|
|
مؤهلات النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الأحاديث : وردت أحاديث كثيرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأهل بيته ( عليهم السلام ) في المصادر المعتمدة - لدى الفريقين - ، تؤيد مقولتنا الآنفة ، وتثبت كفاءة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وتأهله ، وتروي لنا كيفية صلاته وعبادته قبل أن يبعث نبيا ،
2 - قال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) في خطبته القاصعة وهي من أفصح خطب نهج البلاغة وأبلغها وأطولها ، يذكر فيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ولقد قرن الله به من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره ، ولقد كنت معه أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ، ولا يراه غيري ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وخديجة وأنا ثالثهما ( 1 ) .
يحصون أعمالهم ويودون إليه تبليغهم الرسالة ، ووكل بمحمد ( صلى الله عليه وآله ) ملكا عظيما منذ فصل عن الرضاع ، يرشده إلى الخيرات ، ومكارم الأخلاق ، ويصده عن الشر ومساوئ الأخلاق ، وهو الذي كان يناديه : السلام عليك يا محمد يا رسول الله ، وهو شاب لم يبلغ درجة الرسالة بعد ، فيظن أن ذلك من الحجر والأرض ، فيتأمل فلا يرى شيئا ( 3 ) .
وأخرج النسائي قوله ( عليه السلام ) : عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة تسع سنين ( 1 ) . وقال ابن أبي الحديد : وإن كان قد ورد في كلامه إنه صلى سبع سنين قبل الناس كلهم ، فإنما يعني ما بين الثمان والخمس عشرة . ولم يكن حينئذ دعوة ، ولا رسالة ، ولا ادعاء نبوة ، وإنما كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يتعبد على ملة إبراهيم ( عليه السلام ) ودين الحنيفية ، ويتحنث ، ويجانب الناس ، ويعتزل ويطلب الخلوة ، وينقطع في جبل حراء ، وكان علي ( عليه السلام ) معه كالتابع والتلميذ ( 2 ) .
يعتقدون أن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) كان يتعبد على دين الإسلام ، الذي جاء به فيما بعد ، إلا إنه لم يؤمر بتبليغ تلك الأحكام إلى الناس حتى بلغ الأربعين من عمره .
عليه وآله ) لكسب الفضائل والصفات ، والمراتب العالية من الخلق الإنسانية . ونذكر نبذا من أخلاق النبي العظيمة على نحو الإجمال حتى تتجلى لك عظمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وشخصيته أكثر ، وتكون - أيها القارئ - مستعدا للمباحث التي نوافيك بها فيما
يأتي : آيات عديدة في القرآن تبين الحالة الأخلاقية للنبي ( صلى الله عليه وآله
) ، وكيفية معاشرته وتعامله مع الآخرين ننتخب لك من تلك الآيات ثلاث :
1 - قال تعالى : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) ( 1 ) . هذه الآية توضح مدى علاقة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وعطفه وحنانه على المسلمين ، وتؤكد أيضا أن هذه العلاقة وهذا العطف كان تثقل على قلبه ثقلا كبيرا لما كان المسلمون يعانون من المصاعب .
وهذه أيضا كاشفة عن خصلة أخرى من خصال النبي ( صلى الله عليه وآله ) وتبين خصلة الحياء عند النبي ، حيث كان يستحي من أصحابه ، وأن بعض أصحابه كان يدخل بيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) من دون إذنه ، وكان يحب مجالسته قبل الطعام وبعده ، والنبي (
صلى الله عليه وآله ) يحتمل ذلك ويصبر على هذه المشقة من عامة أصحابه معه ،
فكان يتأذى منها ولم يخبرهم بذلك ، حتى لا يجرح عواطفهم . وهذا الصبر الذي هو
أنبل وأعلى صفة أخلاقية ، لا تجده إلا في الأنبياء والرسل ( عليهم السلام ) .
|
|