المفاسدوالإنحرافات
تعتبر مرحلةالمراهقة خصوصا الفترة الأخيرة منها ، مرحلة التعرض لمختلف المفاسد والإنحرافتالخلقية والسلوكية ، ليس لجميع الأشخاص ، بل لأولئك الذين لم يكونوا قد تلقوا تربيةصحيحة وسليمة في المراحل السابقة من حياتهم . وتشير الدراسات والبحوث ، التي اجراهاعلماء النفس والتربية ، الى إن قسما هاما من المفاسد والإنحرافات أنما يتعرض لهاالأشخاص الذين كانوا قد نموا وتربوا في بيئات إجتماعية مضطربة ، وكانوا يعانونمشاكل في حياتهم الأسرية في سني الطفولة بالذات .
والمشكلة هنا هي إن هؤلاء أشخاص يمتازون بضعف العقل وقوة العاطفة والتهابهاوالإندفاع الشديد وراء اللذة والمتعة ، وقد يؤدي إطلاق العنان لهم ، في إندفاعهمهذا الى حدوث مشاكل وإنحرافات خطيرة لهم .
خطر العلاقاتالخاطئة
ذكرنا فيما مر إنتعلق الفتيات في هذه السن يقل بالأهل والأسرة الى حد ما ،ويتجهن الى علاقات الصداقةوالزمالة والإرتباط بالأقران خارج البيت . وهذه العلاقات في حال كونها سليمةومحسوبة تكون مفيدة وتصب في صالحهن ، وبخلاف ذلك فإن نتائجها تأتي معكوسة وتترتبعليها مفاسد وإنحرافات عديدة.
فالفتيات في هذه السن يملنميلا شديدا الى التقليد ، ويسعين من أجل إكتساب الجاذبية والفات نظر الآخرين الىتقليد كل من يصادفنهن من بنات
حواء وتكون جذابة وبالنسبة لهن . ويقعنكذلك تحت تأثير القاءات حياة «الشلة» والجماعة . وكما يتأثرن بالنموذج والقدوالصالحة إيجابيا ، فإنهن يتأثرن وكذلك وبنفس الدرجة أو أكثر بالنموذج والقدوةالطالحة سلبيا .
ومن حالات التقليد المكتسبة لدى أعضاءهذه الفئة ، والتي تتعارض في أغلب الحيان مع أعراف وتقاليد السرية وتسبب للوالدينوالأهل متاعب وإحراجات ، يمكن الإشارة الى نوع الملبس ، وكيفية تصفيف الشعر ،وطريقة الكلام ، والإستماع لأنواع خاصة من الأغاني .
وفيتقديرنا إن العلاقات والصداقات الخاطئة للفتيات المراهقات ، إنما تنتج بسبب عجزأولياء الأمور عن ضبط بناتهم وحتى عدم الإكتراث بهذا الجانب من قبلهم ، الأمر الذييعد مسالة غاية في الأهمية ، والتساهل فيه يمكن أن يعرض الفتيات لمخاطر أخلاقيةجسيمة .
الإنحرافاتالغريزية
تدل الدراساتوالبحوث الجارية في مختلف المجتمعات ، خصوصا المجتمعات الغربية ، على أن هناكإنحرافات غريزية عديدة في أوساط المراهقين ، ومنها حالة الإرضاء الذاتي لدى الفتياتوالتي تقابلها حالة الإستمناء لدى الفتيان ، الا أنها أكثر شيوعا بين الذكور قياسامع الإناث . ويمارسها عادة الأشخاص المصابون بالكآبة ، والمنطوون على أنفسهم .
ولمعرفة الباعث الأساسي لهذه الحالة ، يمكن الإشارة الىأساليب التربية الخاطئة ، وإنفلات الإجتماعي ، والأنانية ، والتحلل الخلقي ، والعجزعن تكوين رؤية سليمة عن الحياة الإجتماعية . وبالطبع فإن الأشخاص ليسوا جميعا علىشاكلة واحدة ، وتعبر الغريزة الجنسية عن نفسها لدى كل منهم بطريقة
مختلفة وغير مسبوقة ، ومنهم من يشبع دافعاللذة والمتعة سرا بطريقة وأخرى ، وما لم يتدرب هؤلاء على ترويض أنفسهم والسيطرةعلى إندفاعاتهم الغريزية ، فإنهم لا يستطيعون ضبط ميولهم ورغباتهم الجنسية .
الشذوذالجنسي
من الأحرافاتالغريزة في هذه السن هو الشذوذ الجنسي ويعني الميل الة نفس الجنس ، حيث ترتبطالفتاة في بداية الأمر بعلاقة صادقة حميمة مع إحدى زميلاتها أو تعجب بمعلمتها بشكلخاص ، وتتحول هذه العلاقة أو الإعجاب شيئا فشيئا الى حب وغرام عاطفي ملتهب لا يختلففي شيء عن النوع الذي يحصل بين جنسين مختلفين .
ويحصلأحيانا أن تعجب الفتاة بإحدى معلماتها وتتعلق بها بشدة ، وتتخذها قدوة ومثالاللشخصية المتكاملة في الحياة ، فتندفع الى تقليدها في الحركة وفي طريقة الكلام ،وتحاكيها في مظهرها من حيث الأزياء والتبرج أو طريقة التأنق .
خطرالإدمان
من حسن الطالع إنخطر الإدمان على المخدرات ضئيل جدا بالنسبة للفتيات في المجتمعات الشرقية ،والإسلامية منها بوجه خاص . الا أنه إذا سلمنا بحقيقة التأثيرات السيئة لأجواءالتحلل الإجتماعي على اعضاء الفئة العمرية نوأخذنا بنظر الإعتبار إحتمال مبادرة بعضالفتيات الى تعمد الإنحراف والجنوح ، في بعض الحالات ، نكاية بالوالدين ، وإنتقامامنهم ، فإنه يمكن القول إن من الحكمة الإهتمام بهذا الجانب وعدم إغفاله.
إن علاقات الزمالة والعشرة المنحرفة في المجتمع تعد أرضية خصبة
للتعرض لمختلف أنواع الإنحرافات الخلقيةوالسلوكية ، ومن شأنها أن تدمر حياة الفتاة وتسبب لها وللأسرة متاعب غير محسوبة . أجل ، فإن فتياتنا يذهبن الى المدرسة كل يوم ، فيجلسن الى جنب أخريات في الفصل ،ويرتبطن بهن بعلاقات صداقة وزمالة ، والأخريات لسن بالضرورة جميعا من عوائل أصيلةوملتزمة ، ويكفي أن تكون بينهن واحدة منحرفة وجذابة في الوقت ذاته ، ليكون خطرالجنوح والإنحراف كامنا على بعد أمتار من فتاتنا .
الهرب منالبيت
هذه الحالة أيضانادرة في مجتمعاتنا الشرقية والإسلامية الا أن نظرة عابرة على المحاكم وعلى مراكزالإصلاح والتأهيل التربوي ، تدل على وجود أعداد غير قليلة من ضحايا الهرب من البيت .أجل فإن من أهم حالات الجنوح لدى الفتيات ، خصوصا الساذجات ، هو الهروب ن البيت .
فالفتاة بهروبها من البيت توجد ضغوطا نفسية شديدةلوالديها ، وتوحي بفعلها هذا للأقارب والجيران بأنها تتعرض لمعاملة سيئة من قبلالوالدين . ومثل هذا الشعور يريحها وتنظر الى فعلها بإعتباره إنتقاما من والديها أوإخضاعا لهما .
وتحصل هذه الحالة عادة للفتيات اللاتييعانين من إضطرابات نفسية ومن مشاكل في داخل أسرهن ، أو يشعرن بأنهن ، على اثر ذنبأو خطيئة إرتكبنها ، بأنهن قد وصلن الى طريق مسدود ، وتدفعهن الى إتخاذ مثل هكذاقرار ، السذاجة المفرطة التي يمتزن بها وسرعة الإنخداع بالماكرين والغاوين ... وبالطبع فإن هذا الهروب ينتهي بالعودةفي معظم الحالات ، ولكن يمكن أن يترتب عليه فيبعض الأحيان عواقب محزنة.
الإنتحارأوالتظاهر به
تراود بعض الفتياتأحيانا ، خصوصا أولئك اللاتي يعانين إضطرابات
نفسية أو مشاكل في حياتهن ، هواجس التفكيربالإنتحار أو التظاهر بالإنتحار . ويهدفن من وراء تصرفاتهن هذه إما التدرب علىالإنتحار إو إخافة والديهن وتحذيرهما .
فمن حالاتالتظاهر بالإنتحار ، يمكن الإشارة الى حالات من قبيل الإقدام على جرح الأيدي بالةحادة ، أو تناول مجموعة من الأقراص ، أو غسقاط النفس ن إرتفاع معين و ... كما وهناكطرق عديدة يستخدمنها في الإنتحار الفعلي ، ومنها تناول المواد السامة ، أو شنقالنفس أو تنفس الغاز ، أو إستعمال الأسلحة النارية و ...
وهذه الحالة شائعة في سني 16 ـ 20 عاما بنسبة أكبر من المرحلة الأولى للمراهقة أومرحلة البلوغ . فمن شأن إثارة بسيطة أن تدفعهن الى التفكير بالإنتحار . وبطبيعةالحال لا يستبعد أن يكون لحالات الكبت والحرمان المرتاكمة في سني الطفولة ، دور فيدفع الفتاة الى التفكير بمثل هذا الشيء . وعلى أي حال ، فمن الضروري إتخاذ الحيطةوالحذر الدائمين ، وإستشارة الطبيب النفساني عند الحاجة.
الخفةوالوقاحة
ن الإنحرافات في هذهالسن والتي تنطيق على بعض الفتيات ، حالة الخفة والوقاحة التي تتجلى على شكل التبرجمن حيث الأزياء وإبداء الزينة . إن ما تلاحظه في الشوارع من هذه الحالات إنما يحصلفي الغالب بعيدا عن أعين أولياء الأمور . فهؤلاء يرتدين مثل هذه الأزياء ويستعرضنلمثل هذه التصرفات ويخرجن الى الشارع في غفلة عن الآباء . وحتى في العالم الغربي ،رغم كل الحريات الخاطئة في هذا المجال ، نجد إن هذه الحالة مرفوضة من قبل الآباءوالأمهات ، وإذا حصلت فإنما تحصل في غفلة منهم .
إن من شأن هذهالحالة أن تؤدي الى عواقب غير محمودة للفتاة ، وأن تخلق متاعب كثيرة للوالدينوالأسرة لما يمكن أن يترتب عليها من علاقات محرمة بين الجنسين تنعكس آثارها على شكلشيوع الفساد والرذيلة في المجتمع .
العواملالمسببة
يمكن ذكر مسائلعديدة في هذا المجال ومنها جهل الوالدين وغفلتهم عن المخاطر التي يمكن أن تهددفتياتهم نتيجة هذه الحالة ، وعجزهم عن ضبطهن والإشراف على علاقاتهن خارج البيت ،وإنشغالاتهم الكثيرة التي لا تبقي لهم فرصة تفقد بناتهم وإبداء التوجيهاتوالإرشادات اللازمة لهن ، ووجود المنتديات المفسدة ، وإمكانية اللقاءات المحرمة فيالمدن بسهولة ، وضعف الوعي الديني والأخلاقي ، والشعور بالحرمان من الحب والحنان فيوسط الأسرة ، والإختلالات العصبية و ... الخ .
وفي الوقتذاته لابد من معرفة إن هذه الإنحرافات لا تحصل دفعة واحدة أو بشكل فجائي ، بل أنهاتحصل بالتدريج ، وفي حال عدم مكافحتها في بداياتها ، فإنها تتفاقم شيئا فشيئالتتجذر في الشخصية على شكل إنحرافات مرضية يصعب علاجها .