الشيعة والتقية:-
قال العلاّمة المظفر في كتابه عقائد الامامية ص 343 ـ 346 : (عقيدتنا في التقيّة) :-
روي عن صادق آل البيت عليه السلام في الأثر الصحيح : « التقيّة ديني ودين آبائي » و « من لا تقيّة له لا دين له » ، وكذلك هي ، لقد كانت شعاراً لآل البيت عليهم السلام ، دفعاً للضرر عنهم وعن أتباعهم وحقناً لدمائهم ، واستصلاحاً لحال المسلمين وجمعاً لكلمتهم ، ولمّاً لشعثهم ، وما زالت سمة تُعرف بها الاِمامية دون غيرها من الطوائف والأمم ، وكلّ إنسان إذا أحسّ بالخطر على نفسه أو ماله بسبب نشر معتقده أو التظاهر به لا بد أن يتكتّم ويتقي في مواضع الخطر ، وهذا أمر تقتضيه فطرة العقول ومن المعلوم أن الامامية وأئمّتهم لاقوا من ضروب المحن وصنوف الضيق على حرياتهم في جميع العهود ما لم تلاقه أية طائفة أو أمة أخرى ، فاضطروا في أكثر عهودهم إلى استعمال التقيّة بمكاتمة المخالفين لهم وترك مظاهرتهم وستر اعتقاداتهم وأعمالهم المختصة بهم عنهم ، لما كان يعقب ذلك من الضرر في الدين والدنيا ، ولهذا السبب امتازوا (بالتقية) وعُرفوا بها دون سواهم .
وللتقيّة أحكام من حيث وجوبها وعدم وجوبها بحسب اختلاف مواقع خوف الضرر مذكورة في أبوابها في كتب العلماء الفقهية. وليست هي بواجبة على كل حال ، بل قد يجوز أو يجب خلافها في بعض الأحوال كما إذا كان في إظهار الحق والتظاهر به نصرة للدين وخدمة للإسلام ، وجهاد في سبيله ، فإنّه يستهان بالأموال ولا تعز النفوس ، وقد تحرم التقية في الأعمال التي تستوجب قتل النفوس المحترمة أو رواجاً للباطل ، أو فساداً في الدين ، أو ضرراً بالغاً على المسلمين بإضلالهم أو إفشاء الظلم والجور فيهم ، وعلى كل حال ليس معنى التقية عند الامامية أنها تجعل منهم جمعية سرية لغاية الهدم والتخريب ، كما يريد أن يصورها بعض أعدائهم غير المتورعين في إدراك الأمور على وجهها ، ولا يكلِّفون أنفسهم فهم الرأي الصحيح عندنا ، كما أنه ليس معناها أنها تجعل الدين وأحكامه سراً من الأسرار لا يجوز أن يذاع لمن لا يدين به ، كيف وكتب الاِمامية ومؤلفاتهم فيما يخص الفقه والأحكام ومباحث الكلام والمعتقدات قد ملأت الخافقين وتجاوزت الحد الذي ينتظر من أية أُمّة تدين بدينها.
بلى ! إن عقيدتنا في التقيّة قد استغلها من أراد التشنيع على الاِمامية ، فجعلوها من جملة المطاعن فيهم ، وكأنهم كان لا يشفي غليلهم إلاّ أن تقدم رقابهم إلى السيوف لاستئصالهم عن أخرهم في تلك العصور التي يكفي فيها أن يقال هذا رجل شيعي ليلاقي حتفه على يد أعداء آل البيت من الأمويين والعباسيين ، بل العثمانيين .
وإذا كان طعن من أراد أن يطعن يستند إلى زعم عدم مشروعيتها من ناحية دينية ، فإنا نقول له : « أولاً » أننا متبعون لاَئمّتنا عليهم السلام ونحن نهتدي بهداهم ، وهم أمرونا بها وفرضوها علينا وقت الحاجة ، وهي عندهم من الدين وقد سمعت قول الصادق ـ عليه السلام ـ : (من لا تقية له لا دين له) (راجع : بحار الأنوار : ج 64 ص 103 ح 21 و ج 75 ص 347 ح 4).
و « ثانياً » قد ورد تشريعها في نفس القرآن الكريم ذلك قوله تعالى : « النحل : 106))(إلاّ مَن أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) وقد نزلت هذه الآية في عمّار بن ياسر الذي التجأ إلى التظاهر بالكفر خوفاً من أعداء الإسلام ، وقوله تعالى : ( إلاّ أن تتقوا منهم تقاة ) وقوله تعالى « المؤمن : 28 » : ( وَقالَ رَجُلٌ مِن آلِ فِرعونَ يَكتُم إيمانَه).
روايات أهل السنة الدالة على التقية:-
1- قولهم بجواز تلفظ كلمة الكفر بالله تعالى والقلب مطمئن بالإيمان ، عند الإكراه عليها. الجامع لأحكام القرآن | القرطبي المالكي 10 : 180 . وأحكام القرآن | ابن العربي المالكي 3: 1177 | 1182 . والمبسوط | السرخسي الحنفي 24 : 48 . وبدائع الصنائع | الكاساني الحنفي 7 : 175 ، ط2 ، دار الكتاب العربي ، بيروت | 1402 هـ . وأحكام القرآن | محمد بن ادريس الشافعي 2: 114 ـ 115 ، دار الكتب العلمية ، بيروت | 1400 هـ . والمغني | ابن قدامة الحنبلي 8 : 262 ، ط1 ، دار الفكر ، بيروت | 1404 هـ .
2- تجويزهم سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حال التقية. فتاوى قاضيخان | الفرغاني الحنفي 5 : 489 وما بعدها ، مطبوع بهامش الفتاوى الهندية ، ط4، دار إحياء التراث العربي ، بيروت | 1406 هـ .
3- تجويزهم أيضاً السجود إلى الصنم في ما لو أُكره المسلم عليه. الجامع لأحكام القرآن | القرطبي 10 : 180 . وتفسير ابن جزي الكلبي المالكي : 366 دار الكتاب العربي ، بيروت | 1403 هـ .
4- قول الشيخ المراغي : «ويدخل في التقية مداراة الكفرة ، والظلمة ، والفسقة ، وإلانة الكلام لهم ، والتبسم في وجوههم ، وبذل المال لهم لكف أذاهم ، وصيانة العرض منهم ، ولا يُعد هذا من الموالاة المنهي عنها ، بل هو مشروع». تفسير المراغي 3 : 136 ـ 137 ، وقد صرّح بجواز المداراة المعتزلة كما في مسائل الهادي يحيى ابن الحسين الرسي المعتزلي : 107 نقلناه من معتزلة اليمن | علي محمد زيد : 190 ، ط2 ، دار العودة ، بيروت | 1405 هـ ، وكذلك الخوارج الاَباضية كما في المعتبر لأبي سعيد الكديمي الاَباضي 1 : 212 طبع وزارة التراث القومي في سلطنة عُمان | 1405 هـ .
5- اتفق المالكية والحنفية والشافعية على جواز ترك الصلاة المفروضة في ما لو أُكره المسلم على تركها. الجامع لأحكام القرآن | القرطبي المالكي 10 : 180 وما بعدها . والمبسوط | السرخسي الحنفي 24 : 48 . والأشباه والنظائر | السيوطي الشافعي : 207 ـ 208 .
6- صرّح المالكية والحنفية والشافعية بعدم ترتب الإثم على من أفطر في شهر رمضان تقية بسبب ضغط الإكراه عليه. الجامع لأحكام القرآن 10 : 180 . والمبسوط | السرخسي الحنفي 24 : 48 . وفتاوى قاضيخان | الفرغاني الحنفي 5 : 487 . والأشباه والنظائر | السيوطي الشافعي : 207 ـ 208 .
7- جوازها في اليمين الكاذبة : لو حلف إنسان بالله كاذباً ، فلا كفارة عليه إن كان مكرهاً على اليمين ، وله ذلك تقية على نفسه ، وتكون يمينه غير ملزمة عند مالك والشافعي وأبي ثور ، وأكثر العلماء على حد تعبير النووي الشافعي ، واستدل بحديث : «ليس على مقهور يمين». المجموع شرح المهذب | النووي الشافعي 18 : 3 ، دار الفكر ، بيروت .
8- وقال ابن حزم الظاهري : «فمن أكره على شرب الخمر أو أكل الخنزير أو الميتة أو الدم أو بعض المحرمات ، أو أكل مال مسلم أو ذمي ، فمباح له أن يأكل ويشرب ولا شيء عليه لأَحد ولا ضمان». المحلّى | ابن حزم 8 : 330 مسألة : 1404 .
قال العلاّمة المظفر في كتابه عقائد الامامية ص 343 ـ 346 : (عقيدتنا في التقيّة) :-
روي عن صادق آل البيت عليه السلام في الأثر الصحيح : « التقيّة ديني ودين آبائي » و « من لا تقيّة له لا دين له » ، وكذلك هي ، لقد كانت شعاراً لآل البيت عليهم السلام ، دفعاً للضرر عنهم وعن أتباعهم وحقناً لدمائهم ، واستصلاحاً لحال المسلمين وجمعاً لكلمتهم ، ولمّاً لشعثهم ، وما زالت سمة تُعرف بها الاِمامية دون غيرها من الطوائف والأمم ، وكلّ إنسان إذا أحسّ بالخطر على نفسه أو ماله بسبب نشر معتقده أو التظاهر به لا بد أن يتكتّم ويتقي في مواضع الخطر ، وهذا أمر تقتضيه فطرة العقول ومن المعلوم أن الامامية وأئمّتهم لاقوا من ضروب المحن وصنوف الضيق على حرياتهم في جميع العهود ما لم تلاقه أية طائفة أو أمة أخرى ، فاضطروا في أكثر عهودهم إلى استعمال التقيّة بمكاتمة المخالفين لهم وترك مظاهرتهم وستر اعتقاداتهم وأعمالهم المختصة بهم عنهم ، لما كان يعقب ذلك من الضرر في الدين والدنيا ، ولهذا السبب امتازوا (بالتقية) وعُرفوا بها دون سواهم .
وللتقيّة أحكام من حيث وجوبها وعدم وجوبها بحسب اختلاف مواقع خوف الضرر مذكورة في أبوابها في كتب العلماء الفقهية. وليست هي بواجبة على كل حال ، بل قد يجوز أو يجب خلافها في بعض الأحوال كما إذا كان في إظهار الحق والتظاهر به نصرة للدين وخدمة للإسلام ، وجهاد في سبيله ، فإنّه يستهان بالأموال ولا تعز النفوس ، وقد تحرم التقية في الأعمال التي تستوجب قتل النفوس المحترمة أو رواجاً للباطل ، أو فساداً في الدين ، أو ضرراً بالغاً على المسلمين بإضلالهم أو إفشاء الظلم والجور فيهم ، وعلى كل حال ليس معنى التقية عند الامامية أنها تجعل منهم جمعية سرية لغاية الهدم والتخريب ، كما يريد أن يصورها بعض أعدائهم غير المتورعين في إدراك الأمور على وجهها ، ولا يكلِّفون أنفسهم فهم الرأي الصحيح عندنا ، كما أنه ليس معناها أنها تجعل الدين وأحكامه سراً من الأسرار لا يجوز أن يذاع لمن لا يدين به ، كيف وكتب الاِمامية ومؤلفاتهم فيما يخص الفقه والأحكام ومباحث الكلام والمعتقدات قد ملأت الخافقين وتجاوزت الحد الذي ينتظر من أية أُمّة تدين بدينها.
بلى ! إن عقيدتنا في التقيّة قد استغلها من أراد التشنيع على الاِمامية ، فجعلوها من جملة المطاعن فيهم ، وكأنهم كان لا يشفي غليلهم إلاّ أن تقدم رقابهم إلى السيوف لاستئصالهم عن أخرهم في تلك العصور التي يكفي فيها أن يقال هذا رجل شيعي ليلاقي حتفه على يد أعداء آل البيت من الأمويين والعباسيين ، بل العثمانيين .
وإذا كان طعن من أراد أن يطعن يستند إلى زعم عدم مشروعيتها من ناحية دينية ، فإنا نقول له : « أولاً » أننا متبعون لاَئمّتنا عليهم السلام ونحن نهتدي بهداهم ، وهم أمرونا بها وفرضوها علينا وقت الحاجة ، وهي عندهم من الدين وقد سمعت قول الصادق ـ عليه السلام ـ : (من لا تقية له لا دين له) (راجع : بحار الأنوار : ج 64 ص 103 ح 21 و ج 75 ص 347 ح 4).
و « ثانياً » قد ورد تشريعها في نفس القرآن الكريم ذلك قوله تعالى : « النحل : 106))(إلاّ مَن أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) وقد نزلت هذه الآية في عمّار بن ياسر الذي التجأ إلى التظاهر بالكفر خوفاً من أعداء الإسلام ، وقوله تعالى : ( إلاّ أن تتقوا منهم تقاة ) وقوله تعالى « المؤمن : 28 » : ( وَقالَ رَجُلٌ مِن آلِ فِرعونَ يَكتُم إيمانَه).
روايات أهل السنة الدالة على التقية:-
1- قولهم بجواز تلفظ كلمة الكفر بالله تعالى والقلب مطمئن بالإيمان ، عند الإكراه عليها. الجامع لأحكام القرآن | القرطبي المالكي 10 : 180 . وأحكام القرآن | ابن العربي المالكي 3: 1177 | 1182 . والمبسوط | السرخسي الحنفي 24 : 48 . وبدائع الصنائع | الكاساني الحنفي 7 : 175 ، ط2 ، دار الكتاب العربي ، بيروت | 1402 هـ . وأحكام القرآن | محمد بن ادريس الشافعي 2: 114 ـ 115 ، دار الكتب العلمية ، بيروت | 1400 هـ . والمغني | ابن قدامة الحنبلي 8 : 262 ، ط1 ، دار الفكر ، بيروت | 1404 هـ .
2- تجويزهم سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حال التقية. فتاوى قاضيخان | الفرغاني الحنفي 5 : 489 وما بعدها ، مطبوع بهامش الفتاوى الهندية ، ط4، دار إحياء التراث العربي ، بيروت | 1406 هـ .
3- تجويزهم أيضاً السجود إلى الصنم في ما لو أُكره المسلم عليه. الجامع لأحكام القرآن | القرطبي 10 : 180 . وتفسير ابن جزي الكلبي المالكي : 366 دار الكتاب العربي ، بيروت | 1403 هـ .
4- قول الشيخ المراغي : «ويدخل في التقية مداراة الكفرة ، والظلمة ، والفسقة ، وإلانة الكلام لهم ، والتبسم في وجوههم ، وبذل المال لهم لكف أذاهم ، وصيانة العرض منهم ، ولا يُعد هذا من الموالاة المنهي عنها ، بل هو مشروع». تفسير المراغي 3 : 136 ـ 137 ، وقد صرّح بجواز المداراة المعتزلة كما في مسائل الهادي يحيى ابن الحسين الرسي المعتزلي : 107 نقلناه من معتزلة اليمن | علي محمد زيد : 190 ، ط2 ، دار العودة ، بيروت | 1405 هـ ، وكذلك الخوارج الاَباضية كما في المعتبر لأبي سعيد الكديمي الاَباضي 1 : 212 طبع وزارة التراث القومي في سلطنة عُمان | 1405 هـ .
5- اتفق المالكية والحنفية والشافعية على جواز ترك الصلاة المفروضة في ما لو أُكره المسلم على تركها. الجامع لأحكام القرآن | القرطبي المالكي 10 : 180 وما بعدها . والمبسوط | السرخسي الحنفي 24 : 48 . والأشباه والنظائر | السيوطي الشافعي : 207 ـ 208 .
6- صرّح المالكية والحنفية والشافعية بعدم ترتب الإثم على من أفطر في شهر رمضان تقية بسبب ضغط الإكراه عليه. الجامع لأحكام القرآن 10 : 180 . والمبسوط | السرخسي الحنفي 24 : 48 . وفتاوى قاضيخان | الفرغاني الحنفي 5 : 487 . والأشباه والنظائر | السيوطي الشافعي : 207 ـ 208 .
7- جوازها في اليمين الكاذبة : لو حلف إنسان بالله كاذباً ، فلا كفارة عليه إن كان مكرهاً على اليمين ، وله ذلك تقية على نفسه ، وتكون يمينه غير ملزمة عند مالك والشافعي وأبي ثور ، وأكثر العلماء على حد تعبير النووي الشافعي ، واستدل بحديث : «ليس على مقهور يمين». المجموع شرح المهذب | النووي الشافعي 18 : 3 ، دار الفكر ، بيروت .
8- وقال ابن حزم الظاهري : «فمن أكره على شرب الخمر أو أكل الخنزير أو الميتة أو الدم أو بعض المحرمات ، أو أكل مال مسلم أو ذمي ، فمباح له أن يأكل ويشرب ولا شيء عليه لأَحد ولا ضمان». المحلّى | ابن حزم 8 : 330 مسألة : 1404 .