نقرأ في سيرة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أن أحد أصحابه يقول: «مارأيت أحداً أسرع في مشيته من رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)، كأنّما الأرض تطوى له، وإنّا لنجهد أنفسنا وإنّه لغير



1 ـ الكافي: طبقاً لنقل تفسير نور الثقلين، ج 4، ص 29.

[308]

مكترث».(1)

ونقرأ في حديث آخر عن الإِمام الصادق(عليه السلام) في تفسير الآية (الذين يمشون على الأرض) أنّه قال: «والرجل يمشي بسجيته التي جُبل عليها لا يتكلف  ولا يتبختر».(2)

وورد في حديث آخر، في حالات النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم): «قد كان يتكفأ في مشيه كإنّما يمشي في صبب».(3)

يعني حينما كان الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) يمشي فإنّه يخطو خطوات سريعة دونما استعجال، كأنّما يمشي في منحدر.

على أية حال فإنّ طريقة المشي ليست مقصودة بذاتها، بل هي نافذة إلى معرفة الحالة الروحية للإنسان، والآية في الحقيقة تشير إلى نفوذ روح التواضع والخشوع في أرواح وقلوب «عباد الرحمن».

 

2 ـ البخل والإسراف

لا شك أنّ «الإِسراف» واحد من الأعمال الذميمة بنظر القرآن والإِسلام، وورد ذم كثير له في الآيات والرّوايات، فالإسراف كان نهجاً فرعونياً: (وإنّ فرعون لعال في الأرض وأنّه لمن المسرفين).(4)

والمسرفون هم أصحاب جهنم والجحيم (وإن المسرفين هم أصحاب النار).(5)

ومع الإلتفات إلى أنّه أصبح ثابتاً اليوم أن منابع الثروات الأرضية ليست



1 ـ في ظلال القرآن، ذيل الآية مورد البحث، وفي تفسير القرطبي ينقل رواية أُخرى في هذا الصدد أيضاً لها شبه كبير بما قلناه أعلاه.

2 ـ مجمع البيان، ذيل الآية مورد البحث.

3 ـ تفسير روح المعاني، ذيل الآية مورد البحث.

4 ـ سورة يونس، الآية 83.

5 ـ سورة غافر، الآية 43.

[309]

كثيرة جداً نسبة إلى زيادة الكثافة السكانية للبشرية حتى يمكن للإنسان أن يسرف، وكل إسراف سيكون سبباً في حرمان أُناس لا ذنب لهم، فضلا عن أن الإسراف عادة قرين التكبر والغرور والبعد عن خلق الله.

في تفس الوقت فإنّ التقتير والبخل أيضاً، ذميم وقبيح وغير مقبول بنفس الدرجة، فالأصل على أساس النظرة التوحيدية، أن الله تبارك وتعالى هو المالك الأصلي، ونحن جميعاً مستخلفون من قبله، وكلّ نوع من التصرف دون إجازته ورضاه فهو قبيح وغير مقبول، ونحن نعلم أن الله لم يأذن بالإِسراف ولم يأذن بالبخل.

 

* * *

[310]

 

 

الآيات

 

وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَـهاً ءَاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلـقَ أَثَاماً (68)يُضَـعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَـمَةِ ويَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً(69) إِلاَّ مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَـلِحاً فَأُوْلَـئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَـت وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً(70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَلِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً(71)

 

التّفسير

بحث آخر في صفات عباد الرحمن:

ميزة «عباد الرحمن» السادسة التي وردت في هذه الآيات هي التوحيد الخالص الذي بيعدهم عن كل أنواع الشرك والثنوية والتعددية في العبادة، فيقول تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر).

فقد أنار التوحيد آفاق قلوبهم وحياتهم الفردية والإجتماعية، وانقشعت عن سماء أفكارهم وأرواحهم ظلمات الشرك.

[311]

الصفة السابعة طهارتهم من التلوث بدم الأبرياء (ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلاّ بالحق).(1)

ويستفاد جيداً من الآية أعلاه أن جميع الأنفس الإنسانية محترمة في الأصل، ومحرم إراقة دمائها إلاّ إذا تحققت أسباب ترفع هذا الإِحترام الذاتي فتبيح إراقة الدم.

صفتهم الثّامنة هي أن عفافهم لا يتلوث أبداً: (ولا يزنون).

إنّهم على مفترق طريقين: الكفر والإيمان، فينتخبون الإيمان، وعلى مفترق طريقين الأمان واللاأمان في الأرواح، فهم يتخيرون الأمان، وعلى مفترق طريقين: الطهر والتلوث: فهم يتخيرون النقاء والطهر. إنّهم يهيئون المحيط الخالي من كل انواع الشرك والتعدي والفساد والتلوث، بجدهم واجتهادهم.

وفي ختام هذه الآية يضيف تعالى من أجل التأكيد أكثر: (ومن يفعل ذلك يلق أثاماً).

«الإثم» و «آثام» في الأصل بمعنى الأعمال التي تمنع من وصول الإنسان إلى المثوبة، ثمّ أطلقت على كل ذنب، لكنّها هنا بمعنى جزاء الذنب.

قال بعضهم أيضاً: إن «إثم» بمعنى الذنب و «آثام» بمعنى عقوبة الذنب(2) فإذا رأينا أن بعض المفسّرين ذكروها بمعنى صحراء أو جبل أو بئر في جهنم فهو في الواقع من قبيل بيان المصداق.

و حول فلسفة تحريم الزنا، قدمنا بحثاً مفصلا في ذيل الآية (33) سورة الإسراء.

ومن الملفت للنظر في الآية أعلاه، أنها بحثت أولا في مسألة الشرك، ثمّ قتل



1 ـ الإستثناء في الجملة أعلاه «استثناء مفرغ»
اصطلاحاً، وكان في التقدير هكذا «لا يقتلون النفس التي حرم الله بسبب من الأسباب إلاّ بالحق».

2 ـ تفسير الفخر الرازي.

[312]

النفس، ثمّ الزنا، ويستفاد من بعض الرّوايات أن هذه الذنوب الثلاثة تكون من حيث الأهمية بحسب الترتيب الذي أوردته الآية.

ينقل ابن مسعود عن النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: سألت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): أي الذنب أعظم؟ قال: «أن تجعل لله نداً وهو خلقك» قال: قلت: ثمّ أَيُّ؟ قال: «أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك» قال: قلت: ثمّ أيُّ؟ قال: «أن تزاني حليلة جارك» فأنزل الله تصديقها.(1)

وبالرغم من أن الكلام في هذا الحديث، ورد عن نوع خاص من القتل والزنا، لكن مع الإنتباه إلى إطلاق مفهوم الآية يتجلى أنّ هذا الحكم يشمل جميع أنواع القتل والزنا، وما في الرّواية مصداق أوضحٌ لهما.

تتكيء الآية التالية أيضاً على ما سبق، من أن لهذه الذنوب الثّلاثة أهمية قصوى، فيقول تعالى: (يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً).

و يتجسد هنا سؤالان:

الأوّل: لماذا يتضاعف عذاب هذا النوع من الأشخاص؟ ولماذا لا يجازون على قدر ذنوبهم؟ وهل ينسجم هذا مع أصول العدالة!؟

الثّاني: إنّ الكلام هنا عن الخلود في العذاب، في حين أنّ الخلود هنا مرتبط بالكفار فقط. والذنب الأوّل من هذه الذنوب الثلاثة التي ذكرت في الآية يكون كفراً، فقط، وأمّا قتل النفس والزنا فليسا سبباً للخلود في العذاب.

بحث المفسّرون كثيراً في الإجابة على السؤال الأول، وأصح ما أوردوه هو أن المقصود من مضاعفة العذاب أن كل ذنب من هذه الذنوب الثلاثة المذكورة في هذه الآية سيكون له عقاب منفصل، فتكون العقوبات بمجموعها عذاباً مضاعفاً.



1 ـ صحيح «البخاري» و «مسلم» طبقاً لنقل مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث.

[313]

فضلا عن أنّ ذنباً ما يكون أحياناً مصدر الذنوب الأُخرى، مثل الكفر الذي يسبب ترك الواجبات وارتكاب المحرمات، وهذا نفسه موجب لمضاعفة العذاب الإلهي.

لهذا اتّخذ بعض المفسّرين هذه الآية دليلا على هذا الأصل المعروف أن: «الكفار مكلفون بالفروع كما أنّهم مكلفون بالأصول».

وأمّا في الإجابة على السؤال الثّاني: فيمكن القول أن بعض الذنوب عظيم إلى درجة يكون عندها سبباً في الخروج من هذه الدنيا بلا إيمان، كما قلنا في مسألة قتل النفس في ذيل الآية (93) سورة النساء.(1)

ومن الممكن أن يكون الأمر كذلك في مورد الزنا أيضاً، خاصّة إذا كان الزنا بمحصنة.

ومن المحتمل أيضاً أن «الخلود» في الآية أعلاه يقصد به من يرتكب هذه الذنوب الثلاثة معاً، الشرك وقتل النفس والزنا، والشاهد على هذا المعنى: الآية التالية حيث تقول: (إلاّ من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً).

واعتبر بعض المفسّرين ـ أيضاً ـ أن «الخلود» هنا بمعنى المدة الطويلة  لا الخالدة، لكن التّفسير الأوّل والثّاني أصح.

ومن الملفت للنظر هنا ـ فضلا عن مسألة العقوبات العادية ـ عقوبة أُخرى ذكرت أيضاً هي التحقير والمهانة، أي البعد النفسي من العذاب، وقد تكون بذاتها تفسيراً لمسألة مضاعفة العذاب، ذلك لأنّهم يعذبون عذاباً جسدياً وعذاباً روحياً.

لكن القرآن المجيد كما مرِّ سابقاً، لم يغلق طريق العودة أمام المجرمين في أي وقت من الأوقات، بل يدعو المذنبين إلى التوبة ويرغبهم فيها، ففي، الآية التالية يقول تعالى هكذا: (إلاّ من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأُولئك يبدل الله



1 ـ التّفسير الأمثل، الجزء الثّالث.

[314]

سيئاتهم حسنات، وكان الله غفوراً رحيماً).

كما مرّ بنا في الآية الماضية، ففي الوقت الذي ذكرت ثلاثة ذنوب هي من أعظم الذنوب، تركت الآية باب التوبة مفتوحاً أمام هؤلاء الأشخاص، وهذا دليل على أن كل مذنب نادم يمكنه العودة إلى الله، بشرط أن تكون توبته حقيقية، وعلامتها ذلك العمل الصالح (المُعَوِّض) الذي ورد في الآية، وإلاّ فإن مجرّد الإستغفار باللسان أو الندم غير المستقر في القلب لا يكون دليلا على التوبة أبداً.

المسألة المهمّة فيما يتعلق بالآية أعلاه هي: كيف يبدل الله «سيئات» أولئك «حسنات»؟

* * *

 

تبديل السيئات حسنات:

هنا عدّة تفاسير، يمكن القبول بها جميعاً:

1 ـ حينما يتوب الإنسان ويؤمن بالله، تتحقّق تحولات عميقة في جميع وجوده، وبسبب هذا التحول والإنقلاب الداخلي تتبدل سيئات أعماله في المستقبل حسنات، فإذا كان قاتلا للنفس المحترمة في الماضى، فإنّه يتبنى مكانها في المستقبل الدفاع عن المظلومين ومواجهة الظالمين. وإذا كان زانياً، فإنّه يكون بعدها عفيفاً وطاهراً، وهذا التوفيق الإلهي يناله العبد في ظل الإيمان والتوبة.

2 ـ أن الله تبارك وتعالى بلطفه وكرمه وفضله وإنعامه يمحو سيئات أعمال العبد بعد التوبة، ويضع مكانها حسنات، نقرأ في رواية عن أبي ذر: قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا صغار ذنوبه، وتخبأ كبارها، فيقال: عملت يوم كذا وكذا، وهو يقرّ ليس بمنكر، وهو مشفق من الكبائر أن تجيء، فإذا أراد الله خيراً قال: اعطوه مكان كل سيئة حسنة، فيقول: يا ربّ لي ذنوب ما رأيتها ها هنا؟» قال: ورأيتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ضحك حتى بدت نواجذه،

[315]

ثمّ تلا: (فأُولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات).(1)

3 ـ التّفسير الثّالت هو أن المقصود من السيئات ليس نفس الأعمال التي يقوم بها الإنسان، بل آثارها السيئة التي تنطبع بها روح ونفس الإنسان، فحينما يتوب ويؤمن تجتث تلك الآثار السيئة من روحه ونفسه، وتبدل بآثار الخير، وهذا هو معنى تبديل السيئات حسنات.

ولا منافاة بين هذه التفاسير الثلاثة قطعاً، ومن الممكن أن تجتمع كل هذه التفاسير الثلاثة في مفهوم الآية.

الآية التالية تشرح كيفية التوبة الصحيحة، فيقول تعالى: (ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً).(2)

يعني أن التوبة وترك الذنب ينبغي ألا تكون بسبب قبح الذنب، بل ينبغي ـ إضافة إلى ذلك ـ أن يكون الدافع إليها خلوص النية، والعودة إلى الله تبارك وتعالى.

لهذا فإنّ ترك شرب الخمر أو الكذب بسبب إضرارهما مثلا، وإن كان حسناً، لكنّ القيمة الأسس لهذا الفعل لا تتحقق إلاّ إذا استمدَّ من الدافع الربّاني.

بعض المفسّرين ذكروا تفسيراً آخر لهذه الآية، وهو أن هذه الجملة جواب على التعجب الذي قد تسببه الآية السابقة أحياناً في بعض الأذهان، وهو: كيف يمكن أن يبدل الله السيئات حسنات؟!، فتجيب هذه الآية: حينما يؤوب الإنسان إلى ربه العظيم، فلا عجب في هذا الأمر.

تفسير ثالث ذكر لهذه الآية، وهو أن كلَّ من تاب من ذنبه فإنّه يعود إلى الله، ومثوبته بلا حساب.



1 ـ عوالي اللئالي، طبقاً لنقل نور الثقلين، ج 4، ص 33.

2 ـ «متاب»
مصدر ميمي بمعنى التوبة، ولأنّه مفعول مطلق هنا، فهو للتوكيد.

[316]

وبالرغم من عدم وجود منافاة بين هذه التفاسير الثلاثة، لكن التّفسير الأوّل أقرب، خاصّة وأنّه يتفق مع الرّواية المنقولة في تفسير علي بن إبراهيم القمي في ذيل هذه الآية.

 

* * *

[317]

 

 

الآيات

 

وَ الَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِااللَّغْوِ مَرُّواْ كِرَاماً (72)وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِأَيَـتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً(73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَجِنَا وَذُرِّيَّـتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً(74) أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَروُاْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَـماً(75) خَـلِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً(76)

 

التّفسير

جزاء «عباد الرحمن»:

في متابعة للآيات الماضية التي كررت القول في خصائص «عباد الرحمن»، تشرح هذه الآيات بقية هذه الصفات:

الصفة الرفيعة التاسعة لهم، هي احترام وحفظ حقوق الآخرين: إنّ هؤلاء  لا يشهدون بالباطل مطلقاً: (والذين لا يشهدون الزور).

المفسّرون الكبار فسّروا هذه الآية على نحوين:

[318]

اعتبر بعضهم «الزور» بمعنى «الشهادة بالباطل» كما قلنا أعلاه، لأنّ «الزور» لغة بمعنى التمايل والإنحراف، وحيث أن الكذب والباطل والظلم من الإنحرافات، فإن «الزور» يطلق عليها.

هذه العبارة (شهادة الزور) في كتاب الشهادات في فقهنا، موجودة بنفس هذا العنوان، وقد نُهي عنها في روايات متعددة، وإن لم نرفي تلك الرّوايات استدلالا بالآية أعلاه.

التّفسير الآخر: هو أنّ المقصود من «الشهود» هو «الحضور» يعني أن عباد الرحمن لا يتواجدون في مجالس الباطل.

وفي بعض الرّوايات التي وردت عن طرق أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، فسّرت بـ «الغناء» أي تلك المجالس التي يتمّ فيها إنشاد اللهو مصحوباً بأنغام الآلات الموسيقية أو بدونها.

لا شك أنّ مراد هذا النوع من الرّوايات ليس هو تحديد مفهوم «الزور» الواسع بـ «الغناء»، فالغناء واحد من مصاديقه البارزة إنه يشمل سائر مجالس اللهو واللعب وشرب الخمر والكذب والغيبة وأمثال ذلك.

ولا يستبعد أيضاً أن يجتمع كلا التّفسيرين في معنى الآية، وعلى هذا فعباد الرحمن لا يؤدون الشهادة الكاذبة، ولا يشهدون مجالس اللهو والباطل والخطيئة، ذلك لأنّ الحضور في هذه المجالس ـ فضلا عن ارتكاب الذنب ـ فإنه مقدمة لتلوث القلب والروح.

ثمّ يشير تعالى في آخر الآية إلى صفتهم الرفيعة العاشرة، وهي امتلاك الهدف الإيجابي في الحياة، فيقول: (وإذا مروا باللغو مروا كراماً).

إنّهم لا يحضرون مجالس الباطل، ولا يتلوثون باللغو والبطلان. ومع الإلتفات إلى أن «اللغو» يشمل كل عمل لا ينطوي على هدف عقلائي، فإن ذلك يدل على أن «عباد الرحمن» يتحرون دائماً الهدف المعقول والمفيد والبناء، وينفرون من

[319]

اللاهدفية والأعمال الباطلة، فإذا اعترضهم هذا النوع من الأعمال في مسير حياتهم، مروا بمحاذاتها مرور اللامبالي، ولا مبالاتهم نفسها دليل على عدم رضاهم الداخلي عن هذه الأعمال، فهم عظماء بحيث لا تؤثر عليهم الأجواء الفاسدة ولا تغيرهم.

ولا شك أنّ عدم اعتنائهم بهذه الاُمور من جهة أنّهم لا طريق لهم إلى مواجهة الفساد والنهي عن المنكر، وإلاّ فلا شكّ أنّهم سوف يقفون ويؤدون تكاليفهم حتى المرحلة الأخيرة.

الصفة الحادية عشر لهذه النخبة امتلاك العين الباصرة والأذن السامعة حين مواجهتهم لآيات الخالق، فيقول تعالى: (والذين إذا ذكروا بآيات ربّهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً).

من المسلّم أنّ المقصود ليس الإشارة إلى عمل الكفار، ذلك لأنّهم لا اعتناء لهم بآيات الله أصلا، بل إن المقصود: فئة المنافقين أو مسلمو الظاهر، الذين يقعون على آيات الله بأعين وآذان موصدة، دون أن يتدبروا حقائقها ويسبروا غورها، فيعرفوا ما يريده الله ويتفكروا فيه، ويستهدوه في أعمالهم.

ولا يمكن طي طريق الله بعين وأذن موصدتين، فالأذن السامعة والعين الباصرة لازمتان لطي هذا الطريق، العين الناظرة في الباطن، المتعمقة في الأشياء، والأذن المرهفة العارفة بلطائف الحكمة.

ولو تأملنا جيداً لأدركنا أن ضرر هذه الفئة ذات الأعين والآذان الموصدة وفي ظنها أنّها تتبع الآيات الإلهية، ليس أقلّ من ضرر الأعداء الذين يطعنون بأصل شريعة الحق عن وعي وسبق اصرار، بل أن ضررهم أكثر بمراتب أحياناً.

التلقي الواعي عن الدين هو المعين الأساس للمقاومة والثبات والصمود، لأنْ من اليسير خداع من يقتصر على ظواهر الدين، وبتحريفه يتم الإنحراف عن الخط الأصيل، فيهوي بهم ذلك إلى وادي الكفر والضلالة وعدم الإيمان.

[320]

هذا النوع من الأفراد أداة بيد الأعداء، ولقمة سائغة للشياطين، المؤمنون وحدهم هم المتدبرون المبصرون السامعون كمثل الجبل الراسخ، فلا يكونون لعبة بيد هذا أو ذاك.

نقرأ في حديث عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن قول الله عزَّوجلّ: (والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً)، قال: «مستبصرين ليسوا بشكاك».(1)

الصفة الثّانية عشر الخاصّة لهؤلاء المؤمنين الحقيقيين، هي التوجه الخاص إلى تربية أبنائهم وعوائلهم، وإيمانهم بمسؤوليتهم العظيمة إزاء هؤلاء (والذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين).

بديهي أن معنى هذا ليس أن يقبعوا في زاوية ويتضرعوا بالدعاء، بل إن الدعاء دليل شوقهم وعشقهم الداخلي لهذا الأمر، ورمز جدهم واجتهادهم.

من المسلَّم أنّ أفراداً كهؤلاء لا يقصرون في بذل مالديهم من طاقة وقدرة في تربية أبنائهم وأزواجهم، وتعريفهم بأصول وفروع الإسلام، وسبل الحق والعدالة وفي ما لا تصل إليه قدرتهم وطاقتهم، فإنّهم يدعون الله، يسألونه التوفيق بلطفه.

فالدعاء الصحيح من حيث الأصل، ينبغي أن يكون هكذا: السعي بمقدار الإستطاعة، والدعاء خارج حدّ الإستطاعة.

«قرّة العين» كناية عمّن يُسرَّ به، هذا التعبير أُخذ في الأصل من كلمة «قر» التي بمعنى البرد، وكما هو معروف (وقد صرح به كثير من المفسّرين) أن دمعة الشوق والسرور باردة، ودموع الحزن والغم حارة حارقة، لذا فـ «قرّة عين» بمعنى الشيء الذي يسبب برودة عين الإنسان، يعني أن دمعة الشوق تنسكب من عينيه، وهذه كناية جميلة عن السرور والفرح.(2)



1 ـ نور الثقلين، ج4، ص 43 .

2 ـ الشاهد على هذا القول، الشعر الذي نقله القرطبي في تفسيره عن أحد الشعراء العرب.

فكم سخنت بالأمسِ عينٌ قريرة وقرتْ عيون دمعها اليوم ساكب

[321]

مسألة تربية الأبناء وإرشاد الزوجات، ومسؤولية الآباء والأمهات إزاء أطفالهم من أهم المسائل التي أكد عليها القرآن، وسنفصل القول فيها إن شاء الله في ذيل الآية (6) من سورة التحريم.

وأخيراً فالصفة الرفيعة الثّالثة عشر لعباد الرحمن التي هي أهم هذه الصفات من وجهة نظر معينة: هي أنّهم لا يقنعون أبداً أنّهم على طريق الحق، بل أن همتهم عالية بحيث يريدون أن يكونوا أئمة وقدوات للمؤمنين، ليدعوا الناس إلى هذا الطريق أيضاً.

إنّهم ليسوا كالزهاد المنزوين في الزوايا، وليس همّهم انقاذ أنفسهم من الغرق، بل إن سعيهم هو أن ينقذوا الغرقى.

لذا يقول في آخر الآية، إنّهم الذين يقولون: (واجعلنا للمتقين إماماً).

ينبغي الإلتفات إلى هذه النكتة أيضاً، إنّهم لا يدعون ليكونوا في موقع العظماء جزافاً، بل إنّهم يهيئون أسباب العظمة والإمامة بحيث تجتمع فيهم الصفات اللائقة بالقدوة الحقيقية، وهذا عمل عسير جداً، وله شرائط صعبة وثقيلة.

ولا ننس أنّ القرآن لا يذكر في هذه الآيات صفات جميع المؤمنين، بل أوصاف نخبة ممتازة من المؤمنين في الصف المتقدم بعنوان «عباد الرحمن». نعم، إنّهم عباد الرحمن، وكما أن رحمة الله العامّة تشمل الجميع فإنّ رحمة الله بهؤلاء العباد عامّة أيضاً من أكثر من جهة، فعلمهم وفكرهم وبيانهم وقلمهم ومالهم وقدرتهم تخدم بلا انقطاع في طريق هداية خلق الله.

أُولئك نماذج وأُسوات المجتمع الإنساني.

أُولئك قدوات المتقين.

إنّهم أنوار الهداية في البحار والصحاري. ينادون التائهين إليهم لينقذوهم من الغرق في الدوامة، ومن السقوط في المزالق.

[322]

نقرأ في روايات متعددة أنّ هذه الآية نزلت في علي(عليه السلام) وائمّة أهل البيت(عليهم السلام).

ونقرأ في رواية أخرى عن الإمام الصادق(عليه السلام): «إيانا عنى».(1)

ولا شك أن أئمة أهل البيت(عليهم السلام) من أوضح مصاديق هذه الآية، لكن هذا لا يمنع من اتساع مفهوم الآية، فالمؤمنون الآخرون أيضاً يكون كل منهم إماماً وقدوة للآخرين بمستويات متفاوتة.

واستنتج بعض المفسّرين من هذه الآية أن طلب الرئاسة المعنوية والروحانية ليس غير مذموم فقط، بل إنه مطلوب ومرغوب فيه أيضاً.(2)

وينبغي الإلتفات ضمناً إلى أن كلمة «إمام» وإن كانت للمفرد، إلاّ أنّها تأتي بمعنى الجمع، وهكذا هي في الآية.

بعد إكمال هذه الصفات الثلاثة عشرة، يشير تعالى إلى عباد الرحمن هؤلاء مع جميع هذه الخصائص، وفي صورة الكوكبة الصغيرة، فيبيّن جزاءهم الإلهي (أُولئك يجزون الغرفة بما صبروا).

«غرفة» من مادة «غرف» (على وزن حرف): بمعنى رفع الشيء وتناوله، ويقال لما يغترف ويتناول «غرفة» (كاغتراف الإنسان الماء من العين بيده للشرب) ثمّ أُطلقت على الأقسام العليا من البناء، ومنازل الطبقات العليا، وهي هنا كناية عن أعلى منازل الجنّة.

لذلك فإنّ «عباد الرحمن» بامتلاكهم هذه الصفات، يكونون في الصف الأوّل من المؤمنين، وينبغي أن تكون درجتهم في الجنّة أعلى درجة أيضاً.

المهم أنّه يقول: إن هذا المقام العالي قد أُعطي لهم بسبب ما قدموا من ضريبة الصبر والإستقامة في طريق الله، ومن الممكن أن يتصور أن هذا وصف آخر من



1 ـ أورد هذه الروايات في تفسير آخر هذه الآية «علي بن إبراهيم»، ومؤلف كتاب نور الثقلين في تفسيريهما.

2 ـ يراجع تفسير «القرطبي» وتفسير «الفخر الرازي».

[323]

أوصافهم، لكن هذا في الحقيقة ليس وصفاً جديداً، بل هو ضمانة تطبيق جميع الصفات السابقة، وإلاّ فهل يمكن أن نتصور عبادة الخالق، ومواجهة الطغيان والشهوات، وترك شهادة الزور، والتواضع والخشوع وغيرها من الصفات بدون صبر واستقامة.

هذا البيان يُذكّر الإنسان بالحديث المعروف عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام)حيث يقول: «والصبر من الإيمان كالرأس من الجسد» فبقاء الجسد من بقاء الرأس، ذلك لأن قيادة جميع أعضاء البدن تستقر في دماغ الإنسان.

وعلى هذا فللصبر هنا مفهوم واسع، فالتحمل والصمود أمام مشكلات طريق الحق، والجهاد والمواجهة ضد العصاة، والوقوف أمام دواعي الذنوب، تجتمع كلها في ذلك المفهوم، وإذا فسر في بعض الرّوايات بالصبر على الفقر والحرمان المالي، فمن المسلم أن ذلك من قبيل بيان المصداق.

ثمّ يضيف تعالى: (ويلقّون فيها تحية وسلاماً).

أهل الجنّة يحي بعضهم بعضاً، وتسلم الملائكة عليهم، وأعلى من كل ذلك أن الله يحييهم ويُسلم عليهم، كما نقرأ في الآية (58) من سورة يس (سلام من ربّ رحيم)، ونقرأ في الآية (23 و24) من سورة يونس (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم...).

تُرى هل لـ «التحية» و«السلام» هنا معنيان، أم معنى واحد!؟ ثمّة أقوال بين المفسّرين، لكن مع الإلتفات إلى أن «التحية» في الأصل بمعنى الدعاء لحياة الغير، و«سلام» من مادة السلامة، وبمعنى الدعاء للغير.

على هذا نستنتج: أن الكلمة الأُولى بعنوان طلب الحياة، للمخاطب والكلمة الثّانية طلب اقتران هذه الحياة مع السلامة، ولو أن هاتين الكلمتين تأتيان بمعنى واحد أحياناً.

[324]

«التحية» في العرف لها معنى أوسع، فهي كل ما يقولونه في بيان اللقاء مع الآخرين، فيكون سبباً في سرورهم واحترامهم وإظهار المحبّة لهم.

ثمّ يقول تبارك وتعالى للتأكيد أكثر: (خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً).

 

* * *

[325]

 

 

الآية

 

قُلْ مَا يَعْبَؤُاْبِكُمْ رَبِّى لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامَا(77)

 

التّفسير

لولا دعاؤكم، لما كانت لكم قيمة:

هذه الآية التي هي الآية الأخيرة في سورة الفرقان، جاءت في الحقيقة نتيجة لكل السورة، وللأبحاث التي بصدد صفات «عباد الرحمن» في الآيات السابقة، فيقول تبارك وتعالى مخاطباً النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم): (قل ما يعبؤبكم ربّي لو لا دعاؤكم).

«يعبؤ» من مادة «عبء» بمعنى «الثقل»، وعلى هذا فجملة لا يعبأ يعني لايزن، وبعبارة أُخرى لا يعتني.

ولو أن احتمالات كثيرة ذكرت هنا في مسألة معنى الدعاء، لكن أساس جميعها يعود إلى أصل واحد.

فذهب البعض: إن الدعاء هو نفس ذلك المعنى المعروف للدعاء.

بعض آخر فسّره بمعنى الإيمان.

وبعض بمعنى العبادة والتوحيد.

وآخر، بمعنى الشكر.

[326]

وبعض: بمعنى التضرع إلى الله في المحن والشدائد.

لكنّ أساس جميعها هو الإيمان والتوجه إلى الله.

وبناء على هذا، يكون مفهوم الآية هكذا: إن ما يعطيكم الوزن والقيمة والقدر عند الله هو الإِيمان بالله والتوجه إليه، والعبودية له.

ثمّ يضيف تعالى: (فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً).

من الممكن التصور أن تضاداً بين بداية الآية ونهايتها، أو أنّه لا يبدو على الأقل الإرتباط والإنسجام اللازم بينهما، ولكن إذا دققنا قليلا يتّضح أنّ المقصود أساساً هو: أنّكم قد كذبتم فيما مضى بآيات الله وبأنبيائه، فإذا لم تتوجهوا إلى الله، ولم نسلكوا طريق الإيمان به والعبودية له، فلن تكون لكم أية قيمة أو مقام عنده، وستحيط بكم عقوبات تكذيبكم.(1)

ومن جملة الشواهد الواضحة التي تؤيد هذا التّفسير، الحديث المنقول عن الإمام الباقر(عليه السلام)، أنّه سُئِلَ: «كثرة القراءة أفضل أو كثرة الدعاء»؟ فقال(عليه السلام): «كثرة الدعاء أفضل وقرأ هذه الآية».(2)

* * *

 



1 ـ الآية أعلاه من الآيات التي هي مورد مناقشات كثيرة بين المفسّرين، وما قلناه في تفسيرها هو أوضح تفسير، لكن جماعة من المفسّرين المعروفين ذكروا لها تفسير آخر خلاصته هكذا.

لا اعتناء لله بكم، ذلك لأنّكم كذبتم بآياته، إلاّ أن الله يدعوكم إلى الإيمان (طبقاً لهذها التّفسير: «دعاؤكم» من قبيل إضافة المصدر إلى المفعول، وفاعله ضمير يعود إلى «ربّي».

لكن طبقاً للتفسير الذي اخترناه فإن «دعاؤكم» من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل، وظاهر إضافة المصدر إلى الضمير هي أن تكون الإضافة إلى الفاعل، إلاّ أن تظهر قرينة على خلافه).

ثمّة تفسير ثالث لهذه الآية وهو أنّ الهدف بيان: إنّكم أيّها البشر، غالباً ما سلكتم طريق التكذيب، فلا وزن ولا قدر لكم عند الله، إلاّ لأجل تلك الأقلية مثل «عباد الرحمن» الذين يتوجهون إلى الله ويدعونه بإخلاص (هذا التّفسير وإن كان صحيحاً من ناحية المعنى والمضمون، لكنّه لا يوافق ظاهر الآية كثيراً، ذلك لأنّ الضمير في «دعاؤكم» و«كذبتم» يعود ظاهراً إلى فئة واحدة لا فئتين (فتأمل!).

2 ـ تفسير الصافي، ذيل هذه الآية ـ نقلوا لهذه الرّواية أيضاً تفاسير أُخرى يتفاوت يسير، نقلت أيضاً روايات أُخرى شاهدة على التّفسير أعلاه، بعضها عن أمالي الشيخ الطوسي، وبعضها عن تفسير علي بن إبراهيم ذيل هذه الآية.

[327]

بحث

الدعاء طريق إصلاح النفس ومعرفة الله:

معلوم أن مسألة الدعاء أعطيت أهمية كبيرة في آيات القرآن والرّوايات الإسلامية، حيث كانت الآية أعلاه أنموذجاً منها، غير أن قد يكون القبول بهذا الأمر ابتداءً صعباً على البعض، كأنّه يقال: الدعاء عمل سهل جدّاً، ويمكن أن يؤديه الجميع أو يتوسعون أكثر فيقولون: الدعاء عمل المغلوبين على أمرهم، الأمر الذي لا أهمية له.

لكن الإشتباه هنا ينشأ من أنّهم ينظرون إلى الدعاء الخالي من شرائطه، في حين إذا أخذت الشرائط الخاصّة للدعاء بنظر الإعتبار، فإن هذه الحقيقة تثبت بوضوح. وهي أن الدعاء وسيلة مؤثرة في إصلاح النفس، والإرتباط القريب بين الله والإنسان.

أوّل شرائط الدعاء، معرفة المدعو.

الشرط الثاني: تخلية القلب وإعداد الروح لدعائه تبارك وتعالى، ذلك لأن الإنسان حينما يذهب باتجاه أحد، ينبغي أن يملك الإستعداد للقائه.

الشرط الثّالث للدعاء: هو جلب رضاه من يدعوه الإنسان، ذلك لأنّه لا يحتمل التأثير بدون ذلك الأنادراً.

وأخيراً فالشرط الرّابع لاستجابة الدعاء: هو أن يستخدم الإنسان كلّ قدرته، وقوته واستطاعته في عمله، ويؤديه بأعلى درجة من الجدّ والإجتهاد، ثمّ يرفع يديه ويوجه قلبه إلى بارئه بالدعاء في ماوراء ذلك.