فنقول:
أولا: القرآن يشهد بأن الله تعالى طهر الإمام الحسين (ع) من الرجس، ولا شك أن حب الدنيا وطلب الرئاسة للهوى، رجس من عمل الشيطان، قال النبي (صلى الله عليه وآله): " حب الدنيا رأس كل خطيئة " فنقول: حاشا الحسين (ع) أن يقاتل للدنيا والرئاسة، وإنما نهض لإنقاذ الدين وتحرير رقاب المسلمين من براثن يزيد الكفر والإلحاد وقومه الأوغاد.
ثانيا: إذا كانت نهضة الإمام الحسين (ع) لأجل الدنيا لا الدين ، لما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأمر المسلمين بنصرة ولده الحسين (ع) إذا نهض وقاتل!
فالنبي (صلى الله عليه وآله) أخبر بنهضة ولده الحسين، وأمر المسلمين بنصرته،كما ذكر في كتب اهل
السنة
السنة
( قول النبي (ص) : فمن أدركه منكم فلينصره )من مصادر اهل السنة ( قول النبي (ص) : فمن أدركه منكم فلينصره ) عدد الروايات : ( 7 ) إبن كثير - البداية والنهاية - ثم دخلت سنة إحدى وستين - مقتل الحسين بن علي (ع) - فصل الإخبار بمقتل الحسين بن علي (ر) - الجزء : ( 11 ) - رقم الصفحة : ( 571 ) [ النص طويل لذا إستقطع منه موضع الشاهد ] - وقال أبو القاسم البغوي : حدثنا : محمد بن هارون ، أبو بكر ، ثنا : إبراهيم بن محمد الرقي ، وعلي بن الحسن الرازي قالا : ثنا : سعيد بن عبد الملك أبو واقد الحراني ، ثنا : عطاء بن مسلم ، ثنا : أشعث بن سحيم ، عن أبيه قال : سمعت أنس بن الحارث يقول : سمعت رسول الله (ص) يقول : إن إبني - يعني الحسين - يقتل بأرض يقال لها : كربلاء ، فمن شهد منكم ذلك فلينصره ، قال : فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء فقتل مع الحسين ، قال : ولا أعلم رواه غيره. الرابط: http://www.islamweb.net/newlibrary/d...d=59&startno=1 ________________________________________ أبو نعيم الإصبهاني - دلائل النبوة - رقم الصفحة : ( 486 ) - طبعة : حيدر آباد الدكن - قال : حدثنا منصور بن محمد بن منصور الوكيل الأصبهاني ، ثنا : إسحاق بن أحمد الفارسي قال : ثنا : البخاري ، قال : حدثني : محمد صاحب لنا خراساني ، قال : ثنا : سعيد بن عبد الملك إبن واقد الجزري ، ثنا : عطاء بن مسلم الخفاف ، عن الأشعث بن سحيم ، عن أبيه ، عن الحارث قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : إن إبني هذا يقتل بأرض العراق ، فمن أدركه منكم فلينصره ، قال : فقتل أنس مع الحسين (ع). ________________________________________ أبو نعيم الإصبهاني - معرفة الصحابة - حرف الألف - من إسمه أنس - وأنس بن الحارِث ذكره بعض المتأخرين ، فزعم أن عداده في أهل الكوفة ، وأن حديثه عند أشعث بن سحيم ، عن أبيه عنه ، أنه سمع رسول اللّه (ص) يقول : إن إبني هذا يقتل بأرض من أرض العراق ، فمن أدركه فلينصره ، فقتل مع الحسين (ر) ، ذكره من حديث سعيد بن عبد الملك الحراني ، عن عطاء بن مسلم ، وذكره في الصحابة ، وهو من التابعين ، وأشعث بن سحيم لم يعده الأئمة في الأشاعثة. ________________________________________ إبن الأثير - أسد الغابة - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 123 ) - أنس ين الحارث : ب د ع ، أنس بن الحارث. ، عداده في أهل الكوفة ، روى حديثه أشعث بن سحيم ، عن أبيه عنه : أنه سمع النبي (ص) يقول : إن إبني هذا يقتل بأرض من أرض العراق فمن أدركه فلينصره ، فقتل مع الحسين (ر) ، أخرجه الثلاثة ، إلاّ أن أبا نعيم قال : ذكره بعض المتأخرين ، يعنى إبن مندة في الصحابة وهو من التابعين ، وقد وافق إبن مندة أبو عمر ، وأبو أحمد العسكري ، وقالا : له صحبة ، وقال أبو أحمد : يقال هو أنس بن هزلة ، والله أعلم. ________________________________________ إبن حجر - الإصابة - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 68 ) - ترجمه 266 : أنس بن الحارث بن نبيه قال بن السكن في حديثه نظر ، وقال بن منده عداده في أهل الكوفة ، وقال البخاري : أنس بن الحارث قتل مع الحسين بن علي (ع) ، سمع النبي (ص) قاله محمد ، عن سعيد بن عبد الملك الحراني ، عن عطاء بن مسلم ، حدثنا : أشعث بن سحيم ، عن أبيه سمعت أنس بن الحارث ، ورواه البغوي وإبن السكن وغيرهما من هذا الوجه ومتنه سمعت رسول الله (ص) يقول : إن إبني هذا يعني الحسين يقتل بأرض يقال لها : كربلاء فمن شهد ذلك منكم فلينصره ، قال : فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء فقتل بها مع الحسين .... ________________________________________ المتقي الهندي - كنز العمال - الجزء : ( 12 ) - رقم الصفحة : ( 126 ) 34314 - إن إبني هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض من أرض العراق يقال لها : كربلاء ، فمن شهد ذلك منهم فلينصره. ________________________________________ إبن عساكر - ترجمة الإمام الحسين (ع) - رقم الصفحة : ( 347 ) - الهامش - روى أنس بن الحارث بن نبيه ، عن أبيه الحارث بن نبيه - وكان من أصحاب النبي (ص) من أهل الصفة - قال : سمعت رسول الله (ص) والحسين في حجره يقول : إن إبني هذا يقتل في أرض يقال لها : العراق ، فمن أدركه فلينصره ، فقتل أنس بن الحارث مع الحسين.
أما إذا كان القائلون لذلك الكلام يرفضون القرآن الحكيم وحديث النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) ويريدون جوابا يوافق المقاييس المادية والسياسة الدنيوية.
فأقول أولا: إذا كان الحسين عليه السلام نهض لطلب الحكم ولأجل الوصول إلى الرئاسة، فما معنى حمله العيال والأطفال معه؟ فإن الذي يطلب الدنيا يدع أهله وعياله في مأمن ثم يخرج، فإن نال المقصود ينضم أهله إليه، وإذا قتل فأهله يكونون في أمان من شر الأعداء.
ثانيا: الثائر الذي يطلب الدنيا يسعى لجمع الأنصار، ويكثر من المقاتلين والأعوان، ويعدهم النصر والوصول إلى الحكومة والرئاسة، ولكن أبا عبد الله الحسين عليه السلام من حين خروجه من المدينة إلى مكة، وبعده من مكة إلى العراق، كان يعلن بأنه مقتول لا محالة، وأن أنصاره وأعوانه يقتلون أيضا، وأن أهله وعياله وأطفاله يسبون من بعده، فقد كتب من مكة إلى أخيه محمد بن الحنفية وهو في المدينة.
بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى محمد بن علي ومن قِبَلَه من بني هاشم، أما بعد، فإن من لحق بي استشهد! ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح، والسلام.
[ أعلن عليه السلام أن الفتح الذي يطلبه لا يكون إلا في شهادته وشهادة أنصاره وأهل بيته!! ].
خطبة الحسين عليه السلام عند الخروج من مكة
لقد ذكر مؤرخو الفريقين أنه عليه السلام لما عزم على الخروج إلى العراق قام خطيبا فقال:
" الحمد لله و ما شاء الله و لا حول و لا قوة إلا بالله و صلى الله على رسوله و سلم خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف و خير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي يتقطعها عسلان الفلوات بين النواويس و كربلاء فيملأن مني أكراشا جوفا و أجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم رضي الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه و يوفينا أجور الصابرين لن تشذ عن رسول الله لحمته و هي مجموعة له في حظيرة القدس تقر بهم عينه و تنجز لهم وعده من كان فينا باذلا مهجته موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى ".
وفي طريقه إلى كربلاء، لما وصل إليه خبر مقتل سفيره مسلم بن عقيل أعلن الخبر في أصحابه ولم يكتمه عنهم، بل وقف يخطب فيهم وينبئهم قائلا: " بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فإنه قد أتاني خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف من غير حرج
ليس عليه ذمام ".
فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي من أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة ونفر يسير ممن انضموا إليه، فلو كان عليه السلام يطلب الحومة والرئاسة، لما فرق أصحابه، بل كان يشد عزائمهم ويطمئنهم بالنصر ويغريهم بالمال والولايات، كما هو شأن كل قائد سياسي ومادي مع جنوده.
وكذلك لما التقى عليه السلام بالحر بن يزيد الرياحي وجنوده، وقد أخذ العطش منهم كل مأخذ وقد أشرفوا على الموت، فسقاهم الحسين عليه السلام وروّاهم حتى أنقذهم من الهلاك، وهو عليه السلام يعلم أنهم ضده وليسوا من أنصاره.
فلو كان الحسين عليه السلام يطلب الدنيا والحكم لاغتنم الفرصة في الحر وأصحابه وتركهم يموتون عطشا، ثم يمضي هو عليه السلام إلى ما يرده، وربما لو كان ذلك لكانت المقاييس تنقلب، وكان التاريخ غير ما نقرأه اليوم!
وكذلك خطبته عليه السلام ليلة العاشر من المحرم، حينما جمع أصحابه وأذن لهم أن يذهبوا ويتفرقوا عنه ويتركوه مع الأعداء، لأنهم لا يردون غيره ، ولكنهم قالوا: إنهم يحبون أن يقتلوا دونه، ولا يريدون العيش بعده، وقد صد قوا.
وفي ظلام الليلة العاشرة من المحرم التحق به عليه السلام ثلاثون رجلا من معسكر ابن زياد، لأنهم سمعوا صوت القرآن والدعاء يعلو في معسكر الحسين فانضموا إليه وكانوا من المستشهدين بين يديه.
وفي صبيحة اليوم العاشر، لما سمع الحر الرياحي، ذلك القائد، كلام الحسين عليه السلام واحتجاجه على عساكر الكوفة، عرف أن الحق مع الحسين عليه السلام فترك جيشه ـ وهم ألف فارس تحت رايته ـ وجاء نحو الحسين عليه السلام وتاب على يديه وكان من المستشهدين.
ما هو سبب نهضة الحسين عليه السلام؟
لا ينكر أحدا أن يزيد بن معاوية كان رجلا فاسقا، متجاهرا بالفجور، مولعا بشرب الخمور، وكانت آمال بني أمية معلقة عليه على أنه المعد واللائق للأخذ بثأر قتلاهم، من آل محمد وعلي عليه السلام.
ويزيد بن ميسون النصرانية، الذي ربي في حجرها وعند قومها النصارى لاعبا مع الكلاب والفهود والقرود، شاربا للخمور، مولعا بالفسق والفجور، مع هذه الخصائص وغيرها من الرذائل التي اجتمعت فيه، كان قادرا على أن يجرد سيف الكفر والإلحاد الذي صنعه أبو سفيان وقومه في عهد خلافة عثمان.
إذ يروي ابن أبي الحديد عن الشعبي قال: فلما دخل عثمان رحله ـ بعدما بويع بالخلافة ـ دخل إليه بنو أمية حتى امتلأت بهم الدار، ثم أغلقوها عليهم ، فقال أبو سفيان أعندكم أحد من غيركم؟
قالوا: لا.
قال: يا بني أمية، تلقفوها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان، ما من عذاب ولا حساب، ولا جنة ولا نار، ولا بعث
ولا قيامة!(1).
فيزيد هو الذي يقرّ عيون قومه بانتقامه من آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقبض على مقابض السيف الذي صقله أبو سفيان وحده معاوية وأعده ليزيد، حتى يقضي به على رسالة محمد (صلى الله عليه وآله) والدين الذي جاء به من عند الله سبحانه وتعالى (2).
____________
1- شرح نهج البلاغة 9/ 53 ط دار إحياء التراث العربي.
2- وفي شرح نهج البلاغة ـ لابن ابي الحديد ـ 5/129قال: و روى الزبير بن بكار في الموفقيات و هو غير متهم على معاوية و لا منسوب إلى اعتقاد الشيعة لما هو معلوم من حاله من مجانبة علي ع و الانحراف عنه قال المطرف بن المغيرة بن شعبة دخلت مع أبي على معاوية و كان أبي يأتيه فيتحدث معه ثم ينصرف إلي فيذكر معاوية و عقله و يعجب بما يرى منه إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء و رأيته مغتما فانتظرته ساعة و ظننت أنه لأمر حدث فينا فقلت ما لي أراك مغتما منذ الليلة فقال يا بني جئت من عند أكفر الناس و أخبثهم قلت و ما ذاك قال قلت له و قد خلوت به إنك قد بلغت سنا يا أمير المؤمنين فلو أظهرت عدلا و بسطت خيرا فإنك قد كبرت و لو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم فو الله ما عندهم اليوم شيء تخافه و إن ذلك مما يبقى لك ذكره و ثوابه فقال هيهات هيهات أي ذكر أرجو بقاءه ملك أخو تيم فعدل و فعل ما فعل فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره إلا أن يقول قائل أبو بكر ثم ملك أخو عدي فاجتهد و شمر عشر سنين فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره إلا أن يقول قائل عمر و إن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات
ولكن يزيد لا يتمكن من تنفيذ ما خططه أسلافه وقومه، ما دام الحسين بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحظى بالحياة.
والحسين عليه السلام تربى في حجر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبيه أمير المؤمنين عليه السلام وهو المعد لإحياء الدين وإنقاذ شريعة سيد المرسلين من التحريف والتغيير، فنهض ليصد طغاة بني أمية عن التلاعب بالدين والاستخفاف بالشريعة المقدسة .. فروّى شجرة الإسلام بدمه الزاكي ودماء أهل بيته وأنصاره الطيبين، فاخضرت وأورقت وترعرعت، بعدما كانت ذابلة وكأنها خشبة يابسة تنتظر نيران بني أمية وأحقادها الجاهلية لتحولها إلى رماد تذروه الرياح (1).
____________
=>
أشهد أن محمدا رسول الله فأي عملي يبقى و أي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك؟
لا و الله إلا دفنا دفنا!!
أقول: هذه نيات معاوية الإلحادية نقلها لابنه يزيد وأمره أن يسعى ويجتهد لتنفيذها.