التقية في الفكر الاسلامي
التقية في اللغة : الحيطة والحذر من الضرر والتوقي منه ، والتقية والتقاة بمعنى واحد ، قال تعالى : ( إلاّ أن تتقوا منهم تقاة ) (1)أي : تقية ، بالاتفاق ( تاج العروس 10 : 396 وسيأتي اتفاق المفسرين على تفسير (التقاة) بالتقية .)
قال ابن منظور : وفي الحديث : «قلت : وهل للسيف من تقية ؟ قال : نعم، تقية على اقذاء، وهدنة على دخن» ومعناه : إنّهم يتقون بعضهم بعضاً، ويظهرون الصلح والاتفاق وباطنهم بخلاف ذلك (3).
وفي الاصطلاح : فقد عرفها جمع من علماء المسلمين بألفاظ متقاربة وذات معنى واحد .
وعرفها الشيخ الاَنصاري (ت | 1282 هـ) بـ (الحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق) (التقية | الشيخ الاَنصاري : 37 . واُنظر القواعد الفقهية | البجنوردي 5 : 44 . والقواعد الفقهية| ناصر مكارم الشيرازي 3 : 13 .)
و اما الاكراه المتصل بالتقية فهو :
أصل الاكراه لغةً : مأخوذ من الفعل (كَرَهَ) ، والاسم : (الكَرهُ) ويراد به كل ما أكرهك غيرك عليه ، بمعنى : أقهرك عليه، وأما (الكُرْه) فهو المشقة ، يُقال : قمت على كُرْهٍ ، أي: على مشقة .
وأمّا في الاصطلاح : فقد عرّفه التفتازاني بأنه : (حمل الغير على أن يفعل ما لا يرضاه ، ولا يختار مباشرته لو خُلِّي ونفسه)
*****قاعدة يرتكب اخف الضررين لدفع اعظمهما*****
ويتوقف هذا على بيان صلة القاعدة بالاكراه والتقية ، إذ قد يقع الاِنسان بين ضررين وهو مضطر إلى أحدهما ، فيرتكب أخفهما لدفع أعظمهما بموجب القاعدة وحينئذ لا اكراه في المقام ولا تقية من أحد !! ولكن القاعدة لم توضع لاَجل هذا فحسب ، بل هي عامة تنطبق على موارد الضرر كافة ومن بينها الضرر الناتج بفعل الاكراه الذي لا خلاص منه إلاّ بالتقية شأنها بذلك شأن القواعد الفقهية الاُخرى الآتية الخاصة بالضرر .
*****نص قاعدة ترك اخف الضررين *****
1 ) وفيها يقول الندوي : (إذا اجتمع للمضطر محرمان كل منهما لا يباح بدون الضرورة ، وجب تقديم أخفهما مفسدة وأقلهما ضرراً ، لاَن الزيادة لا ضرورة إليها فلا يباح) (القواعد الفقهية | علي أحمد الندوي : 225 ، دار القلم ، دمشق | 1412 هـ ، وأشار في هامشه إلى قواعد ابن رجب الحنبلي : 246 القاعدة رقم | 112 )
2 ) وقال الزيلعي: (الاَصل في جنس هذه المسائل : إنّ من ابتُلِيَ ببليتين ، وهما متساويتان يأخذ بأيهما شاء ، وإن اختلفتا يختار أهونهما ؛ لاَنَّ مباشرة الحرام لا تجوز إلاّ للضرورة ، ولا ضرورة في حق الزيادة) (الاَشباه والنظائر | ابن نجيم الحنفي : 89 .)
3 ) يقول الغزالي : (وارتكاب أهون الضررين يصير واجباً بالاضافة إلى أعظمهما ، كما يصير شرب الخمر واجباً في حق من غص بلقمة ـ أي : ولم يجد ماءً ـ ، وتناول طعام الغير واجباً على المضطر في المخمصة ، وإفساد مال الغير ليس حراماً لعينه ، ولذلك لو اُكْرِه عليه بالقتل وجب أو جاز) (المستصفى | الغزالي 1 : 89 دار الكتب العلمية | 1403 هـ .)
***** صلة قاعدة يرتكب اخف الضررين بالاكراه و التقية *****
إنّ من أوجه الاتفاق بين الضرورة والاكراه ـ كما سيأتي ـ هو ان مفهوم الضرورة العام يعني تحققها بمجرد حلول خطر لا يندفع إلاّ بمحظور ، وعليه سيكون الاكراه داخلاً بهذا المفهوم العام . واذا اتضحت صلة الضرورة بالاكراه اتضحت صلتها بالتقية أيضاً على أن في أحاديث أهل البيت عليهم السلام ما يؤكد هذه الصلة أيضاً .
ففي حديث الاِمام الباقر عليه السلام : « التقية في كل ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به»
وما تعنيه هذه القاعدة ، هو أن ما تدعو إليه الضرورة من المحظورات إنّما يرخّص منه القدر الذي تندفع به الضرورة فحسب ، فإذا اضطر الاِنسان لمحظور لاَي سبب مسوّغ كالاكراه ، أو المخمصة ونحوهما ، فليس له أن يتوسع في المحظور ، بل يقتصر منه على قدر ما تندفع به الضرورة فقط .
ومن ثمرات هذه القاعدة كما صرّح به الشيخ الزرقا : «إنّه من أُكْرِهَ على اليمين الكاذبة فإنّه يُباح له الاِقدام على التلفظ مع وجوب التورية والتعريض فيها إنْ خطرت على باله التورية والتعريض» (شرح القواعد الفقهية | أحمد بن محمد الزرقا : 188 في شرح القاعدة رقم 21 .)
و شكرا
:p
التقية في اللغة : الحيطة والحذر من الضرر والتوقي منه ، والتقية والتقاة بمعنى واحد ، قال تعالى : ( إلاّ أن تتقوا منهم تقاة ) (1)أي : تقية ، بالاتفاق ( تاج العروس 10 : 396 وسيأتي اتفاق المفسرين على تفسير (التقاة) بالتقية .)
قال ابن منظور : وفي الحديث : «قلت : وهل للسيف من تقية ؟ قال : نعم، تقية على اقذاء، وهدنة على دخن» ومعناه : إنّهم يتقون بعضهم بعضاً، ويظهرون الصلح والاتفاق وباطنهم بخلاف ذلك (3).
وفي الاصطلاح : فقد عرفها جمع من علماء المسلمين بألفاظ متقاربة وذات معنى واحد .
وعرفها الشيخ الاَنصاري (ت | 1282 هـ) بـ (الحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق) (التقية | الشيخ الاَنصاري : 37 . واُنظر القواعد الفقهية | البجنوردي 5 : 44 . والقواعد الفقهية| ناصر مكارم الشيرازي 3 : 13 .)
و اما الاكراه المتصل بالتقية فهو :
أصل الاكراه لغةً : مأخوذ من الفعل (كَرَهَ) ، والاسم : (الكَرهُ) ويراد به كل ما أكرهك غيرك عليه ، بمعنى : أقهرك عليه، وأما (الكُرْه) فهو المشقة ، يُقال : قمت على كُرْهٍ ، أي: على مشقة .
وأمّا في الاصطلاح : فقد عرّفه التفتازاني بأنه : (حمل الغير على أن يفعل ما لا يرضاه ، ولا يختار مباشرته لو خُلِّي ونفسه)
*****قاعدة يرتكب اخف الضررين لدفع اعظمهما*****
ويتوقف هذا على بيان صلة القاعدة بالاكراه والتقية ، إذ قد يقع الاِنسان بين ضررين وهو مضطر إلى أحدهما ، فيرتكب أخفهما لدفع أعظمهما بموجب القاعدة وحينئذ لا اكراه في المقام ولا تقية من أحد !! ولكن القاعدة لم توضع لاَجل هذا فحسب ، بل هي عامة تنطبق على موارد الضرر كافة ومن بينها الضرر الناتج بفعل الاكراه الذي لا خلاص منه إلاّ بالتقية شأنها بذلك شأن القواعد الفقهية الاُخرى الآتية الخاصة بالضرر .
*****نص قاعدة ترك اخف الضررين *****
1 ) وفيها يقول الندوي : (إذا اجتمع للمضطر محرمان كل منهما لا يباح بدون الضرورة ، وجب تقديم أخفهما مفسدة وأقلهما ضرراً ، لاَن الزيادة لا ضرورة إليها فلا يباح) (القواعد الفقهية | علي أحمد الندوي : 225 ، دار القلم ، دمشق | 1412 هـ ، وأشار في هامشه إلى قواعد ابن رجب الحنبلي : 246 القاعدة رقم | 112 )
2 ) وقال الزيلعي: (الاَصل في جنس هذه المسائل : إنّ من ابتُلِيَ ببليتين ، وهما متساويتان يأخذ بأيهما شاء ، وإن اختلفتا يختار أهونهما ؛ لاَنَّ مباشرة الحرام لا تجوز إلاّ للضرورة ، ولا ضرورة في حق الزيادة) (الاَشباه والنظائر | ابن نجيم الحنفي : 89 .)
3 ) يقول الغزالي : (وارتكاب أهون الضررين يصير واجباً بالاضافة إلى أعظمهما ، كما يصير شرب الخمر واجباً في حق من غص بلقمة ـ أي : ولم يجد ماءً ـ ، وتناول طعام الغير واجباً على المضطر في المخمصة ، وإفساد مال الغير ليس حراماً لعينه ، ولذلك لو اُكْرِه عليه بالقتل وجب أو جاز) (المستصفى | الغزالي 1 : 89 دار الكتب العلمية | 1403 هـ .)
***** صلة قاعدة يرتكب اخف الضررين بالاكراه و التقية *****
إنّ من أوجه الاتفاق بين الضرورة والاكراه ـ كما سيأتي ـ هو ان مفهوم الضرورة العام يعني تحققها بمجرد حلول خطر لا يندفع إلاّ بمحظور ، وعليه سيكون الاكراه داخلاً بهذا المفهوم العام . واذا اتضحت صلة الضرورة بالاكراه اتضحت صلتها بالتقية أيضاً على أن في أحاديث أهل البيت عليهم السلام ما يؤكد هذه الصلة أيضاً .
ففي حديث الاِمام الباقر عليه السلام : « التقية في كل ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به»
وما تعنيه هذه القاعدة ، هو أن ما تدعو إليه الضرورة من المحظورات إنّما يرخّص منه القدر الذي تندفع به الضرورة فحسب ، فإذا اضطر الاِنسان لمحظور لاَي سبب مسوّغ كالاكراه ، أو المخمصة ونحوهما ، فليس له أن يتوسع في المحظور ، بل يقتصر منه على قدر ما تندفع به الضرورة فقط .
ومن ثمرات هذه القاعدة كما صرّح به الشيخ الزرقا : «إنّه من أُكْرِهَ على اليمين الكاذبة فإنّه يُباح له الاِقدام على التلفظ مع وجوب التورية والتعريض فيها إنْ خطرت على باله التورية والتعريض» (شرح القواعد الفقهية | أحمد بن محمد الزرقا : 188 في شرح القاعدة رقم 21 .)
و شكرا
