( إن مذهباً يثبت نفسه من كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل والتحوير أحق أن يتجنب عنه )

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 172

 5 - هل لله ظهر ؟
عن أبي هريرة : عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو ( 2 ) الرحمن ، فقال لها : مه ! قالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة . قال : ألا ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى ، يا رب . قال : فذاك ( 3 ) .


 6 - هل لله ساق ؟
 1 -
ذكرنا في الفصول السابقة حديثا مضمونه أن الله تعالى يكشف عن ساقه للمؤمنين يوم القيامة ، وأن هذا الكشف من الآيات والعلائم التي بها يعرف المؤمنون ربهم ، ولذلك فإننا ندع تكرار ذلك الحديث جانبا ونلفت أنظار القراء الأعزاء إلى حديث آخر غيره يشير إلى نفس الموضوع ( 4 ) .


 2 - قال أبو سعيد : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له

 

* ( هامش ) *
( 2 ) الحقو : قال في النهاية 1 : 279 : والأصل في الحقو معقد الإزار ،
       وقال الزمخشري في الفائق 1 : 298 : الحقو : الإزار الذي يشد على الحقو وهو الخصر . المعرب .
( 3 )
صحيح البخاري 6 : 167 تفسير الذين كفروا ( سورة محمد ) .
( 4 )
راجع ص : 135 الحديث الثالث . ( * )

 

 

- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 173

كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ( 1 ) .

تأمل في حديث الساق : يتضح من هذين الحديثين إن إحدى علامات معرفة الله في يوم القيامة هو الساق ، وما دام الله تعالى لم يكشف عن ساقه يظل المؤمنون في حالة شك وتحير وترديد بالنسبة إلى وجوده تعالى ، ويظهر لك الأمر جليا لو تأملت في نص الحديثين . تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا .


ولما كان إثبات كشف الساق ذا ارتباط بالآية الكريمة ( ويوم يكشف عن ساق ) ( 2 ) أخرجه البخاري بهذه المناسبة تفسيرا وبيانا لهذه الآية ، كان لازما علينا أن نشير إلى معنى الآية وأقوال المفسرين فيها ولو إجمالا .


قال الطبرسي في تفسير الآية ( يوم يكشف عن ساق ) : أي فليأتوا بهم ، في ذلك اليوم الذي تظهر فيه الأهوال والشدائد ، وقيل معناه يوم يبدو عن الأمر الشديد الفظيع ، عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير .


قال عكرمة : سئل ابن عباس عن قوله تعالى : ( يوم يكشف عن ساق ) فقال : إذا خفي عليكم شئ في القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب ، أما سمعتم قول الشاعر : ( وقامت الحرب بنا على ساق ) هو يوم كرب وشدة .


وقال القتيبي : وأصل هذا إن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى الجد فيه ، يشمر عن ساقه فاستعير الكشف عن الساق في موضع الشدة ، وقد روي هذا المعنى عن الإمامين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ( 3 ) .
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح البخاري ج 6 : 198 تفسير سورة ن والقلم .
( 2 )
القلم : 42 .
( 3 )
مجمع البيان 10 : 339 . ( * )

 


 

 

الصفحة الرئيسية

 

مكتبة الشبكة

 

فهرس الكتاب