![]() |
![]() |
![]() |
ويصدق هذا الحكم أيضاً في الحياة الإجتماعية في صورة أن لا يؤثر في مصير المجتمع.
لكن من الواضح أنّه إذا كان لهذا الحكم علاقة بمصير المجتمع أو مصير الآخرين فإنّ المسألة تأخذ طابعاً آخر، ومن هنا فإنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)كان قد أعدّ أشخاصاً وأمرهم أن يكونوا عيوناً لجمع الأخبار واستكشاف المجريات واستقصائها ليحيطوا بما له علاقة بمصير المجتمع.
ومن هذا المنطلق أيضاً يمكن للحكومة الإسلامية أن تتّخذ أشخاصاً يكونون عيوناً لها أو منظمة واسعة للإحاطة بمجريات الأُمور، وأن يواجهوا المؤامرات ضد المجتمع أو التي يراد بها إرباك الوضع الأمني في البلاد، فيتجسّسوا للمصلحة العامة حتى لو كان ذلك في إطار الحياة الخاصة للأفراد!
إلاّ أنّ هذا الأمر لا ينبغي أن يكون ذريعةً لهتك حرمة هذا القانون الإسلامي الأصيل، وأن يسوّغ بعض الأفراد لأنفسهم أن يتجسّسوا في حياة الأفراد الخاصة بذريعة التآمر والإخلال بالأمن، فيفتحوا رسائلهم مثلاً، أو يراقبوا الهاتف ويهجموا على بيوتهم بين حين وآخر!!
والخلاصة أنّ الحدّ بين التجسس بمعناه السلبي وبين كسب الأخبار الضرورية لحفظ أمن المجتمع دقيق وظريف جداً، وينبغي على مسؤولي إدارة الأُمور الإجتماعية أن يراقبوا هذا الحدّ بدقّة لئلاّ تهتك حرمة أسرار الناس، ولئلاّ يتهدّد أمن المجتمع والحكومة الإسلامية!.
قلنا إنّ رأس مال الإنسان المهم في حياته ماءُ وجهه وحيثيّته، وأي شيء يهدّده فكأنّما يهدّد حياته بالخطر.
وأحياناً يعدّ اغتيال وقتل الشخصية أهم من اغتيال الشخص نفسه، ومن هنا كان إثمه أكبر من قتل النفس أحياناً.
إنّ واحدةً من حِكم تحريم الغيبة أن لا يتعرّض هذا الإعتبار العظيم للأشخاص ورأس المال آنف الذكر لخطر التمزّق والتلوّث وأن لا تهتك حرمة الأشخاص ولا تلوّث حيثيّاتهم، وهذا مطلب مهم تلقّاه الإسلام باهتمام بالغ!
والأمر الآخر إنّ الغيبة تولّد النظرة السيئة وتضعف العلائق الإجتماعية وتوهنها وتتلف رأس مال الإعتماد وتزلزل قواعد التعاون «الإجتماعي»!
ونعرف أنّ الإسلام أولى أهميةً بالغةً من أجل الوحدة والإنسجام والتضامن بين أفراد المجتمع، فكلّ أمر يقوي هذه الوحدة فهو محل قبول الإسلام وتقديره، وما يؤدّي إلى الإخلال بالأواصر الاجتماعية فهو مرفوض، والاغتياب هو أحد عوامل الوهن والتضعيف...
ثمّ بعد هذا كلّه فإنّ الإغتياب ينثر في القلوب بذور الحقد والعداوة وربّما أدّى أحياناً إلى الاقتتال وسفك الدماء في بعض الأحيان.
والخلاصة أنّنا حين نقف على أنّ الإغتياب يعدّ واحداً من كبائر الذنوب فإنّما هو لآثاره السيئة فرديةً كانت أم اجتماعية!
وفي الروايات الإسلامية تعابير مثيرة في هذا المجال نورد هنا على سبيل المثال بعضاً منها!
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل وأربى الربى عِرض الرجل المسلم»(1).
وما ذلك إلاّ لأنّ الزنا وإن كان قبيحاً وسيئاً، إلاّ أنّ فيه جَنبة حق الله، ولكنَّ الربا وما هو أشدّ منه كإراقة ماء وجه الإنسان وما إلى ذلك فيه جنبة حق الناس.
وقد ورد في رواية أُخرى أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خطب يوماً بصوت عال ونادى: «يامعشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه! لا تغتابوا المسلمين ولا تتّبعوا عوراتهم فإنّه من تتّبع عورة أخيه تتّبع الله عورته ومن تتّبع الله عورته يفضحه في جوف بيته»(2).
كما ورد في حديث ثالث أنّ الله أوحى لموسى (عليه السلام) قائلاً: «من مات تائباً من الغيبة فهو آخر من يدخل الجنّة، ومن مات مصرّاً عليه فهو أوّل من يدخل النّار»(3).
كما نقرأ حديثاً آخر عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الأكلة في جوفه»(4).
وهذا التشبيه يدلُّ على أنّ الإغتياب كمثل الجَرب الذي يأكل اللحم، فإنّه يذهب بالإيمان بسرعة.
ومع الإلتفات إلى أنّ بواعث الغيبة ودوافعها أمور متعدّدة كالحسد والتكبّر والبخل والحقد والأنانية وأمثالها من صفات دميمة وقبيحة يتّضح السرّ في سبب كون الغيبة وتلويث سمعة المسلمين وهتك حرمتهم لها هذا الأثر المدمّر لإيمان الشخص.
والروايات الإسلامية في هذا الصدد كثيرة، ونختتم بحثنا هذا بذكر حديث آخر نقل عن الإمام الصادق (عليه السلام) إذ يقول: «من روى على مؤمن روايةً يريد بها شينه وهدم مروّته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان»(5).
إنّ جميع هذه التأكيدات والعبارات المثيرة إنّما هي للأهمية القصوى التي يوليها الإسلام لصون ماء الوجه وحيثيّة المؤمنين الإجتماعية، وكذلك للأثر المخرّب ـ الذي تتركه الغيبة ـ في وحدة المجتمع والإعتماد المتبادل في القلوب، وأسوأ من كل ذلك أنت الغيبة تسوق إلى إشعال نار العداوة والبغضاء والنفاق وإشاعة الفحشاء في المجتمع. لأنّه حين تنكشف عيوب الناس الخفيّة عن طريق الغيبة لا تبقى لها خطورة في أعين الناس ويكون التلوّث بها في غاية البساطة!.
1 ـ المحجّة البيضاء، ج5، ص253.
2 ـ المصدر السابق، ص252.
3 ـ المصدر السابق.
4 ـ أصول الكافي، ج2، باب الغيبة، الحديث 1 ـ الآكلة نوع من الأمراض الجلدية.
5 ـ وسائل الشيعة، ج8، الباب 157، الحديث 2، الصفحة 608.
«الغيبة» أو الإغتياب كما هو ظاهر الاسم ما يقال في غياب الشخص، غاية ما في الأمر أنّه بقوله هذا يكشف عيباً من عيوب الناس. سواءاً كان عيباً جسدياً أو أخلاقيّاً أو في الأعمال أو في المقال بل حتى في الأومور المتعلّقة به كاللباس والبيت والزوج والأبناء وما إلى ذلك!
فبناءً على هذا ما يقال عن الصفات الظاهرة للشخص، الآخر لا يُعدّ اغتياباً، إلاّ أن يراد منه الذم والعيب فهو في هذه الصورة حرام، كما لو قيل في مقام الذم أنّ فلاناً أعمى أو أعور أو قصير القامة أو شديد الأدمة والسمرة أكوس اللحية إلخ...
فيتّضح من هذا أنّ ذكر العيوب الخفية بأي قصد كان يعدّ غيبةً وهو حرام أيضاً، وذكر العيوب الظاهرة إذا كان بقصد الذم فهو حرام، سواءً أدخلناه في مفهوم الغيبة أم لا؟!
كل هذا في ما لو كانت هذه العيوب في الطرف الآخر واقعية، أمّا إذا لم تكن أصلاً فتدخل تحت عنوان «البهتان» وإثمه أشدّ من الإغتياب بمراتب.
ففي حديث ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه، وأمّا الأمر الظاهر فيه مثل الحدّة والعجلة فلا، والبهتان أن تقول ما ليس فيه»(1).
ومن هنا يتبيّن أنّ ما يتبجّح به العوام من أعذار في الغيبة غير مقبول كأن يقول المغتاب: ليس هذا اغتياباً بل هو صفته، في حين إذا لم يكن قوله الذي يعيبه فيه صفة له فهو بهتان لا أنّه غيبة.
أو أن يقول: هذا كلام أقوله في حضوره أيضاً، في حين أنّ كلامه أمام الطرف الآخر لا يترتّب عليه إثم الإغتياب فحسب، بل يتحمّل بسبب الإيذاء إثماً أكبر ووزراً أثقل.
1 ـ أصول الكافي، ج2، باب الغيبة والبهت، الحديث 7.
إنّ الغيبة كسائر الصفات الذميمة تتحوّل تدريجاً إلى صورة مرض نفسي بحيث يلتذ المغتاب من فعله ويحس بالإغتباط والرضا عندما يريق ماء وجه فلان، وهذه مرتبة من مراتب المرض القلبي الخطير جداً.
ومن هنا فينبغي على المغتاب أن يسعى إلى علاج البواعث الداخلية للإغتياب التي تكمن في أعماق روحه وتحضّه على هذا الذنب، من قبيل البخل والحسد والحقد والعداوة والإستعلاء والأنانية!
فعليه أن يطهّر نفسه عن طريق بناء الشخصية والتفكير في العواقب السيئة لهذه الصفات الذميمة وما ينتج عنها من نتائج مشؤومة، ويغسل قلبه عن طريق الرياضة النفسية ليستطيع أن يحفظ لسانه من التلوّث بالغيبة.
ثمّ يتوجّه إلى مقام التوبة، وحيث أنّ التوبة من الغيبة فيها «جنبة» حق الناس، فإنّ عليه إذا كان ممكناً ولا يحصل له أيّ مشكل أو معضل ـ أن يعتذر ممّن اغتابه حتى ولو بصورة مجملة أو معمّاة كأن يقول: إنّني أغتابك أحياناً لجهلي فسامحني واعفُ عني ولا يطيل في بيان الغيبة وشرحها لئلاّ يحدث عامل آخر للفساد أو الإفساد!
وإذا لم يستطع الوصول إلى الطرف الآخر، أو لا يعرفه، أو أنّه مضى إلى ربّه فيستغفر له ويعمل صالحاً، فلعلّ الله يغفر له ببركة العمل الصالح ويرضي عنه الطرف الآخر.
وآخر ما ينبغي ذكره في شأن الغيبة أنّ قانون الغيبة كأي قانون آخر له استثناءات، من جُملتها أنّه يتّفق أحياناً في مقام «الإستشارة» مثلاً لإنتخاب الزوج أو الشريك في الكسب وما إلى ذلك أن يسأل إنسان أنساناً آخر، فالأمانة في المشورة التي هي قانون إسلامي مسلّم به توجب أن تبيّن العيوب إن وجدت في الشخص الآخر لئلاّ يتورّط المسلم في مشكلة، فمثلُ هذا الإغتياب بمثل هذا القصد لا يكون حراماً.
وكذلك في الموارد الأُخرى التي فيها أهداف مهمّة كهدف المشورة في العمل أو لإحقاق الحق أو التظلّم وما إلى ذلك.
وبالطبع فإنّ «المتجاهر بالفسق» خارج عن موضوع الغيبة، ولو ذكر إثمه في غيابه فلا إثم على مغتابه، إلاّ أنّه ينبغي الإلتفات إلى أنّ هذا الحكم خاص بالذنب الذي يتجاهر به فحسب.
وممّا يسترعي الإلتفات أيضاً هو أنّ الغيبة ليست حراماً فحسب، فالإستماع إليها حرام أيضاً، والحضور في مجلس الإغتياب حرام، بل يجب طبقاً لبعض الروايات أن يردّ على المغتاب، يعني أن يدافع عن أخيه المسلم الذي يراد إراقة ماء وجهه، وما أحسن مجتمعاً تُراعى فيه هذه الأُصول الأخلاقية بدقّة!.
* * *
يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ( 13 )
كان الخطاب في الآيات السابقة موجّهاً للمؤمنين وكان بصيغة: (يا أيّها الذين آمنوا) وقد نهى الذكر الحكيم في آيات متعدّدة عمّا يُوقِع المجتمع الإسلامي في خطر، وتكلّم في جوانب من ذلك.
في حين أنّ الآية محل البحث تخاطب جميع الناس وتبيّن أهم أصل يضمن النظم والثبات، وتميّز الميزان الواقعي للقيم الإنسانية عن القيم الكاذبة والمغريات الباطلة. فتقول: (يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا).
والمراد بـ(خلقناكم من ذكر وأنثى) هو أصل الخلقة وعودة أنساب الناس إلى «آدم وحواء»، فطالما كان الجميع من أصل واحد فلا ينبغي أن تفتخر قبيلة على أُخرى من حيث النسب، وإذا كان الله سبحانه قد خلق كلّ قبيلة وأولاها خصائص ووظائف معيّنة فإنّما ذلك لحفظ نظم حياة الناس الإجتماعية! لأنّ هذه الإختلافات مدعاةً لمعرفة الناس، فلو كانوا على شاكلة واحدة ومتشابهين لساد الهرج والمرج في المجتمع البشري أجمع.
وقد اختلف المفسّرون في بيان الفرق بين «الشعوب» جمع شعب ـ على زنة صعب ـ (الطائفة الكبيرة من الناس) و«القبائل» جمع قبيلة فاحتملوا احمالات متعدّدة:
قال جماعة إنّ دائرة الشعب أوسع من دائرة القبيلة، كما هو المعروف في العصر الحاضر أن يطلق الشعب على أهل الوطن الواحد.
وقال بعضهم: كلمة «شعوب» إشارة إلى طوائف العجم، وأمّا «القبائل» فإشارة طوائف العرب.
وأخيراً فإنّ بعضهم قال بأنّ «الشعوب» اشارة إلى انتساب الناس إلى المناطق «الجغرافية» و«القبائل» إشارة إلى انتسابهم إلى العرق والدم.
لكنّ التّفسير الأوّل أنسب من الجميع كما يبدو! وعلى كلّ حال فإنّ القرآن بعد أن ينبذ أكبر معيار للمفاخرة والمباهات في العصر الجاهلي ويُلغي التفاضل بالأنساب والقبائل يتّجه نحو المعيار الواقعي القيم فيضيف قائلاً: (إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم).
وهكذا فإنّ القرآن يشطب بالقلم الأحمر على جميع الإمتيازات الظاهرية والمادية، ويعطي الأصالة والواقعية لمسألة التقوى والخوف من الله، ويقول إنّه لا شيء أفضل من التقوى في سبيل التقرّب إلى الله وساحة قدسه.
وحيث أنّ «التقوى» صفة روحانية وباطنية ينبغي أن تكون قبل كلّ شيء مستقرّةً في القلب والروح، وربّما يوجد مدّعون للتقوى كثيرون والمتّصفون بها قلة منهم، فإنّ القرآن يضيف في نهاية الآية قائلاً: (إنّ الله عليم خبير).
فالله يعرف المتّقين حقّاً وهو مطّلع على درجات تقواهم وخلوص نيّاتهم وطهارتهم وصفائهم، فهو يكرمهم طبقاً لعلمه ويثيبهم، وأمّا المدّعون الكذَبَة فإنّه يحاسبهم ويجازيهم على كذبهم أيضاً.
* * *
لا شكّ أنّ كلّ إنسان يرغب بفطرته أن يكون ذا قيمة وافتخار، ولذلك فهو يسعى بجميع وجوده لكسب القيم...
إلاّ معرفة معيار القيم يختلف باختلاف الثقافات تماماً، وربّما أخذت القيم الكاذبة مكاناً بارزاً ولم تُبق للقيم الحقّة مكان في قاموس الثقافة للفرد.
فجماعة ترى بأنّ قيمتها الواقعية في الإنتساب إلى القبيلة المعروفة، ولذلك فإنّهم من أجل أن تعلوَ سمعةُ قبيلتهم وطائفتهم يظهرون نشاطات وفعاليات عامة ليكونوا برفعة القبيلة وسمّوها كبراء أيضاً.
وكان الإهتمام بالقبيلة والإفتخار بالإنتساب إليها من أكثر الأُمور الوهميّة رواجاً في الجاهلية إلى درجة كانت كلّ قبيلة تعدّ نفسها أشرف من القبيلة الأُخرى، ومن المؤسف أن نجد رواسب هذه الجاهلية في أعماق نفوس الكثيرين من الأفراد والمجتمعات!! وجماعة أُخرى تعوّل على مسألة المال والثروة وامتلاكها للقصور والخدم والحشم وأمثال هذه الأُمور، فتعدّها دليلاً على القيمة الشخصيّة وتسعى من أجل كلّ ذلك دائماً.
وجماعة تعتبر (المقامات) السياسية والإجتماعية العليا معياراً للشخصية والقيم الإجتماعية!
وهكذا تخطو كلّ جماعة في طريق خاص وتنشدّ قلوبها إلى قيمة معينة وتعدّها معيارها الشخصي!
وحيث أنّ هذه الأُمور جميعها أمور متزلزلة ومسائل ذاتية ومادية وعابرة فإنّ مبدأ سماوياً كمبدأ الإسلام لا يمكنه أن يوافق عليها أبداً.. لذلك يشطب عليها بعلامة البطلان ويعتبر القيمة الحقيقية للإنسان في صفاته الذاتية وخاصة تقواه وطهارة قلبه والتزامه الديني.
حتى أنّه لا يكترث بموضوعات مهمّة كالعلم والثقافة إذا لم تكن في خطّ «الإيمان والتقوى والقيم الأخلاقية»...
ومن العجيب أن يظهر القرآن في محيط يهتمّ بالقيمة القبلية أكثر من اهتمامه بالقيم الأُخرى، إلاّ أنّ القرآن حطّم هذه الوثنية وحرّر الإنسان من أسر العِرق والدم والقبيلة واللون والمال والمقام والثروة وقاده إلى معرفة نفسه والعثور على ضالّته داخل نفسه وصفاتها العليا.
الطريف أنّ في ما ذُكر في شأن نزول الآية محل البحث لطائف ودقائق تحكي عن عمق هذا الدستور الإسلامي.
منها: إنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر «بلالاً» بعد فتح مكّة أن يؤذّن، فصعد بلال وأذّن على ظهر الكعبة، فقال «عتّاب بن أسيد» الذي كان من الأحرار: أشكر الله أن مضى أبي من هذه الدنيا ولم يرَ مثل هذا اليوم.. وقال «الحارث بن هشام»: ألم يجدْ رسول الله غير هذا الغراب الأسود للأذان؟! «فنزلت الآية الآنفة وبيّنت معيار القيم الواقعية»(1).
وقال بعضهم: نزلت الآية عندما أمر الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بتزويج بعض الموالي من بنات العرب «والموالي تطلق على العبيد الذين عُتقوا من ربقة أسيادهم أو على غير العرب (المسلمين)». فتعجّبوا وقالوا: يا رسول الله أتأمرنا أن نزوّج بناتنا من الموالي «فنزلت الآية وأبطلت هذه الأفكار الخرافية»(2).
ونقرأ في بعض الروايات الإسلامية أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خطب يوماً في مكّة فقال: «يا أيّها الناس إنّ الله قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتعاظمها بآبائها فالناس رجلان رجل برّ تقي كريم على الله وفاجر شقي هيّن على الله والناس بنو آدم وخلق الله آدم من تراب قال الله تعالى: (يا أيّها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير)»(3).
وقد جاء في كتاب «آداب النفوس» للطبري أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التفت إلى الناس وهو راكب على بعيره في أيّام التشريق بمنى «وهي اليوم الحادي عشر والثّاني عشر والثّالث عشر» من ذي الحجة فقال: «يا أيّها الناس! ألا إنّ ربّكم واحد وإنّ أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلاّ بالتقوى ألا هل بلّغت: قالوا نعم! قال: ليبلغ الشاهد الغائب»(4).
كما ورد في حديث آخر بهذا المعنى ضمن كلمات قصيرة ذات معاني غزيرة أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إنّ الله لا ينظر إلى أحسابكم ولا إلى أنسابكم ولا الى أجسامكم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم، فمن كان له قلب صالح تحنّن الله عليه وإنّما أنتم بنو آدم وأحبّكم إليه أتقاكم»(5).
إلاّ أنّ العجيب أنّه مع هذه التعليمات الواسعة الغنية ذات المغزى الكبير ما يزال بين المسلمين من يعوّل على الدم والنسب واللسان ويقدّمون وحدة الدم واللغة على الأخوة الإسلامية والوحدة الدينية ويحيون العصبية الجاهلية مرّةً أخرى، وبالرغم من الضربات الشديدة التي يتلقّونها من جراء ذلك، إلاّ أنّهم حسب الظاهر لا يريدون أن يتيقّظوا ويعودوا إلى حكم الإسلام وحظيرة قدسه!
حفظ الله الجميع من شر العصبية الجاهلية.
إنّ الإسلام حارب العصبية الجاهلية في أي شكل كانت وفي أيّة صورة ليجمع المسلمين في العالم من أي قوم وقبيلة وعرق تحت لواء واحد! ـ لواء القومية ولا سواه ـ لأنّ الإسلام لا يوافق على هذه النظريات المحدودة ويعدّ جميع هذه الأُمور وهمية ولا أساس لها حتى أنّه ورد في حديث عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «دعوها فإنّها منتنة»(6).
ولكنّ لماذا بقيت هذه الفكرة المُنتنة مترسّخة في عقول الكثيرين ممّن يدّعون أنّهم مسلمون ويتّبعون القرآن والأخوة الإسلامية ظاهراً؟! لا ندري!!
وما أحسن أن يُبنى المجتمع على أساس معيار القيم الإسلامي (إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم) وإن تطوى القيم الكاذبة من قوميّة ومال وثروة ومناطق جغرافية وطبقية عن هذا المجتمع.
أجل، التقوى الإلهية والإحساس بالمسؤولية الداخلية والوقوف بوجه الشهوات والإلتزام بالحق والصدق والطهارة والعدل، هي وحدها معيار القيم الإنسانية لا غير، بالرغم من أنّ هذه القيم الأصيلة نسيت وأهملت في سوق المجتمعات المعاصرة وحلّت محلها القيم الكاذبة.
في نظام القيم الجاهلية الذي كان يدور حول محور «التفاخر بالآباء والأموال والأولاد» لم ينتج سوى حفنة سرّاق وناهبين، غير أنّه بتبدّل هذا النظام وإحياء أصل (إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم) الكبير كان من ثمراته أناس أمثال سلمان وأبو ذر وعمّار وياسر والمقداد. والمهم في ثورات المجتمعات الإنسانية هو الثورة على القيم» وإحياء هذا الأصل الإسلامي الأصيل!
ونختتم كلامنا هذا بحديث للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ قال: «كلكم بنو آدم وآدم خُلِقَ من تراب ولينتهينّ قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان»(7).
1 ـ روح البيان، ج9، ص90، كما ورد في تفسير القرطبي، ص6160، ج9.
2 ـ المصدر السابق.
3 ـ تفسير القرطبي، ج9، ص6161.
4 ـ المصدر السابق، ص6162، والتعبير «بالأحمر» في هذه الرواية لا يعني من بشرته حمراء بل من بشرته حنطيّة لأنّ أغلب الناس في ذلك المحيط كانوا بهذه الصفة ومن الطريف أن يطلق الأحمر على الحنطة أيضاً.
5 ـ المصدر السابق.
6 ـ صحيح مسلم طبقاً لما نقل في ظلال الإسلام، ج7، ص538.
7 ـ في ظلال القرآن، ج7، ص538.
كما رأينا من قبل، فإنّ القرآن جعل أكبر امتياز للقوى، وعدّها معياراً لمعرفة القيم الإنسانية فحسب!
وفي مكان آخر عدّها خير الزاد والشراب إذ يقول: (وتزوّدوا فإنّ خير الزاد التقوى)(1).
أمّا في سورة الأعراف فقد عبّر عنها باللباس: (ولباس التقوى ذلك خير)(2).
كما أنّه عبّر عنها في آيات أُخر بأنّها واحدة من أُوَل أسس دعوة الأنبياء، ويسمو بها في بعض الآيات إلى أن يعبّر عن الله بأنّه أهل التقوى فيقول: (هو أهل التقوى وأهل المغفرة)(3).
والقرآن يعدّ التقوى نوراً من الله، فحيثما رسخت التقوى كان العلم والمعرفة إذ يقول: (واتقوا الله ويعلّمكم الله)(4).
ويقرن التقوى بالبرّ في بعض آياته فيقول: (وتعاونوا على البرّ والتقوى).
أو يقرن العدالة بالتقوى فيقول: (اعدلوا هو أقرب للتقوى).
والآن ينبغي أن نرى ما هي «حقيقة التقوى» التي هي أعظم رأس مال معنوي وافتخار للإنسان.
أشار القرآن إشارات تكشف أستاراً عن حقيقة التقوى، فيذكر في آيات متعدّدة «القلب» مكاناً للتقوى، ومن ضمنها قوله تعالى: (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى)(5).
ويجعل القرآن «التقوى» في مقابل «الفجور» كما نقرأ ذلك في الآية (8) من سورة الشمس: (فألهمها فجورها وتقواها).
ويعدّ القرآن كلّ عمل ينبع من روح الإيمان والإخلاص والنية الصادقة أساسه التقوى، كما جاء في وصفه في شأن «مسجد قبا» (في المدينة) حيث بنى المنافقون في قباله «مسجد ضرار» فيقول: (لمسجد أُسس على التقوى من أوّل يوم أحقُّ أن تقوم فيه)(6).
ويستفاد من مجموع هذه الآيات أنّ التقوى هي الإحساس بالمسؤولية والتعهّد الذي يحكم وجود الإنسان وذلك نتيجةً لرسوخ إيمانه في قلبه حيث يصدّه عن الفجور والذنب ويدعوه إلى العمل الصالح والبر ويغسل أعمال الإنسان من التلوّثات ويجعل فكره ونيّته في خلوص من أية شائبة.
وحين نعود إلى الجذر اللغوي لهذه الكلمة نصل إلى هذه النتيجة أيضاً لأنّ «التقوى» مشتقّة من «الوقاية» ومعناها المواظبة والسعي على حفظ الشيء، والمراد في هذه الموارد حفظ النفس من التلوّث بشكل عام، وجعل القوى تتمركز في أمور يكون رضا الله فيها:
وقد ذكر بعض الأعاظم للتقوى ثلاث مراحل:
1 ـ حفظ النفس من (العذاب الخالد) عن طريق تحصيل الإعتقادات الصحيحة.
2 ـ تجنّب كلّ إثم وهو أعم من أن يكون تركاً لواجب أو فعلاً لمعصية.
3 ـ التجلّد والإصطبار عن كلّ ما يشغل القلب ويصرفه عن الحقّ، وهذه تقوى الخواص بل خاص الخاص(7).
وفي نهج البلاغة للإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) تعابير حيّة وبليغة في شأن التقوى، حيث ذكرت التقوى في كثير من خطب الإمام وكلماته القصار!
ففي بعض كلماته يقارن (عليه السلام) بين التقوى والذنب فيقول: «ألا وإنّ الخطايا خيل شُمس حمل عليها أهلها وخلعت لجمها فتقحّمت بهم في النّار ألا وإنّ التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها وأعطوا أزمّتها فأوردتهم الجنّة»(8).
وطبقاً لهذا التشبيه اللطيف فإنّ التقوى هي حالة ضبط النفس والتسلّط على الشهوات، في حين أنّ عدم التقوى هو الإستسلام للشهوات وعدم التسلّط عليها.
ويقول الإمام علي في مكان آخر: «اعلموا عباد الله أنّ التقوى دار حصن عزيز والفجور دار حصن ذليل لا يمنع أهله ولا يحرز من لجأ إليه ألا وبالتقوى تقطع حمة الخطايا»(9).
ويضيف في مكان آخر أيضاً: «فاعتصموا بتقوى الله فإنّ لها حبلاً وثيقاً عروتهُ ومعقلاً منيعاً ذروتهُ»(10).
وتتّضح حقيقة التقوى وروحها من خلال مجموع التعبيرات آنفة الذكر.
وينبغي الإلتفات إلى هذه «اللطيفة» وهي أنّ التقوى ثمرة شجرة الإيمان، ومن أجل الحصول على هذه الثمرة النادرة والغالية ينبغي أن تكون قاعدة الإيمان راسخة ومُحكمة!
وبالطبع فإنّ ممارسة الطاعة وتجنّب المعصية والإلتفات إلى المناهج الأخلاقية تجعل التقوى راسخة في النفس، ونتيجتها ظهور نور اليقين والإيمان في نفس الإنسان، وكلّما إزداد نور التقوى إزداد نور اليقين أيضاً، ولذلك نجد التقوى في بعض الروايات الإسلامية على أنّها درجة أعلى من الإيمان وأدنى من اليقين!
يقول الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام): «الإيمان فوق الإسلام بدرجة والتقوى فوق الإيمان بدرجة واليقين فوق التقوى بدرجة وما قسم في الناس شيء أقلّ من اليقين».
ونختتم بحثنا بأبيات تجسِّد حقيقة التقوى ضمن مثال جلي:
خل الذنوب صَغيرها وكبيرها فهو التقى
واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرنّ صغيرةً إنّ الجبال من الحصى
* * *
1 ـ البقرة، الآية 197.
2 ـ الأعراف، الآية 26.
3 ـ المدّثر، الآية 56.
4 ـ البقرة، الآية 282.
5 ـ الحجرات، الآية 3.
6 ـ سورة التوبة، 108.
7 ـ بحار الأنوار، ج70، ص126.
8 ـ نهج البلاغة الخطبة رقم 16.
9 ـ نهج البلاغة الخطبة 157.
10 ـ نهج البلاغة الخطبة 190.
قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَمْ تُؤْمِنُواْ وَلكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الاِْيمَنُ فِى قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُم مِنْ أَعمَلِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 14 ) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَـهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللهِ أُولَـئِكَ هُمُ الصَّـدِقُونَ( 15 )
ذكر كثير من المفسّرين شأناً لنزول الآيتين وخلاصته ما يلي...
ورد المدينة جماعة من «بني أسد» في بعض سنين الجدب والقحط وأظهروا الشهادتين على ألسنتهم أملاً في الحصول على المساعدة من النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وقالوا للرسول أنّ قبائل العرب ركبت الخيول وحاربتكم إلاّ أنّنا جئناك بأطفالنا ونسائنا دون أن نحاربك، وأرادوا أن يمنّوا على النّبي عن هذا الطريق!
فنزلت الآيتان آنفتا الذكر وكشفتا أنّ إسلامهم ظاهري ولم يتغلغل الإيمان في أعماق قلوبهم، ثمّ إذا كانوا مؤمنين فما ينبغي عليهم أن يمنّوا على الرّسول بالإيمان بل الله يمنّ عليهم أن هداهم للإيمان(1).
ولكنّ وجود شأن النّزول هذا لا يمنع من عمومية مفهوم الآية.
1 ـ تفسير الميزان وروح البيان وفي ظلال القرآن، ذيل الآيات محل البحث.
كان الكلام في الآية المتقدّمة على معيار القيم الإنسانية، أي التقوى، وحيث أنّ التقوى ثمرة لشجرة الإيمان، الإيمان النافذ في أعماق القلوب، ففي الآيتين الآنفتين بيان لحقيقة الإيمان إذ تقول الآية الأولى: (قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم).
وطبقاً لمنطوق الآية فإنّ الفرق بين «الإسلام» و«الإيمان» في أنّ: الإسلام له شكل ظاهري قانوني، فمن تشهد بالشهادتين بلسانه فهو في زمرة المسلمين وتجري عليه أحكام المسلمين.
أمّا الإيمان فهو أمر واقعي وباطني، ومكانه قلب الإنسان لا ما يجري على اللسان أو ما يبدو ظاهراً!
الإسلام ربّما كان عن دوافع متعدّدة ومختلفة بما فيها الدوافع الماديّة والمنافع الشخصية، إلاّ أنّ الإيمان ينطلق من دافع معنوي، ويسترفد من منبع العلم، وهو الذي تظهر ثمرة التقوى اليانعة على غصن شجرته الباسقة!
وهذا ما أشار إليه الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في تعبيره البليغ الرائع: «الإسلام علانية والإيمان في القلب»(1).
كما إنّا نقرأ حديثاً آخر عن الإمام الصادق يقول فيه: الإسلام يحقن الدم وتؤدّى به الأمانة وتستحلُّ به الفروج والثواب على الإيمان(2).
وربَّما كان لهذا السبب أنّ بعض الروايات تحصر مفهوم الإسلام بالإقرار اللفظي، في حين أنّ الإيمان إقرار باللسان وعمل بالأركان، إذ تقول الرواية «الإيمان إقرار وعمل، والإسلام إقرار بلا عمل»(3).
وهذا المعنى نفسه وارد في تعبير آخر في بحث الإسلام والإيمان، يقول «فضيل بن يسار» سمعت الإمام الصادق (عليه السلام)
يقول: إنّ الإيمان يشارك الإسلام ولا يشاركه الإسلام، إنّ الإيمان ما وقر في القلوب والإسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء(4).
وهذا التفاوت في المفهومين فيما إذا اجتمع اللفظان معاً، إلاّ أنّه إذا انفصل كلٌّ عن الآخر فربَّما أطلق الإسلام على ما يُطلق عليه بالإيمان، أي أنّ اللفظين قد يستعملان في معنى واحد أحياناً.
ثمّ تضيف الآية محل البحث فتقول: (وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً) وسيوفّيكم ثواب أعمالكم بشكل كامل ولا ينقص منها شيئاً.
وذلك لـ(انّ الله غفورٌ رحيم).
(لا يلتكم) مشتقٌّ من «لَيت» على زنة (ريب) ومعناه الإنقاص من الحق(5).
1 ـ مجمع البيان، ج9، ص138.
2 ـ الكافي، ج2، باب أنّ الإسلام يحقن به الدم، الحديثان 1، 2.
3 ـ المصدر السابق.
4 ـ أصول الكافي، ج2، باب أنّ الإيمان يشرّك الإسلام، الحديث 3.
5 ـ فعلى هذا يكون الفعل ليت أجوف يائياً وإن كان الفعل ولت بهذا المعنى أيضاً.
والعبارات الأخيرة في الحقيقة إشارات إلى أصل قرآني مسلّم به وهو أنّ شرط قبول الأعمال «الإيمان»، إذ مضمون الآية أنّه إذا كنتم مؤمنين بالله ورسوله إيماناً قلبياً وعلامته طاعتكم لله والرّسول فإنّ أعمالكم مقبولة، ولا ينقص من أجركم شيء، ويثيبكم الله، وببركة هذه الأعمال يغفر ذنوبكم لأنّ الله غفور رحيم.
![]() |
![]() |
![]() |