|
|
1 - كذبة إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) وحرمانه من الشفاعة عن أبي هريرة : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : لم يكذب إبراهيم النبي ( عليه السلام ) قط إلا ثلاث كذبات ثنتين في ذات الله ، قوله : ( إني سقيم ) ( 1 ) ، وقوله : ( بل فعله كبيرهم هذا ) ( 2 ) وواحدة في شأن سارة ، فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة ، وكانت أحسن الناس ، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك ، فإن سألك فأخبريه أنك أختي ، فإنك أختي في الإسلام ، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيرك وغيري ، فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار
، فأتاه فقال : لقد قدمت أرضك امرأة لا ينبغي لها إليها ، فقبضت قبضة شديدة ، فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي
ولا أضرك . ففعلت . فعاد ، فقبضت أشد من القبضة
يده ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ، ولم تأتني بإنسان ، فأخرجها من أرضي ، وأعطها هاجر ، قال : فأقبلت تمشي ، فلما رآها إبراهيم ( عليه السلام ) انصرف فقال لها : مهيم ؟ قالت : خيرا ، كف الله يد الفاجر ، وأخدم خادما . قال أبو هريرة : تلك أمكم يا بني ماء السماء ( 1 ) .
من فعاله التي أغضب بها رب العالمين ، ويعتذر للناس من طلب الشفاعة ، ويوكلونهم إلى النبي الذي أتي بعده ، حتى ينتهي بهم الأمر إلى خاتم الأنبياء ( صلى الله عليه وآله ) فيشفع لهم . وقد ذكر في هذا الحديث : أن الناس يأتون النبي إبراهيم ( عليه السلام ) : فيقولون له : أنت نبي الله وخليله في الأرض اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول لهم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات نفسي نفسي نفسي ( 2 ) .
أولا : أن هذين الحديثين يتنافيان مع ما ورد عن الخليل إبراهيم ( عليه السلام ) في القرآن والأحاديث المروية عن أهل بيت النبي ( عليهم السلام ) . وثانيا : أن هذا الموضوع من الإسرائيليات الواردة في التوراة ، فأشبعوها بالآيات
القرآنية ، وبعد ذلك دست في أذهان بعض المسلمين . وذلك لأن
قول إبراهيم ( عليه السلام ) : ( بل فعله كبيرهم هذا
) و ( عليه السلام ) في حواره معهم ، حتى يأخذ الإقرار منهم على بطلان عقيدتهم ، وانحرافهم عن الحق ، وهي شبيهة لقوله الآخر لما رأى طلوع الشمس والقمر والكواكب فقال : ( هذا ربي ) ، وعندما رآها تغرب ، قال : ( إني لا أحب الآفلين ) ولم يصح عبادة الرب الأفول . هذا ويتضح لك هذا جليا عند التأمل والمطالعة في صدر الآية وذيلها . وأضف على هذا ، وضوح بطلان الحديث الثاني الذي يروي بأن النبي إبراهيم ( عليه السلام ) اعترف : بأن هذه المواضيع الثلاثة ذنوبا حرمته من الشفاعة ، ولو سلمنا بأن النبي إبراهيم ( عليه السلام ) قال تلك الجملات الثلاثة عند الضرورة ، فإنها لا منافاة بينها وبين الشفاعة ، لأن واجبه آنذاك في تلك الموارد كان ذاك ، بل إن هذه المواقف الثلاثة تعتبر من المحن والمصائب والاختبارات التي امتحن الله بها نبيه إبراهيم ( عليه السلام ) واجهها في سبيل الله وإحياء أوامره . وإن مثل هذه المحن ليست مانعة من الشفاعة فحسب بل تزيد في درجة شفاعة الأنبياء والصالحين . ويلزم أن نسعف ما ذكرناه ببيان مطلب آخر ، هو أنه لو كانت جملتا (
إني سقيم ) و (
بل فعله كبيرهم )
صدرتا كذبا من إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) ، لا بد أن تعد أكاذيب إبراهيم
ستا وليس ثلاث لأن إبراهيم كما نص القرآن على ذلك فإنه كلما رأى الشمس أو القمر
أو كوكبا كان يقول : ( هذا
ربي ) ( 1 ).
العلاقة بين هذا الحديث والتوراة : وأما ارتباط هذين الحديثين
بالتوراة فواضح جلي ، لأن قصة النبي إبراهيم ( عليه السلام )
ليكون لي خيرا بسببك ، وتحيا نفسي من أجلك ، فحدث لما دخل إبرام إلى مصر ، أن المصريين رأوا المرأة أنها حسنة جدا ، ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون ، فأخذت المرأة إلى بيت فرعون فصنع إلى إبرام خيرا بسببها ( 1 ) .
، ويأمن إبراهيم ( عليه السلام ) من أذاه ، ويتقرب إلى الحاكم زلفى وينال منه ثروة كبيرة ، وفي الواقع إن إبراهيم أراد أن يصل إلى منفعة خيالية ، وذلك عن طريق تمهيد أسباب لتمليك الآخرين - زوجته سارة إلى الغير - ( حاشا النبي من هذا ) .
أولا : بأن القول عن
الزوجة بأنها أخت لم يكن له سبب وعلة سوى ما ذكرناه .
ثانيا : فإن حديث أبي هريرة صورة مجملة لما ورد في التوراة . وهنا ندع الحكم والقضاء للقارئ اللبيب والباحث عن الحقيقة ، حتى يبدي رأيه في التطابق بين حديث أبي هريرة والنص التوراتي .
فقال على طريق الاستنكار : فإن لم نقبله لزمنا تكذيب الرواة .
فقلت له : يا مسكين إن قبلناه لزمنا الحكم بتكذيب إبراهيم
|
|