الحقيقة في انتساب الشيعة لأهل البيت ............................................................. 147

قال الكاتب : وأمّا الحسن رضي الله عنه ، فقد روى المفيد في الإرشاد عن أهل الكوفة أنهم :  ( شدوا على فسطاطه، وانتهبوه حتى أخذوا مُصَلاَّه من تحته، فبقي جالساً مُتَقَلِّداً السيفَ بغيرِ ردِاء ) ص 190.
أيبقى الحسن رضي الله عنه بغير رداء مكشوف العورة أمام الناس ؟ أهذه محبة ؟

وأقول: عجيب من مدَّعي الفقاهة كيف لا يعرف معنى الرِّداء ، فإن الرِّداء يعرفه حتى عوام الناس، وهو ما يوضع على الكتفين من الثياب، ومنه ما يُسمَّى الآن بالعباءة.

قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث: هو الثوب أو البُرْد الذي يضعه الإنسان على عاتقيه فوق ثيابه، وقد كثر في الحديث (1).

ولو كان الكاتب قد درس كتاب الحج ، لعلم أن الحاج يلبس قطعتين من الثياب، الأولى يستر بها عورته وهي الإزار، والثانية يضعها على عاتقه وهي الرِّداء، وأن الحاج يجوز له أن يضع رداءه أحياناً، وهذا يُدرَس في بدايات الدراسة الحوزوية، فكيف جهلها من حاز درجة الاجتهاد (بتفوق)؟

ثم إن أهل السنة رووا في كتبهم أن النبي (ص) وثب إلى عكرمة بن أبي جهل من غير رداء.

فقد أخرج مالك في الموطأ عن ابن شهاب: أن أم حكيم بنت الحارث ابن هشام، وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل، فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن، فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن، فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم على رسول الله 0 عام الفتح، فلما رآه رسول الله (ص) وثب إليه فرحاً وما عليه رداء حتى بايعه، فثبتا على نكاحهما ذلك (2).

ورووا أن جابر بن عبد الله الأنصاري صلى من غير رداء، بل إن البخاري قد عقد في صحيحه باباً بعنوان (باب الصلاة بغير رداء)، وروى فيه بسنده عن محمد بن

 

(1) النهاية في غريب الحديث والأثر 2/217.

(2) الموطأ، ص 287.  
 

148 ............................................................................ لله وللحقيقة الجزء الأول

المنكدر قوله: دخلتُ على جابر بن عبد الله وهو يصلي في ثوب ملتحفاً به، ورداؤه موضوع، فلما انصرف قلنا: يا أبا عبد الله تصلي ورداؤك موضوع؟ قال: نعم، أحببتُ أن يراني الجهَّال مثلكم، رأيتُ النبي (ص) يصلي هكذا (1).

ورووا أن ماعز بن مالك جيء به إلى رسول الله (ص) من غير رداء، فقد أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن جابر بن سمرة قال: رأيتُ ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي (ص)، رجل قصير أعضل، ليس عليه رداء، فشهد على نفسه أربع مرات أنه زنى، فقال رسول الله (ص): فلعلك. قال: لا، والله إنه قد زنى الأَخِرُ (2). قال: فرجمه... (3).

والأحاديث في ذلك كثيرة، واستقصاؤها مضيعة للوقت وهدر للجهد.

والحاصل أن سلب الإمام عليه السلام رداءه لا يعني أنه بقي مكشوف العورة كما قاله الكاتب، فيكون إشكاله الواهي قد تبخر سريعاً في الهواء.

 

(1) صحيح البخاري 1/137.
(2) الأخر: هو الأرذل والأبعد، وقيل: اللئيم. وقيل: الشقي. وقيل غير ذلك.

(3) صحيح مسلم 3/1319.  
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب