363 ................................................................................. لله وللحقيقة الجزء الثاني

ملخص تطور نظرية الخمس

قال الكاتب: القول الأول: بعد انقطاع سلسلة الإمامية [كذا]، وغيبة الإمام المهدي هو أن الخمس من حق الإمام الغائب، وليس للفقيه، ولا للسيد، ولا للمجتهد حق فيه، ولهذا ادَّعَى أكثر من عشرين شخصاً النيابة عن الإمام الغائب، من أجل أن يأخذوا الخمس فقالوا: نحن نلتقي الإمام الغائب، ويمكننا إعطاؤه أخماس المكاسب التي ترد.

وكان هذا في زمن الغيبة الصغرى وبقي بعدها مدة قرن أو قرنين من الزمان ولم يكن الخمس يُعْطَى للمجتهد أو السيد، وفي هذه الفترة ظهرت الكتب الأربعة المعروفة بالصحاح الأربعة الأُولى، وكلها تنقل عن الأئمة إباحة الخمس للشيعة وإعفائهم منه.
ولم تكن هناك أية فتوى في إعطاء الأخماس للسادة والمجتهدين.

وأقول: إن كلام الكاتب فيه من التضارب والتهافت ما لا يخفى، وذلك لأنه يدَّعي أن الأئمة عليهم السلام قد أباحوا الخمس للشيعة، وفي نفس الوقت يصرِّح بأن الخمس هو من حق الإمام الغائب عليه السلام، ولهذا ادَّعى النيابة عن الإمام عليه السلام أكثر من عشرين

364 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

شخصاً بزعمه.

فكيف يكون الخمس مباحاً للشيعة وفي نفس الوقت يكون حقًّا للإمام الغائب عليه السلام ؟! فإن القول بأن الخمس من حق الإمام المنتظر عليه السلام يستلزم الاعتراف بعدم إباحة الخمس كما هو الصحيح.

وإذا كان الخمس حقًّا للإمام المنتظر عليه السلام فحينئذ لا بدّ من دفعه إلى نوَّابه والقائمين مقامه في غيبته، وهم الفقهاء المأمونون، وإلا كان تكليف الشيعة بدفع الخمس تكليفاً بغير

المقدور، وذلك لأن دفعه للإمام عليه السلام متعذِّر، ودفعه لنائبه غير جائز، مع بقاء الواجب على وجوبه.

وأما زعمه بأن الذين ادَّعوا النيابة في الغيبة الصغرى أكثر من عشرين شخصاً فهو باطل جزماً، وذلك لأن نوّاب الإمام عليه السلام كانوا أربعة معروفين، ولم يدّعِ النيابة عن الإمام إلا أفراد قلائل يطلبون بذلك الزعامة والمكانة عند الشيعة.

فقد ذكر الشيخ الطوسي قدس سره في كتاب ( الغَيْبة ) أن الذين ادّعوا البابية هم: الشريعي، ومحمد بن نصير النميري، وأحمد بن هلال الكرخي، ومحمد بن علي بن بلال، والحسين بن منصور الحلاج، وأبي بكر البغدادي. وهؤلاء ستة لا أكثر، وكلهم ورد التوقيع من الإمام عليه السلام بلعنهم والبراءة منهم، وقد صدر منهم الكفر البواح والانحراف عن مذهب أهل البيت عليهم السلام، ونصَّ الشيخ على أن الذي ادّعى الوكالة طمعاً في المال هو محمد بن علي بن بلال فقط، وأما غيره فإنما ادّعوا الوكالة لطلب المكانة عند الشيعة لا لجمع الأموال (1).

وأما باقي كلامه فيَرِد عليه أنا أوضحنا فيما تقدَّم وجه الجمع بين الأخبار الدالة على وجوب الخمس، وبين الأخبار التي ظاهرها إباحة الخمس للشيعة، وقلنا: إنه يتعيَّن حمل الأخبار المبيحة على إباحة المناكح فقط، أو هي مع المتاجر والمكاسب،

 

(1) راجع كتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي، ص 244-256.

 
 

ملخص تطور نظرية الخمس ............................................................................ 365

بقرينة التعليل في تلكم الأحاديث، وهي تطييب ولادة الشيعة، فلا حاجة للإعادة.

ونحن قد أوضحنا فيما مرَّ أن السَّادة الكرام لهم نصف الخمس، للآية المباركة وللأخبار الكثيرة الناصَّة على ذلك.

وأما دفع الخمس للمجتهدين والفقهاء فقد نقلنا الأقوال فيه، فراجعها، ومن ضمن من قال بوجوب دفع الخمس للمجتهد بعد الغيبة بيسير أبو الصلاح الحلبي والقاضي ابن البراج، وهما من أعاظم علماء الإمامية، ومن تلامذة الشيخ الطوسي رحمه الله كما مرَّ بيانه.

قال الكاتب: القول الثاني: ثم تطور الأمر، بعد أن كان الشيعة في حل من دفع الخمس في زمن الغيبة كما سبق بيانه، تطور الأمر فقالوا بوجوب إخراج الخمس، إذ أراد أصحاب الأغراض التخلص من القول الأول، فقالوا يجب إخراج الخمس على أن يُدْفَنَ في الأرض حتى يخرج الإمام المهدي.

وأقول: لقد ذكرنا الروايات الدالة على وجوب دفع الخمس، وأن الأئمة عليهم السلام نصبوا لهم وكلاء لقبضه من الناس كما مرَّ، وهذا كله دال على أن وجوب الخمس كان معروفاً عند الشيعة في زمن الأئمة عليهم السلام، لا كما ادّعى الكاتب من أن الشيعة كانوا في حل من دفعه في زمن الغيبة.

وأما القول بدفن الخمس فقد كان من ضمن الأقوال المعروفة زمن الشيخ المفيد (336 -413هـ) كما مرَّ نقله عن كتابه (المقنعة)، أي بعد انتهاء الغيبة الصغرى بسنين قليلة، ولا ريب أن هذه المسألة كانت في تلك السنين تعتبر مستحدثة، لأن الابتلاء بها إنما حصل بعد غيبة الإمام الكبرى، ولعلّ هناك من أفتى بها عقيب غيبة
 

366 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

الإمام المنتظر عليه السلام مباشرة ، مع أن مفاد كلام الكاتب هو أن القول بفرض الخمس حصل بعد انتهاء الغيبة الصغرى بقرن أو قرنين، ثم تطورت المسألة فجاءت الفتوى بدفنه، فلا بد أن تكون الفتوى بالدفن جاءت بعد أكثر من قرن أو قرنين ، وهو كلام واضح البطلان كما مرَّ بيانه.

قال الكاتب: القول الثالث: ثم تطور الأمر فقالوا: يجب أن يُودَعَ عند شخص أمين، وأفضل من يقع عليه الاختيار لهذه الأمانة هم فقهاء المذهب، مع التنبيه على أن هذا للاستحباب وليس على سبيل الحتم والإلزام، ولا يجوز للفقيه أن يتصرف به، بل يحتفظ به حتى يوصله إلى المهدي.

وأقول: لقد أوضحنا فيما تقدَّم أن القول بحفظ الخمس كان من ضمن الأقوال التي كانت معروفة في عصر الشيخ المفيد، بل هو اختيار الشيخ المفيد نفسه كما نقله الكاتب نفسه عن المقنعة، فأين هذا التطور المزعوم مع أن المسألة كانت مستحدثة في ذلك الوقت كما مرَّ؟!

قال الكاتب: وهنا ترد ملاحظة مهمة وهي: مَنْ منَ الفقهاء حفظ الأموال المودَعَة عنده ثم بعد موته قال ذووه عنها انها أموال مُودَعَة عنده يجب أن تودع عند مَن يأتي بعده؟ لا شك أن الجواب الصحيح هو: لا يوجد مثل هذا الشخص، ولم نسمع أو نقرأ عن شخص كهذا ثبت أن أموال الناس - أعني الخمس - كانت مودعة عنده ثم

ملخص تطور نظرية الخمس ............................................................................ 367

انتقلت إلى من يأتي بعده.
والصواب: أن كل من أُودِعَتْ عندهم الأموال جاء ورثتهم فاقتسموا تلك الأموال بينهم على أنها مال موروث من آبائهم، فذهب خمس الإمام إلى ورثة الفقيه الأمين، هذا إذا كان الفقيه أميناً، ولم يستخلص ذلك المال لنفسه!!

وأقول: ما قاله الكاتب ههنا نردّه بأمور:
1- أن تصرّف العلماء السابقين في الحقوق لم نطّلع عليه ولم نشهده، والله سبحانه وتعالى لم يكلّفنا به، فلا نستطيع أن نجزم فيه بأمر، ولكنا نعلم علماً جزماً بأنهم قدّس الله أسرارهم ـ لتقواهم وورعهم ـ لم يفرِّطوا في تلك الأموال، ولم يتهاونوا في حفظها.
وما قاله الكاتب ما هو إلا رجم بالغيب وتخرّص وظن لا يغنيان من الحق شيئاً، وإلا فكيف علم بما صنعه السابقون وأن أبناءهم ورثوها بعد موتهم؟

2- أن أمثال هذه الأمور لا يباح بها ولا تُعلَن للناس وتُسجَّل في الكتب حتى يُعلم أنهم أوصوا بها لمن بعدهم من العلماء أو لا، فكيف يتأتى لنا الاطلاع على ما صنعه الأقدمون والحال هذه؟

3- أن الأقوال في التصرف في الخمس كثيرة، ولم يذهب كل العلماء إلى وجوب حفظه، والوصية به إلى أمين يحفظه إذا ظهرت أمارات الموت، بل إن جملة من العلماء كانوا يرون وجوب دفعه بكامله إلى الأصناف الثلاثة من السادة الكرام كما مرَّ، وبعضهم كان يرى جواز صرفه على فقراء الشيعة كالشيخ المفيد في كتابه (المقنعة)، حيث قال كما مرَّ: (وبعضهم يرى صلة الذرّية وفقراء الشيعة على طريق الاستحباب ، ولست أدفع قرب هذا القول من الصواب) (1).
فلعلّ من كان يرى وجوب دفعه للسّادة الكرام كان يدفع إليهم كل ما يصل

 

(1) كتاب المقنعة، ص 286.

 
 

368 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

إليه، حتى لو وصل إليه لحفظه وتسليمه لصاحب الزمان عليه السلام.
فإذا كان الحال هكذا فإنه لا يبقى من الحقوق الشرعية شيء إلا ودُفع للسّادة الكرام، ولا سيما أن الحقوق الشرعية لم تكن أموالاً طائلة في العصور الماضية.

4- أن الحقوق الشرعية منذ زمن صاحب الجواهر المتوفى سنة 1266هـ وربما قبله كانت كلها تُصرف لترويج الدين، وما كانت تُكنَز وتُدَّخر حتى تبقى لورثة المرجع، ولا سيما إذا علمنا أن الحقوق الشرعية كانت قليلة، ومصارفها كثيرة ومتعدّدة، فكيف يبقى منها شيء؟

5- لو كان الكاتب كما يزعم وثيق الصلة بمراجع التقليد المتأخرين لعلم كيف يُتصرَّف بالحقوق الشرعية بعد موت المرجع، ولكنه بعيد عن هذا الجو، فكيف يسمع بأمثال هذه الأمور؟

ولقد سمعت بأُذنَي وسمع غيري كذلك من المرجع الديني آية الله الميرزا علي الغروي قدَّس الله نفسه أن الحقوق الشرعية التي كانت عند السيد الخوئي قدس سره كلها تحوَّلت بعد موته إلى مرجع آخر ذكر لنا اسمه لا أحب التصريح به.

ولعلَّ من يتتبع أمثال هذه الحوادث يقف على الشيء الكثير منها، مع أنها خارجة عن أصل تشريع الخمس وأصل وجوبه، فإن أحكام الشرع تُعرف بالأدلة الصحيحة، ولا يصح إبطالها بسوء التصرفات التي تصدر من الناس، وحال الخمس من هذه الناحية حال الزكاة التي يعبث بها الآن سلاطين الجور وأعوانهم ويتصرفون بها كيفما شاؤوا، من دون أن يستلزم ذلك إبطال مشروعيتها أو التشنيع على من يرى وجوبها.

قال الكاتب: ومن الجدير بالذكر أن القاضي ابن بهراج أو براج طَوَّرَ هذا الأمر

ملخص تطور نظرية الخمس ............................................................................ 369

من الاستحباب إلى الوجوب فكان أول من قال بضرورة إيداع سهم الإمام عند مَن يُوثَقُ به من الفقهاء والمجتهدين حتى يسلمه إلى الإمام الغائب إن أدركه، أو يوصي به إلى مَن يثق به ممن يأتي بعده ليسلمه للإمام، وهذا منصوص عليه في كتاب المهذب 8/180 وهذه خطوة مهمة جداً.

وأقول: لقد سبق ابنَ البراج إلى هذه الفتوى أبو الصلاح الحلبي كما مرَّ بيانه، وأبو الصلاح كما مرَّ وُلد بعد انتهاء الغيبة الصغرى بحوالي خمس وأربعين سنة، ولا ريب في أن هذه المسألة كانت مستحدثة في تلك الفترة كما قلنا فيما تقدّم، فأين هذا التطور المزعوم في نظرية الخمس؟!
على أن مَن سبق ابن البراج كان يفتي بوجوب إيداع الخمس عند رجل مأمون يوصله إلى صاحب الزمان عليه السلام إذا أدرك ظهوره، أو يوصي لمن يوصله إليه إن ظهرت عليه أمارات الموت، من غير فرق بين أن يكون فقيهاً أو عامّيًّا، ولا ريب في أن الفقيه المأمون أفضل أفراد مَن يؤتمن على حق الإمام عليه السلام.

فهذه الفتوى في الحقيقة ليست مغايرة لما سبقها إلا في اختيار فرد من أفراد من يؤتمنون لإيصال الخمس إلى الإمام عليه السلام، وكلمات من سبق أبا الصلاح شاملة لكل من يؤتمن من دون تعيين.

قال الكاتب: القول الرابع: ثم جاء العلماء المتأخرون فطوروا المسألة شيئاً فشيئاً حتى كان التطور قبل الأخير فقالوا بوجوب إعطاء الخمس للفقهاء لكي يقسّموه بين مستحقيه من الأيتام والمساكين من أهل البيت، والمرجح أن الفقيه ابن حمزة هو أول من مال إلى هذا القول في القرن السادس كما نص على ذلك في كتاب الوسيلة في نيل الفضيلة ص 682

370 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

واعتبر هذا أفضل من قيام صاحب الخمس بتوزيعه بنفسه وبخاصة إذا لم يكن يحسن القسمة.

وأقول: إن كلام ابن حمزة إنما هو في تقسيم سهم السّادة بين الأصناف الثلاثة، وحيث إنه يرى لزوم التقسيم بالسوية بين الذكر والأنثى، وبين الوالد والولد، وبين الصغير والكبير، ويراعى فيه العدالة والإيمان... إلى غير ذلك، فإن ذلك ربما يحتاج لرجل عارف لتقسيمه بينهم، ولهذا أوجب على المكلف غير العارف دفعه إلى من يحسن قسمته من أهل العلم والفقه (1).

وهذا أجنبي عن المسألة التي نتكلم فيها، وهي كيفية التصرف في سهم الإمام عليه السلام في زمان الغيبة.

على أن هذه الفتوى ليست جديدة، فإن الفقهاء السابقين لابن حمزة كالمفيد والشيخ الطوسي قدّس سرّهما وغيرهما يرون أن الإمام عليه السلام يقسِّم نصف الخمس على الأصناف الثلاثة من السّادة الكرام، فما فضل فهو له، وما نقص أتمّه من حقّه (2).

وحيث إن الفقيه هو نائب للإمام عليه السلام وقائم مقامه فله أن يصنع مثل ذلك، فيقسِّم نصف الخمس في أيتام السَّادة ومساكينهم وأبناء سبيلهم، فإن نقصهم شيء أتمه من سهم الإمام عليه السلام.

وأما رأي ابن حمزة في التصرف في سهم الإمام عليه السلام فهو تقسيمه على فقراء الشيعة الصلحاء، وهذا ما أوضحه بقوله: وينقسم ستة أقسام: سهم لله تعالى، وسهم لرسوله صلوات الله عليه وآله، وسهم لذي القربى، فهذه الثلاثة للإمام، وسهم لأيتامهم، وسهم لمساكينهم، وسهم لأبناء سبيلهم، وإذا لم يكن الإمام حاضراً فقد ذكر فيه أشياء، والصحيح عندي أنه يُقسَّم نصيبه على مواليه العارفين بحقه من أهل

 

(1) راجع كتاب (الوسيلة إلى نيل الفضيلة)، ص 148-149.

(2) راجع كتاب المقنعة، ص 278. والنهاية، ص 199.  
 

ملخص تطور نظرية الخمس ............................................................................ 371

الفقر والصلاح والسداد (1).
قلت: وهذا هو أحد الآراء التي ذكرها المفيد فيما مرَّ من أنه يقسَّم على السَّادة وفقراء الشيعة.
فأين هذا التطور الذي زعمه الكاتب في نظرية الخمس؟!

قال الكاتب: القول الخامس: واستمر التطور شيئاً فشيئاً في الأزمنة المتأخرة ـ وقد يكون قبل قرن من الزمان ـ حتى جاءت الخطوة الأخيرة، فقال بعض الفقهاء بجواز التصرف بسهم الإمام في بعض الوجوه التي يراها الفقيه مثل الإنفاق على طلبة العلم، وإقامة دعائم الدين وغير ذلك كما أفتى به السيد محسن الحكيم في مستمسك العروة الوثقي 9/584.

وأقول: لقد أوضحنا أن المسألة لا نصَّ فيها، فلهذا كانت مسرحاً للآراء، فاختلف العلماء في كيفية التصرّف في سهم الإمام عليه السلام بعد ذهاب المشهور إلى وجوب دفع الخمس في زمن الغيبة.
واختلاف الآراء لا غضاضة فيه بعد أن يكون المهم هو الوصول إلى ما هو الصحيح في المسألة.

ونحن عندما نستعرض الآراء في هذه المسألة قديماً وحديثاً نجد أن رأي المتأخرين هو الأقرب للصواب، بل هو الصحيح، وهو الموافق للاحتياط كما هو واضح لمن كان عنده أدنى ذوق فقهي.

والعجيب من الكاتب أنه نسب هذا القول إلى السيد محسن الحكيم قدَّس الله نفسه، مع أنه قول مشهور منذ أكثر من مائة وخمسين عاماً.

 

(1) الوسيلة إلى نيل الفضيلة، ص 148.

 
 

372 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

قال الكاتب: هذا مع قوله: عدم الحاجة في الرجوع إلى الفقيه في صرف حصة الإمام. وهذا يعني أن صرف حصة الفقيه، هي قضية ظهرت في هذه الأزمان المتأخرة جداً.

وأقول: لا محذور في ظهور هذه الفتوى قبل قرن ونصف أو قرنين من الزمان بعدما كانت موافقة للموازين الشرعية والأدلة الصحيحة.

وأما ذهاب السيّد الحكيم قدس سره في المستمسك إلى عدم الحاجة إلى استئذان صرف سهم الإمام فيما يُحرز فيه رضا الإمام عليه السلام فقد ذكر وجهه في محلّه، فقال: وكيف كان فلم يتضح ما يدل على تعيين صرف سهمه عليه السلام في جهة معينة، فيشكل التصرف فيه، إلا أن يُحرز رضاه عليه السلام بصرفه في بعض الجهات كما في زماننا هذا، فإنه يُعلم فيه رضاه عليه السلام بصرفه في إقامة دعائم الدين، ورفع أعلامه وترويج الشرع الأقدس، ومؤونة طلبة العلم الذين يترتب على وجودهم أثر مهم في نفع المؤمنين بالوعظ والنصيحة، وبث الحلال والحرام.
إلى أن قال:
ومن ذلك يظهر أن الأحوط إن لم يكن الأقوى إحراز رضاه عليه السلام في جواز التصرف، فإذا أحرز رضاه عليه السلام بصرفه في جهة معينة جاز للمالك تولي ذلك، بلا حاجة إلى مراجعة الحاكم الشرعي كما عن غرية المفيد، وفي الحدائق الميل إليه لعدم الدليل على ذلك، كما اعترف به في الجواهر أيضاً
(1).

قلت: ولا يخفى أن عدم الحاجة إلى مراجعة الحاكم الشرعي إنما هي مع إحراز رضا الإمام عليه السلام بصرف سهمه المبارك في جهة خاصّة.
إلا أن الإحراز المذكور ربما لا يتيسَّر لأكثر العوام في هذا العصر، ولا سيما مع قلة الحقوق الشرعية وكثرة مصالح الدين المختلفة التي تستلزم أموالاً طائلة، فتتزاحم

 

(1) مستمسك العروة الوثقى 9/582.

 
 

ملخص تطور نظرية الخمس ............................................................................ 373

تلك المصالح، فلا يلتفت العامي إلى ما هو الراجح فيها، فنرجع بالنتيجة إلى لزوم دفع الحق المبارك إلى الفقيه الذي هو أعرف بمصارفه التي يحرز بها رضا الإمام عليه السلام.

 
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

فهرس الكتاب