إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

تأملات في دعاء الاستهلال...الشيخ حبيب عبد الله حسن

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تأملات في دعاء الاستهلال...الشيخ حبيب عبد الله حسن

    أيها الهلال هل تسمع؟

    لست أقدم لكم اكتشافا جديدا حين أذكر لكم أن في الصحيفة السجادية دعاء باسم الهلال.

    ولكننا إذ نمر على الآيات في الأرض والسماوات ونحن غافلون. فكأنما ننتظر الشهادة من الآخرين كي يكتشفوا لنا الدلائل السماوية, ويقدموا لنا من جديد روائع الأدعية السجادية.

    وكأن الإمام علي بن الحسين إمام لغيرنا, وكأن تفاصيل حياته لا تعنينا, وكأننا تفوقنا على آداب مدرسته.

    لقد كان يستشرف ببصيرته ملكوت السماوات والأرض , فتنسبك في وعيه المعاني القدسية.. يقدس الله فيشمله بالجلال, يجل الرب فيقذف في قلبه نورا.

    بنور الله ينطق فيتدفق منه سلسبيل الرحمة ويضيء لنا الدروب بأنوار الحكمة.

    مر في طريقه يوماً - هكذا تحكي الأخبار الصادقة- فنظر إلى الهلال فوقف!!

    توقف.. والحياة موقف, والتاريخ صنعه هؤلاء الذين وقفوا, والحياة تنبض بوقفات العظماء.

    وقف على بن الحسين السجاد(ع) أمام الهلال, وقفة احترام وإجلال, خاطبه ككائن حي..ناجاه وكلمه كمخلوق مطيع ثم وصفه بأربع صفات حركية:

    "أيها الخلق المطيع.. الدائب, السريع, المتردد في منازل التقدير, المتصرف في فلك التدبير".

    بركات الهلال:

    كي لا نصنع من العلم جبتاً أو طاغوتا, وحتى لا نفتتن بما نظنه يقينيات علمية وهي ظنون, وحتى لا نظن أننا استغنينا عن رؤية الهلال بحسابات الفلكيين بحجج شرعية أو مزاجية, لنقف على عتبة زين العابدين(ع) ونسأل الهلال: ما فائدتك؟ ما هي أهميتك؟

    تعالوا نستمع من الإمام السجاد (ع) الدرس الأمثل كتلاميذ صغار وطلاب علم متواضعين.

    في حديثه مع الهلال يشير إلى بركاته فيقول إنني آمنت بالله الذي:

    "نوّر بك الظلم.. وأوضح بك ألبُهم.. وجعلك آية من آيات ملكه.. وعلامة من علامات سلطانه.."

    مفتاح الشهر:

    "الزيادة والنقصان. الطلوع والأفول. الإنارة والكسوف".

    لا يمر الإمام السجاد (ع) على هذه الأحوال الستة دون أن يلفت نظرنا - نحن العصاة المتكاسلين عن الطاعات- إلى أن هذا المخلوق الذي لا يهتم لأمره الكثيرون, ومع أن الله امتهنه بهذه الأحوال الستة السالفة إلا أن الهلال "في كل ذلك أنت له مطيع, وإلى إرادته سريع".

    ثم يستغرق علي بن الحسين (ع) في تسبيحه وتأملاته ليفيض علينا نوراً نهتدي به حيث يناجي ربه:

    "سبحانه ما أعجب ما دبر في أمرك, وألطف ما صنع في شأنك, جعلك مفتاح شهر حادث لأمرٍ حادث..".

    خطاب مع الهلال:

    درس آخر جديد وجميل يندغم فيه العلم مع الشاعرية يلقيه علينا الإمام زين العابدين (ع), حيث يخاطب الهلال كمخلوق يعقل ويسمع ويفهم, وهنا تتجلى عظمة الرؤيا الجديدة للكائنات, لقد تعلمنا درسا عظيما في احترام الناس كل الناس حتى المشركين والكفار حين قال لنا الإمام على (ع) "الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق", هنا الدائرة تتسع في النظرة الواسعة وبمحبة وبمساواة أيضاً, الإمام هنا يوضح المشتركات حين يخاطب الهلال, نعم يسأل الله ولكن الخطاب موجه للهلال:

    "اسأل الله ربي وربك.. وخالقي وخالقك.. ومقدري ومقدرك.. ومصوري ومصورك"

    فيا أيها الإنسان لست إلا جزءاً من هذا الكون الواسع, فلا تتكبر ولا يأخذنك غرور القوة وجبروت امتلاك العلم فتظن انك الوحيد الذي خلقه الله واعتنى به في هذا الكون, فهنالك مخلوقات وإن كانت مسخرة لك, إلا أنها في منظومة يدبرها رب واحد, خلقها.. وقدرها.. وصورها مثلك تماماً.

    أربعة عشر أمنية مع الهلال:

    الكرة الأرضية ليست إلا جرماً واحداً في مجموعة شمسية, منضوية ضمن منظومة كونية يتسع فضاؤها وتتوالد كياناتها بمعادلات أصابت العقل الرياضي للإنسان بالذهول.

    ووفقاً لأنظمة الفلك والمتغيرات المناخية العليا للفضاء والكون فإن ظاهرة مولد الهلال, وانجلاء الغشاوة عن أعيننا برؤيته لا تمثل حدثاً عاديا, بل نقطة تحول لأمر حادث كما أشار لذلك الإمام السجاد (ع) بقوله:"مفتاح شهر حادث لأمر حادث".

    لهذا ينبغي على المؤمنين أن يتوجهوا لربهم المدبر لهذه المنظومات وخالق القوانين والمسارات الفلكية التي تجري فيها هذه الأجرام بالدعاء, مقدمين بين يديهم الصلاة على محمد وآله الطاهرين كتمهيد يحب الله أن يتقرب إليه به.

    فما هي الأمنيات الجميلة والرغبات الحسنة التي ينبغي علينا التوجه بها إلى الله؟

    وما هي المخاوف التي تنتابنا فنطلب من الله دفعها عنا؟

    يعلمنا الإمام (ع) ويؤدبنا أن نتضرع إلى خالقنا بأن يجعل هذا الخيط النوراني الرفيع:

    "هلال بركة لا تمحقها الأيام.. وطهارة لا تدنسها الآثام ..

    هلال أمن من الآفات.. وسلامة من السيئات..

    هلال سعد لا نحس فيه.. ويمن لا نكد معه.. ويسر لا يمازجه عسر.. وخير لا يشوبه شر..

    هلال أمن وإيمان.. ونعمة وإحسان..وسلامة وإسلام.."

    فيا ربنا ورب الهلال حقق أمانينا واستجب دعاءنا برؤيته.

    كيف نستعد لرؤية الهلال؟

    هنالك ثلاث صفات رئيسية وأخرى فرعية ينبغي أن نوفرها في أنفسنا لتعم علينا بركات الهلال وألطاف الله بالاستهلال, وهذه الصفات وتلك لا تتحقق بالأماني فقط, بل لا بد من الاجتهاد علماً وتربية لتحقيقها والتوجه إلى الله بالسؤال ليعيننا على أنفسنا لنكون من الشاهدين .

    نصلي على محمد وآله ونسأل الله أن يجعلنا من "أرضى من طلع عليه. وأزكى من نظر إليه. وأسعد من تعبد لك فيه", ثم ماذا أهل ننتهي من الدعاء, ألا نطمع في توفيقات وعطايا إضافية نغتنمها بهذه المناسبة المباركة وهي الاستهلال؟ نعم ، اللهم "وفقنا للتوبة. واعصمنا فيه من الحوبة. واحفظنا فيه من مباشرة معصيتك. وأوزعنا فيه شكر نعمتك. وألبسنا فيه جنن العافية".

    هذا هو الطريق لرؤية الجمال الحقيقي للهلال, يوم نتخلص فيه من شرور أنفسنا الأمارة بالسوء, ونتغلب فيه على الشهوات والصفات الرذيلة التي توقعنا في مهاوي الضلال والفتنة, فتتضح لنا معالم الآفاق ونستطيع أن نقف مع الإمام علي بن الحسين السجاد(ع) ونشاهد الهلال برؤيا جديدة ورؤية صافية. وندعو الله " أتمم علينا باستكمال طاعتك فيه المنه. إنك المنان الحميد. وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين " .


    الشيخ حبيب عبد الله حسن
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X