اعتراف
بالحقيقة :
هذا الذي أوردناه من الأحاديث في موضوعي الارتداد والتحريف هو
قليل من كثير من الأحاديث المروية في الصحيحين عن رسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) .
ويدل نص الأحاديث وكذا الكلمات الواردة فيها نحو ( أصحابي ) و
( أصيحابي ) و ( مني ) دلالة تامة وصريحة على أن هؤلاء الأفراد - الذين يؤخذون
ذات الشمال - هم من الذين صاحبوا النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولازموه بل
كانوا في عداد خواص أصحابه .
وكان بعض أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) لم يسعهم أحيانا وخاصة في اللحظات
الحساسة والحرجة إلا أن يعترفوا بهذه الحقيقة المذكورة ويزيلوا الستار المسدول
والحاجب على تجلي ما يكنوه في صدورهم ، ونختم بحثنا هنا بذكر موردين من
الاعترافات التي نقلها البخاري في صحيحه :
1 - أخرج البخاري بإسناده عن العلاء بن
المسيب عن أبيه قال : لقيت البراء بن عازب رضي الله عنهما . فقلت : طوبى لك ،
صحبت النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبايعته تحت الشجرة .
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد
صادق النجمي ص 437
|
فقال : يا ابن أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده
( 1 ) .
2 - أخرج البخاري أيضا بإسناده عن المسور
بن مخرمة قال : لما طعن عمر جعل يألم . فقال له ابن عباس وكأنه يجزعه : يا أمير
المؤمنين ولئن كان ذاك ، لقد صحبت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأحسنت
صحبته ، ثم فارقته وهو عنك
راض ، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته ، ثم فارقته وهو عنك راض ، ثم صحبت صحبتهم
فأحسنت صحبتهم ، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون . قال : أما ما ذكرت من
صحبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ورضاه ، فإنما ذاك
من من الله تعالى من به علي . . . . ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه ،
فإنما ذاك من من الله جل ذكره من به علي ، وأما ما ترى من جزعي ، فهو من أجلك
وأجل أصحابك ، والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز وجل
قبل أن أراه ( 2 ) .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وأهل بيته الذين بهم تمت الكلمة
وعظمت النعمة ، اللهم احشرنا في زمرة المتمسكين بهم واللائذين بفنائهم آمين رب
العالمين .
عصر الثلاثاء الرابع من جمادى الأولى 1396 من الهجرة النبوية
. وبدأت الترجمة في الخامس عشر من شعبان 1418 من الهجرة وانتهت في يوم الأحد
عشرين جمادى الآخرة 1419 هجرية .
|
* ( هامش ) *
( 1 )
صحيح البخاري 5 : 159 كتاب المغازي باب غزوة
الحديبية . البراء بن عازب من صحابة النبي ( صلى الله عليه وآله )
الأجلاء اشترك في أحد و 13 أو 14 غزوة أخرى واشترك
في بدر ، ولكن رده النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة
لصغر سنه . وتوفي سنة 73 ه .
راجع : أسد الغابة 1
: 171 ترجمة البراء رقم . تهذيب التهذيب 1 : 388
ترجمة البراء بن عازب رقم 699 .
( 2 ) صحيح البخاري 5 : 16 كتاب فضائل
أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) باب مناقب عمر بن الخطاب . ( * ) |
|