إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

السّياحة الدّينيّة في لبنان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السّياحة الدّينيّة في لبنان

    السّياحة الدّينيّة في لبنان
    وأضواء على مزارات ومقامات ومشاهد بقاعيّة بعلبكيّة بينالواقع والإفتراض
    بقلم: حسين أحمد سليم (آل الحاج يونس)
    كاتب مفكّر وناقد, فنان تشكيلي متجدّد, مؤرّخ موثّق وباحث,مخترع مبتكر ومبدع, عربي لبناني من قرية النّبي رشادة البقاعية, نجمة هلال بلداتغربي بعلبك الشّمالي...
    تُعتبر السّياحة بشكل عام منالمؤثّرات في حركة فعل إثراء النّفس الإنسانيّة بالإطمئنان, لما تزيد فيها من رؤىمشهديّات ومعالم تاريخيّة وطبيعيّة وأثريّة وموروثات متنوّعة, تحمل المُشاهد لهاعلى صهوات أجنحة الخيال الوجدانيّ لترود به حقب الأمس القريب والبعيد, كاشفة له منخلال بقاياها سيرة الماضي ورجالاته في مختلف العصور السّالفة...
    والسّياحة الدّينيّة يُمكن إعتبارهاجزءًا مهمًّا من السّياحة الشّاملة, ولهذه السّياحة الدّينيّة تأثيرها الفاعلوالمميّز في عمليّة إذكاء النّفحات الرّوحيّة في كوامن النّفس المؤمنة, ولها بالغالأثر في تقوية العلاقة بالله تعالى, وذلك من من خلال زيارة وإرتياد الأماكن الّتيلها إرتباط روحي ديني سماوي, أو من خلال إنتسابها لله عزّ وجلّ مباشرة كأماكنالعبادة, أو إذا كانت تشتمل القبور والأضرحة والأجداث الطّاهرة للأولياء منالأنبياء وأوصيائهم، إضافة لقبور العلماء والأولياء المؤمنين والصّالحين ممّنخلّدهم تاريخهم الإيماني وفعلهم لله تعالى...
    والأرض اللبنانيّة المعروفة حاليّاوبشكل عام, عُرفت ما قبل الدّعوة الإسلاميّة, بأنّها ملجأ وموطن الكثير منالأنبياء والرّسل, وما بعد الدّعوة الإسلاميّة, غدت منبعًا ومقصدًا للعلموالعلماء، ومع تعاقب الأيّام والأعوام إنتشرت في ربوعها القبور الكثيرة الّتي تعودإلى بعض الأنبياء والأصفياء والعلماء, وكثرت فيها المزارات والمقامات والمشاهد المنسوبةتحبّبًا وتبريكًا إليهم...
    ولقد حظيَت أرض بلادي ووطني لبنان ببركة زيارة وطيب إقامةبعض الأنبياء والرّسل، ووفاة بعضهم على أرضه ودفنهم في ترابه، وإقامة القبوروالأضرحة والمقامات والمزارات والقبب لهم, والإستدلال على ذلك واضح وجليٌّ بقبورهموآثارهم المتفرّقة في إمتدادات الأرض اللبنانيّة...
    فأينما حمل ذاته سياحةوإستطلاعًا وإستكشافًا, وتلفّت الزّائر في إمتدادات أرض بلادي ووطني لبنان, سيجد المعالمالكثيرة والمشهديّات السّاحرة, من الآثار الرّائعة الّتي ما زالت قائمة الهياكل,تتعملق فوق الأرض تتحدّى صلف الأيّام, لتبقى تتماهى حيث هي وتدلّ على حضارة لبنانوقدمه, بدءً من العهود القديمة ومرورا بكافّة الحقب التّاريخيّة, وصولاًلحاضرنا... وأين يمّم الزّائر وجهه وإلى أيِّ جهةٍ ذهب في المناطق والقرى والبلداتوالمدن اللبنانيّة, فسوف يجد المراقد الشّريفة للأنبياء والمرسلين والأولياءوالصّالحين, فكلّ بقعة من بقاع لبنان في البقاع والشّمال والجنوب والسّاحل والجبل,تقف شاهدة على مدى أهمّيّة هذا البلد الجغرافيّ الصّغير في رقعة المساحة, الكبيروالغنيّ والمكتنز تاريخيًّا بإرثه الحضاري وموروثه التّاريخي ومعالمه الدّينيّةوالرّوحيّة, لجميع الأديان الرّوحيّة السّماويّة ومتفرّعاتها الإجتهاديّة...

    هذا, وتُعتبر الآثار الدّينيّة معالم موروثة ذات طابع خاصّ مميّز له خصوصيّاته, وتحديدًامنها المراقد الشّريفة المنسوبة لأنبياء الله وأوليائه, وهي جميعها تُوصّفُ من إحدىأبرز السّمات الجليلة, الّتي تكرّمت بها السّماء لأرض لبنان ولبست من خلالها ثوبالطّهارة المقدّس, لإحتوائها في طيب ثراها مدافن تلك الأجساد الطّاهرة والّتي تعبقبهم قداسة وطهارة على غيرها...
    إلى هذا, فقد أُحيطت المزارات والمقاماتوالقبور والأضرحة, عبر الحقب التّاريخيّة المتعاقبة, بكثير من الرّعاية الخاصّة والإهتمامالمميّز من قبل البعض ممّن يهمّهم الأمر من المؤمنين في كلّ جيل, فبذلوا ما بذلوهمن حركة فعل التّشييد والتّجديد والتّحديث, دلالة عمّا عرفوه عن سيرة أصحابها أولما لمسوه من كرامات تجلّت لهم في الزّمان والمكان, أو لما تراءى لهم من ألطاف وإستجابةأدعية ببركة الإستشفاع لهم وبهم... ولقد برزت الإنعكاسات الإيجابيّة على الكثير منالمؤمنين, فتجسّدت فعليّا بالمساهمات المتنوّعة, ومن أهمّها وفرة بذل المال من النّذوروالأوقاف والصّدقات في هذا السّبيل للبعض منها... ورغم هذّا الإهتمام, فلم تنلجميع المقامات حقّها من نفس الإهتمام, وبقيت بعض القبور والأضرحة لبعض الأنبياء أوالأولياء وقد غلب عليها الإهمال أو غمرها النّسيان, بسبب الظّروف الّتي مرّت بهاالمنطقة المحيطة بها, من الحروب ونحوها ومن الأوضاع الأمنيّة الّتي ساهمت قسرا علىحجب ومنع النّاس عن الوصول إلى هذه الأماكن لزمن ما, ممّا تسبَّب بإضاعة معالم حقيقتها,وأغفل عبر المتاهات وزاد في مجهوليّة قيمتها... هذا الوضع الّذي ساد ردحا منالزّمن الّذي مضى في الإهمال وعدم الإهتمام, زاد من ضياع المعالم والمعلوماتالحقيقيّة, وهو ما برز في عمليّات التّوصيف والتّنسيب, بحيث تسبّب الإهمال غيرالمقصود لقبر نبيّ بتنسيبه خطأ, وهو ما تسبّب أيضًا بتنسيب قبر عبد صالح على أنّهمن قبور الأنبياء...
    ورغم كلّ الفقر والحيف الّذي تعاني منه مناطقنا, النّاتج عن الإهمالواللاّمبالاة لغالبيّة مناطقنا وبعض بلداتنا وقرانا ومدننا في البقاع والجنوبوالشّمال, نتيجة سياسة مديدة من الحرمان واللاّإهتمام والإهمال وحتّى الاضطّهاد,فهناك علامات فارقة تتميّز بها هذه المناطق، سيّما بلدات وقرى ومدن البقاع الأوسطوالشّمالي في لبنان, بحيث يلاحظ الزّائر مدى عمق الإيمان المتجذّر في نفوس أبناءهذه المناطق, وما هذا الإيمان الفطري إلاّ دليلاً على مدى تعلّق هؤلاء النّاسالكبير, وإرتباطهم الوثيق بالدّيانات السّماويّة وما أتت به على مرّ العصور...
    البعض من كتب التّاريخ تذكر في بطونها روايات كثيرة, تُفيد أنّ أوّلأرض إستقرّ فيها آدم بعد نزوله من الجنّة كانت أرض بعلبك في البقاع الشّمالياللبناني، وأنّ بعلبك تُعتبر أوّل مدينة تُبنى على هذه الأرض... وتُؤكّد الدّراساتالتّاريخيّة أنّ (قابيل) أو كما يُسمّونه (قايين) وبعد أن قتل أخاه (هابيل) بوسوسةمن الشّيطان, أصابه الخوف وسكنه الهلع، فبنى لنفسه, طلبًا للأمان, هيكلاً في بعلبك,سكنه وإتّخذه حصنًا له، ومن ثمّ رزق الله آدم إبنًا ثالثًا سمّاه (شيث)، وله ضريحيُنسب إليه، قائم حتى الآن في بلدة مُسمّاة على إسمه "النّبي شيث" والّتيتقع في البقاع الأوسط على هضبة من سلسلة جبال لبنان الشّرقيّة, إلى الشّرق منمدينة زحلة, تحيط بها بلدات سرعين الفوقا وسرعين التّحتا والخريبة والخضر ويحفوفةوجنتا عند الحدود السّوريّة...
    وليس مقام النّبي شيث في بلدته وفي البقاع اللبناني الأوسط, وتحديدا جنوبيشرقي منطقة بعلبك سوى أحد الشّواهد التّراثيّة البارزة من الآثار الحيّة, الّتيتؤكّد ما لهذه المنطقة بشكل عام من إرتباط وثيق بالدّيانات السّماويّة منذ الزّمنالسّحيق، إذ لا تخلو قرية أو بلدة أو قمّة جبليّة من مقام أو مزار أو معلم أو آثارمقام لنبيّ من الأنبياء، أو وليّ من الأولياء الصّالحين، وبعض هؤلاء بلغ تعظيم النّاسلهم حدًّا كبيرا, ممّا جعلهم يرفعونهم إلى مرتبة الأنبياء, مبالغة في تقديرهموتكريمهم ومحبّتهم لهم...
    فقِلّة الدّراسات التّاريخيّةالمعمّقة, وندرة الأبحاث الموضوعيّة التّوثيقيّة, سيّما العلميّة منها والميدانيّة والإجتماعيّة حول موضوع المقاماتوالمزارات زالمشاهد والأضرحة وغيرها... أفسحت المجال واسعًا ورحبًا, أمام الإجتهاداتوالتّحليلات والمقاربات والتّكهّنات والإستنتاجات, وحتّى أمام الكثير من الشّائعاتوالتّقديرات الخاطئة, وما يتراءى لبعض النّاس والعامّة من النّاس، خاصّة فيتعريفهم وتوصيفهم العاطفي الإيماني, لبعض أصحاب المقامات أو المزارات بأنّهم منجمهرة الأنبياء, رغم أن وفاتهم حصلت منذ بضع مئات من السّنين، ومردّ ذلك إلى الإفتقارلوجود المراجع التّاريخيّة التّوثيقيّة ونرتها, ولقلّة المعرفة والتّدقيق من جهة,وإلى مشابهة أسماء بعض الأولياء والمتصوّفين والمؤمنين والمتعبّدين بأسماء بعض الأنبياء,الّذين وردت أسماؤهم في القرآن الكريم من جهة ثانية، كإطلاق اسم النّبي سليمان علىمقام في بلدة "يونين" مثلاً، وهو في الحقيقة لسليمان بن مهدي اليونينيوكان أحد المتصوّفة, وله زاوية قرب نبعة ماء حسب ما ورد في كتاب "مرآةالزمان" وهو المكان نفسه حيث المقام الآن، وقد عاش هذا المتصوّف في القرن السّابعالهجري، وقد إتّخذ هذه الزّاوية بعد عمّه, الّذي كان أيضًا من المتصوّفين وقد دفنالإثنان فيها، وإختلط الأمر على النّاس مع الزّمن, فإعتبر هذا المقام مقامًا للنّبيسليمان الوارد ذكره في القرآن الكريم...
    وهكذا بالنّسبة للمقام المتصوّف عيسى اليونيني الّذي يُطلِق عليه النّاسإسم النّبي عيسى, ظنًا منهم أنّه السّيّد المسيح... وربّما يكون الحال كذلك بالنّسبةلكثير من المقامات والأضرحة المنتشرة في المنطقة...
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X