إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الفنّ اللغوي الحروفي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفنّ اللغوي الحروفي

    الفنّ اللغوي الحروفي
    جوهر الفنون التّشكيليّة القديمة والحديثةوالمعاصرة
    بقلم: حسين أحمد سليم
    الفنّ اللُغوي, أو ما يصحّتسميته بالفنّ الحروفي, أو الفنّ اللُغوي الاحروفي, هو فنّ تشكيليّ عربي قديموعريق في هذا الشّرق, عراقة وقدم فنّ الزّخرفة... وُلد هذا الفنّ الحروفي, مع حركةفعل إجتراح حروف المنظومة الهجائيّة الضّاديّة, من قبل مخترعيها ومبتكريهاالأوائل: أبجد, هوّز, حطّي, كلمن, سعفص, قرشت, ثخذ, ضظغلا... بحيث تبلور هذا الفنّفيما بعد, مع كلّ شكل من أشكال الحروف الأبجديّة, وكانت تنويعات لافتة ورائعة فيعمليّات تشكيل وكتابة هذه الحروف على أسس ومباديء ضابطة, نسخ وثلث ورقع وديوانيوتعليق وكوفي وتاجي وهندسي... هذا الفنّ العربي الشّرقي الذي له دلالاته الخاصّةوله نكهته الخاصّة, أيضا له لغته الخاصّة وصوته الخاصّ وتشكيله الخاصّ... والحوارالفنّي الحروفي التّشكيلي, يكون من خلال التّفاعل مع عناصر كلّ حرف من منظومة هذهالحروف الضّاديّة مباشرة, ومحاولة فهم هذا الفنّ اللُغوي الحروفي التّشكيلي منخلال لغته ومن خلال صوته ومن خلال روحيّته...
    الفنّ اللُغوي الحروفيالتّشكيلي, هو ذلك الفنّ العربي الشّرقي العريق والقديم, الذي نريد له أن يكون سمةهذا الشّرق وهويّة هذا الشّرق وماهيّة هذا الشّرق... ولسنا في تسليط الضّوء علىهذا الفنّ اللُغوي الحروفي العربي الشّرقي التّشكيلي العريق والقديم, نطمح لولوجفلك فنّ تشكيلي جديد من كوّة حقب الأمس الشّرقي العربي, أو من زاوية الماضي البعيدللفنون الشّرقيّة العربيّة, ولسنا بصدد ريادة فضاءات فنّ لُغوي حروفي تشكيلي جديدبنفس المفهوم الذي نحمله في وجداننا بالنّظر إلى معالم الفنّ الماضي... فاللغةالتي ورثناها وتعلّمناها عن السّلف, وإتّقنّا حروفيّاتها وحفظنا أشكالها وتموسقنابأصواتها, قد لا تسمح لنا في عمليّة فعل الحوار الفنّي التّشكيلي, إلا من حلالأشكالها ومبادئها وقواعدها المعروفة... ولكن يُمكننا القيام بحركة فعل الجرأةوإقتحام ما لا يُسمح بإقتحامه, وإبتكار أشكال جديدة مستحدثة في محاكاة عصريّة, تعكسحالات التّطوّر والتّحديث الشّكلي لمنظومة أبجديّة الحروف الضّاديّة, وبالتّاليصناعة اللوحة الفنّيّة الحروفيّة التّشكيليّة العصريّة...
    إذا فهمنا أنّ الفنّ الحروفيالشّرقي, هو الكينونة الفنّيّة التّشكيليّة, التي تتراءى لنا في فلكيّات الفنّالتّشكيلي الحديث والمعاصر العام, نستطيع أن نعي مدى الحافذ الذي يُحرّضنا فيأعماقنا, وسعة الرّغبة في حركة فعل الخلق والإبتكار والإبداع, تجاوزا للقلق الذينعاني منه والتّململ الذي يقضّ دواخلنا, ونحن نغطّ عند شواطيء الإنتظار الفنّيالمديد, نجترّ قلقنا الفنّي وهمومنا التّشكيليّة, تخطفنا الومضات لما يتراءى لنافي البعد المرتجى من أحلام فنّيّة وآمال تشكيليّة... فالمستقبل في حركة لا تقفتمتدّ على مساحة رقعة الرّؤية الفنّيّة التّشكيليّة, يتّسع حينا في تشكيل فنّيحروفي, ويضيق أحيانا في إبتكار حروفي محدود... وفي كلا الحالتين من الإتّساعوالإنكماش في لعبة التّشكيل الفنّي الحروفي, نتلمّس أنّ فعل الإبداع يجمد أحيانافي لوحة حروفيّة أو منحوتة حروفيّة أيضا, بحيث تتماهى لأعيننا إيماءات عناصرالخطوط وموسقات الألوان ودندنات الأشكال, كما القصائد المجنّحة الآتية على صهواتالخلق والإبداع, تنبض بكلّ عناصر الأحاسيس والمشاعر, تحمل لنا كلّ الدّفق المتفجّرمن الينابيع العربيّة الشّرقيّة, التي يكتنز بها تاريخنا الحافل بمعالم لا حصر لهامن بقايا ذلك الومض الفنّي الحروفي التّشكيلي...
    فنّانون عرب محدّثون ومعاصرونكُثر من هذا الشّرق, نادوا بالعودة إلى الأصالة العربيّة الشّرقيّة والعمل بهافعليّا, من خلال حركة التّحديث الفنّي والمعاصرة, داعون للعودة إلى العمل بالتّراثالأصيل والموروثات الثّريّة, طامحين لبناء فنّ حروفي تشكيلي متنوّع, يستطيعون منخلاله الوقوف في وجه التّغريب الفنّي, ومجابهة الغزو الفكري الأجنبي الذي يجتاحنافي تشكيليّاتنا الفنّيّة, وبالتّالي العمل الجادّ على تحرير ما علق بوجداننا منتبعيّة فنّيّة مطلقة للغرب... وكان للأحداث المتعاقبة على أرضنا الدّفع الأقوى, فيعمليّة إعادة تفعيل الفنّ الحروفي العربي القديم, وتجذير الحروف العربيّة فياللوحة الفنّيّة أو في المنحوتة الصّخريّة أو المعدنيّة أو الخشبيّة... وهي خياراتإعتمدها الكثير من الفنّانين العرب, إنحيازا جريئا في تحديث التّجريد الشّرقي, منخلال فعل إستلهام الموروثات التّراثيّة الشّرقيّة, من خلال إحياء الكتاباتالحروفيّة والتّشكيلات الزّخرفيّة والهندسيّة والأرابسكيّة, جنبا إلى جنب مع تفعيلالفنّ الأيقوني الشّرقي... بإيحاءات متنوّعة من روحيّة الحضارات القديمة التي سادتفي هذا الشّرق ثمّ بادت, الفرعونيّة والسّومريّة والبابليّة والأشوريّةوالفينيقيّة... وهكذا بدأت رحلة الخطّ العربي تبرز في نتاج الفنّانين التّشكيليينالعرب, في حركة فنّيّة تشكيليّة لإستعادة الأصول والتّراث والأقلام القديمة, ولكنفي رؤى وأشكال مستحدثة, فيما ذهب بعض الفنّانين العرب إلى فعل الإنعتاق والتّحرّرمن المباديء والقيود والقواعد الأساسيّة, في عمليّة تجاوزيّة لديناميّة الحروف,وإعتماد هذه الحروف في شكلها المجرّد من أيّ كلمة أو معنى...
    حافظ الفنّانون الحروفيّونالتّشكيليّون العرب, وإحتفظوا في نتاجهم الفنّي التّشكيلي على منظومة أبجديّة حروفيّاتاللغة العربيّة, معتمدين حروف أبجديّة الهجائيّة الضّاديّة أساساً للتّعبير فيوضوح تامّ يحمل صور أشكالها ومعانيها, فيما غدت منظومة أبجديّة الحروفيّاتالعربيّة في أشكالها وحروفها وألفاظها وكلماتها ونصوصها, وباتت حقلا واسعا ومفتوحاعلى مصراعيه لحركات فعل التّجريب والبحث والتّنقيب والخلق والإبداع والإبتكاروالتّحديث والتّطوير... بحيث نتج في المحصّلة التّصنيفيّة للإتّجاهات الحروفيّةالعربيّة الفنّيّة التّشكيليّة, العديد من الحالات التي باتت بارزة في نتاجالفنّانين التّشكيليين الحروفيين العرب... فمنهم من جعل من منظومة هذه الحروف,نقطة محوريّة إلى الإنطلاق ونقطة أخرى في حركة الوصول, في عمليّة فعل البناءالفنّي التّشكيلي, ومنهم من جعل من النّصوص العربيّة, مادّة ثريّة للبحث الفنّي والتّشكيليفي المجالين اللغوي والبصري, ومنهم من إتّخذ من أشكال وعناصر الحروف العربيّةوالكتابة العربيّة, صهوة إشتغال بصري لها من دون تعويل على المعنى أو الإنتباه له,ومنهم من إتّخذ من عناصر منظومة الحروف العربيّة, عنصرا جماليّا وحسب بين جملة منالعناصر التّشكيليّة الأخرى في عمليّة بناء اللوحة التّجريديّة تحديدا, ومجموعةإتّخذت من العناصر اللغويّة العربيّة عاملا هندسيّا صرفا أقامت عليه رؤيتهاالفنّيّة التّشكيليّة...
    الفنّاللُغوي الحروفي العربي الشّرقي, له أهمّيته الفنّيّة الجماليّة في بناء اللوحةالفنّيّة التّجريديّة, التي تستلهم من حركة الكتابة القديمة أو الحديثة, صورةشعريّة متناغمة للشّرق القديم والعريق... وهو ما تنبّه له بعض الفنّانينالتّشكيليين العرب واللبنانيين, وإلتفتوا إلى جماليّة التّكوينات التّراثيّةالشّرقيّة الموروثة والمحفوظة في بعض المتاحف المحلّيّة والعالميّة, ووجدوا في هذهالتّكوينات العناصر الخصبة المحفّزة على فعل التّأمّل والإستلهام من جهة, وتحقيق ما يتفاعل والكينونة البشريّةعند الفنّان التّشكيلي, من تلقائيّة وغريزيّة وعفويّة مباشرة... بحيث تدفعه إلىالتّفاعل الفنّي مع الإتّجاهات التّجريديّة التي تستلهم في إيقاعاتها الفنّيّةالمتنوّعة, تستلهم المناخ اللوني لمعالم ومشهديّات الشّرق, إضافة للإشاراتالهندسيّة التي تسكن رحيّة الكتابات والمخطوطات القديمة... وعليه يصحّ المنادة فيالفلك الفنّي التّشكيلي بجرأة وحضور قوي, بالفنّ اللُغوي الحروفي التّشكيلي, كفنّقديم جديد ومستحدث, لأنّ اللوحة اللُغويّة الحروفيّة تشبه القصيدة المتكاملة وزناومعنى, تعمل أثيريّا على قرع الأبواب المغلقة بهدوء وسكينة وفتحها دون ضجّة تُسمع,فالأبواب الإبداعيّة والإبتكاريّة نفسها, هي الأجنحة المعدّة لتحليق الفنّ اللُغويالحروفي التّشكيلي, وبالتّالي ترقّي الفنّان الحروفي التّشكيلي...
    إنّ الحقيقة الكامنة في كنهعناصر الحروفيّات العربيّة ما هي إلا جوهرا خفيّا, يختبيء وراء الصّور الظّاهريّةلأشكال الحروف وعناصرها, والفنّان الحروفي التّشكيلي البارع يستطيع تنظيم لوحتهالفنّيّة الحروفيّة, بتصحيح ما يجب تصحيحه وفقا للقاعدة السّليمة... وهنا يكمن سرّالجمال في كينونة العمل الفنّي الحروفي, النّابع من عناصر أبجديّة البناء الفنّي,الذي يعتمد على قدرات وخيال الفنّان الحروفي التّشكيلي في لغة الشّكل من جهةوموسقة اللون من جهة أخرى, ممّا ينتج عنه تراكيب فنّيّة تشكيليّة تتماهى بالجمال,مبنيّة على قواعد ومباديء منظومة الأبجديّة الحروفيّة الضّاديّة, التي تمتازبالرّصانة والجدّيّة في حركة فعل الأداء الفنّي...
    التّجارب التي قام بها بعضالفنّانين العرب على اللوحة العربيّة الحروفيّة, أتت بدلالات على جانب كبير منالخصوصيّة, من حيث التركيز على العمل على فضاءات اللوحة وموادّها وخاماتهاومضتمينها... فيما الإشتغال على على المساحة التّصويريّة, صرف هواجس الفنّانينالعرب نحو المواد والخامات والتّقنيّات الجديدة من عجائن ولدائن وطلاوة وموادّنافرة إحتلّت الصّدارة في التّجريد الجديد, المبتكر من مواد البناء والعناصرالهجينة والملامس المتنوّعة... وقد برز العديد من الفنّانين التّشكيليين العرب فيهذا المجال... فيما أخذ الفنّ اللغوي الحروفي منحى جديدا, مصحوبا بحقول منالإشارات والتّبصيمات في عمليّة فعل تعقّب آثار الخطّ وسحر العلامة أو الإشارة...هذا وقد منح بعض الفنّانين التّشكيليين الحروفيين اللوحة الحروفيّة أعلى نفحاتهاالتّأمّليّة الإستشرافيّة, بحيث جعلوا من الحروف لغة مقروءة, بتحقيق التّحويروالدّمج بحروف أخرى... وهناك تجارب لافتة من جيل الفنّانين التّشكيليين تقوم علىفعل إستلهام مظاهر الحروفيّأت والرّقش في الفنون الإسلاميّة في تموضعات الفضاءالمتعدد الأبعاد...
    الفنّ اللُغوي الحروفيبمختلف مظاهره هو المعبّر عن ذائقة شريحة كبيرة من المجتمعات العربيّة... فيما هذاالفنّ يحقّق صعوده في التّجارب الإيرانيّة المعاصرة, والتي دمجت بين الطّقوسوالشّعائر الدّينيّة والفلكلور... هذا وقد وصل الفنّ اللُغوي الحروفي إلى حالة منالإستهلاك الخالي من المعاني, وهو ما يمكن أن يفتح الباب على مصراعيه أمام العلاقةالمزدوجة بين المقدّس والزّخرف البصري... بينما نرى أنّ المرحلة الحالية عنوانهاالحركة البصريّة الجديدة المعاصرة, النّابعة من خلال الإجتهادات والتّأويلاتالمرتكزة على الصّورة الرّقميّة, المنتجة من خلال البرمجيات الرّقمية المبتكرةإضافة للتّقنيات الجديدة في فنّ التّصوير الفوتوغرافي وتأثيرات الكتابة الحروفيّةعليها, ممّا يقحم الفنّ اللُغوي الحروفي في سياقات منهجيّة مدرسة ومذهب الفنّالشّعبي الإستهلاكي...
    هذا ويُشكّل النّصّ الحروفيبشكل نموذجي مقدّمات أو خلفيات للبورتريهات الملتقطة بعدسة الكاميراالفوتوغرافيّة... ويظهر هذا النّوع في الوشم الذي يغطّي وجوه بعض النّساء أو ظاهركفوفها في حركات تعبيريّة عمّا يجيش في مكنون تلكم النّساء اللواتي يعشن فيمجتمعات متنوّعة... بحيث تأتي الكتابات الحروفيّة بمنزلة الوشم والطّلاسم والأحجبةفي إشارة واضحة إلى سمة ونكهة وهويّة المرأة اللتي تحملها... في حركة فعل العصيانأو الثّورة على الواقع المعاش الذي يعكس حالات الكبت وقمع الحرّيات... عملابالعادات والتّقاليد والأعراف المتّبعة في تلك المجتمعات التي تنتمي إليها...
    إلى هذا فإنّ الكتابةالحروفيّة المعاصرة أصبحت وسيلة للعبور إلى فنّ الشّارع وفنّ الملصقات وكتاباتالجدران والحوائط والفنّ المفاهيمي... فالكتابات الإعلانيّة والشّعارات والعناوينالرّنّانة أضحت جزءا من الإيقونوغرافيّة الجديدة في الكثير من أعمال الفنّانينالتّشكيليين الحروفيين... سيّما فنّ الدّمج بين لغة الجسد الإنساني والإثارةوالكلمات التي تختصر البعد الذي يرمي إليه الفنّان الحروفي التّشكيلي... هذا وقدبز على السّاحة الكثير من الأعمال الفنّيّة الحروفيّة التي تمزج بين المشهد أوالصّورة أو الجسد أو الأطراف والنّصوص القرآنيّة أو الإنجيليّة والتي تتماهى بهاالكثير من الجدران والحوائط في الكثير من المجتمعات العربيّة واللبنانيّة...
    إلى هذا يجدر بنا أن نلفتالإنتباه إلى أنّ الثّورة الرّقميّة التي برزت في مرحلة التّسعينات, فتحت حركةالرّسم على الحواسيب عصرا جديدا أما اللوحات الحروفيّة والأرابسكيّة, بحيث باتللفنّان التّشكيلي وخاصّة الحروفي إنتقاء ما يحلو له من أشكال وألوان الحروفالأبجديّة للتّعبير عمّا يجول في خاطره ووجدانه, ليخرج من أشكال هذه التّنويعاتالحروفيّة ما لا حصر له من تكبير وتصغير وإنبعاج ودمج وتجزئة وتكرار وتقابلاتوتدابرات, إضافة لحركة فعل التّلوين ممّا يثري اللوحة الحروفيّة اللُغويّة... وهذاما جعل الحاسب الرّقمي أداة فاعلة من أدوات الإجادة العصريّة في تشكيل اللوحةالحروفيّة الجديدة محاكاة لموجات الحداثة وما بعدها من العصرنة...
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X