![]() |
![]() |
![]() |
2 ـ نهج البلاغة، الكلمات القصار جملة 192.
ويمكن التوفيق بين هذا التّفسير والتّفسير السابق (لأنّ استعمال اللفظ في أكثر من معنى جائز).
إذ ورد في تفسير (ولا تنس نصيبك من الدنيا ) عن الإمام علي ابن أبي طالب(عليه السلام) أنّه قال: «لا تنس صحتك وقدرتك وفراغك وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الآخرة» (1).
وطبقاً لهذا التّفسير فالعبارة المتقدمة بمثابة التنبيه لجميع الناس، لئلا يضيعوا أوقاتهم وفرصهم فإنّها تمر مرّ السحاب.
والنصيحة الثّالثة هي (وأحسن كما أحسن الله إليك ).
وهذه حقيقة أُخرى، وهي أَن الإنسان يرجو دائماً نعم الله واحسانه وخيره ولطفه، وينتظر منه كل شيء. فبمثل هذه الحال كيف يمكن له التغاضي عن طلب الآخرين الصريح أو لسان حالهم.. وكيف لا يلتفت إليهم!.
وبتعبير آخر: كما أنّ الله تفضل عليك وأحسن، فأحسن أنت إلى الناس.
وشبيه هذا الكلام نجده في الآية (22) من سورة النور في شأن العفو والصفح، إذ تقول الآية: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم ).
ويمكن تفسير هذه الجملة بتعبير آخر، وهو أنّ الله قد يهب الإنسان مواهب عظيمة لايحتاج إليها جميعاً في حياته الشخصيّة فقد وهبه العقل والقدرة التي لا تدير فرداً واحداً فحسب، بل تكفي لإدارة بلد أيضاً ووهبه علماً لا يستفيد منه إنسان واحد فقط، بل ينتفع به مجتمع كامل.
أعطاه مالا وثروة لتنفيذ المناهج الإجتماعية.
فهذه المواهب الإلهية مفهومها الضمني أنّها لا تتعلق بك وحدك ـ أيّها الإنسان ـ بل أنت وكيل مخوّل من قبل الله لنقلها إلى الآخرين، أعطاك الله هذه المواهب لتدير بها عباده!.
1 ـ معاني الأخبار، مطابق تفسير نور الثقلين، ج 4، ص 139.
والنصيحة الرابعة والأخيرة أن لا تغرنّك هذه الاموال والامكانات المادية فتجرّك الى الفساد. (ولا تبغ الفساد في الآرض إنّ الله لا يحبّ المفسدين ).
وهذا أيضاً حقيقة واقعية أُخرى، إنّ كثيراً من الأثرياء وعلى أثر جنون زيادة المال ـ أحياناً ـ أو طلباً للاستعلاء، يفسدون في المجتمع، فيجرّون إلى الفقر والحرمان، ويحتكرون جميع الأشياء في أيديهم، ويتصورون أنّ الناس عبيدهم ومماليكهم، ومن يعترض عليهم فمصيره الموت، وإذا لم يستطيعوا إتهامه أو الإساءة إليه بشكل صريح، فإنّهم يجعلونه معزولا عن المجتمع بأساليبهم وطرائقهم الخاصة...
والخلاصة: إنّهم يجرون المجتمع إلى الفساد والإنحراف.
وفي كلام جامع موجز نصل إلى أن هؤلاء الناصحين سعوا أولا إلى أن يكبحوا غرور قارون!.
ثمّ نبهوه أَن الدنيا إنّما هي وسيلة ـ لا هدف ـ في مرحلتهم الثّانية.
وفي المرحلة الثّالثة أنذروه بأن ما عندك تستفيد من قسم قليل منه، والباقي لغيرك.
وفي المرحلة الرابعة أفهموه هذه الحقيقة، وهي أن لا ينسى الله الذي أحسن إليه فعليه أن يحسن إلى الآخرين.. وإلاّ فإنّهُ يسلب مواهبه منك.
وفي المرحله الخامسة حذروه من أن مغبة الفساد في الأرض الذي يقع نتيجة نسيان الأصول الأربعه آنفة الذكر.
وليس من المعلوم بدقّة من هم الناصحون لقارون يومئذ ولكن القدر المسلم به أنّهم رجال علماء متقون، أذكياء، ذوو نجدة وشهامة، عارفون للمسائل الدقيقة الغامضة!.
ولكن الاعتقاد بأنّ الناصح لقارون هو موسى(عليه السلام) نفسه بعيد جدّاً، لأنّ القرآن يعبّر عن من قدم النصح بصيغة الجماعة (إذ قال له قومه ).
والآن لنلاحظ ما كان جواب هذا الإنسان الباغي والظالم الإسرائيلي لجماعته الواعظين له!.
فأجابهم قارون بتلك الحالة من الغرور والتكبر الناشئة من ثروته الكبيرة، و(قال إنّما أوتيته على علم عندي ).
هذا لا يتعلق بكم، وليس لكم حق أن ترشدوني إلى كيفية التصرف بمالي، فقد أوجدته بعلمي وإطلاعي.
ثمّ إنّ الله يعرف حالي ويعلم أنّي جدير بهذا المال الذي أعطانيه، وعلمني كيف أتصرف به، فلا حاجة إلى تدخلكم!.
وبعد هذا كله فقد تعبت وبذلت جهوداً كبيرة في سبيل جمع هذا المال، فإذا كان الآخرون جديرين بالمال، فلم لا يتعبون ويجهدون أنفسهم؟ فلست مضايقاً لهم، وإذا لم يكونوا جديرين، فليجوعوا وليموتوا فهو أفضل لهم(1).
هذا المنطق العفن المفضوح طالما يردده الأثرياء الذين لا حظّ لهم من الإيمان أمام من ينصحهم.
وهذه اللطيفة جديرة بالإلتفات وهي أن القرآن لم يصرّح بالعلم الذي كان عند قارون وأبقاه مبهماً، ولم يذكر أي علم كان عند قارون حتى استطاع بسببه على هذه الثروة الطائلة!.
أهو علم الكيمياء، كما فسّره بعضهم.
أم هو علم التجارة والصناعة والزراعة.
أم علم الإدارة الخاص به، الذي استطاع بواسطته أَن يجمع هذه الثروة العظيمة.
أم جميع هذه العلومِ!
1 ـ جملة (إنّما أوتيته على علم عندي ) تصلح للمعاني الثلاثة المتقدمة جميعاً، كما أنّها تصلح لاي واحد منها كما فسروا (فتأملوا بدقّة) .
لا يبعد أن يكون مفهوم الآية واسعاً وشاملا لجميع هذه العلوم «بالطبع بصرف النظر عن أَن علم الكيمياء علم يستطاع بواسطته قلب النحاس وأمثاله ذهباً، وهل هو خرافة أم حقيقة واقعية»؟
وهنا يجيب القرآن على قول قارون وأمثاله من المتكبرين الضالين، فيقول: (أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوّة وأكثر جمعاً ).
أتقول: (إنّما أوتيته على علم عندي ) ونسيت من كان أكثر منك علماً وأشدّ قوّة وأثرى مالا، فهل استطاعوا أن يفروا من قبضة العذاب الإلهي؟!
لقد عبّر اولو الالباب والضمائر الحيّة عن المال بقولهم لقارون: (ما آتاك الله )، ولكن هذا الغافل غير المؤدّب ردّ على قولهم بأنّ ما عنده من مال فهو بواسطة علمه!!
لكن الله سبحانه عبّر عن حقارة قوّته وقدرته أمام إرادته ومشيئته جلّوعلا بالعبارة المتقدمة آنفاً.
وفي ختام الآية إنذار ذو معنى كبير آخر لقارون، جاء في غاية الإيجاز: (ولا يُسأل عن ذنوبهم المجرمون ).
فلا مجال للسؤال والجواب، فالعذاب واقع ـ لا محالة ـ بصورة قطعيّة ومؤلمة، وهو عذاب فجائي مُدمّر!.
وبعبارة أُخرى أن العلماء من بني إسرائيل نصحوا قارون هذا اليوم وكان لديه مجال والجواب، لكن بعد إتمام الحجة ونزول العذاب الإلهي، عندئذ لا مجال للتفكير والجواب، فاذا حلّ العذاب الالهي بساحته فهو الهلاك الحتمي.
هنا يرد سؤال حول الآية التي تقول: (ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ) أي سؤال هذا الذي نفاه الله أهو في الدنيا أم في الآخرة؟!
قال بعض المفسّرين: إنّ المقصود بعدم السؤال هو في الدنيا، وقال بعضهم:
بل المقصود أنّه في الآخرة! لكن لا مانع من أن يكون عدم السؤال في الدارين «الدنيا والأخرة».
أي لا يسألون حال نزول العذاب في الدنيا، لئلا يدافعوا عن أنفسهم ويبرئوا ساحتهم،ويظهروا الأعذار تلوا الأعذار. ولا يُسألون يوم القيامة ـ أيضاً ـ لأنّ يوم القيامة لا يبقى فيه شي خافياً، فكل شيء واضح، وكما يعبّر القرآن تعبيراً دقيقاً في هذا الصدد (يُعرف المجرمون بسيماهم ).(1)
وكذلك فإنّ الآية ـ محل البحث ـ (ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون )منسجمة تمام الإنسجام مع الآية من سورة الرحمن إذ تقول: (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جانٌ ).
هنا ينقدح سؤال آخر، وهو كيف يسنجم هذا التعبير في القرآن مع قوله تعالى: (فوربّك لنسألنّهم أجمعين ).(2)
ويمكن الإجابة على هذا السؤال عن طريقين:
الأوّل: إنّ المواقف في يوم القيامة متعددة، ففي بعضها يقع السؤال والجواب وفي بعض المواقف لا حاجة للسؤال، لأنّ الحجب مكشوفة، وكل شيء واضح هناك.
الثّاني: إنّ السؤال عادة نوعان.. «سؤال تحقيق» و «سؤال توبيخ» فليس في يوم القيامة سؤال للتحقيق، لأنّ كل شيء هناك مكشوف عياناً وواضح دون لبس. ولكن يوجد هناك سؤال توبيخ وهو بنفسه نوع من العذاب النفسي للمجرمين.
وينطبق هذا تماماً في ما لو سأل الأب ابنه غير المؤدب: ألم أقدم لك كل هذه الخدمات... أهذا جزاء ما قدمت؟! في حين أن كلا من الأب والابن يعرفان الحقيقة، وأن قصد الأب من سؤاله لإبنه هو التوبيخ لا غير!.
* * *
1 ـ سورة الرحمن، الآية 41.
2 ـ سورة الحجر، الآية 92.
فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَوةُ الدُّنْيا يَـلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِىَ قَـرُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيم (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِّمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَـلِحاً وَلاَ يُلَقَّــهَآ إِلاَّ الصَّـبِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الاَْرضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَة يَنْصُروُنَهُ مِنْ دُونِ الله وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) وَأصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّواْ مَكَانَهُ بِالأمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ مِنْ عِبَادهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاَ أَن مَّنَّ اللهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَـفِرُونَ (82)
المعروف أَن أصحاب الثروة يبتلون بأنواع الجنون... وواحد منها «جنون عرض الثروة وإظهارها» فهؤلاء يشعرون باللذة عندما يعرضون ثروتهم على الآخرين، وحين يعبرون على مركب غال وثير ويمرّون بين حفاة الأقدام فيتصاعد الغبار والاتربة لينتشر على وجوههم، ويحقّرونهم بذلك، فحينئذ
يشعرون بالراحة النفسية والنشوة تدغدغ قلوبهم..
وبالرغم من أَن عرض الثروة هذا غالباً ما يكون سبباً للبلاء عليهم ، لأنّه يربي الأحقاد في الصدور ويعبىء الحساسيّات ضده، وكثيراً ما ينهي هذا العمل الرديء حياة الإنسان، أو يزيل ثروته مع الريح!.
ولعل هذا الجنون يحمل هدفاً من قبيل اغراء الطامعين وتسليم الأفراد المعاندين ولكن الأثرياء غالباً ما يقومون بهذا العمل دون هدف، لأنّه نوع من الهوى والهوس وليس خطة أو برنامجاً معيناً.
وعلى كل حال فإن قارون لم يكن مستثنى من هذا القانون، بل كان يعدّ مثلا بارزاً له، والقرآن يتحدث عنه في جملة موجزة في بعض آياته فيقول: (فخرج على قومه في زينته ). امام قومه من بني اسرائيل.
والتعبير بـ «في زينته» ناطق عن هذه الحقيقة، وهي أنّه أظهر جميع قدرته وقوته ليبدي ما لديه من زينة وثروة.
ومعلوم طبعاً إنّ رجلا بهذه المثابة من الثروة ماذا يستطيع أن يفعل!؟
وينقل في التاريخ ـ في هذا الصدد قصص كثيرة ـ مقرونة بالأساطير أحياناً، فإنّ بعضهم يكتب أنّ قارون خرج في استعراض كبير، وقد أركب أربعة آلاف نفر على أربعة آلاف فرس حُمر «غالية القيمة» مغطاة بالقماش الفاخر، وقد ملأها زينة من الذهب والجواهر الأُخرى، فمرّ بهذا الإستعراض على بني إسرائيل.. وقد أثار هذا المنظر الناس، إذ رأوا أربعة آلاف من الخدم ابيض يلبسون ثياباً حُمراً مع زينتهم.
وقال بعضهم: بل بلغ عدد هؤلاء «الخدم والحشم» سبعة آلاف نفر، وذكروا أخباراً أُخرى في هذا الصدد.
ولو فرضنا أن كل ذلك مبالغ فيه، إلاّ أنّه لا يمكن إنكار هذه الحقيقة، وهي أَن قارون لديه ثروات مهمّة أظهرها في زينته!
هنا أصبح الناس طائفتين ـ بحسب العادة فطائفة وهم الأكثرية ـ من عبدة الدنيا ـ أثارهم هذا المشهد، فاهتزت قلوبهم وتأوهوا بالحسرات وتمنوا لو كانوا مكان قارون ولو يوماً واحداً ولو ساعة واحدة وحتى ولو لحظة! واحدة...
فأيّة حياة عذبة جميلة هذه الحياة التي تهب اللذات والنشاط... (قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظ عظيم ).
هنيئاً لقارون ولثروته العظيمة!.. وما أعظم جلاله وعزّته.. ولا نظن في التاريخ أحداً أعطاه الله ما أعطى قارون.. وما إلى ذلك من الكلمات.
وهنا جاء دور الامتحان الالهي العظيم فمن جانب نجد قارون عليه أن يؤدي امتحانه في غروره وطيشه! ومن جانب آخر من بهرهم مشهده الذين أحاطوا به ـ من بني إسرائيل ـ .
وبالطبع فإنّ العقاب الأليم هو العقاب الذي سيقع بعد هذا العرض المثير، وهو أن يهوي قارون من أوج العظمة إلى قعر الأرض إذ تنخسف به الأرض على حين غرّة!.
لكن أمام هذه الطائفة التي ذكرناها آنفاً طائفة أُخرى من العلماء والمتقين الورعين، سمت آفاقهم عن مثل هذه المسائل، وكانوا حاضرين حينئذ و«المشهد» يمرّ من أمامهم.
هؤلاء الرجال لا يقوّمون الشخصية بالذهب والقوّة، ولا يبحثون عن القيم في الأُمور الماديّة. لا تبهرهم هذه المظاهر، بل يسخرون منها ويتبسمون تبسم استهزاء وازدراء! ويحقّرون هذه الرؤوس الفارغة.
فهؤلاء كانوا هناك، وكان لهم موقف آخر من قارون، وكما يعبر عنهم القرآن (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ) ثمّ أردفوا مؤكّدين (ولا يلقّاها إلاّ الصابرون ).
أُولئك الذين لا تهزّهم زخارف الدنيا وزبارجها، ويقفون في استقامة ـ
برجولة وشهامة ـ امام الحرمان، ولا يطأطئون رؤوسهم للاراذل ويقفون كالجبال الرواسي في الامتحان الإلهي ـ امتحان الثروة والمال والخوف والمصيبة... وهؤلاء هم الجديرون بثواب الله سبحانه!.
ومن المسلم به أنّه المقصود بجملة (الذين أوتوا العلم ) هم علماء بني إسرائيل، ومن بينهم «يوشع» وهو من كبار رجالهم.
غير أنّ الطريف في الأمر أن القرآن عبّر عن الطائفة الأُولى بجملة (الذين يريدون الحياة الدنيا ) لكنّه لم يعبر عن الطائفة الثّانية بأنّهم «الذين يريدون الحياة الاخرة» بل عبر عنهم بـ (الذين أوتوا العلم ) فحسب، لأنّ العلم هو أساس كل شيء وجذر الإيمان والاستقامة والعشق للثواب الإلهي والدار الآخرة..
كما أن التعبير بـ (الذين أوتوا العلم ) هو جواب دامغ ـ ضمناً ـ لقارون الذي يدّعي العلم، فالقرآن يريد أن يبيّن أن العلماء هم هؤلاء الذين لا يريدون الحياة الدنيا، أمّا أنت يا قارون فمغرور وطائش!.
وهكذا نرى مرّة أُخرى أنّ أساس البركات والخيرات هو العلم الحقيقي.
لقد أوصل قارون بعمله هذا طغيانه وعناده إلى الدرجة القصوى، غير أن ما ورد في التواريخ حكاية منقولة عن قارون تدل على منتهى الخسة وعدم الحياء! ننقلها هنا حسب تفصيلها!.
فقال له موسى(عليه السلام) إنّ الله أمرني أن آخذ الزكاة فأبى فقال: إنّ موسى يريد أن يأكل أموالكم جاءكم بالصلاة وجاءكم بأشياء فاحتملتموها فتحتملوه أن تعطوه أموالكم؟ قالوا: لا نحتمل فما ترى؟ فقال لهم: أرى أن أرسل إلى بغي من بغايا بني إسرائيل فنرسلها اليه فترميه بأنّه أرادها على نفسها فأرسلوا إليها فقالوا لها: نعطيك حكمك على أن تشهدي على موسى أنّه فجر بك قالت نعم.
فجاء قارون إلى موسى(عليه السلام) قال: اجمع بني إسرائيل فأخبرهم بما أمرك ربّك قال: نعم، فجمعهم فقالوا له: بم أمرك ربّك؟ قال: أمرني أن تعبدوا الله ولا تشركوا
به شيئاً وأن تصلوا الرحم وكذا وكذا وقد أمرني في الزاني إذا زنى وقد أحصن أن يرجم. قالوا: وإن كنت أنت؟ قال: نعم. قالوا: فإنّك قد زنيت، قال: أنا؟
فأرسلوا إلى المرأة فجاءت فقالوا: ما تشهدين على موسى؟ فقال لها موسى(عليه السلام) أنشدتك بالله إلاّ ما صدقت. قالت: أمّا إذا نشدتني فإنّهم دعوني وجعلوا لي جعلا على أن أقذفك بنفسي وأنا أشهد أنّك بريء وأنّك رسول الله. فخرّ موسى(عليه السلام) ساجداً يبكي فأوحى الله إليه: ما يبكيك؟ قد سلطناك على الأرض فمرها فتطيعك، فرفع رأسه فقال: خذيهم فأخذتهم إلى أعقابهم فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى فقال: خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى فقال: خذيهم فغيّبتهم فأوحى الله: «يا موسى سألك عبادي وتضرّعوا إليك فلم تجبهم فوعزّتي لو أنّهم دعوني لأجبتهم» .
يقول القرآن الكريم في هذا الصدد (فخسفنا به وبداره الأرض ).
أجل حين يبلغ الطغيان والغرور وتحقير المؤمنين الأبرياء والمؤامرّة ضد نبي الله أوجها، تتجلى قدرة الله تعالى وتطوي حياة الطغاة... وتدمرهم تدميراً يكون عبرة للآخرين.
مسألة «الخسف» هنا التي تعني انشقاق الأرض وابتلاع ما عليها، حدثت على مدى التاريخ عدّة مرات.. إذ تتزلزل الأرض ثمّ تنشقّ وتبتلع مدينة كاملة أو عمارات سكنية داخلها، لكن هذا الخسف الذي حدث لقارون يختلف عن تلك الموارد.. هذا الخسف كان طعمته قارون وخزائنه فحسب!.
يا للعجب!.. ففرعون يهوي في ماء النيل!.. وقارون في أعماق الأرض!.
الماء الذي هو سرّ الحياة وأساسها يكون مأموراً بهلاك فرعون.
والأرض التي هي مهاد الإطمئنان والدعة تنقلب قبراً لقارون واتباعه! ومن البديهي أنّ قارون لم يكن لوحده في ذلك البيت فقد كان معه أعوانه وندماءه ومن أعانه على ظلمه وطغيانه، وهكذا توغلوا في اعماق الارض جميعاً.
(فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين )...
فلم يخلصه أصدقاؤه، ولا الذين كانوا يحملون أمتعته ولا أمواله ولا أي أحد من عذاب الله، ومضى قارون وأمواله ومن معه في قعر الأرض!
أمّا آخر آية ـ محل البحث ـ فتحكى عن التبدل العجيب لأولئك الذين كانوا يتفرجون على استعراض قارون بالأمس ويقولون: ياليت لنا مثل ما أوتي قارون، وما شابه ذلك!. وإذا هم اليوم يقولون: واهاً له، فإنّ الرزق بيد الله (فأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الزرق لمن يشاء من عباده ويقدر ).
لقد ثبت عندنا اليوم أن ليس لأحد شيء من عنده! فكلّ ما هو موجود فمن الله، فلا عطاؤه دليل على رضاه عن العبد، ولا منعه دليل على تفاهة عبده عنده!.
فالله تعالى يمتحن بهذه الأموال والثروة عباده أفراداً وأقواماً، ويكشف سريرتهم ونيّاتهم.
ثمّ أخذوا يفكرون في ما لو أجيب دعاؤهم الذي كانوا يصرون عليه، وأعطاهم الله هذا المال، ثمّ هووا كما هوى قارون، فماذا يكون قد نفعهم المال؟
لذلك شكروا الله على هذه النعمة وقالوا: (لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون ).
فالآن نرى الحقيقة بأعيننا، وعاقبة الغرور والغفلة ونهاية الكفر والشهوة!. ونعرف أن أمثال هذه الحياة المثيرة للقلوب بمظاهرها الخداعة، ما أوحشها! وما أسوأ عاقبتها!.
ويتّضح من الجملة الأخيرة في هذه القصّة ـ ضمناً ـ أنّ قارون المغرور مات كافراً غير مؤمن، بالرغم من أنّه كان يعدّ عارفاً بالتوراة قارئاً لها، وعالماً من بني إسرائيل ومن أقارب موسى.
* * *
قصّة قارون ـ هذا الثري المغرور ـ التي ذكرها القرآن في سبع آيات بينات ـ بأسلوب جذّاب ـ تكشف الحجب عن حقاق كثيرة في حياة الناس!
هذه القصّة النّيرة توضح هذه الحقيقة، وهي أن غرور الثروة ونشوتها قد ينجر بهما الإنسان ـ أحياناً ـ إلى أنواع الجنون.. جنون إظهار الثروة وعرضها.. ولفت أنظار الآخرين.. إلى التلذذ من تحقير الفقراء والمساكين.
كما أن هذا الغرور وهذه النشوة والعشق المطلق للفضة والذهب، قد تكون سبباً لأنّ يجرأ الإنسان أحياناً إلى ارتكاب أقبح الذنوب وأخسها، كالإساءة إلى النّبي ومناهظة الحق والحقيقة.. واتهام أطهر الأفراد، واستخدام الثروة لإنفاقها على الفواحش في سبيل الوصول إلى الغرض المطلوب.
أن الغرور والنشوة الناشئين من كثرة الثروة، لا يسمحان للإنسان أن يسمع نصيحة الآخرين، ويستجيب لمن يريد له الخير!.
وهؤلاء المغرورون الجهلة يتصورون أنّهم أعلم الناس وأكثرهم اطلاعاً، وفي اعتقادهم أن ثروتهم التي وقعت في أيديهم، وربّما تقع عن طريق الغصب أحياناً، هي دليل على عقلهم وذكائهم... وأن جميع الناس جهلة كما يظنون، وأنّهم ـ وحدهم ـ العلماء فحسب!.
ويبلغ بهم الامر حدّاً أن يظهروا قدرتهم أمام الخالق، وكأنّهم مستقلّون، ويدّعون أنّ ما وصلهم هو عن طريق ابتكارهم وذكائهم، واستعدادهم وخلاّقيتهم ومعرفتهم التي لا نظير لها!
ورأينا عاقبة هؤلاء المغرورين المنحرفين، وكيف ينتهون، وإذا كان قارون وأتباعه وثروته جميعاً قد خسفت بهم الأرض فهووا إلى قعرها، فإنّ الآخرين يفنون بأشكال مختلفة.. وأحياناً تبتلع الأرض حتى ثروتهم العظيمة بشكل
آخر.. أو يبدّلون ثروتهم الكبيرة بالقصور والبساتين والأراضي الشاسعة ثمّ لا يستفيدون منها أبداً.. وقد يشترون الأراضي الموات والبائرة، على أمل تقسيمها صغيرة لتباع كل قطعة بسعر باهض!... وهكذا تبتلع الأرض ثروتهم.
أمثال هؤلاء الأفراد من سقيمي العقول حين لا يجدون طريقاً لصرف ثروتهم العظيمة يتوجهون إلى القِيم الخيالية... وينفقون أموالهم على الخزف المتكسّر على أنّه من التراث القديم كالأكواز والأقداح الخزفية، والطوابع، والأوراق النقدية المتعلقة بالسنوات القديمة، ويحافظون عليها في مكان حريز من بيوتهم على أنّها أغلى التحف، وهي لا تستحق أن توضع إلاّ في المزابل لو نظرنا إليها بعين البصيرة والاعتبار!
أُولئك الذين يحيون مثل هذه الحياة الناعمة الخيالية قد يتفق أن يرى في مدينتهم أو في مناطقهم ـ وأحياناً في جيرانهم ـ من لا عهد له بالشبع، ويسهرون لياليهم على الطوى جائعين، ومن العجيب أنّهم يرون هذه الحالة فلا تهتز لها ضمائرهم، ولا يتأثر لأجلها وجدانهم!.
كما يتفق لحيواناتهم أن تعيش حياة الرفاه، وتستفيد من رعاية الأطباء والأدوية الخاصّة! في حين أن أناساً محرومين يعيشون في ظروف صعبة وسيئة إلى جوارهم، وربّما يرقدون في المستشفى، ويئنون ولا من مصرخ لهم، ولا من علاج لمرضهم!.
جميع هذه البحوث تنطبق أحياناً على بعض الأفراد في مجتمع ما، وقد تنطبق على دولة معينة قبال دول الدنيا كلها، أي قد نجد دولة قارونية مستكبرة أمام الدول الضعيفة، كما نلاحظ في العصر الحاضر في شأن الدول الإستكبارية كأمريكا وكثير من الدول الأوروبية.
لقد هيأ هؤلاء حياة التنعّم والرفاه ـ في أرقى صورها ـ باستثمار أبناء العالم الثّالث والدول الفقيرة العزلاء... بحيث أنّهم يرمون فضلات طعامهم في المزابل،
ولو قدر أن تجمع بصورة صحيحة، لأمكن عندئذ تغذية الملايين المحرومة الجائعة من هذه المواد الغذائية الإضافية.
وما نقوله من أن بعض الدول فقيرة هي في الحقيقة ليست دولا فقيرة، بل هي دول مُنيت بسرقة خيراتها وأغير عليها... وربّما كان لديها أغلى المصادر والمعادن تحت الأرض، لكن هؤلاء المغيرين ينهبون هذه الخيرات ويتركون أهلها على الأرض السوداء الجرداء.
فهؤلاء القارونيون يشيدون قواعد قصورهم الظالمة على أكواخ المستضعفين المهدّمة.. وإذا لم يتّحد المستضعفون يداً بيد ليقذفوا بالمستكبرين إلى قعر الأرض كما فعل بقارون، فإنّ حالة الدنيا ستبقى هكذا.
فأُولئك يشربون الخمور ويضحكون منتشين، وهؤلاء يجلسون على بساط الفقر والحرمان باكين.
الطريف أنّنا نقرأ في الآيتين (23) و (24) من سورة المؤمن ما نستفيد منه بوضوح أنّ رسالة موسى(عليه السلام) كانت من البداية لمبارزة ثلاثة أشخاص! «فرعون»، ووزيره «هامان»، و«قارون» الثري المغرور. (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذّاب ).
ونستفيد من النصّ القرآني المتقدم أن قارون كان من جماعة فرعون، وكان على خطه; كما أنّنا نقرأ في التواريخ أنّه كان ممثلا لفرعون في بني إسرائيل من جهة(1)، وأنّه كان أمين الصندوق عند فرعون، والمسؤول على خزائنه من جهة أُخرى(2).
1 ـ تفسير الفخر الرازي، ج 25، ص 13، وتفسر مجمع البيان، ج 7، ص 266 ـ ذيل الآية محل البحث...
2 ـ مجمع البيان، ج 8، ص 520 ذيل الآية 24 من سورة المؤمن.
ومن هنا تتّضح هويّة قارون.. فإنّ فرعون من أجل إذلال بني إسرائيل وسلب أموالهم اختار رجلا منافقاً منهم، وأودعه أزمّة أمورهم، ليستثمر أموالهم لخدمة نظامه الجبار، وليجعلهم حفاةً عراة، ويكتسب من هذه الطريقة ثروة ضخمة منهم!.
والقرائن تشير إلى أنّ مقداراً من هذه الثروة العظيمة وكنوز الأموال بقيت بعد هلاك فرعون عند قارون، ولم يطلع موسى(عليه السلام) ـ إلى تلك الفترة ـ على مكان الأموال لينفقها على اتباعه الفقراء.
وعلى كل حال، فسواءً كانت هذه الثروة قد حصل عليها قارون في عصر فرعون، أو حصل عليها عن طريق الإغارة على خزائنه بعد هلاكه، أو كما يقول البعض قد حصل عليها عن طريق علم الكيمياء أو التجارة... أو معرفته بأصول استثمار أموال المستضعفين.
مهما يكن الأمر فإنّ قارون آمن بموسى بعد انتصار موسى على فرعون، وبدّل وجهه بسرعة، وأصبح من قرّاء التوراة وعلماء بني إسرائيل... في حين أنّ من البعيد أن تدخل ذرة من الإيمان في مثل قلب هذا المنافق!.
وأخيراً فحين أراد موسى(عليه السلام) أن يأخذ من قارون زكاة المال، خدع به الناس، وعرفنا كيف كانت عاقبته.
لا ينبغي أن نستنبط من المسائل التي ذكرناها آنفاً أنّ الإسلام يقف من الثروة موقفاً سلبياً، وأنّه يخالف خط الثراء، ولا ينبغي أن نتصور أنّ الإسلام يريد حياة الفقر والفقراء، ويعدّ حياة الفقر من الكلمات المعنوية!.
بل على العكس من ذلك، فإنّ الإسلام يعد الثروة عاملا مهمّاً نحو الآخرة! وقد عبّر القرآن عن المال بالخير في الآية (180) من سورة البقرة (إن ترك
خيراً )أي مالا.
ونقرأ في حديث عن الإمام الباقر(عليه السلام) في هذا الصدد «نعم العون الدنيا على طلب الآخرة» (1).
بل حتى الآيات ـ محل البحث ـ التي تذم قارون أشدّ الذم، لأنّه اغتر بالمال، هي شاهد بليغ على هذا الموضوع.. غاية ما في الأمر أنّ الإسلام يقبل بالثروة التي بواسطتها تبتغى الدار الآخرة، كما قال علماء بني إسرائيل لقارون (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ).
والإسلام يرضى بالثروة التي نرى فيها «أحسن كمآ أحسن الله إليك» ولكن للجميع!.
والإسلام يوافق على ثروة يتحقق فيه القول «لا تنس نصيبك من الدنيا» ويمدحها.
وأخيراً فإنّ الإسلام لا يطلب ثروةً ينبغي بها الفساد في الأرض وتُنسى بها القيم الإنسانية.. وتكون نتيجتها الإبتلاء بمسابقة جنون التكاثر، أو أن ينفصل الإنسان عن ذاته ويحتقر الآخرين، وربّما تجرّه إلى مواجهة الأنبياء كما فعل قارون في مواجهته لموسى(عليه السلام) !.
يريد الإسلام الثروة لتكون وسيلة لملء الفراغ الإقتصادي، وأن يستفيد منها الجميع، ولتكون ضماداً لجراح المحرومين، وللوصول بها إلى اشباع الحاجات الإجتماعية وحلّ مشاكل المستضعفين...
فالعلاقة بين هذه الثروة وهذه الأهداف المقدّسة ليست علاقة دنيوية، أو ارتباطاً بالدنيا، بل هي علاقة أخروية.
كما نقرأ في حديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) أن أحد أصحابه جاءه شاكياً أمره، وقال: والله إنّا لنطلي الدنيا ونُحبّ أن نؤتاها. فقال(عليه السلام) : «تحبّ أن تصنع بها
1 ـ وسائل الشيعة، ج 12، ص 17، الحديث 5 من الباب 16 من أبواب مقدمات التجارة.
ماذا؟»
قال: اعود بها على نفسي وعيالي، وأصل بها وأتصدق بها وأحج وأعتمر فقال الامام الصادق(عليه السلام) : «ليس هذا طلب الدنيا، هذا طلب الآخرة» (1).
ومن هنا يتّضح فساد عقيدة طائفتين في هذا المجال:
طائفة من المسلمين، أو بتعبير أدق: ممن يتظاهرون بالإسلام، وبعيدون عن تعاليمه، فيعرّفون الإسلام على أنّه محام عن المستكبرين.
وطائفة من الأعداء المغرضين الذين يريدون أن يمسخوا وجه الإسلام الأصيل، ويجعلوه معادياً للثروة، وأنّه يقف الى جانب الفقراء فحسب.
وأساساً فإنّ أُمّة فقيرة لا تستطيع أن تعيش وحدها مرفوعة الرأس حرّة كريمة!.
فالفقر وسيلة للإرتباط بالاجنبي والتبعية
والفقر أساس الخزي في الدنيا والآخرة!
والفقر يدعو الإنسان إلى الإثم والخطيئة.
كما نقرأ في حديث للإمام الصادق في هذا الصدد «غنىً يحجزك عن الظلم، خير من فقر يحملك على الإثم» (2).
إنّ على المجتمعات الإسلامية أن تسعى ـ مهما استطاعت ـ نحو التقدم لتكون غنيّة غير محتاجة، ولتبلغ مرحلة الإكتفاء الذاتي، وأن تقف على أقدامها وأن لا تضحّي باستقلالها وعزّتها وشرفها من أجل الفقر المذلّ الموجب للتبعية وتعلم أن منهج الإسلام الأصيل هو هذا لا غير.
* * *
1 ـ «وسائيل الشيعة، ج 12، ص 19 الحديث الثّالث الباب السابع من أبواب مقدمات التجارة.
2 ـ وسائل الشيعه، ج 12، ص 17، الحديث السابع الباب السادس من أبواب مقدمات التجارة.
تِلْكَ الدَّارُ الاَْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَـقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) مَنْ جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَنْ جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84)
بعد البيان المثير لما حدث لثري مستكبر ومتسلط، وهو قارون، تبدأ الآية الأُولى من هذا المقطع ببيان استنتاج كلي لهذا الواقع وهذا الحدث، إذ تقول الآية (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً ).
![]() |
![]() |
![]() |