![]() |
![]() |
![]() |
الشديد بخيله التي تساعده في تحقيق أهدافه العليا السامية، وتعلّق سليمان الشديد بخيله ليس بأمر يبعث على العجب.
«طفق» بإصطلاح النحويين من أفعال المقاربة، وتأتي بمعنى «شرع».
«سوق» هي جمع (ساق) و (أعناق) جمع (عنق) ومعنى الآية هو أنّ سليمان شرع بمسح سوق الجياد وأعناقها.
ما ذكرناه بشأن تفسير هذه الآية يتطابق مع ما ذهب إليه بعض المفسّرين كالفخر الرازي، كما تمّت الإستفادة من بعض ما ورد عن العالم الشيعي الكبير السيّد المرتضى، إذ قال في كتابه (تنزيه الأنبياء) في باب نفي الإدّعاءات الباطلة والمحرّمة التي ينسبها بعض المفسّرين ورواة الحديث إلى سليمان (إنّ الله تعالى ابتدأ الآية بمدحه والثناء عليه فقال: (نعم العبد إنّه أوّاب) فلا يمكن أن يثني عليه بهذا الثناء ثمّ يتبعه من غير فصل بإضافة القبيح إليه، وأنّه يتلّهى بعرض الخيل عن فعل المفروض عليه من الصلاة، والذي يقتضيه الظاهر أنّ حبّه للخيل وشغفه بها كان عن إذن ربّه وبأمره وبتذكيره إيّاه، لأنّ الله تعالى قد أمرنا بإرباط الخيل وإعدادها لمحاربة الأعداء، فلا ينكر أن يكون سليمان (عليه السلام) مأموراً بمثل ذلك)(1).
أمّا العلاّمة المجلسي فقد ذكر في كتابه (بحار الأنوار) في باب النبوّة، تفسيراً لهذه الآيات يشابه كثيراً ما ذكر أعلاه(2).
على أيّة حال ـ وفق هذا التّفسير ـ لم يصدر من سليمان أي ذنب، ولم يحدث أي خلل في ترتيب الآيات، ولا تبدو أيّة مشكلة حتّى نعمد إلى توضيحها(3).
والآن نستعرض تفاسير اُخرى لمجموعة من المفسّرين بشأن هذه الآيات وأشهرها، ذلك التّفسير الذي يعود بالضمير في جملتي (توارت) و (ردّوها) إلى
(الشمس) التي لم ترد في تلك الآيات، ولكنّهم استدلّوا عليها من كلمة (العشي) (التي تعني آخر النهار بعد الزوال) الموجودة في آيات بحثنا.
وبهذا الشكل فإنّ الآيات تعطي المفهوم التالي، إنّ سليمان كان غارقاً في مشاهدة الخيل والشمس قد غربت واستترت خلف حجاب الاُفق، فغضب سليمان كثيراً لأنّه لم يكن قد صلّى صلاة العصر، فنادى ملائكة الله، ودعاها إلى ردّ الشمس، فإستجابت له الملائكة وردّتها إليه، أي رجعت فوق الاُفق، فتوضّأ سليمان (المراد بمسح السوق والأعناق هو أداء الوضوء الذي كان حينذاك يعمل به وفق سنّة سليمان، وبالطبع فإنّ كلمة (المسح) تأتي أحياناً في لغة العرب بمعنى الغسل) ثمّ صلّى.
البعض ممّن ليس لديهم الإطلاع الكافي تحدّثوا بأكثر من هذا، ونسبوا اُموراً سيّئة ومحرّمة اُخرى إلى هذا النّبي الكبير، عندما قالوا: إنّ المقصود من جملة (طفق مسحاً بالسوق والأعناق) هو أنّه أمر بضرب سوق وأعناق الخيل بالسيف، أو أنّه نفّذ هذا الأمر بشخصه، لأنّها شغلته عن ذكر الله والصلاة.
طبيعي أنّ بطلان التّفسير الأخير لا يخفى على أحد، لأنّ الخيول لا ذنب لها كي يقتلها سليمان بحدّ السيف، فإن كان هناك ذنب فقد إرتكبه هو، لأنّه كان غارقاً في مشاهدة خيله، ونسي صلاته.
وأحياناً فإنّ قتل الخيل إسراف إضافةً إلى كونه جريمة، فكيف يمكن أن يصدر مثل هذا العمل المحرّم من نبي، أمّا الروايات التي وردت من المصادر الإسلامية بشأن هذه الآية فإنّها تنفي ـ بشدّة ـ هذه التهمة الموجّهة إلى سليمان (عليه السلام).
أمّا التفاسير السابقة التي قالت بنسيان سليمان وغفلته عن أداء صلاة العصر، فهي موضع السؤال التالي، هل يمكن لنبي معصوم أن ينسى واجباً مكلّفاً به؟ رغم أنّ إستعراضه للخيول كان واجباً آخر مكلّفاً به، إلاّ إذا كانت الصلاة ـ كما قال
البعض ـ صلاة مندوبة أو مستحبّة، ونسيانها لا يسبّب أيّة مشاكل، ولكن إن كانت صلاة نافلة فلا ضرورة إذن لردّ الشمس.
إذا إنتهينا من هذا، فهناك إشكالات اُخرى وردت بشأن هذا التّفسير.
1 ـ كلمة (الشمس) لم تأت بصورة صريحة في الآيات، في حين أنّ الخيل (الصافنات الجياد) جاء ذكرها صريحاً، ونرى من المناسب أن نعود بالضمير على شيء صرّحت به الآيات.
2 ـ عبارة (عن ذكر ربّي) ظاهرها يعني أنّ حبّ هذه الخيل إنّما هو ناشيء من ذكر وطاعة أمر الله، في حين ـ طبقاً للتفسير الأخير ـ تعطي كلمة (عن) معنى (على) ويكون معنى العبارة، إنّي آثرت حبّ الخيل على حبّ ربّي، وهذا المعنى مخالف لظاهر الآية.
3 ـ الأعجب من كلّ ذلك هي عبارة (ردّوها عليّ) التي تحمل صفة الأمر، فهل يمكن أن يخاطب سليمان الباري عزّوجلّ أو ملائكته بصيغة الأمر، أن ردّوا عليّ الشمس، كما يخاطب عبيده أو خدمه.
4 ـ قضيّة ردّ الشمس، رغم أنّها في مقابل قدرة الباري عزّوجلّ تعدّ أمراً يسيراً، إلاّ أنّها تواجه بعض الإشكالات بحيث جعلتها أمراً لا يمكن قبوله من دون توفّر أدلّة واضحة عليها.
5 ـ الآيات المذكورة أعلاه تبدأ بمدح وتمجيد سليمان، في حين أنّ التّفسير الأخير لها يعطي معنى الذمّ والتحقير.
6 ـ إذا كانت الصلاة المتروكة واجبة، فتعليلها يعدّ أمراً صعباً، أمّا إذا كانت نافلة فلا داعي لردّ الشمس.
السؤال الوحيد المتبقّي هنا، هو أنّ هذا التّفسير ورد في عدّة روايات في مصادر الحديث، وإذا دقّقنا جيّداً في إسناد هذه الأحاديث، يتّضح لنا أنّها جميعاً
تفتقد السند الموثوق المعتبر، وأنّ أكثر هذه الروايات موضوعة.
أليس من الأفضل صرف النظر عن تلك الروايات غير الموثوقة، وإرجاع علمها إلى أصحابها، وتقبّل كلّ ما يبيّنه ظاهر الآيات بذهنية صافية ومتفتّحة، لنريح أنفسنا من عناء الإشكالات الفارغة.
* * *
وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَـنَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ (34)قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكاً لاَّ يَنبَغِى لاَِحَد مِّن بَعْدِى إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصابَ (36) وَالشَّيَـطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاص (37) وَءَاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِى الاَْصْفَادِ (38) هَـذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَاب (39) وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَئَاب (40)
هذه الآيات تتحدّث عن أحداث اُخرى من قصّة سليمان، وتبيّن أنّ الإنسان مهما إمتلك من قوّة وقدرة، فإنّها ليست منه، بل إنّ كلّ ما عنده هو من الله سبحانه وتعالى، هذا الموضوع يزيل حجب الغرور والغفلة عن عين الإنسان، ويجعله يشعر بصغر حجمه قياساً إلى هذا الكون.
القسم الأوّل من الآيات يتطرّق إلى أحد الإمتحانات التي إمتحن الله بها عبده
سليمان، الإمتحان في ترك العمل بالأولى، وكيف توجّه بعدها سليمان بقلب خاشع إلى الله سبحانه وتعالى طالباً منه العفو والتوبة لتركه العمل بالأولى.
إيجاز محتوى الآيات، سمح مرّة اُخرى لناسجي قصص الخيال أن ينسجوا قصصاً خيالية وهمية اُخرى، ويلصقوا التّهم بهذا النّبي الكبير ما لا يليق بالنبوّة، ويتنافى مع مقام العصمة، ويتنافى أساساً مع المنطق والعقل، وهذا بحدّ ذاته إمتحان للمحقّقين في علوم القرآن، فلو أنّنا إكتفينا بما تطرحه آيات القرآن لما بقيت ثغرة لنفوذ الخرافات والأباطيل.
الآية الاُولى في بحثنا هذا تقول: (ولقد فتنّا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثمّ أناب).
«الكرسي» يعني الأريكة ذات الأرجل القصيرة، ويبدو أنّه كان للسلاطين نوعان من الكراسي، الأوّل: له أرجل قصيرة يستخدم في الأوقات العادية، والثاني: له أرجل أطول يستخدمها السلاطين في إجتماعاتهم الرسمية، ويطلق على الأوّل اسم (كرسي) وعلى الثاني اسم (عرش).
«الجسد» يعني الجسم الذي لا روح فيه، وكما يقول الراغب في مفرداته: إنّ لها مفهوماً أكثر محدودية من مفهوم الجسم، لأنّ كلمة الجسد لا تطلق على غير الإنسان إلاّ نادراً، ولكن كلمة الجسم لها طابع عام.
يستفاد من هذه الآيات بصورة عامّة أنّ موضوع إمتحان سليمان كان بواسطة جسد خال من الروح اُلقي على كرسيّه وأمام عينيه، أمر لم يكن يتوقّعه، وآماله كانت متعلّقة بشيء آخر، والقرآن لا يعطي تفصيلات اُخرى في هذا المجال.
وقد أورد المفسّرون والمحدّثون تفسيرات متعدّدة في هذا المجال، أفضلها وأوضحها ما يلي:
إنّ سليمان (عليه السلام) كان متزوجاً من عدّة نساء، وكان يأمل أن يُرزق بأولاد صالحين شجعان ليساعدوه في إدارة شؤون البلاد وجهاد الأعداء، فحدّث نفسه
يوماً قائلا: لأطوفنّ على نسائي كي اُرزق بعدد من الأولاد لعلّهم يساعدونني في تحقيق أهدافي، ولكونه غفل عن قول (إن شاء الله) بعد تمام حديثه مع نفسه، تلك العبارة التي تبيّن توكّل الإنسان على الله سبحانه وتعالى في كلّ الاُمور والأحوال، فلم يرزق سوى ولد ميّت ناقص الخلقة جيء به واُلقي على كرسي سليمان (عليه السلام).
سليمان (عليه السلام) غرق ـ هنا ـ في تفكير عميق، وتألّم لكونه غفل عن الله لحظة واحدة وإعتمد على قواه الذاتية، فتاب إلى الله وعاد إليه.
وهناك تفسير آخر يمكن طرحه بعد التّفسير الأوّل وهو: إنّ الله سبحانه وتعالى إمتحن سليمان بمرض شديد، بحيث طرحه على كرسيه كجسد بلا روح من شدّة المرض، وعبارة (جسد بلا روح) مألوفة ودارجة في اللغة العربية إذ تطلق على الإنسان الضعيف والعليل.
وفي نهاية الأمر تاب سليمان إلى الله، وأعاد الله إليه صحّته، وعاد كما كان قبل مرضه (والمراد من (أناب) هنا عودة الصحّة والعافية إليه).
بالطبع هناك إشكال ورد على هذا التّفسير إذ أنّ عبارة (ألقينا) كان يجب أن تأتي بصورة (ألقيناه) حتّى تتناسب مع التّفسير المذكور أعلاه، يعني أنّا ألقينا سليمان على كرسيّه جسداً بلا روح، في حين أنّ هذه العبارة لم ترد في الآية بتلك الصورة، وتقديرها مخالف للظاهر.
عبارة (أناب) في هذا التّفسير جاءت بمعنى عودة الصحّة والعافية إليه، وهذا أيضاً مخالف للظاهر، أمّا إذا اعتبرنا أنّ معنى (أناب) هو التوبة والعودة إلى الله، فإنّها لا تلحق أي ضرر بالتّفسير، ولهذا فإنّ الشيء الوحيد المخالف لظاهر الآية ـ هنا ـ هو حذف ضمير عبارة (ألقيناه).
القصص الكاذبة والقبيحة التي تحدّثت عن فقدان خاتم سليمان، وعثور أحد الشياطين عليه، وجلوس ذلك الشيطان على عرش سليمان، كما ورد في بعض الكتب التي لا يستبعد أن يكون مصدرها هو كتاب (التلمود) اليهودي المليء
بالخرافات الإسرائيلية بما لا يتناسب مع العقل والمنطق.
وهذه القصص ـ في حقيقة الأمر ـ دليل إنحطاط أفكار مبتدعيها، ولهذا فإنّ المحقّقين المسلمين أينما ذكروها أعلنوا بصراحة زيفها وكونها مجرّد إختلاقات، وقالوا: إنّ مقام النبوّة والحكومة الإلهية غير مرتبط بالخاتم، ولم يستردّ الباري عزّوجلّ النبوّة من أحد أنبيائه بعد أن بعثه بها، حتّى يبعث الشيطان بصورة نبي ليجلس مكان سليمان (40) يوماً يحكم فيها بين الناس ويقضي بينهم(1).
على أيّة حال، فإنّ القرآن الكريم ـ من خلال الآية التالية ـ يكرّر الحديث بصورة مفصّلة حول قضيّة توبة سليمان التي وردت في آخر عبارة تضمّنتها الآية السابقة: (قال ربّ اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنّك أنت الوهّاب).
* * *
ذكر المفسّرون أجوبة كثيرة على هذا السؤال، الكثير منها لا يتطابق مع ظاهر الآيات، والجواب الذي يبدو أكثر تناسباً ومنطقية من بقيّة التفاسير هو أنّ سليمان طلب من الباري عزّوجلّ أن يهب له ملكاً مع معجزات خاصّة، كي يتميّز ملكه عن بقيّة الممالك، لأنّنا نعرف أنّ لكلّ نبي معجزة خاصّة به، فموسى (عليه السلام) معجزته العصا واليد البيضاء، ومعجزة إبراهيم (عليه السلام) عدم إحراق النار له بعد أن اُلقي فيها، ومعجزة صالح (عليه السلام) الناقة الخاصّة به، ومعجزة نبيّنا الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو القرآن المجيد، وسليمان كان ملكه مقترناً بالمعجزات الإلهيّة، كتسخير الرياح والشياطين له مع
مميّزات اُخرى.
وهذا الأمر لا يعدّ عيباً أو نقصاً بالنسبة للأنبياء الذين يطلبون من الله أن يؤيّدهم بمعجزة خاصّة، كي يبرهنوا للناس على صدق نبوّتهم، ولهذا فلا يوجد أي مانع في أن يطلب الآخرون ملكاً أوسع وأكبر من ملك سليمان، ولكن لا تتوفّر فيه الخصائص التي اُعطيت لسليمان.
والدليل على هذا الكلام الآيات التالية، والتي هي ـ في الحقيقة ـ تعكس إستجابة الباريء عزّوجلّ لطلب سليمان، وتتحدّث عن تسخير الرياح والشياطين لسليمان، وكما هو معروف فإنّ هذا الأمر هو من خصائص ملك سليمان.
ومن هنا يتّضح جواب السؤال الثاني الذي يقول، وفقاً لعقائدنا نحن المسلمون، فإنّ ملك المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) سيكون ملكاً عالياً، وبالنتيجة سيكون أوسع من ملك سليمان. لأنّ ملك المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) مع سعته وخصائصه التي تميّزه عن بقيّة الممالك، فإنّه يبقى من حيث الخصائص مختلفاً عن ملك سليمان، وملك سليمان يبقى خاصّاً به. خلاصة الأمر أنّ الحديث لم يختّص بزيادة ونقصان وتوسعة ملكه وطلب الإختصاص به، وإنّما اختصّ الحديث بكمال النبوّة والذي يتمّ بوجود معجزات خصوصية، لتميّزه عن نبوّة الأنبياء الآخرين، وسليمان كان طلبه منحصراً في هذا المجال.
ولقد ورد في بعض الرّوايات المنقولة عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)في ردّه على سؤال يقول: إنّ دعوة سليمان فيها بخل، إذ جاء في الحديث أنّ أحد المقرّبين عن الإمام الكاظم (عليه السلام) وهو علي بن يقطين سأل الإمام (عليه السلام) قائلا: أيجوز أن يكون نبي الله عزّوجلّ بخيلا؟
فقال: «لا».
فقلت له: فقول سليمان (عليه السلام): (ربّ اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي) ما وجهه ومعناه؟
فقال: «الملك ملكان: ملك مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس، وملك مأخوذ من قبل الله تعالى كملك آل إبراهيم وملك طالوت وذي القرنين، فقال سليمان (عليه السلام): هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي أن يقول إنّه مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس، فسخّر الله عزّوجلّ له الريح تجري بأمره رخاءً حيث أصاب، وجعل غدوّها شهراً ورواحها شهراً، وسخّر الله عزّوجلّ له الشياطين كلّ بنّاء وغوّاص، وعلّم منطق الطير ومكّن في الأرض، فعلم الناس في وقته وبعده أنّ ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قبل والمالكين بالغلبة والجور.
قال: فقلت له: فقول رسول الله: «رحم الله أخي سليمان بن داود ما كان أبخله»؟
فقال: «لقوله (عليه السلام) وجهان: أحدهما: ما كان أبخله بعرضه وسوء القول فيه، والوجه الآخر يقول: ما كان أبخله إن كان أراد ما كان يذهب إليه الجهّال»(1).
الآيات التالية تبيّن ـ كما قلنا ـ موضوع إستجابة الله سبحانه وتعالى لطلب سليمان ومنحه ملكاً يتميّز بإمتيازات خاصّة ونعم كبيرة، يمكن إيجازها في خمسة أقسام:
1 ـ تسخير الرياح له بعنوان واسطة سريعة السير، كما تقول الآية: (فسخّرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب).
من الطبيعي أنّ الملك الواسع الكبير يحتاج إلى واسطة اتّصال سريعة، كي يتمكّن صاحب ذلك الملك من تفقّد كلّ مناطق مملكته بسرعة في الأوقات الضرورية، وهذا الإمتياز منحه الباري عزّوجلّ لسليمان (عليه السلام).
أمّا كيف كانت الرياح تطيع أوامره؟
وبأي سرعة كانت تسير؟
وعلى أي شيء كان سليمان وأصحابه يركبون أثناء إنتقالهم من مكان إلى آخر عبر الرياح؟
وما هي العوامل التي كانت تحفظهم من السقوط ومن إنخفاض وإرتفاع ضغط الهواء، وغيرها من المشاكل.
خلاصة الأمر: ما هي هذه الواسطة السريّة وذات الأسرار الخفيّة التي كانت موضوعة تحت تصرّف سليمان في ذلك العصر؟
تفاصيل هذه التساؤلات ليست واضحة بالنسبة لنا، وكلّ ما نعرفه أنّ تلك الاُمور الخارقة توضع تحت تصرّف الأنبياء لتسهّل لهم القيام بمهامهم. وهذه القضايا ليست بقضايا عادية، وإنّما هي نعم خارقة ومعجزات، وهذه الأشياء تعدّ شيئاً بسيطاً في مقابل قدرة الباري عزّوجلّ، وما أكثر المسائل التي نعرف أصلها في الوقت الذي لا نعرف أي شيء عن جزئياتها.
وهنا يطرح سؤال، وهو: كيف يمكن أن تتطابق عبارة (رخاء) الواردة في هذه الآية، والتي تعني (اللين) مع عبارة (عاصفة) والتي تعني الرياح الشديدة والواردة في الآية (81) من سورة الأنبياء: (ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها).
لهذا السؤال جوابان:
الأوّل: وصف الرياح بالعاصفة لبيان سرعة حركتها، ووصفها بالرخاء لبيان حركتها الهادئة والرتيبة، أي إنّ سليمان وأصحابه لم يكونوا يشعرون بأيّ إنّزعاج من جرّاء حركة الرياح السريعة، فهي كالوسائل السريعة السير الموجودة حالياً، التي يشعر الإنسان معها كأنّه جالس في إحدى غرف بيته، بينما تسير به تلك الوسيلة بسرعة عالية جدّاً.
وقد ذكر بعض المفسّرين جواباً آخر على ذلك السؤال، وهو: إنّ هاتين الآيتين تشيران إلى نوعين من الرياح سخّرهما الله سبحانه وتعالى لسليمان، إحداهما كانت سريعة السير، والثانية بطيئة.
2 ـ النعمة الاُخرى التي أنعمها الباريء عزّوجلّ على عبده سليمان (عليه السلام)، هي
تسخير الموجودات المتمردة ووضعها تحت تصرّف سليمان لتنجز له بعض الأعمال التي يحتاجها (والشياطين كلّ بنّاء وغوّاص)(1).
أي إنّ مجموعة منها منشغلة في البرّ ببناء ما يحتاج إليه سليمان من أبنية، واُخرى منشغلة بالغوص في البحر.
وبهذا الشكل فإنّ الله وضع تحت تصرّف سليمان قوّة مستعدّة لتنفيذ ما يحتاج إليه، فالشياطين ـ التي من طبيعتها التمرّد والعصيان ـ سخّرت لسليمان لتبني له، ولتستخرج المواد الثمينة من البحر.
ومسألة تسخير الشياطين لسليمان وتنفيذها لما يحتاج إليه، لم ترد في هذه الآية فقط، وإنّما وردت في عدّة آيات من آيات القرآن المجيد، ولكن في بعض الآيات ـ كالآية التي هي مورد بحثنا والآية (82) من سورة الأنبياء إستخدمت كلمة (الشياطين) فيها، فيما إستخدمت كلمة (الجنّ) في الآية (12) من سورة سبأ.
وكما قلنا سابقاً فإنّ (الجنّ) موجودات مخفية عن أنظارنا، ولها عقول وشعور وقدرة، وبعضها مؤمن وبعضها الآخر كافر، ولا يوجد هناك أي مانع من أن توضع ـ بأمر من الله ـ تحت تصرّف بعض الأنبياء، لتنجز له بعض الأعمنال.
وهناك إحتمال وارد أيضاً، وهو أنّ كلمة الشياطين لها معنى واسع قد يشمل حتّى العصاة من البشر، وقد إستخدم هذا المعنى في الآية (112) من سورة الأنعام، وبهذا الترتيب فإنّ الله سبحانه وتعالى منح سليمان قوّة جعلت حتّى المتمردّين العصاة ينصاعون لأوامره.
3 ـ النعمة الاُخرى التي أنعمها الباري عزّوجلّ على سليمان، هي سيطرته على مجموعة من القوى التخريبيّة، لأنّ هناك من بين الشياطين من لا فائدة فيه، ولا سبيل أمام سليمان سوى تكبيلهم بالسلاسل، كي يبقى المجتمع في أمان من
شرورهم، كما جاء في القرآن المجيد (وآخرين مقرنين في الأصفاد)(1).
«مقرّنين» مشتقّة من (قرن) وهي تشير إلى ربط الأيدي والأرجل أو الرقاب بالسلاسل.
«أصفاد» جمع (صفد) على وزن (مطر) وتعني القيود التي تكبّل بها أيدي السجناء.
وقال البعض: إنّ عبارة (مقرنين في الأصفاد) تعني الجامعة التي تجمع بين الرقبة واليدين، وهذا المعنى قريب من معنى «مقرنين» اللغوي وأكثر مناسبة له.
وهناك رأي آخر محتمل، وهو أنّ المقصود من هذه العبارة هو أنّ كلّ مجموعة منهم مغلولة بسلسلة واحدة.
وهنا يطرح هذا السؤال: إن كان المراد من الشياطين هم شياطين الجنّ، فإنّ اُولئك لهم جسم شفّاف لا يتناسب مع إستخدام الأغلال والسلاسل والقيود.
لهذا قال البعض: إنّها كناية عن إعتقال ومنع تلك الشياطين من أداء أي نشاط تخريبي، وإن كان المقصود من الشياطين هم المتمردون والعصاة من بني آدم فإنّ الأغلال والقيود تبقى محافظة على مفهومها الأصلي، أي إنّ إستخدامها هنا وارد.
4 ـ النعمة الرابعة التي أنعمها الله سبحانه وتعالى على نبيّه سليمان هي إعطاؤه الصلاحيات الواسعة والكاملة في توزيع العطايا والنعم على من يريد، ومنعها عمّن يريد حسب ما تقتضيه المصلحة، (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب).
عبارة (بغير حساب) إمّا أن تكون إشارة إلى أنّ الباريء عزّوجلّ قد أعطى لسليمان صلاحيات واسعة لن تكون مورد حساب أو مؤاخذة، وذلك لصفة العدالة التي كان يتمتّع بها سليمان في مجال إستخدام تلك الصلاحيات، أو أنّ العطاء الإلهي لسليمان كان عظيماً بحيث أنّه مهما منح منه فإنّه يبقى عظيماً وكثيراً.
وقال بعض المفسّرين: إنّ هذه العبارة تخصّ ـ فقط ـ الشياطين المقرنين
بالأصفاد، وتخاطب سليمان بأنّه يستطيع إطلاق سراح أي منهم (إن رأى في ذلك صلاحاً، وإبقاء من يشاء في قيوده إن رأى الصلاح في ذلك.
إلاّ أنّ هذا المعنى مستبعد، لأنّه لا يتلاءم مع ظاهر كلمة (عطائنا).
5 ـ والنعمة الخامسة والأخيرة التي منّ الله سبحانه وتعالى بها على سليمان، هي المراتب المعنوية اللائقة التي شملته، كما ورد في آخر آية من آيات بحثنا (وإنّ له عندنا لزلفى وحسن مآب).
هذه الآية ـ في الحقيقة ـ هي الردّ المناسب على اُولئك الذين يدّنسون قدسية أنبياء الله العظام بادّعاءات باطلة وواهية يستقونها من كتاب التوراة الحالي المحرّف، وبهذا الشكل فإنّها تبرىء ساحته من كلّ تلك الإتّهامات الباطلة والمزيّفة، وتشيد بمرتبته عند الباريء عزّوجلّ، حتّى أنّ عبارة (حسن مآب)التي تبشّره بحسن العاقبة والمنزلة الرفيعة عند الله، هي ـ في نفس الوقت ـ إشارة إلى زيف الإدّعاءات المحرّفة التي نسبتها كتب التوراة إليه، والتي تدّعي أنّ سليمان انجرّ في نهاية الأمر إلى عبادة الأصنام إثر زواجه من امرأة تعبد الأصنام، وعمد إلى بناء معبد للأصنام، إلاّ أنّ القرآن الكريم ينفي ويدحض كلّ تلك البدع والخرافات.
* * *
من دون أيّ شكّ، إنّ القرآن الكريم يهدف من ذكر تاريخ الأنبياء إتمام برامج التربية من خلال عكس عين الحقائق في هذه القصص.
ومن جملة الاُمور التي رسمتها قصّة سليمان، ما يلي:
أ : إنّ إمساكه بزمام اُمور مملكة قويّة ذات إمكانيات ماديّة وإقتصادية واسعة
وحضارة ساطعة لا تتنافى مع المقامات المعنوية والقيم الإلهية والإنسانية، كما ذكرت ذلك الآيات المذكورة أعلاه بعد إنتهائها من سرد النعم الماديّة التي أجزلها الله على سليمان، إذ يقول القرآن المجيد: (وإنّ له عندنا لزلفى وحسن مآب).
وفي حديث ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال فيه: «أرأيتم ما اُعطي سليمان بن داود من ملكه؟ فإنّ ذلك لم يزده إلاّ تخشعاً، ما كان يرفع بصره إلى السماء تخشعاً لربّه»(1)!
ب : لإدارة شؤون مملكة كبيرة مترامية الأطراف، يجب توفّر وسيلة سريعة للإتّصال، كما ينبغي الإستفادة من الطاقات المختلفة، والحيلولة دون نفوذ القوى المخرّبة، والإهتمام بالقضايا العمرانية، والحصول على الأموال عن طريق إستخراج الثروات من البرّ والبحر، ووضع الإمكانات تحت تصرّف الولاة والعمّال المناسبين والجديرين بتسلّم المناصب، كلّ هذه الاُمور عكستها قصّة سليمان بصورة واضحة.
ج : الإستفادة من القوى البشرية بأقصى حدّ ممكن، بل ويمكن الإستفادة حتّى من الشياطين، إذ يمكن توجيهها وإرشادها للطريق الصحيح، وغلّ وتصفيد المتبقّي منها الذي لا يستفاد منه.
القرآن المجيد وصف نبي الله سليمان في الآيات المذكورة أعلاه بأنّه إنسان طاهر وصاحب قيم ومدبّر وعادل.
في حين وصفه كتاب التوراة الحالي المحرّف (والعياذ بالله) بأنّه رجل فاجر مطيع لهوى نفسه وذو نقاط ضعف كثيرة. والعجيب في الأمر أنّه إستعرض إلى جانب هذه الصفات الكاذبة والمزيّفة مناجاة سليمان لربّه وأشعاره الدينيّة وأمثاله
وحكمه، والتي تشهد على أنّه رجل حكيم وحرّ، وهذا تناقض عجيب يشاهد في كتاب التوراة المحرّف الحالي.
ولمن يريد الإطلاع أكثر بهذا الشأن يمكنه مراجعة تفسير الآيات 12 و13 و14 من سورة سبأ، والذي جاء تحت عنوان (صور سليمان في القرآن وكتاب التوراة الحالي المحرّف).
* * *
وَاذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِى الشَّيْطَـنُ بِنُصْب وَعَذَاب (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42)وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مُّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لاُِوْلِى الاَْلْبَـبِ (43) وَخَذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَـهُ صَابِراً نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)
الآيات السابقة تحدّثت عن سليمان (عليه السلام) وعن القدرة التي منحها إيّاه الباريء عزّوجلّ، والتي كانت بمثابة البشرى لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولمسلمي مكّة الذين كانوا يعيشون تحت ضغوط صعبة.
آيات بحثنا هذا تتحدّث عن أيّوب الذي كان اُنموذجاً حيّاً للصبر والإستقامة، وذلك لتعطي درساً لمسلمي ذلك اليوم ويومنا الحاضر وغداً، درساً في مقاومة مشاكل وصعاب الحياة، ولتدعوهم إلى الإتّحاد والتعاون، كما وضّحت العاقبة المحمودة للصبر والصابرين.
وأيّوب هو ثالث نبي من أنبياء الله تستعرض هذه السورة (سورة ص) جوانب من حياته، وهي بذلك تدعو رسولنا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى تذكّر هذه القصّة، وحكايتها للمسلمين، كي يصبروا على المشاكل الصعبة التي كانت تواجههم، ولا ييأسوا من لطف ورحمة الله.
اسم «أيّوب» أو قصّته وردت في عدّة سور من سور القرآن المجيد، منها الآية (163) في سورة النساء، والآية (84) في سورة الأنعام التي ذكرت إسمه في قائمة أنبياء الله الآخرين، وبيّنت وأثبتت مقام نبوّته، بخلاف كتاب التوراة الحالي الذي لم يعتبره من الأنبياء، وإنّما إعتبره أحد عباد الله المحسنين والأثرياء وذا عيال كثيرين.
كما أنّ الآيات (83) و84) في سورة الأنبياء إستعرضت بصورة مختصرة جوانب من حياة أيّوب (عليه السلام)، أمّا آيات بحثنا هذه فإنّها تستعرض حياته بصورة مفصّلة أكثر من أيّ سورة اُخرى من خلال أربعة آيات:
فالاُولى تقول: (واذكر عبدنا أيّوب إذ نادى ربّه أنّي مسّني الشيطان بنصب وعذاب).
«نصب» على وزن (عسر)، و (نصب) على وزن (حسد)، وكلاهما بمعنى البلاء والشرّ.
هذه الآية تبيّن أوّلا علوّ مقام أيّوب عند الباري عزّوجلّ، وذلك من خلال كلمة «عبدنا»، وثانياً فإنّها تشير بصورة خفيّة إلى الإبتلاءات الشديدة التي لا تطاق، وإلى الألم والعذاب الذي مسّ أيّوب (عليه السلام).
ولم يرد في القرآن الكريم شرحاً مفصّلا لما جرى على أيّوب (عليه السلام)، وإنّما نقرأ في كتب الحديث المعروفة والتفاسير تفاصيل هذه القصّة.
ففي تفسير نور الثقلين نقرأ أنّ أبا بصير سأل الإمام الصادق عن بليّة أيّوب التي ابتلي بها في الدنيا لأيّ علّة كانت؟ (لعلّ السائل كان يظنّ أنّ أيّوب ابتلي بما ابتلي
به لمعصية إرتكبها) فأجاب (عليه السلام) بقوله: «لنعمة أنعم الله عزّوجلّ عليه بها في الدنيا وأدّى شكرها، وكان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس دون العرش، فلمّا صعد ورأى شكر نعمة أيّوب (عليه السلام) حسده إبليس، فقال: ياربّ، إنّ أيّوب لم يؤدّ إليك شكر هذه النعمة إلاّ بما أعطيته من الدنيا، ولو حرمته دنياه ما أدّى إليه شكر نعمة أبداً، فسلّطني على دنياه حتّى تعلم أنّه لم يؤدّ إليك شكر نعمة أبداً».
(ولكي يوضّح الباريء عزّوجلّ إخلاص أيّوب للجميع، ويجعله نموذجاً حيّاً للعالمين حتّى يشكروه حين النعمة ويصبروا حين البلاء، سمح الباري عزّوجلّ للشيطان في أن يتسلّط على دنيا أيّوب).
«فقال له الباري عزّوجلّ: قد سلّطتك على ماله وولده، قال: فانحدر إبليس فلم يبق له مالا ولا ولداً إلاّ أعطبه (أي أهلكه) فإزداد أيّوب لله شكراً وحمداً. قال: فسلّطني على زرعه ياربّ، قال: قد فعلت، فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق، فازداد أيّوب لله شكراً وحمداً، فقال: ياربّ سلّطني على غنمه، فسلّطه على غنمه فأهلكها، فإزداد أيّوب لله شكراً وحمداً، فقال: ياربّ سلّطني على بدنه فسلّطه على بدنه ما خلا عقله وعينيه، فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه، فبقي في ذلك دهراً طويلا يحمد الله ويشكره».
![]() |
![]() |
![]() |