( إن مذهباً يثبت نفسه من كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل والتحوير أحق أن يتجنب عنه )

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 432

تنبؤات الرسول ( صلى الله عليه وآله )

تنبأ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بحوادث ووقائع كثيرة سوف تحدث بعد وفاته ، وأخبر بها المسلمين . ومن تلك التنبؤات : خلافة بني أمية ودولتهم الجائرة ( 1 ) ، نشأة الخوارج وقتل أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) إياهم ( 2 ) ،

شهادة عمار بن ياسر بسيوف الفئة الباغية ( 3 ) والإخبار عن حدوث التحريف والبدع في مختلف أحكام الدين . وكل هذه التنبؤات مروية في الصحيحين .


واستدامة بما يناسب البحوث السابقة نذكر في هذا الفصل موضوعي التحريف والارتداد اللذين أشير إليهما في الصحيحين ونذكر في كل موضوع منهما طرفا من الأحاديث : الارتداد :

 1 - عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : وإن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال ( 4 ) ، فأقول : أصحابي ، أصحابي .
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح البخاري 4 : 242 كتاب بدء الخلق باب علامات النبوة في الإسلام ،
       و ج 9 : كتاب الفتن باب قول النبي هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء .
( 2 )
صحيح البخاري 4 : 243 كتاب بدء الخلق باب علامات النبوة في الإسلام ،
      صحيح مسلم 2 : 748 كتاب الزكاة باب ( 48 ) باب التحريض على قتل الخوارج ح 156 .
( 3 )
صحيح البخاري 1 : 121 كتاب الصلاة باب التعاون في بناء المسجد ،
      صحيح مسلم
4 : 2235 كتاب الفتن باب ( 18 ) باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل ح 70 - 73 .

( 4 )
نقرأ في الآيات 41 - 50 من سورة الواقعة أن الله عز وجل ذكر أصحاب الشمال الذين هم من العصاة والمذنبين ومن أهل النار بعد أن استعرض حالات السابقين المقربين وأصحاب اليمين الذين حفهم بالنعم والهبات العظيمة ، فذكر بعد هاتين الفئتين أصحاب الشمال وأشار

إلى العقوبات التي يواجهونها ، وألوان العذاب التي تحاصرهم وتطوقهم وتسلب منهم الحواس والقدرة . . . ونقرأ معا الآيات ونتدبر فيها ونقيسها بما ورد في الحديث النبوي ودخور بعض أصحاب الرسول ( صلى الله عليه وآله ) في دائرة أصحاب الشمال .

( وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون . . . ) المعرب ( * )

 

 

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 433

فيقول : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم . فأقول كما قال العبد الصالح ( 1 ) : ( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) ( 2 ) .


أخرجه البخاري ( 3 ) وأما في صحيح مسلم ( 4 ) فقد جاءت جملة ( إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) بدلا عن جملة :
( إنهم لم يزالوا مرتدين ) . . . .


وفي حديث آخر أخرجه الشيخان البخاري ومسلم ( 5 ) وردت كلمة ( أصيحابي ) بالتصغير بدلا عن كلمة ( أصحابي )
وهذا إنما يدل على ترحم وتحنن النبي ( صلى الله عليه وآله ) إياهم أو تحقيرهم وإهانتهم .

 2 -
ابن أبي مليكة قال : عن أسماء بنت أبي بكر قالت : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إني
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) المراد بالعبد الصالح هو عيسى بن مريم ( عليهما السلام ) .
( 2 )
المائدة : 117 - 118 .
( 3 )
صحيح البخاري 4 : 169 كتاب بدء الخلق باب و ( اتخذ الله إبراهيم خليلا ) ،
      وص 204 باب و ( أذكر في الكتاب مريم ) ،
      و ج 6 : 69 كتاب التفسير تفسير سوره المائدة وص 122 تفسير سورة الأنبياء ، و ج 8 : 136 كتاب الرقاق باب كيف الحشر .
( 4 )
صحيح مسلم 4 : 2194 كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب ( 14 ) باب فناء الدنيا وبيان الحشر ح 58 .
( 5 )
صحيح البخاري 8 : 149 كتاب الدعوات باب في الحوض ،
      صحيح مسلم 4 : 1800 كتاب الفضائل باب ( 9 ) باب إثبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وآله ) ح 40 . ( * )

 

 

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 434

على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم ، وسيؤخذ ناس دوني ، فأقول : يا رب مني ومن أمتي . فيقال : هل شعرت ما عملوا بعدك ؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم . فكان ابن أبي مليكة يقول : اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن في ديننا ( 1 ) .


 3 - عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : بينا أنا نائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم ، خرج رجل من بيني وبينهم . فقال : هلم . فقلت : أين ؟ قال : إلى النار والله . قلت : وما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك

على أدبارهم القهقري . ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم . فقال : هلم . قلت : أين ؟ قال : إلى النار والله . قلت : وما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم ( 2 ) .


 4 - أخرج البخاري بإسناده عن ابن المسيب أنه كان يحدث عن أصحاب النبي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : يرد على الحوض رجال من أصحابي فيحلون عنه ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري ( 3 ) .
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح البخاري 8 : 151 كتاب الدعوات باب في الحوض ، و ج 9 : 58 كتاب الفتن ، ما جاء في قول الله تعالى :
      (
واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ،
      صحيح مسلم 4 : 4 : 1794 كتاب الفضائل باب ( 9 ) باب إثبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وآله ) ح 27 .
( 2 ، 3 )
صحيح البخاري 8 : 150 كتاب الدعوات باب في الحوض . ( * )

 

 

 

الصفحة الرئيسية

 

مكتبة الشبكة

 

فهرس الكتاب