لقد زعم هشام بن الحكم أن الله جسم، وزعم هشام بن سالم أن الله صورة.
|
أثر العناصر الأجنبية في
صنع التشيع
..................................................................... 509 |
وأقول: هذه الرواية ضعيفة السند، لأنها مرفوعة، فإن الكليني
رحمه الله قال: محمد بن علي
رفعه عن محمد بن الفرج الرخجي.
ومحمد بن الفرج من أصحاب الرضا والجواد والهادي عليهم السلام، وأما علي بن محمد الذي يروي
عنه الكليني كثيراً فهو علي بن محمد بن عبد الله بن بندار الثقة، وهو لا يروي
عن محمد بن الفرج الرخجي لبُعْد الطبقة.
ومع الإغماض عن سند الرواية فإن هذه الرواية لا بد أن تحمل على وجوه صحيحة، حتى
لا تتعارض مع ما هو الثابت عن الإمام الصادق والكاظم عليهما السلام من إجلالهما لهشام بن
الحكم وتقديمهما له على شيوخ أصحابهما.
ولا بأس أن ننقل كلام الشيخ المجلسي قدس سره في هذا المقام، فإنه كافٍ ووافٍ بالمراد.
قال قدس سره : لا ريب في جلالة قدر الهشامين وبراءتهما عن هذين القولين، وقد
بالغ السيد المرتضى قدّس الله
روحه في براءة ساحتهما عما نُسب إليهما في كتاب الشافي مستدلاً عليها بدلائل
شافية، ولعل المخالفين نسبوا إليهما هذين القولين معاندة، كما نسبوا المذاهب
الشنيعة إلى زرارة وغيره من أكابر المحدِّثين.
إلى أن قال : فظهر أن نسبة هذين القولين إليهما إما لتخطئة رواة الشيعة
وعلمائهم ، لبيان سفاهة آرائهم ، أو أنهم لما ألزموهم في الاحتجاج أشياء إسكاتاً
لهم نسبوها إليهم ، والأئمة عليهم السلام لم ينفوها عنهم إبقاءاً عليهم، أو لمصالح أخر ،
ويمكن أن يحمل هذا الخبر على أن المراد: ليس القول الحق ما قال الهشامان بزعمك.
أو ليس هذا القول الذي تقول ما قال الهشامان ، بل قولهما مباين لذلك . ويحتمل أن
يكون هذان مذهبهما قبل الرجوع إلى الأئمة عليهم السلام والأخذ بقولهم، فقد قيل: إن هشام بن
الحكم قبل أن يلقى الصادق عليه السلام كان على رأي جهم بن صفوان، فلما تبعه
عليه السلام تاب ورجع
إلى الحق، ويؤيّده ما ذكره الكراجكي في كنز الفوائد من الرد على القائلين
بالجسم بمعنييه، حيث قال: وأما موالاتنا هشاماً رحمه الله فهي لما شاع عنه واستفاض من
تركه
|
510
...............................................................................
لله وللحقيقة الجزء الثاني |
للقول بالجسم الذي كان ينصره، ورجوعه عنه وإقراره بخطئه فيه وتوبته منه ،
وذلك حين قصد الإمام جعفر بن محمد عليهما السلام إلى المدينة فحجبه وقيل له: إنه أمرنا أن
لا نوصلك إليه ما دمت قائلاً بالجسم. فقال: والله ما قلت به إلا لأني ظننت أنه
وفاق لقول إمامي عليه السلام ، فإما إذ أنكره عليَّ فإني تائب إلى الله منه. فأوصله الإمام
عليه السلام إليه ، ودعا له بخير
(1).
وقال المولى محمد صالح المازندراني في شرح أصول الكافي:
واعلم أنه بالَغَ العلامة في الخلاصة في مدح الهشامين وتوثيقهما، وقال ابن
طاووس (رض) : الظاهر أن هشام بن سالم صحيح العقيدة معروف الولاية غير مدافع، وقال
بعض العلماء : ما رواه الكشي من أن هشام بن سالم يزعم أن لله عزَّ وجل صورة، وأن
آدم مخلوق على مثال الرب، ففي الطريق محمد بن عيسى الهمداني، وهو ضعيف. وقال
بعض أصحابنا: لما رأى المخالفون جلالة قدر الهشامين نسبوا إليهما ما نسبوا
ترويجاً لآرائهم الفاسدة. وقال بعض المتأخرين من أصحابنا: لا حاجة في الاعتذار
عما نسب إلى هشام بن سالم إلى ما ذكروه من ضعف الرواية
(2).

قال الكاتب: وعن إبراهيم بن محمد الخراز، ومحمد بن الحسين قالا: دخلنا على أبي
الحسن الرضا (رض) ، فحكينا له ما روي أن محمداً رأى ربه في هيئة الشاب الموفق
في سن أبناء
ثلاثين سنة، رجلاه في خضره، وقلنا: ( إن هشام بن سالم، وصاحب الطاق، والميثمي
يقولون: إنه أجوف إلى السرة والباقي صمد... الخ ) أصول الكافي 1/101، بحار
الأنوار 4/40.
وأقول: قال المجلسي في مرآة العقول: الحديث الثالث ـ يعني هذا الحديث ـ
| |
(1)
مرآة العقول 2/3، 5. |
(2) شرح أصول الكافي للمازندراني 3/230. |
|
|
أثر العناصر الأجنبية في
صنع التشيع
................................................................ 511 |