إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الشورى أمرٌ إلهي والاستبداد بالرأي مخالف لسنّة الرسول(ص)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشورى أمرٌ إلهي والاستبداد بالرأي مخالف لسنّة الرسول(ص)

    الشورى أمرٌ إلهي
    والاستبداد بالرأي مخالف لسنّة الرسول(ص)


    من أخلاق الرسول(ص)
    يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(آل عمران:159).
    هذا خطاب الله لنبيّه(ص) الذي أرسله إلى الناس حتى {يخرجهم من الظلمات إلى النور}(البقرة:257)، والذي كان عقله ينفتح على الحقيقة كلها وينطلق بالرأي السديد، وكان القائد الذي انطلق بلطف من الله ورحمة من أجل أن يرفع مستوى العالم، بما يبلّغه للناس من وحي الله عزّ وجلّ. وكان خلقه يفتح قلوب الناس، لتنفتح عقولهم عليه.
    وكان النبي(ص) ليّن اللسان، رقيق القلب، لأنه كان يريد أن يجذب الناس إلى رسالته ليحبّوه بعد أن يشعروا بمحبته لهم، ولذلك ابتعد عن أن يكون فظّ اللسان، غليظ القلب، فكان الحليم الذي يتّسع صدره للناس، سواء كانوا من الذين يوالونه ويؤمنون به، أو من الذين يعادونه ويكفرون برسالته، وكان الحكيم في كلامه، فلا يتكلم إلا حيث تكون الكلمة في موضعها ومحلّها، لتنفذ إلى عقول الناس وقلوبهم وإلى كل مجالات تفكيرهم.
    وكان من خلقه العفو، فكان(ص) يعفو عن أخطاء الآخرين، سواء كانوا من المسلمين أو من الذين يعيشون الصراع معه، وكان يستغفر الله لهم ويدعوه إلى أن يغفر لهم خطاياهم وذنوبهم.

    العصمة الذاتية للرسول(ص)
    وكان الله تعالى يريد لرسوله(ص) أن يشاور صحابته في كل الأمور التي يقدم عليها، فكان يشاورهم في قضايا الحرب والسلم، وفي كل القضايا التي تتعلق بشؤون المسلمين، مما يتصل بحياتهم العامة، مع أن الرسول(ص) كان المعصوم الذي أيّده الله تعالى بعلمه، وأنار له عقله ليكون كله نوراً لا ظلمة فيه، وقد كانت عصمته في الأمور كلها؛ في أمور التبليغ، وفي أمور التنفيذ، وفي كل القضايا الحياتية، لا كما تقول بعض المذاهب الإسلامية، إنّ النبي(ص) كان يعيش العصمة في الأمور التبليغية فقط. ولكننا نعرف أن العصمة لا تتجزأ، فقد كان(ص) معصوماً بكل ذاته؛ في عقله وقلبه وكل حركته في الحياة، لأن دوره هو أن يُخرج الناس من الظلمات إلى النور، في ما يحملونه من فكر، أو يتحركون به في خط المسؤولية، أو يقومون به من عمل.
    وهذا هو المنهج الذي على القادة أن يتبعوه، أن ينطلق القائد ليشاور الذين يتعاونون معه، فلا يستبدّ برأيه، حتى لو كان يملك فكراً حكيماً، لأن دور القائد هو أن يجعل أتباعه ومعاونيه مشروع قيادات، بحيث إذا غاب عنهم استطاعوا أن يتحركوا في الخط القيادي. ولذلك فإننا عندما نقرأ قوله تعالى: {وشاورهم في الأمر}(آل عمران:159) ، نعرف أنّ النبي(ص) الذي لم يكن يحتاج إلى أن يشاور أحداً، لأن الحقيقة كانت ماثلة أمامه في كل ما يتحرك به، أراد أن يوحي إلى أصحابه بالثقة، ليعوّدهم على أن يفكروا في كل الأمور.
    وهذا ما ينبغي لكل القادة، سواء كانوا دينيين، أو سياسيين، أو اجتماعيين أو عسكريين، أن يأخذوا به، فلا يستبدوا برأيهم، لأن الذي يستبد برأيه قد يخطئ من حيث يريد الصواب، وربما يقوده استبداده إلى أن يظلم الناس. وليس معنى أن يشاورهم في الأمر أن يُجبر على الأخذ برأيهم، بل ليتعرّف إلى وجهة نظرهم، فإذا كمل عنده الرأي انطلق به، {فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحبّ المتوكلين}(آل عمران:159).

    مبـدأ الشورى
    ونحن نجد أن القرآن الكريم يؤكد هذه المسألة وأهمية الأخذ بها، ليس فقط للقيادات، بل لكل أفراد المجتمع الإسلامي، فنقرأ في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ ـ عندما آمنوا به وبرسوله ورسالته ـ وَأَقَامُوا الصَّلاةَـ لإظهار عبوديتهم لله ـ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى:38]، فالمجتمع المسلم لا ينبغي أن ينطلق في إدارة شؤونه من استبداد أحد برأيه فيما يتّصل بقضاياه، بل لا بد من أن يدير القضايا التي تتصل بمسؤوليته بواسطة الشورى. وهذا الأمر قد يبدأ من الأسرة، بحيث يستشير أفرادها بعضهم بعضاً، وخصوصاً من يملك المعرفة منهم، في كل القضايا التي تتعلق بها، في مصالحها ومصارفها وعلاقاتها وامتداداتها، فلا يستبد أحد منهم برأيه، بحيث لا يجعل لأحد حقاً في أن يشير عليه، وهو ما نلاحظه في بعض الآباء أو الأزواج الذين يعيشون الاستبداد بالرأي، فلا يسمح لزوجته أو لأبنائه، حتى لو كانوا في أعلى مواقع العلم، أن يعطوا رأيهم في الأمور.

    وهكذا تمتدُّ المسألة إلى علاقات الناس فيما بينهم، في كلِّ قضايا الحياة، ليعرف كل إنسان أن عليه أن لا ينطلق من هوى نفسه، بل عليه أن يشاور غيره، ولاسيما من يملك الخبرة في الأمور، لا أن يلجأ إلى الاستخارة كلّما أراد الإقدام على عملٍ ما، لأنّ الاستخارة إنما تكون بعد نفاذ كل الوسائل، من سؤالٍ أو استشارةٍ، دون الوصول إلى نتيجة.

    وقد ورد عن الإمام عليّ(ع): "بعثني رسول الله إلى اليمن، فقال وهو يوصيني: يا عليّ، ما خاب من استخار ـ من طلب الخيرة في الأمور بواسطة التفكير ـ ولا ندم من استشار"، لأن ذلك سوف يوصله إلى الحقيقة. وورد عن رسول الله(ص): "الحزم أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره".

    صفات المستشارين:
    وعن الإمام الحسن(ع): "ما تشاور قومٌ إلا هدُوا إلى رشدهم". وورد عن الإمام الرِّضا(ع) لما ذُكر عنده أبوه: "كان عقله لا توازى به العقولـ كان عقل الإمام الكاظم(ع) في القمة من العقول، ومع ذلك، كان يستشير خدّامه ـ وربما شاور الأسود من سودانه، فقيل له: تشاور مثل هذا؟ـ وأنت بهذه العظمة وهذا العقل والموقع، فكيف تسأل هذا الخادم وتشاوره؟ ـ فقال(ع): إن الله تبارك وتعالى ربما فتح على لسانه"، فلا طبقية عند الله، وربما فتح الله الحقيقة على لسانه.

    وورد في وصية رسول الله(ص) لأمير المؤمنين(ع): "يا عليّ، لا تشاور جباناً، فإنه يضيّق عليك المخرج ـ لأنه يعيش الخوف من أن يخوض في هذا الأمر أو ذاك ـ ولا تشاور البخيل، فإنه يقصُر بك عن غايتك، ولا تشاور حريصاً فإنه يزيِّن لك شَرهاً". وورد عن الإمام عليّ(ع) لمالك الأشتر: "لا تُدخلن في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر، ولا جباناً يُضعفك عن الأمور، ولا حريصاً يزيّن لك الشَرَه بالجور". وعنه(ع): "شاور في حديثك الذين يخافون الله"، لأنهم لن يستغلُّوا مشورتك لهم في الإضرار بك. وعنه(ع): "أفضل من شاورت ذو التجارب"، لأن التجربة تمنحه الخبرة. وقال رسول الله(ص): "من غشّ المسلمين فقد برئتُ منه". وعنه(ص): "من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه الله لبّه"، أي عقله.
    علينا أن نعمل على أساس أن تكون الشورى هي الطابع الذي يطبع الواقع الإسلامي، ولاسيما عندما يعيش المسلمون واقع التحدي أمام الآخرين الذين يفرضون عليهم الدخول في الحرب أو السلم.

    المصدر:بينات_سماحة آية الله العظمى العلامة المرجع الامام السيد محمد حسين فضل الله (حفظه الله تعالى)
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 21-02-2015, 05:21 PM
ردود 119
18,094 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:34 PM
استجابة 1
100 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:27 PM
استجابة 1
72 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 04-10-2023, 10:03 AM
ردود 2
156 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 09-01-2023, 12:42 AM
استجابة 1
160 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
يعمل...
X