إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

طلب العفو

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طلب العفو

    طلب العفو


    وكان من دعائه عليه السلام:

    لا يُنْكِرُ يَا إلهِي عَدْلَكَ إنْ عَاقَبْتَهُ، وَلا يَسْتَعْظِمُ عَفْوَكَ إنْ عَفَوْتَ عَنْهُ وَرَحِمْتَهُ; لأِنَّكَ الرَّبُّ الْكَرِيمُ الَّذِي لا يَتَعَاظَمُهُ غُفْرَانُ الذَّنْبِ الْعَظِيم. اللَّهُمَّ فَهَا أَنَا ذَا قَدْ جئْتُكَ مُطِيعاً لأمْرِكَ فِيمَا أَمَرْتَ بِهِ مِنَ الدُّعَاءِ، مَتَنَجِّزاً وَعْدَكَ فِيمَا وَعَدْتَ بِهِ مِنَ الإجَابَةِ إذْ تَقُولُ ﴿أدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.

    45

    تمهيد:

    في مشهد رائع من مشاهد الحجّ, حينما يرتدي جميع الناس بكلّ ألوانهم وأجناسهم ومذاهبهم لباساً واحداً, ولوناً واحداً, ويتوجّهون إلى بارئهم الواحد:" لبّيك اللهم لبّيك".

    وتسمّى هذه الشعيرة بالتلبية, وبها يتمّ الإحرام للعمرة أو الحجّ. ولكن وراء جملة "لبّيك اللّهم لبّيك" ما وراءها, فما معنى التلبية هنا؟ وهل لها مداليل أبعد من مداليل مناسك الحجّ والعمرة, لعلّ نقل ما كانت عليه حالة الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام حالة التلبية يشير إلى المغزى الأعمق من وراء هذه الكلمات الّتي قد يرددها اللسان أحياناً ولا يعيها القلب, فقد روي عمّن رأى الإمام الصادق عليه السلام "وهو محرم قد كشف عن ظهره حتّى أبداه للشمس وهو يقول: لبّيك في المذنبين لبّيك"1 .

    وفي رواية عنه عليه السلام قال: التلبية: "لبّيك اللّهم لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبّيك ذا المعارج لبّيك, لبّيك داعياً إلى دار السلام لبّيك, لبّيك غفّار الذنوب لبّيك، لبّيك أهل التلبية لبّيك، لبّيك ذا الجلال والإكرام لبّيك، لبّيك مرهوباً ومرغوباً إليك لبّيك، لبّيك تبدئ والمعاد إليك لبّيك، لبّيك كشّاف الكرب العظام لبّيك، لبّيك عبدك وابن عبدك لبّيك، لبّيك يا كريم لبّيك"2 .

    47

    دعوة اللّه

    يقول الله تعالى في محكم آياته:﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾3 .

    وعد إلهيّ ذكرته الآية الكريمة, والله تعالى حينما يعد لا شكّ بأنّ وعده هو الحقّ, يقول عزّ وجلّّ في آية أخرى:﴿وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً﴾4 .

    فإذا قال تعالى: ادعوني أستجب لكم, يعني أنّه حتّى المذنب وعده بقبول توبته كما تدلّ على ذلك آيات أخر كقوله تعالى:﴿أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾5 .

    فتأمّل كيف أنّ الله تعالى وهو الغنيّ المطلق وكلّ ما في الوجود محتاج إليه, والّذي خلقنا عبيداً تجب علينا طاعته, نسيء الخدمة ونعصيه, وهو في المقابل يمنحنا الفرصة تلو الفرصة, ويعدنا بقبول الذنب, وفي المقابل فإنّنا نتمادى ونتجرّأ ونستثمر ما أنعم به علينا في عصيانه, وهو يترك الباب لنا مفتوحاً لنلج منه ساعة أردنا, ويزيد في فرصنا ويرغّبنا في التوبة حتّى تصل الروح إلى الحلقوم.

    "أنا الَّذي أمهلتني فَما ارْعَوَيْتُ، وَسَتَرْتَ عَلَيَّ فَمَا اسْتَحْيَيْتُ، وَعَمِلْتُ بِالْمَعاصي فَتَعَدَّيْتُ، وَأسْقَطْتَني مِنْ عَيْنِكَ فَما بالَيْتُ، فَبِحِلْمِكَ أمْهَلْتَني وَبِسِتْرِكَ سَتَرْتَني حَتّى كَأنَّكَ أغْفَلْتَني، وَمِنْ عُقُوباتِ الْمَعاصي جَنَّبْتَني حَتّى كَأنَّكَ اسْتَحْيَيْتَني..."6

    هذه دعوة الله فكيف يستجيب العبد لها؟

    إجابة العبد

    بعد أن يمعن العبد في مخالفة مولاه, ويستفيق من غفلته لن يجد أمامه من عمل

    48

    يمحو به ما ارتكبه سوى التوبة, فهي الطريق المفتوح دائماً, وهي الملاذ الأوّل والأخير في هذه الدنيا وقبل انقطاع العمل, فحينئذ سيتّخذ القرار بالتوبة.

    ولكنّ هذا القرار بالتوبة يكون بعد توالي الحلم الإلهيّ, وقد يكون بعد ملل الإنسان من الذنب, وقد يكون بعد تجّرؤٍ على خالقه, ورغم هذا كلّه سيقدم على التوبة عالماً أنّ الله الحليم وعد بقبولها ولن يخلف وعده.

    ولكنّ التوبة ليست كلمة تقال, لن يقول: يا ربّ اغفر لي وتنتهي المسألة هنا, لا بدّّ من أمور كثيرة لتحصل التوبة, وأوّل أمر يمكن لنا أن نسأله هنا: هل كلّ من طلب التوبة يستحقها؟
    في غالب الأحيان كلّ التوبات تُقبل بتحقيق شرائطها الّتي سنمرّ عليها بالتفصيل إنْ شاء الله تعالى, ولكن على الإنسان أن يلتفت إلى أمر هو غاية في الخطورة, وهو أنّ الله تعالى وإن كان أرحم الراحمين, وأنّ رحمته وسعت كلّ شيء, وهذا ما لا يناقش فيه أحد إذ يقول سبحانه وتعالى واصفاً نفسه: ﴿كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾7 , لكن الإنسان قد يصل لمقام لا يستحقّ فيه الرحمة الإليهة, فكيف يصل الإنسان لهذه الحالة؟

    الحرمان الأكبر

    بل هي الحقيقة المرعبة الّتي لا يحبّ أيٌّ منّا أن يكون أحد أفرادها. إنّ رحمة الله تعالى كنور الشمس الساطعة على الأرض, فكلّ ما تخترقه الشمس ينال نصيبه من النور, فأصل نورها ليس بخيلاً ولا يمتنع عن الوصول لأيّ شيء, إلّا أنّ بعض الأماكن المحجوبة بالجدران والأسقف لا تدخلها خيوط النور, ليس لأنّ النور بخيل أو الشمس بخيلة, بل المانع والحاجز هو من منع دخول النور لما تحته.

    وكذا رحمة الله العميمة الّتي ترسل بأشعتها على كلّ الموجودات إلّا من وضع بينه وبينها حاجباً وحاجزاً, وهذا ما أشارت له الرواية عن أبي بصير قال: "سمعت أبا عبد

    49

    الله عليه السلام يقول: إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء، فإنّ تاب انمحت وإن زاد زادت حتّى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبداً"8.

    فهل يا ترى ما زالت قلوبنا تحتفظ بصفائها؟ هل ما زال زجاجها نظيفاً, ولم تنطبع عليه أصابع المعاصي, هل أنّ مرآة قلوبنا ما زالت تستطيع عكس النور, أم أنّنا جعلنا الذنوب تترك عليها بصماتها لتتراكم وتصبح حاجباً بيننا وبين الرحمة؟

    وقفة بين السطور

    قال عليه السلام: "لا يُنْكِرُ يَا إلهِي عَدْلَكَ إنْ عَاقَبْتَهُ، وَلا يَسْتَعْظِمُ عَفْوَكَ إنْ عَفَوْتَ عَنْهُ وَرَحِمْتَهُ؛ لأِنَّكَ الرَّبُّ الْكَرِيمُ الَّذِي لا يَتَعَاظَمُهُ غُفْرَانُ الذَّنْبِ الْعَظِيم".

    هنا اعتراف باستحقاق العقوبة بما اقترفت اليد, وأنّ العقوبة ليس انتقاماً منّي, بل هي عين العدل, فالله تعالى يحبّ العبد المؤمن, حتّى لو كان عاصياً فإنّه لا يبادر لرميه في نار جهنّم، بل كما جاء في الرواية عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله عزّ وجلّّ: وعزّتي وجلالي لا أخرج عبداً من الدنيا وأنا أريد أن أرحمه حتّى أستوفي منه كلّ خطيئة عملها، إمّا بسقم في جسده، وإمّا بضيق في رزقه، وإمّا بخوف في دنياه، فإنّ بقيت عليه بقيّة شدّدت عليه عند الموت، وعزّتي وجلالي لا أخرج عبداً من الدنيا وأنا أريد أن أعذّبه حتّى أوّفيه كلَّ حسنة عملها، إمّا بسعة في رزقه, وإمّا بصحّة في جسمه، وإمّا بأمن في دنياه، فإنّ بقيت عليه بقية هوّنت عليه بها الموت"9 .

    ويقول عليه السلام: "اللَّهُمَّ فَهَا أَنَا ذَا قَدْ جئْتُكَ مُطِيعاً لأمْرِكَ فِيمَا أَمَرْتَ بِهِ مِنَ الدُّعَاءِ، مَتَنَجِّزاً وَعْدَكَ فِيمَا وَعَدْتَ بِهِ مِنَ الإجَابَةِ إذْ تَقُولُ ﴿أدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾".

    ولكن عليه تحقيق شروط التوبة الّتي سيأتي شرحها وتفصيلها في الدروس القادمة إنْ شاء الله تعالى.

    50

    المفاهيم الأساس


    الوعد الإلهيّ بقبول التوبة وعد يقينيّ وحتميّ وباب التوبة مفتوح دائماًً.
    على الإنسان أن يقرّر بنفسه دخول باب التوبة.
    قد تكون كثرة الذنوب مانعاً من قبول التوبة وحاجباً لنور الرحمة الإلهيّة.
    قبول التوبة فضل من الله علينا وتكرّم منه, ولو عاملنا بالعدل لهلكنا.


    للمطالعة


    جاء في كتاب الإقبال، في باب أعمال شهر ذي القعدة، أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه في يوم الأحد من شهر ذي القعدة:
    "يا أيها الناس !.. من منكم يريد التوبة؟.. قلنا: كلّنا نريد التوبة يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: اغتسلوا ... وتوضّأوا .. وصلّوا أربع ركعات، واقرأوا في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات، والمعوذتين مرّة.. ثمّ استغفروا سبعين مرّة، ثمّ اختموا بلا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم ثمّ قولوا: "يا عزيز .. يا غفّار... اغفر لي ذنوبي، وذنوب جميع المؤمنين والمؤمنات، فإنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت.. ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم: ما من عبد من أمّتي فعل هذا إلّا نودي من السماء:يا عبد الله ... استأنف عملك فإنّك مقبول التوبة، مغفور الذنب.. وينادي ملك من تحت العرش: أيّها العبد .. بورك عليك وعلى أهلك وذرّيتك.. وينادي مناد آخر: أيّها العبد .. ترضى خصماؤك يوم القيامة.. وينادي ملك آخر: أيّها العبد ... تموت على الإيمان ولا أسلب منك الدين، ويُفسح في قبرك، وينور فيه.. وينادي مناد آخر: أيّها العبد .. يرضى أبواك وإن كانا ساخطين، وغفر لأبويك ذلك ولذريتك، وأنت في سعة من الرزق في الدنيا والآخرة.. وينادي جبرائيل عليه السلام: أنا الّذي آتيك مع ملك الموت عليه السلام، وآمره أن يرفق بك ولا يخدشك أثر الموت، إنّما تخرج الروح من جسدك سلاً.. قلنا:يا رسول الله ... لو أنّ عبداً يقول في غير الشهر؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: مثل ما وصفت، وإنّما علّمني جبرائيل عليه السلام هذه الكلمات أيام أسري بي". عن الإمام الصادق عليه السلام: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمو سلم يستغفر الله عزّ وجلّ في كلّ يوم سبعين مرّة، ويتوب إلى الله عزّ وجلّ سبعين مرّة من غير ذنب.. وكان لا يقوم من مجلس حتّى يستغفر الله عزّ وجلّ خمساً وعشرين مرّة".
    وقال أيضاً: "إذا أكثر العبد من الاستغفار، رُفعت صحيفته وهي تتلألأ".

    وعن الإمام الرضا عليه السلام: "مثل الاستغفار مثل ورق على شجرة تحرّك فيتناثر، والمستغفر من ذنب ويفعله كالمستهزئ بربّه".
    هوامش

    1- الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، الطبعة الخامسة، ج 4 ص 336.
    2- م.ن. ج 4 ص 335.
    3- سورة غافر: الآية 60.
    4- سورة النساء: الآية 122.
    5- سورة التوبة: الآية 104.
    6- من دعاء أبي حمزة الثمالي، مفاتيح الجنان.
    7- سورة الأنعام: الآية 12.
    8- الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، الطبعة الخامسة، ج 2 ص 271.
    9- م.ن. ج 2 ص 444.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
استجابة 1
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X