من حيث المبدأ شرط الحياة في المرجع أو في مرجع التقليد هو من الأمور التي خضعت للبحث والنقد بشكل واسع ولكن كل ما استُدل به – بنظرنا أو بنظر سيدنا الأستاذ السيد فضل الله – على اشتراط الحياة في المرجع لا يقاوم النقد العلمي . أنت إذا أردت أن تستدل بإطلاقات الأدلة (عمومات الأدلة) الله تعالى يقول {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} ما شرطها بأهل الذكر أن يكون حياً أو ميتاً ، أو لا أقل عند الشك بالإطلاق تستطيع أن توسّع الدائرة إلى الميت . وهكذا مثلاً (إرجعوا إلى رواة أحاديثنا) و (من عرف حلالنا وحرامنا فإنني جعلته حاكماً عليكم) فهنا (إرجعوا إلى رواة أحاديثنا ومن فهِم وعلِم حلالنا وحرامنا) سواء كان حياً أم ميتاً .. سواء رجعنا إلى كتابه وكان حياً أو رجعنا إلى كتابه وكان ميتاً ، الأمر سيان ؛ طبعاً أقول في الأمور المستحدثة يختلف الأمر فلا يشمله .
فمن حيث المبدأ ومن حيث الأصل إطلاقات الأدلة تشمل الميت ، ولا يوجد هناك دليل واحد من حيث النص يمنع من تقليد الميت .
الأصل في الأمور الجواز كدليل ثاني أنه عند الشك في أنه هل يجوز مثلاً تقليد الميت أو لا يجوز ؟ الأصل في الأمور يجوز ما لم يرد النص (كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام) .. هذه أصالة البراءة وأصالة الحل وأصالة الكذا هذه الأشياء التي ترفع الحكم الشرعي أو ترفع اليد عن إثبات ما يعاكس الحكم الشرعي ، هذه موجودة .
* المقطع الصوتي من محاضرة بعنوان : (الاجتهاد والتقليد) – من برنامج فقه الشريعة
يبدأ المقطع في وقت 03:48 وينتهي في وقت 06:18
- نقلاً عن قناة الإيمان اللبنانية
تم نشره في 21‏/12‏/2013 على اليوتيوب تحت رابط :
https://www.youtube.com/watch?v=js7xT7BN1AY&hd=1
أيضاً نستطيع أن نقول نستصحب - إذا لم يكن دليلاً أصولياً – (على جواز تقليد الميت) وهو أنه عندما تشك أنه هل يجوز تقليد الميت ، البقاء على تقليد الميت أو لا يجوز ؟ أو عندما تشك بطريقة أخرى هل أن فتوى الميت سقطت عن الحجية أو لا زالت حجة ؟ في حياته لا إشكال في أن فتواه حجة خصوصاً على الذين يتبعونه أو يقلدونه ، فهل هذه الحجية سقطت بموته أو لا ، لا زالت باقية على الحجية ؟ فيقولون نستصحب .. عندما نريد أن نرفع اليد عن الحجية نحتاج إلى دليل ولا يوجد هناك دليل يرفع اليد عن حجية فتواه فالاستصحاب يقتضي - الاستصحاب يعني الرجوع إلى الحالة السابقة - والتي هي بقاء الحجية إلى فتواه ، وبالتالي يكون أيضاً من الأدلة على جواز تقليد الميت .
.. يريدون أدلة أخرى موجود أيضاً على هذا الشيء : السيرة العقلائية .. سيرة العقلاء في أي مجال من المجالات هو قائم على ذلك ، يعني الآن مثلاً في علم الفلك هل تركوا نظريات الفلك السابقة وبدءوا يؤسسون ويؤصلون لنظريات جديدة ؟ ، لا ، أخذوا عن الأموات ووسعوا وطوروا بحسب تطور الزمن وهكذا في علم الطب ، ألا يدرسون إلى الآن طب إبن سينا مثلاً وكذا في بعض الأماكن-الجامعات الطبية أو كذا ثم يطورون ، لا إشكال في ذلك ...
.. إذا أردت دليل آخر موجوداً (وهو سيرة المتشرعة أيضاً) يعني الآن أهل الشرع ألا يأخذون من الأموات ويأخذون بأدلتهم ويناقشونها ؟ فيقول مثلاً أنا أوافق السيد الأستاذ فيما ذهب إليه في كذا ويكون أستاذه ميت وهذا موجود في كتبنا يعني أو أنا أخالف شيخي أو أستاذي في كذا ويذهب إلى أستاذ آخر مثلاً أو عالم آخر أو أدلة أخرى ، فحتى المتشرعة يستندون إلى الأموات ويأخذون من الأموات .. نحن الآن نذكر أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله الذي هو بين يدي الله عز وجل وهكذا أحاديث الأئمة صلوات الله عليهم الذين انتقلوا إلى الله . إذا كان الرجوع إلى الميت يعني ليس عقلائياً وليس شرعياً نرفع اليد أيضاً عن الرجوع إلى أئمتنا صلوات الله وسلامه عليهم ...
.. الفقهاء عندنا في بعض فتاواهم التي هي على نحو الاحتياط الوجوبي هذه يعني يتبعون فيها الأموات شاءوا أم أبوا يعني حتى لو لم يقصدوا بذلك التقليد ولكن ماذا تسميه ؟ الآن عندما يأتي رأي المرجع مخالف للمشهور مثلاً لكنه لا يستطيع أن يخالف المشهور فيقول مثلاً في فتواه عندما يفتي ولكن مخالفة المشهور مشكل فالأحوط وجوباً كذا ... هذا معناه أنه مشى كما مشى عليه المشهور الذي مات ، أليس هذا تبع للمشهور ورجوع للمشهور .. من حيث المبدأ هو يتبع المشهور في ذلك يتبع الأموات .
* المقطع الصوتي من نفس المحاضرة يبدأ في وقت 08:00 وينتهي في وقت 12:27