572 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

قال الكاتب: ولنر لوناً آخر من آثار العناصر الأجنبية في التشيع ، فقد عبثت هذه العناصر بكتبنا المعتبرة، ومراجعنا المهمة، وَلْنَأْخُذ نماذج يطلع القارئ من خلالها على حجم هذا العَبَث ومداه.
إن كتاب الكافي هو أعظم المصادر الشيعية على الإطلاق ، فهو موثق من قبل الإمام الثاني عشر المعصوم الذي لا يُخْطِئ ولا يغلط، إذ لما ألف الكليني كتاب الكافي عرضه على الإمام
الثاني عشر في سردابه [كذا] في سامراء، فقال الإمام الثاني عشر سلام الله عليه: ( الكافي كاف لشيعتنا ). انظر مقدمة الكافي ص 25.

وأقول: أما أن كتاب الكافي من أهم المصادر الشيعية فهو صحيح، وأما أنه موثَّق من قبل الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرَجه الشريف فهو غير صحيح، لأن ذلك لم يثبت عنه بسند معتبر، وإنما هو كلام قيل، ولا أصل له.

والمذكور في مقدمة الطبعة الجديدة من كتاب الكافي للدكتور حسين علي محفوظ هو أن بعض العلماء يعتقد أن الكافي عُرض على القائم عليه السلام فاستحسنه، وقال: كافٍ لشيعتنا.

وهو خبر ضعيف بالإرسال، بل هو باطل في نفسه، لأن كتاب الكافي ليس كافياً للشيعة، ولهذا اعتنى العلماء بغيره من كتب الحديث الأخرى المكمِّلة له، وهذا أمر معلوم غير قابل للإنكار.

على أن مقدمة الكافي المزبورة لم يَرِد فيها أن الكافي عُرض على القائم عليه السلام في السرداب كما قاله الكاتب، ولكن لما أراد الكاتب أن يطعن في الإمام المنتظر عليه السلام طعناً مبطَّناً، ذكر قضية العرض في السرداب التي لا يقول بها أحد، وهذا دليل يضاف إلى ما سبق من الأدلة على أن كاتب كتاب (لله ثم للتاريخ) لم يكن شيعياً، فضلاً عن أن يكون واحداً من علماء الشيعة.

أثر العناصر الأجنبية في صنع التشيع ..................................................................... 573

قال الكاتب: قال السيد المحقق [كذا] عباس القمي: ( الكافي هو أجل الكتب الإسلامية، وأعظم المصنفات الإمامية، والذي لم يُعْمَلْ للإمامية مثله )، قال المولى محمد أمين الاسترابادي في محكي فوائده: (سمعنا من مشايخنا وعلمائنا أنه لم يصنف في الإسلام كتاب يوازيه أو يُدانيه). الكني والانقاب [كذا] 3/98.

وأقول: أما أن كتاب الكافي لم يصنَّف مثله فلا إشكال فيه ولا ريب يعتريه ، وليس هذا مقام إثباته وبيانه، ولكن نود أن نلفت نظر القارئ الكريم إلى أن مدعي الاجتهاد والفقاهة قد أخطأ في تسمية الكتاب الذي نقل عنه، فذكره على غير الوجه الصحيح ، مع أن اسمه الصحيح: (الكُنَى والألقاب).

ثم إن الشيخ عباس القمي رحمه الله ليس سيِّداً، كما أنه ليس محقِّقاً، وإنما هو على جلالته محدِّث، وهذه أول مرة أرى من يصف الشيخ عباس القمي بهذا الوصف الغريب في حقه رحمه الله ، وهذا كاشف على بُعْد الرجل عن الجو الحوزوي كما صرَّحنا به مكرَّراً.

قال الكاتب: ولكن اقرأ معي هذه الأقوال: قال الخوانساري: ( اختلفوا في كتاب الروضة الذي يضم مجموعة من الأبواب: هل هو أحد كتب الكافي الذي هو من تأليف الكليني، أو مزيد عليه فيما بعد؟ ) روضات الجنات 6/118.

وأقول: لم نعثر على هذه الكلمة في روضات الجنات في ترجمة الكليني قدس سره ، مع أنّا عثرنا على الكلمة الآتية التي نقلها الكاتب عن السيد حسين الكركي، فكان من اللازم أن نجد كلمة الخوانساري بعد أربع صفحات من كلمة الكركي بناءاً على أرقام الصفحات التي ذكرها الكاتب، إلا أنّا لم نر لها عيناً ولا أثراً.

574 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

وعلى فرض وجودها فيه فمعناها هو أن بعضهم أنكر كون كتاب الروضة أحد أجزاء الكافي، وادَّعى أنه أُلحق بأجزاء الكافي مع أنه كان كتاباً آخر مستقلاً للكليني رحمه الله ، وهذا لا إشكال فيه على مضامين كتاب الروضة، وإنما هو تشكيك في أن الروضة من ضمن الكافي أو مستقل عنه.

نعم ذكر الخوانساري في روضات الجنات نقلاً عن صاحب كتاب التوضيح قوله: ( وقد يُنكر كون كتاب الروضة أيضاً من جملة كتب الكليني ، من جهة عدم اتصال سندنا إليه أو غير ذلك) (1).

وجوابه: أن ما ذكره صاحب كتاب التوضيح مجرد احتمال، لا أنه قول في المسألة.

ثم إن النجاشي والشيخ الطوسي قد ذكرا كتاب الروضة في جملة كتب الشيخ الكليني رحمه الله ، وساقا سندهما إلى كتب الكليني كلها (2)، فلا يعتد حينئذ بما قاله غيرهما، ولا سيما أنّا لم نعرف صاحب كتاب التوضيح من هو، فإن الخوانساري لم يذكره باسمه، وإنما قال إنه ذكره في ذيل ترجمة أبي العباس الضرير، مع أنه قدس سره لم يذكر ترجمةً لأبي العباس الضرير (أحمد بن الحسن الإسفرائني، أو أحمد بن إصفهبد القمي)، فراجع وتأمل.

قال الكاتب: قال الشيخ الثقة السيد [كذا] حسين بن السيد حيدر الكركي العاملي المتوفى 460 هـ:

 

(1) روضات الجنات 6/111.

(2) رجال النجاشي 2/291، 292. الفهرست للطوسي، ص 210-211.  
 

أثر العناصر الأجنبية في صنع التشيع ................................................................ 575

( إن كتاب الكافي خمسون كتاباً بالأسانيد التي فيه لكل حديث متصل بالأئمة عليهم السلام ) روضات الجنات 6/114. بينما يقول السيد [كذا] أبو جعفر الطوسي المتوفي 460 هـ: (إن كتاب الكافي مُشْتَمِلٌ على ثلاثين كتاباً). الفهرست ص 161.
يتبين لنا من الأقوال المتقدمة أن ما زيد على الكافي ما بين القرن الخامس والقرن الحادي عشر، عشرون كتاباً وكل كتاب يضم الكثير من الأبواب، أي أن نسبة ما زيد في كتاب الكافي
طيلة هذه المدة يبلغ 40% عدا تبديل الروايات، وتغيير ألفاظها، وحذف فقرات، وإضافة أخرى، فمن الذي زاد في الكافي عشرين كتاباً ؟... أيمكن أن يكون إنساناً نزيهاً ؟؟!! وهل هو شخص واحد أم أشخاص كثيرون تتابعوا طيلة هذه القرون على الزيادة والتغيير والتبديل والعبث به ؟؟!!
ونسأل: أما زال الكافي مُوَثّقاً من قِبَلِ المعصوم الذي لا يخطئ ولا يغلط ؟؟!!

وأقول: من المضحكات أن الكاتب وصف الشيخ الطوسي قدس سره بأنه (سيِّد)، ووصف الشيخ حسين الكركي العاملي بأنه الشيخ الثقة السيد.
فكيف يكون الرجل شيخاً وسيِّداً في آن واحد؟!

فهل يبقى بعد هذا أدنى شك عند منصف بأن هذا الكاتب ليس شيعياً، وإنما هو مدلِّس نفسه في الشيعة؟

وأما ما يرتبط بزعمه زيادة أحاديث في كتاب الكافي فنقول: ليت مدَّعي الاجتهاد والفقاهة قد بذل بعض الجهد فنظر هل كتاب الكافي الموجود بين أيدينا خمسون كتاباً أو ثلاثون، ليتبين له ولغيره بالدليل أن الكافي قد زيد فيه هذا الكم الهائل الذي ادَّعاه.

وليته ساق لنا هذه الكتب التي زعم أنها زيدت في الكافي، وذكر لنا عدد أحاديثها، بدلاً من حساب الأحاديث بالأبواب، ولا سيما أن أبواب كتاب الكافي تتفاوت في عدد أحاديثها، وحساب الأحاديث لن يكلّفه مزيد مؤونة، لأن طبعة كتاب الكافي المتداولة قد اشتملت على حصر أحاديث كل كتاب.

576 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

ولعل السبب في ذلك أن الكاتب يعلم أن عدد أبواب الكافي لا يزال ثلاثين كما ذكر الشيخ الطوسي، لم يُزَد فيها ولم يُنقَص منها، وما نُقل عن الكركي من أنها خمسون كتاباً هو اشتباه محض.

وحتى يتضح الأمر للقارئ العزيز فإني سأنقل كلمة الشيخ الطوسي في الفهرست التي ذكر فيها أبواب كتاب الكافي، وسأرقِّم الأبواب التي ذكرها على حسب ترتيب أبواب الكافي المذكورة في الطبعة المتداولة المحقَّقة بواسطة علي أكبر الغفاري، والمطبوعة سنة 1380هـ، لنرى هل بينهما تطابق أو اختلاف، فأقول:
قال الشيخ الطوسي في الفهرست:

محمد بن يعقوب الكليني، يُكنَّى أبا جعفر، ثقة عارف بالأخبار، له كتب، منها: كتاب الكافي، وهو يشتمل على ثلاثين كتاباً: أوله
(1) كتاب العقل
(2) وفضل العلم،
(3) وكتاب التوحيد،
(4) وكتاب الحجة،
(5) وكتاب الإيمان والكفر،
(6) وكتاب الدعاء،
(7) وكتاب فضل القرآن،
(8) وكتاب الطهارة والحيض،
(10) وكتاب الصلاة،
(11) وكتاب الزكاة،
(12) وكتاب الصوم،
(13) وكتاب الحج،
(16) وكتاب النكاح،
(17) وكتاب الطلاق،
(18) وكتاب العتق والتدبير والمكاتبة،
(29) وكتاب الأيْمان والنذور والكفارات،
(15) وكتاب المعيشة،
(27) وكتاب الشهادات،
(28) وكتاب القضايا والأحكام،
(9) وكتاب الجنائز،
(×) وكتاب الوقوف والصدقات،
(19) وكتاب الصيد والذبايح،
(20) وكتاب الأطعمة والأشربة،
(22) وكتاب الدواجن والرواجن،
(21) وكتاب الزي والتجمل،
(14) وكتاب الجهاد،
(23) وكتاب الوصايا،
(24) وكتاب الفرائض،
(25) وكتاب الحدود،
(26) وكتاب الديات،
(30) وكتاب الروضة آخر كتاب الكافي
(1).
وأما أجزاء كتاب الكافي وما اشتملت عليه من كتب فهي كالتالي:

 

(1) الفهرست، ص 210.

 
 

أثر العناصر الأجنبية في صنع التشيع ................................................................ 577

الجزء الأول: أحاديثه 1437 حديثاً، وهو مشتمل على الأبواب التالية:
1- كتاب العقل والجهل: من صفحة 10 - 29.
2- كتاب فضل العلم: من صفحة 30 - 71.
3- كتاب التوحيد: 72 - 167.
4- كتاب الحجة: من صفحة 168 إلى آخر الجزء.
الجزء الثاني: أحاديثه 2346 حديثاً، وهو مشتمل على الأبواب التالية:
5- كتاب الإيمان والكفر: من صفحة 2 - 464.
6- كتاب الدعاء: من صفحة 465 - 596.
وهذا الكتاب لم يذكره النجاشي، ولكن ذكره الشيخ الطوسي، ولعله سقط من تعداد النجاشي، أو سقط من النساخ، أو لعله رأى أنه مندرج في كتاب الإيمان والكفر.
7- كتاب فضل القرآن: من صفحة 596 - 634.
- كتاب العشرة: من صفحة 635 إلى آخر الجزء. وهو كتاب لم يذكره الشيخ الطوسي، ولكن ذكره النجاشي في رجاله
(1).
الجزء الثالث: أحاديثه 2049 حديثاً، وهو يشتمل على الأبواب التالية:
8- كتاب الطهارة: من صفحة 1 - 74.
كتاب الحيض: من صفحة 75 - 110.
وهذان الكتابان جعلهما الشيخ كتاباً واحداً، فقال: كتاب الطهارة والحيض.
9- كتاب الجنائز: من صفحة 111 - 263.
10- كتاب الصلاة: من صفحة 264 - 495.

 

(1) رجال النجاشي 2/210.

 
 

578 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

11- كتاب الزكاة: من صفحة 496.
الجزء الرابع: أحاديثه 2188 حديثاً، وهو مشتمل على الأبواب التالية:
تتمة كتاب الزكاة (أبواب الصدقة): من صفحة 2 - 60.
12- كتاب الصيام: من صفحة 62 - 183.
13- كتاب الحج: من صفحة 184 إلى آخر الجزء.
الجزء الخامس: أحاديثه 2200 حديثاً، وهو مشتمل على الأبواب التالية:
14- كتاب الجهاد: من صفحة 2 - 64.
15- كتاب المعيشة: من صفحة 65 - 319.
16- كتاب النكاح: من صفحة 320 إلى آخر الجزء.
الجزء السادس: أحاديثه 2655 حديثاً، وهو مشتمل على الأبواب التالية:
- كتاب العقيقة: من صفحة 2 - 53، وهو كتاب لم يذكره الشيخ الطوسي، ولكن ذكره النجاشي مع كتاب النكاح، فقال: كتاب النكاح والعقيقة
(1).
17- كتاب الطلاق: من صفحة 54 - 176.
18- كتاب العتق والتدبير والمكاتبة: من صفحة 177 - 201.
19- كتاب الصيد: من صفحة 202 - 226. كتاب الذبائح: من صفحة 227 - 241. وهذان الكتابان جعلهما الشيخ كتاباً واحداً.
20- كتاب الأطعمة: من صفحة 242 - 379.
كتاب الأشربة: من صفحة 380 - 437.
وهذان الكتابان جعلهما الشيخ أيضاً كتاباً واحداً.

 

(1) رجال النجاشي 2/210.

 
 

أثر العناصر الأجنبية في صنع التشيع ................................................................ 579

21- كتاب الزي والتجمل والمروءة: من صفحة 438 - 534.
22- كتاب الدواجن: من صفحة 535 إلى آخر الجزء.
الجزء السابع: أحاديثه 1704 حديثاً، وهو مشتمل على الأبواب التالية:
23- كتاب الوصايا: من صفحة 2 - 69.
24- كتاب المواريث: من صفحة 70 - 176. والشيخ أسماه: كتاب الفرائض.
25- كتاب الحدود: من صفحة 174 - 270.
26- كتاب الديات: من صفحة 271 - 377.
27- كتاب الشهادات: من صفحة 378 - 405.
28- كتاب القضاء والأحكام: من صفحة 406 - 433.
29- كتاب الأيمان والنذور والكفارات: من ص 434 إلى آخر الجزء.
الجزء الثامن:
30- كتاب الروضة: أحاديثه 597 حديثاً.
هذه هي كل أبواب الكافي، والشيخ رحمه الله لم يذكر كتاب العشرة وكتاب العقيقة، وزاد كتاباً واحداً لا يوجد في الطبعة الموجودة بأيدينا، وهو كتاب الوقوف والصدقات، فعدَّها ثلاثين كتاباً.

والحاصل أن أبواب كتاب الكافي الموجود بأيدينا قد ذكرها الشيخ الطوسي كلها في كتاب الفهرست، إلا كتاب العشرة وكتاب العقيقة، وهما كتابان قد ذكرهما النجاشي في رجاله، وهذا دليل على أنهما لم يزادا بأخرة.

بينما زاد الشيخ كتاباً لا ذكر له في الطبعة الموجودة أيدينا، وهو كتاب الوقوف والصدقات، وهو كتاب لم يذكره النجاشي في جملة أبواب كتاب الكافي، وهذا إن ثبت دلَّ على نقصان الطبعة المتداولة عندنا لا زيادتها، إلا أن الظاهر أنه اشتباه من الشيخ،

580 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

والمعوَّل على ما نقله النجاشي، لأنه أضبط من الشيخ في نقله.

وبهذا كله يتضح أن الكافي لم يُزد فيه كتاب واحد فضلاً عن عشرين كتاباً كما زعم الكاتب.

 
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب