إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

القول بأن الصحابة عدول

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القول بأن الصحابة عدول

    الصحابة كغيرهم من الرجال فيهم العدول وهم عظماؤهم وعلماؤهم ، وفيهم البغاة وفيهم أهل الجرائم من المنافقين ، وفيهم مجهول الحال ، فنحن نحتج بعد ولهم و نتولاهم في الدنيا والآخرة . أما البغاة على الوصي وأخي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسائر أهل الجرائم كابن هند وابن النابغة وابن الزرقاء وابن عقبة وابن أرطأة ز أمثالهم ، فلا كرامة لهم ولا وزن لحديثهم ، ومجهول الحال نتوقف فيه حتى نتبين أمره . هذا رأينا في حملة الحديث من الصحابة ، والكتاب والسنة هما بيننا على هذا الرأي كما هو مفصل في مظانه من أصول الفقه ، لكن الجمهور بالغوا في تقديس

    كل من يسمونه صحابيا حتى خرجوا عن الاعتدال فاحتجوا بالغث منهم والسمين ، واقتدوا بكل مسلم سمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو رآه اقتداء أعمى ، وأنكروا على من يخالفهم في هذا الغلو ، وخرجوا في الإنكار على كل الحدود . وما أشد إنكارهم علينا حين يروننا نرد حديث كثير من الصحابة مصرحين بجرحهم أو بكونهم مجهولي الحال عملا بالواجب الشرعي في تمحيص الحقائق الدينية والبحث عن الصحيح من الآثار النبوية . وبهذا ظنوا الظنون فاتهمونا بما اتهمونا رجما بالغيب وتهافتا على الجهل ، ولو ثابت إليهم أحلامهم ورجعوا إلى قواعد العلم لعلموا أن أصالة العدالة في الصحابة مما لا دليل عليها ، ولو تدبروا القرآن الحكيم بوجوده مشحونا بذكر المنافقين منهم وحسبك منه سورة التوبة والأحزاب " ( إنتهى كلام شرف الدين ) . ويقول الدكتور حامد حفني داود أستاذ كرسي الأدب العربي ورئيس قسم اللغة العربية بجامعة عين شمس بالقاهرة : " أما الشيعة فيرون أن الصحابة كغيرهم تماما لا فرق بينهم وبين من جاء بعدهم من المسلمين إلى يوم القيامة . وذلك من حيث خضوعهم لميزان واحد هو ميزان العدالة الذي توزن به أفعال الصحابة كما توزن به أفعال من جاء بعدهم من الأجيال وأن الصحبة لا تعطي بصاحبها منقبة إلا إذا كان أهلا لهذه المنقبة وكان لديه الاستعداد نعموا برسالة صاحب الشريعة صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن منهم المعصومين كالأئمة الذين نعموا بصحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كعلي وابنيه ( عليهم السلام ) ومنهم العدول وهم الذين أحسنوا الصحبة لعلي بعد انتقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى . ومنهم المجتهد المصيب ، ومنهم المجتهد المخطئ ومنهم الفاسق ، ومنهم الزنديق ، وهو أقبح من الفاسق وأشد نكالا ويدخل في دائرة الزنديق المنافقون والذين يعبدون الله على حرف ، كما أن منهم الكفار وهم الذين لم يتوبوا من نفاقهم والذين ارتدوا بعد الإسلام .

    ومعنى هذا أن الشيعة - وهم شطر عظيم من أهل القبلة - يضعون جميع المسلمين في ميزان واحد ولا يفرقون بين صحابي وتابعي ومتأخر ، وأن الصحبة في ذاتها ليست حصانة يتحسن بها من درجة الاعتقاد . وعلى هذا الأساس المتين أبا حوا لأنفسهم - اجتهادا - نقد الصحابة والبحث في درجة عدالتهم ، كما أبا حوا لأنفسهم الطعن في نفر من الصحابة أخلوا بشروط الصحبة و حادوا عن محبة أن محمد صلى الله عليه وآله وسلم . كيف لا ، وقد قال الرسول الأعظم : " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي أل بيتي ، وإنهما يفترقا حتى يردا على الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " . وعلى أساس من هذا الحديث ونحوه يرون أن كثيرا من الصحابة حالفوا هذا الحديث باضطهادهم لآل محمد ، ولعنهم لبعض أفراد هذه العترة ، ومن ثم فكيف يستقيم لهؤلاء المخالفين شرف الصحبة ، وكيف يوسموا بسمة العدالة ؟ ! ذلك هو خلاصة رأي الشيعة في نفي صفة العدالة عن بعض الصحابة وتلك هي الأسباب العلمية الواقعية بنوا عليها حججهم " . هذا ويعترف الدكتور حامد حنفي داود في موضع آخر بأن نقد الصحابة وتجريحهم ليس هو بدعا من مسائل العقيدة ، ولم يكتفوا فيما تعرضوا له بعامة الصحابة بل تعرضوا للخلفاء أنفسهم ، وكان لهم في ذلك خصوم ومؤيدون . وقد كان موضوع نقد الصحابة قصرا - في القرون الأولى - على الراسخين في العلم ولخاصة علماء المعتزلة ، وسبقهم في هذا الاتجاه رؤوس الشيعة وزعماء المتعصبين لآل محمد . وسبق أن أشرت في غير هذا الموضع أن علماء الكلام وشيوخ المعتزلة كانوا عالة على زعماء الشيعة منذ القرن الهجري الأول ، وعليه فقضية نقد الصحابة إنما هي وليدة التشيع لآل محمد ، ولكنها كانت وليدة التشيع ، لا لذات التشيع ،

    بل لأن المتشيعين لآل محمد عرفوا بتبحرهم في علوم العقائد بسبب ما نهلوا من موارد أئمة أل البيت وهم المصدر الأصيل والمعين الفياض الذي نهلت منه الثقافات الإسلامية منذ صدر الإسلام إلى اليوم " (كتاب الصحابة في نظر الشيعة الإمامية صفحة 8 وما بعدها) . انتهى كلام الدكتور حامد داود . وأنا أعتقد بأن الباحث عن الحقيقة لا بد له من فتح باب النقد والتجريح وإلا سيبقى محجوبا عنها ، بالضبط " كأهل السنة والجماعة " الذين بالغوا في القول بعدالة الصحابة وعدم البحث في أحوالهم فبقوا بعيدين عن الحق إلى يومنا هذا .

    الصحابة عند " أهل السنة والجماعة " أما " أهل السنة والجماعة " فقد بالغوا قي تنزيه الصحابة ، والقول بعدالتهم جميعا بدون استثناء وخرجوا بذلك على حدود العقل والنقل عندما أنكروا على من ينتقد أحدا منهم أو يقول بعدم عدالته فضلا عن تفسيقهم ، وإليك طرفا من أقوالهم لتعرف بعدهم عن مفاهيم القرآن وما ثبت في السنة النبوية الصحيحة ، وما أثبته ، وما أثبته العقل والوجدان . هذا الإمام النووي يقول في شرح صحيح مسلم : " إن الصحابة ( رضي الله عنهم ) كلهم هم صفوة الناس وسادات الأمة ، وأفضل ممن بعدهم ، وكلهم عدول قدوة لا نخالة فيهم ، و إنما جاء التخليط ممن بعدهم ، وفيمن بعدهم كانت النخالة (صحيح مسلم ج 8 ص 22 ) . وهذا يحيى بن معين يقول : كل من شتم عثمان أو طلحة أو أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دجال يكتب عنه ولعنة الله والملائكة والناس أجمعين . (تهذيب التهذيب ج 1 ص 509 ) وهذا يحيى بن معين يقول : كل من شتم عثمان أو طلحة أو أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دجال لا يكتب عنه وعليه لعنة الله والملائكة و الناس أجمعين (تهذيب التهذيب ج 1 ص 509 ) وهذا الذهبي يقول : من الكبائر سب أحد من الصحابة فمن طعن فيهم أو سبهم ، فقد خرج من الدين ومرق من ملة المسلمين (كتاب الكبائر للذهبي ص 233 و 235 ) وسئل القاضي أبو يعلى عمن شتم أبا بكر ؟ فقال : كافر ، قيل فيصلى عليه ؟

    قال : لا فقيل كيف يصنع به وهو يشهد أن لا إله إلا الله ؟ لا تسموه بأيديكم ، ادفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته (كتاب الصارم المسلول ص 275 ) . ويقول الإمام أحمد بن حنبل : " خير الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر ، وعمر بعد أبي بكر ، وعثمان بعد عمر ، وعلي بعد عثمان ، وهم خلفاء راشدون مهديون ، ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد هؤلاء الأربعة خير الناس ، لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص ، فمن فعل ذلك فقد وجب تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه ، بل يعاقبه ويستتيبه ، فإن تاب قبل منه ، وإن ثبت أعاد عليه العقوبة وخلده في الحبس حتى يموت أو يراجع " . وقال الشيخ علاء الدين الطرابلسي الحنفي من شتم أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر أو عمر أو عثمان أو عليا أو معاوية أو عمرو بن العاص ، فإن قال : كانوا على ضلال وكفر ، قتل ، وإن شتمهم بغير هذا من مشاتمة الناس نكل نكالا شديدا . (كتاب معين الحكام فيها يتردد بين الخصمين من الأحكام ص 187 ) وينقل الدكتور حامد حفني داود أقوال " أهل السنة والجماعة " باختصار ، فيقول : " يرى أهل السنة أن الصحابة كلهم عدول ، وأنهم جميعا مشتركون في العدالة وإن اختلفوا في درجاتها ، وأن من كفر صحابيا فهو كافر ، ومن فسقه فهو فاسق ، وأن من طعن في صحابي فكأنما طعن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . ويرى جهابذة أهل السنة أيضا أنه يجوز الخوض فيما جرى بين علي ( رضي الله عنه ) ومعاوية من أحداث التاريخ . وأن من الصحابة من اجتهد وأصاب وهو علي ومن نحا نحوه ، وأن منهم من اجتهد وأخطأ مثل معاوية وعائشة ( رضي الله عنها ) ومن نحا نحوهما ، وأنه ينبغي - في نظر أهل السنة - الوقوف والإمساك عند هذا الحكم دون التعرض لذكر المثالب . ونهوا عن سب معاوية باعتباره صحابيا ، وشددوا النكير على من سب عائشة ، باعتبارها أم المؤمنين الثانية بعد خديجة وباعتبارها جب رسول الله .

    وما زاد على ذلك فينبغي ترك الخوض فيه وأرجاء أمره إلى الله سبحانه ، وفي ذلك يقول الحسن البصري وسعيد بن المسيب : " تلك أمور طهر الله منها أيدينا وسيوفنا فلنطهر منها ألسنتنا " . " هذه خلاصة آراء أهل السنة في عدالة الصحابة وفيما ينبغي أن تقف منهم " (كتاب الصحابة في نظر الشيعة الإمامية ص 8 و 9 ) . انتهى كلامه . وإذا أراد الباحث أن يتوسع في معرفة الصحابة ومن المقصودون بهذا المصطلح على رأي " أهل السنة والجماعة " فسيدرك بأنهم يعطون هذا الوسام الشرقي لكل من رأى النبي ! يقول البخاري في صحيحه : من صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه . ويقول أحمد بن حنبل : أفضل الناس بعد صحابة الرسول من البدريين كل من صحبه سنة أو شهرا أو يوما ، أو رآه ، وله من الصحبة على قدر ما صحبه (الكفاية ص 51 وكتاب تلقيح فهوم أهل الآثار ص 2 ) . وقال ابن حجر في كتاب " الإصابة قي تمييز الصحابة " : من روى عن النبي حديثا أو كلمة ، أو رآه وهو مؤمن به فهو من الصحابة ، ومن لقي النبي مؤمنا به ومات على الإسلام ، طالت مجالسته معه أو قصرت ، روى عنه أو لم يرو ، غزا أو لم يغز ، من رآه ولم يجالسه ومن لم يره لعارض " (كتاب الإصابة لابن حجر ج 1 ص 10 ) والأغلبية الساحقة من " أهل السنة والجماعة " يرون هذا الرأي ويعدون من الصحابة كل من رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو ولد في حياته ، وإن لم يدرك و لم يعقل ، وليس أدل على ذلك من عدهم محمد بن أبي بكر من الصحابة وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولمحمد بن أبي بكر من العمر ثلاثة أشهر فقط . ولذلك نري ابن سعد يقسم الصحابة إلى خمس طبقات في كتابه المشهور بطبقات ابن سعد .

    وهذا الحاكم النيسابوري صاحب كتاب " المستدرك " يجعلهم اثنتي عشره طبقة كالآتي : الطبقة الأولي : هم الذين أسلموا بمكة قبل الهجرة كالخلفاء الراشدين . الطبقة الثانية : هم الذين حضروا دار الندوة . الطبقة الثالثة : هم الذين هاجروا إلى الحبشة . الطبقة الرابعة : هم الذين حضروا العقبة الأولي . الطبقة الخامسة : هم الذين حضروا العقبة الثانية . الطبقة السادسة : هم الذين هاجروا للمدينة بعد هجرة الرسول إليها . الطبقة السابعة : هم الذين شهدوا بدرا . الطبقة الثامنة : هم الذين هاجروا بعد بدر وقبل الحديبية . الطبقة التاسعة : هم الذين شهدوا بيعة الرضوان . الطبقة العاشرة : هم الذين هاجروا بعد الحديبية وقبل فتح مكة ، أمثال خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهم . الطبقة الحادية عشرة : هم الذين سماهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالطلقاء . الطلقة الثانية عشرة : هم صبيان وأطفال الصحابة الذين ولدوا في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمثال محمد بن أبي بكر . " فأهل السنة والجماعة " متفقون على عدالة الصحابة أجمعين والمذاهب والأربعة يقبلون رواياتهم بدون تردد ولا يسمحون بنقدها ولا الطن فيها . وناهيك أن رجال الجرح والتعديل الذين أخذوا على أنفسهم نقد المحدثين والرواة لفرز الأحاديث وتنقيتها ولكنهم إذا وصلوا إلى الصحابي مهما كانت طبقته ومهما كان عمره عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهم يتوقفون عند ذلك ولا يطعنون بروايته مهما أثير حولها من شبهات ومهما تعارضت مع العقل والنقل ، ويقولون بأن الصحابة لا يخضعون للنقد والتجريح وكلهم عدول !


    وهذا لعمري تكلف ظاهر ينفر منه العقل ويشمئز منه الطبع ولا يقره العلم ، ولا أعتقد بأن المثقفين من شباب يقبلون هذه البدع المضحكة . ولست أدري ولا أحد يدري من أين استمد " أهل السنة والجماعة " هذه الأفكار الغربية عن روح الإسلام الذي قال على الدليل العلمي والحجة البالغة ، وليتني أعلم ، وليت واحدا منهم يقنعني بدليل واحد من كتاب أو سنة أو منطق على عدالة الصحابة المزعومة ! ولكننا بحمد الله عرفنا اللغز من تلك الآراء المزيفة ، فعلي الباحثين أن يكتشفوا بدورهم بعض الأسرار التي ما زالت تنتظر الجرأة و الشجاعة .

    فصل الخطاب في تقييم الأصحاب لا شك أن الصحابة بشر غير معصومين عن الخطأ ، وهم كسائر الناس العاديين يجب عليهم ما يجب على كل الناس ويحق لهم ما يحق لكل الناس ، وإنما لهم فضل الصحبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا احترموها ورعوها حق رعايتها ، وإلا فإن العذاب يكون مضافا لأن عدل الله سبحانه اقتضى أن لا يعذب البعيد القاضي كالقريب الداني ، فليس الذي سمع من النبي مباشرة ورأى نور النبوة وشهد المعجزات وتيقن منها وحظي بتعاليم النبي نفسه ، كمن عاش في زمن ما بعد النبي ولم يسمع منه مباشرة . والعقل والوجدان يفضلان رجلا يعيش في زماننا ويقيم على احترام الكتاب و السنة وتنفيذ تعاليمهما ، على صحابي عاش مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و صاحبه ولما يدخل الإيمان في قبله وأسلم استسلاما أو صاحبه على البر والتقوى طيلة حياته ولكنه ارتد وانقلب بعد وفاته . وهذا ما يقرره كتاب الله وسنة رسوله إضافة للعقل والوجدان وكل من له دراية بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، لا يرتاب في هذه الحقيقة ولا يجد عنها محيصا . ومثال ذلك قوله تعالى :  يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا  ( الأحزاب : " 30 )فالصحابة فيهم المؤمن الذي استكمل إيمانه ، وفيهم ضعيف الإيمان ، وفيهم الذي لم يدخل الإيمان قبله ، وفيهم التقي الزاهد ، وفيهم المتهور الذي لا يعرف

    غير مصلحته ، وفيهم العادل الكريم ، وفيهم الظالم اللئيم ، وفيهم أهل الحق المؤمنين ، وفيهم البغاة الفاسقون ، وفيهم العلماء العاملون ، وفيهم الجهلة المبتدعون ، وفيهم المخلصون وفيهم المنافقون والناكثون والمارقون والمرتدون . وإذا كان القرآن الكريم ، والسنة النبوية الشريفة والتاريخ أقروا هذه الأمور وأوضحوها بأجلى بيان ، فيصبح قول " السنة والجماعة " بأن الصحابة كلهم عدول قولا هراء لا عبرة به ولا قيمة ، لأنه يعارض القرآن والسنة ويعارض التاريخ والعقل والوجدان ، فهو محض التعصب ، وهو قول بلا دليل وكلام بلا منطق . وقد يتعجب الباحث في هذه الأمور من عقيلة " أهل السنة والجماعة " الذين يخالفون العقل والنقل والتاريخ . ولكن عندما يقرأ الباحث الأدوار التي لعبها الأمويون وكذلك الأساليب التي اتبعها العباسيون لتركيز هذه العقيدة - أعني احترام الصحابة وعدم انتقادهم والقول بعدالتهم - يزول عجبه ولا يساوره أدني شك في أنهم إنما منعوا الحديث في الصحابة لكيلا يصل إليهم النقد والتجريح لأفعالهم الشنيعة التي ارتكبوها تجاه الإسلام و نبي الإسلام والأمة الإسلامية . وإذا كان أبو سفيان ومعاوية ويزيد وعمرو بن العاص ومروان بن الحكم و المغيرة بن شيعة وبسر بن أرطأة ، كلهم من الصحابة وقد تولوا أمارة المؤمنين وحكموهم ، فكيف لا يمنعون الخوض في نقد الصحابة ، وكيف لا يختلقون لهم روايات مكذوبة تقول بعدالتهم جميعا لكي تشملهم تلك الفضائل ، ولا يتجرأ أحد على نقدهم أو ذكر أفعالهم . ومن يفعل ذلك من المسلمين يسموه كافرا وزنديقا ويفتوا بقتله وعدم تغسيله وتكفينه ، وإنما يدفع بخشبة حتى يواري في حفرته - كما تقدم ذكره - وكانوا إذا أرادوا قتل الشيعة ، اتهموهم بست الصحابة ، ومعنى سب الصحابة عندهم ، هو نقدهم و تجريحهم فيما فعلوه ، وهذه وحده يكفي للقتل والتنكيل . بل وصل الحد إلى أبعد من ذلك ، ويكفي أن يتساءل أحد عن مفهوم الحديث حتى يلاقي حتفه ، فإليك الدليل :


    أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه قال : ذكر عند هارون الرشيد حديث أبي هريرة : إن موسى لقي آدم فقال له : أنت آدم الذي أخرجتنا من الجنة ؟ فقال رجل قرشي كان في المجلس : أين لقي آدم موسى ؟ ! فغضب الرشيد وقال : النطع والسيف ، زنديق يطعن في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (تاريخ بغداد ج 14 ص 7 ) وإذا كان هذا الرجل بلا شك من الأعيان ، لأنه يحضر مجلس الرشيد يلاقي الموت بقطع رأسه بالسيف لمجرد تساؤله عن المكان الذي لقي فيه آدم موسى . فلا تسأل عن الشيعي الذي يقول بأن أبا هريرة كذاب ، استنادا لتكذيب الصحابة له وعلى رأسهم عمر بن الخطاب . ومن هنا يفهم الباحث كل التناقضات التي جاءت في الأحاديث والمنكرات والمستحيلات والكفر الصريح . ومع ذلك سجلت بأنها صحيحة و ألبست ثوب القداسة والتنزيه . كل ذلك لأن النقد والتجريح كانا ممنوعين ويجران إلى الموت والهلاك . بل إن الذي يتساءل عن بعض المعاني ليصل إلى الحقيقة ويشتم منه رائحة التفتيش والتنقيب فهو مقتول لا محالة ليكون مثالا لغيره ، فلا يجرؤ أحد بعده أن يتكلم . وقد موهوا على الناس بأن الذي يطعن في حديث أبي هريرة أو أحد الصحابة حتى العاديين منهم ، بأنه طعن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبذلك وضعوا هالة على الأحاديث الموضوعة التي اختلقها بعض الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأصبحت من المسلمات .أن الصحابة لم يكن عندهم هذا التقديس بل كانوا أنفسهم يشككون في حديث بعضهم إذا تعارض حديثه بما يخالف القرآن وبأن عمر بن الخطاب ضرب أبا هريرة بالدرة ونهاه عن الحديث واتهمه بالكذب إلى غير ذلك ، فكانوا يردون دائما بأن الصحابة من حقهم أن يقولوا في بعضهم ما شاؤوا ، أما نحن فلسنا في مستواهم حتى نرد عليهم أو ننتقدهم . أقول : يا عباد الله ، إنهم تقاتلوا وكفر بعضهم بعضا وقتل بعضهم بعضا ؟ !

    يقولون : كلهم مجتهدون للمصيب منهم أجران وللمخطئ أجر واحد ، وليس لنا نحن أن نخوض في شؤونهم . ومن المؤكد أن هؤلاء ورثوا هذه العقيدة من آبائهم وأجدادهم سلفا عن خلف فهم يرددونها ترديد الببغاء بدون تدبر ولا تمحيص . وإذا كان إمامهم الغزالي نفسه قد اتخذ هذا الرأي وبثه في الناس فأصبح بذلك حجة الإسلام والمسلمين ، فقد قال في كتابه " المستصفي " : " والذي عليه السلف وجماهير الخلف أن عدالة الصحابة معلومة بتعديل الله عز وجل إياهم وثنائه عليهم في كتابه ، وهو معتقدنا فيهم " . وأنا أتعجب من الغزالي ومن " أهل السنة والجماعة " عموما على استدلالهم بالقرآن على عدالة الصحابة ، وليس في القرآن آية واحدة تدل على ذلك ، بل في القرآن آيات كثيرة تنفي عدالتهم وتفضح سرائرهم وتكشف نفاقهم . ولكي يعرف الباحث بأن الصحابة لم يكونوا يحلمون يوما بالمنزلة التي اخترعها لهم " أهل السنة والجماعة " فما عليه إلا قراءة كتب الحديث وكتب التاريخ التي طفحت بأفعالهم الشنيعة وتفكير بعضهم ، وكيف أن الكثير منهم كان يشك في نفسه إن كان من المنافقين . فها هو البخاري يخرج في صحيح بأن ابن مليكة أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه وما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبرئيل . (صحيح البخاري ج 1 ص 17 ) وها هو الغزالي نفسه يخرج في كتابه بأن عمر بن الخطاب كان يسأل حذيفة بن اليمان إن كان رسول الله سماه في جملة المنافقين الذين أعلمه بأسمائهم (إحياء علوم الدين للغزالي ج 1 ص 129 وكنز العمال ، ج 7 ص 24 )


    ولا عبرة لقول من يقول بأن المنافقين ليسوا من الصحابة إذا عرفنا أن المصطلح الذي اتفقوا عليه هو ما سمعناه آنفا أن كل من رأى رسول الله مؤمنا به فهو صحابي حتى لو لم يجالسه . وقولهم : مؤمنا به ، فيه أيضا تكلف ، لأن كل الذين صاحبوا النبي نطقوا بالشهادتين ، وقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم ذلك الإسلام الظاهري وقال : " أمرت أن أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر " ولم يقل في حياته لواحد منهم : أنت منافق فلا أقبل منك إسلامك ! ولذلك أيضا نجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمي المنافقين – بــ " أصحابي " - وهو يعلم نفاقهم ، وإليك الدليل : أخرج البخاري بأن عمر بن الخطاب طلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يضرب عنق عبد الله بن أبي المنافق فقال : يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق ! فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : دعه لا يتحدث الناس بأن محمدا يقتل أصحابه . (صحيح البخاري ج 6 ص 65 ، كتاب فضائل القرآن سورة المنافقين ، وتاريخ ابن عساكر ج 4 ص 97 ) وقد يحاول بعض العلماء من " أهل السنة والجماعة " إقناعنا بأن المنافقين كانوا معروفين فلا نخلطهم بالصحابة ، وهذا أمر مستحيل لا سبيل إليه ، بل منافقون هم من جملة الصحابة الذين لا يعلم خفاياهم إلا الله سبحانه ، وقد كانوا يصلون ويصومون و يعبدون الله ويتقربون إلى النبي بكل الوسائل . وإليك الدليل : أخرج البخاري في صحيحه بأن عمر بن الخطاب طلب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرة أخرى أن يأذن به بضرب عنق ذي الخويصرة عندما قال النبي : أعدل ! ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمر : دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية . (صحيح البخاري ج 4 ص 179 ) ولست مبالغا إذا قلت بأن أكثرية الصحابة لم يكونوا بعيدين عن النفاق بما

    قرره كتاب الله في العديد من الآيات وبما قرره رسول الله في العديد من الأحاديث . فمن كتاب الله قوله تعالى :  بل جائهم بالحق وأكثر هم للحق كارهون  ( المؤمنون : 70 ) ، وقوله الأعراب أشد كفرا ونفاقا  ( التوبة : 97 ) ، وقوله  ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم  ( التوبة : 101 ) ، وقوله  وممن حولكم من الأعراب منافقون  ( التوبة : 101 وتجدر الإشارة بأن بعض العلماء من " أهل السنة والجماعة " يحاولون جهدهم تغطية الحقائق ، فيفسرون " الأعراب " بأنهم ليسوا من الصحابة ، وإنما هم سكان البادية من أطراف الجزيرة العربية . ولكننا وجدنا عمر بن الخطاب عندما أشرف على الموت أوصى إلى الخليفة من بعده قائلا : وأوصيه بالأعراب خيرا فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام (صحيح البخاري ج 4 ص 206 ) فإذا كان أهل العرب ومادة الإسلام هم أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليهم حكيم ، فلا قيمة لقول " أهل السنة و الجماعة " بأن الصحابة كلهم عدول . ولمزيد البيان ، وحتى يتحدث الباحث بأن الأعراب هم أنفسهم عامة الصحابة ، فقد جاء في القرآن الكريم بعد ذكر الأعراب أشد كفرا ونفاقا ، قال سبحانه :  ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيد خلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم  ( التوبة : 99 ) أما ما قرره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السنة النبوية الشريفة فقوله : يؤخذ بأصحابي إلى النار ، فأقول : يا رب هؤلاء أصحابي ! فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول : سحقا من بدل بعدي ولا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم (صحيح البخاري ج 7 ص 209 باب الحوض ) . إلى أحاديث أخرى كثيرة ضربنا عنها صفحا من أجل الاختصار ،

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, يوم أمس, 09:28 PM
ردود 0
3 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, يوم أمس, 09:20 PM
ردود 0
6 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 16-05-2025, 03:07 AM
ردود 0
24 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 16-05-2025, 03:04 AM
ردود 0
14 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
يعمل...
X