بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته
لبس السواد.. الجذور والاسباب والبقاء
ان السواد اغمض الالوان، والنظر اليه يولّد في النفس كآبة وانقباضا،
فهو ـ بطبيعته ـ رمز الحزن، فلذلك اعتاد المفجوعون لمصيبة ـ
مهما كان لونها ـ ان يتقمصوا السواد اشعاراً بأنهم مفجوعون ومحزونون،
وهذه عادة سبقت الاسلام وبقيت بعده، ولم تختص بالمسلمين بل جرت في غيرهم
سواءً بسواء فان الفرس والروم والروس والالمان يسودون رؤوس اعلامهم،
اذا نكبوا بكارثة زلزال او غرق سفينة او خسارة معركة، والافراد يحملون
الاشرطة السوداء في موت قريب او صديق.
وقد ورثت الشيعة ـ فيما ورثوه عن اسلافهم ـ
من الشعارات الحسينية لبس السواد واكساء الجدران بالسواد تعبيرا عن تفجعهم
بفاجعة الطف، وهو شعار معبر يضفي على البلاد جواً حزيناً يكفي للتسرب
الى القلوب واحياء ثورة الامام الحسين عن طريق التآلم والاكتئاب.
كما ان لبس السواد يؤثر في نفوس لابسيه تأثيراً قويا يكهرب اعصابهم
ويوحي اليهم ابداً بأنهم مفجعون بكارثة الطف، فينفعلون بهذا الاحياء
الدائم ويتحيزون للحسين ومبادئه واهدافه، ويثورون ضد يزيد ومبادئه
واهدافه على نحو كبير، ويمتاز لبس السواد على البكاء، بأن البكاء
تعبير عن فورة مؤقتة سرعان ما تنتفض ثم ما تلبث ان تهدأ،
بينما السواد يوقظ في قلوب لابسيه تذكراً دائما كدقات الساعة الرتيبة المستمرة.
ولما كان لبس السواد في العرف شعاراً يرمز الى فجيعة لابسيه بمصاب،
فمن الطبيعي ان يكون مستحبا في ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع)
للعمومات النادبة الى تجديد عزائه كل عام.
غير ان هناك رأي يقول بحرمة لبس السواد، استناداً الى الروايات الناهية
عن لبس السواد، فإنها اما قاصرة الدلالة او قاصرة السند او قاصرة
الدلالة والسند معاً.
فقد لبس اهل البيت السواد حزناً
على الامام الحسين (ع) فقد روى البرقي
في المحاسن عن عمر بن علي بن
الحسين قال: "لما قتل الحسين بن
علي عليه السلام، لبست نساء بني
هاشم السواد والمسوح وهن
لا يشتكين من حر ولا برد، وكان
علي بن الحسين يعمل لهن الطعام".
وبقيت هذه العادة مطردة في الشيعة
ايام الأئمة الاطهار عليهم السلام
حيث كانوا يلبسون السواد في اول
يوم من شهر محرم وينزعونه
يوم التاسع من شهر ربيع الاول
واقرّهم الأئمة على هذا العادة.
ولا زالت هذه العادة الى يومنا هذا
منتشرة في العالم الشيعي
حيثما كان، فما ان يطل علينا محرم حتى
ترى الرايات الحسينية
السوداء تعم ارجاء المعمورة والبيوت
والشوارع وكل مكان
وهو مما لا يحتاج الى ايضاح او اعطاء
صورة عنه فمشاهدة
العين تساوي الف صورة والف تعبير.
وستبقى هذه العادة حتى يظهر الامام المنتظر (عج) فيكون
شعارهم (يا لثارات الحسين) وتكون
علامتهم اللباس الاسود.
ففي الوسائل عن علي بن المغيرة
عن ابي جعفر قال:
كأني بعبد الله بن شريك العامري،
عليه عمامة سوداء ذؤابتاها
بين كتفيه، مصعداً في كف الجبل،
بين يدي قائمنا اهل البيت
في اربعة الآف يكبّرون ويكرّون).
وابن شريك العامري ليس من ذرية
رسول الله (ص) ـ
كما يظهر في انتسابه ـ حتى يكون
لبس العمامة السوداء
رمز سيادته وانما رمز حداده
على الامام الحسين (ع)، كما
ان نغمة اصحاب الامام المنتظر (عج)
(يا لثارات الحسين) دلالة
على انها انتقامة من المتطاولين على
الاسلام الذي مثل الثورة
من اجله الامام الحسين (عليه السلام).
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
اللهم ارزقنا شفاعة الحسين يوةم الورود