( إن مذهباً يثبت نفسه من كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل والتحوير أحق أن يتجنب عنه )

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 283

 4 - شغف النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالغناء .

ومجموعة رابعة من تلك الأحاديث الموضوعة ، تحدثنا بأن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) كان مولعا بالغناء واستعمال آلات الغناء في حفلات العرس إلى حد الشغف ، وإذا اشترك في حفلة ولم يكن فيها من الغناء شئ ، فكان يتدخل في الموضوع ويؤكد عليهم الغناء والتغني في الأعراس .


ويظهر من الروايات أنه كان يرحب بالجواري والنساء المغنيات اللاتي كن مقبلات من عرس ، ويقوم لهن واقفا ويقول : قسما بالله أنتن من أحب الناس إلى . ولنقرأ معا هذه النصوص :


عن عائشة قالت : أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار . فقال نبي الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا عائشة ما كان معكم لهو ، فإن الأنصار يعجبهم اللهو ( 2 ) . أخرجه البخاري .


وأما ابن ماجة أخرج حديثا آخر بإسناده عن ابن عباس قال : أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار . فجاء رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) فقال : أهديتم الفتاة ؟ قالوا : نعم . قال : أرسلتم معها من يغني ؟ قالت : لا . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن الأنصار قوم فيهم غزل ، فلو بعثتم معها من يقول : أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم ( 3 ) .


وعن أنس بن مالك قال : أبصر النبي ( صلى الله عليه وآله ) نساءا وصبيانا مقبلين من عرس فقام
 

 

* ( هامش ) *
( 2 ) صحيح البخاري 7 : 38 كتاب النكاح باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها .

( 3 ) سنن ابن ماجة 1 : 612 كتاب النكاح باب ( 21 ) باب الغناء والدف ح 1900 . ( * )

 

 

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 284

ممتنا فقال : اللهم أنتم من أحب الناس إلي ( 1 ) .

وأخرج ابن ماجة حديثا قريبا إلى الحديث المذكور رواه عن أنس بن مالك أنه قال : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) مر ببعض المدينة فإذا هو بجوار يضربن بدفهن ويتغنين ويقلن : نحن جوار من بني النجار * يا حبذا محمد من جار فقال النبي
( صلى الله عليه وآله ) : الله يعلم أني لأحبكن ( 2 ) .


تقييم الأحاديث المذكورة نظرة في ما سلف : لقد ذكرنا في الفصول الأربعة المذكورة بعض التهم القبيحة والأكاذيب التي افتروها على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وشوهوا بها شخصية الرسول الطاهرة ولطخوا بها كرامته وقدسيته ،

إن هذه الأحاديث المزورة رويت جميعها في الصحيحين وسائر المراجع المعتبرة والمعتمدة عند أهل السنة والجماعة ، وصححوها على أنها أصول إسلامية قطعية لا تقبل النقد والخدش ، حتى انتشرت وشاعت بين أتباعهم فتقبلوها بالرضا ، وعلى أساسها أصدروا فتاويهم .


وقد رتبناها على أربعة مجموعات وتعرضنا لذكر أحاديث كل مجموعة منها في فصل مستقل .

 1 - الغناء في بيت الرسول ( صلى الله عليه وآله ) .

 2 - الرسول يدعو زوجه عائشة إلى حفلة الرقص .

 3 - اشتراك الرسول في الحفلات النسائية .

 

* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح البخاري 5 : 40 كتاب فضائل أصحاب النبي باب قول النبي للأنصار أنتم أحب الناس إلي ،
       و ج 7 : 32 ، كتاب النكاح باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس ،
      صحيح مسلم 4 : 1948 كتاب فضائل الصحابة باب ( 43 ) باب من فضائل الأنصار ح 174 .

( 2 ) سنن ابن ماجة 1 : 612 كتاب النكاح باب ( 21 ) باب الغناء والدف ح 1899 . ( * )

 

 

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 285

 4 - شغف الرسول بالطرب والغناء .

وفي هذا الفصل نتعرض حسب الترتيب المسبق إلى تقييم هذه المواضيع .
 

فضيحة رواتها : في البدء نسأل رواة هذه المختلقات : من هو هذا النبي الذي تغني الفتيات والنساء في داره وبمرأى منه ، ويطربن بأشعار وقصائد هجائية مما كانت تهجو كل طائفة خصمها ، وتنسب كل واحدة منها إلى الأخرى الأباطيل

والأراجيف ، والنبي يدعوهن إلى المزيد من التغني وإذا أراد أحد مثل أبي بكر أن يمنعهن يقول له : دعهن يا أبا بكر
وشأنهن ؟

ومن هو هذا النبي الذي يرى أناسا يرقصون في فناء مسجده ، وعوضا من منعهم وردعهم يحثهم على الإكثار وإذا أراد
عمر بن الخطاب أن يصدهم عن فعلهم قال له : دعهم يا عمر وشأنهم ؟

ومن هو هذا الرسول الذي يدعو زوجته الشابة إلى مشاهدة الرقاصين الأجانب فتنظر إليهم إلى أن تشبع عينيها من
مشاهدتهم ؟

ومن هو هذا الرسول الذي يتصدر الحفلات النسائية ويجلس بينهن ويستمع غنائهن وربما أبدى رأيه في أغنيتهن ؟

وأي مبعوث هذا الذي يشترك في حفلة زواج ، والعروس بنفسها تقوم بخدمة الرجال ؟

وأي رسول هذا الذي يتناسى وظائفه الرسالية ويفكر في الأعراس التي تقام هل أنهم دعوا مغنية أم لا ؟

وإذا لم يدعوا أحدا يحثهم على ذلك ، ومن ثم هو الذي يقوم بتعيين نوع الأغنية : أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم ؟

ومن هو هذا النبي الذي يقف ممثلا أمام نساء راجعات من العرس ويخاطب الفتيات اللاتي يعزفن ويغنين ويقول لهن : والله إني لأحبكن وإنكن لأحب الناس إلي ؟

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 286

وأي وأي . . . . . هذه القصص وأمثالها - التي حيكت حول الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وأخرجوها على شكل حديث صحيح ، وتناقلوها عبر قرون متمادية -

فإنها مصداق واضح لقول الشاعر : إذا كان رب البيت بالدف مولعا * فشيمة أهل البيت كلهم الرقص

ولكن الحق والحق أقول : وما آفة الأخبار إلا رواتها .


 

 

الصفحة الرئيسية

 

مكتبة الشبكة

 

فهرس الكتاب