نهج الإمام المهدي سلام الله عليه في الحكم
1- ضرورة معرفة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه
2- نهج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في تشكيل الحكومة
3- الأحاديث الموضوعة ومحمد بن علي الكوفي
4- الروايات الصحيحة
5- سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه ومطابقتها لسيرة الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله
6- قضاء الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه
7- أساليب الإدارة عند الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
● ضرورة معرفة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه
من الواجبات العامة الملقاة على عاتق جميع المسلمين هي معرفة إمام زمانهم ثمّ طاعته، وأهمّ ما يُستدلّ به في هذا المجال من الأدلّة النقلية الحديث المتواتر: «من مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتة جاهلية»، فمن يرحل عن هذه الدنيا (طبقاً لهذا الحديث) دون معرفة إمام زمانه يكون ميّتاً على عهد الجاهلية، كأن لم يربطه بالإسلام أيّ رابط.
هذا الحديث هو من الأحاديث المعتبرة جداً ويرى تواتره كلا الفريقين الشيعة ومخالفوهم؛ يقول عنه الشيخ المفيد الذي هو من كبار علمائنا في كتابه النفيس «الإفصاح»: «روي هذا الحديث متواتراً عن الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله»[1].
كما ذكر في رسالة أخرى باسم «الرسالة الأولى في الغيبة» ما يلي:
حديث «من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» خبر صحيح يشهد به إجماع أهل الآثار.[2]
ومن علماء العامّة نشير إلى سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي الذي قال صراحة بأنّ حديث «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» هو موضع إجماع علماء الأمّة.[3]
والسبب في أنّ الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله يضع مسألة جهل المرء بإمام زمانه في مرتبة الشرك والإلحاد ـ حيث يموت على الجاهلية ـ يرجع إلى أنّ الجهل بمعرفة الإمام سلام الله عليه يؤدي بصاحبه إلى الضلال والابتعاد عن الصراط المستقيم، وبالتالي كلما توغّل فيه ابتعد أكثر عن الهدف، الى أن ينتهي الى نحو ما كان عليه أهل الجاهلية من الشرك. ومن هذا المنطلق يتوجّب علينا الجدّ في السعي لمعرفة إمام زماننا, لنقي أنفسنا خطر الوقوع في المزالق والمتاهات، ومما لا ريب فيه أن إمام زماننا هو الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الذي شحنت بذكره كتب المسلمين على الإطلاق من خلال الأحاديث و الروايات و الآثار التي بيّنت حسبه ونسبه, وسمته وصفته، وأنه من ولد عليّ وفاطمة سلام الله عليهما لا أحد غيره، وهو الوحيد الذي تنطبق عليه مواصفات الإمام المفترض الطاعة، وهو حيّ يُرزق بأمر الله ومشيئته، وشاهد على أعمال البشر وسلوكهم، و بالخصوص منهم الشيعة، وبدرجة أخصّ العلماء وطلبة العلوم الدينية.
وممّا يؤسف له أنّ غياب المعرفة الصحيحة عن الإمام المهدي سلام الله عليه وعجّل الله تعالى فرجه، والجهل أو الخلط في تحليل الأحاديث والروايات والآثار التي تنبئ ما ستكون عليه سيرته الشخصية والاجتماعية فضلاً عن المكذوب أو المدسوس في الروايات، حدت بالبعض إلى تصوّر الأوهام وكيل التّهم إليه عجّل الله تعالى فرجه، والتي لا تصحّ نسبتها حتى إلى الفرد العادي! ويمكن تقسيم هذه التهم بوجه عام إلى قسمين: القسم الأول ما يتعلق بنهج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في تشكيل الحكومة. والقسم الثاني حول سيرته في الحكم لعصر ما بعد الظهور وبسط قيادته على العالم.
● نهج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في تشكيل الحكومة
دأب البعض مع الأسف على رسم صورة عنيفة وفظّة عن الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه معتقدين أنّه سيؤسّس دولته وينشر سلطانه بإعمال السيف في أعدائه وإهراق دمائهم، مستندين في ذلك إلى ما تضمّنته بعض الروايات ذات الصلة والتي ستعرف حالها و حال رواتها لاحقاً، كما تناهى ذلك إلى علم الناس عن طريق بعض المتكلّمين وبعض الكتب حيث تذكر بعض الروايات على سبيل المثال, أنّ الإمام المهدي عجّل الله فرجه عند ظهوره سيأخذ الناس بالشدّة والعنف لدرجة أنّهم يتمنّون لو كان بينهم وبينه أمد بعيد حتّى لا يتسلّط عليهم!! بينما البعض الآخر منها تذكر أنه سيشكّك الكثير منهم في انتسابه حقّاً إلى الدوحة المحمدية بسبب سيرته العنيفة في الحكم.
● الأحاديث الموضوعة ومحمد بن علي الكوفي
وقد أحصي منها قرابة خمسين حديثاً، نسب سند أكثر من ثلاثين منها إلى شخص يدعى محمد بن علي الكوفي وهو وضّاع سيّئ الصيت اشتهر بعدم الثقة لدى العلماء، وكان معاصراً للإمام الحسن العسكري سلام الله عليه ويستدلّ على عدم وثاقته من قول الفضل بن شاذان [4] فيه: بأنّه «من الكذابين»[5] ويقول في مكان آخر: «كدت أن أقنت عليه»[6] أي أوشكت أن أدعو عليه في قنوتي. وفيما يلي نستعرض بعضاً من روايات الكوفي:
الرواية الأولى: تقول هذه الرواية المطوّلة، والتي تزيد على الصفحة في كتاب بحار الأنوار: سيتعقّب الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه بعد ظهوره طائفة من المسلمين الفارّين إلى نصارى الروم طلباً للنجدة، فيشترط عليهم الروم أن يدخلوا في النصرانية ويعلّقوا على صدورهم الصليب مقابل نجدتهم فيوافقوا على ذلك خوفاً من سطوة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه، بعدها يخرج الإمام هؤلاء من قبضة الروم ليظفر بهم «فيقتل الرجال، ويبقر بطون الحبالى»[7].
يجب أن نعلم أنّ سيدنا ومولانا المهدي عجّل الله تعالى فرجه إمام وهو أدرى من أيّ فرد آخر بأحكام الإسلام التي تنصّ على أنّه في حال ارتكاب الحامل أي جريمة توجب عليها الحدّ، كأن تكون زنت مثلاً وشهد أربعة شهود عدول على ذلك
ـ فمع هذا ـ : يحرم إقامة الحدّ عليها ما لم تضع حملها. فهل يعقل إذاً والحال هذه أن يبقر الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه بطون الحبالى؟ أليست هذه الرواية من مصاديق الكذب؟
الرواية الثانية: عن كتاب الغيبة للنعماني وطبقاً للأسانيد التالية:
«عن علي بن الحسين[8] عن محمد بن يحيى العطار, عن محمد بن الحسن الرازي (غير معروف) عن محمد بن علي الكوفي, عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر البزنطي, عن عبد الله بن بكير, عن أبيه, عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: «أيسير (الحجّة) بسيرة محمّد صلّى الله عليه وآله؟ فقال: «هيهات هيهات يا زرارة ما يسير بسيرته!
قلت: جعلت فداك لِمَ؟
قال: إنّ رسول الله سار في أمّته باللين كان يتألف الناس، والقائم يسير بالقتل»[9].
فعلاوة على ضعف سند هذه الرواية، فإنّها تناقض الروايات الصحيحة التي تتحدث عن محاكاة سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه لسيرة جدّه الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله والتي سنذكرها لاحقاً إن شاء الله تعالى.
الرواية الثالثة وهي بالسند السابق نفسه: عن محمد بن علي الكوفي, عن البزنطي, عن العلاء.
وقد ورد في هذه الرواية كسابقتيها كلام كثير عن القتل. ونُسب هذا القول إلى الإمام الباقر سلام الله عليه فقد رُوي: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
«لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحبّ أكثرهم أن لا يروه ممّا يقتل من الناس».
هذا الكلام المنسوب إلى الإمام المعصوم من قِبل أحد الوضّاعين مرفوض جملة وتفصيلاً، لأنّنا لو فرضنا أنّ وضّاعاً افترى على مؤمن بشرب الخمر، فإن هذا الافتراء لن يقع موقع القبول في نفس العاقل، ولا يسمح بنقله، فما بالك إن كان الافتراء على الإمام المعصوم سلام الله عليه ؟![10]
نتابع سرد بقية الرواية: «حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد صلّى الله عليه وآله لو كان من آل محمّد صلّى الله عليه وآله لرحم»[11] وذلك بسبب إسرافه في القتل! فيا ترى عمّن تتحدّث الرواية؟ هل تتحدّث عن الحجاج بن يوسف الثقفي أم عن واحد من أطهر خلق الله تعالى الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف؟
الرواية الرابعة:عن محمد بن علي الكوفي, عن البزنطي, عن عاصم بن حميد الحنّاط, عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام: «ليس شأنه إلا بالسيف، لا يستتيب أحداً»[12].
والمسألة المثيرة هنا أنّ محمد بن علي الكوفي هذا كان ينسب أكاذيبه بالثقات من الرواة حتى يضفي عليها بعض المصداقية وهو ما يظهر جلياً من خلال دسّ أسامي الثقات في سلسلة أسانيده.
الرواية الخامسة: «هذه المرّة محمد بن علي الكوفي, عن الحسن بن محبوب (أحد الأركان الأربعة) [13] عن علي بن حمزة البطائني[14], عن أبي بصير عن أبي عبد الله سلام الله عليه أنه قال: «ما تستعجلون بخروج القائم فوالله ... و ما هو إلا السيف, والموت تحت ظلّ السيف».[15]
الرواية السادسة:عن علي بن أبي حمزة البطائني, عن أبيه, عن أبي بصير, عن أبي عبد الله سلام الله عليه أنّه قال: «إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف ما يأخذ منها إلاّ السيف»[16].
هذا عددٌ من الروايات الواردة في هذا الشأن، وعدا محمد بن علي الكوفي والبطائني، هناك غيرهما من الرواة لهذا النوع من الروايات، التي لا اعتبار لها.
وبغض النظر عن الإشكالات في أسانيد هذه الروايات، فهي أيضاً تتناقض مع أساسيات الدين والشرع ولا يمكن بأي حال تبريرها. فمن المعلوم أنّ مهمة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه هي إقامة العدل وطيّ بساط الظلم والجور، وعلى هذا الأساس فمن غير المعقول أن يحقّق العدل بسلوك طريق الظلم، أو أن يحيي سنّة جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين علي سلام الله عليه بإحياء البدع. فسنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله تحرّم إقامة الحدّ على المرأة الحامل، في حين يُنسب إلى الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه (والعياذ بالله) أنّه يفعل ذلك مع المرأة الحامل التي تضطرّ للدخول في الدين المسيحي خوفاً ورهبة منه؛ وذلك حسب رواية محمد بن علي الكوفي.
● الروايات الصحيحة
ثمّة أدلة تدحض هذه الأقاويل وهي الأحاديث الصحيحة والمعتبرة الواردة في هذا الشأن والتي تنقل صورة مغايرة تماماً لما أوردته الروايات السابقة، حيث تؤكّد بما لا يقبل اللبس والغموض على مطابقة نهج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في الحكم لنهج جدّيه النبي المصطفى صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليّ سلام الله عليه، ونستعرض هاهنا بعضاً من هذه الروايات:
الرواية الأولى: فقد وردت رواية موثّقة وحسنة عن كتاب الغيبة للنعماني تقول:
«عن ابن عقدة, عن علي بن الحسن (ابن فضال) عن أبيه, عن رفاعة عن عبد الله بن عطاء قال: سألت أبا جعفر الباقر سلام الله عليه فقلت: إذا قام القائم عجل الله فرجه بأيّ سيرة يسير في الناس؟ فقال سلام الله عليه: «يهدم ما قبله كما صنع رسول الله صلّى الله عليه وآله ويستأنف الإسلام جديداً»[17]. أي كما أنّ رسول الله هدم أركان الشرك واليهودية والنصرانية والمجوسية من قبل، فإنّ المهدي عجّل الله تعالى فرجه كذلك يزيل عن الدنيا كلَّ ما ينطق ظاهره باسم الإسلام ويستبطن خلافه، ليؤسّس بعد ذلك للإسلام الحقيقي الأصيل دولته الحقة.
ومن المعروف أنّ الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله وتنفيذاً لأوامر القرآن الكريم (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك) [18] هدّم ما قبله بالحسنى واللين، مستخدماً هذا النهج مع جميع الناس بمن فيهم المشركين وليس مع المسلمين وحدهم، وكذلك الأمر بالنسبة للإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الذي سيطبّق النهج ذاته مع المشركين، فكيف بالمسلمين.
الرواية الثانية: رواها باسانيد عديدة جمهرة من المتقدمين والمتأخرين أمثال الصدوق والخزاز القمي والطبرسي والإربلي وآخرين قدست أسرارهم :
«عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وآله قال: «التاسع منهم [من أولاد الحسين سلام الله عليه] من أهل بيتي ومهديّ أمّتي، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله»[19]. كلمة (أفعاله) هي شاهد الأداة (ما) ـ في الرواية الآنفة الذكر: كما صنع رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ والمعنى أنّه علاوة على شبهه لشمائل وأقوال رسول الله صلّى الله عليه وآله، فإنّه شبيهه بالأفعال أيضاً.
ورد تعليق للشيخ الطبرسي[20] على هذه الرواية جاء فيه: «قالوا: ... وإنه يحكم بحكم داود عليه السلام لا يسأل عن بيّنة، وأشباه ذلك ممّا ورد في آثاركم... الجواب: ... وأمّا ما روي أنه يحكم بحكم داود لا يسأل عن بينة فهذا أيضاً غير مقطوع به»[21].
فالطبرسي ـ الذي يعدّ من أشهر المطّلعين على الأحاديث ـ يردّ اعتبار الروايات الواردة باستخدامه للعنف بتلك الصُّور.
الرواية الثالثة: بحار الأنوار نقلاً عن الكافي:
«عن البرقي عن أبيه عن محمد بن يحيى الخزاز عن حماد بن عثمان عن الإمام الصادق سلام الله عليه: «إن قائمنا إذا قام لبس ثياب علي عليه السلام وسار بسيرة علي عليه السلام»[22].
سند هذه الرواية صحيح لا تعتريه شبهة، وذلك لكون جميع رواتها من الثقات، كما أنّ مضمونها مطابق لسيرة المعصومين سلام الله عليهم، وهذا المضمون يشير إلى أنّ لظهور الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في قلوب الناس عامّهم وخاصّهم، صغيرهم وكبيرهم محبة وشوقاً كبيرين، فعن رسول الله صلّى الله عليه وآله في الحديث الشريف المتفق على روايته بين الخاصة والعامّة انّه قال: «نبشّركم بالمهدي رجل من قريش يسعد بخلافته سكّان السموات والأرض».
وروي عنه صلّى الله عليه وآله أيضاً: أبشرّكم بالمهدي الذي يرسل إلى الناس... فيسعد به سكّان السموات والأرض.
كما جاء في رواية أخرى عن الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله: رجل من أمّتي يحبّه أهل الأرض والسماء. وفي حديث آخر: يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض[23].
ومعلومٌ أنّ حبّ أهل الأرض إنما يجتمع مع الرفق وما أشبه.
● الجمع بين الروايات
في حال تعارض الروايات مع بعضها يمكن الاهتداء ببعض الوصايا للأئمة المعصومين سلام الله عليهم في هذا المجال، فلو فرضنا أن هناك روايتين تعارضتا مع توفر شروط التعارض والتي من أهمّها وثاقة سنديهما، لا أن يكون في سند أحدهما مثل محمد بن علي الكوفي الوضّاع، وفي الآخر علي بن إبراهيم ومحمد بن مسلم اللذان هما من الثقات المعتمدين عند الأئمة سلام الله عليهم. فالمقارنة بين هذين السندين غير صحيحة عقلاً وشرعاً. وعليه، فإنّنا نواجه ومنذ الخطوة الأولى معضلة السند؛ وذلك لأنّ محمد بن علي الكوفي يرسم في رواياته عن الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه صورة السفّاح الذي يسرف في القتل ويعمّ الهرج والمرج في زمانه، بينما يقول الفقهاء إنّ الأحكام الشرعية تسقط عن الوجوب في حال تسبّبها في الهرج والمرج، فكيف للإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه وهو المحيط بجميع جوانب الدين وأحكامه أن يتسبّب في الهرج والمرج؟ إذن فقد انتفت منذ البداية مسألة التعارض وبطلت، وأنّى لشخصٍ كذّاب أن يعارض فطاحل علم الحديث وثقاته؟
وعلى فرض صحة السند لكلا الحديثين، يأتي دور إعمال الترجيح بينهما، حيث يتمّ عرضهما على الكتاب الكريم و مقارنتهما به، فيؤخذ بما يتطابق معه, وفي المقام يكون الرجحان لتلك التي تصرّح بتشابه سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه مع سيرة جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين علي سلام الله عليه لأنّها تتماشى مع ما أمر به الرحمن في كتابه الكريم بقوله تعالى لنبيّه الأعظم صلّى الله عليه وآله (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لا نفضّوا من حولك).
بعد أن ننتهي من هذه المرحلة ويتبيّن لنا على سبيل الفرض أنّ كلتا الروايتين مطابقتان للكتاب يأتي دور مطابقة السُّنة القطعية، ثم يأتي دور عنصري الدلالة والظهور فنختار الرواية الأصرح، وإذا كانتا متساويتين في هذين الجانبين أيضاً، نصل إلى مرحلة التساقط ـ بناءً على قاعدة «إذا تعارضا تساقطا» ـ فتكون الروايتان كأن لم تكونا من الأساس في هذا الشأن. وهذه قاعدة اُصولية ـ فقهية معمول بها في باب تعارض الروايات عند الفقهاء.
● سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه ومطابقتها لسيرة الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله
إنّ سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه تطابق سيرة جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله، حتّى شمائله فهي تشبه تماماً في نورانيّتها شمائل الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله، طبقاً لما روي في كثير من أحاديث الفريقين، علاوة على أنّ المؤرّخين المسلمين وغيرهم ذكروا بأنّه حتى أعدى أعداء النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله كان ينبهر لرؤيا شخص الرسول صلّى الله عليه وآله بمجرّد أن يقع نظره على طلعته البهيّة، فكانت ـ كثيراً ما ـ تنسيه عداءه له، فكذلك هو الحال بالنسبة لشمائل الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه.
مضافاً إلى ماورد في التاريخ والروايات بشأن عدله وسمو مجده، وهاهو القرآن الكريم ينطق باللسان الأفصح عن سيرة الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله، وهو يرسم له لوحة تعبّر عنها الآية الكريمة أصدق تعبير في قوله تعالى:
ـ فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَليظَ القَلْبِ لانْفَضّوا مِنْ حَوْلِكَ [24].
وفي آية أخرى:
ـ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسولٌ مِنْ أنْفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتّم حَريصٌ عَلَيْكُمْ بِالمؤمِنينَ رَؤوفٌ رَحيم [25].
إنّ محبّة الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله وشفقته على الآخرين كانت عظيمة لدرجة استغلّها بعض ضعاف النفوس من الأعداء كسلاح لمحاربته به، قال تعالى:
ـ وَمِنْهُم الّذين يُؤذونَ النَّبيّ وَيَقولونَ هُوَ اُذُنٌ قُلْ اُذُن خَيْر لَكُمْ يُؤمِنُ بِالله وَيُؤمِنُ لِلْمُؤمِنين وَرَحْمَةٌ للّذينَ آمَنوا مِنْكُم [26].
ورد في تفسير الآية الكريمة [27]: إنّ أحد المنافقين سخر (والعياذ بالله) من رسول الله صلّى الله عليه وآله، فنزل عليه جبريل عليه السلام وقال: يا رسول الله اطلب فلاناً(المنافق) واسأله عن سبب ارتكابه لمثل هذه الأعمال.
كان هذا الحدث لا سابقة له في سيرة رسول الله صلّى الله عليه وآله إذ لم يحدث أن طلب أحداً لمثل ذاك.
على أيّ حال، أرسل الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله في طلب ذلك المنافق وسأله عن فعلته تلك فأجابه: يا رسول الله لم أفعل ذلك أبداً، وما وصلك لا يعدو كونه وشاية، فسكت الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله ولم يقل شيئاً، فظنّ المنافق أنّ النبي صلّى الله عليه وآله قد صدّق كلامه ـ وهو أمر محال لأنّه لا يعقل له صلّى الله عليه وآله أن يرجّح كلام المنافق على كلام الله سبحانه وتعالى وجبريل الأمين عليه السلام ـ لكنّه أراد بسكوته ألاّ يُخجل المنافق على كذبه، فاتّخذ المنافق ذلك الحدث ذريعة ليذيع على الناس تفاصيل ما حدث ويقول بأنّه يعجب لأمر النبي، يسمع لجبريل عليه السلام فيصدّقه، ويسمع جوابي فيصدّقني، حقّاً إنّه لنبيّ اُذُن (أي سمّاع لكل قول) فأنزل الله سبحانه وتعالى ما ينزّه به رسوله صلّى الله عليه وآله عن مثل هذه التخرّصات؛ قال تعالى: «قُلْ اُذُن خَيْر لَكُم» [28] نعم، هذه هي سيرة الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله وفعاله، والإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه يشبه جدّه المصطفى الذي قال عنه تعالى:«فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُم» [29]، وعليه فإنه سيتبع خطى جدّه الكريم لا يحيد عنها قيد أنملة، حيث سيعامل الكافرين بالحسنى، فكيف بالمسلمين؟ وهو الذي جاء أصلاً لإقامة أركان العدل، العدل الذي يشكّل مطلباً طبيعياً وفطرياً للإنسان. لذا، فمن غير الممكن أن يسلك نهجاً ينفّر الناس عنه ويجعلهم يتمنّون لو لم يروه، أو أن يشككوا في نسبه وانتسابه بآل النبي صلّى الله عليه وآله بسبب العنف والشدة.
وحينما يطلق الإمام أمير المؤمنين علي سلام الله عليه كلمته الرائعة: أتأمروني أن أطلب النصرة بالجور [30]، فقطعاً يسلك الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه وهو الثمرة الطيبة لهذه الشجرة المباركة, ذلك النهج ويقتفي آثار أجداده الكرام، لا أن يقيم أسس حكمه على قواعد الشدة والعنف.
● قضاء الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه
مسألة أخرى ما فتئت تطرح للمناقشة، ألا وهي طبيعة قضاء الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه، فالبعض يرى أنّه سيقضي بين الناس دونما حاجة إلى شهود وبيّنات، بل سيكون دليله ما ألهمه الله من علم الغيب، مستندين في استنتاجهم هذا إلى بعض الشواهد والأدلّة؛ من جملتها الأحاديث التي تفيد بأنّ الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه سيحكم بين الناس ويبتّ في دعاواهم بعلمه وعلى طبق حكم النبي داود عليه السلام، وفي ما يلي وقفة عند إحدى تلك الروايات:
«عن عبد الله بن عجلان عن الإمام الصادق سلام الله عليه أنّه قال: «إذا قام قائم آل محمد صلّى الله عليه وآله حكم بين الناس بحكم داود، لا يحتاج إلى بيّنة، يلهمه الله فيحكم بعلمه»[31].
ويناقش ذلك بما يلي:
أولاً: إن حكم داود بدون أيمان وبيّنة كان مرّة واحدة في قصّة مفصّلة نقلها في دعائم الاسلام مرسلاً، وفيها شواهد عديدة على أنها إمّا موضوعة كلاً، أو بعضاً، ولا يمكن مثل ذلك أن يكون مستنداً لحكم شرعي واحد، فكيف بجريان سيرة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، عليها، وبعد تلك القصة كان حكم داود عليه السلام طول حياته على الأيمان والبيّنات، كما هو صريح أول تلك القصة المرسلة وآخرها، ففي أولها: (فأوصى الله عزّ وجل إليه: يا داود اقض بينهم بالأيمان والبينات) وفي آخرها: (يا داوود... فلا تسألني تعجيل ما أخّرت، واحكم بين خلقي بما أمرت).
ثانياً: يتباين هذا النهج في الواقع مع قضاء رسول الله صلّى الله عليه وآله حيث كان يردّد دائماً: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان»[32]، وأنه إذا حكم صلى الله عليه وآله في قضية ما مثلاً لصالح شخص بقطعة أرض ولكنّها في الواقع لم تكن له، فليس له حقّ التصرّف بها حتى قال صلى الله عليه وآله في الحديث الصحيح: (إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان وبعضكم ألحن بحجّته من بعض، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنما قطعت له به قطعة من النار) [33].
من هنا، لا يعقل أن يكون الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه ـ الذي هو أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله، وتقوم فلسفة ظهوره على مبدأ العدل وإقامة شريعة جدّه وإحياء سنّته - يحيد عن نهج الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله، و يقضي بين الناس بغير طريقته صلّى الله عليه وآله.
● أساليب الإدارة عند الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه
من هذه الأساليب أن يكون مع الناس والمساكين رؤوفاً رحيماً، بالقدر نفسه الذي يكون فيه حازماً وحسيباً على عمّاله والمسؤولين: «المهدي جواد بالمال، رحيم بالمساكين، شديد على العمّال».[34]
يقول الإمام أمير المؤمنين علي سلام الله عليه في هذا الشأن: «ألا وفي غد ـ وسيأتي غد بما لا تعرفون ـ يأخذ الوالي من غيرها عمّالها على مساوئ أعمالها..»[35].
وبالطبع ستكون شدّته على نفسه قبل الجميع وفوق الجميع، ورغم أنّ الناس سينعمون بالرفاهية والطمأنينة في ظلّ حكومته، إلاّ أنّه ومحاكاة لسيرة جدّه أمير المؤمنين سلام الله عليه سيكتفي بلبس الخشن وأكل الجشب:
«فوالله ما لباسه إلا الغليظ ولا طعامه إلا الجشب»[36]. نسأل الله تعالى بحقّ إمامنا المهدي أن يرينا طلعته الرشيدة إنه سميعٌ مجيب.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الإفصاح للشيخ المفيد، ص28 (ط, مؤسسة البعثة, قم )
([2]) رسائل في الغيبة للشيخ المفيد: ج1, ص3, الرسالة الاولى في الغيبة (ط, دار المفيد, بيروت).
([3]) ينابيع المودة، ج3، ص456.
([4]) هو من أعاظم الرواة والشخصيات الشيعية والذي لا تشوب عظمة منزلته وجلال قدره أيّة شائبة حتّى روي عن الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه فيه: «أغبط أهل خراسان لمكان الفضل وكونه بين أظهرهم» (راجع ترجمته في رجال ابن داود:151 رقم 1200 ط, الحيدرية, النجف الأشرف؛ معالم العلماء ص 90).
([5]) اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي للشيخ الطوسي ج2 ص823 رقم 1033 (ط, مؤسسة آل البيت عليهم السلام قم).
([6]) خلاصة الأقوال للعلامة الحلي: 399-398 رقم 29 (ط, الحيدرية, النجف الاشرف).
([7]) بحار الأنوار، ج52، ص388, ح206, باب سيره وأخلاقه وخصائص زمانه (ط، مؤسسة الوفاء- بيروت).
([8]) والد الشيخ الصدوق.
([9])غيبة النعماني، ص153 ح14.
([10]) وما أكثر الأكاذيب التي افتراها الوضّاعون ونسبوها للأئمة الأطهار عليهم السلام وخاصّة للإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام، والتمعّن في الروايات أدناه يكشف عن ذلك:
روي عن الإمام الصادق سلام الله عليه أنه قال: «فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنّة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإنا إذا حدثنا قلنا: قال الله عزّ وجل وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم». قال يونس: وافيت العراق ، فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليه السلام، ووجدت أصحاب أبي عبد الله عليه السلام متوافرين، فسمعت منهم وأخذت كتبهم، فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا عليه السلام، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد الله عليه السلام ، وقال لي: إن أبا الخطاب كذب على أبي عبدالله عليه السلام، لعن الله أبا الخطاب وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسّون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله عليه السلام...
وعن هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: «كان المغيرة بن سعيد يتعمّد الكذب على أبي، ويأخذ كتب أصحابه، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة، فكان يدسّ فيها الكفر والزندقة، ويسندها إلى أبي ثم يدفعها إلى أصحابه...» (معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج 19، ص 300 - 301).
([11]) غيبة النعماني، ص233.
([12]) بحار الأنوار، ج 52 ص354 ح114. غيبة النعماني، ص 233.
([13]) هذا تعبير المحقق الكبير محمد بن إدريس الحلي قدس سره في مستطرفات كتابه القيّم (السرائر)/ ج 3 ص 589.
([14]) هو من المنحرفين وكان شيخ الواقفية قائلاً بختم الإمامة بالإمام موسى بن جعفر سلام الله عليهما وأنّه الإمام الغائب! وهذا الرجل الذي لا يؤمن أساساً بالإمام الثاني عشر سلام الله عليه كيف يمكن قبول روايته فيه؟ سيّما إذا لاحظنا أنّ الإمام الرضا عليه السلام كشف لنا في إحدى الروايات أنّه – أي البطائني – ضربه ملكان في قبره – لإنكاره إمامة الرضا عليه السلام -. «بمقمعة من نار فألهبا عليه قبره إلى يوم القيامة». (مناقب آل أبي طالب، ج3 ص449) أي أنّه يحترق في قبره منذ أكثر من 1200 عام! فكيف نقبل روايته؟
([15]) غيبة الطوسي، ص459-460, ح 473، في ذكر طرف من العلامات الكائنة قبل الخروج(ط, مؤسسة المعارف الاسلامية, قم)؛ الخرائج، ج3، ص1155 ح 61(ط, مؤسسة الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه,قم).
([16])الشيخ الطوسي، الغيبة، ص277؛ الخرائج، ج3، ص1155, ح 61. غيبة النعماني، ص234، بحار الانوار، ج52، ص355.
([17]) كتاب الغيبة للنعماني ـ قدس سره ـ ص232 ح17.
([18]) آل عمران، الآية159.
([19]) الشيخ الصدوق قدس سره في (كمال الدين وتمام النعمة) ص257، والشيخ الخزاز في (كفاية الأثر) ص11، والطبرسي في (إعلام الورى بأعلام الهدى) ج2 ص183 والشيخ ابن ابي الفتح الأربلي في (كشف الغمة) ج3 ص315، وعنهم نقل العلامة المجلسي قدس سره في بحار الأنوار: ج52، ص379، ح187.
([20]) هو أمين الدين أمين الإسلام أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل(ت: 548هـ) فقيه ومحدث ومفسّر ولغوي إماميّ عرف بالشيخ الطبرسي، أبرز علماء الشيعة في القرن السادس الهجري، ولده الحسن بن الفضل صاحب مكارم الأخلاق وحفيده علي بن الحسن صاحب مشكاة الأنوار، جميعهم جهابذة. (روضات الجنات للخونساري: 5/ 342- 349؛ طبقات أعلام الشيعة، القرن السادس: 216و217).
([21]) أعلام الورى، ج 2 ص310.
([22]) الكافي: ج1 ص411 ح3 وعنه الوسائل: ج3 ص348 الباب7 الحديث7 وبحار الأنوار: ج40 ص336 الباب 98 الحديث 18.
([23]) انظر المصادر التالية:
شرح الأخبار - للقاضي النعمان المغربي - ج3 ص362.
كتاب الغيبة للطوسي - قدس سره - ص178 الحديث136.
مسند أحمد بن حنبل: ج3 ص37.
بيان الشافعي: الباب10 ص505.
فرائد السمطين: ج2 ص310 الحديث561 وغيرها.
([24]) سورة آل عمران، الآية 59.
([25]) سورة التوبة، الآية 128.
([26]) سورة التوبة الآية 61.
([27]) راجع تفسير القمّي ج1 ص300.
([28]) سورة التوبة، الآية 61.
([29]) سورة آل عمران، الآية 159.
([30]) نهج البلاغة، ص 183، رقم 126 – من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء.
([31]) مستدرك الوسائل ج 17 ص 364 ؛ دعائم الاسلام/ ج2/ ص518 عنه مستدرك الوسائل/ ج17/ ص361.
([32]) الكافي ج 7 ص 414.
([33]) الوسائل/ القضاء/ ابواب كيفية الحكم/ الباب2/ الحديث1.
([34]) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى: ص318.
([35]) نهج البلاغة، الخطبة 138.
([36]) النعماني، الغيبة، ص233. بحار الأنوار، ج52، ص354.
1- ضرورة معرفة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه
2- نهج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في تشكيل الحكومة
3- الأحاديث الموضوعة ومحمد بن علي الكوفي
4- الروايات الصحيحة
5- سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه ومطابقتها لسيرة الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله
6- قضاء الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه
7- أساليب الإدارة عند الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
● ضرورة معرفة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه
من الواجبات العامة الملقاة على عاتق جميع المسلمين هي معرفة إمام زمانهم ثمّ طاعته، وأهمّ ما يُستدلّ به في هذا المجال من الأدلّة النقلية الحديث المتواتر: «من مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتة جاهلية»، فمن يرحل عن هذه الدنيا (طبقاً لهذا الحديث) دون معرفة إمام زمانه يكون ميّتاً على عهد الجاهلية، كأن لم يربطه بالإسلام أيّ رابط.
هذا الحديث هو من الأحاديث المعتبرة جداً ويرى تواتره كلا الفريقين الشيعة ومخالفوهم؛ يقول عنه الشيخ المفيد الذي هو من كبار علمائنا في كتابه النفيس «الإفصاح»: «روي هذا الحديث متواتراً عن الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله»[1].
كما ذكر في رسالة أخرى باسم «الرسالة الأولى في الغيبة» ما يلي:
حديث «من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» خبر صحيح يشهد به إجماع أهل الآثار.[2]
ومن علماء العامّة نشير إلى سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي الذي قال صراحة بأنّ حديث «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» هو موضع إجماع علماء الأمّة.[3]
والسبب في أنّ الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله يضع مسألة جهل المرء بإمام زمانه في مرتبة الشرك والإلحاد ـ حيث يموت على الجاهلية ـ يرجع إلى أنّ الجهل بمعرفة الإمام سلام الله عليه يؤدي بصاحبه إلى الضلال والابتعاد عن الصراط المستقيم، وبالتالي كلما توغّل فيه ابتعد أكثر عن الهدف، الى أن ينتهي الى نحو ما كان عليه أهل الجاهلية من الشرك. ومن هذا المنطلق يتوجّب علينا الجدّ في السعي لمعرفة إمام زماننا, لنقي أنفسنا خطر الوقوع في المزالق والمتاهات، ومما لا ريب فيه أن إمام زماننا هو الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الذي شحنت بذكره كتب المسلمين على الإطلاق من خلال الأحاديث و الروايات و الآثار التي بيّنت حسبه ونسبه, وسمته وصفته، وأنه من ولد عليّ وفاطمة سلام الله عليهما لا أحد غيره، وهو الوحيد الذي تنطبق عليه مواصفات الإمام المفترض الطاعة، وهو حيّ يُرزق بأمر الله ومشيئته، وشاهد على أعمال البشر وسلوكهم، و بالخصوص منهم الشيعة، وبدرجة أخصّ العلماء وطلبة العلوم الدينية.
وممّا يؤسف له أنّ غياب المعرفة الصحيحة عن الإمام المهدي سلام الله عليه وعجّل الله تعالى فرجه، والجهل أو الخلط في تحليل الأحاديث والروايات والآثار التي تنبئ ما ستكون عليه سيرته الشخصية والاجتماعية فضلاً عن المكذوب أو المدسوس في الروايات، حدت بالبعض إلى تصوّر الأوهام وكيل التّهم إليه عجّل الله تعالى فرجه، والتي لا تصحّ نسبتها حتى إلى الفرد العادي! ويمكن تقسيم هذه التهم بوجه عام إلى قسمين: القسم الأول ما يتعلق بنهج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في تشكيل الحكومة. والقسم الثاني حول سيرته في الحكم لعصر ما بعد الظهور وبسط قيادته على العالم.
● نهج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في تشكيل الحكومة
دأب البعض مع الأسف على رسم صورة عنيفة وفظّة عن الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه معتقدين أنّه سيؤسّس دولته وينشر سلطانه بإعمال السيف في أعدائه وإهراق دمائهم، مستندين في ذلك إلى ما تضمّنته بعض الروايات ذات الصلة والتي ستعرف حالها و حال رواتها لاحقاً، كما تناهى ذلك إلى علم الناس عن طريق بعض المتكلّمين وبعض الكتب حيث تذكر بعض الروايات على سبيل المثال, أنّ الإمام المهدي عجّل الله فرجه عند ظهوره سيأخذ الناس بالشدّة والعنف لدرجة أنّهم يتمنّون لو كان بينهم وبينه أمد بعيد حتّى لا يتسلّط عليهم!! بينما البعض الآخر منها تذكر أنه سيشكّك الكثير منهم في انتسابه حقّاً إلى الدوحة المحمدية بسبب سيرته العنيفة في الحكم.
● الأحاديث الموضوعة ومحمد بن علي الكوفي
وقد أحصي منها قرابة خمسين حديثاً، نسب سند أكثر من ثلاثين منها إلى شخص يدعى محمد بن علي الكوفي وهو وضّاع سيّئ الصيت اشتهر بعدم الثقة لدى العلماء، وكان معاصراً للإمام الحسن العسكري سلام الله عليه ويستدلّ على عدم وثاقته من قول الفضل بن شاذان [4] فيه: بأنّه «من الكذابين»[5] ويقول في مكان آخر: «كدت أن أقنت عليه»[6] أي أوشكت أن أدعو عليه في قنوتي. وفيما يلي نستعرض بعضاً من روايات الكوفي:
الرواية الأولى: تقول هذه الرواية المطوّلة، والتي تزيد على الصفحة في كتاب بحار الأنوار: سيتعقّب الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه بعد ظهوره طائفة من المسلمين الفارّين إلى نصارى الروم طلباً للنجدة، فيشترط عليهم الروم أن يدخلوا في النصرانية ويعلّقوا على صدورهم الصليب مقابل نجدتهم فيوافقوا على ذلك خوفاً من سطوة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه، بعدها يخرج الإمام هؤلاء من قبضة الروم ليظفر بهم «فيقتل الرجال، ويبقر بطون الحبالى»[7].
يجب أن نعلم أنّ سيدنا ومولانا المهدي عجّل الله تعالى فرجه إمام وهو أدرى من أيّ فرد آخر بأحكام الإسلام التي تنصّ على أنّه في حال ارتكاب الحامل أي جريمة توجب عليها الحدّ، كأن تكون زنت مثلاً وشهد أربعة شهود عدول على ذلك
ـ فمع هذا ـ : يحرم إقامة الحدّ عليها ما لم تضع حملها. فهل يعقل إذاً والحال هذه أن يبقر الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه بطون الحبالى؟ أليست هذه الرواية من مصاديق الكذب؟
الرواية الثانية: عن كتاب الغيبة للنعماني وطبقاً للأسانيد التالية:
«عن علي بن الحسين[8] عن محمد بن يحيى العطار, عن محمد بن الحسن الرازي (غير معروف) عن محمد بن علي الكوفي, عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر البزنطي, عن عبد الله بن بكير, عن أبيه, عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: «أيسير (الحجّة) بسيرة محمّد صلّى الله عليه وآله؟ فقال: «هيهات هيهات يا زرارة ما يسير بسيرته!
قلت: جعلت فداك لِمَ؟
قال: إنّ رسول الله سار في أمّته باللين كان يتألف الناس، والقائم يسير بالقتل»[9].
فعلاوة على ضعف سند هذه الرواية، فإنّها تناقض الروايات الصحيحة التي تتحدث عن محاكاة سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه لسيرة جدّه الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله والتي سنذكرها لاحقاً إن شاء الله تعالى.
الرواية الثالثة وهي بالسند السابق نفسه: عن محمد بن علي الكوفي, عن البزنطي, عن العلاء.
وقد ورد في هذه الرواية كسابقتيها كلام كثير عن القتل. ونُسب هذا القول إلى الإمام الباقر سلام الله عليه فقد رُوي: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
«لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحبّ أكثرهم أن لا يروه ممّا يقتل من الناس».
هذا الكلام المنسوب إلى الإمام المعصوم من قِبل أحد الوضّاعين مرفوض جملة وتفصيلاً، لأنّنا لو فرضنا أنّ وضّاعاً افترى على مؤمن بشرب الخمر، فإن هذا الافتراء لن يقع موقع القبول في نفس العاقل، ولا يسمح بنقله، فما بالك إن كان الافتراء على الإمام المعصوم سلام الله عليه ؟![10]
نتابع سرد بقية الرواية: «حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد صلّى الله عليه وآله لو كان من آل محمّد صلّى الله عليه وآله لرحم»[11] وذلك بسبب إسرافه في القتل! فيا ترى عمّن تتحدّث الرواية؟ هل تتحدّث عن الحجاج بن يوسف الثقفي أم عن واحد من أطهر خلق الله تعالى الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف؟
الرواية الرابعة:عن محمد بن علي الكوفي, عن البزنطي, عن عاصم بن حميد الحنّاط, عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام: «ليس شأنه إلا بالسيف، لا يستتيب أحداً»[12].
والمسألة المثيرة هنا أنّ محمد بن علي الكوفي هذا كان ينسب أكاذيبه بالثقات من الرواة حتى يضفي عليها بعض المصداقية وهو ما يظهر جلياً من خلال دسّ أسامي الثقات في سلسلة أسانيده.
الرواية الخامسة: «هذه المرّة محمد بن علي الكوفي, عن الحسن بن محبوب (أحد الأركان الأربعة) [13] عن علي بن حمزة البطائني[14], عن أبي بصير عن أبي عبد الله سلام الله عليه أنه قال: «ما تستعجلون بخروج القائم فوالله ... و ما هو إلا السيف, والموت تحت ظلّ السيف».[15]
الرواية السادسة:عن علي بن أبي حمزة البطائني, عن أبيه, عن أبي بصير, عن أبي عبد الله سلام الله عليه أنّه قال: «إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف ما يأخذ منها إلاّ السيف»[16].
هذا عددٌ من الروايات الواردة في هذا الشأن، وعدا محمد بن علي الكوفي والبطائني، هناك غيرهما من الرواة لهذا النوع من الروايات، التي لا اعتبار لها.
وبغض النظر عن الإشكالات في أسانيد هذه الروايات، فهي أيضاً تتناقض مع أساسيات الدين والشرع ولا يمكن بأي حال تبريرها. فمن المعلوم أنّ مهمة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه هي إقامة العدل وطيّ بساط الظلم والجور، وعلى هذا الأساس فمن غير المعقول أن يحقّق العدل بسلوك طريق الظلم، أو أن يحيي سنّة جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين علي سلام الله عليه بإحياء البدع. فسنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله تحرّم إقامة الحدّ على المرأة الحامل، في حين يُنسب إلى الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه (والعياذ بالله) أنّه يفعل ذلك مع المرأة الحامل التي تضطرّ للدخول في الدين المسيحي خوفاً ورهبة منه؛ وذلك حسب رواية محمد بن علي الكوفي.
● الروايات الصحيحة
ثمّة أدلة تدحض هذه الأقاويل وهي الأحاديث الصحيحة والمعتبرة الواردة في هذا الشأن والتي تنقل صورة مغايرة تماماً لما أوردته الروايات السابقة، حيث تؤكّد بما لا يقبل اللبس والغموض على مطابقة نهج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في الحكم لنهج جدّيه النبي المصطفى صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليّ سلام الله عليه، ونستعرض هاهنا بعضاً من هذه الروايات:
الرواية الأولى: فقد وردت رواية موثّقة وحسنة عن كتاب الغيبة للنعماني تقول:
«عن ابن عقدة, عن علي بن الحسن (ابن فضال) عن أبيه, عن رفاعة عن عبد الله بن عطاء قال: سألت أبا جعفر الباقر سلام الله عليه فقلت: إذا قام القائم عجل الله فرجه بأيّ سيرة يسير في الناس؟ فقال سلام الله عليه: «يهدم ما قبله كما صنع رسول الله صلّى الله عليه وآله ويستأنف الإسلام جديداً»[17]. أي كما أنّ رسول الله هدم أركان الشرك واليهودية والنصرانية والمجوسية من قبل، فإنّ المهدي عجّل الله تعالى فرجه كذلك يزيل عن الدنيا كلَّ ما ينطق ظاهره باسم الإسلام ويستبطن خلافه، ليؤسّس بعد ذلك للإسلام الحقيقي الأصيل دولته الحقة.
ومن المعروف أنّ الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله وتنفيذاً لأوامر القرآن الكريم (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك) [18] هدّم ما قبله بالحسنى واللين، مستخدماً هذا النهج مع جميع الناس بمن فيهم المشركين وليس مع المسلمين وحدهم، وكذلك الأمر بالنسبة للإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الذي سيطبّق النهج ذاته مع المشركين، فكيف بالمسلمين.
الرواية الثانية: رواها باسانيد عديدة جمهرة من المتقدمين والمتأخرين أمثال الصدوق والخزاز القمي والطبرسي والإربلي وآخرين قدست أسرارهم :
«عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وآله قال: «التاسع منهم [من أولاد الحسين سلام الله عليه] من أهل بيتي ومهديّ أمّتي، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله»[19]. كلمة (أفعاله) هي شاهد الأداة (ما) ـ في الرواية الآنفة الذكر: كما صنع رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ والمعنى أنّه علاوة على شبهه لشمائل وأقوال رسول الله صلّى الله عليه وآله، فإنّه شبيهه بالأفعال أيضاً.
ورد تعليق للشيخ الطبرسي[20] على هذه الرواية جاء فيه: «قالوا: ... وإنه يحكم بحكم داود عليه السلام لا يسأل عن بيّنة، وأشباه ذلك ممّا ورد في آثاركم... الجواب: ... وأمّا ما روي أنه يحكم بحكم داود لا يسأل عن بينة فهذا أيضاً غير مقطوع به»[21].
فالطبرسي ـ الذي يعدّ من أشهر المطّلعين على الأحاديث ـ يردّ اعتبار الروايات الواردة باستخدامه للعنف بتلك الصُّور.
الرواية الثالثة: بحار الأنوار نقلاً عن الكافي:
«عن البرقي عن أبيه عن محمد بن يحيى الخزاز عن حماد بن عثمان عن الإمام الصادق سلام الله عليه: «إن قائمنا إذا قام لبس ثياب علي عليه السلام وسار بسيرة علي عليه السلام»[22].
سند هذه الرواية صحيح لا تعتريه شبهة، وذلك لكون جميع رواتها من الثقات، كما أنّ مضمونها مطابق لسيرة المعصومين سلام الله عليهم، وهذا المضمون يشير إلى أنّ لظهور الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في قلوب الناس عامّهم وخاصّهم، صغيرهم وكبيرهم محبة وشوقاً كبيرين، فعن رسول الله صلّى الله عليه وآله في الحديث الشريف المتفق على روايته بين الخاصة والعامّة انّه قال: «نبشّركم بالمهدي رجل من قريش يسعد بخلافته سكّان السموات والأرض».
وروي عنه صلّى الله عليه وآله أيضاً: أبشرّكم بالمهدي الذي يرسل إلى الناس... فيسعد به سكّان السموات والأرض.
كما جاء في رواية أخرى عن الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله: رجل من أمّتي يحبّه أهل الأرض والسماء. وفي حديث آخر: يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض[23].
ومعلومٌ أنّ حبّ أهل الأرض إنما يجتمع مع الرفق وما أشبه.
● الجمع بين الروايات
في حال تعارض الروايات مع بعضها يمكن الاهتداء ببعض الوصايا للأئمة المعصومين سلام الله عليهم في هذا المجال، فلو فرضنا أن هناك روايتين تعارضتا مع توفر شروط التعارض والتي من أهمّها وثاقة سنديهما، لا أن يكون في سند أحدهما مثل محمد بن علي الكوفي الوضّاع، وفي الآخر علي بن إبراهيم ومحمد بن مسلم اللذان هما من الثقات المعتمدين عند الأئمة سلام الله عليهم. فالمقارنة بين هذين السندين غير صحيحة عقلاً وشرعاً. وعليه، فإنّنا نواجه ومنذ الخطوة الأولى معضلة السند؛ وذلك لأنّ محمد بن علي الكوفي يرسم في رواياته عن الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه صورة السفّاح الذي يسرف في القتل ويعمّ الهرج والمرج في زمانه، بينما يقول الفقهاء إنّ الأحكام الشرعية تسقط عن الوجوب في حال تسبّبها في الهرج والمرج، فكيف للإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه وهو المحيط بجميع جوانب الدين وأحكامه أن يتسبّب في الهرج والمرج؟ إذن فقد انتفت منذ البداية مسألة التعارض وبطلت، وأنّى لشخصٍ كذّاب أن يعارض فطاحل علم الحديث وثقاته؟
وعلى فرض صحة السند لكلا الحديثين، يأتي دور إعمال الترجيح بينهما، حيث يتمّ عرضهما على الكتاب الكريم و مقارنتهما به، فيؤخذ بما يتطابق معه, وفي المقام يكون الرجحان لتلك التي تصرّح بتشابه سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه مع سيرة جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين علي سلام الله عليه لأنّها تتماشى مع ما أمر به الرحمن في كتابه الكريم بقوله تعالى لنبيّه الأعظم صلّى الله عليه وآله (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لا نفضّوا من حولك).
بعد أن ننتهي من هذه المرحلة ويتبيّن لنا على سبيل الفرض أنّ كلتا الروايتين مطابقتان للكتاب يأتي دور مطابقة السُّنة القطعية، ثم يأتي دور عنصري الدلالة والظهور فنختار الرواية الأصرح، وإذا كانتا متساويتين في هذين الجانبين أيضاً، نصل إلى مرحلة التساقط ـ بناءً على قاعدة «إذا تعارضا تساقطا» ـ فتكون الروايتان كأن لم تكونا من الأساس في هذا الشأن. وهذه قاعدة اُصولية ـ فقهية معمول بها في باب تعارض الروايات عند الفقهاء.
● سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه ومطابقتها لسيرة الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله
إنّ سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه تطابق سيرة جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله، حتّى شمائله فهي تشبه تماماً في نورانيّتها شمائل الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله، طبقاً لما روي في كثير من أحاديث الفريقين، علاوة على أنّ المؤرّخين المسلمين وغيرهم ذكروا بأنّه حتى أعدى أعداء النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله كان ينبهر لرؤيا شخص الرسول صلّى الله عليه وآله بمجرّد أن يقع نظره على طلعته البهيّة، فكانت ـ كثيراً ما ـ تنسيه عداءه له، فكذلك هو الحال بالنسبة لشمائل الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه.
مضافاً إلى ماورد في التاريخ والروايات بشأن عدله وسمو مجده، وهاهو القرآن الكريم ينطق باللسان الأفصح عن سيرة الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله، وهو يرسم له لوحة تعبّر عنها الآية الكريمة أصدق تعبير في قوله تعالى:
ـ فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَليظَ القَلْبِ لانْفَضّوا مِنْ حَوْلِكَ [24].
وفي آية أخرى:
ـ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسولٌ مِنْ أنْفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتّم حَريصٌ عَلَيْكُمْ بِالمؤمِنينَ رَؤوفٌ رَحيم [25].
إنّ محبّة الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله وشفقته على الآخرين كانت عظيمة لدرجة استغلّها بعض ضعاف النفوس من الأعداء كسلاح لمحاربته به، قال تعالى:
ـ وَمِنْهُم الّذين يُؤذونَ النَّبيّ وَيَقولونَ هُوَ اُذُنٌ قُلْ اُذُن خَيْر لَكُمْ يُؤمِنُ بِالله وَيُؤمِنُ لِلْمُؤمِنين وَرَحْمَةٌ للّذينَ آمَنوا مِنْكُم [26].
ورد في تفسير الآية الكريمة [27]: إنّ أحد المنافقين سخر (والعياذ بالله) من رسول الله صلّى الله عليه وآله، فنزل عليه جبريل عليه السلام وقال: يا رسول الله اطلب فلاناً(المنافق) واسأله عن سبب ارتكابه لمثل هذه الأعمال.
كان هذا الحدث لا سابقة له في سيرة رسول الله صلّى الله عليه وآله إذ لم يحدث أن طلب أحداً لمثل ذاك.
على أيّ حال، أرسل الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله في طلب ذلك المنافق وسأله عن فعلته تلك فأجابه: يا رسول الله لم أفعل ذلك أبداً، وما وصلك لا يعدو كونه وشاية، فسكت الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله ولم يقل شيئاً، فظنّ المنافق أنّ النبي صلّى الله عليه وآله قد صدّق كلامه ـ وهو أمر محال لأنّه لا يعقل له صلّى الله عليه وآله أن يرجّح كلام المنافق على كلام الله سبحانه وتعالى وجبريل الأمين عليه السلام ـ لكنّه أراد بسكوته ألاّ يُخجل المنافق على كذبه، فاتّخذ المنافق ذلك الحدث ذريعة ليذيع على الناس تفاصيل ما حدث ويقول بأنّه يعجب لأمر النبي، يسمع لجبريل عليه السلام فيصدّقه، ويسمع جوابي فيصدّقني، حقّاً إنّه لنبيّ اُذُن (أي سمّاع لكل قول) فأنزل الله سبحانه وتعالى ما ينزّه به رسوله صلّى الله عليه وآله عن مثل هذه التخرّصات؛ قال تعالى: «قُلْ اُذُن خَيْر لَكُم» [28] نعم، هذه هي سيرة الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله وفعاله، والإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه يشبه جدّه المصطفى الذي قال عنه تعالى:«فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُم» [29]، وعليه فإنه سيتبع خطى جدّه الكريم لا يحيد عنها قيد أنملة، حيث سيعامل الكافرين بالحسنى، فكيف بالمسلمين؟ وهو الذي جاء أصلاً لإقامة أركان العدل، العدل الذي يشكّل مطلباً طبيعياً وفطرياً للإنسان. لذا، فمن غير الممكن أن يسلك نهجاً ينفّر الناس عنه ويجعلهم يتمنّون لو لم يروه، أو أن يشككوا في نسبه وانتسابه بآل النبي صلّى الله عليه وآله بسبب العنف والشدة.
وحينما يطلق الإمام أمير المؤمنين علي سلام الله عليه كلمته الرائعة: أتأمروني أن أطلب النصرة بالجور [30]، فقطعاً يسلك الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه وهو الثمرة الطيبة لهذه الشجرة المباركة, ذلك النهج ويقتفي آثار أجداده الكرام، لا أن يقيم أسس حكمه على قواعد الشدة والعنف.
● قضاء الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه
مسألة أخرى ما فتئت تطرح للمناقشة، ألا وهي طبيعة قضاء الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه، فالبعض يرى أنّه سيقضي بين الناس دونما حاجة إلى شهود وبيّنات، بل سيكون دليله ما ألهمه الله من علم الغيب، مستندين في استنتاجهم هذا إلى بعض الشواهد والأدلّة؛ من جملتها الأحاديث التي تفيد بأنّ الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه سيحكم بين الناس ويبتّ في دعاواهم بعلمه وعلى طبق حكم النبي داود عليه السلام، وفي ما يلي وقفة عند إحدى تلك الروايات:
«عن عبد الله بن عجلان عن الإمام الصادق سلام الله عليه أنّه قال: «إذا قام قائم آل محمد صلّى الله عليه وآله حكم بين الناس بحكم داود، لا يحتاج إلى بيّنة، يلهمه الله فيحكم بعلمه»[31].
ويناقش ذلك بما يلي:
أولاً: إن حكم داود بدون أيمان وبيّنة كان مرّة واحدة في قصّة مفصّلة نقلها في دعائم الاسلام مرسلاً، وفيها شواهد عديدة على أنها إمّا موضوعة كلاً، أو بعضاً، ولا يمكن مثل ذلك أن يكون مستنداً لحكم شرعي واحد، فكيف بجريان سيرة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، عليها، وبعد تلك القصة كان حكم داود عليه السلام طول حياته على الأيمان والبيّنات، كما هو صريح أول تلك القصة المرسلة وآخرها، ففي أولها: (فأوصى الله عزّ وجل إليه: يا داود اقض بينهم بالأيمان والبينات) وفي آخرها: (يا داوود... فلا تسألني تعجيل ما أخّرت، واحكم بين خلقي بما أمرت).
ثانياً: يتباين هذا النهج في الواقع مع قضاء رسول الله صلّى الله عليه وآله حيث كان يردّد دائماً: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان»[32]، وأنه إذا حكم صلى الله عليه وآله في قضية ما مثلاً لصالح شخص بقطعة أرض ولكنّها في الواقع لم تكن له، فليس له حقّ التصرّف بها حتى قال صلى الله عليه وآله في الحديث الصحيح: (إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان وبعضكم ألحن بحجّته من بعض، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنما قطعت له به قطعة من النار) [33].
من هنا، لا يعقل أن يكون الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه ـ الذي هو أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله، وتقوم فلسفة ظهوره على مبدأ العدل وإقامة شريعة جدّه وإحياء سنّته - يحيد عن نهج الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله، و يقضي بين الناس بغير طريقته صلّى الله عليه وآله.
● أساليب الإدارة عند الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه
من هذه الأساليب أن يكون مع الناس والمساكين رؤوفاً رحيماً، بالقدر نفسه الذي يكون فيه حازماً وحسيباً على عمّاله والمسؤولين: «المهدي جواد بالمال، رحيم بالمساكين، شديد على العمّال».[34]
يقول الإمام أمير المؤمنين علي سلام الله عليه في هذا الشأن: «ألا وفي غد ـ وسيأتي غد بما لا تعرفون ـ يأخذ الوالي من غيرها عمّالها على مساوئ أعمالها..»[35].
وبالطبع ستكون شدّته على نفسه قبل الجميع وفوق الجميع، ورغم أنّ الناس سينعمون بالرفاهية والطمأنينة في ظلّ حكومته، إلاّ أنّه ومحاكاة لسيرة جدّه أمير المؤمنين سلام الله عليه سيكتفي بلبس الخشن وأكل الجشب:
«فوالله ما لباسه إلا الغليظ ولا طعامه إلا الجشب»[36]. نسأل الله تعالى بحقّ إمامنا المهدي أن يرينا طلعته الرشيدة إنه سميعٌ مجيب.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الإفصاح للشيخ المفيد، ص28 (ط, مؤسسة البعثة, قم )
([2]) رسائل في الغيبة للشيخ المفيد: ج1, ص3, الرسالة الاولى في الغيبة (ط, دار المفيد, بيروت).
([3]) ينابيع المودة، ج3، ص456.
([4]) هو من أعاظم الرواة والشخصيات الشيعية والذي لا تشوب عظمة منزلته وجلال قدره أيّة شائبة حتّى روي عن الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه فيه: «أغبط أهل خراسان لمكان الفضل وكونه بين أظهرهم» (راجع ترجمته في رجال ابن داود:151 رقم 1200 ط, الحيدرية, النجف الأشرف؛ معالم العلماء ص 90).
([5]) اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي للشيخ الطوسي ج2 ص823 رقم 1033 (ط, مؤسسة آل البيت عليهم السلام قم).
([6]) خلاصة الأقوال للعلامة الحلي: 399-398 رقم 29 (ط, الحيدرية, النجف الاشرف).
([7]) بحار الأنوار، ج52، ص388, ح206, باب سيره وأخلاقه وخصائص زمانه (ط، مؤسسة الوفاء- بيروت).
([8]) والد الشيخ الصدوق.
([9])غيبة النعماني، ص153 ح14.
([10]) وما أكثر الأكاذيب التي افتراها الوضّاعون ونسبوها للأئمة الأطهار عليهم السلام وخاصّة للإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام، والتمعّن في الروايات أدناه يكشف عن ذلك:
روي عن الإمام الصادق سلام الله عليه أنه قال: «فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنّة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإنا إذا حدثنا قلنا: قال الله عزّ وجل وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم». قال يونس: وافيت العراق ، فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليه السلام، ووجدت أصحاب أبي عبد الله عليه السلام متوافرين، فسمعت منهم وأخذت كتبهم، فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا عليه السلام، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد الله عليه السلام ، وقال لي: إن أبا الخطاب كذب على أبي عبدالله عليه السلام، لعن الله أبا الخطاب وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسّون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله عليه السلام...
وعن هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: «كان المغيرة بن سعيد يتعمّد الكذب على أبي، ويأخذ كتب أصحابه، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة، فكان يدسّ فيها الكفر والزندقة، ويسندها إلى أبي ثم يدفعها إلى أصحابه...» (معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج 19، ص 300 - 301).
([11]) غيبة النعماني، ص233.
([12]) بحار الأنوار، ج 52 ص354 ح114. غيبة النعماني، ص 233.
([13]) هذا تعبير المحقق الكبير محمد بن إدريس الحلي قدس سره في مستطرفات كتابه القيّم (السرائر)/ ج 3 ص 589.
([14]) هو من المنحرفين وكان شيخ الواقفية قائلاً بختم الإمامة بالإمام موسى بن جعفر سلام الله عليهما وأنّه الإمام الغائب! وهذا الرجل الذي لا يؤمن أساساً بالإمام الثاني عشر سلام الله عليه كيف يمكن قبول روايته فيه؟ سيّما إذا لاحظنا أنّ الإمام الرضا عليه السلام كشف لنا في إحدى الروايات أنّه – أي البطائني – ضربه ملكان في قبره – لإنكاره إمامة الرضا عليه السلام -. «بمقمعة من نار فألهبا عليه قبره إلى يوم القيامة». (مناقب آل أبي طالب، ج3 ص449) أي أنّه يحترق في قبره منذ أكثر من 1200 عام! فكيف نقبل روايته؟
([15]) غيبة الطوسي، ص459-460, ح 473، في ذكر طرف من العلامات الكائنة قبل الخروج(ط, مؤسسة المعارف الاسلامية, قم)؛ الخرائج، ج3، ص1155 ح 61(ط, مؤسسة الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه,قم).
([16])الشيخ الطوسي، الغيبة، ص277؛ الخرائج، ج3، ص1155, ح 61. غيبة النعماني، ص234، بحار الانوار، ج52، ص355.
([17]) كتاب الغيبة للنعماني ـ قدس سره ـ ص232 ح17.
([18]) آل عمران، الآية159.
([19]) الشيخ الصدوق قدس سره في (كمال الدين وتمام النعمة) ص257، والشيخ الخزاز في (كفاية الأثر) ص11، والطبرسي في (إعلام الورى بأعلام الهدى) ج2 ص183 والشيخ ابن ابي الفتح الأربلي في (كشف الغمة) ج3 ص315، وعنهم نقل العلامة المجلسي قدس سره في بحار الأنوار: ج52، ص379، ح187.
([20]) هو أمين الدين أمين الإسلام أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل(ت: 548هـ) فقيه ومحدث ومفسّر ولغوي إماميّ عرف بالشيخ الطبرسي، أبرز علماء الشيعة في القرن السادس الهجري، ولده الحسن بن الفضل صاحب مكارم الأخلاق وحفيده علي بن الحسن صاحب مشكاة الأنوار، جميعهم جهابذة. (روضات الجنات للخونساري: 5/ 342- 349؛ طبقات أعلام الشيعة، القرن السادس: 216و217).
([21]) أعلام الورى، ج 2 ص310.
([22]) الكافي: ج1 ص411 ح3 وعنه الوسائل: ج3 ص348 الباب7 الحديث7 وبحار الأنوار: ج40 ص336 الباب 98 الحديث 18.
([23]) انظر المصادر التالية:
شرح الأخبار - للقاضي النعمان المغربي - ج3 ص362.
كتاب الغيبة للطوسي - قدس سره - ص178 الحديث136.
مسند أحمد بن حنبل: ج3 ص37.
بيان الشافعي: الباب10 ص505.
فرائد السمطين: ج2 ص310 الحديث561 وغيرها.
([24]) سورة آل عمران، الآية 59.
([25]) سورة التوبة، الآية 128.
([26]) سورة التوبة الآية 61.
([27]) راجع تفسير القمّي ج1 ص300.
([28]) سورة التوبة، الآية 61.
([29]) سورة آل عمران، الآية 159.
([30]) نهج البلاغة، ص 183، رقم 126 – من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء.
([31]) مستدرك الوسائل ج 17 ص 364 ؛ دعائم الاسلام/ ج2/ ص518 عنه مستدرك الوسائل/ ج17/ ص361.
([32]) الكافي ج 7 ص 414.
([33]) الوسائل/ القضاء/ ابواب كيفية الحكم/ الباب2/ الحديث1.
([34]) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى: ص318.
([35]) نهج البلاغة، الخطبة 138.
([36]) النعماني، الغيبة، ص233. بحار الأنوار، ج52، ص354.