حُكِيَ عن السدِّي قال: أضافني رجلٌ في ليلةٍ كنت أحبُّ الجليس، فرحَّبت به وأكرمته، وجلسنا نتسامر، وإذا به ينطلق بالكلام كالسيل إذا قصد الحضيض.
فطرقت له فانتهى في سمره إلى طفِّ كربلاء، وكان قريب العهد من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)، فتأوَّهتُ وتزفَّرتُ، فقال: مَا لَكَ؟
قال السدِّي: ذكرتَ مصاباً يهون عنده كل مصابٍ.
قال الرجل: أما كنتَ حاضراً يوم الطفِّ؟
قال السدِّي: لا والحمد لله.
قال الرجل: أراك تَحمُد، على أيِّ شيء؟!!
قال السدِّي: على الخلاصِ من دم الحسين (عليه السلام)، لأنَّ جدَّه (صلى الله عليه وآله) قال: "إن مَن طُولِبَ بدم ولدي الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان".
قال الرجل: هكذا قال جدّه (صلى الله عليه وآله)؟
قال السدِّي: نعم، وقال (صلى الله عليه وآله): "ولدي الحسين يُقتل ظلماً وعدواناً، أَلا ومن قتله يدخل في تابوت من نار، ويعذَّب بعذاب نصفِ أهل النار، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك، كُلَّما نضجت جلودهم بُدِّلوا بجلود غيرها ليذوقوا العذاب، فالويل لهم من عذاب جهنَّم".
قال الرجل: لا تصدِّق هذا الكلام يا أخي!
قال السدِّي: كيف هذا وقد قال (صلى الله عليه وآله): "لا كَذِبتُ وَلا كُذِّبتُ".
قال الرجل: ترى قالوا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "قاتل ولدي الحسين لا يطول عمره"، وها أنا وحقك قد تجاوزت التسعين مع أنك ما تعرفني.
قال السدي: لا والله.
قال الرجل: أنا الأخنس بن زيد.
قال السدِّي: وما صنعتَ يومَ الطف؟
قال الأخنس: أنا الذي أُمِّرتُ على الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطئِ جسم الحسين بسنابك الخيل، وهشمت أضلاعه، وجررت نطعا من تحت علي بن الحسين وهو عليل، حتى كببتُه على وجهه، وخرمت اُذنَي صفـيَّة بنت الحسين لقرطين كانا في أذنيها.
قال السدِّي: فبكى قلبي هجوعاً، وعيناي دموعاً، وخرجت أُعالج على إهلاكه، وإذا بالسراج قد ضعفت، فقمت أزهرها.
فقال: إجلس، وهو يحكي متعجباً من نفسه وسلامته، ومدَّ إصبعه ليزهرها فاشتعلت به، فَفَرَكَهَا في التراب فلم تنطفِ.
فصاح بي: أدركني يا أخي، فكببتُ الشربة عليها وأنا غير محبٍّ لذلك، فلما شمَّت النار رائحة الماء ازدادت قوَّة، وصاح بي ما هذه النار وما يطفئها؟!!
قلت: ألقِ نفسك في النهر، فرمى بنفسه، فكلَّما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه كالخشبة البالية في الريح البارح، هذا وأنا أنظره، فَوَالله الذي لا إله إلا هو، لم تُطفَأ حتى صار فحماً، وسار على وجه الماء!
فطرقت له فانتهى في سمره إلى طفِّ كربلاء، وكان قريب العهد من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)، فتأوَّهتُ وتزفَّرتُ، فقال: مَا لَكَ؟
قال السدِّي: ذكرتَ مصاباً يهون عنده كل مصابٍ.
قال الرجل: أما كنتَ حاضراً يوم الطفِّ؟
قال السدِّي: لا والحمد لله.
قال الرجل: أراك تَحمُد، على أيِّ شيء؟!!
قال السدِّي: على الخلاصِ من دم الحسين (عليه السلام)، لأنَّ جدَّه (صلى الله عليه وآله) قال: "إن مَن طُولِبَ بدم ولدي الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان".
قال الرجل: هكذا قال جدّه (صلى الله عليه وآله)؟
قال السدِّي: نعم، وقال (صلى الله عليه وآله): "ولدي الحسين يُقتل ظلماً وعدواناً، أَلا ومن قتله يدخل في تابوت من نار، ويعذَّب بعذاب نصفِ أهل النار، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك، كُلَّما نضجت جلودهم بُدِّلوا بجلود غيرها ليذوقوا العذاب، فالويل لهم من عذاب جهنَّم".
قال الرجل: لا تصدِّق هذا الكلام يا أخي!
قال السدِّي: كيف هذا وقد قال (صلى الله عليه وآله): "لا كَذِبتُ وَلا كُذِّبتُ".
قال الرجل: ترى قالوا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "قاتل ولدي الحسين لا يطول عمره"، وها أنا وحقك قد تجاوزت التسعين مع أنك ما تعرفني.
قال السدي: لا والله.
قال الرجل: أنا الأخنس بن زيد.
قال السدِّي: وما صنعتَ يومَ الطف؟
قال الأخنس: أنا الذي أُمِّرتُ على الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطئِ جسم الحسين بسنابك الخيل، وهشمت أضلاعه، وجررت نطعا من تحت علي بن الحسين وهو عليل، حتى كببتُه على وجهه، وخرمت اُذنَي صفـيَّة بنت الحسين لقرطين كانا في أذنيها.
قال السدِّي: فبكى قلبي هجوعاً، وعيناي دموعاً، وخرجت أُعالج على إهلاكه، وإذا بالسراج قد ضعفت، فقمت أزهرها.
فقال: إجلس، وهو يحكي متعجباً من نفسه وسلامته، ومدَّ إصبعه ليزهرها فاشتعلت به، فَفَرَكَهَا في التراب فلم تنطفِ.
فصاح بي: أدركني يا أخي، فكببتُ الشربة عليها وأنا غير محبٍّ لذلك، فلما شمَّت النار رائحة الماء ازدادت قوَّة، وصاح بي ما هذه النار وما يطفئها؟!!
قلت: ألقِ نفسك في النهر، فرمى بنفسه، فكلَّما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه كالخشبة البالية في الريح البارح، هذا وأنا أنظره، فَوَالله الذي لا إله إلا هو، لم تُطفَأ حتى صار فحماً، وسار على وجه الماء!