
اظهر كاتب لبناني مدى خطورة ظاهرة الانتحار مقارنة بظاهرة المخدرات مشيرا الى بلوغ عدد ضحايا الانتحار الناجح اكثر من مئة على اقل تقدير من عدد ضحايا تعاطي المخدرات بشكل عام .
جاء ذلك في كتاب اصدره حديثا الدكتور اللبناني احمد عياش تحت عنوان " نماذج حية لمسائل لم تحسم بعد " تناول فيه ظاهرة الانتحار التي تتزايد في المجتمعات البشرية بشكل عام والمجتمع اللبناني بشكل خاص.
واعتبر الدكتور عياش ان امر الانتحار مهمل في لبنان مبينا ان العدد الصحيح لضحايا جرائم القتل في حده الاقصى في لبنان يبلغ ضعفي عدد ضحايا الانتحار الناجح في حده الادنى.
ورأى ان الانتحار قرار ذاتي بتدمير الذات وبانهاء "الانا" واستقالة واضحة من الحياة ورفض لاستمرارية الوجود مضيفا ان "الانتحار مرحلة اخيرة من مشروع موت تحمله فكرة خاضعة لعوامل نفسية ذاتية تجد بدورها اسبابها في اعماق الذات أي في طيات التكوين النفسي او انعكاس لمتغيرات خارجية لا تقوى الذات على تحملها او التفاعل معها "
وذكر الدكتور عياش ان للانتحار ثلاثة اشكال الاول هو الانتحار الناجح ويكون فيه الموت محققا والتدمير الذاتي نهائيا ويتحقق عبر سلوك محكم التنفيذ ولا تنفع معه كل محاولات العلاج والثاني هو الانتحار الفاشل حيث تكون فيه رغبة بالموت الا ان السلوك الانتحاري غير محكم التنفيذ .
وعزا سبب فشل هوءلاء الاشخاص في الانتحار اما لسرعة تدخل المحيط لانقاذهم واما لضعف التدبير لعملية الانتحار .
واوضح الدكتور عياش ان الشكل الثالث فهو الرديف الانتحاري ويقول الدكتور عياش ان "للانتحار رديفا وحالة مقنعة يعمل بها الانسان تارة معلنا نيته بالموت الارادي الا انه غير قادر على تنفيذ السلوك الانتحاري وتارة دون اعلانه نيته بالموت رغم انه يسلك سلوكا انتحاريا يوءدي به الى الموت" .
وحدد الاسباب المباشرة للانتحار واهمها اضطراب العلاقات العاطفية والاحداث العائلية والاجتماعية والسياسية والعقائدية والاحداث الاقتصادية والمرضية (السرطان والايدز) والاعتداءات الجنسية (الاغتصاب) وحالات الانتقام .
وتناول الدكتور عياش في كتابه مسألة "القانون والانتحار" وقال انه " في المجتمعات القديمة كأثينا اعتبر الانتحار مخالفا للقانون" مستشهدا بقول ارسطو "الانتحار خطأ ضد الدولة ".
وقال ان القانون اللبناني لايعاقب المنتحر لانه لايجوز لشخص ان يكون جانيا ومجنيا عليه في ان معا بعد موته او خلال حياته موضحا ان العقوبة تطال كل من شارك من قريب او بعيد مباشرة او غير مباشرة في عملية التحريض او المساعدة لاتمام الانتحار .
وذكر عياش ان عدد المنتحرين ومحاولي الانتحار في لبنان عام 1974 بلغ حوالي 172 شخصا أي قبل الحرب الاهلية بسنة واحدة مشيرا الى انه اثناء الحرب اللبنانية لم تصدر احصاءات رسمية عن عدد المنتحرين نظرا لغياب موءسسات الدولة.
ورأى ان نسبة "الانتحار" الناجح في لبنان ارتفعت بشكل ملحوظ مع مطلع التسعينات وبلغت ذروتها عام 1999 اذ بلغ عددهم اكثر من 100 مواطن.
وعزا الدكتور عياش ذلك الى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطن اللبناني وتفشي المشاكل الاجتماعية كالاغتصاب والثأر وازدياد حالات الاكتئاب نتيجة الاحباط العام . وقال ان معظم حالات الانتحار تتم في المناطق الاكثر اكتظاظا بالسكان وخصوصا في جبل لبنان وبيروت. (كونا