( إن مذهباً يثبت نفسه من كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل والتحوير أحق أن يتجنب عنه )

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 209

النبوة في العهدين والصحيحين النبوة في العهدين :

كل ما قرأته - أيها القارئ الكريم - في الفصول السابقة هو ملخص الآيات والأحاديث الصحيحة الواردة عن الأئمة ( عليهم السلام ) حول الأنبياء عامة ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خاصة ، ومن خلالها يمكن أن نتعرف على الصورة الواقعية
 

للأنبياء ( عليهم السلام ) الأخلاقية والإيمانية سواء قبل بعثتهم أو بعدها ، ونفهم أيضا شخصيتهم ، منزلتهم ، قداستهم ، طهارتهم ، نزاهتهم ، وعصمتهم من الذنوب والأرجاس .


ولكن المحرفين للتوراة والأنجيل شوهوا الصورة الواقعية للأنبياء ( عليهم السلام ) وحرفوها ، وذلك لأسباب ونوايا خاصة ، والتطرق إلى تفصيل وشرح تلك الأسباب خارج عن نطاق بحثنا وإجمالا لذلك نقول : إن العهدين - التوراة والأنجيل -
 

المحرفين فضلا عن أنهما نفيا العصمة عن الأنبياء ( عليهم السلام ) ، وسلبا عنهم الطهارة والقداسة والنزاهة ، تراهم أنهم نزلوا مقام الأنبياء وصغروا مرتبتهم ، ونسبوا إليهم ( عليه السلام ) الأكاذيب وأنواع الإفك ، حتى غيروا بذلك الصورة
 

الواقعية والنزيهة لهم فأنزلوهم إلى أدنى منزلة في المجتمع ، وساووهم بالأفراد العاديين ، وزادوا على ذلك حتى جعلوهم في صف أهل الهوى واللعب ، الذين لا رادع أخلاقي ومعنوي يردعهم عن إتيان الشهوات ، واتباع الأهواء .


وإليك أمثلة من المرويات في التوراة والأنجيل - المحرفين
 

- 1 - قصة لوط ( عليه السلام ) وابنتيه في التوراة : وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه ، لأنه خاف أن يسكن في صوغر ، فسكن في المغارة هو وابنتاه ، وقالت البكر للصغيرة : أبونا قد شاخ وليس في
 

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 210

الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض ، هلم نسقي أبانا خمرا ، ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلا ، فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة ، ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها ، وحدث في الغد أن البكر

قالت للصغيرة : إني قد اضطجعت البارحة مع أبي ، نسقيه خمرا الليلة أيضا فادخلي اضطجعي معه ، فنحيي من أبينا نسلا
، فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة أيضا ، وقامت الصغيرة واضطجعت معه ، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها ، فحبلت

ابنتا لوط من أبيهما ، فولدت البكر ابنا ودعت اسمه موآب وهو أبو الموآبيين إلى اليوم . والصغيرة أيضا ولدت ابنا ودعت اسمه بنى عمن وهو أبو عمون إلى اليوم ( 1 ) .



 2 - قصة داود ( عليه السلام ) وامرأة أوريا في التوراة : إن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك ، فرأى
من على السطح امرأة تستحم ، وكانت جميلة المنظر جدا ، فأرسل داود ، وسأل عن المرأة فقال واحد : هذه امرأة أوريا

الحثي ، فأرسل داود رسلا فأخذها ، فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهرة من طمثها ثم رجعت إلى بيتها وحبلت المرأة ، فأرسلت وأخبرت داود وقالت : إني حبلى فأرسل داود إلى يوآب يقول : أرسل إلي أوريا الحثي ، فأرسل يوآب أوريا إلى

داود ، فأتى أوريا إليه ، سأل داود عن سلامة يوآب وسلامة الشعب ، ونجاح الحرب ، وقال داود لأوريا : انزل إلى بيتك واغسل رجليك . فقال أوريا لداود : إن التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام ، وسيدي يوآب وعبيد سيدي نازلون

على وجه الصحراء ، وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب وأضطجع مع امرأتي ، وحياتك وحياة نفسك لا أفعل هذا الأمر .
فقال داود لأوريا : أقم هنا اليوم أيضا وغدا أطلقك ، فأقام أوريا ، وفي الصباح كتب مكتوبا إلى يوآب ، وأرسله بيد أوريا ،

وكتب في المكتوب يقول : اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت . فمات أوريا الحثي ، فلما سمعت امرأة أوريا أنه قد مات أوريا رجلها ندبت بعلها ،
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) توراة سفر تكوين إصحاح 19 بند 30 - 38 . ( * )

 

 

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 211

ولما مضت المناحة أرسل داود ، وضمها إلى بيته وصارت له امرأة وولدت له ابنا وأما الأمر الذي فعله فقبح في عيني الرب . ( 1 ) وجاء في الإنجيل المحرف : ولد سليمان بن داود من المرأة التي كانت لأوريا ( 2 ) .


 3 - قصة المسيح ( عليه السلام ) صنعة الخمر : دعي يسوع ( عيسى ) إلى عرس ، ولما فرغت الخمر ، فصنع لهم المسيح ستة أجران من الخمر ( 3 ) .


وفي إنجيل لوقا : لم يشرب عيسى الخمر فحسب ، بل إنه كان محب للعشارين والخطاة ( 4 ) .


هذه نماذج مما نسبه العهدان القديم والجديد - المحرفان - إلى الأنبياء ( عليهم السلام ) فصورا نبيا يسكر وتضطجع معه ابنتاه وتلدا منه ابنين اثنين ، ونبيا آخر يزني بامرأة أحد قواده في الجيش ، ولما حبلت منه خاف ذاك النبي - داود - الفضيحة ،

فأمر بقتل ذاك القائد العسكري ، وبعد أن قتل تزوج امرأته الأرملة وولدت له في ذاك الحمل نبيا آخر وهو النبي سليمان . وتارة صورا صنع الخمر بأنه أعظم معجزة لنبي ، وأنه كان من العشارين والمدمنين على الخمر . 
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) توراة سفر صموئيل الثاني 11 - 12 .
( 2 )
إنجيل متى : الصحاح : 1 .
( 3 )
إنجيل يوحنا : باب 2 .
( 4 )
إنجيل لوقا : باب 7 وإنجيل متى : باب 11 . ( * )

 

 

 

الصفحة الرئيسية

 

مكتبة الشبكة

 

فهرس الكتاب