

وقال الضحاك: لما بزق عقبة في وجه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عاد بزاقه في وجهه، فأحرق خديه، وكان أثر ذلك فيه حتى مات.

وقيل نزلت في كل كافر أو ظالم تبع غيره في الكفر أو الظلم وترك متابعة أمر الله تعالى.(1)

نزلت الآيات أعلاه لترسم صورة مصير الرجل الذي يُبتلى بخليل ضال، ويجره إلى الضلال.

وقلنا مراراً أنّ سبب النّزول وإن يكن خاصّاً، إلاّ أنّه لا يقيد مفهوم الآيات أبداً، وعمومية المفهوم تشمل جميع المصاديق.

* * *

 

التّفسير

أضلني صديق السوء

يوم القيامة له مشاهد عجيبة، حيث ورد بعضٌ منها في الآيات السابقة، وفي هذه الآيات اشارة الى قسم آخر منها، وهي مسألة حسرة الظالمين البالغة على ماضيهم، يقول تعالى أوّلا: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرّسول سبيلا)(2).

«يعضّ» من مادة «عضّ» (على وزن سدّ) بمعنى الأزم بالأسنان، ويستخدم



1 ـ مجمع البيان، ج 7، ص 166 .

2 ـ جملة (يوم يعض الظالم...)
عطف على «يوم يرون»
التي مضت قبل عدّة آيات، بعض يعتبرها أيضاً متعلقة بجملة مقدرة «اذكر».

[238]

هذا التعبير عادة بالنسبة إلى الأشخاص المهووسين من شدّة الحسرة والأسف، كما في المثل العربي، لأن الإنسان في مثل هذه الحالات لا يعض الإصبع دائماً، بل يعض ظاهر اليد أحياناً، وكثيراً ما يقال ـ كما في الآية الآية مورد البحث ـ «يديه» يعني كلتا اليدين حيث تبيّن شدّة الأسف والحسرة بنحو أبلغ.

و هذا العمل يصدر من هؤلاء الأشخاص حينما يطلعون على ماضيهم، ويعتبرون أنفسهم مقصرين، فيصممون على الأِنتقام من أنفسهم بهذا الشكل لتهدئة سورة الغضب في نفوسهم والشعور بالراحة.

وينبغي حقّاً، أن يسمى ذلك اليوم (يوم الحسرة) كما ورد هذا الوصف بالذات في القرآن ليوم القيامة أيضاً (سورة مريم الآية 39)، ذلك لأن المجرمين يرون أنفسهم في أتعس حال بين يدي الحياة الخالدة، في الوقت الذي كانوا يستطيعون خلال أيام من الصبر والإستقامة ومجاهدة النفس والإيثار أن يستبدلوا ذلك بحياة مشرفة وسعيدة، وهو يوم أسف أيضاً حتى بالنسبة إلى المحسنين، فهم يأسفون على أنّهم: لماذا لم يحسنوا أكثر.

ثمّ يضيف القرآن الكريم أنّ هذا الظالم المعتدي الغارق في عالم الأسف، يقول:(يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا).(1)

واضح أن المقصود بـ «فلان» هو ذلك الذي أضله: الشيطان أو صديق السوء أو القريب الضال، وفردٌ مثل «أُبي» لـ «عقبة» الذي ورد في سبب النّزول.

هذه الآية ـ والآية التي قبلها ـ تعرضان حالتي نفي وإثبات متقابلتين في مكان واحد، يقول تعالى: (يا ليتني اتخذتُ مع الرّسول سبيلا)، وهنا يقول: (...ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا) حيث كانت التعاسة كلها في ترك الإرتباط بالنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وقبول الإرتباط بهذا الخليل الضال.



1 ـ «خليل»
تطلق بمعنى الصديق الخاص الحميم حيث يجعله الإنسان مشاوراً لنفسه. وللخليل معان أخرى أيضاً قد أوردناها في ذيل الآية (125) من سورة النساء.

[239]

ثمّ يستمر ويقول: (لقد أضلني عن الذكر بعد إذجاءني).

لو كانت الفاصلة كبيرة بيني وبين الإيمان والسعادة الخالدة في الدنيا لم اكن آسف الى هذا الحد، ولكني كنت قاب قوسين أو أدنى من السعادة الدائمة فصدّني رفيق السوء هذا عن عين ماء الحياة ظامئاً وأغرقني في دوامة التعاسة.

«الذكر» في الجملة أعلاه، له معنىً واسع، ويشمل كل الآيات الإلهية التي نزلت في الكتب السماوية، بل يدخل في إطاره كلُّ ما يوجب يقظة ووعي الإنسان.

وفي ختام الآية يقول تعالى: (وكان الشيطان للإنسان خذولا) ذلك لأنّه يجر الإنسان إلى مواقع الخطر والطرق المنحرفة، ثمّ يتركه حيران ويذهب لسبيله،

وينبغي الإنتباه إلى أنّ «خذولا» صيغة مبالغة، بمعنى كثير الخذلان.

وحقيقة الخذلان هي أي يعتمد الشخص على صديقه تمام الاعتماد، ولكن هذا الصديق يرفع يده عن مساعدته وإعانته تماماً في اللحظات الحساسة.

في هذه الجملة الأخيرة (وكان الشيطان للإنسان خذولا) قد تكون من مقولة الله تعالى على سبيل الإنذار لجميع الظالمين والظالين، أو تتمة لمقولة هؤلاء الأفراد المتحسرين في القيامة، ذكر المفسّرون تفسيرين، وكل منهما منسجم مع معنى الآية، غير أن كونها مقولة الله تعالى أكثر انسجاماً.

* * *

 

بحث

أثر الصديق في مصير الإِنسان:

لا شك في أن عوامل بناء شخصية الإِنسان ـ بعد عزمه وإرادته وتصميمه ـ أُمور مختلفة، من أهمها الجليس والصديق والمعاشر، ذلك لأنّ الإِنسان قابل للتأثر

[240]

شاء أم أبى، فيأخذ قسطاً مهماً من أفكاره وصفاته الأخلاقية عن طريق أصدقائه، ولقد ثبتت هذه الحقيقة من الناحية العلمية وعن طريق التجربة والمشاهدات الحسية أيضاً.

قابلية التأثر هذه نالت اهتماماً خاصّاً لدى الإسلام إلى حدّ أنّه نقل في الرّوايات الإسلامية، عن نبيّ الله سليمان(عليه السلام) أنّه قال: «لا تحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا إلى من يصاحب، فإنّما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه، وينسب إلى أصحابه وأخدانه».(1)

يقول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) في خطبة له: «ومن اشتبه عليكم أمره ولم تعرفوا دينه، فانظروا إلى خلطائه، فإن كانوا أهل دين الله فهو على دين الله، وإن كانوا على غير دين الله، فلا حظّ له من دين الله».(2)

حقّاً، إنّ أثر الصديق في سعادة وشقاوة إنسان ما قد يكون من أهم العوامل أحياناً، فقد يؤدي به إلى دركات الشقاء الأبدي، وقد يرقى به أحياناً إلى غاية المجد.

الآيات الحالية وسبب نزولها، تبيّن ـ بوضوح ـ كيف أنّ الإنسان قد يقترب من السعادة، لكنّ وسوسة شيطانية واحدة من صديق سيء تقلبه رأساً على عقب وتقلب مصيره، حيث سيعضُّ على يديه من الحسرة يوم القيامة، وستتعالى منه صرخة «ياويلتى».

في كتاب «العِشرة» وردت روايات كثيرة في نفس هذا الموضوع، تبيّن أن الإسلام شديد ودقيق وثاقب النظرة في مسألة اختيار الصديق.

نُنهي هذا البحث القصير بنقل حديثين في هذا الموضوع، ومن أراد الإطلاع أكثر في هذا الموضوع فليراجع كتاب «العشرة» من بحار الأنوار، الجزء 74.



1 ـ سفينة البحار، ج 2، ص 27 مادة (صدق).

2 ـ بحار الأنوار، ج 74، ص 197 .

[241]

نقرأ في حديث عن التاسع من أئمة الإسلام العظام، الإمام محمد التقي الجواد(عليه السلام) «اِيّاك ومصاحبة الشرير، فإنه كالسيف المسلول، يحسن منظره ويقبح أثره».(1)

وقال الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): «أربع يمتن القلب: الذنب على الذنب... ومجالسة الموتى» قيل له: يا رسول الله، وما الموتى؟ قال: «كل غني مترف».(2)

 

* * *

 



1 ـ بحار الأنوار ج 74 ص 198.

2 ـ الخصال، للصدوق، طبقاً لنقل بحار الأنوار، ج 74، ص 195 .

[242]

 

 

الآيات

 

وَ قَالَ الرَّسُولُ يَـرَبِّ إِنَّ قَوْمِى اتَّخَذُواْ هَذَا الْقُرْءَانَ مَهْجُوراً(30) وَكَذلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوَّاً مِّنَ الُمجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً(31) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَُ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَـهُ تَرْتِيلا(32) وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَل إِلاَّ جِئْنَـكَ بِالْحَقِّ وَأحْسَنَ تَفْسِيراً(33) الَّذِينَ يَحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكاناً وَأضَلُّ سَبِيلا(34)

 

التّفسير

إلهي، إنّ الناس قد هجروا القرآن:

كما تناولت الآيات السابقة أنواعاً من ذرائع المشركين والكافرين المعاندين، تتناول الآية الأُولى في مورد البحث هنا حزن وشكاية الرّسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) بين يدي الله عزَّوجلّ من كيفية تعامل هذه الفئة مع القرآن، فتقول:

[243]

(وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجوراً).(1)

قول الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) هذا، وشكواه هذه، مستمران إلى هذا اليوم من فئة عظيمة من المسلمين، يشكو بين يدي الله أنّهم دفنوا القرآن بيد النسيان، القرآن الذي هو رمز الحياة ووسيلة النجاة، القرآن الذي هو سبب الإنتصار والحركة والترقي، القرآن الممتلىء ببرامج الحياة، هجروا هذا القرآن فمدّوا يد الإستجداء إلى الآخرين، حتى في القوانين المدنية والجزائية.

إلى الآن، لو تأملنا في وضع كثير من البلدان الإِسلامية، خصوصاً أُولئك الذين يعيشون تحت هيمنة الشرق والغرب الثقافية، لوجدنا أنّ القرآن بينهم كتاب للمراسم والتشريفات، يذيعون ألفاظه وحدها بأصوات عذبة عبر محطات البث، ويستخدمونه في زخرفة المساجد بعنوان الفن المعماري، ولافتتاح منزل جديد، أو لحفظ مسافر، وشفاء مريض، وعلى الأكثر للتلاوة من أجل الثواب.

ويستدلون بالقرآن، أحياناً وغايتهم إثبات أحكامهم المسبّقة الخاطئة من خلال الإستعانة بالآيات، وبالإستفادة من المنهج المنحرف في التّفسير بالرأي.

في بعض البلدان الإسلامية، هناك مدارس في طول البلاد وعرضها بعنوان: مدارس «تحفيظ القرآن» وفريق عظيم من الأولاد والبنات مشغولون بحفظ القرآن، في الوقت الذي تؤخذ أفكارهم عن الغرب حيناً، وعن الشرق حيناً آخر، وتؤخذ قوانينهم وقراراتهم من الأجانب، أمّا القرآن فغطاء لمخالفاتهم فقط.

نعم، اليوم أيضاً يصرخ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): (يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجوراً). مهجوراً من ناحية لبّه ومحتواه، متروكاً من ناحية الفكر والتأمل،



1 ـ الظاهر أن جملة «قال»
فعل ماض، تدل على أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)
كان قد ذكر هذا القول على سبيل الشكوى في هذه الدنيا، وأكثر المفسّرين أيضاً على هذا الإعتقاد، لكن بعضاً آخر مثل «العلامة الطباطبائي» في «الميزان» يعتقدون أن هذا القول مرتبط بيوم القيامة، والفعل الماضي هنا بمعنى المضارع. وذكر العلامة الطبرسي في مجمع البيان أيضاً هذا على سبيل الإحتمال، لكن الآية التي بعدها، والتي فيها جنبة مواساة للنّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
دليل على أن التّفسير المشهور هو الأصح.

[244]

ومهملا من ناحية برامجه البناءَة.

تقول الآية التي بعدها في مواساة النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث كان يواجه هذا الموقف العدائي للخصوم: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين).

لست وحدك قدواجهت هذه العداوة الشديدة لهذه الفئة، فقد مرّ جميع الأنبياء بمثل هذه الظروف، حيث كان يتصدى لمخالفتهم فريق من (المجرمين) فكانوا يناصبونهم العداء.

ولكن إعلم أنّك لست وحيداً، وبلا معين (وكفى بربّك هادياً ونصيراً).

فلا وساوسهم تستطيع أن تضلك، لأنّ الله هاديك، ولا مؤامراتهم تستطيع، أن تحطمك، لأن الخالق معينك، الخالق الذي علمه فوق كل العلوم، وقدرته أقوى من كل القدرات.

الآية التي بعدها، تشير أيضاً إلى ذريعة أُخرى من ذرائع هؤلاء المجرمين المتعللين بالمعاذير، فتقول: (وقال الذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة).

أليس القرآن جميعه من قبل الله!؟ أليس من الأفضل أن ينزل جميع محتوى هذا الكتاب دفعة واحدة حتى يقف الناس على عظمته أكثر؟ ولماذا تتنزل هذه الآيات تدريجياً وعلى فواصل زمنية مختلفة؟

و قد يأخذ هذا الإشكال في كيفية نزول القرآن مأخذه من الأفراد السطحيين، خاصّة إذا كانوا من المتمحلين للأعذار بأن هذا الكتاب السماوي العظيم الذي هو أساس ومصدر كل حياة المسلمين، ومحور كل قوانينهم السياسية و الإجتماعية والحقوقية والعبادية، لماذا لم ينزل كاملا ودفعة واحدة على نبيّ الإسلام(صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى يقرأه أتباعه من البداية إلى النهاية فيطلعون على محتواه. واساساً فقد كان الأفضل للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً أن يكون ذا اطلاع على جميع هذا القرآن دفعة واحدة، كيما يجيب الناس فوراً على كل ما يسألونه ويريدون

[245]

منه.

ولكن القرآن في تتمة نفس هذه الآية يجيبهم: (وكذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا).وقد غفل اُولئك السطحيون عن هذه الحقيقة، فلا شك أن نزول القرآن التدريجي له ارتباط وثيق بتثبيت قلب النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين، وسيأتي بحث مفصل عن ذلك في نهاية هذه الآيات.

ثمّ للتأكيد أكثر على هذا الجواب يقول تعالى: (ولا يأتونك بمثل إلاّ جئناك بالحق وأحسن تفسيراً). أي أنّهم لا يأتون بمثل أو مقولة أو بحث لاضعاف دعوتك ومقابلتها، إلاّ آتيناك بكلام حقّ يقمع كلماتهم الجوفاء وأدلتهم الخاوية بأحسن بيان وأفضل تفسير.

وبما أنّ هؤلاء الأعداء الحاقدين استنتجوا ـ بعد مجموعة من إشكالاتهم ـ أن محمّداً وأصحابه مع صفاتهم هذه وكتابهم هذا وبرامجهم هذه شرُّ خلق الله (العياذ بالله)، ولأنّ ذكر هذا القول لا يتناسب مع فصاحة وبلاغة القرآن، فإنّ الله سبحانه يتناول الإجابة على هذا القول في الآية الأخيرة مورد البحث دون أن ينقل أصل قولهم، يقول:

(الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شرُّ مكاناً وأضلّ سبيلا).

نعم، تتضح هناك نتيجة منهاهج حياة الناس، فريق لهم قامات منتصبة كشجر السرو، ووجوه منيرة كالقمر، وخطوات واسعة، يتوجهون بسرعة إلى الجنّة، في مقابل فريق مطأطئي رؤوسهم إلى الأرض، تسحبهم ملائكة العذاب إلى جهنّم، هذا المصير المختلف يكشف عمن كان ضالا وشقياً! ومن كان مهتدياً وسعيداً؟!

* * *

 

بحوث

1 ـ تفسير (جعلنا لكل نبيّ عدوّاً).

يفهم من هذه الجملة ـ أحياناً ـ أن الله من أجل مواساة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لست

[246]

وحدك لك عدوّ، بل لقد جعلنا لكل نبي عدوّاً، ولازم هذا القول إسناد وجود أعداء الأنبياء إلى الله تعالى، الأمر الذي لا يتفق مع حكمته ولا مع أصل حرية وإرادة الإنسان. ذكر المفسّرون أجوبة متعددة على هذا السؤال ...

قلنا مراراً أن جميع أعمال الإنسان منسوبة إلى الله، لأنّ جميع متعلقاتنا، قدرتنا، قوانا، عقلنا وفكرنا، وحتى حريتنا واختيارنا أيضاً من عنده، وعلى هذا فمن الممكن من هذه الناحية نسبة وجود الأعداء للأنبياء إلى الله، دون أن يستلزم ذلك الجبر وسلب الإختيار، ولا يردَ خدشٌ في مسؤوليتهم إزاء أعمالهم (فتأمل)!

مضافاً إلى أن وجود هؤلاء الأعداء الأشداء ومخالفتهم للأنبياء، يكون سبباً في أن يصبح المؤمنون أقوى في عملهم، وأثبت قدماً، فيتحقق الإمتحان الإلهي بالنسبة إلى الجميع.

هذه الآية في الحقيقة مثل الآية (112) من سورة الأنعام حيث تقول: (وكذلك جعلنا لكلّ نبيّ عدوّاً شياطين الإِنس والجن، يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً).

أمام الأزاهير تنمو الأشواك، وفي قبال المحسنين يوجد المسيئون، دون أن تنتفي مسؤولية أي واحد من هاتين المجموعتين.

وقال البعض: إنّ المقصود من «جعلنا» هي أوامر ونواهي ومناهج الأنبياء البناءة التي تجر بعض الضالين إلى العداوة، شاؤوا أم أبوا.

و إذا أُسند ذلك إلى الله فلأن الأوامر والنواهي من جهته عزَّوجلّ.

التّفسير الآخر: أن هنالك فئة يطبع الله على قلوبهم ويعمي أبصارهم ويصم أسماعهم بسبب الإِصرار على الذنب والإِفراط في التعصب واللجاجة، هذه الفئة يصبحون أعداء الأنبياء في نهاية المطاف، أمّا أسباب ذلك فهي بما قدموا لأنفسهم.

ولا منافاة بين هذه التفاسير الثلاثة، فمن الممكن أن تجتمع كلها في مفهوم الآية.

[247]

2 ـ الآثار العميقة لنزول القرآن التدريجي

صحيح أنّه كان للقرآن نزولان، طبقاً للرّوايات (بل لظاهر بعض الآيات): أحدهما: «نزول دفعي» مرّة واحدة في ليلة القدر على قلب النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، والآخر: «نزول تدريجي» في ثلاث وعشرين سنة، لكن بلا شك أن النّزول المعترف به الذي كان النّبي والناس يتفاعلون معه دائماً هو النّزول التدريجى للقرآن.

وهذا النّزول التدريجي بالذات صار سبباً لاستفهامات الأعداء: لماذا لم ينزل القرآن مرّة واحدة ويجعل دفعة واحدة بين أيدي الناس، حتى يكونوا أكثر إطلاعاً وتفهماً، فلا يبقى مكان للشك والريبة؟

ولكن ـ كما رأينا ـ فإنّ القرآن أجابهم جواباً قصيراً وجامعاً وبليغاً من خلال جملة (كذلك لنثبت به فؤادك)، فكلما تأملنا فيها أكثر تتجلى آثار النّزول التدريجي للقرآن أوضح.

1 ـ لا شك أنّ التشريعات إذا كانت تتنزل بشكل تدريجي تبعاً للحاجات، ويكون لكل مسألة شاهد ومصداق عينيّ، فستكون مؤثرة جدّاً من ناحية «تلقي الوحي» وكذلك «إبلاغ الناس».

مباديء التربية تؤكّد أنّ الشخص أو الأشخاص المراد تربيتهم ينبغي أن يؤخذ بأيديهم خطوة خطوة، فينظم لهم لكل يوم برنامج، ويسلكوا من المرحلة الأدنى التي شرعوا منها إلى المراحل الأعلى والبرامج التي تتدرج بهذه الكيفية تكون أكثر مقبولية وأعمق أثراً.

2 ـ إنّ هؤلاء المعترضين غافلون أساساً عن أنّ القرآن ليس كتاباً عادياً يبحث في موضوع أو علم معين، بل هو منهج حياتي للأُمة التي تغيرت به، واستلهمت منه في جميع أبعاد الحياة ولا تزال.

كثير من آيات القرآن نزلت في مناسبات تاريخية مثل معركة (بدر) و(أُحد) و (الأحزاب) و(حنين)، وبذلك سُنّت التشريعات والإستنتاجات من هذه

[248]

الحوادث، ترى هل يصح أن تكتب هذه مرّة واحدة وتعرض على الناس!؟

بعبارة أُخرى: القرآن مجموعة من أوامر ونواه، أحكام وقوانين، تاريخ وموعظة، ومجموعة من الخطط ذات المدى الطويل أو القصير في مواجهة الأحداث التي كانت تبرز أمام مسير الأُمة الإسلامية، كتاب ـ كهذا ـ يبيّن وينفذ جميع مناهجه حتى قوانينه الكلية عن طريق الحضور في ميادين حياة الأُمة، لا يمكن أن ينظم ويُدوَّنَ دفعة واحدة.

و هذا من قبيل أن يقوم قائد عظيم بكتابه ونشر جميع بياناته وإعلاناته وأوامره ونواهيه ـ التي يصدرها في المناسبات المختلفة ـ دفعة واحدة من أجل تسيير الثورة، تُرى هل يعتبر هذا العمل عقلائياً!؟

3 ـ النّزول التدريجي للقرآن كان سبب ارتباط النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) الدائم والمستمر بمبدأ الوحي ممّا يجعل قلبه الشريف أقوى وإرادته أشدّ. ومن غير الممكن إنكار تأثيره في المناهج التربوية.

4 ـ من جهة أخرى فإنّ استمرار الوحي دليل على استمرار رسالة وسفارة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وسوف لن يترك مجالا لوسوسة الأعداء لكي يقولوا: لقد بعث هذا النّبي ليوم واحد! ثمّ تركه ربه، كما نقرأ في التأريخ الإسلامي أن هذه الهمهمة ظهرت أثناء تأخر الوحي في بداية الدعوة، فأنزلت سورة (والضحى) لنفي ذلك.

5 ـ لا شك أنّه إذا كان مقرراً لمناهج الإسلام أن تنزل جميعها دفعة واحدة، فقد كان من اللازم أن تطبَّقَ دفعة واحدة أيضاً، لأن النّزول بدون تطبيق يُفقد النّزول قيمته، ومن المعلوم أن تطبيق جميع المناهج أعم من العبادات كالزكاة والجهاد، ورعاية جميع الواجبات والإمتناع عن كل المحرمات دفعة واحدة.. عمل ثقيل جدّاً قد يؤدي إلى فرار فئة كبيرة من الإسلام.

و بهذا يتبيّن أن النّزول التدريجي وبالتالي التطبيق التدريجي أفضل من جهات كثيرة.

[249]

و بعبارة أُخرى: إنّ أيّ واحد من هذه التشريعات في صورة النّزول التدريجي سيتم هضمه واستيعابه بصورة جيدة، وفي حالة تعرضه لبعض الاستفهامات يمكن طرحها والاجابة عليها.

 

6 ـ وفائدة اُخرى من فوائد النّزول التدريجي هو اتضاح عظمة وإعجاز القرآن، ذلك لأن في كل واقعة تنزل عدّة آيات كريمة تكون لوحدها دليل العظمة و الاعجاز، وكلما يتكرر تتجلى أكثر هذه العظمة وهذا الإِعجاز، فينفذ في أعماق قلوب الناس.

 

3 ـ معنى الترتيل في القرآن:

كلمة «ترتيل» من مادة «رتل» (على وزن قمر) بمعنى انتظم واتسق، لذا فالعرب يقولون «رتل الأنسان» لمن تكون أسنانه جيدة ومنتظمة ومتسقة. وعلى هذا الأساس يطلق الترتيل بمعنى القراءة المتسقة للكلام أو الآيات بموجب نظام وحساب.

و على هذا فجملة (ورتلناه ترتيلا) إشارة إلى هذه الحقيقة، وهي أنّ آيات القرآن وإن نزلت تدريجاً وفي مدة 23 سنة، لكنّ هذا النّزول كان على أساس نظام وحساب ومنهج بحيث ادى الى رسوخه في الأفكار وغرسه في القلوب.

في تفسير كلمة «ترتيل» نقلت روايات جذابة، نشير إلى بعضها كما يأتي:

في تفسير «مجمع البيان» «نقل عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه أمر ابن عباس: «إذا قرأت القرآن فرتلْه ترتيلا» فسألته: وما الترتيل؟ قال: «بينه تبييناً ولا تنثره نثر الدقل ولا تهزه هزَّ الشعر، قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، ولا يكونن همُّ أحدكم آخر

[250]

السورة».(1)

و هناك رواية بهذه المضمون رواه الشيخ الكليني في «أصول الكافي» عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام).(2)

و نقل أيضاً عن الإمام الصادق(عليه السلام) «الترتيل أن تتمكث به وتحسن به صوتك، وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فتعوّذ بالله من النار، وإذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فاسأل الله الجنّة».(3)

 

4 ـ تفسير(يحشرون على وجوههم إلى جهنم)

أقوال كثيرة بين المفسّرين في ما هو المقصود بحشر هذه الفئة من المجرمين على وجوههم!؟

بعضهم فسّروا ذلك بنفس معناه الحقيقي، وقالوا: إنّ ملائكة العذاب يسحبونهم إلى جهنم وهم ملقَون على وجوههم إلى الأرض، وهذا علامة على مهانتهم وذلتهم، لأنّهم كانوا في الدنيا في غاية الكبر والغرور والإستهانة بخلق اللّه، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى تجسيد لضلالتهم في هذا العالم، ذلك أن من يسحبونه بهذه الصورة لا يرى ما أمامه بأي شكل، وغافل عما حوله.

و البعض الآخر أخذوا بمعناه الكنائي، فقالوا تارة هذه الجملة كناية عن تعلق قلوب أولئك بالدنيا، فهم يسحبون إلى جهنم لأن وجوه قلوبهم لا زالت مرتبطة بالدنيا.(4)



1 ـ مجمع البيان، ج 7، ص 170 ذيل الآية مورد البحث.

2 ـ أصول الكافي، ج2، ص 449 (باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن).

3 ـ مجمع البحرين مادة رتل.

4 ـ طبقاً لهذا التّفسير، فإنّ عبارة «على وجوههم» أخذت محل العلّة. فيكون مفهوم الجملة هكذا (يحشرون إلى جهنم لتعلق وجوه قلوبهم إلى الدنيا).

[251]

وقالوا تارةً اُخرى: انها كناية مستعملة في الأدب العربي حيث يقولون: فلان مرَّ على وجهه، يعني أنّه لم يكن يدري أين يذهب.

لكن الواضح أنّنا مع عدم الدليل على المعنى الكنائي، لابدّ من حملها على المعنى الأوّل، وهو المعنى الحقيقي.

 

* * *

[252]

 

 

الآيات

 

وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَـبَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَـرُونَ وَزِيراً(35) فَقُلْنَا اذْهَبَآ إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِأَيَـتِنَا فَدَمَّرْنَـهُمْ تَدْمِيراً(36) وَقَوْمَ نُوح لَّمَّا كَذَّبُواْ الرُّسُلَ أَغْرَقْنـهُمْ وَجَعَلْنـهُمْ لِلنَّاسِ ءايَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّـلِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً (37)وَعَاداً وَثَموُدَاْ وَأَصْحـبَ الرَّسِّ وَقُروُنَاً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً (38)وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ أَمْثَـلَ وَكُلاَّ ً تَبَّرْنَا تَتْبِيراً(39) وَلَقَدْ أَتَوْاْ عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِى أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَل كَانُواْ لا يَرْجوُنَ نُشوُراً(40)

 

التّفسير

مع كل هذه الدروس والعبر، ولكن...

أشار القرآن المجيد في هذه الآيات إلى تاريخ الأُمم الماضية ومصيرهم المشؤوم مؤكّداً على ست أمم بخاصّة (الفراعنة، وقوم نوح، وقوم عاد، وثمود، وأصحاب الرَّس، وقوم لوط) وذلك لمواساة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) من جهة، ولتهديد