تأليف الامام الشيخ المفيد محمد بن محمد بن
النعمان
ابن المعلم ابي عبد الله ، العكبري ، البغدادي ( 336 - 413 ه ) .
تحقيق علاء آل جعفر
الدليل على وجود صاحب الزمان عليه السلام في الغيبة
بسم الله الرحمن
الرحيم
يأتي البحث في موضوع " وجود الامام المهدي عليه السلام " الذي تعتقد
الشيعة الامامية بغيبته ، بعد البحث عن وجوب الاعتقاد بإمام ، ولزوم معرفته .
وقد فصل الشيخ المفيد الكلام في البحث الاول ، في الرسالة السابقة حول حديث "
من مات . " ولذلك وضع البحث عن هذه الرسالة ، بعد تلك .
وهذه الرسالة تحتوى على
حوار بين الشيخ وبين من ساله عن الدليل المقنع على وجود الامام صاحب الزمان
عليه السلام ؟ ضمن أسئلة اخرى ، يتوصل الشيخ من الاجابة عليها إلى الحق .
السؤال الاول : ما الدليل على
وجود الامام صاحب الغيبة عليه السلام ؟ مع اختلاف الناس في وجوده ! ؟
أجاب الشيخ : الدليل على ذلك :
نقل الشيعة الامامية ، نقلا متواترا ، والاخبار بغيبته كذلك ، عن أمير المؤمنين
عليه السلام : أن الثاني عشر من الائمة عليهم السلام يغيب ، و أن الغيبة قد
وقعت على ما أخبروا به . وقد وجدنا الشيعة الامامية قد طبقت الارض شرقا وغربا ،
مختلفي
الاراء والهمم ، متباعدي الديار ، لا يتعارفون ، وكلهم متدينون بتحريم
الكذب و قول الزور ، وعالمون بقبحه ، ومثل هؤلاء يستحيل عليهم الاجتماع على
الكذب في هذه الاخبار ، إذ لو جاز عليهم ذلك ، واحتمل فيهم ، لجاز على سائر
الامم والفرق ، حتى لا يصح خبر في الدنيا ، وذلك إبطال للشرائع كلها ، وهو أمر
واضح الفساد والبطلان .
السؤال الثاني : لعل جماعة تواطأت في الاصل على وضع تلك
الاخبار ، ثم نقلتها الشيعة وتعلقت بها ، وهي غير عالمة بالاصل كيف حصل ؟
واجاب
الشيخ عن هذا :
أولا : إن هذا الاحتمال يأتي في جميع الا خبار المتواترة ،
وهو الطريق إلى ابطال الشرائع ، كما قلنا .
وثانيا : لو كان أمر هذا الاحتمال صحيحا ، وما ذكر فيه واقعا
، لظهر واشتهر على ألسن المعارضين للشيعة ، وهم يطلبون نقص مذهبهم ، ويتتبعون
عثراث عقيدتهم ، وكان ذلك أظهر وأشهر من أن يخفى . وفي عدم معروفيته ، وعدم
العلم به ما يدل على بطلانه وفساده .
ثم ان الشيخ المفيد أورد بعض الا خبار المنبئة عن صاحب الزمان عليه السلام
وغيبته ، المرفوعة إلى أمير المؤمنن والباقر والصادق عليهم السلام .
ونقل عن السيد محمد الحميري شعرا في قصيدة قالها قبل الغيبة ب ( مائة وخمسين
سنة ) وفيه : له غيبة لابد أن سيغيبها فصلى عليه الله من متغيب وعتق الشيخ عليه
بقوله : فانظروا - رحمكم الله - قول السيد هذا ، وهو
في الغيبة - كيف وقع له أن يقوله ، لولا انه سمعه من أئمته عليهم
السلام ، و أئمته سمعوه من النبي صلى الله عليه وآله . وإلا ، فهل يجوز لقائل
أن يقول قولا ، فيقع كما قال بعد ( 150 ) عاما ما يخرم منه حرف !
السؤال الثالث
: من اللازم أن تنقل هذه الا خبار من طريق غير الشيعة أيضا ، لو كانت ثابتة ؟
أجاب الشيخ : هذا غير لازم ولا واجب ! وإلا ، لوجب أن لا يصح خبر لا ينقله
المؤالف والخالف ، ولبطلت الا خبار ، إذ لو لم يقبل خبر إلا إذا نقله المعارضون
، سهل إنكار الاخبار من كلا الطرفين ، و لم يتم الاحتجاج بشئ من الاخبار . وهذا
الجواب موجود في كلام ابن قبة المنقول في إكمال الدين ( ص 23 ) .
السؤال الرابع
: إذا كان الامام عليه السلام غائبا طول هذه المدة ، فهو لا ينتفع به ، فما
الفرق بين وجوده وعدمه ؟ !
أجاب الشيخ : إن الله نصبه عليه السلام دليلا وحجة ،
لكن الظالمين هم الذين أخافوه ، فمنعوا من الاستفادة منه ، فهم المسؤولون عن
ذلك ، وإذا لم يوجده الله أو أعدمه لكانت العلة في عدم الاستفالة منه صنع الله
تعالى . والفرق بين الامرين واضح .
السؤال الخامس : ألا رفعه الله إلى السماء ؟
أجاب الشيخ : إن الامام حجة على أهل الارض ، والحجة لابد أن يتواجد بين
المحجوجين ، والارض لا تخلو من حجة ، فلم يجز أن يرفعه إلى السماء .
وبما أن الحجة لا بد أن يكون على صفات معينة ، منها أن يكون معصوما ،
ولم نر في ولد العباس ، ولا ولد علي عليه السلام ، ولا في كل قريش قاطبة ، من
يتصف بتلك الصفات ، فلابد ان يكون المعصوم هو الامام عليه السلام .
وإذا سلم كل ذلك ، كانت الغيبة لازمة . وهذا الاستدلال بعينه
هو الذي بنى السيد الشريف المرتض عليه كتابه ( المقنع في الغيبة ) . ويظهر من
قول المعترض : " إن المعتقد منكم يقول : إن له - أي لصاحب الزمان عليه السلام -
خمسة وأربعون ومائة سنة " أن الاعتراض كان سنة ( 400 ) هجرية .
والله الموفق للصواب .
وكتب السيد محمد
رضا الحسيني ا لجلالي
صفحة 7 / الصفحة الاولى من النسخة
صفحة 8 / الصفحة الاخيرة من النسخة
صفحة 9 / الصفحة الاولى من النسخة " ق "
صفحة 10 / الصفحة الاخيرة من النسخة " ق "
الرسالة الثانية في الغيبة