![]() |
![]() |
![]() |
هذا كلّه لكي لا تحلّ القيم المزيّفة محلّ القيم الإنسانية الواقعية.
* * *
قُلْ إِنَّ رَبِّى يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَىْء فَهُوَ يَخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّزِقِينَ(39) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَـئِكَةِ أَهَـؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ(40) قَالُوا سُبْحَـنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ(41) فَالْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْض نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ(42)
نفور المعبودين من عابديهم:
تعود هذه الآيات لتؤكّد مرّة اُخرى خطأ الذين يتوهمون بأنّ أموالهم وأولادهم سبب لقربهم من الله فتقول: (قل إنّ ربّي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له).
ثمّ تضيف الآية: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين).
فمع أنّ محتوى هذه الآية يؤكّد ما عرضته الآيات السابقة إلاّ أنّ هناك ما هو جديد من جهتين:
الاُولى: أنّ الآية السابقة التي عرضت نفس المفهوم، كانت تتحدّث عن أموال وأولاد الكفّار، بينما الآية محلّ البحث باحتوائها على كلمة «عباد» تشير إلى المؤمنين، والمعنى أنّه حتّى فيما يخصّ المؤمنين فإنّه قد يتّسع الرزق ـ لأنّه الأصلح بالنسبة للمؤمن ـ وقد يضيق ـ لأنّ المصلحة تقتضي ذلك ـ على كلّ حال، فإنّ سعة وضيق الرزق لا يمكن أن يشكّل دليلا على أي شيء.
الثّانية: الآية السابقة أشارت إلى سعة الرزق وضيقه بالنسبة إلى مجموعتين مختلفتين، في حين أنّ هذه الآية تشير إلى حالتين مختلفتين بالنسبة لشخص واحد، حيناً يتّسع رزقه وحيناً يضيق.
إضافةً إلى أنّ ما جاء في بداية هذه الآية هو في الحقيقة مقدّمة لما جاء في آخرها، وهو الترغيب في الإنفاق في سبيل الله.
جملة «فهو يخلفه» تعبير جميل يشير إلى أنّ ما ينفق في سبيل الله إنّما هو في الحقيقة تجارة وافرة الربح، لأنّ الله سبحانه وتعالى تعهّد بأن يخلفه، ونعلم أنّه في الوقت الذي يتعهّد فيه الكريم بأداء العوض فإنّه لا يراعي المقدار الذي يريد تعويضه، بل إنّه يعوّض بأضعاف مضاعفة، بل بمئات الأضعاف.
طبعاً فإنّ هذا الوعد الإلهي لا ينحصر بالآخرة، فإنّ ذلك مسلّم به، ولكن في الدنيا أيضاً فإنّه يخلف ما أنفق بمختلف البركات.
جملة (هو خير الرازقين) ذات معنى واسع، ويمكن الإفادة منها من وجوه مختلفة.
هو خير من يعطي رزقاً، لأنّه يعلم ماذا يعطي وإلى أي حدّ، بحيث لا يكون ما يعطيه عاملا للفساد والغرور، لأنّه عالم بكلّ شيء.
هو يعطي أي شيء يريد أن يعطيه لأنّه قادر على كلّ شيء.
ولا يريد جزاءاً على ما يعطيه لأنّه غني بذاته. ويعطي إبتداءً، لأنّه حكيم وعالم بكلّ شيء. بل الحقيقة أنّه ليس من رزّاق غيره، لأنّ أي معط إنّما يعطي ممّا رزقه الله، وبذا فهو ليس سوى «واسطة إنتقال» لا رزّاقاً.
وكذلك فهو تعالى يعطي النعم الباقية قبال المال الفاني، والكثير مقابل القليل.
ولأنّ فريقاً من الأثرياء الظالمين الطغاة كانوا في صفّ المشركين، وادّعوا بأنّهم يعبدون الملائكة وأنّهم شفعاؤهم يوم القيامة، فقد ردّ القرآن على هذا الإدّعاء الباطل فقال: (ويوم يحشرهم جميعاً ثمّ يقول للملائكة أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون).
بديهي أنّ هذا السؤال ليس من باب الإستفهام عن الجواب، لأنّ الله تعالى عالم بكلّ شيء، ولكن الهدف هو أن تظهر الحقائق من إجابة الملائكة، لكي يخسأ هؤلاء الضالّون ويخيب ظنّهم، ويعلموا بأنّ الملائكة متنفّرين من أعمالهم، فيصيبهم اليأس إلى الأبد.
ذكر (الملائكة) من بين المعبودات التي كان المشركون يعبدونها، إمّا لأنّ الملائكة أشرف المخلوقات التي عبدها الضالّون، والتي لم يحصلوا على شفاعتها يوم القيامة، فماذا يستطيعون الحصول عليه من حفنة من الحجر أو الأخشاب أو الجنّ أو الشياطين!؟
أو أنّه من قبيل أنّ عبدة الأوثان كانوا يعتقدون بأنّ الأحجار والأخشاب هي مظهر ونموذج لموجودات علوية (كالملائكة وأرواح الأنبياء)، ولذا عبدوها. فكما ورد في تاريخ الوثنية عند العرب «إنّ سبب حدوث عبادة الأصنام في العرب، هو أنّ «عمرو بن لحي» مرّ بقوم بالشام فرآهم يعبدون الأصنام فسألهم فقالوا له: هذه أرباب نتّخذها على شكل الهياكل العلوية فنستنصر بها ونستسقي. فتبعهم وأتى بصنم معه إلى الحجاز وسوّل للعرب فعبدوه وإستمرّت عبادة الأصنام
فيهم إلى أن جاء الإسلام»(1) (2).
والآن لننظر ماذا تقول الملائكة للإجابة على سؤال الباري عزّوجلّ؟ لقد إختارت الملائكة في الحقيقة أكثر الأجوبة شمولية وأعظمها أدباً (قالوا سبحانك أنت وليّنا من دونهم بل كانوا يعبدون الجنّ أكثرهم بهم مؤمنون).
أمّا ما هو المقصود من الجواب الذي أجابت به الملائكة؟ فللمفسّرين أقوال، ويبدو أنّ أقربها هو القول بأنّ المقصود (بالجنّ) هو (الشيطان) وسائر الموجودات الخبيثة التي شجّعت عبدة الأوثان على ذلك العمل، وزينته في أنظارهم، وعليه فإنّ المراد من عبادة الجنّ هي تلك الطاعة والإنقياد لأوامرها والرضى بأضاليلها.
فالملائكة إذاً يقولون ضمن إعلان تنفّرهم وعدم رضاهم على هذه الأعمال: إنّ العامل الأساسي لهذا الفساد هم الشياطين، وإن كان الظاهر أنّهم يعبدوننا، فالمهمّ هو الكشف عن الوجه الحقيقي لهذا العمل أمام الملأ.
وقد ورد نظير هذا المعنى في سورة يونس ـ الآية (28) حيث يقول تعالى: (ويوم نحشرهم جميعاً ثمّ نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيّلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيّانا تعبدون). أي إنّكم في الحقيقة لم تعبدونا نحن، بل تعبدون أهواءكم وأوهامكم وخيالاتكم، ناهيك عن أنّ هذه العبادة لم تكن بأمرنا ورضانا. وعبادة هذا شكلها ليست بعبادة أصلا.
وبهذه الطريقة يتبدّل أمل المشركين في ذلك اليوم إلى يأس كامل، وتتجلّى لهم بذلك حقيقة أنّ معبوديهم لن يحلّوا من مشاكلهم عقدة صغيرة واحدة، بل على العكس فهم منهم متنفّرون مستاءون.
لذا ـ وكإستخلاص للنتيجة ـ تقول الآية الكريمة التي بعدها: (فاليوم لا يملك
بعضكم لبعض نفعاً ولا ضرّاً). وبناءً على ذلك فلا الملائكة ـ الذين هم ظاهراً معبودون ـ يستطيعون الشفاعة لهم، ولا هم يستطيعون مساعدة بعضهم البعض.
(ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذّبون).
ليست هذه هي المرّة الاُولى التي يعبّر فيها القرآن عن المشركين بـ «الظلم» بل ورد ذلك في الكثير من آيات القرآن.
التعبير عن «الكفر» بـ «الظلم». أو عن «الكافرين والمشركين» بـ «الظالمين». ذلك لأنّهم قبل كلّ شيء ظلموا أنفسهم بخلعهم تاج العبودية لله عن رؤوسهم، ولفّوا طوق الذلّة للأوثان على رقابهم. ودمّروا شخصيتهم ومصيرهم.
وفي الحقيقة فإنّهم سيعاقبون يوم القيامة على شركهم وعلى إنكارهم للمعاد، وجملة (ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذّبون) تشتمل على المعنيين.
* * *
بحوث
1 ـ الإنفاق سبب النماء لا النقصان
التعبير الوارد في الآية السابقة يحتوي على معان جمّة:
أوّلا: فمن جهة أنّ كلمة «شيء» بمعناها الواسع تشمل كلّ أنواع الإنفاق، المادّي والمعنوي القليل والكثير، لأيّ من المحتاجين كان الإنفاق، صغيراً أو كبيراً، المهمّ أن يعطي الإنسان شيئاً ممّا يملك في سبيل الله بأي كيفية كان وبأي كميّة كانت.
ثانياً: لقد أخرجت الآية (الإنفاق) بمفهومه من «الفناء»، ولوّنته بلون «البقاء» لأنّ الله ضَمِنَ إخلاف ما يُنفق في سبيله بمواهبه المادية والمعنوية، بمرّات مضاعفة، مئات الآلاف، أقلّها عشرة أضعاف، وبذا فإنّ المنفق ـ وبهذه الروحية
وهذا الإعتقاد ـ سيلج ميدان الإنفاق بيد وقلب أكثر إنفتاحاً، ولن يخطر على باله إحساس بالقلّة، ولن يفكّر بالفقر، بل إنّه سيشكر الله على حسن توفيقه له على هذه التجارة الوفيرة الربح.
وقد عبّر القرآن في الآيات (10) و (11) من سورة الصفّ عن هذا المعنى فقال: (ياأيّها الناس هل أدلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ـ تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون).
ونقرأ في الحديث عن الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله):
ينادي مناد كلّ ليلة: لدوا للموت.
وينادي مناد: ابنوا للخراب.
وينادي مناد: اللهمّ هب للمنفق خلفاً.
وينادي مناد: اللّهمّ هب للممسك تلفاً.
وينادي مناد: ليت الناس لم يخلقوا.
وينادي مناد: ليتهم إذ خلقوا فكّروا فيما له خلقوا!!»(1).
والمقصود من هؤلاء المنادين هم الملائكة الذين يدبّرون اُمور هذا العالم بأمر الله.
وفي حديث آخر عنه (صلى الله عليه وآله): «من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة»(2).
وقد نقل نفس المعنى عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام).
والجدير بالتذكير هو أنّ الإنفاق يجب أن يكون من المال الحلال والكسب المشروع، وإلاّ فلا قبول لغيره عند الله ولا بركة فيه.
لذا فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) حينما سأله أحدهم قال: قلت: آيتان في
كتاب الله عزّوجلّ أطلبهما فلا أجدهما.
قال (عليه السلام) «وما هما؟».
قلت: قول الله عزّوجلّ: (ادعوني أستجب لكم)، فندعوه ولا نرى إجابة.
قال (عليه السلام): أفترى الله عزّوجلّ أخلف وعده؟».
قلت: لا.
قال: فممّ ذلك؟
قلت: لا أدري.
قال (عليه السلام): «لكنّي أخبرك، من أطاع الله عزّوجلّ فيما أمره من دعائه من جهة الدعاء أجابه».
قلت: وما جهة الدعاء.
قال: «تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك ثمّ تشكره ثمّ تصلّي على النّبي (صلى الله عليه وآله)، ثمّ تذكر ذنوبك فتقرّ بها، ثمّ تستعيذ منها فهذا جهة الدعاء».
ثمّ قال (عليه السلام): «وما الآية الاُخرى؟».
قلت: قول الله عزّوجلّ: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين)وإنّي أنفق ولا أرى خلفاً؟
قال: «أفترى الله عزّوجلّ أخلف وعده؟
قلت: لا.
قال: «فممّ ذلك؟».
قلت: لا أدري؟
قال: لو أنّ أحدكم إكتسب المال من حلّه وأنفقه في حلّه لم ينفق درهماً إلاّ أخلف عليه»(1).
2 ـ أمّنوا على أموالكم بتأمين إلهي!!
لأحد المفسّرين تحليل جميل بهذا الخصوص، يقول: «ثمّ إنّ من العجب أنّ التاجر إذا علم أنّ مالا من أمواله في معرض الهلاك يبيعه نسيئة وإن كان من الفقراء، ويقول بأنّ ذلك أولى من الإمهال إلى أن يهلك المال، فإن لم يبع حتّى يهلك ينسب إلى الخطأ، ثمّ إن حصل به كفيل مليء ولا يبيع ينسب إلى قلّة العقل. فإن حصل به رهن وكتب به وثيقة ولا يبيعه ينسب إلى الجنون، ثمّ إنّ كلّ أحد يفعل هذا ولا يعلم أنّ ذلك قريب من الجنون، فإنّ أموالنا كلّها في معرض الزوال المحقّق، والإنفاق على الأهل والولد إقراض، وقد حصل الضامن المليء وهو الله العلي وقال تعالى: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه) ثمّ رهن عند كلّ واحد إمّا أرضاً أو بستاناً أو طاحونة، أو حمّاماً أو منفعة، فإنّ الإنسان لابدّ أن يكون له صفة أو جهة يحصل له منها مال، وكلّ ذلك ملك الله، وهو في يد الإنسان بحكم العارية، فكأنّه مرهون بما تكفّل الله من رزقه ليحصل له الوثوق التامّ، ومع هذا لا ينفق ويترك ماله ليتلف لا مأجوراً ولا مشكوراً»(1).
3 ـ سعة مفهوم الإنفاق:
لأجل فهم الحدّ لمفهوم الإنفاق في الإسلام، نطالع الحديث التالي عن الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) إذ يقول: «كلّ معروف صدقة، وما أنفق الرجل على نفسه وأهله كتب له صدقة، وما وقى به الرجل عرضه فهو صدقة، وما أنفق الرجل من نفقة فعلى الله خلفها، إلاّ ما كان من نفقة في بنيان أو معصية»(2).
يبدو أنّ إستثناء البنيان من قانون الإخلاف، لأنّ عين البناء باقية، أو لأنّه يكثر توجّه الناس إليه.
* * *
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَـتُنَا بَيِّنَـت قَالُوا مَا هَـذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَـذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرىً وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ(43) وَمَا ءَاتَيْنَـهُم مِّن كُتُب يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِير(44) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا ءَاتَيْنَـهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِى فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ(45)
بأيِّ منطق ينكرون آيات الله:
تعود هذه الآيات لتكمل البحث الذي تناولته الآيات السابقة حول المشركين الكفّار وأقوالهم يوم القيامة، فتتحدّث حول وضع هؤلاء في الدنيا ومواقفهم عند سماعهم القرآن حتّى يتّضح أنّ مصيرهم الاُخروي المشؤوم إنّما هو نتاج تلك المواقف الخاطئة التي اتّخذوها إزاء آيات الله في الدنيا.
تقول الآية الكريمة الاُولى: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّنات قالوا ما هذا إلاّ رجل
يريد أن يصدّكم عمّا كان يعبد آباؤكم).
فهذا أوّل ردّ فعل لهم إزاء «الآيات البيّنات» وهو السعي إلى تحريك حسّ العصبية في هؤلاء القوم المتعصّبين.
خاصّة مع ملاحظة إستخدامهم تعبير «آباؤكم» بدل «آباؤنا»، يفهم منه أنّهم يريدون القول لقومهم بأنّ تراث الأجداد في خطر، وإنّ عليكم النهوض والتصدّي لهذا الرجل عن العبث بذلك الميراث.
ثمّ تعبير (ما هذا إلاّ رجل) إنّما يقصد به تحقير النّبي (صلى الله عليه وآله) من جهتين الاُولى كلمة «هذا» والثّانية «رجل» بهيأة النكرة، مع العلم بأنّهم يعرفون النّبي (صلى الله عليه وآله) جيّداً، ويعلمون بأنّ له ماضياً مشرقاً.
من الجدير بالملاحظة أيضاً أنّ القرآن وصف «الآيات» بـ «البيّنات»، أي أنّها تحمل دلائل حقّانيتها معها، وما هو قابل للمعاينة لا يحتاج إلى توضيح أو بيان.
ثمّ توضّح الآية مقولتهم الثّانية التي قصدوا بها إبطال دعوة النّبي (صلى الله عليه وآله) فتقول: (وقالوا ما هذا إلاّ إفك مفترى).
«إفك» كما ذكرنا سابقاً بمعنى كلّ مصروف عن وجهه الذي يحقّ أن يكون عليه، ومنه قيل للرياح العادلة عن المهابّ «مؤتفكة»، وأي صرف عن الحقّ في الإعتقاد إلى الباطل، ومن الصدق في المقال إلى الكذب، ومن الجميل في الفعل إلى القبيح. ولكن كما قال البعض، فإنّ «الإفك» يطلق على الأكاذيب الكبيرة.
وكان يكفي إستخدامهم لكلمة «الإفك» في إتّهام الرّسول (صلى الله عليه وآله) بالكذب، لكنّهم أرادوا تأكيد ذلك المعنى بإستخدامهم لكلمة «مفترى»، دون أن يكون لهم أدنى دليل على ذلك الإدّعاء.
وأخيراً، كان الإتّهام الثالث الذي ألصقوه بالرّسول (صلى الله عليه وآله) هو (السحر) كما نرى ذلك في آخر هذه الآية (وقال الذين كفروا للحقّ لمّا جاءهم إنّ هذا إلاّ سحر مبين).
العجيب أنّ هؤلاء الضالّين يطلقون هذه التّهم الثلاث المذكورة بأصرح
التأكيدات، ففي موضع يقولون إنّه سحر، وفي آخر يقولون: إنّه مجرّد كذب، ثمّ يقولون في موضع ثالث; إنّه يريد أن يصدّكم عن مآثر أجدادكم!
طبعاً هذه الصفات الذميمة الثلاثة ليست متضادّة فيما بينها ـ مع أنّ هؤلاء لا يأنفون من الكلام المتضادّ ـ وعلى فلا داعي ـ كما يقول المفسّرين ـ لإعتبار أنّ كلّ واحدة من هذه الصفات تنسب إلى مجموعة مستقلّة من الكفّار.
كذلك فمن الجدير بالملاحظة أنّ القرآن الكريم إستخدم في المرتين الاُولى والثّانية جملة «قالوا»، ثمّ إستخدم في المرّة الثالثة جملة «قال الذين كفروا»، إشارة إلى أنّ كلّ التعاسة التي أصابتهم إنّما منشأها الكفر وإنكار الحقّ ومعاداة الحقيقة، وإلاّ فكيف يمكن لأحد أن يتّهم رجلا تظهر دلائل حقّانيته من حديثه وعمله وماضيه بهذه التّهم المتلاحقة وبلا أدنى دليل.
فكأنّهم يواصلون بهذه التّهم الثلاث برنامجاً مدروساً لمواجهة النّبي (صلى الله عليه وآله) فقد لاحظوا من جانب أنّ الدين جديد وله جاذبية، ومن جانب آخر، فقد أخافت إنذارات الرّسول (صلى الله عليه وآله) بالعذاب الإلهي في الدنيا والآخرة فئة من المجتمع شاءوا أم أبوا، ومن جانب ثالث فإنّ معجزات الرّسول (صلى الله عليه وآله) تركت أثرها الإيجابي في نفوس عامّة المجتمع ـ شاءوا أم أبوا كذلك.
لذا فإنّهم ـ لأجل إبطال مفعول هذه الاُمور الثلاثة ـ فكّروا بالدعوة إلى حفظ تراث السلف في قبال الدين الجديد، في حين أنّ السلف كان مصداقاً لما ذكره القرآن الكريم (لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون) البقرة ـ 170. فلا جرم أن يتخلّى الناس عن مثل تلك الهياكل الخرافية التي كانت إرث هؤلاء الجهلة والحمقى.
وأمّا في قبال إنذارات الرّسول (صلى الله عليه وآله) بالعذاب الإلهي، فقد طرحوا قضيّة الإتّهام بالكذب لكي يريحوا العامّة.
وفي قبال المعجزات، طرحوا تهمة (السحر). ظنّاً منهم أنّ المعجزات لن تترك أثراً في نفوس الناس بسبب هذا التوجيه.
ولكن تاريخ الإسلام شاهد على أنّ أيّاً من هذه المخطّطات الشيطانية لم تكن ذات أثر، وكانت النتيجة أن دخل الناس في هذا الدين العظيم فوجاً بعد فوج.
في الآية التي بعدها، يشطب القرآن الكريم على جميع تلك الإدّعاءات الواهية، مع أنّها واضحة البطلان، فيقول: (وما آتيناهم من كتب يدرسونها، وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير).
وهي إشارة إلى أنّ هذه الإدّعاءات يمكنها أن تكون مقبولة فيما لو جاءهم رسول من قبل بكتاب سماوي يخالف مضمونه الدعوة الجديدة، فلا بأس أن ينبروا لتكذيبها، وينادوا بتراث الأجداد تارةً، وبتكذيب الدعوة الجديدة تارةً اُخرى، أو إتّهام من جاء بها بالسحر. أمّا من لا يعتمد إلاّ على فكره الشخصي ـ بدون أي وحي من السماء ـ وبدون أن يكون له نصيب من علم، فلا يحقّ له الحكم لمجرّد تلفيقه الخرافات والأوهام.
ويستفاد من هذه الآية أيضاً أنّ الإنسان لا يمكنه أن يطوي طريق الحياة بعقله فقط، بل لابدّ أن يستمدّ المعونة من وحي السماء ويتقدّم إلى الأمام بالإستعانة بالشرائع، وإلاّ فهي الظلمات والخوف من التيه.
الآية الأخيرة من هذه الآيات، تهدّد تلك المجموعة المتمردّة بكلمات بليغة مؤثّرة فتقول: (وكذب الذين من قبلهم) في حين أنّ هؤلاء لم يبلغوا في القوّة والقدرة عشر ما كان لاُولئك الأقوام (وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير).
فمدنهم المدمّرة بضربات العقوبة الإلهية الساحقة ليست ببعيدة عنكم .. فهي في الشام القريب منكم، فليكونوا لكم مرآةً للعبرة، واستمعوا إلى النصائح التي يقولها الدمار، وقارنوا مصيركم بمصيرهم، فلا السنّة الإلهيّة قابلة للتغيير ولا أنتم أقوى منهم!.
«معشار»: بمعنى واحد إلى عشرة. البعض إعتبرها «عُشر العُشر» أيّ واحد إلى
مائة، ولكن أكثر كتب اللغة والتفاسير ذكرت المعنى الأوّل. وإن كان مثل تلك الأعداد لا يقصد بها التعداد، وتستخدم للتقليل في مقابل سبعة وسبعين وألف وأمثالها التي تستخدم للتكثير، وبذا يكون المعنى المقصود من الآية، إنّنا دمّرنا عصاة أقوياء لا يمتلك هؤلاء إلاّ جزءاً صغيراً من قدرتهم.
وقد ورد نظير هذا المعنى في آيات كثيرة من آيات القرآن الكريم، من جملتها ما ورد في الآية (6) من سورة الأنعام (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكّناهم في الأرض ما لم نمكّن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدراراً وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين). وكذا ورد نظير هذا المعنى في الآيات 21 ـ المؤمن، 9 ـ الروم.
لفظة «نكير» من مادّة «نكر» والإنكار ضدّ العرفان، والمقصود أنّ إنكار الله هو تلك المجازاة والعذاب الصادر عنه تعالى(1).
* * *
قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَحِدَة أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَدَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّة إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَىْ عَذَاب شَدِيد(46)
الثّورة الفكرية أساس لأيّ ثورة أصيلة:
في هذا المقطع من الآيات والآيات التالية، والتي تشكّل أواخر سورة سبأ المباركة، يؤمر الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) مرّة اُخرى بدعوة هؤلاء بالأدلّة المختلفة ليؤمنوا بالحقّ، ويرجعوا عن ضلالهم، وكما مرّ في البحوث السابقة فقد خوطب الرّسول (صلى الله عليه وآله) خمس مرّات بأن قيل له (قل ...).
ففي الآية الاُولى إشارة إلى اللبنة الأساسية في كلّ التحوّلات والتبدلات الإجتماعية والأخلاقية والسياسية والإقتصادية والثقافية، فتقول وبجمل قصيرة وعميقة المعنى (قل إنّما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّة إن هو إلاّ نذير لكم بين يدي عذاب شديد).
كلمات وتعبيرات هذه الآية يشير كلّ منها إلى موضوع هامّ، نجملها في عشرة
نقاط كما يلي:
1 ـ جملة «أعظكم» توضّح في الحقيقة واقع أنّ الرّسول (صلى الله عليه وآله) يريد القول بأنّي ألحظ فيما أقول لكم خيركم وصلاحكم دون أيّ شيء آخر.
2 ـ التعبير بـ «واحدة» مع إرتباطه بالتأكيد بواسطة «إنّما» إشارة معبّرة إلى أنّ أصل جميع الإصلاحات الفردية والجماعية، إنّما هي بإعمال الفكر، فما دام تفكير الاُمّة في سبات فستكون هدفاً لسرّاق ولصوص الدين والإيمان والحرية والإستقلال، ولكن حينما تصحوا الأفكار فإنّها تقطع الطريق أمام هؤلاء.
3 ـ التعبير بـ «قيام» ليس معناه مجرّد الوقوف على القدمين، بل معناه الإستعداد لإنجاز العمل، بلحاظ أنّ الإنسان بوقوفه على قدميه إنّما يكون مستعدّاً لإتمام البرامج الحياتية المختلفة، وعليه فإنّ التفكّر يحتاج إلى إستعداد قبلي، لكي يوجد السبب والمحرّك في الإنسان الذي يدفعه بالإرادة والتصميم إلى التفكّر.
4 ـ تعبير «لله» يوضّح أنّ القيام والإستعداد يجب أن يكون باعثه إلهياً، والتفكّر الذي يكون صادراً عن هذا الدافع له قيمة عالية، فالإخلاص في العمل عادةً ـ وحتّى في التفكّر ـ هو الأساس للنجاة والسعادة والبركة.
والملفت للنظر هو إعتبار الإيمان بالله هنا أمراً مسلّماً، وعليه فالتفكّر المطلوب إنّما هو في مسائل اُخرى، وتلك إشارة إلى أنّ التوحيد إنّما هو أمر فطري واضح يدرك حتّى بدون تفكّر.
5 ـ التعبير بـ «مثنى وفرادى» إشارة إلى أنّ التفكّر يجب أن يكون بعيداً عن الغوغائية والفوضى، بأن يقوم الناس آحاداً أو على الأكثر مثنى ويتفكّرون، لأنّ التفكّر وسط الضوضاء والغوغائية لا يمكنه أن يكون عميقاً، خصوصاً وأنّ عوامل الذاتية والتعصّب في طريق الدفاع عن الإعتقادات الشخصية ستكون أشدّ فعلا في التجمّعات الأكبر.
بعض المفسّرين إحتمل أن يكون هذان التعبيران إشارة إلى الإفادة من
المشورة بالخلط بين الأفكار الفردية والجماعية، فالإنسان يجب أن يتفكّر منفرداً وكذلك يستفيد من أفكار الآخرين، لأنّ الإستبداد بالرأي والفكر سبب للعجب، والتشاور والتعاون لأجل حلّ المشكلات العلمية ـ والذي لا يؤدّي إلى الغوغاء ـ سيعطي حتماً ـ أثراً أفضل، ويمكن أن يكون تقديم «مثنى» على «فرادى» في الآية لهذا السبب.
6 ـ الملفت للنظر أنّ القرآن الكريم يقول هنا «تتفكّروا» دون أن يذكر بماذا؟ فحذف المتعلّق دليل على العموم، أي في كلّ شيء، في الحياة المعنوية والمادية، في الاُمور الكبيرة والصغيرة. وبكلمة: في كلّ أمر يجب التفكّر أوّلا، وأهمّ من ذلك كلّه هو التفكّر للعثور على الإجابة للأسئلة الأربعة التالية: من أين جئت؟ لأي شيء أتيت؟ إلى أين أذهب؟ وأين أنا الآن؟
ولكن بعض المفسّرين ذهبوا إلى أن «تتفكّروا» تتعلّق بالجملة التي تليها وهي «ما بصاحبكم من جنّة» بمعنى أنّكم لو تفكّرتم قليلا لوجدتم أنّ الرّسول (صلى الله عليه وآله) منزّه عن إتّهامكم الواهي له بالجنون. والظاهر أنّ المعنى الأوّل أوضح.
ومن البديهي أنّ من الاُمور التي يجب التفكّر بها هي مسألة النبوّة والصفات العالية التي كان يتمتّع بها شخص النّبي (صلى الله عليه وآله) دون أن تكون منحصرة بذلك.
7 ـ تعبير «صاحبكم» إشارة إلى الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وإنّه ليس نكرة بالنسبة لكم، فقد كان بينكم لسنوات طويلة. لقد عرفتموه بالأمانة والصدق والإستقامة، ولم تجدوا حتّى الآن نقطة ضعف واحدة في مسيرة حياته، لذا فعليكم بالإنصاف قليلا، فالتّهم التي تلصقونها به لا أساس لها جميعاً.
8 ـ «جنّة» بمعنى «جنون» وفي الأصل من مادّة «جن» بمعنى ستر الشيء عن الحاسّة، ومن كون أنّ (المجنون) سُتر عقله، فقد اُطلق عليه هذا التعبير، والجدير بالملاحظة هنا هو أنّ العبارة تريد الكشف عن هذه الحقيقة، وهي أنّ من يدعو إلى التفكّر والإنتباه كيف يكون هو مجنوناً، والحال أنّ مناداته بالتفكّر إنّما هي دليل
على تمام عقله ودرايته.
9 ـ جملة (إن هو إلاّ نذير لكم) تلخّص رسالة الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في مسألة «الإنذار» أي: التحذير من المسؤولية، ومن المحكمة الإلهية، والعقاب الإلهي، صحيح أنّ للرسول (صلى الله عليه وآله) رسالة في «التبشير» أو «البشارة» ولكن الذي يدفع الإنسان أكثر إلى التحرّك هو «الإنذار»، لذا فقد ذُكرت مسألة «الإنذار» في آيات اُخرى من القرآن الكريم على أنّها وظيفة الرّسول الأكرم الأساسية، كما في الآية (9) من سورة الأحقاف (وما أنا إلاّ نذير مبين)، كما ورد كذلك شبيه هذا المعنى في الآية 65 من سورة (ص) وآيات اُخرى.
10 ـ التعبير بـ (بين يدي عذاب شديد) إشارة إلى أنّ القيامة قريبة إلى درجة وكأنّها أمام العين، والحقّ أنّها كذلك بالنسبة إلى عمر الدنيا، كذلك فقد ورد في الروايات الإسلامية نظير هذا المعنى كما في الأثر عن الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قال: «بعثت أنا والساعة كهاتين» وضمّ (صلى الله عليه وآله) الوسطى والسبّابة.
* * *
1 ـ إستقلال آيات القرآن الكريم وتفسيرها المنحرف.
لقد إتّضح لدينا من خلال تفسير الآية الأخيرة بأنّ الأصنام والأوثان وما يعبد من دون الله تعالى ليس لها آذان صاغية لما يُطلب منها، وإن كان لها فهي غير قادرة على حلّ مشكلة ما، وليس لها في هذا العالم أيّ ملك ولو بقدر رأس الإبرة (إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم) وعلى هذا الأساس اتّخذ الوهّابيون هذه الآية ذريعة لهم للإدّعاء بأنّ كلّ شيء ما خلا الله جلّ وعلا ـ وإن كان نبيّاً ـ لا يسمع دعاءً، وإن سمع فلا يجيب! كما رفضوا أي نوع من التوسّل بأرواح الأنبياء والأئمّة والأولياء. واعتبروا ذلك مخالفاً للتوحيد محتجّين بقوله تعالى: (والذين تدعون
من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون).
ولو أمعنا النظر في الآيات السابقة واللاحقة لهذه الآية للاحظنا أنّ المقصود من قوله: (من دونه) هي الأصنام لا غير، وذلك يصدق على مجموعة الأحجار والأخشاب وغيرها والتي كانت في نظر مشركي الجاهلية بأنّها ذات قدرة إزاء قدرة الخالق الكريم جلّ وعلا، كما أنّ الأنبياء والأولياء وحتّى الشهداء في سبيل الله أحياء في البرزخ، وحياة البرزخ ـ كما هو معلوم ـ مجرّدة من الحجب المادية ومتعلّقات الدنيا ممّا يجعلها أوسع منها. يضاف إلى ذلك فإنّ التوسّل بالأرواح الطاهرة للأنبياء والأئمّة (عليهم السلام) لا يعني إقرارنا لهم بالإستقلالية إزاء الخالق الكريم، بل إنّنا إنّما نطلب العون والمدد من مقامهم وجاههم في حضرة الباريء العزيز، وهذا هو عين التوحيد (تأمّلوا جيداً).
وقد صرّح القرآن الكريم بأنّ الشفيع إنّما يشفع بإذن الله تعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلاّ بإذنه) فمن يستطيع إنكار مثل هذه الآيات الصريحة غير الجهلة المغرورين الذين هتفوا بمثل هذه الإدّعاءات لزرع الفرقة بين المسلمين؟!
وفي كثير من الحالات نقرأ في سيرة الصحابة أنّهم حينما تحيق بهم المشكلات يأتون إلى قبر الرّسول (صلى الله عليه وآله) ويتوسّلون إليه، ويطلبون العون من الله عزّوجلّ بشفاعة روحه الطاهرة.
![]() |
![]() |
![]() |