عِبَرٌ و دروس
من أحداث التاريخ
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه الطاهرين في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً وهب لنا رأفته ورحمته ودعائه وخيره ونصرته واجعلنا من أنصاره وأعوانه والذابين عنه ومن المستشهدين بين يديه برحمتك يا أرحم الراحمين .
وبعد التوكل على الله العلي القدير ..
ارتأيت أن اكتب هذا البحث المتواضع البسيط مني نصرةً للحق وإمام الحق أرواحنا لمقدمه الفداء ومن يمثل مسلكهم وخطهم ، وسوف نستعرض خلال هذا الجهد البسيط بعض الجوانب الأخلاقية فيما يتعلق بأخلاق الرسول ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) ، وأيضاً فيما يخص عدم الالتزام بأوامر الله تعالى ، وأيضاً بحث بسيط جداً في الإخلاص ، الغاية منه جلب النظر ، ومن ثم إلى أحقية أهل البيت ( عليهم السلام ) ونظرة تاريخية وخاصة لهذا البحث من خلال ما اطلعت عليه وقرأته في ما يتعلق بالسقيفة وتطبيقها اليوم وغيرها من الأمور. نسأل الله تعالى أن يوفقنا لمرضاته ويجنبنا عن معصيته.
الفصل الأول
في خلق النبي ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم )وسائر أحواله .
هنا نعطي نبذة مختصرة حول أخلاق الرسول ( صلى الله عليه وعلى آله ) وتواضعه وجوده وصدقه وحياته ، الخ ...
عندما يتكلم سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد الحسني ( دام ظله ) عن التكامل الفكري والروحي والأخلاقي والسعي والعمل بهذه التكاملات بجهد وعزم من أجل أن تحرز مقدمات حقيقية وصحيحة الغاية والهدف ، والهدف الأساس منها نصرة إمام الحق الحجة بن الحسن ( عجل الله فرجه الشريف ) وهذا واضح جداً ، ليس مقدمة
واحدة فقط بل مقدمات كثيرة منها التكامل الفكري والروحي والأخلاقي والذهني وغيرها ولكن نحن نقتصر على التكامل الأخلاقي وهنا بطبيعة الحال مأخوة من قواعدها الصحيحة يعني عندما يقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قده سره) في علم أصول الفقه الحلقة الأولى [ إذا وجب الشيء وجبت مقدمته ] يعني إذا كانت الصلاة واجبة فيجب أن تكون مقدمتها الوضوء واجبة ، أي الطهارة . إذن يصح لنا القول بأن طاعة الرسول واجبة بمن يقوم مقام الرسول وهو الأمام ( عليه السلام ) فيجب أن تكون هناك مقدمات والتي ذكرتها أعلاه ، وبهذا يتضح كلام السيد محمود الحسني ( دام الله ظله ) وتركيزه عليها . إذن يجب أن نتعامل مع هذه المقدمات ليس بالواقع النظري فحسب بل أن يتكون هناك تطبيق فعلي وعملي من أجل إحراز هذه المقدمات وهذه النظرة للأمام (عليه السلام).
عندما نتكلم عن الرسول (صلى الله عليه وعلى آل وسلم) في أخلاقه وتواضعه وحياته، يعجز الكلام وتنكسر الأقلام عن وصفه ونحن بدورنا سنعطي شيء بسيط عن سيرته عليه الصلاة والسلام في عدة جوانب.
أولاً /الجانب الأخلاقي :
عن ابن مسعود قال ( رجل يكلمه فأرعد فقال: هون عليك فلست بملك إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القد*)(1)
وأيضاً عن أنس بن مالك قال {إن النبي( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) أدركه إعرابي فأخذ بردائه فجذبه (2) جذبة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جذبته ، ثم قال له : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه الرسول
( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) وضحك وأمر له بعطاء }
وأيضاً عن أبي عبد الله (4) يقول: مرت برسول الله امرأة بذئية وهو جالس يأكل فقالت يا محمد إنك لتأكل أكل العبد وتجلس جلوسه ، فقال لها الرسول ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) ويحك وأي عبد أعبد مني فقالت : أما لي فتناولني لقمة من طعامك فناولها رسول ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) فقالت : لا والله إلا التي قبل قال فأخرج الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) لقمته من فيه فناولها فأكلتها. قال أبو عبد الله فما أصيبت بداء حتى فارقت الحياة .
* / القد : هو الشيء المقدود ، وبالفتح / جلد النملة ، وبالضم / هو السمك البحري . راجع ملحق الواحد .
(1)/ مكارم الأخلاق – الشيخ رضي الدين أبي نصر الحسن ابن الفضل الطبرسي ص12 .
(2)/ مكارم الأخلاق ص13 .
(3) / المصدر نفسه ص12 .
(4)/
ومن هنا نفهم أن الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) هو رحمة لهذه الأمة ونعمة من النعم الألهية إذ يجب علينا أن نشكر المنعم الواحد بهذه الرحمة ونحن نرى أن الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يمثل الصراط المستقيم والخط الأخلاقي اللامحدود وهو كيف إذا أرعد عليه أحد من الناس كيف يهون عليه ويصبر عليه بأن يهدأ ويعرف ويتفهم مدى حجم هذا الغضب المتكون في داخل الرجل .
وأيضاً كيف ترى يعرف عن نفسه وأصله وهو يقول أنا ليس بملك (كلا) إنما أنا ابن امرأة تأكل القد ، يعني لا أنا أفضل منك بشيء إنما أنا بشر مثلك ، لكن مع فرق هذه الرحمة أي النبوة والبشرى لكم من أجل تحقيقها والمساواة في ما بينكم ، هذه أخلاق الرسول وانظر إلى الإعرابي كيف يعتدي عليه( صلوات الله عليه) لكن كان الرسول يبتسم ويضحك ويعطي ما عنده من مال الله تعالى وهذا واضح جداً من قوله تعالى جل جلاله { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ، نعم بهذا الشكل كان الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) .
إذن ينبغي أن نتعلم من الرسول ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) وأن نكون متفهمين في أمورنا وعلاقاتنا الاجتماعية على أساس الرحمة والمودة والخير والعطاء من أجل هذا بعث الرسول لإتمام الخير والكمال في نفوس أمته وأيضاً أكد وحذر بخلافها الأئمة (عليهم السلام) عندما قال الأمام الصادق (عليه السلام){ عليكم بمكارم الأخلاق فأن الله عز وجل يحبها وإياكم ، ونذال الأفعال فان الله يبغضها ....... ، } إلى أن قال (عليه السلام) { ... وعليكم بحسن الخلق فأنه يبلغ بصاحبه درجة الصائم }.