تويت
على من تقرأ مزاميرك يا سيادة الرئيس؟!
منذ اندلاع شرارة الأحداث بسوريا طالعتنا فصائل المعارضة بأنّ هذه الأحداث هي حراك شعبي من أجل فرض إصلاحات على النظام، إصلاحات كان النظام نفسه قد اقتنع بإجرائها ولكن تأخر لأسباب مبررة وأخرى لا، وأن هذا الحراك سيكون سلمي وغير مسلّح . ولم يمضِ وقت طويل حتى تلوّنت الأحداث باللون الأحمر وتسلّحت . وأعلنتها المعارضات "ثورة على النظام حتى اسقاطه ورحيل الأسد".
وتدفقت الأسلحة المتنوّعة من كل حدب وصوب على المسلحين وأُغدقوا بالأموال العربية والغربية وارتكبت المجازر الوحشية بحق أفراد الجيش السوري الذي لم يكن أمامه سوى الرد والرد القوي، وقام بعمليات تطهير ضد الإرهابيين في طول البلاد وعرضها . ووصلت الأمور لحد الحرب الأهلية التي حصدت حتى الآن عشرات آلاف القتلى والجرحى ومئات آلاف المشردين ودمرت مقدّرات البلاد على كل الصعد .
الآن وبعد مرور سنتين على بداية الأحداث، لا زال النظام قائماً ولم يسقط . ويأتي حديث الرئيس الأسد الأخير لصحيفة الصنداي تايمز ليعكس مدى ارتياح النظام . هذا النظام عينه كان محط تأييد ودعم من قبل العالم الغربي، بالرغم من دوره القوي في الممانع في الصراع العربي الإسرائيلي، عندما كان مؤيداً للعمليات العسكرية الأميركية إبّان تحرير الكويت من الغزو العراقي حيث قدّم الرئيس الراحل حافظ الأسد المساعدة الميدانية والسياسية للإدارة الاميركية ومن خلفها الحكومات الغربية، وكجائزة له لُزّمت سوريا ورقتي "لبنان"و"فلسطين" آنذاك، ولكنها بقيت في دائرة الخطر بسبب دعمها للمقاومة ضد إسرائيل على أن تتم محاسبتها في الوقت المناسب .
ومع سقوط بغداد عام 2003 واقتلاع الحكم السني القوي في المنطقة وإعادة حكم أرض العباسيين وعاصمتهم إلى الشيعة، تحت عنوان الديموقراطية وكحلقة في مسلسل إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، كان لابد من تعويض السّنة عن هذه الخسارة الفادحة . ولم تجد الإدارة الأميركية سوى عاصمة الأمويين كبديل، وأيضاً تحت عنوان الديموقراطية ومتابعةً لمسلسل إعادة ترتيب المنطقة عينه. وقد عبّر مساعد وزيرة الخارجية الأميركية فرنانديز آنذاك بـ "أنه من غير المعقول أن تحكم الأقلية في سوريا ".
ومن أجل إضعاف النظام السوري في المنطقة وسلخه عن محيطه وتأليب الرأي العام الدولي ضده، أغتيل الرئيس رفيق الحريري عام 2005 واتهم هذا النظام بالجريمة . وكان الضغط على سوريا قوياً لتسريع سحب قواتها من لبنان، علماً أن الرئيس بشار الأسد كان قد أعلن نيته سحب هذه القوة مسبقاً وفق خطة يضعها البلدان . وزاد هذا الضغط على النظام السوري عبر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وعبر فرض عقوبات دبلوماسية، اقتصادية ومالية . ولكن هذا النظام بقي صامداً لسببين اثنين : قوته وتماسك شعبه . هذان الأمران اللذان حاول المتربصون شرأً ضربهما ففشلوا في الأول ولكنهم نجحوا في الثاني . وتم زرع الفتنة والاقتتال الدائر اليوم ممنين النفس بسقوط النظام وبلوغ الأهداف : الديموقراطية المزعومة في الشرق الأوسط الجديد وضرب محور الممانعة لإسرائيل .
فيا سيادة الرئيس،
لو ناديت بالحوار كل يوم فلن تجد آذانأً صاغية
لو مددت يدك للسلم كل ساعة فلن تجد أيادٍ ممدودة
لو قلت بالإصلاحات ليلاً نهاراً فلن تجد نوايا طيبة
فعلى من تقرأ مزاميرك يا سيادة الرئيس؟!
الدكتور حسين خليل