إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مواجهة الفساد تعمِّر المجتمع وتبنيه

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مواجهة الفساد تعمِّر المجتمع وتبنيه

    الفساد مدمِّر للإنسان والمجتمع
    مواجهة الفساد تعمِّر المجتمع وتبنيه



    فساد الواقع
    يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41].
    يتحدث الله سبحانه وتعالى في هذه الآية وفي غيرها من الآيات، عن الفساد الذي يعيشه الناس، أفراداً وجماعاتٍ، سواء كان هذا الفساد فساداً اجتماعياً، عندما يعيش الناس حالات التمزّق، والفرقة، والاختلاف، والتباغض، والتقاطع، والتحاقد والعداوة والبغضاء، أو كان فساداً سياسياً، عندما يتسلط على الأمة من لا يملك الإخلاص لها، ولا يملك المعرفة في إدارة شؤونها، ولا الاستقامة في الخطوط التي يحرّكها ويتحرك بها، ما يجعل قضايا الحكم والسلطة تنطلق في خط الفساد في القضايا الحيوية التي ترتبط بكيان الأمة وعزتها وحريتها.
    وهناك الفساد الاقتصادي، وذلك عندما يسيطر أصحاب الثروات الكبيرة أو الصغيرة على الواقع المالي والمعيشي والاقتصادي، فيستغلون ما يملكونه من قوةٍ اقتصادية ليضغطوا على الفقراء والضعفاء، لاستغلالهم في حاجاتهم الخاصة والعامة، وقد تتطوّر الأمور بفعل هذه القوة والسيطرة إلى مصادرتهم ثروات الأمة، ومنهما الثروات الموجودة في باطن الأرض، كالثروات النفطية أو المعادن أو غيرها، حتى يستولوا بمختلف الوسائل الإقطاعية على الأرض، ليستغلوها لحساباتهم الخاصة، وليمنعوا الفقراء من استثمارها إلا في مصلحة الأغنياء. وقد صوّر الإمام عليّ (ع) هذه الحال بقوله: "ما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني"، لأنّ الأغنياء عندما يستخدمون الأموال في لذّاتهم وشهواتهم، وعندما يحتكرون ما يحتاجه الناس من ضرورات الحياة، عند ذلك يجوع الفقراء.

    فساد الإنسان اختياري
    والله سبحانه وتعالى يريد أن يؤكد في هذه الآية، أن مسألة الفساد، سواء كان سياسياًَ أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو أمنياً، في قضايا الحرب والسلم، ليست مسألة يصيب بها الله الناس بشكل مباشر، ولكنها تنطلق بحسب النظام الذي وضعه الله للكون كله، وبحسب تعامل الناس مع الطاقات الموجودة في أرجائه، فالفساد، وفق ذلك، ينطلق من خلال ما كسبت أيدي الناس، فهم الذين يأخذون بعناصر الفساد الموجودة في المجتمع حتى يفسدوا حياة الناس في جميع أوضاعهم وحاجاتهم وتطلعاتهم وخططهم.
    فالله تعالى يقول إنّ هؤلاء الناس يتألمون عندما تفسد حياتهم بأنواع الفساد، ولكن هذه الآلام التي يعانونها لم يفرضها الله عليهم، بل هم فرضوها على أنفسهم، باختيارهم الأسباب التي تنتج الفساد حتماً. ولهذا، فإن كثيراً من الناس عندما يواجهون هذا الاختلال في أوضاعهم، يعتبرون أنّ الله أنزل عليهم ذلك بشكل مباشر، ولكن الله تعالى يبيّن أن لحياة الناس نظاماً، وأنّ لكل شيء قدراً وسبباً، وذلك في قوله: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ـ أي أنّ الناس هم الذين أوقعوا أنفسهم في هذا الفساد ـ ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}، لعلهم إذا عرفوا النتائج، وعانوا من الآلام المترتبة، يغيّرون طريقتهم وأفعالهم وأعمالهم.

    الآثار النفسية والاجتماعية للفساد
    وقد جاء عن رسول الله(ص)، أن العذاب يعمّ الناس كلهم، حتى لو لم يكونوا هم من مارسوا الفساد، إذا كانوا لا ينكرون على المفسدين ما يقومون به من فساد وضلال. يقول(ص): "إن المعصية إذا عَمِل بها العبد سراً ـ إذا شرب الخمر أو مارس بعض المعاصي بشكل سري ـ لم تضرّ إلا عاملها، وإذا عَمِل بها علانيةً ـ كالذين يبيعون الخمر، أو يشيعون الفاحشة والرذيلة، أو يعينون الظالم على ظلمه أو ما إلى ذلك ـ ولم يغيّر عليه ـ لم يبادروا إلى إنكار ذلك عليه ـ أضرَّت بالعامة".

    ويقول النبي(ص): "إن الله لا يعذّب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه، فإذا فعلوا ذلك، عذّب الله العامة والخاصة".
    وفي مسألة الاختلافات في الأمة، يقول(ص): "ما اختلفت أمة بعد نبيّها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها". فنحن نعيش الخلافات في الواقع الإسلامي كله، سواء الخلافات المذهبية أو العرقية أو الحزبية أو ما إلى ذلك، بفعل العصبيات التي استحدثناها، بحيث يستغل أهل الباطل هذا الصراع الداخلي الذي يدفع المسلمين إلى أن يقتلوا بعضهم بعضاً، ويكفّروا بعضهم بعضاً، ما يفسح في المجال أمام أهل الباطل للسيطرة على الواقع كله، لأن أهل الحق مشغولون بعصبياتهم وخلافاتهم.

    ويقول(ص) في مسألة إعانة الضعفاء للوقوف في وجه الأقوياء ومنعهم من أن يظلموهم أو يأخذوا حقوقهم: "كيف يقدّس الله قوماً لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم". ويقول(ص): "لن تُقدّس أمة لا يؤخذ للضعيف حقه من القوي وهو غير متعتع".

    وفي حديث الإمام عليّ(ع): "أما بعد، فإنما أهلك من كان قبلكم ـ لماذا سقطت الحضارات السابقة والأمم السابقة؟ ـ أنهم منعوا الناس الحق فاشتروه ـ منعوا الناس الحق بكل أنواعه ومصادره ومواقعه، فاضطروا لأن يأخذوا حقوقهم بدفع الرشاوى إلى من يملك إمكانية إعطاء الحق، فلم يضعوا الأمور في مواضعها، ولا ولّوا الولايات مستحقيها ـ وأخذوهم بالباطل فاقتدوه" أي أنهم حملوهم على الباطل، حتى جاء الخلف من بعدهم، فاقتدوا بما أخذ به الآباء، ظناً منهم أنه حقّ.

    مسؤوليـة البـذل
    وفي كلام لعليّ(ع) يحمّل فيه المسؤولية لكل من يملك القدرة على بذل ما يحتاجه الناس، يقول(ع): "قوام الدنيا بأربعة: عالِم يستعمل علمه ـ لا يبخل على الناس بعلمه، ولا يعيش خارج نطاق الواقع، ولاسيما أن الناس يحتاجون إلى من يعظهم ويرشدهم ويدلهم على الطريق المستقيم ـ وجاهل لا يستنكف أن يتعلّم ـ لأن من حق الله على الجهّال أن يأخذوا بأسباب العلم والمعرفة، والقرآن الكريم يؤكد في أكثر من آية، أن ضلال الناس وكفرهم إنما ينطلق من خلال أنهم لا يعلمون ولا يفقهون ـ وجواد لا يبخل بمعروفه ـ وهو الإنسان الكريم الذي يبذل من ماله وقوته لمن يحتاجهما ـ وفقير لا يبيع آخرته بدنياه ـ بحيث يكون عزيز النفس، فلا يسقط أمام حاجاته ـ فإذا ضيّع العالِم علمه، استنكف الجاهل أن يتعلّم، وإذا بخل الغني بمعروفه، باع الفقير آخرته بدنياه".

    إننا مسؤولون في هذه الحياة الدنيا، كل بحسب قدرته وطاقته، عن مواجهة الفساد في الأرض، حتى تعمر الأرض بأهلها، وحتى نكون في مستوى الدور الذي أوكله الله سبحانه وتعالى إلينا في بناء الحياة بكل ما يرفع مستوى الإنسان فيها.


    ---------------المصدر:بينات_سماحة آية الله العظمى العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (حفظه الله)
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 16-05-2025, 03:07 AM
ردود 0
14 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 16-05-2025, 03:04 AM
ردود 0
6 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
يعمل...
X