معاوية من أمريكا..ورفيق الحريري
ليس الرئيس الفلسطيني وحده يعدكم بالصلاة في القدس، وليست الشعارات والمواثيق التي عهدناها تنظر بعيون الأمل إلى الأقصى الشريف بل مقدمة برنامج على فضائية راديو وتلفزيون العرب (إي أر تي) رشقتنا بأمنيات أن نلتقي بها العيد القادم في الأقصى الشريف…وتنظر إلى القدس من فوق الركبة..وبسيقان خرجت إلينا من شاشة 32 إنش..كالفك المفترس!!
موضوع البرنامج كان لقاء مع مطرب وملحن عراقي وكان اللقاء أبعد ما يكون عن القضايا الراهنة..ولكن لا بأس أن تستخدم مقدمة البرنامج بعض البهارات الوطنية هنا وهناك. فالقضية الفلسطينية أصبحت قطعة ديكور هامة يستخدمها كل الذين جازوا لأنفسهم أن يراهنوا - خاسرين - على غباء وتفاهة المشاهد العربي. القضية الفلسطينية سطر مهم في خطبة أو مقال..وكوبليه في أغنية..وإسقاط في مسرحية كوميدية ومقاطع في سيناريو مسلسل رمضاني..وصفحة في جريدة.
وحيث أن الشيء بالشي يذكر، استذكرت تحقيقاً كنت قد بدأت به أثناء عملي في صحيفة عربية بالتعاون مع زميل لي ، حيث قررت وزميلي أن نقوم بعمل تحقيق ميداني نختار فيه ثلاث شرائح من المجتمع…الشريحة الأولى مختارة عشوائيا من ربات البيوت والأطفال والعمال البسيطين، الفئة الثانية نختارها من بين المثقفين والصحافيين والسياسيين أما الفئة الأخيرة وهي نكهة التحقيق فهي مختارة من الراقصات والمطربات في النوادي الليلية..وكانت الفكرة أن نقوم باستطلاع رأي كل الفئات المختارة في معاناة الشعب الفلسطيني، والقضية الفلسطينية وموقفهم من التطبيع.
وفعلا، قمنا بالتحقيق على أكمل وجه وعلى ليال متتالية استطعنا استطلاع رأي عدد لا بأس به من العينات المختارة…فكانت النتيجة أن معظم الآراء باختلاف فئاتها وطبقاتها ومستواها الاجتماعي قدمت إجابات متقاربة إلى حد كبير..فالراقصة ترى تماماً أن الموقف العربي (مخزي) وأن التطبيع مع العدو الإسرائيلي (عيب..يا عيب الشوم) وأن الأقصى الشريف (مغتصب) وأن الأمة العربية ينقصها (هزة بدن..)..أما الأطفال فعبروا بكل صراحة وإيديولوجية عن موقفهم من العملية السلمية بقولهم (واوا) وأن عملية السلام (بح) والموقف العربي (يا عيبو) والتطبيع (كُخ)…وعندما سألنا الأطفال عن الجامعة العربية أشاروا - ضاحكين - إلى (النونية)!!
أما ربات البيوت فـ (ولولن) وندبن حظ النساء الفلسطينيات العاثر…وبصقن على الموقف العربي المتخاذل..وبكين كثيراً على معاناة الشعب الفلسطيني و(لطمن) عندما ذكرنا التطبيع مع العدو الصهيوني..
الفئة الثالثة التي كدنا أن نختم بها التحقيق الذي لم ينشر حتى الآن بسبب زخم الإعلانات (!!) فهي الفئة المثقفة والوجه السياسي للمدينة..حيث عبرت العينة المختارة من هذه الشريحة على الأسئلة بالطريقة (الفانتازية) المعهودة واستخدموا كلاشيهات ومصطلحات بطريقة استعراضية..فكانت النتيجة نفسها في فئات الثلاث.
سنعود الآن إلى موضوع برنامج فضائية الـ (إي أر تي) والأخ معاوية من أمريكا الذي قام بالاتصال بالبرنامج ليبدأ حديثه بانتقاد الفضائيات العربية مشيراً إلى قناة المستقبل وصاحبها رفيق الحريري.
اعترض (معاوية) في اتصاله الهاتفي على مبالغة مذيعات ومقدمات قناة المستقبل في عرض أجسادهن وإبراز مفاتنهن في مختلف البرامج…وناشد معاوية الفضائيات العربية لوقف هذا الابتذال الذي يتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا..لاحظوا أن المشتكي (معاوية) يتحدث من أمريكا وليست أفغانستان..ولاحظوا أن متلقية الشكوى كانت قد (صدمتنا) قبل اتصال معاوية بأن تمنت لنا أن نلتقي بها في العيد القادم في الأقصى الشريف…رغم فستانها الأسود البراق المختصر وعينيها الذابلتين…!!
وطبعاً، عززت مقدمة البرنامج الحسناء طلب معاوية بالتحفظ واحترام المشاهد وإيقاف الابتذال الفاضح في مختلف البرامج الفضائية والتي تحولت فيها المذيعات إلى عارضات أزياء وراقصات.
وهذه -تقريباً - تؤدي إلى نفس النتيجة التي استعرضتها في قصة التحقيق الذي خضت غماره قبل عشرة أعوام وهي أن الحقيقة واضحة وضوح الشمس وأن موقف معظم فئات الشعب العربي ابتداء بالرئيس الفلسطيني نفسه وانتهاء براقصة قطاع عام واضح تجاه القضية الفلسطينية والموقف العربي والتطبيع..!!
إذن ما الذي ينقصنا ؟!
شيء واحد بالتأكيد: هو العمل..
لأننا "نرجو النجاة ولا نسلك مسالكها..إن السفينة لا تجري على اليَبَسِ"!!
عن صحيفة "المرايا" الامريكية
)
ليس الرئيس الفلسطيني وحده يعدكم بالصلاة في القدس، وليست الشعارات والمواثيق التي عهدناها تنظر بعيون الأمل إلى الأقصى الشريف بل مقدمة برنامج على فضائية راديو وتلفزيون العرب (إي أر تي) رشقتنا بأمنيات أن نلتقي بها العيد القادم في الأقصى الشريف…وتنظر إلى القدس من فوق الركبة..وبسيقان خرجت إلينا من شاشة 32 إنش..كالفك المفترس!!
موضوع البرنامج كان لقاء مع مطرب وملحن عراقي وكان اللقاء أبعد ما يكون عن القضايا الراهنة..ولكن لا بأس أن تستخدم مقدمة البرنامج بعض البهارات الوطنية هنا وهناك. فالقضية الفلسطينية أصبحت قطعة ديكور هامة يستخدمها كل الذين جازوا لأنفسهم أن يراهنوا - خاسرين - على غباء وتفاهة المشاهد العربي. القضية الفلسطينية سطر مهم في خطبة أو مقال..وكوبليه في أغنية..وإسقاط في مسرحية كوميدية ومقاطع في سيناريو مسلسل رمضاني..وصفحة في جريدة.
وحيث أن الشيء بالشي يذكر، استذكرت تحقيقاً كنت قد بدأت به أثناء عملي في صحيفة عربية بالتعاون مع زميل لي ، حيث قررت وزميلي أن نقوم بعمل تحقيق ميداني نختار فيه ثلاث شرائح من المجتمع…الشريحة الأولى مختارة عشوائيا من ربات البيوت والأطفال والعمال البسيطين، الفئة الثانية نختارها من بين المثقفين والصحافيين والسياسيين أما الفئة الأخيرة وهي نكهة التحقيق فهي مختارة من الراقصات والمطربات في النوادي الليلية..وكانت الفكرة أن نقوم باستطلاع رأي كل الفئات المختارة في معاناة الشعب الفلسطيني، والقضية الفلسطينية وموقفهم من التطبيع.
وفعلا، قمنا بالتحقيق على أكمل وجه وعلى ليال متتالية استطعنا استطلاع رأي عدد لا بأس به من العينات المختارة…فكانت النتيجة أن معظم الآراء باختلاف فئاتها وطبقاتها ومستواها الاجتماعي قدمت إجابات متقاربة إلى حد كبير..فالراقصة ترى تماماً أن الموقف العربي (مخزي) وأن التطبيع مع العدو الإسرائيلي (عيب..يا عيب الشوم) وأن الأقصى الشريف (مغتصب) وأن الأمة العربية ينقصها (هزة بدن..)..أما الأطفال فعبروا بكل صراحة وإيديولوجية عن موقفهم من العملية السلمية بقولهم (واوا) وأن عملية السلام (بح) والموقف العربي (يا عيبو) والتطبيع (كُخ)…وعندما سألنا الأطفال عن الجامعة العربية أشاروا - ضاحكين - إلى (النونية)!!
أما ربات البيوت فـ (ولولن) وندبن حظ النساء الفلسطينيات العاثر…وبصقن على الموقف العربي المتخاذل..وبكين كثيراً على معاناة الشعب الفلسطيني و(لطمن) عندما ذكرنا التطبيع مع العدو الصهيوني..
الفئة الثالثة التي كدنا أن نختم بها التحقيق الذي لم ينشر حتى الآن بسبب زخم الإعلانات (!!) فهي الفئة المثقفة والوجه السياسي للمدينة..حيث عبرت العينة المختارة من هذه الشريحة على الأسئلة بالطريقة (الفانتازية) المعهودة واستخدموا كلاشيهات ومصطلحات بطريقة استعراضية..فكانت النتيجة نفسها في فئات الثلاث.
سنعود الآن إلى موضوع برنامج فضائية الـ (إي أر تي) والأخ معاوية من أمريكا الذي قام بالاتصال بالبرنامج ليبدأ حديثه بانتقاد الفضائيات العربية مشيراً إلى قناة المستقبل وصاحبها رفيق الحريري.
اعترض (معاوية) في اتصاله الهاتفي على مبالغة مذيعات ومقدمات قناة المستقبل في عرض أجسادهن وإبراز مفاتنهن في مختلف البرامج…وناشد معاوية الفضائيات العربية لوقف هذا الابتذال الذي يتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا..لاحظوا أن المشتكي (معاوية) يتحدث من أمريكا وليست أفغانستان..ولاحظوا أن متلقية الشكوى كانت قد (صدمتنا) قبل اتصال معاوية بأن تمنت لنا أن نلتقي بها في العيد القادم في الأقصى الشريف…رغم فستانها الأسود البراق المختصر وعينيها الذابلتين…!!
وطبعاً، عززت مقدمة البرنامج الحسناء طلب معاوية بالتحفظ واحترام المشاهد وإيقاف الابتذال الفاضح في مختلف البرامج الفضائية والتي تحولت فيها المذيعات إلى عارضات أزياء وراقصات.
وهذه -تقريباً - تؤدي إلى نفس النتيجة التي استعرضتها في قصة التحقيق الذي خضت غماره قبل عشرة أعوام وهي أن الحقيقة واضحة وضوح الشمس وأن موقف معظم فئات الشعب العربي ابتداء بالرئيس الفلسطيني نفسه وانتهاء براقصة قطاع عام واضح تجاه القضية الفلسطينية والموقف العربي والتطبيع..!!
إذن ما الذي ينقصنا ؟!
شيء واحد بالتأكيد: هو العمل..
لأننا "نرجو النجاة ولا نسلك مسالكها..إن السفينة لا تجري على اليَبَسِ"!!
عن صحيفة "المرايا" الامريكية
)