298 ............................................................................ لله وللحقيقة الجزء الأول

قال الكاتب: ضُبِطَ أحدُ السادة في الحوزة وهو يلوط بصبي أمرد من الدارسين في الحوزة. وصل الخبر إلى أسماع الكثيرين، وفي اليوم التالي بينما كان السيد المشار إليه يتمشى في الرواق ، اقترب منه سيد آخر من علماء الحوزة أيضاً - وكان قد بلغه الخبر - فخاطبه بالفُصْحَى مازحاً: سيد، ما تقول في ضَرْبِ الحلق؟ (1) فأجابه السيد الأول بمزاح أشد قائلاً له وبالفصحى أيضاً: يُسْتَحْسَنُ إدخال الحشفة فقط، وقهقه الاثنان بقوة !!؟؟

 

(1) يريد بذلك حَلَقة الدبر (حاشية من الكاتب).

 
 

المتعة وما يتعلق بها .............................................................................. 299

وأقول: أنا أعجب من هذا الكاتب كيف لا يستحيي أن ينقل أمثال هذه القصص المكذوبة التي لا دليل على صحَّتها إلا نقل كاتبها الذي لا يوثق به؟

وعلماء الشيعة أجل وأتقى من أن يصدر منهم أمثال هذه الرذائل والموبقات، بل نحن ننزّه كل شريف عن أمثال هذه الأفعال القبيحة، سُنّياً كان أم شيعياً، فضلاً عن أن يكون عالماً من العلماء أو فاضلاً من الفضلاء.

هذا مع أن نقل أمثال هذه الأمور ـ لو سلَّمنا بوقوعها ـ مندرج في باب إشاعة الفاحشة في المسلمين الذي هو منهي عنه بنصِّ الكتاب العزيز.
قال الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لهَمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ )
(1).

قال ابن كثير في تفسيره: وهذا تأديب ثالث لمن سمع شيئاً من الكلام السيِّئ، فقام بذهنه شيء منه وتكلم به، فلا يكثر منه ولا يشيعه ويذيعه، فقد قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لهَمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (2).

قال الكاتب: وهناك سيد من علماء الحوزة مشهور باللواطة [كذا]، رأى صبياً يمشي مع سيد آخر من علماء الحوزة أيضاً، فسأله: من هذا الصبي الذي معك؟ فأجابه: هذا ابني فلان. فقال له: لِمَ لا ترسله إلينا لنقوم بتدريسه وتعليمه كي يصبح عالماً مثلك؟ فأجابه ساخراً: أيها السافل الحقير، أتريد أن آتيك به لتفعل به (كذا وكذا) !؟
وهذه الحادثة حدثني بها أحد الثقات من أساتذة الحوزة
(3).

 

(1) سورة النور، الآية 19.

(2) تفسير القرآن العظيم 3/275. (3) هنا حاشية له سيأتي الجواب عنها قريباً.  
 

300 ............................................................................ لله وللحقيقة الجزء الأول

وأقول: هذه القضية كسابقاتها من القضايا المكذوبة التي لا سند لها ولا هوية معروفة لأشخاصها.

وهل من المعقول أن يطلب شخص مشهور باللواط من رجل يعرفه بهذه الصفة أن يحضر له ابنه لتعليمه بكل هذه الجرأة والوقاحة؟
ولكن الكذوب مهما ظن أنه أتقن كذبه فلا بد أن يكون في كلامه خلل يفضحه ويكشف زيفه.

ثم مَن هو هذا الثقة الذي أخبر الكاتب بهذه الحكاية؟ لمَ لمْ يذكره الكاتب، ولا سيما أن ذكره لا يستلزم محذوراً ولا حرَجاً لأحد، باعتبار أنها قصة قد خلتْ من ذِكر الأسماء وتعيين الأشخاص.

قال الكاتب: في حاشية له في هذا الموضع: وليس بغريب ولا عجيب، فإن بعض المنظومات [كذا] التي كنا نقرؤها تنص على ذلك نصاً لا شبهة له، ألم يقل الناظم: "وجائز نكاح الغلام الأمرد....".

وأقول: بعد إطباق الشيعة بل كل المسلمين على حرمة اللواط كيف لا يكون فعل اللواط ممن ينتسب للعلم وأهله عجيباً وغريباً؟! ثم ما هي هذه المنظومات التي قرأها الكاتب وتنصّ على جواز نكاح الغلام الأمرد؟ ومن كاتبها؟ وعمّن ينقل هذه الفتوى؟

والظاهر أن الكاتب نسي ما كتبه سابقاً في هذه المسألة ، فإنه زعم أن الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء قال له: ( لم أقف عليها ـ أي على الرواية ـ فيما قرأت ). وقال هو نفس ( ومنذ ذلك الوقت وأنا أحاول أن أجد مصدر تلك الرواية في كل ما قرأت وكلما وقع بيدي من كتب الأخبار فلم أعثر على مصدر لها ).

المتعة وما يتعلق بها .............................................................................. 301

وهو لم يذكر في هذا الموضع أو ذاك مصدراً واحداً لهذه الرواية المكذوبة، مع أنا نقلناها منسوبة إلى أبي حنيفة كما مرَّ، فراجع.

قال الكاتب: لقد رأينا الكثير من هذه الحوادث ، وما سمعناه أكثر بكثير حتى أن صديقنا المفضال السيد عباس جمع حوادث كثيرة جداً، وَدوَّنَها بتفاصيلها وتواريخها وأسماء أصحابها، وهو ينوي إصدارها في كتاب أراد أن يسميه (فضائح الحوزة العلمية في النجف)، لأن الواجب كشف الحقائق للعوام من الشيعة أولئك المساكين الذين لا يعلمون ما يجري وراء الكواليس، ولا يعلمون ما يفعله السادة، فيرسل أحدهم امرأته أو بنته أو أخته لغرض الزيارة، أو لطلب الولد، أو لتقديم (مراد للحسين) فيستلمها السادة وخاصة إذا كانت جميلة ليفجروا بها ويفعلوا بها كل منكر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وأقول: لا ندري كيف تسنَّى للكاتب وهو من العلماء القدامى بزعمه الذين نالوا درجة الاجتهاد (بتفوق) أن يرى الكثير من حوادث اللواط؟

هل كان أحد أطراف تلك الحوادث؟

أو كان يُدعى في كل جلسة للشهادة؟

أو أن التوفيق كان يحالفه في الاطلاع على هذه الحوادث؟

أو أن طلبة العلم يلوطون ويُلاط بهم في الطرقات والأزقة بحيث تسنَّى للكاتب أن يطلع عليها كغيره من الناس؟

هذه أسئلة تحتاج من الكاتب إلى جواب مقنع!!

ثم إن (صديقه المفضال السيد عباس) كيف تأتّى له أيضاً معرفة هذه الحوادث والوقوف عليها حتى استطاع أن يجمع كتاباً في حوادث اللواط التي رآها بنفسه،

302 ............................................................................ لله وللحقيقة الجزء الأول

وسجَّلها بتواريخها وأسماء أصحابها؟

ولا أدري هل يعتقد مدَّعي الاجتهاد والفقاهة وذلك السيد المفضال أنه يجوز لهما أن يكتبا كتاباً مشتملاً على أمثال هذه القضايا التشهيرية بالأسماء والتواريخ على فرض صحَّتها ووقوعها؟

وعلى كل حال فالذي نعتقده أن ذِمَم القوم واسعة، وأنهم يمكنهم أن يلفِّقوا قضايا مكذوبة ويلصقوها بالأبرياء من الشيعة، فإن هذا هو ديدنهم، وهذه هي طريقتهم التي تلقوها من أسلافهم.

فهنيئاً لهم بمذاهبهم التي لا تنهض إلا بقذف الأبرياء، ولا يمكن تشييدها إلا باختلاق الحوادث وافتراء الأكاذيب التي عجزوا عن إثباتها بدليل صحيح، فصارت عاراً عليهم في الدنيا، وخزياً لهم في الآخرة.

ثم هل من يرسل ابنته أو زوجته أو أخته لغرض الزيارة يسلّمها إلى السادة ليعبثوا بها؟ هل يتصور هذا الكاتب أن أعراض الناس يسهل تناولها بكل هذه البساطة؟ وهل يظن أن النساء دُمى يُتَصرَّف فيهن وهن لا يدفعن يد لامس؟

وعلى كل حال، فأمثال هذا الكلام غير مستغرب ممن تجمدت عقولهم مئات السنين، وعاشوا على فتات أكاذيب ابن تيمية وأضرابه ممن يستحلون اتهام الشيعة بما شاؤوا، لا يردعهم رادع، ولا يمنعهم مانع، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

إن مذهباً يعتمد على الأكاذيب والافتراءات في الأعراض
لحرب خصمه لا يمكن أن يكون حقاً وليس حَرِياً بالاتباع

 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب