654 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

ثانياً: أن الكاتب ليس فقيهاً مجتهداً:

كل قارئ واعٍ يستنتج من خلال تأمله في كتاب (لله ثم للتاريخ) أن كاتبه ليس عالماً فاضلاً، فضلاً عن أن يكون فقيهاً مجتهداً، ويدل على ذلك أمور:
1- أن الكاتب لم يُثْبِت لنا اجتهادَه إلا بمجرد الادِّعاء بأن الشيخ كاشف الغطاء قد أجازه بالاجتهاد، وبالدعاوى لا تثبت الأمور، ولا يمكن التسليم له بها، فإن المدَّعين كثيرون، والمهم هو إثبات الادِّعاء بالأدلة الصحيحة.

هذا مع أن الإجازة لا تجعل غير المجتهد مجتهداً، ولا تصير العامي فقيهاً وإن كانت قد تكشف أحياناً عن اجتهاد الحاصل على الإجازة، ولهذا سمعنا عن مراجع تقليد لا يُشَك في اجتهادهم، ولكنهم مع ذلك لا يحملون أية إجازة.

2- أن حوادث كثيرة نقلها الكاتب ـ بزعمه ـ تدل على أنه كان مجرد سائل لا مجتهداً، فقد قال في ص 9: وسألت السيد محمد الحسين آل كاشف الغطاء عن ابن سبأ فقال: إن ابن سبأ خُرافة وضعها الأمويون والعباسيون ... وفي ص 26 قال: لما سألتُ الإمام الخوئي عن قول أبي عبد الله للمرأة بتولي أبي بكر وعمر، قال: إنما قال لها ذلك تَقِيَّة!!
وفي ص 42 قال: سألتُ الإمام الخوئي عن قول أمير المؤمنين في تحريم المتعة يوم خيبر، وعن قول أبي عبد الله في إجابة السائل عن الزواج بغير بينة أكان معروفاً على عهد النبي (ص) ؟
وفي ص 80 قال: وقد سألت مولانا الراحل الإمام الخوئي عن الجفر الأحمر، من الذي يفتحه؟ ودم مَن الذي يُراق؟ وغيرها كثير وكثير.. ولا نجده يدَّعي ولو مرة واحدة بأنه ناقش الخوئي أو غيره، مع أن تلامذة الخوئي كانوا يناقشونه في آرائه، والكاتب ـ لو سلَّمنا بصحة

ملاحظات ونتائج مستَخلَصة ........................................................................... 655

حكاياته ـ كان يسأل ويسكت ساخطاً متذمِّراً، وليس هذا دأب المجتهدين الذين حازوا رتبة الاجتهاد (بتفوق) كما يزعم.

3- أن الكاتب يحتج بكل حديث يقع تحت نظره ، من غير تفريق بين الحديث الصحيح والضعيف، فلا تجده في كل كتابه يصف حديثاً واحداً بأنه صحيح، أو ضعيف، أو حسن، أو موثّق.

ومعرفة الأحاديث واعتبارها أول آلات الاجتهاد، فإن من لا يميِّز بين المعتبر من الأحاديث وغيره كيف يتأتى له أن يستنبط الأحكام الشرعية من الأحاديث المروية؟

4- أن الكاتب في كل استنتاجاته التي وصل إليها قد أخذ ببعض الأحاديث، ورتّب عليها النتائج، من دون نظر في الأحاديث الأخرى المعارضة لها ومحاولة الجمع بينها وترجيح بعضها على بعض.

والجمع بين الأخبار أو ترجيح بعضها من أهم آلات الاستنباط التي لا يستغني عن معرفتها فقيه، فمع عدم الالتفات إليها كيف يصح استنباطه واستدلاله؟!

5- أن الكاتب قد وقعت منه أغلاط كثيرة جداً لا يقع فيها الفقهاء المجتهدون.
\

منها: أنه في كل كتابه لم يميِّز بين الشيخ والسيِّد كما مرَّ بيانه، وأنه يطلق على العلماء (سادة) حتى لو لم يكونوا منتسبين للذرية الطاهرة.

ومنها: أنه في ص 10 أسمى كتاب الكشي: (معرفة أخبار الرجال)، مع أن اسمه (اختيار معرفة الرجال)، وهذا لا يخفى على صغار طلبة العلم فضلاً عن العلماء.

ومنها: أنه في ص 13 نسب كتاب (جامع الرواة) للمقدسي الأردبيلي، مع أنه لمحمد بن علي الأردبيلي الحائري.

ومنها: أنه في ص 13 ذكر من ضمن المصادر التي ذكرتْ عبد الله بن سبأ (التحرير للطاووسي)، مع أنه (التحرير الطاووسي) للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني صاحب المعالم.

ومنها: أنه في ص 13 أمر قارئه بالنظر في كتب من جملتها كتاب (حل الإشكال) للسيد أحمد بن طاووس، مع أن هذا الكتاب لا وجود له في هذه الأزمان.

ومنها: أنه في ص 13 وصف السيد مرتضى العسكري بأنه من الفقهاء، والسيد العسكري ليس معروفاً بالفقاهة، وإن كان معروفاً بكونه باحثاً محققاً متتبعاً.

656 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

ومنها: أنه أسمى ابن أبي يعفور بابن أبي اليعفور (بالألف واللام) في ص 49، 79، وفي ص 50 قال: إن رواية أبي اليعفور.
والخطأ المتكرر في اسم هذا الراوي لا يُتوقَّع حدوثه من فقيه عرف الرجال وضبط أسماءهم.

ومنها: أن الكاتب يظن أن الحوزة هي بناء من أبنية النجف الأشرف أشبه ما يكون بحرم جامعي فيها، وهذا واضح في كلماته.

فقد قال في ص 52: (كنا أحد الأيام في الحوزة، فوردت الأخبار بأن سماحة السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي قد وصل بغداد، وسيصل إلى الحوزة... ولما وصل النجف زار الحوزة).

وقال في ص 55: (ضُبِطَ أحدُ السادة في الحوزة وهو يلوط بصبي أمرد).

وقال في ص 70: (وأرى من الضروري أن أذكر قول آية الله العُظْمَى الإمام الخميني في المسألة، فإنه كان قد تحدث عنها في محاضرات ألقاها على مسامعنا جميعاً في الحوزة عام 1389 هـ).

مع أن الحوزة ليست كذلك، بل هي نظام الدراسة المتَّبع في النجف، فمن يقول: (درستُ في الحوزة)، يريد أنه درس العلوم الدينية المتعارفة، سواءاً أكانت

ملاحظات ونتائج مستَخلَصة ........................................................................... 657

دراسته في مسجد أو منزل أو مدرسة، فإن النجف الأشرف كلها حوزة.

ومنها: أنه في ص 65 نسب كتاب (ضياء الصالحين) إلى السيّد الخوئي، مع أنه كتاب معروف في الأدعية والزيارات للحاج محمد صالح الجوهرچي، وكتاب السيّد الخوئي هو (منهاج الصالحين)، ولكثرة مزاولة الناس للكتابين المذكورين لا يُتصوَّر خطأ العوام فيهما فضلاً عن طلبة العلم.

 
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب