|
|
الخطوة الأولى في تدوين الحديث : كان وضع الحديث بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هو كما أوردناه ، ففي عهد خلفاء بني أمية
الذين التهوا بالمنكرات والفواحش وانغمسوا في البذخ والشهوات [ صار مآل الحديث ، والأصح صارت الأمور المعنوية مقبورة ] في صندوق النسيان بحيث لم يبق من الدين إلا اسمه ، ومن القرآن إلا رسمه ، وأما العلماء والحفاظ في عهد بني أمية فقد تماشوا مع التأثيرات الاجتماعية ، وجعلوا سيرة أسلافهم ، والخلفاء الراشدين معيارا وملاكا لفعلهم وعملهم ، فأخرجوا من عقولهم كل ما يمت إلى الحديث تدوينا وكتابة ورسموا عليه خط البطلان ، حتى آلت الخلافة والحكومة إلى عمر بن عبد العزيز عام 99 - 101 ه .
روى البخاري : أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن حزم الذي تقلد القضاء أن أنظر ما كان من سنة أو حديث فإني خفت اندراس العلم وذهاب الحديث ( 1 ) .
القرن الأول أو السنة الأولى من القرن الثاني ( 2 ) ولكن العلامة السيد حسن الصدر - 1354 ه - يرد هذه النظرية مستندا إلى الشواهد والمصادر التاريخية فقال : أول من صنف في الحديث الإمام مالك لما كتب الموطأ بأمر من الخليفة العباسي المنصور 136 - 185 ، ثم يذكر العلامة الصدر الأدلة التي تؤيد رأيه : 1 - إن خلافة عمر بن عبد العزيز لم تتجاوز السنتين وخمسة أشهر . 2 - لم يؤرخ زمان صدور أمر عمر بن عبد العزيز هل كان في بداية عهده بالخلافة أم نهايته ؟
3 - لم ينقل لنا التاريخ بأن أبا بكر بن حزم قد امتثل أمر الخليفة ، إذ لا يوجد ما يدل على الامتثال من أثر أو كتاب لابن حزم ، وما ذكره الحفاظ والمؤرخون تأييدا لهذه النظرية فهو مبني على الحدس والاحتمال .
ولماذا صرح بعض المحدثين والمؤرخين بتاريخ التدوين في أواخر القرن الثاني الهجري كالحافظ الخبير الذهبي : إن تدوين الحديث وكتابته بدأ بعد انقراض وسقوط الدولة الأموية وانتقالها إلى بني العباس ؟ . وكذلك لا يوجد أحد من المؤرخين والحفاظ المتقدمين من يؤيد رأي السيوطي وابن حجر ( 1 ) .
وتارة أخرى يقول : أول من دون الحديث ابن شهاب الزهري في أواخر القرن الأول امتثالا لأمر عمر بن عبد العزيز ( 3 ) ، وقال قولا آخر : أول من ألف الحديث ابن حزم ( 4 ) .
وادعى الشلبي : أن أول كتاب صنف في الإسلام هو كتاب ابن جريج . ثم يضيف :
وقيل : الموطأ لمالك ، وقيل : أول من صنف وبوب ربيع بن صبيح ( 1 ) . وذكر الحافظ الذهبي في حوادث عام 143 ه : في هذا العصر شرع علماء الإسلام في مكة والمدينة بتدوين الحديث ( 2 ) . قال الدكتور أحمد أمين في ضمن البحث عن أمر عمر بن عبد العزيز : كل ما نعلمه أنه لم تصل إلينا هذه المجموعة ، ولم يشر إليها فيما نعلم جامعوا الحديث بعد ، ومن أجل هذا شك بعض الباحثين من المستشرقين في هذا الخبر ، إذ لو جمع شئ من هذا القبيل لكان أهم المراجع لجامعي الحديث ، ولكن لا داعي إلى هذا الشك ، فالخبر يروي لنا أن عمر أمر ، ولم يرو لنا أن الجمع تم ، فلعل موت عمر تم سريعا وعدل أبو بكر عن أن ينفذ ما أمر به ( 3 ) .
ولما كان المسلمون ينظرون إلى التدوين بكونه عملا مخالفا
للسنة ومحرما ، لذلك فإنهم استصعبوه واستثقلوه في بادئ الأمر حتى أجبرهم
الخلفاء على ذلك . يقول معمر عن الزهري : كنا نكره كتابة العلم حتى أكرهنا عليه
هؤلاء الأمراء ( 4 ) .
|
|