2 ـ يقصد بها تلك الحالات التي يمرّ بها الإنسان منذ كونه نطفةً حتى يموت، (وقد عدّها البعض (37) حالة).

3 ـ يقصد بها تلك الحالات التي يعيشها الإنسان في حياته من: سلامة ومرض، سرور وغم، اليسر والعسر، السلم والحرب...الخ.

4 ـ يقصد بها تلك الحالات الصعبة التي ستواجه الإنسان يوم القيامة حتى يفرغ من حسابه، ويتجه إلى مصيره (الجنّة أو النّار).

5 ـ يقصد بها تلك الحالات التي مرّت بها الأقوام السالفة بحلاوتها ومرّها، وكذلك الإشارة إلى ألوان التكذيب والإنكار الذي يقع في هذه الاُمّة، وهذا المعنى قد ورد في حديث ما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام).

ولا يمنع من اعتبار كلّ ما جاء في التفاسير أعلاه مصاديق لمعنى الآية.

وقيل: إنّ شخص النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) هو المخاطب في الآية، والآية تشير إلى طبقات السماء التي طواهنّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) في معراجه.

ولكن، بلحاظ وجود الضم على «الباء» في «لتركُبنّ»، يتّضح لنا أنّ المخاطب جمع وليس فرد هذا من جهة، ولو رجعنا إلى الآيات السابقة لرأينا النداء موجه

[68]

إلى النّاس كافة من جهة اُخرى، وعليه، فهذا التّفسير بعيد عن مرام الآية.

وعلى آية حال، فعدم استقرار الإنسان على حال ثابتة يدلل على فقر الإنسان واحتياجه، لأنّ كلّ متغيّر حادث، وكلّ حادث له محدث، كما وإنّ عدم استقرار هذا العالم علامة على حركة الإنسان المستمرة نحو اللّه والمعاد، وكما قالت الآية: (يا أيّها الإنسان إنّك كادح إلى ربّك كدحاً فملاقيه).

ومن كلّ ما سبق.. يخرج القرآن الكريم بنتيجة: (فما لهم لا يؤمنون).

فمع وضوح أدلة الحق، مثل أدلة: التوحيد، معرفة اللّه، المعاد، بالإضافة إلى ما من الآفاق في آيات مثل: خلق... الليل والنهار، الشمس والقمر، النور والظلمة، شروق الشمس وغروبها، الشفق، ظلمة الليل، اكتمال القمر بدراً، وكذلك الآيات التي في نفس الإنسان منذ أن يكون نطفة في رحم اُمّه، وما يطويه من مراحل حتى يكتمل جنيناً، مروراً بما يمرّ به من حالات في حياته الدنيا، حتى يدركه الموت.. فمع وجود كل هذه الأدلة والآيات لِمَ لا يؤمنون؟!..

وينتقل بنا العرض القرآني من كتاب (التكوين) إلى كتاب (التدوين)، فيقول: (وإذا قريء عليهم القرآن لا يسجدون).

القرآن كالشمس يحمل دليل صدقه بنفسه، وتتلألأ أنوار الإعجاز من بين جنباته، ويشهد محتواه على أنّه من الوحي الإلهي وكل منصف يدرك جيداً لدى قراءته له أنّه فوق نتاجات عقول البشر ولا يمكن أن يصدر من انسان مهما كان عالماً، فكيف بإنسان لم يتلق تعليماً قط وقد نشأ في بيئة جاهلية موبوءة بالخرافات!...

ويراد بـ «السجود» هنا: الخضوع والتسليم والطاعة(1)، أمّا السجود المتبادر


1 ـ ومن الشواهد على هذا المعنى، بالاضافة إلى شهادة الآيات السابقة واللاحقة، إنّ السجود بمعنى وضع الجبين على الأرض عند تلاوة القرآن إنّما يجب في مواضع محدودة جدّاً ويستحب في مواضع اُخرى، وفي مواضع اُخرى لا هو بالواجب ولا بالمستحب ـ وحينما تقول الآية: (وإذا قريء القرآن لا يسجدون) فقد اُطلقت القول، والإطلاق والحال هذه يراد به التسليم للقرآن.

[69]

إلى الذهن بوضع الجبين على الأرض، فهو أحد مصاديق مفهوم السجود، ولعل هذا هو ما ورد في الرّوايات من سجود النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) عند قراءته لهذه الآية.

والسجود في هذه الآية مستحب عند فتاوى فقهاء أهل البيت(عليهم السلام)، فيما يوجب ذلك فقهاء المذاهب الاربع، إلاّ (مالك)، فإنّه يقول بالسجود عند الإنتهاء من تلاوة السّورة(1).

وتأتي الآية التالية لتقول: (بل الذين كفروا يكذّبون).

والتعبير عن ممارسة تكذيب الكافرين في الآية بصيغة المضارع المستمر، للإشارة إلى تكذيبهم المتعنت المستمر واصرارهم ولجاجتهم وليس تكذيبهم بسبب ضعف أدلة الحق، بل من أجل روح التعصب الأعمى للأسلاف والدنيا والمصالح المادية والحاكمة على قلوبهم المريضة، وأهوائهم الشيطانية.

وببيان جدّي وتهديد جدّي، تقول الآية التالية: (واللّه أعلم بما يوعون).

فاللّه تعالى أعلم بدافع ونيّة وهدف ذلك التكذيب، ومهما تستروا على ما فعلوا فلا يجزون إلاّ بما كسبت أيديهم.

«يوعون»: من (الوعاء) وهو الظرف، كما هو مستقى من قول أمير المؤمنين(عليه السلام)في نهج البلاغة: «إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها».

ثمّ...:(فبشرهم بعذاب أليم).

عادةً ما تستعمل «البشارة» للأخبار السارة، وجاءت هنا لتنم عن نوع من الطعن والتوبيخ.

والحال، إنّ البشارة الحقّة للمؤمنين خالصة بما ينتظرهم من نعيم، وما للكاذبين إلاّ الغرق في بحر من الحسرة والندم، وما هم إلاّ في عذاب جهنم


1 ـ روح البيان، ج1، ص1382.

[70]

يخلدون.

ويستثني المؤمنون من تلك البشرى المخزية: (إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون).

«ممنون»: من (المنّ)، وهو القطع والنقصان، (ومنه «المنون» بمعنى الموت).

وإذا ما جمعنا كلّ هذه المعاني، فستكون النعم الاُخروية على عكس الدنيوية الناقصة والمنقطعة والمقترنة بمنّة هذا وذاك، حيث أنّها لا تنقطع ولا تنقص وليس فيها منّة.

أمّا الإستثناء الذي ورد في الآية السابقة، ففيه بحث: هل أنّه «متصل» أو «منقطع».

قال بعض المفسّرين: إنّة منقطع، أي: إنّ القرآن الكريم انتقل بالآية من الحديث حول الكفار الذي عرض في الآيات السابقة، إلى الحديث عن المؤمنين وما ينتظرهم من أجر وثواب.

والأقرب لسياق الآيات أن يكون الإستثناء متصلاً، وفي هذه الحال يكون هدفه فتح الطريق أمام الكفار للعودة وتشجيعهم على ذلك، لأنّ الآية تقول: إنّ العذاب الأليم المذكور في الآية السابقة سوف لا يصيب مَن يؤمن منهم ويعمل صالحاً وعلاوة على ذلك، سيكون له أجر غير ممنون.

* * *

بحث

وقد استنبط العلاّمة الطبرسي، في كتابه مجمع البيان، من الآيات الأخيرة للسورة ما يلي:

أوّلاً: حرية إرادة الإنسان واختياره.

فقال: قوله سبحانه: (فما لهم لا يؤمنون) و(لا يسجدون) دلالة على أنّ

[71]

السجود فعلهم، لأنّ الحكيم لا يقول: مالك لا تؤمن ولا تسجد، لمن يعلم أنّه لا يقدر على الإيمان والسجود.

ثانياً: إنّ الذمّ على ترك السجود دليل على أنّ الكفار كما أنّهم مكلفون باُصول الدين كذلك بفروعه أيضاً. (هذا القول مبنيٌّ على اعتبار كلمة السجود الواردة في الآية يراد منها (سجود الصلاة)، أو حتى إذا اعتبرنا الكلمة بمفهومها العام، فهي تتضمّن سجود الصلاة كذلك).

اللّهمّ! يسّر علينا الحساب يوم حشر الخلق في ساحة عدلك...

اللّهمّ! الكلّ إليك راجعون، فاهدنا الصراط المستقيم فيمن هديت..

ربّنا! نحن مسلّمون ومطأطئون برؤوسنا إجلالاً لقرآنك فوفقنا للعمل بتعليماته وارشاداته.. وارزقنا العمل بكتابك الكريم.

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة الإنشقاق

* * *

سُورَة البُرُوج

مَكيَّة

وَعَدَدُ آيَآتِهَا اثنتان وَعُشرون آية

«سورة البُروج»

محتوى السّورة:

كان المؤمنون في بداية الدعوة المحمّدية ـ خصوصاً في مكّة ـ يعانون من شدّة التضييق وأقسى ألوان التعذيب الجسدي والنفسي، الذي انهال به عدوّهم من الكفّار على أن يتركوا إيمانهم بترك عقيدة الحق والإرتداد عن الدين القويم!

وبملاحظة كون السّورة مكيّة، فيظهر إنّها نزلت لتقوية معنويات المؤمنين لمواجهة تلك الظروف الصعبة، ولترغيبهم على الصمود أمام الصعاب والثبات على الإيمان وترسيخه في القلوب.

وتناولت السّورة قصّة «أصحاب الاُخدود»، الذين حفروا خندقاً وسجّروه بالنيران، وهددوا المؤمنين بإلقائهم في تلك النّار إن لم يعودوا إلى كفرهم! وأحرقوا مجموعة منهم بالنّار وهم أحياء، ومع ذلك لم يرجعوا عن دينهم..

وتَعِدُ السّورة في بعض آياتها بعذاب جهنم الأليم لاُولئك الذين يؤذون المؤمنين ويعذبونهم على إيمانهم، وتذمهم ذماً شديداً، في حين تبشر المؤمنين الصابرين بالجنّة والفوز بنعيمها.

وفي جانب آخر من السّورة، تُعرض لنا مقتطفات من قصّتي فرعون وثمود وقوميهما الجناة الطغاة، وما آلوا إليه من ذُلّ وهلاك، كلّ ذلك تذكيراً لكفّار مكّة الذين هم أضعف قوّة وأقل جنداً من اُولئك، فعسى أن يرعووا عمّا هم فيه من جهة، وتسلية لقلب الحبيب المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) ومَن كان معه من المؤمنين من جهة

[76]

اُخرى.

وتختم السّورة في آخر مقاطعها بالإشارة إلى عظمة القرآن الكريم، وإلى الأهمية البالغة لهذا الوحي الإلهي.

وعموماً، فالسّورة من سور المقاومة والثبات والصبر أمام ضغوط الظالمين والمستكبرين، وآياتها تتضمّن الوعد الإلهي بنصر المؤمنين.

وسمّيت بسورة «البروج» بلحاظ ذكر الكلمة في أول آية من السّورة بعد ذكر البسملة.

فضيلة السّورة:

روي عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «مَن قرأ هذه السّورة أعطاه اللّه من الأجر بعدد كلّ مَن اجتمع في جمعة وكلّ مَن اجتمع يوم عرفة عشر حسنات، وقراءتها تنجي من المخاوف والشدائد».(1)

وبملاحظة أنّ أحد تفاسير (وشاهد ومشهود) ـ من آيات السّورة ـ هو يومي الجمعة وعرفة من جهة، وأنّ السّورة حكاية مقاومة وبسالة المؤمنين السابقين أمام الشدائد والضغوط من جهة اُخرى، وبملاحظة ذلك سيتّضح لنا التناسب الموجود ما بين هذا الثواب الجزيل لمن يقرءها وبين محتوى السّورة، وأنّ الأجر والثواب إنّما يحصل لمن قرأها بتأمل معانيها، وعمل على ضوء هديها.

* * *


1 ـ تفسير البرهان، ج4، ص445.

[77]

الآيات

وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ(1) وَاليَوْمِ الْمَوْعُودِ(2) وَشَاهِد وَمَشْهُود(3) قُتِلَ أَصْحَـبُ الأُخْدُودِ(4) النَّارِ ذَاتِ الْوُقُودِ(5) إِذْ هُمْ عَلَيهَا قُعُودٌ(6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤمِنِينَ شُهُودٌ(7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُم إِلاَّ أَنْ يُؤمِنُوا باللَّهِ الْعَزِيزِ الحَمِيدِ(8) الَّذى لَهُ مُلْكُ السَّمَـوَتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىء شَهِيدٌ(9)

التّفسير

الإيمان الراسخ أقوى من حُفر النيران!

كما نعلم جميعاً، بأنّ المسلمين في صدر الإسلام الأوّل، كانوا يعيشون في مكّة تحت ظروف قاسية، بعد أن كشّر أعدائهم بقباحة تلك الأنياب القذرة، فانهالوا على المؤمنين بأصناف العذاب وألوانه..

ولمّا كان الهدف من نزول السّورة، وبما عرضته من صور الأولين هو انذار

[78]

هؤلاء الظالمين المغرورين بأنّ مصيرهم سيكون مثل مصير الاقوام السالفة من جهة، ومن جهة اُخرى لتثبيت المؤمنين، وتقوية عزائمهم في صراعهم أمام أذى واضطهاد أهل مكّة.

ابتدأت السّورة بـ : (والسماء ذات البروج).

«البروج»: جمع (برج) وهو القصر، وقيل: هو الشيء الظاهر، وتسمية القصور والأبنية العالية بالبروج لظهورها ووضوحها، وقيل للمحلات الخاصة من السور المحيط بالبلد والتي يجتمع فيها الحراس والجنود (البروج) لظهورها الخاص، ويقال للمرأة التي تظهر زينتها (تبرجت).

والأبراج السماوية: إمّا أن يكون المراد منها النجوم الزاهرة والكواكب المنيرة في السماء، أو المجموعات من النجوم تتخذ مع بعضها شكل شيء معروف في الأرض، وتسمى بـ «الصور الفلكية»، وهي إثنا عشر برجاً، وفي كلّ شهر تحاذي الشمس أحد هذه البروج، (طبيعي أن الشمس لا تتحرك تلك الحركة، وإنّما الأرض تدور حول الشمس فيبدو لنا تغيّر موضع الشمس بالنسبة إلى الصور الفلكية أو الأبراج).(1)

والقسم بهذه البروج يشير إلى عظمة أمرها، التي لم تكن معلومة للعرب الجاهليين وقت نزول الآية بينما أصبحت معلومة تماماً في هذا الزمان والأقوى أنّ المراد منها هو النجوم المتلألئة ليلاً في القبة السماوية.

ولذا نقرأ فيما روي عن النّبي الاكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، أنّه حينما سئل عن تفسير الآية قال: «الكواكب»(2).

وتقول الآية الثّانية: (واليوم الموعود)


1 ـ والأبراج الاثنا عشر هي: الحمل، الثور، الجوزاء، السرطان، الأسد، السنبلة، الميزان، العقرب، القوس، الجدي، الدلو والحوت.

2 ـ الدر المنثور، ج6، ص331.

[79]

اليوم الذي وعد به جميع الأنبياء والمرسلين(عليهم السلام)، والذي تحدثت عنه مئات الآيات القرآنية المباركة، اليوم الذي يلتقي فيه جميع الخلق من الأولين والآخرين للحساب، إنّه يوم القيامة الحق.

وفي القسم الثّالث والرّابع يقول: (وشاهد ومشهود).

وقد تعرض المفسّرون للآية بمعان متباينة، وصلت إلى ثلاثين معنى، وأدناه أهم ما ذُكر منها:

1 ـ «الشاهد»: هو النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، بدلالة الآية (45) من سورة الأحزاب: (يا أيّها النّبي إنّا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً).

و«المشهود»: هو يوم القيامة، بدلالة الآية (103) من سورة هود: (ذلك يوم مجموع له النّاس وذلك يوم مشهود).

2 ـ «الشاهد»: هو ما سيشهد على أعمال النّاس، كأعضاء بدنه، بدلالة الآية (24) من سورة النور: (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون). و«المشهود»: هم النّاس وأعمالهم.

3 ـ «الشاهد»: هو يوم «الجمعة»، الذي يشهد اجتماع في صلاة مهمّة، و«المشهود»: هو يوم «عرفة»، الذي يشهده زوّار بيت اللّه الحرام، وهو ما روي عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام الباقر(عليه السلام) والإمام الصادق(عليه السلام)(1).

4 ـ «الشاهد»: عيد الأضحى.

و«المشهود»: يوم عرفة.

وروي أنّ رجلاً دخل مسجد رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)، فإذا رجل يحدث عن رسول اللّه، قال: فسألته عن الشاهد والمشهود، فقال: (نعم، الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة)، فجزته إلى آخر يحدث عن رسول اللّه، فسألته عن ذلك


1 ـ مجمع البيان، ج10، ص466.

[80]

فقال: (أمّا الشاهد فيوم الجمعة، وأمّا المشهود فيوم النحر)، فجزتهما إلى غلام كأنه وجه الدينار، وهو يحدّث عن رسول اللّه، فقلت أخبرني عن «وشاهد ومشهود» فقال: «نعم، أمّا الشاهد فمحمّد، وأمّا المشهود فيوم القيامة، أمَا سمعت اللّه سبحانه يقول: (يا أيّها النّبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً)، وقال (ذلك يوم مجموع له النّاس وذلك يوم مشهود).. فسألت عن الأول، فقالوا: ابن عباس، وسألت عن الثّاني، فقالوا: ابن عمر، وسألت عن الثّالث: فقالوا: الحسن بن علي(عليهما السلام)(1)

5 ـ «الشاهد»: الليالي والأيّام.. و«المشهود»: بنو آدم، حيث تشهد على أعمالهم، بدلالة ما جاء في دعاء الإمام زين العابدين(عليه السلام) الذي يقرأ كلّ صباح ومساء: «هذا يوم حادث جديد، وهو علينا شاهد عتيد، إن أحسنّا ودعنا بحمد، وإن أسأنا فارقنا بذنب».(2)

6 ـ «الشاهد»: الملائكة.. و«المشهود»: القرآن.

7 ـ «الشاهد»: الحجر الأسود.. و«المشهود»: الحجاج الذين يأتون ويلمسونه.

8 ـ «الشاهد»: الخلق.. و«المشهود»: الحق.

9 ـ «الشاهد»: الاُمّة الإسلامية.. و«المشهود»: الاُمم الاُخرى، بدلالة الآية (143) من سورة البقرة: (لتكونوا شهداء على النّاس).

10 ـ «الشاهد»: النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم).. و«المشهود»: سائر الأنبياء(عليهم السلام)، بدلالة الآية (41) من سورة النساء: (وجئنا بك على هؤلاء شهيداً).

11 ـ «الشاهد»: النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم).. و«المشهود»: أمير المؤمنين(عليه السلام).

وإذا ما أدخلنا الآية في سياق الآيات السابقة لها، فسنصل إلى أنّ «الشاهد» هو كلّ من سيقوم بالشهادة يوم القيامة، كشهادة: النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وكلّ نبيّ على اُمّته،


1 ـ نور الثقلين، ج5 ،ص543، وذكر مضمونه كل من (أبو الفتوح الرازي) و(الطبرسي) في تفسيرهما.

2 ـ الصحيفة السجادية: الدعاء السادس.

[81]

الملائكة، بالإضافة إلى شهادة: أعضاء بدن الإنسان، الليل والنهار.. إلخ.. و«المشهود»: النّاس أو أعمالهم.

وبهذا، يدُغم الكثير من التّفاسير المذكورة مع بعضها لتشكل مفهوماً واسعاً للآية المباركة.

ويخرج عن هذا الإدغام تلك التّفاسير التي تشير إلى: يوم الجمعة، يوم عرفة ويوم الأضحى.

وإن كانت الأيّام المذكورة ستشهد على أعمال الإنسان يوم الحشر، بل وكلّ يوم يجتمع فيه المسلمون يكاد يكون صورة مصغرة للحشر على رقعة الحياة الدنيا.

ومع كلّ ما ذُكر تتّضح صلة التآلف ما بين التّفاسير المذكورة أعلاه، حيث من الممكن جمعها تحت مظلة شمول مفهوم الآية، وهذا بحد ذاته يعكس لنا عظمة القرآن الكريم باحتوائه على هكذا مفاهيم واصطلاحات.. فـ «الشاهد» ينطبق على كلّ مَن وما يشهد، وكذا «المشهود» ينطبق على كّل مَن وما يشهد عليه، وما ورودهما بصيغة النكرة إلاّ لتعظيمهما، وهو ما ينعكس على كلّ التّفاسير.

وثمّة علاقة خاصة بين الأقسام الأربع وبين ما اُقسم به.. فالسماء وما فيها من بروج تحكي عن نظام وحساب دقيق، و«اليوم الموعود» يوم حساب وكتاب دقيق أيضاً، و«شاهد ومشهود» أيضاً وسيلة للحساب الدقيق على أعمال الإنسان، وكّل ذلك لتذكير الظالمين الذين يعذّبون المؤمنين، عسى أن يكّفوا عن فعلتهم السيئة، ولإعلامهم بأن كلّ ما يفعله الإنسان يسجل عليه وبحساب دقيق جدّاً وسيواجه بها في اليوم الموعود بين عتبات ساحة العدل الإلهي، فسيشهد على أعمال النّاس الملائكة الموكلون لهذا الأمر وأعضاء بدن ذات الإنسان وكذا الليل والنهار و.. و.. و..، وستكون الشهادة في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنين إلاّ مَن أتّى

[82]

اللّه بقلب سليم!(1).

وبعد هذه الأقسام الأربع، تقول الآية التالية: (قتل أصحاب الاُخدود). والمقصود هم الظالمين لا من القي في النّار، فالجملة انشائية والمراد هو اللعن والدعاء عليهم.

والاُخدود مليء بالنّار الملتهبة: (النّار ذات الوقود).

وكان الظالمون جالسون على حافة الاُخدود يشاهدون المعذبين فيها: (إذ هم عليها قعود).

(وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود).

«الاُخدود»: ـ على قول الراغب في مفرداته ـ : شقّ في الأرض مستطيل غائص، والجمع أخاديد، وأصل ذلك من «خدّ» الإنسان، وهو تقعر بسيط يكتنف الأنف من اليمين والشمال (وعند البكاء تسيل الدموع من خلاله) ثمّ اطلق مجازاً على الخنادق والحفر في الأرض، ثمّ صار معنى حقيقياً لها.

أمّا مَن هم الذين عذّبوا المؤمنين؟ ومتى؟ فللمفسّرين وأرباب التواريخ آراء مختلفة، سنستعرضها إنشاء اللّه في بحوث قادمة.

ولكنّ القدر المسلم به، إنّهم حفروا خندقاً عظيماً ووجّروه بالنيران، وأوقفوا المؤمنين على حافة الخندق وطلبوا منهم واحداً واحداً بترك إيمانهم والرجوع إلى الكفر، ومَن رفض اُلقي بين ألسنة النيران حياً ليذهب إلى ربّه صابراً محتسباً!

«الوقود»: ما يجعل للإشتعال، و«ذات الوقود»: إشارة الى كثرة ما فيها من الوقود، وشدّة اشتعالها، فالنّار لا تخلو من وقود، ولعل ما قيل من أن «ذات الوقود» بمعنى ذات اللهب الشديد، يعود للسبب المذكور، وليس كما ذهب به البعض من كون «الوقود» يطلق على معنيين: «الحطب» وعلى «شعلة النّار» أيضاً


1 ـ وعليه، فجواب القسم محذوف ويدل عليه قوله تعالى: (قتل أصحاب الأخدود) أو: (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات). والتقدير: (اُقسم بهذه الاُمور إنّ الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات معذبون ملعونون كما لعن أصحاب الاُخدود).

[83]

وتأسفوا لعدم إلتفات المفسّرين لهذه النكتة!

والآيتان: (إذ هم عليها قعود، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود)، تشيران إلى ذلك الجمع من النّاس الذين حضروا الواقعة، وهم ينظرون إلى ما يحدث بكل تلذذ وبرود وفي منتهى قساوة القلب (سادية)!

وقيل: الإشارة إلى المأمورين بتنفيذ التهديد، وإجبار المؤمنين على ترك إيمانهم.

وقيل أيضاً: إنّهم كانوا فريقين، فريق يباشر التعذيب، وآخر حضر للمشاهدة، وقد اُشرك الجميع في هذا العمل لرضايتهم به.

وهذه صورة طبيعية الوقوع، حيث هناك مَن يأمر (الرؤساء)، ومَن ينفذ (المرؤسون)، وثمّة المشاهدون من غير الآمر والمأمور.

وقيل أيضاً: ثمّة فريق منهم كان مكلفاً بمراقبة عملية التنفيذ لرفع تقاريرهم إلى السلطان عن كيفية أداء المأمورين لواجباتهم السلطانية.

ولا يبعد وجود كلّ ما ذُكر من أصناف في ذلك المشهد المروع، كما وبالإمكان الجمع بين كلَّ الآراء المطروحة.

ومجيء فعل جملة «يفعلون» بصيغة المضارع، للإشارة إلى أنّ ذلك العمل قد استغرق وقتاً طويلاً، وما كان بالحدث السريع العابر.

وتقول الآية التالية: (وما نقموا منهم إلاّ أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد).

نعم، فجرمهم الوحيد إنّهم آمنوا باللّه الواحد الأحد دون تلك الأصنام الفاقدة للعقل والإحساس.

«نقموا»: من (النقم) ـ على زنة قلم ـ وهو الإنكار باللسان أو بالعقوبة، ومنه (الإنتقام).

هكذا عقوبة لا تجري إلاّ على ذنب عظيم، وأين الإيمان باللّه العزيز الحميد من الذنب؟! إنّه الإنحطاط الكبير الذي وصل إليه اُولئك القوم، قد صوَّر لهم أعزّ

[84]

وأفضل ما ينبغي للإنسان أن يفتخر به (الإيمان باللّه) على أنّه جرم كبير وذنب لا يغتفر!...

وينقل لنا القرآن في الآية (59) من سورة المائدة شبيه هذه الحادثة، حينما قال السحرة الذين آمنوا بموسى(عليه السلام) لفرعون عندما توعدهم بالعقاب المؤلم، فقالوا له: (وما تنقم منّا إلاّ أن آمنا بآيات ربّنا).

وذكر «العزيز الحميد» جواب لما اقترفوا من جريمة بشعة، واحتجاج على اُولئك الكفرة، إذ كيف يكون الإيمان باللّه جرم وذنب؟! وهو أيضاً، تهديد لهم، بأن يأخذهم اللّه العزيز الحميد جراء ما فعلوا، أخذ عزيز مقتدر.

وتأتي الآية الاُخرى لتبيّن صفتين اُخرتين للعزيز الحميد: (الذي له ملك السماوات والأرض واللّه على كلّ شيء شهيد).

فالصفات الأربعة المذكورة، تمثل رمز معبوديته جلّ وعلا، فالعزيز والحميد.. ذو الكمال المطلق، ومالك السماوات والأرض والشهيد على كلّ شيء.. أحقُّ أن يُعبد وحده دون غيره، لا شريك له.

إضافة إلى كونها بشارة للمؤمنين، بحضور اللّه سبحانه وتعالى ورؤيته لصبرهم وثباتهم على الإيمان، فيدفع فيهم الحيوية والنشاط والقوّة.

ومن جهة اُخرى تهديد للكفار، وإفهامهم بأن عدم منع ارتكاب مثل هذه الجرائم الخبيثة، ليس لعجز أو ضعف منه جلّ شأنه، وإنّما ترك العباد يفعلون ما يرونه هم، امتحاناً لهم، وسيريهم في عاقبة أمرهم جزاء ما فعلوا، وما للظالمين إلاّ العذاب المهين.

* * *

[85]

بحثان

1 ـ من هم أصحاب الاُخدود؟

قلنا إنّ «الاُخدود» هو الشق العظيم في الأرض، أو الخندق.. وهو في الآية إشارة إلى تلك الخنادق التي ملأها الكفار ناراً ليردعوا فيها المؤمنين بالتنازل عن إيمانهم والرجوع إلى ما كانوا عليه من كفر وضلال.

ولكن.. متى حدث ذلك؟ في أيّ قوم؟ وهل حدث مرّة واحدة أم لمرّات؟ في منطقة أم مناطق؟

جرى بين المفسّرين والمؤرخين مخاض طويل بخصوص الإجابة عن هذه الأسئلة.

والمشهور: إنّ الآية قد اشارت إلى قصة (ذو نواس)، وهو آخر ملوك «حِميَر»(1) في أرض «اليمن».

وكان «ذو نواس» قد تهوّد، واجتمعت معه حمير على اليهودية، وسمّى نفسه (يوسف)، وأقام على ذلك حيناً من الدهر، ثمّ اُخبر أنّ «بنجران» (شمال اليمن) بقايا قوم على دين النصرانية، وكانوا على دين عيسى(عليه السلام) وحكم الإنجيل، فحمله أهل دينه على أن يسير إليهم ويحملهم على اليهودية، ويدخلهم فيها، فسار حتى قدم نجران، فجمع مَن كان بها على دين النصرانية، ثمّ عرض عليهم دين اليهودية والدخول فيها، فأبوا عليه، فجادلهم وحرص الحرص كلّه، فأبوا عليه وامتنعوا من اليهودية والدخول فيها، واختاروا القتل، فاتخذ لهم اُخدوداً وجمع فيه الحطب، وأشعل فيه النّار، فمنهم مَن اُحرق بالنّار، ومنهم مَن قُتل بالسيف، ومُثّل بهم كلّ مثلة، فبلغ عدد مَن قُتل واُحرق بالنّار عشرين ألفاً.(2)

وأضاف بعض آخر: إنّ رجلاً من بني نصارى نجران تمكّن من الهرب،


1 ـ حمير: إحدى قبائل اليمن المعروفة.

2 ـ تفسير علي بن ابراهيم القمي، ج2، ص414.

[86]

فالتحق بالروم وشكا ما فعل (ذو نواس) إلى قيصر.

فقال قيصر: إن أرضكم بعيدة، ولكنّي سأكتب كتاباً إلى ملك الحبشة النصراني وأطلب منه مساعدتكم.

ثمّ كتب رسالته إلى ملك الحبشة، وطلب منه الإنتقام لدماء المسيحيين التي اُريقت في نجران، فلمّا قرأ الرسالة تأثّر جدّاً، وعقد العزم على الإنتقام لدماء شهداء نجران.

فأرسل كتائبه إلى اليمن والتقت بجيش (ذو نواس)، فهزمته بعد معركة طاحنة، وأصبحت اليمن ولاية من ولايات الحبشة.(1)

وذكر بعض المفسّرين: إنّ طول ذلك الخندق كان أربعين ذراعاً، وعرضه اثني عشر ذراع، (وكلّ ذراع يقرب من نصف متر، وأحياناً يقصد به ما يقرب من متر كامل).

وقيل: إنّها كانت سبعة أخاديد، وكلّ منها بالحجم الذي ذكرناه.(2)

وذكرت القصّة في كتب تاريخية وتفسيرية كثيرة، بتفاصيل متفاوتة، منها: ما ذكره المفسّر الكبير الطبرسي في (مجمع البيان)، وأبو الفتوح الرازي في تفسيره، والفخر الرازي في (تفسيره الكبير)، والآلوسي في (روح البيان)، والقرطبي في تفسيره، وكذلك ابن هشام في الجزء الأوّل من كتاب (السيرة) ص35.. وغيرهم كذلك.

وقد تبيّن ممّا ذكرناه بأن العذاب الإلهي قد أصاب اُولئك الذين قاموا بتعذيب المؤمنين، وانتقم منهم في دنياهم جراء ما هدروا من دماء زكية بريئة، وأنّ عذاب نار الآخرة لفي انتظارهم.

وأوّل من أوجد المحارق البشرية في التاريخ هم اليهود، وسرت هذه


1 ـ قصص القرآن، للبلاغي، ص288.

2 ـ تفسير روح المعاني، وتفسير أبي الفتوح الرازي، عند تفسير الآيات المذكورة.

[87]

الممارسة الخبيثة على أيدي الطواغيت المجرمين، حتى شملت اليهود أنفسهم، كما حدث في ألمانيا النّازية حينما اُحرق جمع كبير من اليهود في محارق هتلر كما هو المشهور، فذاقوا «عذاب الحريق» في دنياهم قبل آخرتهم.

كما أصاب الخزي والعذاب (ذو نواس اليهودي) وهو مؤسس هذا الاُسلوب القذر من الجريمة.

ذكرنا ما اشتهر بين أرباب التاريخ والتّفسير من قصّة أصحاب الاُخدود، وثمّة روايات تذكر بأنّ هذه الجريمة البشعة ما اقتصرت على أهل اليمن فقط ولم تقف عند عصر (ذو نواس)، حتى قيل عشرة أقوال في ذلك.

وروي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال: «إنّهم كانوا مجوس، أهل كتاب، وكانوا متمسكين بكتابهم، فتناول ملكهم الخمرة فوقع على اُخته، وبعد أن أفاق ندم، فأعلن حِلية زواج الاُخت، فلم يقبل النّاس، فهددهم فلم يقبلوا، فخدّ لهم الاُخدود، وأوقد فيه النيران، وعرض أهل مملكته على ذلك، فمَن أبى قذفه في النّار، ومَن أجاب خلّى سبيله»(1).

هذا في أصحاب فارس.. أمّا أصحاب اُخدود الشام، فهم قوم مؤمنون أحرقهم (آنطياخوس)(2).

وقيل أيضاً: إنّ هذه الواقعة تعود لاصحاب نبيّ اللّه دانيال من بني إسرائيل، وقد اُشير إلى ذلك في كتاب دانيال من التوراة.

واعتبر الثعلبي: إنّهم هم الذين اُحرقوا في اُخدود فارس(3)

ولا يبعد انطباق قصة «أصحاب الاُخدود» على كلّ ما ذكر، وإنّ كان المشهور منها قصّة (ذو نواس) في أرض اليمن.


1 ـ مجمع البيان، وعنه الميزان في تفسير الآية.

2 ـ تفسير الثعلبي، ص275.

3 ـ المصدر السابق.

[88]

2 ـ الإيمان الثابت

في قصص الأولين وما يجري عند الآخرين، ثمّة وقائع رائعة في الثبات على الإيمان فقد تحمل البعض الحرق في النّار وأشدّ من ذلك على أن يترك طريق الحقّ أو العدول عن دينه.

وها هي «آسية» زوجة فرعون شاخصة بما تحملت من عذاب بسبب تصديقها بنبيّ اللّه موسى(عليه السلام) وإيمانها برسالته، حتى انتهى بها المطاف للإرتواء من كأس الشهادة.

وفي حديث عن الإمام علي(عليه السلام) أنّه قال: «إنّ اللّه بعث رجلاً حبشياً نبيّاً، وهم حبشية، فكذّبوه فقاتلهم، فقتلوا أصحابه، فأسروه وأسروا أصحابه، ثمّ بنوا له حيراً، ثمّ ملأوه ناراً، ثمّ جمعوا النّاس فقالوا: مَن كان على ديننا وأمرنا فليعتزل، ومَن كان على دين هؤلاء فليرم نفسه في النّار، فجعل أصحابه يتهافتون في النّار، فجاءت امرأة معها صبي لها ابن شهر، فلمّا هجمت هابت ورقت على ابنها، فنادى الصبي: لا تهابي، وارميني ونفسك في النّار، فإنّ هذا واللّه في اللّه قليل فرمت بنفسها في النّار وصبيها، وكان ممن تكلم في المهد»(1).

ويفهم من هذه الرّواية، إنّ في الحبشة قسم رابع قد انطبقت عليهم قصّة «أصحاب الاُخدود».

ومن تاريخنا.. هناك قصّة عمار بن ياسر وأبويه وأمثالهم، وأهم من كلّ ذلك ما جرى للحسين(عليه السلام) وأصحابه في ميدان التضحية والفداء (كربلاء)، وكيف أنّهم قد تسابقوا على شرف نيل وسام الشهادة، كما هو معروف في التاريخ.