بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بين الإسلام والجاهلية
إذاً فالجاهلية مفهوم وحضارة ، وصفة نميز بها كل خصوم الإسلام ، بمختلف عقائدهم الفكرية ، والفلسفية ، وبشتى مذاهبهم ونظمهم الاجتماعية، في كل عصر وجيل من أجيال التاريخ .
فمن لم يرفع شعار الإسلام ، ولم يؤمن به ، ولم يناد برسالته ، ومنهج حياته ، ونظام دعوته ، فهو جاهلي ضال مهما تلون ، وتظاهر ، وتستر بالنفاق ، واصطناع الشعارات المضللة .
فالحقيقة التاريخية والحضارية ، شاهدة على وجود معسكرين متناقضين على طول امتداد التاريخ ، وعرض مساحة الحياة البشرية ـ ماضيها ، وحاضرها ، ومستقبلها ـ وهما معسكر الأيمان والتوحيد من جهة ، ومعسكر الضلال والجاهلية من جهة أخرى . . وصدق الرسول الهادي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول: ((انما هما نجدان نجد خير، ونجد شر)) .
وبتأملنا في سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجهاده وكفاحه ، ندرك أن
نبينا ، وقائدنا محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) رفع هذا الشعار بوجه الجاهلية التي عاصرها . . وأراد لهذا الشعار أن يكون شعاراً للانسانية من بعده ، كما كان شعار الانبياء ، والمرسلين من قبله . . .
وقد التزم به صادقاً مخلصاً على المستويين ، النظري والتطبيقي ، ففي المجال النظري طرح بين يدي البشرية أروع وأضخم رسالة وعقيدة ، وأفضل قانون ، وأدق نظام إلـهي معجز . . اتسم بالعدل والرحمة والمساواة والتجاوب مع قانون الفطرة ، والمنطق العقلي السليم لتحرير البشرية ، وتحطيم كل الشعارات الجاهلية ، وهدم مفاهيمها ، ومعتقداتها ، وخرافاتها ، وتقاليدها البالية السقيمة ، واقتلاع جذورها من أجل إحداث انقلاب عقائدي واجتماعي يهدم كل مخلفات التخلف ، والضياع ، ويستأصل كل مظاهر الحياة ، واعراض السلوك الجاهلي المتداعي .
وفي المجال التطبيقي شرع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعزيمة إيمانية متفانية ، يهدم كل مقومات المجتمع الجاهلي المنهار ، ويشيد قواعد المجتمع الإسلامي السعيد ، وهو يصنع نسيجه القوي المحكم بارادة وعزيمة لا تعرف الضعف ولا النكوص، ليسير الإسلام تيار حياة ودفقة حيوية . . تتفاعل مع سلوك الإنسان ، وتستوعب كل نشاطاته .
وليصوغ من مجموع أفراد الامة المسلمة وحدة إنسانية مسلمة لله ، متحررة من كل أثر جاهلي ، في الفكر ، والمعتقد ، والقانون ، وفي الاخلاق ، والتعبد ، والتعامل الإنساني العام .
وقد دأب القرآن الكريم على رعاية هذا البناء النبوي ، ورفده بالوعي ، وأسباب الصيانة التشريعية والروحية ، تأكيداً على اشادة هذا الخط الإسلامي ، وحفاظاً على أصالته ، ونقائه من آثار الجاهلية ، ورواسبها التي تتسرب إلى الحياة الإسلامية النقية ، فخاطب نبيه العظيم ليكشف له هوية بعض المنحرفين الذين يحاولون هدم هذا البناء الإسلامي الرائع ، وتشويه أصالته ونقائه:
(أَلمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُوَن أنَّهُمْ آمَنُوا بما أُُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُوَن أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الَّطاغُوتِ ، وَقَدْ أُُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ . .) . (النساء/ 60)
والقرآن عندما أوحى لنبيه العظيم الخطاب والتنبيه ، انما كان يستهدف تثبيت أصالة الحياة الإسلامية ، وتركيز استقلاليتها وقيامها وحدة فكرية ، وقانونية ، وتطبيقية متميزة بذاتها ، ليبين للمسلمين: ان منهج حياتهم ، ونظام حكمهم ، وطريقة عبادتهم هي كما جاءت واضحة بشريعتهم . . فليس بهم حاجة إلى أن يلجأوا إلى طواغيت البشر ، يشرعون لهم القوانين ، والانظمة ، والمعتقدات ، ليضلوهم عن شريعتهم ، ويحرفوهم عن منهج تفكيرهم .
وقد استمر القرآن الكريم يشدد على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليمارس عملية التطبيق ، والبناء ، والتنقيح الاجتماعي على اسس الإسلام ، ويوضح له كيف يتم هذا البناء ويكتمل . . فيخاطبه مستنكراً انحراف البعض ، وتعلقهم برواسب الجاهلية ، وحكمها ، وقوانينها:
(أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْم يُوقِنُونَ) .(المائدة/50)
كل ذلك ليتميز بوضوح تيار المسيرتين ، وتستبين معالم الطريقين . . ـ طريق الجاهلية وطريق الإسلام ـ لكي يفهم الإنسان المسلم على امتداد مسيرة الزمان والمكان أن تاريخ البشرية يسير بخطين متناقضين في الدوافع والاهداف ، وأن الصراع البشري: يدور على محورين متعاكسي الاتجاه ، ومختلفي المحتوى والغاية ، وهما الإسلام والجاهلية ، وليفهم ان كل الشعارات ، والعناوين المختلفة ـ من مذاهب ، ودعوات ، وفلسفات ، ونظريات ـ التي برزت على طول تاريخ البشرية . . سواء السالف منها ، أم المعاصر ، أم التي ستولد في مستقبل الحياة ، ان هي إلاّ صور مختلفة وصيغ مكررة للصراع بين الجاهلية ، والأيمان المتمثل بالإسلام ـ دين الانبياء والبشرية جميعاًـ .
لذلك كان على المسلم الواعي الملتزم: أن يفهم طبيعة الصراع بين الجاهلية والإسلام ، وان لا يخدع بتغير الاسماء ، وتبدل العناوين (فهي صيغ مختلفة لحقيقة جاهلية واحدة)، وعليه أن يتعامل مع كل مخالف ، ومناقض للاسلام على أنه جاهلي ضال منحرف ، يجتر ويكرر جاهلية الأمم والشعوب البالية بصيغ ، وبعناوين جديدة مخترعة .
مرتكزات أساسية
لو حاولنا أن نلقي نظرة فاحصة متأملة تقوم على أساس الاستقراء والتحليل والاستنتاج للحياة الجاهلية عبر عصور التاريخ ، وعلى مدى ظهور الحضارات المادية الجاهلية ـ ماضيها وحاضرها ـ لاستطعنا أن نلاحظ ظواهر ، وأعراضاً مرضية كثيرة ، يتميز بها المجتمع الجاهلي ، وتوسم بها الحياة الجاهلية التي غابت عن ربوعها انوار الأيمان ، وأفلت عن عالمها أضواء الدين ، والهداية .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بين الإسلام والجاهلية
إذاً فالجاهلية مفهوم وحضارة ، وصفة نميز بها كل خصوم الإسلام ، بمختلف عقائدهم الفكرية ، والفلسفية ، وبشتى مذاهبهم ونظمهم الاجتماعية، في كل عصر وجيل من أجيال التاريخ .
فمن لم يرفع شعار الإسلام ، ولم يؤمن به ، ولم يناد برسالته ، ومنهج حياته ، ونظام دعوته ، فهو جاهلي ضال مهما تلون ، وتظاهر ، وتستر بالنفاق ، واصطناع الشعارات المضللة .
فالحقيقة التاريخية والحضارية ، شاهدة على وجود معسكرين متناقضين على طول امتداد التاريخ ، وعرض مساحة الحياة البشرية ـ ماضيها ، وحاضرها ، ومستقبلها ـ وهما معسكر الأيمان والتوحيد من جهة ، ومعسكر الضلال والجاهلية من جهة أخرى . . وصدق الرسول الهادي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول: ((انما هما نجدان نجد خير، ونجد شر)) .
وبتأملنا في سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجهاده وكفاحه ، ندرك أن
نبينا ، وقائدنا محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) رفع هذا الشعار بوجه الجاهلية التي عاصرها . . وأراد لهذا الشعار أن يكون شعاراً للانسانية من بعده ، كما كان شعار الانبياء ، والمرسلين من قبله . . .
وقد التزم به صادقاً مخلصاً على المستويين ، النظري والتطبيقي ، ففي المجال النظري طرح بين يدي البشرية أروع وأضخم رسالة وعقيدة ، وأفضل قانون ، وأدق نظام إلـهي معجز . . اتسم بالعدل والرحمة والمساواة والتجاوب مع قانون الفطرة ، والمنطق العقلي السليم لتحرير البشرية ، وتحطيم كل الشعارات الجاهلية ، وهدم مفاهيمها ، ومعتقداتها ، وخرافاتها ، وتقاليدها البالية السقيمة ، واقتلاع جذورها من أجل إحداث انقلاب عقائدي واجتماعي يهدم كل مخلفات التخلف ، والضياع ، ويستأصل كل مظاهر الحياة ، واعراض السلوك الجاهلي المتداعي .
وفي المجال التطبيقي شرع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعزيمة إيمانية متفانية ، يهدم كل مقومات المجتمع الجاهلي المنهار ، ويشيد قواعد المجتمع الإسلامي السعيد ، وهو يصنع نسيجه القوي المحكم بارادة وعزيمة لا تعرف الضعف ولا النكوص، ليسير الإسلام تيار حياة ودفقة حيوية . . تتفاعل مع سلوك الإنسان ، وتستوعب كل نشاطاته .
وليصوغ من مجموع أفراد الامة المسلمة وحدة إنسانية مسلمة لله ، متحررة من كل أثر جاهلي ، في الفكر ، والمعتقد ، والقانون ، وفي الاخلاق ، والتعبد ، والتعامل الإنساني العام .
وقد دأب القرآن الكريم على رعاية هذا البناء النبوي ، ورفده بالوعي ، وأسباب الصيانة التشريعية والروحية ، تأكيداً على اشادة هذا الخط الإسلامي ، وحفاظاً على أصالته ، ونقائه من آثار الجاهلية ، ورواسبها التي تتسرب إلى الحياة الإسلامية النقية ، فخاطب نبيه العظيم ليكشف له هوية بعض المنحرفين الذين يحاولون هدم هذا البناء الإسلامي الرائع ، وتشويه أصالته ونقائه:
(أَلمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُوَن أنَّهُمْ آمَنُوا بما أُُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُوَن أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الَّطاغُوتِ ، وَقَدْ أُُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ . .) . (النساء/ 60)
والقرآن عندما أوحى لنبيه العظيم الخطاب والتنبيه ، انما كان يستهدف تثبيت أصالة الحياة الإسلامية ، وتركيز استقلاليتها وقيامها وحدة فكرية ، وقانونية ، وتطبيقية متميزة بذاتها ، ليبين للمسلمين: ان منهج حياتهم ، ونظام حكمهم ، وطريقة عبادتهم هي كما جاءت واضحة بشريعتهم . . فليس بهم حاجة إلى أن يلجأوا إلى طواغيت البشر ، يشرعون لهم القوانين ، والانظمة ، والمعتقدات ، ليضلوهم عن شريعتهم ، ويحرفوهم عن منهج تفكيرهم .
وقد استمر القرآن الكريم يشدد على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليمارس عملية التطبيق ، والبناء ، والتنقيح الاجتماعي على اسس الإسلام ، ويوضح له كيف يتم هذا البناء ويكتمل . . فيخاطبه مستنكراً انحراف البعض ، وتعلقهم برواسب الجاهلية ، وحكمها ، وقوانينها:
(أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْم يُوقِنُونَ) .(المائدة/50)
كل ذلك ليتميز بوضوح تيار المسيرتين ، وتستبين معالم الطريقين . . ـ طريق الجاهلية وطريق الإسلام ـ لكي يفهم الإنسان المسلم على امتداد مسيرة الزمان والمكان أن تاريخ البشرية يسير بخطين متناقضين في الدوافع والاهداف ، وأن الصراع البشري: يدور على محورين متعاكسي الاتجاه ، ومختلفي المحتوى والغاية ، وهما الإسلام والجاهلية ، وليفهم ان كل الشعارات ، والعناوين المختلفة ـ من مذاهب ، ودعوات ، وفلسفات ، ونظريات ـ التي برزت على طول تاريخ البشرية . . سواء السالف منها ، أم المعاصر ، أم التي ستولد في مستقبل الحياة ، ان هي إلاّ صور مختلفة وصيغ مكررة للصراع بين الجاهلية ، والأيمان المتمثل بالإسلام ـ دين الانبياء والبشرية جميعاًـ .
لذلك كان على المسلم الواعي الملتزم: أن يفهم طبيعة الصراع بين الجاهلية والإسلام ، وان لا يخدع بتغير الاسماء ، وتبدل العناوين (فهي صيغ مختلفة لحقيقة جاهلية واحدة)، وعليه أن يتعامل مع كل مخالف ، ومناقض للاسلام على أنه جاهلي ضال منحرف ، يجتر ويكرر جاهلية الأمم والشعوب البالية بصيغ ، وبعناوين جديدة مخترعة .
مرتكزات أساسية
لو حاولنا أن نلقي نظرة فاحصة متأملة تقوم على أساس الاستقراء والتحليل والاستنتاج للحياة الجاهلية عبر عصور التاريخ ، وعلى مدى ظهور الحضارات المادية الجاهلية ـ ماضيها وحاضرها ـ لاستطعنا أن نلاحظ ظواهر ، وأعراضاً مرضية كثيرة ، يتميز بها المجتمع الجاهلي ، وتوسم بها الحياة الجاهلية التي غابت عن ربوعها انوار الأيمان ، وأفلت عن عالمها أضواء الدين ، والهداية .