آخر الحضارات
تعظم الأمة
(المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري): عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحاً وتكثر الماشية، وتعظم الأمة.
(التعليق): (يسقيه الله الغيث) يعني: تكثر الأمطار، فتكون سبباً لكثرة المزارع والخيرات (يعطي المال صحاحاً) أي: كثيراً، لا يعطي لأحد الأنصاف والأرباع (وتعظم الأمة) أي: تصبح الأمة الإسلامية عظيمة.
(المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري): عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فتسع تنعم أمتي فيه نعمة لم ينعموا مثلها قط تؤتي الأرض أكلها لا تذخر عنهم شيئاً، والمال يومئذ كدوس يقوم الرجل فيقول: خذ
الأمة المعدودة
(ينابيع المودة): عن أبي خالد الكابلي عن الإمام جعفر الصادق (رضي الله عنه) في قول الله عز وجل (فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً) (1) قال: يعني أصحاب القائم الثلاثمائة وبضع عشرة وهم والله الأمة المعدودة يجتمعون في ساعة واحدة كقزع الخريف.
(التعليق): (قزع) ـ محركة ـ قطع السحاب المتفرقة(2)، والتشبيه بقزع الخريف، هو أن قطع السحاب في الخريف سرعان ما تجتمع، وأصحاب الإمام المهدي (عليه الصلاة والسلام) هكذا من مختلف بقاع الأرض يجتمعون بسرعة بالغة عند الإمام (عليه السلام).
(ينابيع المودة): في قوله تعالى: (ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة) (3) قال: إن الأمة المعدودة هم أصحاب المهدي في آخر الزمان ثلاثمائة وعشر رجلاً كعدة أهل بدر يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف.
(تاريخ ابن عساكر الشافعي): إذا قام قائم آل محمد جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف، فأما الرفقاء فمن أهل الكوفة، وأما الأبدال فمن أهل الشام.
(التعليق): (جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب) يعني: يخضع العالم له بسرعة مدهشة، لأنه (عليه السلام) يأتي حين أخذ الظلم والجور بخناق الجميع في العالم، والكل يتطلعون إلى من يصيح صيحة الخلاص والنجاة، فإذا أقام الإمام المهدي (عليه السلام)، وظهر، ونادى بصيحة الحق آمن به الجميع.
(وقد) أولينا هذا الموضوع بعض الشرح في كتاب لنا عن الإمام (عليه السلام) باسم (المهدي المنتظر خاتم الأوصياء).
(الرفقاء) لعل المراد بهم الأنصار من الدرجة الأولى، الذين هم أقرب الناس إلى الإمام، حتى قيل عنهم (رفقاء).
(الأبدال) كناية عن الأتقياء والصالحين الذين كلما غاب أو مات منهم شخص يبدله الله تعالى بآخر منهم.
(والشام) في التاريخ وعلم الحديث ليس الشام الآن وإنما المراد بها ما يشمل كل (سوريا ولبنان، وفلسطين، والأردن، وقسماً من تركيا) حسب التقسيم الدولي المعاصر.
ولعل هؤلاء الأبدال أو قسماً منهم من (جبل عامل) التي ظلت منذ عهد الإسلام الأول مدافعة عن الحق، والإيمان حتى اليوم، وأنتجت الألوف والألوف من الفقهاء، والأتقياء، حتى كتب العلماء كتباً خاصة بشخصيات (جبل عامل) ومنها كتاب (أمل الآمل في علماء جبل عامل) للعالم الكبير المحدث النحرير الشيخ محمد الحر العاملي (قدس سره).
الحياة بالعدل
(ينابيع المودة): في قوله تعالى: (اعلموا أن الله يحيى الأرض بعد موتها) (4) عن سلام بن مستنير عن الباقر (رضي الله عنه) قال: يحييها بالقائم فيعدل فيها فيحيي الأرض بالعدل بعد موتها بالظلم.
(ينابيع المودة): في قوله تعالى (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً) (5) قال: إن عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا غيره إلا آمنوا به قبل موتهم ويصلي عيسى خلف المهدي (عليه السلام).
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي الحنفي): قال السدي يجتمع المهدي وعيسى ابن مريم فيجيء وقت الصلاة فيقول المهدي لعيسى: تقدم، فيقول عيسى: أنت أولى بالصلاة فيصلي عيسى وراءه مأموماً.
يقاتلون على الحق
(صحيح مسلم): قال جابر بن عبد الله: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال: فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم، تعال صلّ بنا فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة.
(التعليق): هذا الحديث مما يدل على استمرار الدعوة إلى الله والحق في الدنيا حتى ظهور الإمام المهدي (عليه السلام).
(وهذا) جواب للمثبطين الذين يقولون: (يجب أن تمتلئ الدنيا كفراً وضلالةً حتى يظهر الإمام، فلا نعمل حتى يعجّل في ظهوره)، وهو خطأ من جهات عديدة ذكرنا بعضها سابقاً.
(إسعاف الراغبين للصبان الحنفي): وجاء في روايات أنه عند ظهوره ينادي فوق رأسه ملك: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه فتذعن له الناس، ويشربون حبه وأنه يملك الأرض شرقها وغربها وأن الذين يبايعونه أولاً بين الركن والمقام بعدد أهل بدر ثم يأتيه أبدال الشام، ونجباء مصر، وعصائب أهل المشرق، وأشباههم ويبعث الله إليه جيشاً من خراسان برايات سود ثم يتوّج إلى الشام، وفي رواية: إلى الكوفة، والجمع ممكن، إن الله تعالى يمده بثلاثة آلاف من الملائكة، وإن أهل الكهف من أعوانه.
قال السيوطي: وحينئذ فسر تأخيرهم إلى هذه المدة إكرامهم بشرف دخولهم في هذه الأمة وإعانتهم للخليفة الحق، وأن على مقدمة جيشه رجلاً من تميم خفيف اللحية يقال له شعيب بن صالح وأن جبرئيل على مقدمة جيشه وميكائيل على ساقته وأن السفياني يبعث إليه من الشام جيشاً فيخسف بهم بالبيداء فلا ينجو منهم إلا المخبر فيسير إليه السفياني بمن معه فتكون النصرة للمهدي (عليه السلام) ويذبح السفياني.
لا يبقى خراب
(إسعاف الراغبين): وفي بعض الآثار: أنه يخرج في وتر من السنين (إلى أن قال) وأنه يبلغ سلطانه المشرق والمغرب وتظهر له الكنوز ولا يبقى في الأرض خراب إلا يقهره.
(منتخب كنز العمال): عن علي قال: ويحا للطالقان فإن لله فيها كنوزاً ليست من الذهب والفضة، ولكن بها رجال عرفوا الله حق معرفته وهم أنصار المهدي آخر الزمان.
المهدي الركن الشديد
(ينابيع المودة) عن كتاب (المحجة): ما كان قول لوط لقومه: (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (6) إلا تمنياً لقوة القائم المهدي وشدة أصحابه، وهم الركن الشديد فإن الرجل منهم يعطى قوة أربعين رجلاً وإن قلب رجل منهم أشد من زبر الحديد، ولو مروا بالجبال الحديد لتدكدكت لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عز وجل.
أجرأ من ليث
(ينابيع المودة للقندوزي الحنفي): عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): قال إن الله تعالى يلقي في قلوب محبينا الرعب فإذا قام قائمنا وظهر مهدينا كان الرجل أجرأ من ليث وأمضى من سنان.
(إساف الراغبين للصبان الحنفي): في بعض الآثار: أنه يخرج في وتر من السنين سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع وأنه بعد أن تعقد له البيعة بمكة يسير منها إلى الكوفة ثم يفرق الجنود إلى الأمصار وإن السنة من سنيه تكون مقدار عشر سنين.
(التعليق): يعني: مقدار عشر سنين في التقدم العلمي، والسياسي، والسير إلى الرخاء والأمن واستتباب الراحة والاطمئنان في العالم كله.
(ينابيع المودة): في قوله تعالى في سورة آل عمران: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا) (7)، قال: اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا على أذية عدوكم ورابطوا إمامكم المهدي المنتظر.
حروب طاحنة
السلمي الشافعي في (عقد الدرر): عن أبي عبد الله الحسين بن علي (رضي الله عنه) أنه قال: إذا رأيتم ناراً من المشرق ثلاثة أيام، أو سبعة، فتوقعوا فرج آل محمد إن شاء الله.
قال: ثم ينادي من السماء مناد باسم المهدي، فيسمع من بالمشرق والمغرب، حتى لا يبقى راقد إلا استيقظ، ولا نائم إلا قعد، ولا قاعد إلا قام على رجليه فزعاً، ورحم الله من سمع ذلك الصوت فأجاب، فإنه صوت جبرائيل الروح الأمين.
(التعليق): هذا هو الذي سبق في بعض الأحاديث أن آية تخرج من الشمس، فذاك مقيد، وهذا (من السماء) مطلق، ويحمل المطلق علي المقيد.
(والفرق) بين الراقد والنائم، هم أن النائم يقال لمن اضطجع إذا استلقى ولم يغلب النوم على سمعه وبصره، والراقد هو الذي غلب النوم على حواسه.
(وهذا) من الإرهاصات التي جعلها الله تعالى اهتماماً بظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ولعل المراد (بالنار) الحرب النووية، أو غيرها.
الحكومة الخامسة للمهدي (عليه السلام)
(الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي): عن أبي القاسم الطبراني، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: سيكون من بعدي خلفاء، ثم من بعد الخلفاء أمراء، ثم من بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة. ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
(التعليق): أربعة أنواع من الحكم تتقدم ظهور الإمام المهدي (عليه السلام).
(خلفاء) يدّعون خلافة النبي (صلى الله عليه وآله) (أمراء) لا يدّعون الخلافة ويدعون الإمارة لإصلاح الناس للرقاب والأموال (جبابرة) لا يدّعون شيئاً إلا الظلم والجبروت، وبعد هذه التجارب المرة كلها، وبعدما يبلغ السيل الربى، يظهر الإمام المهدي بدولة الحق والخير والسلام
الحضارة الكبرى
(الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي): عن أبي جعفر (رضي الله عنه) قال: إذا قام القائم سار إلى الكوفة فوسع مساجدها وكسر كل جناح خارج في الطريق، وأبطل الكنف والميازيب الخارجة إلى الطرقات، ولا يدرك بدعة إلا أزالها، ولا سنة إلا أقامها، ويفتح القسطنطينية، والصين، وجبال الديلم...
(التعليق): دولة يؤسسها الإمام المهدي (عليه السلام) دولة (الحضارة الكبرى).
فالحضارة بما لها من سعة معنى، وبما لها من أبعاد وأنواع، يقوم بتأسيسها الإمام المهدي (عليه السلام) (وسع مساجدها) لأن الجميع ينضمون تحت لواء الإيمان (وكسر كل جناح) لكي لا يزاحم المارة، ووسائل النقل، ويعطي البلد جمالاً رائعاً (وأبطل الكنف والميازيب) تطبيقاً للنظافة الإسلامية الواسعة (القسطنطينية) مركز المسيحية، و (الصين) مركز البوذية والإلحاد الشرك و (الديلم) مركز اليهود وغيرهم آنذاك.
إنه يوحد العالم تحت لواء (الحضارة الكبرى) في شتى الميادين، الفكرية، والعملية، والسياسية، والأخلاقية، وما إليها.
انتظار الفرج
(ينابيع المودة للقندوزي الحنفي): بسنده عن أمير المؤمنين (كرم الله وجهه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل العبادة انتظار الفرج.
قال الحافظ القندوزي مؤلف الكتاب: أي انتظار الفرج بظهور المهدي.
(التعليق): الانتظار للفرج والإصلاح بظهور الإمام المهدي (عليه السلام) يعمل عملين مزدوجين (روحياً)، (عملياً) أما روحياً، فبالحب، والمودة، والتولي للإمام، الذي وجب على الناس تجاه الإمام لقوله تعالى (إلا المودة في القربى) (9) وغير ذلك. (أما عملياً) فبالعمل بالإسلام وتجنيد نفسه للإسلام حتى إذا ظهر (الإمام) كان ممن يرضى الإمام عنه.
إحياء السنة وإزالة البدعة
(عقد الدرر للسلمي الشافعي): بسنده عن علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) في حديث ذكر فيه المهدي وما يفعله وما يقوم به إلى أن قال: ولا تكون بدعة إلا أزالها ولا سنة إلا أحياها.
(عقد الدرر): عن عبد الله بن عطاء قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (رضي الله عنه) فقلت: إذا خرج المهدي بأي سيرة يسير؟ قال: يهدم ما قبله ـ كما صنع رسول (صلّى الله عليه وآله) ـ ويستأنف الإسلام جديداً.
(التعليق) يعني: يهدم ما ألصق بالإسلام من الخرافات، والأوهام، والأباطيل، وتحليل الحرام، وتحريم الحلال، مما أوجدته المذاهب المختلفة، والشهوات. لا أنه يهدم كل ما كان قبله. فرسول الله (صلّى الله عليه وآله) أيضاً لم يهدم كل ما كان قبله، وإنما هدم الضلالات والأباطيل. فرسول الله (صلّى الله عليه وآله) مؤسس الإسلام، والإمام المهدي مجدد الإسلام.
الوئام الشامل
(عقد الدرر للسلمي الشافعي): بسنده عن علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) في حديث قال: فيبعث المهدي إلى أمرائه بسائر الأمصار: بالعدل بين الناس، وترعى الشاة والذئب في مكان واحد، ويلعب الصبيان بالحيات والعقارب لا يضرهم شيء، ويذهب الشر ويبقى الخير.
يزرع مدا يخرج سبعمائة مد، كما قال الله تعالى.
ويذهب الزنا، وشرب الخمور، والربا.
ويقبل الناس على العبادات، والشرع، والديانة، والطواف، والجماعات، وتطول الأعمار.
وتؤدى الأمانات.
وتحمل الأشجار، وتتضاعف البركات.
ويهلك الأشرار، ويبقى الأخيار.
ولا يبقى من يبغض أهل البيت.
(التعليق): لا بأس أن نقف بتأملات سريعة وخاطفة عند هذه الجمل لنقول عنها بعض الكلام، ويتضح عنها بعض الشيء.
تحت لواء أهل البيت (عليهم السلام)
(ولا يبقى من يبغض أهل البيت).
أعداء أهل البيت نوعان:
(الأول) جاهل بحقهم وفضلهم، ويصبح هذا القسم في عهد الإمام عالماً بهم، فيؤمن بهم، ويحمل ودّهم، وحبهم، وولائهم.
(الثاني) المعاند الذي قال عنه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له: وإن لنا أعداءً لو أذقناهم العسل المصفى ما زادوا لنا إلا بغضاً.
وهذا النوع يقاتله الإمام المهدي (عليه السلام)، ويقتله، ليطهر الأرض من خبثه ورجسه.
فلا يبقى مبغض لأهل البيت.
(والبحث) عن هذه النقاط طويل.. طويل وله شواهد وأمثلة كثيرة إلا أننا اقتصرنا على هذا الاختصار بما يناسب هذا المختصر.
تعظم الأمة

(المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري): عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحاً وتكثر الماشية، وتعظم الأمة.
(التعليق): (يسقيه الله الغيث) يعني: تكثر الأمطار، فتكون سبباً لكثرة المزارع والخيرات (يعطي المال صحاحاً) أي: كثيراً، لا يعطي لأحد الأنصاف والأرباع (وتعظم الأمة) أي: تصبح الأمة الإسلامية عظيمة.
(المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري): عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فتسع تنعم أمتي فيه نعمة لم ينعموا مثلها قط تؤتي الأرض أكلها لا تذخر عنهم شيئاً، والمال يومئذ كدوس يقوم الرجل فيقول: خذ
الأمة المعدودة
(ينابيع المودة): عن أبي خالد الكابلي عن الإمام جعفر الصادق (رضي الله عنه) في قول الله عز وجل (فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً) (1) قال: يعني أصحاب القائم الثلاثمائة وبضع عشرة وهم والله الأمة المعدودة يجتمعون في ساعة واحدة كقزع الخريف.
(التعليق): (قزع) ـ محركة ـ قطع السحاب المتفرقة(2)، والتشبيه بقزع الخريف، هو أن قطع السحاب في الخريف سرعان ما تجتمع، وأصحاب الإمام المهدي (عليه الصلاة والسلام) هكذا من مختلف بقاع الأرض يجتمعون بسرعة بالغة عند الإمام (عليه السلام).
(ينابيع المودة): في قوله تعالى: (ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة) (3) قال: إن الأمة المعدودة هم أصحاب المهدي في آخر الزمان ثلاثمائة وعشر رجلاً كعدة أهل بدر يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف.
(تاريخ ابن عساكر الشافعي): إذا قام قائم آل محمد جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف، فأما الرفقاء فمن أهل الكوفة، وأما الأبدال فمن أهل الشام.
(التعليق): (جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب) يعني: يخضع العالم له بسرعة مدهشة، لأنه (عليه السلام) يأتي حين أخذ الظلم والجور بخناق الجميع في العالم، والكل يتطلعون إلى من يصيح صيحة الخلاص والنجاة، فإذا أقام الإمام المهدي (عليه السلام)، وظهر، ونادى بصيحة الحق آمن به الجميع.
(وقد) أولينا هذا الموضوع بعض الشرح في كتاب لنا عن الإمام (عليه السلام) باسم (المهدي المنتظر خاتم الأوصياء).
(الرفقاء) لعل المراد بهم الأنصار من الدرجة الأولى، الذين هم أقرب الناس إلى الإمام، حتى قيل عنهم (رفقاء).
(الأبدال) كناية عن الأتقياء والصالحين الذين كلما غاب أو مات منهم شخص يبدله الله تعالى بآخر منهم.
(والشام) في التاريخ وعلم الحديث ليس الشام الآن وإنما المراد بها ما يشمل كل (سوريا ولبنان، وفلسطين، والأردن، وقسماً من تركيا) حسب التقسيم الدولي المعاصر.
ولعل هؤلاء الأبدال أو قسماً منهم من (جبل عامل) التي ظلت منذ عهد الإسلام الأول مدافعة عن الحق، والإيمان حتى اليوم، وأنتجت الألوف والألوف من الفقهاء، والأتقياء، حتى كتب العلماء كتباً خاصة بشخصيات (جبل عامل) ومنها كتاب (أمل الآمل في علماء جبل عامل) للعالم الكبير المحدث النحرير الشيخ محمد الحر العاملي (قدس سره).
الحياة بالعدل
(ينابيع المودة): في قوله تعالى: (اعلموا أن الله يحيى الأرض بعد موتها) (4) عن سلام بن مستنير عن الباقر (رضي الله عنه) قال: يحييها بالقائم فيعدل فيها فيحيي الأرض بالعدل بعد موتها بالظلم.
(ينابيع المودة): في قوله تعالى (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً) (5) قال: إن عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا غيره إلا آمنوا به قبل موتهم ويصلي عيسى خلف المهدي (عليه السلام).
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي الحنفي): قال السدي يجتمع المهدي وعيسى ابن مريم فيجيء وقت الصلاة فيقول المهدي لعيسى: تقدم، فيقول عيسى: أنت أولى بالصلاة فيصلي عيسى وراءه مأموماً.
يقاتلون على الحق
(صحيح مسلم): قال جابر بن عبد الله: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال: فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم، تعال صلّ بنا فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة.
(التعليق): هذا الحديث مما يدل على استمرار الدعوة إلى الله والحق في الدنيا حتى ظهور الإمام المهدي (عليه السلام).
(وهذا) جواب للمثبطين الذين يقولون: (يجب أن تمتلئ الدنيا كفراً وضلالةً حتى يظهر الإمام، فلا نعمل حتى يعجّل في ظهوره)، وهو خطأ من جهات عديدة ذكرنا بعضها سابقاً.
(إسعاف الراغبين للصبان الحنفي): وجاء في روايات أنه عند ظهوره ينادي فوق رأسه ملك: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه فتذعن له الناس، ويشربون حبه وأنه يملك الأرض شرقها وغربها وأن الذين يبايعونه أولاً بين الركن والمقام بعدد أهل بدر ثم يأتيه أبدال الشام، ونجباء مصر، وعصائب أهل المشرق، وأشباههم ويبعث الله إليه جيشاً من خراسان برايات سود ثم يتوّج إلى الشام، وفي رواية: إلى الكوفة، والجمع ممكن، إن الله تعالى يمده بثلاثة آلاف من الملائكة، وإن أهل الكهف من أعوانه.
قال السيوطي: وحينئذ فسر تأخيرهم إلى هذه المدة إكرامهم بشرف دخولهم في هذه الأمة وإعانتهم للخليفة الحق، وأن على مقدمة جيشه رجلاً من تميم خفيف اللحية يقال له شعيب بن صالح وأن جبرئيل على مقدمة جيشه وميكائيل على ساقته وأن السفياني يبعث إليه من الشام جيشاً فيخسف بهم بالبيداء فلا ينجو منهم إلا المخبر فيسير إليه السفياني بمن معه فتكون النصرة للمهدي (عليه السلام) ويذبح السفياني.
لا يبقى خراب
(إسعاف الراغبين): وفي بعض الآثار: أنه يخرج في وتر من السنين (إلى أن قال) وأنه يبلغ سلطانه المشرق والمغرب وتظهر له الكنوز ولا يبقى في الأرض خراب إلا يقهره.
(منتخب كنز العمال): عن علي قال: ويحا للطالقان فإن لله فيها كنوزاً ليست من الذهب والفضة، ولكن بها رجال عرفوا الله حق معرفته وهم أنصار المهدي آخر الزمان.
المهدي الركن الشديد
(ينابيع المودة) عن كتاب (المحجة): ما كان قول لوط لقومه: (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (6) إلا تمنياً لقوة القائم المهدي وشدة أصحابه، وهم الركن الشديد فإن الرجل منهم يعطى قوة أربعين رجلاً وإن قلب رجل منهم أشد من زبر الحديد، ولو مروا بالجبال الحديد لتدكدكت لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عز وجل.
أجرأ من ليث
(ينابيع المودة للقندوزي الحنفي): عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): قال إن الله تعالى يلقي في قلوب محبينا الرعب فإذا قام قائمنا وظهر مهدينا كان الرجل أجرأ من ليث وأمضى من سنان.
(إساف الراغبين للصبان الحنفي): في بعض الآثار: أنه يخرج في وتر من السنين سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع وأنه بعد أن تعقد له البيعة بمكة يسير منها إلى الكوفة ثم يفرق الجنود إلى الأمصار وإن السنة من سنيه تكون مقدار عشر سنين.
(التعليق): يعني: مقدار عشر سنين في التقدم العلمي، والسياسي، والسير إلى الرخاء والأمن واستتباب الراحة والاطمئنان في العالم كله.
(ينابيع المودة): في قوله تعالى في سورة آل عمران: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا) (7)، قال: اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا على أذية عدوكم ورابطوا إمامكم المهدي المنتظر.
حروب طاحنة
السلمي الشافعي في (عقد الدرر): عن أبي عبد الله الحسين بن علي (رضي الله عنه) أنه قال: إذا رأيتم ناراً من المشرق ثلاثة أيام، أو سبعة، فتوقعوا فرج آل محمد إن شاء الله.
قال: ثم ينادي من السماء مناد باسم المهدي، فيسمع من بالمشرق والمغرب، حتى لا يبقى راقد إلا استيقظ، ولا نائم إلا قعد، ولا قاعد إلا قام على رجليه فزعاً، ورحم الله من سمع ذلك الصوت فأجاب، فإنه صوت جبرائيل الروح الأمين.
(التعليق): هذا هو الذي سبق في بعض الأحاديث أن آية تخرج من الشمس، فذاك مقيد، وهذا (من السماء) مطلق، ويحمل المطلق علي المقيد.
(والفرق) بين الراقد والنائم، هم أن النائم يقال لمن اضطجع إذا استلقى ولم يغلب النوم على سمعه وبصره، والراقد هو الذي غلب النوم على حواسه.
(وهذا) من الإرهاصات التي جعلها الله تعالى اهتماماً بظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ولعل المراد (بالنار) الحرب النووية، أو غيرها.
الحكومة الخامسة للمهدي (عليه السلام)
(الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي): عن أبي القاسم الطبراني، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: سيكون من بعدي خلفاء، ثم من بعد الخلفاء أمراء، ثم من بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة. ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
(التعليق): أربعة أنواع من الحكم تتقدم ظهور الإمام المهدي (عليه السلام).
(خلفاء) يدّعون خلافة النبي (صلى الله عليه وآله) (أمراء) لا يدّعون الخلافة ويدعون الإمارة لإصلاح الناس للرقاب والأموال (جبابرة) لا يدّعون شيئاً إلا الظلم والجبروت، وبعد هذه التجارب المرة كلها، وبعدما يبلغ السيل الربى، يظهر الإمام المهدي بدولة الحق والخير والسلام
الحضارة الكبرى
(الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي): عن أبي جعفر (رضي الله عنه) قال: إذا قام القائم سار إلى الكوفة فوسع مساجدها وكسر كل جناح خارج في الطريق، وأبطل الكنف والميازيب الخارجة إلى الطرقات، ولا يدرك بدعة إلا أزالها، ولا سنة إلا أقامها، ويفتح القسطنطينية، والصين، وجبال الديلم...
(التعليق): دولة يؤسسها الإمام المهدي (عليه السلام) دولة (الحضارة الكبرى).
فالحضارة بما لها من سعة معنى، وبما لها من أبعاد وأنواع، يقوم بتأسيسها الإمام المهدي (عليه السلام) (وسع مساجدها) لأن الجميع ينضمون تحت لواء الإيمان (وكسر كل جناح) لكي لا يزاحم المارة، ووسائل النقل، ويعطي البلد جمالاً رائعاً (وأبطل الكنف والميازيب) تطبيقاً للنظافة الإسلامية الواسعة (القسطنطينية) مركز المسيحية، و (الصين) مركز البوذية والإلحاد الشرك و (الديلم) مركز اليهود وغيرهم آنذاك.
إنه يوحد العالم تحت لواء (الحضارة الكبرى) في شتى الميادين، الفكرية، والعملية، والسياسية، والأخلاقية، وما إليها.
انتظار الفرج
(ينابيع المودة للقندوزي الحنفي): بسنده عن أمير المؤمنين (كرم الله وجهه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل العبادة انتظار الفرج.
قال الحافظ القندوزي مؤلف الكتاب: أي انتظار الفرج بظهور المهدي.
(التعليق): الانتظار للفرج والإصلاح بظهور الإمام المهدي (عليه السلام) يعمل عملين مزدوجين (روحياً)، (عملياً) أما روحياً، فبالحب، والمودة، والتولي للإمام، الذي وجب على الناس تجاه الإمام لقوله تعالى (إلا المودة في القربى) (9) وغير ذلك. (أما عملياً) فبالعمل بالإسلام وتجنيد نفسه للإسلام حتى إذا ظهر (الإمام) كان ممن يرضى الإمام عنه.
إحياء السنة وإزالة البدعة
(عقد الدرر للسلمي الشافعي): بسنده عن علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) في حديث ذكر فيه المهدي وما يفعله وما يقوم به إلى أن قال: ولا تكون بدعة إلا أزالها ولا سنة إلا أحياها.
(عقد الدرر): عن عبد الله بن عطاء قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (رضي الله عنه) فقلت: إذا خرج المهدي بأي سيرة يسير؟ قال: يهدم ما قبله ـ كما صنع رسول (صلّى الله عليه وآله) ـ ويستأنف الإسلام جديداً.
(التعليق) يعني: يهدم ما ألصق بالإسلام من الخرافات، والأوهام، والأباطيل، وتحليل الحرام، وتحريم الحلال، مما أوجدته المذاهب المختلفة، والشهوات. لا أنه يهدم كل ما كان قبله. فرسول الله (صلّى الله عليه وآله) أيضاً لم يهدم كل ما كان قبله، وإنما هدم الضلالات والأباطيل. فرسول الله (صلّى الله عليه وآله) مؤسس الإسلام، والإمام المهدي مجدد الإسلام.
الوئام الشامل
(عقد الدرر للسلمي الشافعي): بسنده عن علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) في حديث قال: فيبعث المهدي إلى أمرائه بسائر الأمصار: بالعدل بين الناس، وترعى الشاة والذئب في مكان واحد، ويلعب الصبيان بالحيات والعقارب لا يضرهم شيء، ويذهب الشر ويبقى الخير.
يزرع مدا يخرج سبعمائة مد، كما قال الله تعالى.
ويذهب الزنا، وشرب الخمور، والربا.
ويقبل الناس على العبادات، والشرع، والديانة، والطواف، والجماعات، وتطول الأعمار.
وتؤدى الأمانات.
وتحمل الأشجار، وتتضاعف البركات.
ويهلك الأشرار، ويبقى الأخيار.
ولا يبقى من يبغض أهل البيت.
(التعليق): لا بأس أن نقف بتأملات سريعة وخاطفة عند هذه الجمل لنقول عنها بعض الكلام، ويتضح عنها بعض الشيء.
تحت لواء أهل البيت (عليهم السلام)
(ولا يبقى من يبغض أهل البيت).
أعداء أهل البيت نوعان:
(الأول) جاهل بحقهم وفضلهم، ويصبح هذا القسم في عهد الإمام عالماً بهم، فيؤمن بهم، ويحمل ودّهم، وحبهم، وولائهم.
(الثاني) المعاند الذي قال عنه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له: وإن لنا أعداءً لو أذقناهم العسل المصفى ما زادوا لنا إلا بغضاً.
وهذا النوع يقاتله الإمام المهدي (عليه السلام)، ويقتله، ليطهر الأرض من خبثه ورجسه.
فلا يبقى مبغض لأهل البيت.
(والبحث) عن هذه النقاط طويل.. طويل وله شواهد وأمثلة كثيرة إلا أننا اقتصرنا على هذا الاختصار بما يناسب هذا المختصر.



