الحقيقة في انتساب الشيعة لأهل البيت
............................................................. 151 |
|
قال الكاتب: وأما الإمام الصادق فقد ناله منهم شتى أنواع الأذى، ونسبوا إليه
كل قبيح، اقرأ معي هذا النص: عن زرارة قال : ( سألتُ أبا عبد الله رضي الله عنه عن التشهد.. قلت: التحيات والصلوات..
فسألته عن التشهد فقال كمثله، قال: التحيات والصلوات، فلما خرجتُ ضرطتُ في
لحيتِه، وقلتُ: لا يفلح أبداً ) رجال الكشي ص 142.
حق لنا أن نبكي دماً على الإمام الصادق رضي الله عنه، نعم.. كلمة قذرة كهذه تقال في حق
الإمام أبي عبد الله ؟؟ أيضرط زرارة في لحية أبي عبد الله رضي الله عنه ؟! أيقول عن الصادق
رضي الله عنه: لا يفلح أبداً؟؟
وأقول : هذه الرواية ضعيفة السند ، فإنها مرسلة من أولها ، وذلك لأن الكشي يرويها
عن يوسف ، وهو يوسف بن السخت بقرينة وروده في روايات الكشي، تارة بلا واسطة كما
في هذه الرواية (رقم 265)، ورقم 312، وتارة بواسطة محمد بن مسعود وهو العياشي
شيخ الكشي، كما في رقم 840، 1038، 1129، وتارة بواسطة
152
............................................................................
لله وللحقيقة الجزء الأول |
علي كما في رقم 268، وتارة بواسطة النضر، كما في رقم 1008، وتارة بواسطة
محمد بن مسعود، عن علي بن محمد القمي، عن محمد بن أحمد، كما في رقم 1130.
ويوسف بن السخت لم يدركه الكشي لتصح روايته عنه ، وذلك لأنه من أصحاب الإمام
العسكري عليه السلام المتوفى سنة 256هـ، والكشي من طبقة جعفر بن محمد بن قولويه المتوفى
سنة 369هـ، إلا أنه توفي قبله بسنين
(1)، فكيف يصح أن يروي عنه هذه الرواية؟!
هذا مع أن يوسف بن السخت نفسه لم يثبت توثيقه، بل ضعَّفه ابن الغضائري، حيث
قال: ضعيف مرتفع القول، استثناه القميون من نوادر الحكمة
(2).
وضعَّفه العلاّمة الحلي في الخلاصة، وابن داود في رجاله، والمجلسي في الوجيزة
والرجال، والمامقاني والخوئي وغيرهم
(3).
ويوسف هذا قد روى الخبر عن علي بن أحمد بن بقاح، عن عمِّه، وهما مجهولان ليس
لهما عنوان في كتب الرجال.
فهذه الرواية ضعيفة السند جداً، إذ أنها مرسلة من أولها، ورواتها إلى زرارة إما
ضعيف أو مهمل.
وأما متن الرواية، فهو لا يدل على ما قاله الكاتب، ولا بأس بنقل تمام الرواية
ليتضح معناها جيداً.
قال الكشي: يوسف قال: حدثني علي بن أحمد بن بقاح، عن عمِّه عن زرارة قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن التشهد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
|
(1) طبقات أعلام الشيعة (نوابغ الرواة في رابعة
المئات)، ص 295.
وذكر الزركلي في الأعلام 6/311 أن وفاة الكشي كانت نحو
340هـ.
(2) رجال ابن الغضائري، ص 103.
(3) رجال العلامة، ص 265.
رجال ابن داود، ص 285.
الوجيزة، ص 201. رجال
المجلسي، ص 344. تنقيح المقال 3/335.
معجم رجال الحديث 20/168.
|
|
|
الحقيقة في انتساب الشيعة لأهل البيت
............................................................. 153 |
شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. قلت: التحيات والصلوات؟ قال: التحيات
والصلوات. فلما خرجت قلت: إن لقيته لأسألنَّه غداً. فسألته من الغد عن التشهد،
فقال كمثل ذلك، قلت: التحيات والصلوات؟ قال: التحيات والصلوات. قلت: ألقاه بعد يوم فلأسألنَّه
غداً. فسألته عن التشهد فقال كمثله، قلت: التحيات والصلوات؟ قال: التحيات
والصلوات. فلما خرجتُ ضرطتُ في لحيته، وقلت: لا يفلح أبداً.
قال المير داماد في شرح الحديث: قوله: (التحيات والصلوات) ظن زرارة أن تقريره
عليه السلام
إياه على التحيات من باب التقية، مخافة أن يروي عنه زرارة أنه ينكر التحيات في التشهد، فقال: لئن لقيته غداً لأسألنَّه، لعله يفتيني بالحق من غير تقية. فلما
سأله من الغد وأجابه بمثل ما قد كان أجابه وقرَّره أيضاً على التحيات كما قد
كان قرَّره، حمل زرارة ذلك أيضاً على التقية، وقال: سألقاه بعد اليوم
فلأسألنَّه عن ذلك مرة أخرى، فلعله يترك التقية، ويجيبني على دين الإمامية.
فلما سأله من الغد ثالثاً وأجابه عليه السلام وقرَّره على قوله والتحيات بمثل ما قد أجابه وقرَّره بالأمس وقبل الأمس ، علم أنه ليس يترك التقية مخافة
منه. وقال: فلما خرجتُ ضرطتُ في لحيته فقلت: لا يفلح أبداً. والضمير عائد إلى
مَن يعمل بذلك ويعتقد صحَّته، أي في لحية من يعتقد لزوم التحيات في التشهد كما عند المخالفين من
العامة، ويعمل بذلك ويحتسبه من دين الإمامية، لا يفلح من يأتي بذلك على اعتقاد
أنه من الدين أبداً
(1).
قلت: ولعل قوله: (التحيات والصلوات) إنما كان إنكاراً، أي كيف تقول: التحيات
والصلوات ؟! لا أنه وارد على نحو التقية من زرارة.
وتكرار زرارة السؤال إنما كان من أجل التأكد من عدم جواز الإتيان بمثل هذه
الصيغة في التشهد، فلما علم أن الإمام عليه السلام ينكر على من يأتي بها قال: فضرطت بلحية
من يأتي بها وقلت: إن من يأتي بها لا يفلح أبداً، لأنه ضيَّع التشهد الذي هو
واجب
|
(1) شرح مير داماد على اختيار معرفة الرجال 1/379. |
|
|
154
............................................................................
لله وللحقيقة الجزء الأول |
مفروض عليه في الصلاة، وأتى بغيره مما لا يصح.
والخلاصة أن هذه الرواية ساقطة سنداً، وقاصرة دلالة على ما قاله من طعن زرارة
في الإمام الصادق عليه السلام.

قال الكاتب : لقد مضى على تأليف كتاب الكشي عشرة قرون ، وتداولته أيدي علماء
الشيعة كلهم على اختلاف فِرَقِهِم، فما رأيت أحداً منهم اعترض على هذا الكلام،
أو أنكره أو نَبَّهَ عليه.
وأقول: لقد أوضح مير داماد (المتوفى سنة 1041هـ) معنى هذه الرواية في شرحه على
كتاب اختيار معرفة الرجال كما مرَّ بما يزيل اللبس، ويرفع الشبهة.
وأنكر الحديث من رأس الشيخ حسن صاحب المعالم قدس
سره (المتوفى سنة 1011هـ) في كتابه
(التحرير الطاووسي)، حيث علق على هذا الحديث بقوله: والحديث الذي أشار إليه هو
الحديث المتضمن للسؤال عن التشهد، ورائحة الكذب تفوح منه
(1).
وقال المامقاني ( المتوفى سنة 1351هـ ) : وفي حاشية المنهج لمؤلِّفه معلِّقاً على
ذيل خبر التشهد المذكور هكذا: معلوم أن مثل ذلك لا يكون من زرارة، ولو كان
مردوداً بالنسبة إليه عليه السلام كما لا يخفى على من له أدنى معرفة بحال الرجال، بل
الأوضح كونه موضوعاً وافتراءاً وقرينة على وضع كثير مما روي فيه [أي في زرارة]
من الطعن، ولولا ذلك لما كان يليق ذكره ولا إيراده، بل لا يحل كما لا يخفى
(2).
هذا ما عثرنا عليه في هذه العجالة مع قصور اليد عن كثير من الكتب الرجالية
|
(1) التحرير الطاووسي، ص 128. |
(2) تنقيح المقال 1/445.
|
|
|
الحقيقة في انتساب الشيعة لأهل البيت
............................................................. 155 |
التي
تنفع في هذه المسألة، وبه يتضح بطلان مزاعم الكاتب من أن هذا الحديث لم ينكره
أحد من علماء الشيعة أو ينبِّهوا عليه.

قال الكاتب: وحتى الإمام الخوئي، لما شرع في تأليف كتابه الضخم ( معجم رجال
الحديث ) فإني كنتُ أحدَ الذين ساعدوه في تأليف هذا السِّفْر، وفي جمع الروايات
من بطون الكتب، ولما قرأنا هذه الرواية على مسمعه أطرق قليلاً، ثم قال: لكل جواد كَبْوَةٌ، ولكل
عالم هَفْوَةٌ، ما زاد على ذلك، ولكن أيها الإمام الجليل، إن الهفوة تكون بسبب
غفلة، أو خطأ غير مقصود، إن قوة العلاقة بك إِذْ كنتُ لك بمنزلة الولد للوالد، وكنتَ مني بمنزلة الوالد
لولده تُحَتِّمُ عليَّ أن أحمل كلامك على حسن النية، وسلامة الطوية، وإلا لَمَا
كنتُ أرضى منك السكوت على هذه الإهانة على الإمام الصادق أبي عبد الله رضي الله
عنه.
وأقول: يَرُدُّ ما قاله الكاتب المدَّعي قُربه من السيد الخوئي
قدس سره أن السيد
الخوئي ردَّ هذه الرواية في كتابه معجم رجال الحديث سنداً ومتناً، فقال بعد
ذكرها:
أقول : لا يكاد ينقضي تعجبي كيف يذكر الكشي والشيخ هذه الرواية التافهة الساقطة
غير المناسبة لمقام زرارة وجلالته والمقطوع فسادها ، ولاسيما أن رواة الرواية
بأجمعهم مجاهيل
(1).
فهل يريد الكاتب بعد هذا أن نصدق نُقولاته في الوقائع المختلفة، وهذه واحدة قد
أكذبها السيد الخوئي في معجمه بحمد الله وفضله؟!
هذا مع أن الذين استعان بهم السيد الخوئي في معجمه قد ذُكرتْ أسماؤهم في مقدمة
الطبعة الأولى من المعجم، ومما جاء في المقدمة:
|
(1) معجم رجال الحديث 7/238. |
|
|
156
............................................................................
لله وللحقيقة الجزء الأول |
وقد أنيط أمر هذا السفر الجليل ـ بعد إعداده ـ إلى جملة من الأفاضل لتعمل على:
أ - تنظيم المتفرقات من الرواة.
ب - التأكد من سلامة النقل وملاحظة الأرقام.
ج - تنظيم الإرجاعات الكاشفة في الأسماء المترابطة.
د - ملاحظة التنسيق والإخراج.
هـ ـ الاستنساخ.
و - مقابلة الاستنساخ.
ز - الإشراف على التصحيح.
لجنة الضبط والتصحيح:
1 - الشيخ محمد المظفري: لتنظيم المتفرقات من الرواة.
2 - الشيخ حيدر علي هاشميان: لتنظيم المتفرقات من الرواة.
3 - الشيخ يحيى الأراكي: للتأكد من سلامة النقل وملاحظة الأرقام.
4 - السيد مرتضى النخجواني: للاستنساخ.
5 - السيد عبد العزيز الطباطبائي: للتصحيح.
6 - السيد جواد الگلپايگاني: للإشراف على التصحيح.
7 - الشيخ محمد كاظم الخوانساري: لتدقيق التصحيح.
8 - الشيخ فخر الدين الزنجاني: لمقابلة الاستنساخ.
9 - الشيخ محمد التبريزي: لمقابلة الاستنساخ.
10 - الشيخ غلام رضا الرحماني: لمقابلة الاستنساخ.
الحقيقة في انتساب الشيعة لأهل البيت
............................................................. 157 |
11 - السيد مرتضى الحكمي: للإخراج والإرجاعات الرجالية الكاشفة
(1).
هذه هي اللجنة المشرفة على إخراج معجم رجال الحديث، ومن الواضح أنه ليس فيهم
كربلائي واحد، وكلهم فضلاء معروفون، فأين كان موقع الكاتب المدَّعي لدخوله في
اللجنة المذكورة؟

قال الكاتب: وقال ثِقَةُ الإسلام الكليني (حدثني هشام بن الحكم وحماد عن زرارة
قال: قلت في نفسي: شيخٌ لا عِلمَ له بالخصُومةِ ـ والمراد إمامه ـ).
وقد كتبوا في شرح هذا الحديث:
إن هذا الشيخ عجوز لا عقلَ له، ولا يحسنُ الكلام مع الخصم
فهل الإمام الصادق (لا عَقْلَ له)؟
إن قلبي ليَعْتَصرُ أَلمًا وحزناً، فإن هذا السباب وهذه الشتائم وهذه الجرأة لا
يستحقها أهل البيت الكرام، فينبغي التأدب معهم.
وأقول: نص هذا الحديث كما رواه الكليني قدس سره في الكافي:
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن زرارة ،
قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: يدخل النار مؤمن؟ قال: لا والله. قلت: فما يدخلها إلا
كافر؟
قال: لا، إلا من شاء الله. فلما رددت عليه مراراً قال لي: أي زرارة إني
أقول: لا، وأقول: إلا من شاء الله. وأنت تقول: لا، ولا تقول: إلا من شاء الله.
قال : فحدثني هشام بن الحكم وحماد
عن زرارة قال: قلت في نفسي: شيخ لا علم له
بالخصومة. قال: فقال لي: يا زرارة ما تقول فيمن أقرَّ لك بالحكم
(2)
أتقتله ؟ ما
تقول في
|
(1) معجم رجال الحديث 1/ل. طبعة أخرى 1/18.
(2) في حاشية الكافي: أي يقول: أنا على مذهبك، كلُّ ما حكمت عليَّ أنا
أعتقده وأدين الله به. |
|
|
158
............................................................................
لله وللحقيقة الجزء الأول |
خدمكم وأهليكم أتقتلهم؟ قال: فقلت: أنا والله الذي لا علم لي بالخصومة
(1).
قال المولى محمد صالح المازندراني:
الشرح: قوله: (عن عبد الرحمن بن الحجاج عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه
السلام : يدخل
النار المؤمن؟ قال: لا والله. قلت: فما يدخلها إلا كافر؟ قال: لا إلا من شاء
الله) أي لا
يدخلها أحد غير كافر إلا من شاء الله أن يدخلها، وهذا وسط بين
المؤمن والكافر لما ستعرفه، خلافاً لزرارة حيث ينفي الوسط بينهما، وكأنه تمسَّك
بقوله تعالى (هو الذي خلقكم فمنكم كافر
ومنكم مؤمن)، وبقوله تعالى (فريق في
الجنة وفريق في السعير)، وفي دلالتهما على ذلك منع. قال: (فلما رددت عليه
مراراً قال لي: أي زرارة إني أقول: لا، وأقول: إلا من شاء الله. وأنت
تقول: لا
. ولا تقول: (إلا من شاء الله) المفهوم من قوله عليه السلام: (إلا من شاء الله) أن غير
الكافر قد يدخل النار، وقد فُهم من قوله عليه السلام: (لا والله) أن المؤمن لا يدخل
النار، فقد
فُهم منهما أن هذا الغير ليس بمؤمن ولا كافر، فهو وسط بينهما، وإنما
لم يأتِ عليه السلام بعد قوله: (لا والله) بالاستثناء، ولم يقل: (إلا ما شاء الله) لعدم
احتماله، إذ المؤمن لا يدخل النار
قطعاً، بخلاف قوله: (لا) في السؤال الثاني،
فإنه يجوز فيه الاستثناء، فإن المستثنى منه المقدَّر في قول زرارة (فما يدخلها
إلا كافر؟)، وهو أحد يصدق بعد استثناء الكافر على المؤمن
وغيره، وغيره قد يدخل
النار، فلذلك استثناه بقوله: (إلا من شاء الله)، وجوز دخوله في النار بمشيئة
الله تعالى، وأما زرارة فلما خصَّ المستثنى منه بالمؤمن، ترك الاستثناء ولم
يقل:
(إلا ما شاء الله).
ومما قرَّرنا ظهر أن مناط الفرق بين القولين هو هذا
الاستثناء وتركه، فإن الأول يوجب ثبوت الواسطة، والثاني عدمه. (قال: فحدثني
هشام بن الحكم وحماد، عن زرارة
قال: قلت في نفسي: شيخ لا علم له بالخصومة) قال زرارة: (النار لا يدخلها إلا كافر) صادق بدون الاستثناء، ولا يثبت الحاجة إليه
إلا بإبطال قوله وبيان فساده، ولما تكرر الكلام ولم يبين عليه السلام فساده، أساء
الحقيقة في انتساب الشيعة لأهل البيت
............................................................. 159 |
زرارة
وأضمر بأنه شيخ لا علم له بالخصومة والمناظرة، إذ لا بد في مقام المناظرة
وإثبات المدَّعى من إبطال قول الخصم وبيان فساده، فلما علم عليه السلام ما أضمره تصدى
لبيان فساد قوله بمقدمة مسلَّمة عنده، وهي أن ضعفاء المسلمين الذين ليس لهم
معرفة بالدين، وهم مُقِرّون بحكمه، مندرجون تحت يده وقدرته، وأن خدمه وأهليه
المستضعفين غير مؤمنين عنده ولا كافرين، لأنه لا يجوز قتلهم، ولو كانوا كافرين
لجاز، وانتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم، وهو كفر هؤلاء، يستحقون النار
بزعمه، فلزم من ذلك أن النار لا يدخلها إلا كافر على الإطلاق ليس بصحيح، بل لا
بد من التقييد بالاستثناء كما ذكره عليه السلام، وهذا ما نقله زرارة عنه عليه
السلام. (قال: فقال
لي: يا زرارة ما تقول فيمن أقرَّ لك بالحكم أتقتله؟) إشارة إلى القسم الأول،
(ما تقول في خدمكم وأهليكم أتقتلهم؟) إشارة إلى القسم الثاني، والهمزة للإنكار،
ويحتمل أن يكون (ما تقول في خدمكم) بياناً لما قبله، والغرض على التقديرين تقريره بأن هؤلاء ليسوا بمؤمنين ولا كافرين. (قال: فقلت: أنا والله الذي لا علم
لي بالخصومة) قال ذلك لصيرورته مغلوباً بما لديه، ومخصوماً بما عنده وهو عليه
(1).
قلت: ومنه يتضح أن قول زرارة: (إن الإمام لا علم له بالخصومة) إنما كان مجرد
خاطر في ذهنه، وهو من الخواطر التي قد تخطر في الذهن لسبب ما وتزول بسرعة، ولا
يؤاخذ عليها، فلما أوضح الإمام عليه السلام لزرارة وجه المسألة، عرف زرارة أنه هو الذي لا
علم له بالخصومة، فلا إشكال في الحديث، ولا وجه للطعن في زرارة بسبب أمثال هذه
الخواطر.
أو لعل ذلك قد صدر من زرارة في أول ملاقاة له مع الإمام الباقر عليه السلام وقبل أن يقر
بإمامته ويعترف بعصمته.
ومن المضحكات أن الكاتب جاء بهذا الحديث لبيان أن الشيعة يطعنون في الإمام
الصادق عليه السلام، مع أن المذكور في الحديث هو الإمام الباقر عليه السلام لا
|
(1) شرح المازندراني 10/59. |
|
|
160
............................................................................
لله وللحقيقة الجزء الأول |
الإمام الصادق عليه السلام،
وعذر مدَّعي الاجتهاد أنه ظن أن ( أبا جعفر ) هو الإمام الصادق عليه السلام!!

|