إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

لقد كرمنا بني آدم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لقد كرمنا بني آدم


    قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ . هل يمكننا أن نستفيد من هذه الآية أن بني آدم ليسوا أفضل مخلوقات الله . لأن الله تعالى في هذه الآية يقول : إنه فضلهم على كثير ممن خلق ، لا على جميع الخلق ، وهذا يعني أن هناك قلة لم يفضل الله تعالى بني آدم عليها . وبذلك يثبت أن هذه القلة إما أفضل من بني آدم أو مساوية لهم في الفضل على أقل تقدير ؟!

  • #2

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
    فإن من حكمة الخلق وتدبيره ، بلحاظ أهدافه ، تُحتِّم أن يكون ثمة موجود عاقل مختار ، يتولى إعمار هذا الكون ، وإيصاله إلى كماله ، الذي أراده الله تعالى له ، فكان هو هذا الإنسان ، آدم وذريته ، بكل خصائصه ، وحالاته . .
    كما أن العلم والحكمة والتدبير يفرض التكريم لهذا الموجود ، وذلك بإفاضة النعم التي تتناسب مع طبيعة تكوينه ، ومع خصائصه الوجودية ، ومع أهداف هذا الوجود ، وحركته في صراط التكامل . .
    وطبيعي أن ذلك يحتاج إلى توجيه ورعاية ، وإلى بصيرة وهداية تمكنه من توظيف نعمتي العقل والاختيار ، فيما يخدم تلك الحركة التي تتم في نطاق تلك الأهداف . .
    وهذا يفسر لنا حتمية إكرام هذا العاقل المختار المؤهل لنيل تلك الأهداف والوصول إلى تلك الغايات ـ إكرامه بالتكليف ، واعتباره أهلاً للخطاب الإلهي ، الأمر الذي يستدعي من الإنسان نفسه ، الكون في موقع الشكر والطاعة ، والتزام خط الاستقامة ، والسعي لنيل المزيد من مقامات القرب و الزلفى .
    وهذا الكرم والتفضل الإلهي لا يعني حتمية أن يكون جميع بني آدم من الشاكرين ، والمطيعين ، والقاهرين لشهواتهم ، ولغرائزهم ، والمضحين بالغالي والنفيس ، في سبيل رضا الله سبحانه ، مع بداهة أن الإتجاه في هذا الأمر ينافي الاختيار ، ويبطل دور العقل . . ولأجل ذلك فإننا لا نستغرب إذا رأينا أن القلة هم الذين كانوا في خط الطاعة والشكر . .
    أما الأكثر فكانوا كما حكى الله تعالى عنهم : . . عن الحق هم معرضون ـ لا يعقلون ـ . لا يفقهون ـ للحق كارهون ـ وما كان أكثرهم مؤمنين . .
    ولكن لا ريب في أن وجود تلك القلة الشاكرة ، والمطيعة ، يكفي لأن يعمَّ الله الناس كلهم بالنعم لأجلهم ، وأن يخصهم هم بكرامته ويظهر فضلهم ، وأن يباهي بهم ملائكته وسكان سماواته . .
    بل إن هذا التكريم العام ضروري ولازم ، حتى لو لم تكن هناك قلة شاكرة بينهم ، وذلك لأجل مصالح عالية أخرى ، تقتضي ذلك وتفرضه . وقد تكون من بين هذه المصالح ما يدخل في نطاق التربية ، والدعوة ، وتقديم العبرة ، وإتمام الحجة ، ونحو ذلك . وقد يدخل في سياقات أخرى لا يدركها إلا من أكرمه الله من الصفوة من الأنبياء والأولياء . .
    وقد قدم القرآن لنا أمثلة واقعية لهذا التفضل والتفضيل منه تعالى ، وللكفران ونكران الجميل ، من جانب بعض الشرائح البشرية . وكان بنو إسرائيل هم المثال الأظهر لذلك ، فراجع ما حكاه الله تعالى عنهم في سورة البقرة ابتداء من الآية 40 ، واقرأ أيضاً قوله تعالى : ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ 1 .
    فاتضح بذلك :
    أن التكريم بالنعم ، إنما هو بحسب ما تقتضيه مصالح الخلق والوجود ، وبحسب استعدادات تلك المخلوقات ، وفي نطاق ما لها من مهمات ووظائف . .
    وأما بالنسبة إلى تفضيل بني آدم على كثير ممن خلقهم الله سبحانه ، فقد يمكن الاكتفاء بما أوضحه العلامة الطباطبائي في تفسير الآية ، حيث قال :
    « قد عرفت أن الغرض منها بيان ما كرم الله به بني آدم وفضلهم على سائر الموجودات الكونية وهي ـ فيما نعلم ـ الحيوان والجن ، وأما الملائكة فليسوا من الموجودات الكونية الواقعة تحت تأثير النظام المادي الحاكم في عالم المادة .
    فالمعنى : وفضلنا بني آدم على كثير مما خلقنا ، وهم الحيوان والجن ، وأما غير الكثير ، وهم الملائكة فهم خارجون عن محل الكلام ، لأنهم موجودات نورية غير كونية ، ولا داخلة في مجرى النظام الكوني ، والآية إنما تكلم الإنسان من جهة أنه أحد الموجودات الكونية وقد أنعم عليه بنعم نفسية وإضافية . . » 2 انتهى .
    والحمد لله رب العالمين 3 .
    1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 47، الصفحة: 7.
    2. الميزان ج13 ص154 ط منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات .
    3. مختصر مفيد . . ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة الخامسة » ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1424 ـ 2003 ، السؤال (247) .
    السيد جعفر مرتضى العاملي
    مركز الاشعاع الاسلامي

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    أنشئ بواسطة مروان1400, يوم أمس, 05:42 AM
    استجابة 1
    14 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة وهج الإيمان
    بواسطة وهج الإيمان
     
    أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 19-05-2025, 09:28 PM
    ردود 0
    5 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة وهج الإيمان
    بواسطة وهج الإيمان
     
    أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 19-05-2025, 09:20 PM
    ردود 0
    7 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة وهج الإيمان
    بواسطة وهج الإيمان
     
    أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 27-10-2018, 03:13 PM
    ردود 17
    1,552 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة وهج الإيمان
    بواسطة وهج الإيمان
     
    يعمل...
    X