(
إن مذهباً يثبت نفسه من
كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل
والتحوير أحق أن يتجنب عنه )
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد
صادق النجمي ص 149 |
الدلائل القرآنية :
في القرآن الكريم آيات متعددة تنفي رؤية الله وتستحيلها ،
منها :
1 - في سورة الأنعام :
( لا تدركه الأبصار وهو
يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) ( 1 )
|
* ( هامش ) *
( 1 ) الأنعام :
102 . |
|
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد
صادق النجمي ص 150 |
قال الطبرسي : الإدراك متى قرن
بالبصر لم يفهم منه إلا الرؤية . وعليه إذا قال أحد : أدركته ببصري وما رأيته
متضاد ، لأن الإدراك لا يكون بالعين ( 2 ) .
2 - في سورة البقرة : (
وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم
باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب
عليكم إنه هو التواب الرحيم وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة
فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ) ( 3 ) .
هاتان الآيتان المتعاقبتان والمتتاليتان فيهما الدلالة التامة على استحالة رؤية
الله عز وجل ، لأن الآية الأولى صريحة في عذاب الذين عبدوا العجل فألزمهم الله
بالتوبة وقيدها بقتل النفس - الانتحار - كفارة لذنبهم ، والآية الثانية صريحة
كذلك في معاقبة الذين أرادوا رؤية الله تعالى وأن عقابهم هو نزول الصاعقة
والبلاء السماوي عليهم .
وترشدنا الآيتان معا بكل وضوح وبيان إلى حقيقة وهي :
أن طلب رؤية الله يعتبر من الذنوب الكبيرة ويوجب نزول العذاب السماوي كما أن
عبادة العجل كفر وارتداد وموجبة للعذاب .
والجدير بالذكر أن في كل الآيات التي
أشير فيها إلى سؤال بني إسرائيل رؤية الله وطلبهم المستحيلات جاء ذكر العذاب
والعقاب عقيب السؤال بتعابير بلاغية وجمل مختلفة ، وما ذلك إلا لكون هذا السؤال
ذنبا كبيرا وجريمة عظيمة .
قال تعالى : ( يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا
من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم
الصاعقة
بظلمهم ) ( 4 ) .
|
* ( هامش ) *
( 2 ) مجمع البيان 4 :
344 . ( 3 ) البقرة : 54 - 55
. ( 4 ) النساء : 153 . ( * ) |
|
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد
صادق النجمي ص 151 |
وقال تعالى : (
وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا
أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا
) (
1 ) . وعلى هذا الأساس فلو كانت رؤية الله ممكنة - كما يعتقد أهل السنة
القائلون بإمكانها ويدعون بأن رؤيته تعالى والنظر
إليه في القيامة هي من أعظم ما ينعم الله على عباده في الجنة
، وأكبر ما يعطونه من الفضل واللطف الإلهي في القيامة - لما كان السؤال بتحققها
وإيقاعها استكبارا وعتوا وتمردا عن أمر الله .
وفي القرآن آيات عديدة أخرى تنفي الرؤية نفيا قاطعا ، ولكن
اكتفينا بذكر هاتين الآيتين كشاهدين ونموذجين .
الأدلة الحديثية :
1 - من كلام له ( عليه
السلام ) وقد سأله ذعلب اليماني فقال : هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين ؟ فقال
( عليه السلام ) : أفأعبد ما لا أرى ؟ ! قال : وكيف تراه ؟ قال ( عليه السلام )
: لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ،
ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان . . . . ( 2 )
.
2 - سئل الصادق ( عليه السلام ) : هل يرى الله
في المعاد ؟ قال ( عليه السلام ) : سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ، إن
الأبصار لا تدرك إلا ما له لون وكيفية ، والله خالق الألوان والكيفية
( 3 ) .
3 - عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال
: جاء حبر إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال : يا أمير المؤمنين ، هل
رأيت ربك حين عبدته ؟ فقال ( عليه السلام ) : ويلك ما كنت أعبد ربا لم أره .
قال : وكيف رأيته ؟ قال ( عليه السلام ) : ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة
الأبصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ( 4 )
.
|
* ( هامش ) *
( 1 )
الفرقان : 21 .
( 2 ) بحار الأنوار 4 : 27 كتاب التوحيد
باب ( 5 ) باب نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها ح 2 .
( 3 ) بحار الأنوار 4 : 31 ح 5 .
( 4 ) بحار الأنوار 4 : 32 ح 8 وص 53 ح 30
، أصول الكافي 1 : 98 كتاب التوحيد باب ( 9 ) باب
إبطال الرؤية ح 6 . ( * ) |
|
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد
صادق النجمي ص 152 |
4 - عن الأشعث بن حاتم قال : قال ذو الرئاستين :
قلت لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) : جعلت فداك ، أخبرني عما اختلف فيه
الناس من الرؤية . فقال ( عليه السلام ) : يا أبا العباس من وصف الله بخلاف ما
وصف به نفسه فقد أعظم الفرية على الله ، قال الله : (
لا تدركه الأبصار وهو
يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) ( 1 ) ( 2 )
.
وهناك العشرات من الأحاديث الواردة عن الأئمة ( عليهم السلام ) تنفي رؤية الله
عز وجل وقد ذكرنا طرفا منها كشواهد ، ونماذج .
|
* ( هامش ) *
( 1 )
الأنعام : 103 . ( 2 )
بحار الأنوار
4 : 53 ح 31 . ( * ) |
|
|