قال سبحانه وتعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنجَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنتُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍفَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } .
الحجرات آية 6 .
وقال سبحانه وتعالى في التوبة آية 96 :
{ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّاللّهَلاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } .
صدق الله العليالعظيم
والآن لنرى كيف ان عثمان داس هاتين الآيتين الكريمتينتحت قدميه .. بمخالفته الصريحة والواضحة لهما :
لا خلاف بين الجميع .. شيعة وسنة .. في فسق الوليد بن عقبة الذي نزلت فيه الآية الكريمة : ان جاءكمفاسقٌ بنبأ ... ولكن الغريب هو ان يختلف البعض في فسق عثمان الذي يولي على المسلمينمثل هذا الفاسق ..
فعثمان .. ليس فقط ( رضي ) عن الفاسق خلافاًلصريح الآية القرآنية الثانية .. بل قربّه وأمّره .. ودافع عن فسقه عندما ادمنالخمرة وصلى بالمسلمين سكراناً ..... وهوبذلك يضع القرآن تحت قدميه مرة بتقريبه وتأميره الفاسق .. والقرآن يقول لنا انهفاسق لنحذره ونباعده ولا نثق فيه .. بينما عثمان يفعل عكس ذلك . واخرى يخالف آيةقرآنية اخرى صريحة ايضا في استبعاد الفاسقين وان الله لا يرضى عنهم بينما عثمانيرضى عنهم ويقربهم .. وكأن القرآن قد توقع انه سيأتي من يحكم المسلمين باسم الاسلاموهو يرضى عن الفاسقين .. قال تعالى :
( فان ترضوا عنهم فان الله لايرضى عن القوم الفاسقين ) .
التوبة
والمراد بذلكأنه إذا كان الله لا يرضى عنهم فينبغي لكم أيضاً أن لا ترضواعنهم
ولمن يقول انه تاب .. الرجل استمر على فسقه .. وسكر وصلىبالناس وهو سكران بعد ما ولاه عثمان ولم يعزله رغم ذلك ...
الفاسقفي الحقيقة كافر بآيات الله .. وهذا هو سلوك الوليد طوال حياته .. وهذا ما اكدهالقرآن بقوله :
ولقد انزلنا اليك ايات بينات وما يكفر بها الاالفاسقون (99)
البقرة
نبذة عن الصحابيالفاسق :
هو أخو عثمان لأمه ، ولا خلاف بين أهل العلمبتأويل القرآن ـ كما يقول في الإستيعاب ـ فيما علمت ، أن قوله عزَّ وجل : ( إنجاءكم فاسق بنبأٍ... ) الآية نزلت في الوليد بن عقبة.
وجاء : أن امرأة الوليدجاءت إلى النبي (ص) تشتكيه بأنه يضربها ، فقاله لها : إرجعي وقولي إن رسول الله قدأجارني. فانطلقت ، فمكثت ساعةً ، ثم جاءت فقالت : ما أقلع عني. فقطع (ص) هدبةً منثوبه ثم قال لها : اذهبي بهذا وقولي إن رسول الله قد أجارني. فمكثت ساعةً ثم رجعتفقالت : يا رسول الله ما زادني إلا ضرباً.
فرفع يديه وقال : اللهم عليكَبالوليد. مرتين أو ثلاثاً.
وأقام بالكوفة أميراً من طرف عثمان ، وكان يدنيالشعراء ويشرب الخمر ، ويجالس أبا زَبيد الطائي النصراني. وصلى الصبح بالناس فيالمسجد الجامع أربعاً وهو سكران ، وقرأ في صلاته :
عـلِـقَ الـقـلبُالـربـابـا * بـعـد أن شـابَـت وشـابـا
فلما سلّم ، التفت إلىالناس وقال : أأزيدكم ؟ فإني أجد اليوم نشاطاً.
فقال عبد الله بن مسعودوكان على بيت المال ـ مازلنا معك في زيادة منذُ اليوم !.. ثم تقيأ في المحراب. وفيهيقول الحطيئة :
شهـدَ الحطيئـةُ يـوم يلـقىربـَّه
أن الـولـيـد أحـق بـالـعـذرـ
نـادى وقـد تـمـتصـلاتُـهـم
أأزيـدكم ؟ سكـراً ومـا يـدري
فـأبـوا أبـا وهـب ولـوأذنـوا
لقـرنـت بين الشَفـعِوالـوِتـرِ
كفـوا عنـانـك إذ جـريت ولـوُ
تركوا عنـانـك لم تـزل تجـري ـ (1)
1 ـ النصائح الكافية | 165.
وخطب ذات يومٍ ،فحصبه الناس بحصباء المسجد ، فدخل قصره يترنح ويتمثل بأبيات لتأبط شراً :
ولسـتُ بعيـداً عـن مـدام وقينـةٍ
ولا بصفـا صلـدٍ عن الخير معـزل
ولـكنني أروي من الخمرهـامتـي
وأمشـي الملا بالسـاحبِالمتـسلـلِ
وأشاعوا بالكوفة فعله ، وظهر فسقُه ومداومتهشربَ الخمر ، فهجم عليه جماعة من المسجد فوجدوه سكراناً مضطجعاً على سريره لا يعقل، فايقظوه من رقدته فلم يستيقظ ، ثم تقيأ عليهم ما شرب من الخمر ، فانتزعوا خاتمهمن يده ، وخرجوا من فورهم إلى المدينة ، فأتوا عثمان بن عفان فشهدوا عنده علىالوليد أنه شرب الخمر. فقال عثمان : وما يدريكما أنه شرب الخمر ؟ فقالا : هي الخمرالتي كنا نشربها في الجاهلية ، وأخرجا خاتمه فدفعاه إليه ، فزجرهما ودفع فيصدرهما.
فخرجا من عنده وأتيا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخبراه بالقصة ، فأتىعثمان وهو يقول : « دفعتَ الشهودَ وأبطلتَ الحدودَ ! فقال له عثمان فما ترى ؟ قال : أرى أن تبعث إلى صاحبك فتحضرهُ ، فإن أقاما الشهادة عليه في وجهه ولم يدرأ عن نفسهبحجةٍ أقمت عليه الحَدَّ.
فلما حضر الوليد ، دعاهما عثمان ، فأقاما الشهادةعليه ولم يدل بحُجَة ،... فلما رأى إمتناع الجماعة عن إقامة الحد توقياً لغضب عثمانلقرابته منه ، أخذ عليٌّ السوط ودنا منه ، فلما أقبل نحوه سبّه الوليد وقال : ياصاحب مكس. فقال عقيل بن أبي طالب وكان ممن حضر : إنك تتكلم يا أبي مُعيط كأنك لاتدري من أنت ؟ ! وأنت عِلجٌ من أهل صفّورية.. فأقبل الوليد يروغ من عليّ ، فاجتذبهعليٌّ فضرب به الأرض ، وعلاه بالسوط. فقال عثمان : ليس لك أن تفعل به هذا. قال : بلوشراً من هذا إذا فسق ومنع حق الله تعالى أن يُوخذ منه (1).
1 ـ مروج الذهب 2 | 335.
وحدّث عمر بن شبة ، قال : لما قدِم الوليد الكوفة ، وقدعليه أبو زبيد الطائي النصراني ، فأنزله الوليد دار عقيل بن أبي طالب على بابالمسجد ، فأستوهبها منه ، فوهبها له ، وكان أول الطعن عليه لأن أبا زبيد كان يخرجمن منزله يخترق المسجد إلى الوليد وهو سكران ، فيتخذه طريقاً ويسمر عنده ويشرب معه.
وعن ابن الأعرابي قال : أعطى الوليد أبا زُبيد الطائي ما بين القصور الحمر منالشام إلى القصور الحمر من الحيرة وجعله له حمىً ، فلما عُزل الوليد وولي سعيدانتزعها منه وأخرجها عنه.
قال : ولما قدم سعيد بن العاص الكوفة موضع الوليد قال : إغسلوا هذا المنبر ، فإن الوليد كان رجساً نجساً. فلم يصعده حتى غسل.
وماتالوليد فوق الرقة. وبها مات أبو زبيد ، ودفنا في موضع واحد ، فقال في ذلك أشجعالسلمي وقد مر بقبرهما :
مـررتُ علـى عظـام أبـيزبيـدٍ
وقـد لا حـت ببـلقـعةصـلودِ
وكـان له الـوليـد نـديـمصـدقٍ
فنـادم قـبـرُه قـبـرَالـولـيـد(2)
2 ـ النصائح الكافية 172 الحاشية
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنجَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنتُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍفَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } .
الحجرات آية 6 .
وقال سبحانه وتعالى في التوبة آية 96 :
{ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّاللّهَلاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } .
صدق الله العليالعظيم
والآن لنرى كيف ان عثمان داس هاتين الآيتين الكريمتينتحت قدميه .. بمخالفته الصريحة والواضحة لهما :
لا خلاف بين الجميع .. شيعة وسنة .. في فسق الوليد بن عقبة الذي نزلت فيه الآية الكريمة : ان جاءكمفاسقٌ بنبأ ... ولكن الغريب هو ان يختلف البعض في فسق عثمان الذي يولي على المسلمينمثل هذا الفاسق ..
فعثمان .. ليس فقط ( رضي ) عن الفاسق خلافاًلصريح الآية القرآنية الثانية .. بل قربّه وأمّره .. ودافع عن فسقه عندما ادمنالخمرة وصلى بالمسلمين سكراناً ..... وهوبذلك يضع القرآن تحت قدميه مرة بتقريبه وتأميره الفاسق .. والقرآن يقول لنا انهفاسق لنحذره ونباعده ولا نثق فيه .. بينما عثمان يفعل عكس ذلك . واخرى يخالف آيةقرآنية اخرى صريحة ايضا في استبعاد الفاسقين وان الله لا يرضى عنهم بينما عثمانيرضى عنهم ويقربهم .. وكأن القرآن قد توقع انه سيأتي من يحكم المسلمين باسم الاسلاموهو يرضى عن الفاسقين .. قال تعالى :
( فان ترضوا عنهم فان الله لايرضى عن القوم الفاسقين ) .
التوبة
والمراد بذلكأنه إذا كان الله لا يرضى عنهم فينبغي لكم أيضاً أن لا ترضواعنهم
ولمن يقول انه تاب .. الرجل استمر على فسقه .. وسكر وصلىبالناس وهو سكران بعد ما ولاه عثمان ولم يعزله رغم ذلك ...
الفاسقفي الحقيقة كافر بآيات الله .. وهذا هو سلوك الوليد طوال حياته .. وهذا ما اكدهالقرآن بقوله :
ولقد انزلنا اليك ايات بينات وما يكفر بها الاالفاسقون (99)
البقرة
نبذة عن الصحابيالفاسق :
هو أخو عثمان لأمه ، ولا خلاف بين أهل العلمبتأويل القرآن ـ كما يقول في الإستيعاب ـ فيما علمت ، أن قوله عزَّ وجل : ( إنجاءكم فاسق بنبأٍ... ) الآية نزلت في الوليد بن عقبة.
وجاء : أن امرأة الوليدجاءت إلى النبي (ص) تشتكيه بأنه يضربها ، فقاله لها : إرجعي وقولي إن رسول الله قدأجارني. فانطلقت ، فمكثت ساعةً ، ثم جاءت فقالت : ما أقلع عني. فقطع (ص) هدبةً منثوبه ثم قال لها : اذهبي بهذا وقولي إن رسول الله قد أجارني. فمكثت ساعةً ثم رجعتفقالت : يا رسول الله ما زادني إلا ضرباً.
فرفع يديه وقال : اللهم عليكَبالوليد. مرتين أو ثلاثاً.
وأقام بالكوفة أميراً من طرف عثمان ، وكان يدنيالشعراء ويشرب الخمر ، ويجالس أبا زَبيد الطائي النصراني. وصلى الصبح بالناس فيالمسجد الجامع أربعاً وهو سكران ، وقرأ في صلاته :
عـلِـقَ الـقـلبُالـربـابـا * بـعـد أن شـابَـت وشـابـا
فلما سلّم ، التفت إلىالناس وقال : أأزيدكم ؟ فإني أجد اليوم نشاطاً.
فقال عبد الله بن مسعودوكان على بيت المال ـ مازلنا معك في زيادة منذُ اليوم !.. ثم تقيأ في المحراب. وفيهيقول الحطيئة :
شهـدَ الحطيئـةُ يـوم يلـقىربـَّه
أن الـولـيـد أحـق بـالـعـذرـ
نـادى وقـد تـمـتصـلاتُـهـم
أأزيـدكم ؟ سكـراً ومـا يـدري
فـأبـوا أبـا وهـب ولـوأذنـوا
لقـرنـت بين الشَفـعِوالـوِتـرِ
كفـوا عنـانـك إذ جـريت ولـوُ
تركوا عنـانـك لم تـزل تجـري ـ (1)
1 ـ النصائح الكافية | 165.
وخطب ذات يومٍ ،فحصبه الناس بحصباء المسجد ، فدخل قصره يترنح ويتمثل بأبيات لتأبط شراً :
ولسـتُ بعيـداً عـن مـدام وقينـةٍ
ولا بصفـا صلـدٍ عن الخير معـزل
ولـكنني أروي من الخمرهـامتـي
وأمشـي الملا بالسـاحبِالمتـسلـلِ
وأشاعوا بالكوفة فعله ، وظهر فسقُه ومداومتهشربَ الخمر ، فهجم عليه جماعة من المسجد فوجدوه سكراناً مضطجعاً على سريره لا يعقل، فايقظوه من رقدته فلم يستيقظ ، ثم تقيأ عليهم ما شرب من الخمر ، فانتزعوا خاتمهمن يده ، وخرجوا من فورهم إلى المدينة ، فأتوا عثمان بن عفان فشهدوا عنده علىالوليد أنه شرب الخمر. فقال عثمان : وما يدريكما أنه شرب الخمر ؟ فقالا : هي الخمرالتي كنا نشربها في الجاهلية ، وأخرجا خاتمه فدفعاه إليه ، فزجرهما ودفع فيصدرهما.
فخرجا من عنده وأتيا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخبراه بالقصة ، فأتىعثمان وهو يقول : « دفعتَ الشهودَ وأبطلتَ الحدودَ ! فقال له عثمان فما ترى ؟ قال : أرى أن تبعث إلى صاحبك فتحضرهُ ، فإن أقاما الشهادة عليه في وجهه ولم يدرأ عن نفسهبحجةٍ أقمت عليه الحَدَّ.
فلما حضر الوليد ، دعاهما عثمان ، فأقاما الشهادةعليه ولم يدل بحُجَة ،... فلما رأى إمتناع الجماعة عن إقامة الحد توقياً لغضب عثمانلقرابته منه ، أخذ عليٌّ السوط ودنا منه ، فلما أقبل نحوه سبّه الوليد وقال : ياصاحب مكس. فقال عقيل بن أبي طالب وكان ممن حضر : إنك تتكلم يا أبي مُعيط كأنك لاتدري من أنت ؟ ! وأنت عِلجٌ من أهل صفّورية.. فأقبل الوليد يروغ من عليّ ، فاجتذبهعليٌّ فضرب به الأرض ، وعلاه بالسوط. فقال عثمان : ليس لك أن تفعل به هذا. قال : بلوشراً من هذا إذا فسق ومنع حق الله تعالى أن يُوخذ منه (1).
1 ـ مروج الذهب 2 | 335.
وحدّث عمر بن شبة ، قال : لما قدِم الوليد الكوفة ، وقدعليه أبو زبيد الطائي النصراني ، فأنزله الوليد دار عقيل بن أبي طالب على بابالمسجد ، فأستوهبها منه ، فوهبها له ، وكان أول الطعن عليه لأن أبا زبيد كان يخرجمن منزله يخترق المسجد إلى الوليد وهو سكران ، فيتخذه طريقاً ويسمر عنده ويشرب معه.
وعن ابن الأعرابي قال : أعطى الوليد أبا زُبيد الطائي ما بين القصور الحمر منالشام إلى القصور الحمر من الحيرة وجعله له حمىً ، فلما عُزل الوليد وولي سعيدانتزعها منه وأخرجها عنه.
قال : ولما قدم سعيد بن العاص الكوفة موضع الوليد قال : إغسلوا هذا المنبر ، فإن الوليد كان رجساً نجساً. فلم يصعده حتى غسل.
وماتالوليد فوق الرقة. وبها مات أبو زبيد ، ودفنا في موضع واحد ، فقال في ذلك أشجعالسلمي وقد مر بقبرهما :
مـررتُ علـى عظـام أبـيزبيـدٍ
وقـد لا حـت ببـلقـعةصـلودِ
وكـان له الـوليـد نـديـمصـدقٍ
فنـادم قـبـرُه قـبـرَالـولـيـد(2)
2 ـ النصائح الكافية 172 الحاشية