144
............................................................................
لله وللحقيقة الجزء الأول |
|
قال الكاتب : عندما نقرأ في الروضة من الكافي 8/101 في حديث أبي بصير مع
المرأة التي جاءت إلى أبي عبد الله تسأل عن ( أبي بكر وعمر ) فقال لها:
تَوَلِّيهُمَا [كذا] ، قالت: فأقول لربي إذا لِقُيتُه
[كذا] انك أمرتني
بولايتهما؟ قال نعم.
وأقول: هذه الرواية ضعيفة السند، فإن من جملة رواتها معلى بن محمد ، وهو لم يثبت
توثيقه في كتب الرجال ، بل وصفه النجاشي بأنه مضطرب الحديث والمذهب
(1)
، ووصفه
ابن الغضائري بأن حديثه يُعرَف ويُنكَر، ويروي عن الضعفاء، ويجوز أن يخرج
شاهداً
(2).
فعليه تكون الرواية ساقطة من رأس، فلا يصح الاحتجاج بها.
|
(1) رجال النجاشي 2/365. |
(2) رجال ابن الغضائري، ص 96. |
|
|
الحقيقة في انتساب الشيعة لأهل البيت
............................................................. 145 |
قال الكاتب : فهل الذي يأمر بتولي عمر نتّهمه بأنه اغتصب امرأة من أهل البيت؟
وأقول: هذه العبارة ركيكة جداً، وتدل على خلاف مراده، فإن مراده هو: هل من
أمرنا الإمام عليه السلام بتولِّيه ـ وهو عمر ـ نتهمه بأنه غصب امرأة من أهل البيت؟
وأما عبارته فمعناها: هل من يأمرنا بتولي عمر، وهو أبو عبد الله الصادق
عليه السلام،
نتّهمه بأنه اغتصب امرأة من أهل البيت؟
وكيف كان فلو ثبت أن هذه الرواية صحيحة عن الإمام الصادق عليه السلام، ولا يعارضها غيرها،
وأنه أمر أم خالد بتولي أبي بكر وعمر من دون خوف ولا تقية، فلا بد حينئذ من أن نحكم بأنهما إمامي هدى، ويجب علينا أن نتولاّهما، امتثالاً لأمر الإمام عليه
السلام، ولكن
الشأن كل الشأن في ثبوت كل ذلك، فإن الرواية ضعيفة، ولو سلمنا بصحَّتها فهي
محمولة على التقية لمعارضتها بما هو أشهر وأصح سنداً، وأوضح دلالةً.

قال الكاتب: لما سألتُ الإمام الخوئي عن قول أبي عبد الله للمرأة بتولي أبي بكر
وعمر، قال: إنما قال لها ذلك تَقِيَّة!!
وأقول للإمام الخوئي : إن المرأة كانت من شيعة أهل البيت، وأبو بصير من أصحاب
الصادق رضي الله عنه، فما كان هناك موجب للقول بالتقية لو كان ذلك صحيحاً، فالحق أن هذا
التبرير الذي قال به أبو القاسم الخوئي غير صحيح.
وأقول: لو صحَّت الرواية فهي محمولة على التقية قطعاً، وذيل الرواية يدل على
ذلك، ولا بأس بنقل تمام الرواية ليتضح للقارئ العزيز صحة ما قلناه.
قال الكليني رحمه الله : عن أبي بصير قال: كنت جالساً عند أبي عبد الله
عليه السلام إذ
دخلت علينا أم خالد التي كان قطعها يوسف بن عمر تستأذن عليه، فقال أبو عبد الله
عليه السلام :
146
............................................................................
لله وللحقيقة الجزء الأول |
أيسرّك أن تسمع كلامها؟ قال: فقلت: نعم. قال: فأذن لها، قال: وأجلسني معه
على الطنفسة
(1)
، قال: ثم دخلت فتكلمتْ فإذا امرأة بليغة، فسألتْه عنهما، فقال
لها: تولّيهما؟ قالت: فأقول لربي
إذا لقيته: إنك أمرتني بولايتهما ؟ قال: نعم.
قالت: فإن هذا الذي معك على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما، وكثير النوا يأمرني
بولايتهما، فأيهما خير وأحب إليك ؟ قال: هذا والله أحب
إليَّ من كثير النوا
وأصحابه، إن هذا يخاصم فيقول: ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ
فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) ، ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللهُ
فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ، ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ
فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ).
قلت: إن قوله: (هذا والله أحب إليَّ من كثير النوا وأصحابه)، دال بأتم دلالة
على أن براءة أبي بصير منهما لم تحط من قدره، وولاية كثير النوا وأصحابه لهما
لم تُعْلِ من شأنهم عند الإمام
عليه السلام، ولو كانا إمامَيْ هدى لكانت البراءة منهما
قادحة، ولكان مَن يتولاهما خيراً ممن يتبرّأ منهما ويدعو الناس إلى ذلك.
وتقرير الإمام عليه السلام لاستدلال أبي بصير بالآيات الثلاث مشعر باعتقاد الإمام
عليه السلام أن أبا بكر وعمر لم يحكما بما أنزل الله، فهما إما كافران أو
ظالمان أو فاسقان، وهو
استدلال واضح لا يحتاج إلى مزيد إيضاح، ولكن الإمام سلام الله عليه لم يستطع
التصريح بذلك لهذه المرأة، فاكتفى بالإشارة عن صريح العبارة.
وأما قول الكاتب: ( إن أم خالد من الشيعة فكيف يتَّقي منها الإمام )، فهو عجيب من
مدَّعي الفقاهة والاجتهاد، إذ كيف لا يعرف أن الإمام عليه السلام قد يتّقي من بعض شيعته
خشية أن
ينقلوا عنه كلامه لسلاطين الجور وأعوانهم مختارين أو مكرهين، ولهذا قال
الإمام عليه السلام في رواية الكشي: فلما خرجَتْ قال: إني خشيتُ أن تذهب فتخبر كثير
النوا، فتشهرني بالكوفة، اللهم إني إليك من كثير النوا بريء في الدنيا والآخرة
(2).
|
(1) هي البساط الذي له خمل رقيق. |
(2) رجال الكشي 2/511. ونقله عنه في
بحار الأنوار 30/242. |
|
|
|