( إن مذهباً يثبت نفسه من كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل والتحوير أحق أن يتجنب عنه )

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 436

 اعتراف بالحقيقة :

هذا الذي أوردناه من الأحاديث في موضوعي الارتداد والتحريف هو قليل من كثير من الأحاديث المروية في الصحيحين عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
 

ويدل نص الأحاديث وكذا الكلمات الواردة فيها نحو ( أصحابي ) و ( أصيحابي ) و ( مني ) دلالة تامة وصريحة على أن هؤلاء الأفراد - الذين يؤخذون ذات الشمال - هم من الذين صاحبوا النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولازموه بل كانوا في عداد خواص أصحابه .


وكان بعض أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) لم يسعهم أحيانا وخاصة في اللحظات الحساسة والحرجة إلا أن يعترفوا بهذه الحقيقة المذكورة ويزيلوا الستار المسدول والحاجب على تجلي ما يكنوه في صدورهم ، ونختم بحثنا هنا بذكر موردين من الاعترافات التي نقلها البخاري في صحيحه :


 1 - أخرج البخاري بإسناده عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال : لقيت البراء بن عازب رضي الله عنهما . فقلت : طوبى لك ، صحبت النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبايعته تحت الشجرة .
 

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 437

فقال : يا ابن أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده ( 1 ) .


 2 - أخرج البخاري أيضا بإسناده عن المسور بن مخرمة قال : لما طعن عمر جعل يألم . فقال له ابن عباس وكأنه يجزعه : يا أمير المؤمنين ولئن كان ذاك ، لقد صحبت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأحسنت صحبته ، ثم فارقته وهو عنك


راض ، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته ، ثم فارقته وهو عنك راض ، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم ، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون . قال : أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ورضاه ، فإنما ذاك


من من الله تعالى من به علي . . . . ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه ، فإنما ذاك من من الله جل ذكره من به علي ، وأما ما ترى من جزعي ، فهو من أجلك وأجل أصحابك ، والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه ( 2 ) .



والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وأهل بيته الذين بهم تمت الكلمة وعظمت النعمة ، اللهم احشرنا في زمرة المتمسكين بهم واللائذين بفنائهم آمين رب العالمين .

عصر الثلاثاء الرابع من جمادى الأولى 1396 من الهجرة النبوية . وبدأت الترجمة في الخامس عشر من شعبان 1418 من الهجرة وانتهت في يوم الأحد عشرين جمادى الآخرة 1419 هجرية .
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح البخاري 5 : 159 كتاب المغازي باب غزوة الحديبية . البراء بن عازب من صحابة النبي ( صلى الله عليه وآله )
      الأجلاء اشترك في أحد و 13 أو 14 غزوة أخرى واشترك في بدر ، ولكن رده النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة
      لصغر سنه . وتوفي سنة 73 ه‍ .
      راجع : أسد الغابة 1 : 171 ترجمة البراء رقم . تهذيب التهذيب 1 : 388 ترجمة البراء بن عازب رقم 699 .
( 2 )
صحيح البخاري 5 : 16 كتاب فضائل أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) باب مناقب عمر بن الخطاب . ( * )

 

 

 

الصفحة الرئيسية

 

مكتبة الشبكة

 

فهرس الكتاب