|
|
4 - أهل البيت ( عليهم السلام ) قرناء الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : دلت روايات متواترة من كتب أهل السنة والجماعة ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أمر المسلمين بأن يصلوا على أهل بيته وعترته ( عليهم السلام ) ويجعلونهم قرناء له ، إذا أرادوا أن يصلوا عليه ( صلى الله عليه وآله ) ويسلموا عليه ، وإذا قصدوا تكريم النبي وتعظيمه يجب عليهم أن يقرنوا أهل بيته ( عليهم السلام ) معه ( صلى الله عليه وآله ) ولم يفرقوا بينه وبين عترته .
1 - حدثنا الحكم قال :
سمعت عبد الرحمان بن أبي ليلى قال : لقيني كعب بن
عجرة ، فقال : ألا أهدي لك هدية ؟ إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) خرج علينا فقلنا : يا رسول الله لقد علمنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلي عليك ؟ فقال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ( 1 ) .
نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى تمنينا أنه لم يسأله . ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، والسلام كما علمتم ( 3 ) .
ولكن ما أن توفي الرسول ( صلى الله عليه وآله ) حتى راحوا يسترون ويعتمون على نقل مناقب آل الرسول ( عليهم السلام ) وذلك حسب ما كانت تقتضيه سياستهم آنذاك ، ولذلك بادروا إلى ترك الصلاة على العترة ( عليهم السلام ) ، وعمدوا شيئا فشيئا إلى الاكتفاء باسم الرسول ( صلى الله عليه وآله ) والصلاة البتراء والناقصة ، واليوم كذلك نرى سيرة السلف تتبع ، ومع أن هذه الأحاديث نصب أعينهم ، وملئت كتبهم منها ، تراهم يخالفون أمر الرسول ويتبعون آباءهم وأسلافهم عوضا عن اتباع الرسول ( عليهم السلام ) ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ) ( 1 ) .
1 - عن عبد الملك : سمعت جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : يكون بعدي اثنا عشر أميرا . فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي : إنه قال : كلهم من قريش ( 2 ) . أخرجه مسلم أيضا في جامعه بثمانية أسانيد مختلفة
( 3 ) وورد في أحدها : وعن جابر بن سمرة قال :
انطلقت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومعي أبي فسمعته يقول : لا يزال
هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة . فقال كلمة صمنيها الناس فقلت لأبي
: ما قال ؟ قال : كلهم من قريش ( 4 ) .
أقول : ورد هذا الحديث متواترا في كتب أهل السنة وصحاحهم ، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أنه إحدى الدلائل على أحقية الشيعة الاثني عشرية وصحة معتقداتهم ، ودليل على بطلان المذاهب الأخرى ، لأن مضمون هذا الحديث لا ينطبق البتة على ما يعتقده ، لأنهم يعتقدون بأربعة خلفاء ( الخلفاء
الراشدون ) ، أو بخمسة خلفاء إذا أضفنا الإمام الحسن المجتبى أو أنهم يعتقدون بخلافة خلفاء بني أمية وبني العباس ، فيكون حينئذ العدد أكثر من اثني عشر ، هذا مع أن أكثر خلفاء بني أمية وبني العباس كانوا فساق وفجرة ، وأفنوا حياتهم في معاقرة الخمر وإراقة الدماء والمعاصي ، فكيف يمكن أن نجعل من كان هذا ديدنه خليفة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ؟ وكذلك نرى أن هذا الحديث لا يتطابق مع ما تعتقده باقي الفرق من الشيعة مثل الإسماعيلية والزيدية والفطحية لأن أئمتهم أقل عددا من اثني عشر . فعلى هذا إن الحديث يوافق فقط ما تعتقده الشيعة الاثني عشرية التي توالي اثني عشر نقيبا أولهم الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وآخرهم المهدي ( عج ) .
قال النووي بعد بيان معاني ألفاظ هذا الحديث : وهذا الحثو الذي يفعله هذا الخليفة يكون لكثرة الأموال والغنائم والفتوحات مع سخاء نفسه ( 3 ) .
ثم قال : إن اسمه المهدي كما رواه الترمذي وأبي داود وروى الترمذي عن الرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه إسمي ( 1 ) .
وقال ابن حجر في شرحه على هذا الحديث : قال الشافعي في مناقبه : تواترت الأخبار بأن المهدي من هذه الأمة وأن عيسى يصلي خلفه ( 4 ) . وقال العيني بعد كلام طويل وبحث مفصل حول الحديث : وفي صلاة
عيسى ( عليه السلام ) خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام
الساعة دلالة للصحيح من الأقوال إن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة
( 5 ) .
وقال النووي في ترجمته في تهذيب الأسماء : إذا نزل عيسى كان مقررا للشريعة المحمدية ، لا رسولا إلى هذه الأمة ويصلي وراء إمام هذه الأمة تكرمة من الله لها من أجل نبيها ( 1 ) .
وجدانهم وصرخات الضمير من باطنهم عمدوا إلى التبرير وتأويل هذه الأحاديث حتى يجيبوا تأنيب ضميرهم ، وما هذه التبريرات والتأويلات إلا تفاهة وركاكة وذلك لما فيها من التناقضات والمبائنات والتضارب . ولكن أحد الكتاب بعد إذعانه بتفاهة هذه التبريرات سلك دربا ثالثا فقال : وهناك أخبار من هذا القبيل كثيرة ، أعرضنا عنها لعدم فائدتها ( 2 ) .
|
|