ب ـ إن جملة (اُولئك مبرءون ممّا يقولون) التي تقصد الرجال والنساء الطاهرين من الدنس دليل آخر على صحة هذا التّفسير.

ج ـ قرينة المقابلة لجمع المذكر السالم في «الخبيثون» حيث يقصد بها الرجال الخبيثون، فمن ذلك يعلم أن الخبيثات جمع مؤنث حقيقي، وتعني النساء الساقطات.

د ـ إضافة إلى ذلك روي حديث عن الإمامين الباقر والصّادق(عليهما السلام) «إنّ هذه الآية كآية (الزاني لا ينكح إلاّ زانية أو مشركة) همّ رجال ونساء كانوا على عهد رسول الله6 مشهورين بالزنا فنهى الله عن أُولئك الرجال والنساء والناس على تلك منزلة..».(1)

كما نقرأ في روايات كتاب النكاح، كيف كان أصحاب الإِمام يستفسرون منه



1 ـ مجمع البيان، في تفسير الآيات موضع البحث.

[64]

أحياناً عن الزواج بالخبيثات فيجيبهم سلباً. وهذا يدل على أن الخبيثة تعني المرأة الساقطة، وليس الكلام السيء ولا العمل المنحط(1).

والسؤال الآخر: هل أن خبث هذه المجموعة من النساء والرجال أو طيبهم يرادبه الشرف والعفّة، أو يتعلّق بانحطاط في الفكر أو العمل أو القول؟

إنَّ المفهوم الأوّل للآية هو الأصوب، لأنّه يطابق ما جاء في الآيات والأحاديث، لكنَّ بعضَ الأحاديث يعطي معنىً واسعاً لكلمتي الخبيث والطيب اللتين وردتا في هذه الآيات، ولا يحصرهما بالإِنحطاط الخلقي وطهارة الشخص.

وعلى هذا فلا يبعد أن يكون مفهوم الآية الأُولى خاصاً بذلك المعنى الخاص، إلاّ أنه بملاحظة الملاك والغاية من الحكم يمكن تعميمه وتوسعته.

وبتعبير آخر: إن الآية السابقة بيان لميل الصنو إلى صنوه، رغم اختصاصها من حيث الموضوع يبحث العفّة والإنحطاط الخلقي، «تأملوا جيداً».

 

2 ـ هل هذا حكم تكويني أم تشريعي؟

لا شكّ في أن الأمثال التالية تشير إلى سنة تكوينيّة تطبق على المخلوقات جميعاً، حتى على ذرات الوجود في الأرض والسماء، وهي جذب الشيء لنظيره كما يجذب الكهرب التبن.

أصحاب النور ينجذبون إلى أصحاب النور.

وأصحاب النّار يميلون إلى أصحاب النّار.

و«السنخية علّة الانظمام» كما يقول المثل.

وعلى كل حال، فإن كل صنو يتبع صنوه، وكل مجموعة متجانسة ترتاح



1 ـ وسائل الشيعة، المجلد 14، صفحة 337، الباب 14 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

[65]

لأفرادها، إلاّ أنّ هذه الحقيقة لا تمنع من كون الآية السابقة كما هي عليه الآية (الزانية لا ينكحها إلاّ زان أو مشرك) إشارة إلى حكم شرعي يمنع الزواج من النساء اللواتي اشتهرن بالعمل المخلّ بالشرف.

أليس لجميع الأحكام التشريعية جذور تكوينية؟

أليس هناك انسجام بين السنن الإِلهية، التشريعية منها والتكوينية؟ (لإيضاح أكثر راجع شرح الآية التي ذكرناها).

 

3 ـ جواب استفسار:

الإستفسار هو: إننا نشاهد عبر التاريخ أو في حياتنا حالات لا تنسجم مع القانون السابق؟ ومثال ذلك ما جاء في القرآن المجيد (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وأمرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما)(1)... ومقابل هذه الحالة ذكر القرآن المجيد زوجة فرعون مثالا للإِيمان والطهارة: (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجنّي من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين)(2).

كما شوهد نظير هاتين الحالتين في صدر الإسلام، حيث ابتلي بعض قادة المسلمين بنساء سيئات، وآخرون من الله عليهم بنساء مؤمنات جاء ذكرهن في كتب التاريخ الإسلامي.

وفي الجواب عن ذلك نقول أنّه مضافاً إلى أنّ لكل قانون استثناءات، فلابدّ من ذكر مسألتين:

1 ـ قلنا خلال تفسير الآية موضع البحث: إنَّ القصد من الخبث الإنحطاط الخلقي والسقوط بارتكاب أعمال مخلة بالشرف، والطيب ضد الخبث، وعلى



1 ـ سورة التحريم، 10.

2 ـ سورة التحريم، 11.

[66]

هذا فجوابُ السؤال السابق يكون واضحاً، لأن نساء الأنبياء والأئمة الأطهار(عليهم السلام). لم ينحرفن والم يخبثن أبداً، وإنّما القصد من الخيانة في قصة نوح ولوط(عليهما السلام)، التجسس لمصلحة الكفّار وليس خيانة شرفهما، وأساساً إن هذا العيب من العيوب المنفّرة ونعلم أن المحيط العائلي للأنبياء(عليهم السلام) يجب أن يكون طاهراً من أمثال هذه العيوب المنفرة للناس حتى لا يتقاطع مع هذف النّبوة في جذب الناس إلى الرسالة الإلهية.

2 ـ إضافة إلى ذلك، فإنّ نساء الأنبياء والإِئمّة(عليهم السلام)، لم يكنّ كافرات منذ البداية، بل يصبن بالضلال أحياناً فيما بعد، ولهذا تستمر علاقة الأنبياء والأولياء بهنّ على ما كانت عليه قبل ضلالهنّ، كما أنّ أمرأة فرعون لم تكن مؤمنة بربّ موسى حين زواجها، إذ أنّ موسى(عليه السلام) لم يكن قد ولد بعد، وقد آمنت برسالته السماوية بعد أن بعثه الله، ولم يكن لها مخرج إلاّ بمواصلة حياتها الزوجية والكفاح، حتّى انتهت حياتها باستشهادها.

* * *

[67]

 

 

الآيات

 

يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(27) فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَآ أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ(28) لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَة فِيهَا مَتـعٌ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ(29)

 

التّفسير

لا تدخلوا بُيُوت الناس حَتَّى يؤذنَ لَكُم:

بيّنت هذه الآيات جانباً من أدب المعاشرة، والتعاليم الإسلامية الإِجتماعية التي لها علاقة وثيقة بقضايا عامّة حول حفظ العفّة، أي كيفية الدخول إلى بيوت الناس، وكيفية الإستئذان بالدخول إليها.

حيث تقول أوّلا: (يا أيّها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى

[68]

تستأنسوا وتسلموا على أهلها). وبهذا الترتيب عندما تعزمون على الدخول لابدّ، من إخبار أصحاب البيت بذلك ونيل موافقتهم.

والذي يلفت النظر في هذه الجملة استعمالها «تستأنسوا» ولم تستعمل «تستأذنوا» لأنّ الجملة الثّانية لبيان الإستئذان بالدخول فقط، في الوقت الذي تكون الجملة الأُولى مشتقّة من «أنس» أي الإستئذان المرافق للمحبّة واللطف والمعرفة والإخلاص، وتبيّن كيف يجب أن يكون الإستئذان برفق وأدب وصداقة، بعيداً عن أي حدّة وسوء خلق. ولو تبحرنا في هذه الجملة على هذا الأساس لوجدنا فيها الكثير من الأدب الذي يدور حول هذا الموضوع، وهو يعني ألا تصرخوا وألاّ تقرعوا الباب بقوة، وألا تستأذنوا بعبارات حادّة، وألا تدخلوا حتى يُؤذنَ لكم، فتسلّموا أوّلا سلاماً يستبطن مشاعر السلام والود ورسالة المحبة والصداقة.

وممّا يلفت النظر في هذا الحكم الذي يتصف بأبعاد إنسانية وعاطفية واضحة، مرافقته لجملتين أولاها: (ذلكم خير لكم) وثانيها: (لعلكم تذكرون). وهذا بحدّ ذاته دليل على أن لهذه الأحكام جذوراً في أعماق العواطف والعقول الإنسانية، ولو دقق الإنسان النظر فيها لتذكر أن فيها الخير والصلاح.

وتمّ هذا الحكم بجملة أخرى في الآية التالية: (فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم).

قد يكون المراد من هذه العبارة أنَّهُ رُبَّما كانَ في المنزل أحد، ولكن من لدَيه حقّ إعطاء الإِذن بالدخول غيرموجود، ففي هذه الحالة لا يحق للمرء الدخول إلى المنزل.

أو قد لا يوجد أحد في المنزل، ولكن صاحب المنزل على مقربة من ذلك المكان، أو في منزل الجيران بحيث لو طرق المرء الباب أو نادى صاحبه فقد يسمعه، ثمّ يحضر ليسمح له بالدخول، وعلى أي حال، فالمسألة المطروحة أن

[69]

 لا ندخل منزلا دون إذن.

ثمّ تضيف الآية (وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم) إشارة إلى أنّه لا لزوم لانزعاج المرء إن لم يؤذن له بالدخول، فلعلّ صاحب المنزل في وضع غير مريح، أو أن منزله لم يهيأ لاستقبال الضيوف!

وبما أن بعض الناس قد يدفعهم حبّ الإطلاع والفضول حين رفضهم استقباله على استراق السمع، أو التجنس من ثقب الباب لكشف خفايا أهل المنزل وليطلع على أسرارهم، لهذا قالت الآية: (والله بما تعملون عليم).

وبما أن لكل حكم استثناءً، لرفع المشكلات والضرورات بشكل معقول عن طريقه، تقول آخر آية موضع البحث: (ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة فيها متاع لكم).

وتضيف في الختام (والله يعلم ما تبدون وما تكتمون). ولعل ذلك إشارة إلى استغلال البعض هذه الإستثناءات، فيتذرّع بأنّ المنزل غير مسكون فيدخله بهدف الكشف عن بعض الأسرار، أو الدخول إلى منازل مسكونة متذرعاً بعدم علمه بأنّها مسكونة، إلاّ أنّ الله يعلم بكلّ هذه الأعمال، ويعلم الذين يسيئون الإستفادة من هذا الإستثناء.

* * *

 

بحوث

1 ـ الأمن والحرية في حريم المنزل

لا ريب في أن لوجود الإنسان بعدين: بعد فردي، وآخر إجتماعي، ولهذا فله نوعان من الحياة: حياة خاصّة، وأخرى عامّة. ولكل واحدة خصائصها وآدابها، حيث يضطر الإنسان في البيئة الإجتماعية إلى تحمل قيود كثيرة من حيث اللباس والحركة، ومواصلة الإنسان حياته على هذا النسق وحده ـ خلال الأربع

[70]

والعشرين ساعة ـ مُتعب ويبعث على الضجر، إذ أنّه يرغب في أن يكون حراً خلال فترة من الليل والنهار ليستريح بعيداً عن هذه القيود، مع أسرته وبين أولاده، لهذا يلجأ إلى منزله الخاص به، وينعزل بذلك عن المجتمع بشكل مؤقت، ليتخلص من قيوده، فيجب أن يكون محيط المنزل آمناً إلى حدٍّ كاف.

وأمّا إذا أراد كلّ عابر الدخول إلى منازل الآخرين، فلا تبقى حرمة لمنازل الناس، ويسلب منها أمنها وحريتها، وبهذا تتحول إلى بيئة عامّة كالسوق والشارع. ولهذا السبب كانت بين الناس ـ على مرّ العصور ـ أعراف خاصّة في هذا المجال. حتى أن جميع قوانين العالم تمنع الدخول إلى منازل الآخرين دون استئذان وتعاقب عليه، وحتى في حالات الضرورة القصوى ولغرض حفظ الأمن وغايات أخرى أجيز عدد قليل على وفق القانون بالدخول إليها.

ونصّت الأحكام الإسلامية على تعاليم وآداب خاصّة في هذا المجال،  لا يشاهد نظيرها إلاّ نادراً.

نقرأ في حديث أن الصحابي الجليل أبا سعيد الخدري استأذن على الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو مستقبل الباب فقال عليه الصلاة والسلام: «لا تستأذن وأنت مستقبل الباب».(1)

وجاء في حديث آخر أن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب. من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر فيقول: السلام عليكم، وذلك لأنّ الدور لم يكن عليها حينئذ ستور.

وجاء في الأحاديث الإسلامية ضرورة استئذان المرء حين دخوله إلى منزل والده أو والدته، وحتى حين الدخول إلى منزل ولده.(2)

وجاء في حديث عن الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) جواباً على استفسار رجل: قال: أستأذن



1 ـ تفسير فخر الرازي، المجلد 23، ص 198، آخر آية موضع البحث.

2 ـ المصدر السابق.

[71]

على اُمي؟ أجاب(صلى الله عليه وآله وسلم): نعم. قال: إنّها ليس لها خادم خادم غيري أفأستاذن عليها كلما دخلت؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): أتحب أن تراها عريانه؟ قال الرجل لا، فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): فاستأذن عليها(1).

وجاء في حديث آخر عن الامام الباقر(عليه السلام) عن جابر بن عبد اللّه الانصاري قال: «خرج رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) يريد فاطمة(عليها السلام) وأنا معه فلما انتهينا إلى الباب وضع يده فدفعه ثمّ قال: السلام عليكم، فقالت: فاطمة(عليها السلام): عليك السلام يا رسول اللّه، قال: أدخل؟ قالت: اُدخل يارسول اللّه، قال(صلى الله عليه وآله وسلم):أدخل ومن معي؟ قالت: يارسول اللّه ليس عليّ قناع، فقال: يا فاطمة خذي فضل ملحفتك فقنعي به رأسك ففعلت، ثمّ قال: السلام عليكم، فقالت: وعليك السلام يارسول اللّه، قال أدخل قالت: نعم يار سول اللّه، قال أنا ومن معي؟ قالت: ومن معك، قال جابر: فدخل رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) فدخلت...»(2)

وهذا الحديث يبيّن لنا كيف كان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو القدوة للمسلمين كافة، يراعي هذه الأُمور بدقة، وحتى جاء في حديث.

عن أبي عبدالله الصادق(عليه السلام)قال: «الاستيذان ثلاثة: أوّلهنّ يسمعون، والثّانية يحذرون، والثّالثة إن شاؤوا أذنوا وإن شاؤوا لم يفعلوا فيرجع المستأذن».(3)

ويرى بعض المفسّرين ضرورة وجود فواصل زمنية بين كل استئذان وآخر، إذ قد يكون صاحب المنزل لم يتهيأ ـ بعد ـ بلباس مناسب، أو يريد تغيير هيئة أو إعداد منزله، فيجب إعطاءه فرصةً ليعدّ نفسه ومنزله لاستقبال ضيفه، وعلى الضيف الإنصراف دون انزعاج أو توتُّر إن لم يُسمح له بالدخول.

 



1 ـ تفسير نور الثقلين، المجلد الثالث، الصفحة 586.

2 ـ نور الثقلين، المجلد الثّالث، صفحة 587.

3 ـ وسائل الشيعة المجلد الرّابع عشر، صفحة 161، أبواب مقدمات النكاح، الباب 23.

[72]

2 ـ ما المقصود بالبيوت غيرالمسكونة؟

في معرض الإجابة على هذا السؤال لابدّ من الإشارة إلى اختلاف المفسّرين في ذلك، فقد قال البعض: يقصد بها المباني التي لا يسكنها شخص معين، وهي لعموم الناس، كالمنازل العامّة في الطرق البرية والفنادق والحمامات العامّة وأمثالها. وقدجاء هذا المعنى بصراحة في حديث للإمام الصادق(عليه السلام)(1).

وفسّر البعض ذلك بالخرائب التي ليست لها جدران ولا أبواب، يدخلها من يشاء، غير أنّ هذا التّفسير يبدو بعيداً جداً عن الصواب، فلا أحد يضع متاعه في هذه المنازل.

وقال آخرون: إنّها إشارة إلى مخازن التجار وحوانيتهم، التي احتوت على متاع الناس أمانةً لديهم لغرض البيع، ويمكن لكلّ صاحب متاع الدخول إلى هذا المخزن ليأخذ متاعه، وهذا التّفسير أيضاً يبدو غير منسجم مع ما قصدته الآية.

كما يحتمل أنّها قصدت المنازل التي ليس فيها أحد، ويضع المرء متاعه فيها أمانةً بعد علمه برضا صاحبها ضمناً في حراستها ورفعها عند الحاجة.

وبعض هذه التفاسير لا يتناقض مع غيره، إلاّ أنَّ التّفسير الأوّل ينسجم انسجاماً أفضل مع معنى الآية وقصدها، ويتّضح بذلك أنَّه لا يجوز لشخص له متاع في منزل أن يدخل المنزل دون استئذان من صاحبه حتى لو لم يكن في البيت أحد حينذاك.

 

3 ـ عقاب من يتلصّص على منازل الناس:

جاء في كتب الفقه والحديث. إذا تلصّص شخص على داخل منزل وشاهد امرأة فيه لم تتحجب، فلاهل الدار أوّلا نهيهُ عن هذا العمل، وإن امتنع رموه



1 ـ وسائل الشيعة، المجلد الرّابع عشر، صفحة 161.

[73]

بالحجارة. وإن عاود، فبامكانهم الدفاع عن أعراضهم بآلة جارحة، فلو قُتل هذا الشخص في هذه الحالة فدمه هدر ولا ديّة له.

وطبيعي أنّه لابدّ من تتبع هذه الخطوات أوّلا بأول. أي: عليهم أوّلا إتباع السبيل اليسير لمنعه، ثمّ اتباع اُسلوب العنف.

* * *

 

[74]

 

 

الآيتان

 

قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَـرِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَـتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَنِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَنِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـنُهُنَّ أَوِ التَّـبِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الاْرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعَلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(31)

 

سبب النّزول

جاء في كتاب الكافي حول سبب نزول أوّل آية من الآيات السابقة، عن

[75]

الإمام الباقر(عليه السلام) قال: استقبل شاب من الأنصار أمرأة بالمدينة وكان النساء يقنعن خلف آذانهن، فنظر إليها وهي مقبلة، فلمّا جازت نظر إليها ودخل زقاق قد سمّاه يعني فلان، فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشقّ وجهه، فلمّا مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره، فقال: والله لاتين رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولأخبرنّه، قال: فآتاه فلمّا رآه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: ما هذا فأخبره، مهبط جبرئيل(عليه السلام) بهذه الآية: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم أن الله خبير بما يصنعون).(1)

 

التّفسير

مكافحة السفور وخائنة الاعين:

قلنا في البداية: إنّ هذه السورة ـ في الحقيقة ـ اختصت بالعفة والطهارة وتطهير الناس من جميع الإنحرافات الجنسية، وبحوثها منسجمة، وهي تدور حول الأحكام الخاصّة بالنظر إلى الإجنبية والحجاب، ولا يخفى على أحد ارتباط هذا البحث بالبحوث الخاصّة بالقذف.

تقول الآية أوّلا: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم).

وكلمة «يغضوا» مشتقّة من «غضّ» من باب «ردّ» وتعني في الأصل التنقيص، وتطلق غالباً على تخفيض الصوت وتقليل النظر. لهذا لم تأمر الآية أن يغمض المؤمنون عيونهم. بل أمرت أن يغضّوا من نظرهم. وهذا التعبير الرائع جاء لينفي غلق العيون بشكل تام بحيث لا يعرف الإِنسان طريقه بمجرّد مشاهدته امرأة ليست من محارمه، فالواجب عليه أن لا يتبحّر فيها، بل أن يرمي ببصره إلى الأرض، ويصدق فيه القول أنه غضَّ من نظره وأبعد ذلك المنظر من مخيلته.



1 ـ وسائل الشيعة، المجلد الرّابع عشر، صفحة 39، تفسير نور الثقلين، والميزان، وروح المعاني مع بعض الإختلاف في تفسير الآية موضع البحث.

[76]

وممّا يلفت النظر أنّ القرآن الكريم لم يحدد الشيء الذي يستوجب غضّ النظر عنه. (أي أنه حذف متعلّق الفعل) ليكون دليلا على عموميته. أي غضّ النظر عن جميع الأشياء التي حرم الله النظر إليها.

ولكن سياق الكلام في هذه الآيات، وخاصّة في الآية التالية التي تتحدث عن قضية الحجاب، يوضح لنا جيداً أنها تقصدالنظر إلى النساء غيرالمحارم، ويؤكّد هذا المعنى سبب النّزول الذي ذكرناه(1) سابقاً.

ويتّضح لنا ممّا سبق أن مفهوم الآية السابقة ليس هو حرمة النظر الحاد إلى النساء غيرالمحارم، ليتصور البعض أنَّ النظر الطبيعي إلى غير المحارم مسموح به، بل إن نظر الإنسان يمتدّ إلى حيّز واسع ويشمل دائره واسعة، فإذا وجد امرأة من غير المحارم عليه أن يخرجها عن دائرة نظره. وألاّ ينظر إليها، ويواصل السير بعين مفتوحة، وهذا هو مفهوم غضّ النظر. (فتأملوا جيداً).

الحكم الثّاني في الآية السابقة: هو «حفظ الفروج». و«الفرج» ـ كما قلنا سابقاً ـ يعني الفتحة والفاصلة بين شيئين، إلاّ أنّها هنا ورد كناية عن العورة.

والقصد من حفظ الفرج ـ كما ورد في الأحاديث ـ هو تغطيته عن الأنظار، وقد جاء في حديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) قوله: «كلّ آية في القرآن فيها ذكر الفروج فهي من الزنا، إلاّ هذه الآية فإنّها من النظر»(2).

إن الإسلام نهى عن هذا العمل المندفع مع الأهواء النفسية والشهوات، لأنّ (ذلك أزكى لكم) كُما نصّت عليه الآية ـ موضع البحث ـ في ختامها.

ثمّ تحذر الآية أُولئك الذين ينظرون بشهوة إلى غير محارمهم، ويبررون عملهم هذا بأنّه غير متعمّد فتقول: (إنّ الله خبير بما تصنعون).



1 ـ اختلف المفسّرون في تعليل وجود «من»
في جملة (يغضوا من أبصارهم)
فقال بعضهم إنّها للتبعيض وقيل: إنّها زائدة، وقيل: ابتدائية. ولكن الظاهر هو المعنى الأوّل.

2 ـ أصول الكافي، وتفسير علي بن إبراهيم (وفق ما نقله نورالثقلين المجلد الثالث، صفحة 587، 588).

[77]

وتناولت الآية التالية شرح واجبات النساء في هذا المجال، فأشارت أوّلا إلى الواجبات التي تشابه ما على الرجال، فتقول: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن).

وبهذا حرم الله النظر بريبة على النساء أيضاً مثلما حرّمه على الرجال، وفرض تغطيه فروجهن عن أنظار الرجال والنساء مثلما جعل ذلك واجباً على الرجال.

ثمّ أشارت الآية إلى مسألة الحجاب في ثلاث جمل:

1 ـ (ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها).

اختلف المفسّرون في تفسير الزينة التي تجب تغطيتها، والزينة الظاهرة التي يسمح باظهارها.

فقال البعض: إنّ الزينة المخفية هي الزينة الطبيعية في المرأة (جمال جسم المرأة) في حين أن استخدام هذه الكلمة بهذا المعنى قليل.

وقال آخرون: إنّها تعني موضع الزينة: لأن الكشف عن أداة الزينة ذاتها كالعضد والقلادة مسموح به، فالمنع يخصُ موضعها، أي اليدين والصدر مثلا.

وقال آخرون: خصّ المنع أدوات الزينة عندما تكون على الجسم، وبالطبع يكون الكشف عن هذه الزينة مرادفاً للكشف عن ذلك الجزء من الجسم. (و هذين التّفسيرين الأخيرين لهما نتيجة واحدة على الرغم من متابعة القضية عن طريقين مختلفين).

والحق أنّنا يجب أن نفسر الآية على حسب ظاهرها ودون حكم مسبّق، وظاهرها هو التّفسير الثّالث.

وعلى هذا، فلا يحق للنساء الكشف عن زينتهن المخفية، وإن كانت لا تُظهر أجسامهن، أي لا يجوز لهن الكشف عن لباس يتزيّن به تحت اللباس العادي أو العباءة، بنصّ القرآن الذي نهاهنَّ عن ذلك.

[78]

وذكرت الأحاديث التي رُويت عن أهل البيت(عليهم السلام) هذا المعنى، فقد فسّروا الزينة المخفية بالقلادة والدملج (حلي يشدُّ أعلى الساعد) والخلخال(1).

وقد فسّرت أحاديث عديدةُ أُخرى الزينة الظاهرة بالخاتم والكحل وأمثاله، لهذا نفهم بأنّ المراد من الزينة المخفية الزينة التي تحت الحجاب (فتأملوا جيداً).

2 ـ وثاني حكم ذكرته الآية هو: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) وكلمة «خُمُر» جمع «خِمار» على وزن «حجاب» في الأصل تعني «الغطاء»، إلاّ أنّه يطلق بصورة اعتيادية على الشيء الذي تستخدمه النسوة لتغطية رُؤوسهن.

و«الجيوب» جمع «جيب» على وزن «غيب» بمعنى ياقة القميص، وأحياناً يطلق على الجزء الذي يحيط بأعلى الصدر لمجاورته الياقة.

ويستنتج من هذه الآية أنّ النساء كنّ قبل نزولها، يرمين أطراف الخمار على أكتافهن أو خلف الرأس بشكل يكشفن فيه عن الرقبة وجانباً من الصدر، فأمرهن القرآن برمي أطراف الخمار حول أعناقهن أي فوق ياقة القميص ليسترن بذلك الرقبة والجزء المكشوف من الصدر. (ويستنتج هذا المعنى أيضاً عن سبب نزول الآية الذي ذكرناه آنفاً).

3 ـ وتشرح الآية في حكمها الثّالث الحالات التي يجوز للنساء فيها الكشف عن حجابهنّ وإظهار زينتهنّ، فتقول (ولا يبدين زينتهن إلاّ).

1 ـ (لبعولتهن).

2 ـ (أو آبائهن).

3 ـ (أو آباء بعولتهن).

4 ـ (أو أبنائهن).

5 ـ (أو أبناء بعولتهن).



1 ـ تفسير على بن إبراهيم لآخر الآية موضع البحث.

[79]

6 ـ (أو إخوانهن).

7 ـ (أو بني إخوانهن).

8 ـ (أو بني أخواتهن).

9 ـ (أو نسائهن).

10 ـ (أو ما ملكت أيمانهن).

11 ـ (أو التابعين غير أولي الإِربة من الرجال) أي الرجال الذين لا رغبة جنسية عندهم أصلا بالعنن أو بمرض غيره.

12 ـ (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء).

4 ـ وتبيّن الآية رابع الأحكام فتقول (ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ) أي على النساء أن يتحفّظن كثيراً، ويحفظن عفّتهنّ، ويبتعدن عن كلّ شيء يثير نار الشهوة في قلوب الرجال، حتى لا يتهمن بالإِنحراف عن طريق العفة.

ويجب أن يراقبن تصرفهن بشدّة بحيث لا يصل صوت خلخالهن إلى آذان غير المحارم، وهذا كله يؤكّد دقّة نظر الإسلام إلى هذه الأُمور.

وإنتهت الآية بدعوة جميع المؤمنين رجالا ونساءً إلى التوبة والعودة إلى الله ليفلحوا (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) وتوبوا أيّها الناس ممّا ارتكبتم من ذنوب في هذا المجال، بعدما اطلعتم على حقائق الأحكام الإسلامية، وعودوا إلى الله لتفلحوا، فلا نجاة لكم من كلّ الإنحرافات الخطرة إلاّ بلطف من الله ورحمته، فسلّموا أمركم إليه!

صحيح أنّه لا معنى للذنوب والمعاصي ـ في هذه المسألة ـ قبل نزول هذه الأحكام من الله، إلاّ أنّنا نعلم بأنّ قسماً من المسائل الخاصّة بالإنحطاط الخلقي ذا جانب عقلاني وكما في الإصطلاح أنها من «المستقلات العقلية» ويكفي لوحده في تحديد المسؤولية.

* * *

[80]

بحوث

1 ـ فلسفة الحجاب

ممّا لا شكّ فيه أنّ الحديث عن الحجاب للمتغربين في عصرنا الذي سمّوه بعصر التعري والحرية الجنسية، ليس حديثاً سارّاً حيث يتصوّرونه أُسطوره يعود لعصور خلت.

إلاّ أنّ الفساد الذي لا حدّ له، والمشاكل المتزايدة والناتجة عن هذه الحريّات التي لا قيد لها ولاحدود، أدى بالتدريج إلى ايجاد الأُذن الصاغية لهذا الحديث.

وقد تمّ حلّ كثير من القضايا في بيئات إسلامية ودينية أُخرى، خاصّة في أجواء إيران بعد الثورة الإسلامية، وأُجيب عن الكثير من هذه الأسئلة بشكل مقنع.

ومع كل هذا تستوجب أهمية الموضوع بحث هذه القضية بحثاً واسعاً وعميقاً.

والقضية المطروحة (نقولها مع الإعتذار): هل من الصحيح أن تُستغل النساء للتلذّذ من جانب الرجال عن طريق السمع والنظر واللمس (باستثناء المجامعة) وأن يَكُنْ تحت تصرف جميع الرجال، أو أن تكون هذه الأُمور خاصّة لأزواجهنّ؟

إنّ النقاش يدور حول هذا السؤال: هل يجب بقاء النساء في سباق لا نهاية له في عرض أجسامهنّ، وتحريك شهوات وأهواء الرجال؟ أو يجب تصفية هذه الأُمور من أجواء المجتمع، وتخصيصها بالأُسرة والحياة الزوجية؟!

الإسلام يساند الأسلوب الثّاني. ويعتبر الحجاب جزءاً من هذا الأُسلوب، في الوقت الذي يساند فيه الغربيون والمتغربون الشهوانيون الأُسلوب الأوّل!

يقول الإسلام: إنَّ الأُمور الجنسية سواءً كانت مجامعة أو استلذاذاً عن طريق السمع أو البصر أو اللمس خاصّ بالأزواج، ومحرّم على غيرهم، لأنّ ذلك يؤدّي إلى تلويث المجتمع وانحطاطه، وعبارة (ذلك أزكى لكم) التي جاءت في الآية

[81]

السابقة تشير إلى هذه المسألة.

إنّ فلسفة الحجاب ليست خافية على أحد للأسباب التالية:

1 ـ إنّ تعري النساء وما يرافقه من تجميل وتدلل ـ وما شاكل ذلك ـ يحرك الرجال ـ خاصّة الشباب ـ ويحطّم أعصابهم، وتراهم قد غلب عليهم الهياج العصبي، وأحياناً يكون ذلك مصدراً للأمراض النفسية، فأعصاب الإنسان محدودة التحمّل، ولا تتمكن من الإِستمرار في حالة الهيجان؟

ألم يقل أطباء علم النفس بأنّ هذه الحالة من الهيجان المستمر سبب للأمراض النفسية؟

خاصّة إذا لاحظنا أنّ الغريزة الجنسية، أقوى الغرائز في الإنسان وأكثرها عمقاً، وكانت عبر التاريخ السبب في أحداث دامية وإجرامية مرعبة، حتى قيل: إنّ وراء كلّ حادثة مهمّة امرأة!

أليس إثارة الغرائز الجنسية لعباً بالنار؟

وهل هذا العمل عقلاني؟

الإسلام يريد للرجال والنساء المسلمين نفساً مطمئنة وأعصاباً سليمة ونظراً وسماعاً طاهرين، وهذه واحدة من فلسفات الحجاب.

2 ـ تبيّن إحصاءات موثقة ارتفاع نسب الطلاق وتفكّك الأُسرة في العالم، بسبب زيادة التعرّي، لأنّ الناس أتباع الهوى غالباً، وهكذا يتحوّل حبّ الرجل من امرأة إلى أخرى، كلّ يوم، بل كل ساعة.

أمّا في البيئة التي يسودها الحجاب (والتعاليم الإسلامية الأُخرى) فالعلاقة وثيقة بين الزوج وزوجته، ومشاعرهما وحبهما مشترك.

وأمّا في سوق التعري والحرية الجنسية، حيث المرأة سلعة تباع وتشترى، أو في أقل تقدير موضع نظر وسمع الرجال، عندها يفقد عقد الزواج حرمته، وتنهار أُسس الأُسر بسرعة كانهيار بيت العنكبوت، ويتحمل هذه المصيبة الأبناء

[82]

بعد أن يفقدوا أولياءهم ويفقدوا حنان الأُسرة.

3 ـ انتشار الفحشاء وازدياد الأبناء غير الشرعين يعتبران من أنكى نتائج إلغاء الحجاب، ولا حاجة إلى إحصائية بهذا الصدد، فشواهدها ظاهرة في المجتمع الغربي، واضحة بدرجة لا تحتاج إلى بيان.

لا نقول: إنّ السبب الرئيسي في إزدياد الفحشاء والأبناء غيرالشرعيين ينحصر في إلغاء الحجاب وعدم الستر، ولا نقول: إنَّ الإستعمار المشؤوم والقضايا السياسية المخربة ليس لها دور قوي فيه، بل نقول: إن التعري من الأسباب القوية لذلك.

وكما نعلم فإن انتشار الفحشاء وازدياد الأبناء غير الشرعيين مصدر أنواع الجرائم في المجتمعات البشرية قديماً وحديثاً.