الخاتمــة............................................................................................. 639

الخاتمة

قال الكاتب: بعد هذه الرحلة المرهقة في بيان الحقائق المؤلمة، ما الذي يجب عليَّ فعْلُه؟ هل أبقى في مكاني ومنصبي وأجمع الأموال الضخمة من البسطاء والسُّذَّج باسم الخُمس والتبرعات للمَشاهد، وأركب السيارات الفاخرة (!!) وأتمتع بالجميلات؟ أم أترك عَرَضَ الدنيا الزائل، وأبتعد عن هذه المحرمات، وأصدع بالحق - لأن الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس-؟.

وأقول: لقد انكشف للقارئ الكريم أن ما سمَّاه الكاتب حقائق مؤلمة هي في حقيقتها أكاذيب مؤلمة، وافتراءات باطلة، لأن الكاتب لم يثبت لقارئه صحَّة حديث واحد احتج به، ولم يثبت له أن قصصه وحكاياته كانت صادقة.

بل قد اتَّضح للقارئ العزيز أن الكاتب لم يكن شيعيًّا، فضلاً عن أن يكون عالماً، بل هو رجل متحامل مفترٍ، وأنه كان يتصيَّد من الأحاديث ما يظن أنه يحقق بها غايته، ويصل إلى بغيته، ولكن الله قد كشف ستره، وأبدى عواره، فوقع في أخطاء فادحة، أزاحت القناع عن وجهه، فبدا واضحاً على حقيقته بحمد الله وفضله ونعمته.

640 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

ثم أي منصب هذا الذي ذكره الكاتب لنفسه؟
هل يعتبر الكاتبُ المكانةَ العلمية أو الاجتماعية منصباً؟

ثم إذا كان الكاتب لم يُفصح عن اسمه الحقيقي، وقرَّر البقاء في النجف والعمل فيها صابراً محتسباً ذلك عند الله كما ذكر في ص 7، فكيف ترك منصبه مع أنه بزعمه إلى الآن لا يزال يمارس كل مهامّه كعالم شيعي في الظاهر وكعدُوٍّ لهم في الباطن؟!

وإذا كان الكاتب بزعمه قد أدرك السيد علي دلدار صاحب كتاب ( أساس الأصول ) فإن عمره كما أسلفنا قد زاد على المائتين، ومن كان طاعناً في السن هكذا فلا مأرب له في الجميلات حتى يزعم أنه تركهن قربة إلى الله تعالى؟!

ثم إن العلماء لا دخل لهم في الأموال التي تُلقى في المشاهد المشرَّفة ، وإنما تأخذها الدولة وتتصرف فيها بحسب ما تراه هي، وهذا يعرفه كل الناس، فما بال مدعي الفقاهة والاجتهاد قد غاب عنه هذا الأمر الواضح؟!

قال الكاتب: لقد عرفت أن عبد الله بن سبأ اليهودي هو الذي أَسَّسَ التشيع، وفَرَّقَ المسلمين، وجعل العداوة والبغضاء بينهم بعد أن كان الحب والإيمان يجمع بينهم، ويؤلف قلوبهم وعرفت أيضاً ما صنعه أجدادنا - أهل الكوفة - بأهل البيت ، وما رَوَتْهُ كتبنا في نبذ الأئمة، والطعن بهم، وضَجَر أهل البيت من شيعتهم كما سبق القول، ويكفي قول أمير المؤمنين رضي الله عنه في بيان حقيقتهم: (لو ميزتُ شيعتي لما وجدتُهم إلا واصلة [كذا]، ولو امتحنتُهم لما وجدتُهم إلا مرتدين، ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد) الكافي 8/338.
وعرفت أنهم يُكَذِّبون الله تعالى، فإن الله تعالى بين أن القرآن الكريم لم تعبث به

الخاتمــة............................................................................................. 641

الأيادي، ولن تقدر لأن الله تَكَفَّلَ بحفظه، وأما فقهاؤنا فيقولون إن القرآن مُحَرَّفٌ، فيردون بذلك قول الله تعالى، فمن أُصَدِّقُ؟ أَأُصَدِّقُهُم؟ أم أُصَدِّقُ الله تعالى؟ وعرفتُ أن المتعة مُحَرَّمةٌ، ولكن فقهاءَنا أباحوها، وجَرَّتْ إباحتها إلى إباحة غيرها كان آخرها اللواطة بالمردان من الشباب!! وعرفت أن الخمس لا يجب على الشيعة دفعه ولا إعطاؤه للفقهاء والمجتهدين بل هو حِلٌّ لهم حتى يقوم القائم، ولكن فقهاءَنا هم الذين أوجبوا على الناس دفعه بإخراجه، وذلك لمآربهم - أي الفقهاء - الشخصية ومنافعهم الذاتية.
وعرفت أن التشيع قد عبثت به أيادٍ خفية هي التي صنعت فيه ما صنعت كما أوضحنا في الفصول السابقة، فما الذي يُبْقِيني في التشيع بعد ذلك؟ ولهذا ورد عن محمد بن سليمان عن أبيه قال: قلتُ لأبي عبد الله (رض) : ( جُعلْتُ فداكَ، فأنا قد نبزنا نبزاً أثقل ظهورنا، وماتت له أفئدتنا، واستَحَلَّتْ له الوُلاة دِماءَنا في حديث رواه لهم فقهاؤُهم.
قال أبو عبد الله (رض) : الرافضة؟ فقلت: نعم.
قال: لا والله ما هم سموكم به، ولكن الله سماكم به) روضة الكافي 5/34.
فإذا كان أبو عبد الله قد شهد عليهم بأنهم رافضة - لرفضهم أهل البيت، وأن الله تعالى سماهم به، فما الذي يبقيني معهم؟

وأقول: هذا كله ملخَّص النتائج التي يزعم أنه توصَّل إليها، وقد رددنا عليها كلها بالتفصيل، وأوضحنا ما فيها من الكذب والافتراء بما لا مزيد عليه، فلا حاجة لتكرار الجواب عليها مرة ثانية.

والكاتب قد ذكر إلى هنا عدة نقاط دعته إلى التخلي عن مذهب الشيعة الإمامية، مع أن جملة منها لا يستدعي هذا التحول المزعوم، مثل فتوى الفقهاء بوجوب دفع الخمس في عصر الغيبة، وقولهم بتحريف القرآن وإباحتهم المتعة

642 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

وغيرها، لأنه إذا كان فقيهاً كما يزعم فيمكنه أن يفتي بسقوط الخمس عن الشيعة في زمن الغيبة كما أفتى بذلك بعض فقهاء الشيعة، كما أنه يمكنه ألا يقول بتحريف القرآن كما عليه عامة فقهاء الشيعة كما أوضحناه فيما تقدم.

قال الكاتب: وعن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله يقول: (لو قام قائمنا بدأ بكذابي الشيعة فقتلهم) رجال الكشي ص 253 ترجمة ابن [كذا] الخطاب، لماذا يبدأ بكذابي الشيعة فيقتلهم؟
يقتلهم قبل غيرهم لقباحة ما افتروه وجعلوه ديناً يتقربون به إلى الله تعالى به كقولهم بإباحة المتعة واللواطة، وقولهم بوجوب إخراج خمس الأموال، وكقولهم بتحريف القرآن، والبداء لله
تعالى، ورجعة الأئمة، وكل السادة والفقهاء والمجتهدين يؤمنون بهذه العقائد وغيرها، فمن منهم سينجو من سيف القائم ـ عَجَّلَ الله فَرَجَه ـ؟؟!!

وأقول: بعد الغض عن سند هذا الحديث والتسليم به، فإن الكاتب حمَّل الحديث فوق ما يحتمله، وفسَّره بحسب ما يحب.
والشيعة اسم عام يعم الشيعة الإمامية والإسماعيلية والزيدية وغيرهم، كما يعم من انتحل التشيع كذباً ثم انحرف عن خط أهل البيت عليهم السلام كأبي الخطاب والمغيرة بن سعيد وأحمد بن هلال العبرتائي وابن أبي العزاقر وغيرهم من المنحرفين الذين يدَّعون التشيع لأهل البيت عليهم السلام، وأهل البيت منهم برآء، ولهذا أورد الكشي هذا الخبر تحت عنوان (ما روي في محمد بن أبي زينب...)، المعروف بأبي الخطاب الذي تنتسب إليه الفرقة التي سُمِّيت بالخطابية، وقد وردت أحاديث عن الإمام الصادق عليه السلام بلعنه والدعاء عليه بأن يذيقه الله حر الحديد.

ففي معتبرة جعفر بن عيسى بن عبيد وأبي يحيى الواسطي، قال: قال أبو الحسن

الخاتمــة............................................................................................. 643

الرضا عليه السلام : كان بنان يكذب على علي بن الحسين عليه السلام، فأذاقه الله حرَّ الحديد، وكان المغيرة بن سعيد يكذب على أبي جعفر عليه السلام، وكان أبو الخطاب يكذب على أبي عبد الله عليه السلام، فأذاقه الله حرَّ الحديد، والذي يكذب عليَّ محمد بن فرات (1).

فالكذابون إذن هم الذين ادَّعوا على الأئمة عليهم السلام كذباً أنهم وكلاؤهم أو سفراؤهم، أو غالوا فيهم، أو نسبوا إليهم عليهم السلام أباطيل وأضاليل يريدون بها تضليل الشيعة وإفساد الشريعة، فلعنهم الأئمة عليهم السلام وحكموا بكفرهم وتبرؤوا منهم.

هؤلاء هم الكذَّابون المعنيون في الحديث، لا رواة أحاديث الأئمة عليهم السلام الذين تلقوا عنهم علومهم، وأخذوا بأقوالهم، وشايعوهم في السِّر والعلانية، فهؤلاء هم شيعتهم الذين مدحوهم في

أحاديثهم التي ذكرنا بعضاً منها في مدح زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العجلي وأبي بصير وغيرهم من أجلاء الرواة، والأحاديث المروية في مدحهم ومدح غيرهم كثيرة.

وهذا المعنى يمكن استفادته من بعض أحاديث أهل السنة ، فقد أخرج أبو يعلى في مسنده عن أبي الجلاس، قال: سمعت عليًّا يقول لعبد الله السبائي: ويلك، والله ما أفضى إليَّ بشيء كتمه أحداً من الناس، ولكن سمعته يقول: ( إن بين يدي الساعة ثلاثون كذَّاباً )، وإنك لأحدهم (2).

والأحاديث الناصَّة على الكذابين الثلاثين كثيرة في مصادر أهل السنة، مع أن الكذابين كثيرون كما تشهد بذلك كتب الرجال والتراجم والسِّيَر، وبقرينة عَدِّ الدجال والأسود العنسي ومسيلمة منهم، ووصفهم في بعض الأحاديث بأنهم كلهم يدعي النبوة، يفهم أن المراد بالكذابين هم المنتحلين أموراً عظيمة كالنبوة أو الذين يضللون فئات كثيرة من الناس كالدجَّال وغيره، لا الرواة الذين كذبوا على رسول الله (ص) فإنهم كثيرون جداً، لا ثلاثون فقط.

 

(1) اختيار معرفة الرجال 2/591.
(2) مسند أبي يعلى 1/218. مجمع الزوائد 7/333، قال الهيثمي: رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات.

 
 

644 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

وأما أن القائم يبدأ بالكذابين من الشيعة أولاً فيقتلهم، فيرجع سببه إلى أن كذب هؤلاء أقبح من كذب غيرهم، لأن الكذب على المذهب الحق أشنع من الكذب على المذاهب الباطلة، ولأنه قد ورد في بعض الأخبار أن القبيح من غير الشيعة قبيح ومن الشيعة أقبح، لمكان الشيعة من أهل البيت عليهم السلام .

ولا يخفى أن الحديث لا يدل بأية دلالة على أن أهل السنة أو غيرهم لا كذاب فيهم، أو أن كتبهم خالية من الكذب، أو أن عقائدهم كلها صحيحة، لأن الحديث لم يكن في صدد البيان من هذه الناحية كما هو واضح.

قال الكاتب: وعن أبي عبد الله (رض) قال : ( ما أنزل الله سبحانه آية في المنافقين إلا وهي فيمن يَنْتَحِلُ التَّشَيُّع ). رجال الكشي ص 254 أبي الخطاب. صدق أبو عبد الله بأبي هو وأمي، فإذا كانت الآيات التي نزلت في المنافقين منطبقة على مَن ينتحل التشيع، فكيف يمكنني أن أبقى معهم؟؟.
وهل يصح بعد هذا أن يدَّعوا أنهم على مذهب أهل البيت؟؟. وهل يصح أن يدَّعوا محبة أهل البيت؟.

وأقول: سند هذه الرواية هو: خالد بن حماد، قال: حدثني الحسن بن طلحة، رفعه عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن يزيد الشامي.

وهي رواية مرفوعة كما هو واضح، مضافاً إلى أن هذا الحديث اشتمل على مجموعة من المجاهيل، فإن خالد بن حماد والحسن بن طلحة وعلي بن يزيد الشامي مُهمَلون، لم يرد لهم ذكر في كتب الرجال، ومحمد بن إسماعيل مشترك لا يُعرَف من هو.
والنتيجة أن سند هذه الرواية مظلم جداً، فكيف عوَّل الكاتب على مثل هذه

الخاتمــة............................................................................................. 645

الرواية الضعيفة جداً؟ ثم إن المراد بمن انتحل التشيع يعني من ادَّعاه وهو ليس من الشيعة.

قال المجلسي قدس سره في (بحار الأنوار): تبيان: (من ينتحل التشيع) أي يدَّعيه من غير أن يتَّصف به، وفي غير الكافي: (انتحل). في القاموس: (انتحله وتنحله: ادَّعاه لنفسه وهو لغيره) (1).

قلت: إن وجود منافقين فيمن يدَّعي التشيع لا يعني أن الشيعة كلهم منافقون، كما أن وجود منافقين فيمن صحب رسول الله (ص) لا يستلزم أن يكونوا كلهم منافقين، وهذا واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.

والعجيب أن الكاتب تمسَّك بهذا الحديث الضعيف لتضليل الشيعة كلهم، لدلالته على أن آيات المنافقين تنطبق على بعض من يدَّعي التشيع، وتغاضى في نفس الوقت عن الآيات القرآنية التي نزلت في منافقين يدَّعون الصحبة، فلم يرَ فيها أي غضاضة على كل الصحابة ولا على بعضهم.

وما عشت أراك الدهر عجباً!!

قال الكاتب: لقد عرفتُ الآن أجوبةَ تلك الأسئلة التي كانت تحيرني وتشغل بالي.

وأقول: لقد اتضح للقارئ العزيز أن الكاتب جمع حقائقه من أحاديث ضعيفة وأخرى مختلقة، وأخرى لم يفهمها على وجهها، ورابعة لم يحسن الجمع بينها وبين ما يعارضها، فأخذ بإحدى الطائفتين المتعارضتين من دون مرجِّح صحيح، فكان أخذه بالأحاديث أخذاً انتقائيًّا موافقا للتوجُّه والهوى، فأية حقائق هذه التي توصل إليها

 

(1) بحار الأنوار 70/98.

 
 

646 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

هذا الكاتب المدَّعي للفقاهة والاجتهاد؟!

ومما ينبغي بيانه في هذا المقام أن مدَّعي الاجتهاد لم يثبت لقارئه صحة مذهب أهل السنة الذي انقلب إليه، فإنا لو سلَّمنا بكل مزاعمه وأقررنا ببطلان مذهب الشيعة الإمامية فإن ذلك لا يثبت صحة مذهب أهل السنة، إذ لعل الحق في مذهب ثالث غيرهما، وهذه فجوة عظيمة لم يلتفت إليها الكاتب الذي جعل انتقاداته على مذهب الشيعة دليلاً على صحة مذهب أهل السنة.

قال الكاتب: بعد وقوفي على هذه الحقائق وعلى غيرها، أخذتُ أبحثُ عن سبب كوني وُلِدتُ شيعياً، وعن سبب تَشَيُّع أهلي وأقربائي، فعرفت أن عشيرتي كانت على مذهب أهل السنة، ولكن قبل حوالي مئة وخمسين سنة جاء من إيران بعض دعاة التشيع إلى جنوب العِراق، فاتصلوا ببعض رؤساء العشائر، واستغلوا طيب قلوبهم، وقلة علمهم، فخدعوهم بِزُخْرُفِ القول، فكان ذلك سبب دخولهم في المنهج الشيعي، فهناك الكثير من العشائر والبطون تَشَيَّعَتْ بهذه الطريقة بعد أن كانت على مذهب أهل السنة.
ومن الضروري أن أذكر بعض هذه العشائر أداءً لأَمانة العلم: فمنهم بنو ربيعة، وبنو تميم، والخزاعل، والزبيدات، والعمير وهم بطن من تميم، والخزرج، وشمرطوكة الدوار، والدفافعة، وآل محمد وهم من عشائر العمارة، عشائر الديوانية وهم
آل أقرع وآل بدير وعفج والجبور والجليحة، وعشيرة كعب، وبنو لام وغيرها كثير. وهؤلاء العشائر كلهم من العشائر العراقية الأصيلة المعروفة في العراق، وهم معروفون بشجاعتهم وكرمهم ونخوتهم، وهم عشائر كبيرة لها وزنها وثقلها ولكن مع الأسف تَشَيَّعوا منذ أكثر من مائة وخمسين سنة بسبب مَوجات دُعاة الشيعة الذين

الخاتمــة............................................................................................. 647

وَفدوا إليهم من إيران، فاحتالوا عليهم، وشَيَّعوهم بطريقة أو بأخرى.

وأقول: هذه الأمور كلها لا تهمنا ولا ترتبط بمعتقدنا من قريب أو بعيد، وسواء أكانت هذه القبائل شيعية من أصلها وبقيت على تشيعها، أم كانت سنية فاستبصرت وصارت شيعية، فإن هذا أمر يرجع لاختيارها، وكل امرئ مرهون بعمله، ومسؤول عن معتقده.

قال الكاتب : ونسيت هذه العشائر الباسلة - رغم تشيعها - أَن سيف القائم ينتظر رقابهم ليفتك بهم كما مر بيانه، إذ أن الإمام الثاني عشر المعروف بالقائم سيقتل العرب شر قتلة رغم كونهم من شيعته، وهذا ما صَرَّحَت به كُتبنا - معاشر الشيعة - فلتنتظر تلك العشائر سيف القائم ليفتك بها!!

وأقول: لقد أوضحنا فيما مرَّ من هم الذين سيقتلهم الإمام المنتظر عليه السلام ومن هم أنصاره وأعوانه، ولا ريب في أن شيعته ومواليه هم أسعد الناس به، فراجع ما قلناه فيما تقدم لئلا نتجشم عناء الإعادة والتكرار.

قال الكاتب: لقد أخذ الله تعالى العهد على أهل العلم أن يبينوا للناس الحق، وها أنا ذا أبينه للناس، وأوقظ النيام، وأنبه الغافلين، وأدعو هذه العشائر العربية الأصيلة أن ترجع إلى أصلها، وألا تبقى تحت تأثير أصحاب العمائم الذين يأخذون منهم أموالهم باسم الخُمس والتبرعات للمشاهد، ويعتدون على شرف نسائهم باسم المتعة، وكل من الخُمس والمتعة مُحَرَّمٌ كما سبق بيانه، وأدعو هذه العشائر الأصيلة لمراجعة تاريخها وتاريخ أسلافها لَيَقِفُوا على الحقيقة التي طَمَسَها الفقهاء والمجتهدون

648 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

وأصحاب العمائم حِرْصاً منهم على بقاءِ منافِعِهم الشخصية. وبهذا أكون قد أَدَّيْتُ جزءاً من الواجب.

وأقول: ونحن بدورنا أيضاً ندعو كل منصف لقراءة ما كتبناه في الرد على هذا الكاتب المدلِّس نفسه في الشيعة، والمدّعي لنفسه الفقاهة والاجتهاد وهو بعيد عنهما كما تبيَّن ذلك بجلاء ووضوح للقارئ الكريم، ليرى القارئ أن كل إشكالات أهل السنة في نقد المذهب الشيعي الإمامي ما هي إلا خيالات واهية، وأكاذيب زائفة، وتلفيقات مفضوحة، وأنهم لم يسلكوا في محاولاتهم اليائسة لإبطال المذهب الشيعي طريق البحث الصحيح والأمانة العلمية، بل سلكوا المسالك المحرَّمة، وانتهجوا الطرق المريبة، فاختلقوا ما شاؤوا من الأكاذيب والأباطيل، وحرَّفوا النصوص وزوَّروها، حتى رموا آخر سهم في كنانتهم، وقذفوا آخر حجر في جعبتهم، ولكن الله سبحانه قد ردَّ كيدهم إلى نحورهم، فباؤوا بالخيبة والخذلان، ورجعوا بالهزيمة والخسران.

وإذا كان الكاتب يعلم أن الله سبحانه قد أوجب على العلماء أن يبيِّنوا الحق، فلا أدري كيف يتأتّى له أن يُظهِر الحق وهو متستِّر بالتقيَّة الشديدة، ومتكتِّم بهذا النحو من الكتمان؟!

ألا يرى أن من الواجب عليه أن يفصح عن نفسه ويجهر بدعوته، ويجادل علماء الشيعة ويحاورهم في المسائل التي أنكرها من مذهبهم؟!

لقد لاحظ القارئ العزيز أن الكاتب في كل كتابه لم يذكر أية مناقشة ولو مع عالم واحد من العلماء الذين ادَّعى أنه التقى بهم، وإنما كان يقتصر على طرح الأسئلة التي يظهر فيها بمظهر المستفهم المستفيد.

فأين كان وجوب بيان الحق وإظهاره الذي أخذه الله على العلماء ؟

الخاتمــة............................................................................................. 649

قال الكاتب: اللهم أسألُك بمحبتي لنبيك المختار، وبمحبتي لأهل بيته الأطهار أن تضع لهذا الكتاب القبول في الدنيا والآخرة، وأن تجعله خالصاً لوجهك الكريم، وأن تنفع به النفع العميم، والحمد لله من قبلُ ومن بعدُ.

وأقول: لقد حصحص الحق وبان جليًّا لكل ذي عينين، وانكشفت أكاذيب هذا الكاتب وافتراءاته وتدليساته، وتضارب كلامه، وضعف استدلالاته، وتشويهه للحقائق، وهتكه ظلماً وزوراً لبعض العلماء والأفاضل، وغير ذلك مما مرَّ تفصيله.

فهل يرتجي بعد هذا كله أن يتقبل الله منه هذا الكتاب الذي صار عاراً عليه في الدنيا ووبالاً له في الآخرة؟!

نسأل الله سبحانه أن يجعل ما كتبناه في ميزان أعمالنا وأن يكون عنده مرضياً مقبولاً، إنه يتقبل اليسير، ويعفو عن الكثير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
 

 
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب