قالت صحيفة القدس العربي الصادرة في لندن إن المملكة السعودية تعيش هذه الأيام مخاضاً عسيراً حيث تتفاعل داخلها قوى وتيارات متعددة المشارب والآراء والتوجهات في حراك سياسي واجتماعي غير مسبوق .
وأوضحت الصحيفة في عددها يوم 23\3\2009 أن هناك تياراً تحريرياً يقوده بعض الليبراليين والأمراء الحديثين ، يريد تطوير البلاد وإخراجها من حالة التزمت الديني الذي يهيمن على مقدراتها حالياً ويركز على إطلاق الحريات بالنسبة للمرأة وفتح المجال أمامها للمشاركة في بناء المجتمع وتولي المراكز الهامة فيها والسماح لها بقيادة السيارة .
وأضافت الصحيفة إن التيار الآخر الذي يتسم بأقصى درجات المحافظة يتزعمه رجال دين يقاومون عملية الانفتاح الليبرالي ، ويعتبرونها خروجاً عن الشريعة والفكر الوهابي التقليدي السائد في البلاد .
وأشارت الصحيفة إلى أن التيار الأول عبّر من نفسه من خلال مقالات في الصحف تطالب بالحد من سلطات رجال الدين والشرطة الدينية التي تمثلهم ، وفوجئ السعوديون بصورة الأمير الوليد بن طلال منشورة بجانب زوجته في صحيفة محلية وهو بكامل أناقته، ومرفقة بتصريح لها تقول إنها لا تقود السيارة إلا في الخارج وتتطلع لقيادتها داخل السعودية ، كما استقبل الأمير أول فريق نسائي لكرة القدم في تاريخ السعوديات في مقر شركته.
ومضت الصحيفة قائله إنه من المستحيل أن يقدم الأمير الوليد على هذه الخطوات ذات الطابع الاستفزازي للمؤسسة الدينية ذات النفوذ القوي في السعودية لولا تمتعه بدعم العاهل السعودي الملك عبد الله الذي يدعم الاتجاه الليبرالي بقوة وانعكس دعمه هذا على شكل خطوات تحديثية من بينها وضع نظام قضائي "علما ني" وتقليص صلاحيات المحاكم الشرعية وتعيين سيدة نائباً لوزير التربية والتعليم .
وجاء في الصحيفة إن هذا التحدي للمؤسسة الدينية السعودية يعتبر مغامرة تنطوي على الكثير من الجوانب الخطرة ، فهي مؤسسة راسخة الجذور وتمثل مكانة بارزة في مجتمع يعتبر الأكثر محافظة في العالم الإسلامي بأسرة ، وشاركت في حكم البلاد من خلال عقد اجتماعي وسياسي مع الأسرة الحاكمة ينص على إطلاق يدها في مجالات الدعوة والتعليم والمساجد.
ووصفت الصحيفة البيان الذي وقعه أكثر من 35 عالماً سعودياً بارزين الذي يطالب وزير الإعلام الجديد بالعمل على حظر ظهور المرأة في التلفزيون ووسائل الإعلام بمن في ذلك المذيعات والمغنيات ، بأنه أول تحد علني لموجة (التحديث )التي يقودها الليبراليون ، وهو أول تحذير لوزير الإعلام الذي يعتبر أبرز وجوه الليبراليين .
وقالت الصحيفة إن صراع التيارين المحافظ والليبرالي في السعودية أحدث حالة استقطاب واسعة النطاق داخل المجتمع ، فبينما يؤيد أعضاء في الأسرة الحاكمة التيار الليبرالي ويدعمه ، هناك تيار آخر في الأسرة نفسها ومن كبار الأمراء النافذين يساند التيار الديني المحافظ.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من السابق لآوانه الحكم على أي من التيارين ستكون له الغلبة.