(
إن مذهباً يثبت نفسه من
كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل
والتحوير أحق أن يتجنب عنه )
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد
صادق النجمي ص 163 |
4 - الله وتنقلاته
المسألة الرابعة في بيان ضعف التوحيد في الصحيحين هي ما أخرجه
البخاري ومسلم في كتابيهما من الأحاديث بأسانيد ومتون مختلفة حول مسألة نزول
الله إلى السماء الدنيا ، وهذه الأحاديث جميعها تنتهي إلى راو واحد وهو أبو
هريرة الدوسي . نذكر بعضها كأمثلة على الموضوع :
1 - عن أبي هريرة : أن رسول الله ( صلى
الله عليه وآله ) قال : ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا
حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ ومن يسألني فأعطيه
؟ ومن يستغفرني فأغفر له ؟ ( 2 ) أخرجه البخاري
في موردين باختلاف وتفاوت ، ففي الأول ينزل ربنا ، وفي الآخر يتنزل ربنا . وأما
مسلم فقد أخرجه بلفظ ينزل ربنا .
|
* ( هامش ) *
( 2
) صحيح البخاري 2 : 66 كتاب التهجد باب الدعاء والصلاة في آخر الليل ،
و
ج 8 : 88 كتاب الدعوات باب الدعاء نصف الليل ،
و ج 9 : 175 كتاب التوحيد باب
قول الله تعالى ( يريدون أن يبدلوا كلام الله ) ،
سنن ابن ماجة 1 : 435 كتاب
الصلاة باب ( 182 ) باب ما جاء في أي ساعات الليل أفضل ح 1366 - 1367 ،
صحيح
مسلم 1 : 521 كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب ( 24 )
باب الترغيب في الدعاء
والذكر في آخر الليل والإجابة فيه ح 168 - 169 . ( * ) |
|
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد
صادق النجمي ص 164 |
2 - أخرج مسلم في صحيحه
ستة أحاديث حول نزول الله تعالى ، ونذكر واحد منها كمثال : أبو هريرة يقول :
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ينزل الله تعالى في السماء الدنيا لشطر
الليل أو لثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، أو يسألني فأعطيه ؟
ثم يقول : من يقرض غير عديم ولا ظلوم ؟ حدثنا هارون بن سعيد بهذا الإسناد . . .
. وزاد : ثم يبسط يديه تبارك وتعالى يقول : من يقرض غير عدوم ولا ظلوم ؟
( 1 )
3 - قالت عائشة : إن رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) قال : ما من يوم أكثر من أن يعتق فيه عبدا من النار من يوم عرفة ،
وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء ؟
( 2 )
المستفاد من هذه الأحاديث :
1 - تجسيم الله تعالى .
2 - حاجة الله إلى المكان .
3 - حاجة الله إلى الجهة ، كما ذهب متكلمو
العامة مثل : ابن قتيبة وابن عبد البر إلى القول حول الله بالجهتية ،
وقد اعتمدوا في إثبات نظريتهم وعقيدتهم هذه على
الأحاديث المروية عندهم في الصحاح ( 3 ) .
4 - تحديد الله تعالى بحدود بحيث يحتاج إلى
تغيير مكانه ، وأن يتنقل من محل إلى محل آخر .
|
* ( هامش ) *
( 1 )
صحيح مسلم
1 : 522 كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب ( 24 )
باب الترغيب في الدعاء والذكر في الليل
والإجابة فيه ح 171 .
( 2 ) صحيح مسلم 2 : 982 كتاب الحج باب ( 79 ) باب في فضل الحج والعمرة
ويوم عرفة ، ح 436 .
( 3 ) عمدة القاري 7 : 199 . ( * ) |
|
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد
صادق النجمي ص 165 |
تحقيق موجز : لا يخفى أن حديث
نزول الله ورد بنصوص ومتون مختلفة ومتفاوتة ، ولكن القاسم المشترك بين جميعها
هو اشتراكها في راو واحد وهو أبو هريرة ، وترى جميعها مضطربة نصا ومتنا ، ففي
بعضها ورد نزول الله في الثلث الآخر من الليل ، وفي بعضها عند ذهاب ثلث من
الليل ، وفي البعض الآخر عند ذهاب ثلثي الليل .
وورد في بعضها عند ذهاب شئ من الليل وكذا تلاحظ اضطرابات في ذيل الحديث من حيث
العبارة . وعلى هذا فلا يمكن أن نوحد هذه الأحاديث الستة ، بل حتى أن الجمع بين
حديثين منها يبدو غير ممكن .
وكما أشرنا إليه سابقا أن هذه الأحاديث جميعها مروية عن أبي هريرة ، وتعتبر في
الواقع حديثا واحدا تبين موضوع واحد ، ولكن لما كان الكذاب نساء ولا حافظة له ،
ترى الاختلاف والتضارب واضح في أخباره ، وعلى كل حال فإن هذا الحديث ينافي
ويباين مسلمات العقل والقرآن حول التوحيد .
5 - الله جنبا إلى جنب عبده أخرج الشيخان
في صحيحيهما ، وابن ماجة في سننه ، بأن الله يقف كتفا إلى كتف عبده ومحاذيا
إليه . عن صفوان بن محرز قال : بينا ابن عمر يطوف ، إذ عرض رجل فقال : يا أبا
عبد الرحمن ، أو قال : يا ابن عمر ،
أسمعت النبي ( صلى الله عليه وآله ) في النجوى ؟ فقال : سمعت
النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : يدنى المؤمن من ربه . وقال : يا هشام يدنو
المؤمن حتى يضع الله عليه كنفه فيقرره بذنوبه ، تعرف ذنب كذا ؟ يقول : أعرف ،
يقول : رب أعرف - مرتين - فيقول : سترتها في الدنيا وأغفرها لك اليوم
( 1 ) .
|
* ( هامش ) *
( 1 )
صحيح
البخاري 3 : 168 كتاب المظالم والغصب باب قول الله تعالى : ( ألا لعنة الله على
الظالمين ) ،
و ج 6 : 93 كتاب تفسير القرآن تفسير سورة هود ، و ج 8 : 24 كتاب
الأدب باب ستر المؤمن على نفسه ،
صحيح مسلم 4 : 2112 كتاب التوبة باب ( 5 ) باب
قبول التوبة ح 29 ،
سنن
ابن ماجة 1 : 65 المقدمة باب ( 13 ) باب فيما أنكرت الجهمية ح 183 .
( * ) |
|
|