أثر العناصر الأجنبية في صنع التشيع ................................................................ 549

قال الكاتب: 2- أحمد بن علي بن أبي طالب (1) الطبرسي صاحب كتاب ( الاحتجاج ).
وقال في حاشية له هنا: أطلق على نفسه هذا الاسم لقصد التمويه، حتى يتسنَّى له بَثّ سمومه، وإلا فإن مثله لا يصح أن ينسب نفسه للتراب الذي كان يدوسه أمير المؤمنين صلوات الله عليه. علماً أنه لا يُعْرَفُ له أصلٌ، ولا تُعْرَفُ له ترجمة.

وأقول: إنه لم يُطلِق على نفسه هذا الاسم كما زعم الكاتب، فلا يراد بعلي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام كما تصوَّره الكاتب، وإنما هو اسم أبيه وجدّه حقيقة، والتشابه في الأسماء غير عزيز ولا بمحرَّم.

والعجيب من مدَّعي الاجتهاد والفقاهة أنه زعم أن الطبرسي لا يُعرف له أصل و لا تعرف له ترجمة، مع أن كتاب الاحتجاج موشَّح بترجمة ضافية له، وقد ترجمه تلميذه ابن شهراشوب في كتابه (معالم العلماء)، ص 25، والحر العاملي صاحب وسائل الشيعة في كتابه ( أمل الآمل ) 2/17، والشيخ يوسف البحراني في كتابه (لؤلؤة البحرين)، ص 341، وغيرهم.

وأما مسألة سلسلة نسبه فمن المعلوم أن العرب يُنسبون إلى قبائلهم، والعجم

 

(1) للكاتب هنا حاشية أدرجناها في المتن للرد عليها.

 
 

550 ............................................................................... لله وللحقيقة الجزء الثاني

يُنسبون إلى بلادهم، فكانت نسبة الطبرسي إلى بلده من غير أن ينسب إلى قبيلته، وهذا جار في كثير من مشاهير الخاصة والعامة.

ولو جئنا إلى جملة من أعلام أهل السنة لما رأينا في تراجمهم ذكراً لسلسلة نسبهم، ولا سيما إذا لم تتوفر الدواعي لنقل أنسابهم والعناية بها، كما هو حال الطبرسي الذي اشتهر بكتابه في الاحتجاج.

ومن العجيب أن الكاتب يتكلم في أصول الأنساب مع أن بعض أئمة مذاهب أهل السنة وحفَّاظ الحديث عندهم لا تُعرف أنسابهم.

ونحن سنأخذ مثالين اثنين حذراً من الإطالة: واحد من أئمة مذاهبهم، وواحد من حفاظ الحديث عندهم.

أما الأول فهو أبو حنيفة النعمان، فإنه لا يُعرف أصله ولا يُعرف من أي البلاد هو.

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: الإمام فقيه الملة عالم العراق أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى التيمي، مولى بني تيم الله بن ثعلبة، يقال: إنه من أبناء فارس (1).
إلى أن قال: قال أحمد العجلي: أبو حنيفة تيمي من رهط حمزة الزيات، كان خزَّازاً يبيع الخز.

وقال عمر بن حماد بن أبي حنيفة: أما زوطى فإنه من أهل كابل، وولد ثابت على الإسلام، وكان زوطى مملوكاً لبني تيم الله بن ثعلبة، فأُعتق، فولاؤه لهم، ثم لبني قفل...

وقال النضر بن محمد المروزي: عن يحيى بن النضر قال: كان والد أبي حنيفة من نسا.

 

(1) سير أعلام النبلاء 6/390.

 
 

أثر العناصر الأجنبية في صنع التشيع ................................................................ 551

وروى سليمان بن الربيع عن الحارث بن إدريس: أبو حنيفة أصله من ترمذ.

وقال أبو عبد الرحمن المقري: أبو حنيفة من أهل بابل.

وروى أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول عن أبيه عن جدّه، قال: ثابت والد أبي حنيفة من أهل الأنبار.

ثم نقل أن أبا حنيفة اسمه النعمان بن ثابت بن المرزبان (1).

قلت: انظر رحمك الله كيف اختلفوا في أصل واحد من أئمة مذاهبهم الأربعة على أقوال متعددة، فما بالك بغيره.

وأما الثاني فهو ابن ماجة صاحب السنن المشهور، فإنهم لا يزيدون في ذِكْر نَسَبه إلا على أنه أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة (2).

وقال الرافعي في تاريخ قزوين: وماجة لقب يزيد، والد أبي عبد الله، وكذلك رأيت بخط أبي الحسن القطان وهبة الله بن زاذان، وقد يقال: محمد بن يزيد بن ماجة، والأول أثبت (3).

وعليه، فابن ماجة لا يعرف إلا باسمه واسم أبيه فقط.

ولا ريب في أن مقام الطبرسي صاحب الاحتجاج عند الشيعة ليس كمقام أبي حنيفة وابن ماجة عند أهل السنة، فلا ندري بعد هذا لماذا شكَّك الكاتب في أصل الطبرسي، وجعل ذلك طعناً فيه، وتعامى عما ذكرناه آنفاً وغيره مما تركناه من الطعون الصحيحة في أئمتهم وحفاظ أحاديثهم.

 

(1) سير أعلام النبلاء 6/390 وما بعدها.
(2) راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء 13/277. المنتظم 12/258. البداية والنهاية 11/56. تهذيب التهذيب 9/468. طبقات الحفاظ، ص 278. تذكرة الحفاظ 2/636. النجوم الزاهرة 3/70. مرآة الجنان 2/140. وفيات الأعيان 4/279. الوافي بالوفيات 5/220.
(3) التدوين في أخبار قزوين، ص 165.

 
 
 
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب