بسم الله الرحمن الرحيم
انقل لكم هذه المقالة للافادة ان شاء الله تعالى
انقل لكم هذه المقالة للافادة ان شاء الله تعالى
عماد مرمل
لا أحد في لبنان يملك الآن ان يحدد بدقة الاتجاه الذي سيسير فيه البلد في مرحلة ما بعد العدوان الاسرائيلي، ولكن ما يبدو أكيدا ان تغييرات ستدخل على اللوحة الداخلية المركّبة ولو ان هذه التغييرات ستأخذ بعض الوقت قبل ان تتبلور آلياتها ومضامينها.
في المبدأ، من الطبيعي ان تترك حرب بحجم ما شهده لبنان آثارا قريبة وبعيدة المدى، خصوصا إذا كانت قد انتهت لصالح المقاومة، إلا ان من شأن التركيبة اللبنانية الشديدة التعقيد ان تمتص بل تكاد تعطل البديهيات، وبالتالي فان لبنان يبدو حاليا امام طلائع معركة بين دينامية النصر الذي حققته المقاومة في تلك الحرب وبين "الستاتيكو" الذي يرغب أصحابه في الحفاظ عليه ومقاومة أي تحولات مفترضة قد تفككه من دون بديل أفضل وفق حساباتهم.
ولا تخفي أوساط مطلعة قلقها على مستقبل الوضع المحلي، لافتة الانتباه الى ان الصراع مع إسرائيل قد يكون أقل كلفة على المستوى الوطني قياسا الى محاذير السيناريوهات المحتملة داخليا، ذلك ان العدوان وبرغم ثمنه الباهظ بشريا وماديا استنفر وحدة وطنية ولو "إضطرارية" وفرت الحد الادنى من شروط التماسك الوطني، في حين ان التفسخ الآخذ في الاتساع يمثل السمة البارزة لمرحلة ما بعد العدوان مع وجود نصر يشعر صانعوه وحلفاؤهم بان لهم حقا مشروعا في البناء عليه، يقابلهم فريق آخر يسعى الى الحؤول دون ترجمة نتائج الحرب في السياسة.
وفي هذا السياق، تنقل مصادر سياسية عن بعض الاقطاب الحلفاء ل"حزب الله" تأكيدهم ان المشهد السياسي في البلد لن يبقى على حاله وانه لا بد من إعادة تشكيله بما يتلاءم والخلاصات المدوية التي انتهت اليها الحرب الاسرائيلية على لبنان، إلا ان مصادر أخرى أقرب الى فريق "الاكثرية" تسأل عن الآلية الدستورية التي ستُعتمد من أجل إعادة صياغة قواعد اللعبة الداخلية ما دام فريق 14 آذار يحتفظ بالاغلبية في مجلسي النواب والوزراء، وهو بطبيعة الحال لن يفرط بهذه الاغلبية، لا عبر إجراء إنتخابات نيابية مبكرة ولا عبر القبول برحيل الحكومة الحالية، لانه لن يجازف بإمكانية فقدان الارجحية في السلطة مع ما ينطوي عليه ذلك من تهديد لمشاريعه، الامر الذي يعني مبدئيا ان هذا الفريق سيظل ممسكا بزمام المبادرة حتى إشعار آخر.
تدرك القوى المعارضة ل"الاكثرية" ان مهمة تعديل موازين القوى لن تكون سهلة ولكنها تراهن على ان يدفع زخم الانتصار الذي حققته المقاومة في هذا الاتجاه، شيئا فشيئا، برغم ممانعة البعض او مكابرته، إنما لا بد من تأطير هذا الزخم في "أقنية" سياسية تمنحه الفعالية المطلوبة، كما تقول أوساط مقربة من تلك القوى، وفي هذا الاطار فان "اللقاء الوطني اللبناني" المعارض الذي كان قد دعا الى عقد مؤتمر وطني يواكب حقبة ما بعد النصر، بدأ حسب الاوساط المباشرة في خطوات عملية للتمهيد له، وعُلم ان "اللقاء" باشر في اتصالات مع "حزب الله" والعماد ميشال عون والرئيس سليم الحص وعدد من الاحزاب لاستمزاج آرائها حول فكرة المؤتمر التي ستُبحث بالتفصيل خلال الاجتماع المقبل للقاء الوطني، غدا الاربعاء، وحسب المعلومات فان هناك رغبة لعقد المؤتمر تحت شعار "حماية المقاومة" على ان تكون الدعوة مفتوحة وشاملة لكل من هو مقتنع بهذا الشعار وما يستتبعه من استراتيجية دفاعية ودولة قوية توفران الحصانة المنشودة للبنان.
أما "حزب الله"، فان اولوياته حاليا هي مداواة الجراح ودفن الشهداء ورصد السلوك الاسرائيلي، "ولاحقا يمكن الرد على أسئلة البعض وشكوكه في حال كانت الظروف مناسبة".
وإذا كانت إسرائيل تتصرف على قاعدة انها خسرت معركة ولم تخسر الحرب كما أوحت تصريحات وزير الحرب الاسرائيلي الذي أكد ان جيشه يستعد لجولة ثانية من المواجهة مع "حزب الله"، فان المقاومة بدورها تأخذ في الحسبان كل الاحتمالات وهي تبقي عينيها مفتوحتين ويدها على الزناد، حسب وصف أحد القياديين في الحزب، لا بل ان هذا القيادي يعتبر ان رجال المقاومة خرجوا من حرب ال33 يوما أكثر قوة وأغنى خبرة وبالتالي فهم أصبحوا يتمتعون بمستوى من الجهوزية، ربما أفضل مما كان عليه وضعهم قبل إندلاع المواجهة.
ويتساءل القيادي عن موقف بعض القوى الداخلية التي استعجلت نزع سلاح المقاومة من تصريحات وزير الحرب الاسرائيلي عمير بيرتس الذي هدد بجولة مقبلة من الحرب على لبنان، مستغربا كيف ان هناك من يستعجل إثارة ملف السلاح بينما العدو يلوح بشن عدوان جديد عدا عن انه ما زال يحتل أجزاء من المنطقة الحدودية.
ويرى القيادي المذكور ان كلام بيرتس يوجه ضربة حادة للمنطق القائل بالاعتماد على ضمانات المجتمع الدولي لحماية لبنان من أي إعتداء، إذ ها هو القرار 1701 لم يمنع وزير الحرب الاسرائيلي من التهديد الصريح بتجديد حربه ناهيك عن انه لم يمنع جيش الاحتلال من خرق القرار كل يوم منذ صدوره.
والاشد مرارة بالنسبة الى " حزب الله" هو تقاعس الحكومة اللبنانية عن أداء واجباتها في تحصين "خط الظهر" من خلال المساهمة في إعادة إعمار ما تهدم، ويقول القيادي في الحزب ان تأخر الحكومة في الاستفاقة "معيب"، لافتا الانتباه الى ان رئيسها ووزراءها إكتفوا حتى هذه اللحظة بجولات شكلية في المناطق المنكوبة لالتقاط الصور لهم، أما خارج كادر الصورة فلا حضور فاعلا للدولة على اي صعيد، ويعتبر هذا القيادي ان المناطق المتضررة تحتاج الى عمل وليس الى عواطف، وخصوصا ان الدولة مُنحت من الهبات والمساعدات العربية ما يقارب المليار ونصف المليار دولار، "إلا إذا كان في نيتها ان تنتظر الى ما بعد الضربة الاسرائيلية الاخرى حتى تطلق ورشة البناء!"
المصدر:جريدة السفير اللبنانية. بتاريخ 22/08/2006 الساعة 05:49
http://www.ghaliboun.net/newsdetails.php?id=2089
لا أحد في لبنان يملك الآن ان يحدد بدقة الاتجاه الذي سيسير فيه البلد في مرحلة ما بعد العدوان الاسرائيلي، ولكن ما يبدو أكيدا ان تغييرات ستدخل على اللوحة الداخلية المركّبة ولو ان هذه التغييرات ستأخذ بعض الوقت قبل ان تتبلور آلياتها ومضامينها.
في المبدأ، من الطبيعي ان تترك حرب بحجم ما شهده لبنان آثارا قريبة وبعيدة المدى، خصوصا إذا كانت قد انتهت لصالح المقاومة، إلا ان من شأن التركيبة اللبنانية الشديدة التعقيد ان تمتص بل تكاد تعطل البديهيات، وبالتالي فان لبنان يبدو حاليا امام طلائع معركة بين دينامية النصر الذي حققته المقاومة في تلك الحرب وبين "الستاتيكو" الذي يرغب أصحابه في الحفاظ عليه ومقاومة أي تحولات مفترضة قد تفككه من دون بديل أفضل وفق حساباتهم.
ولا تخفي أوساط مطلعة قلقها على مستقبل الوضع المحلي، لافتة الانتباه الى ان الصراع مع إسرائيل قد يكون أقل كلفة على المستوى الوطني قياسا الى محاذير السيناريوهات المحتملة داخليا، ذلك ان العدوان وبرغم ثمنه الباهظ بشريا وماديا استنفر وحدة وطنية ولو "إضطرارية" وفرت الحد الادنى من شروط التماسك الوطني، في حين ان التفسخ الآخذ في الاتساع يمثل السمة البارزة لمرحلة ما بعد العدوان مع وجود نصر يشعر صانعوه وحلفاؤهم بان لهم حقا مشروعا في البناء عليه، يقابلهم فريق آخر يسعى الى الحؤول دون ترجمة نتائج الحرب في السياسة.
وفي هذا السياق، تنقل مصادر سياسية عن بعض الاقطاب الحلفاء ل"حزب الله" تأكيدهم ان المشهد السياسي في البلد لن يبقى على حاله وانه لا بد من إعادة تشكيله بما يتلاءم والخلاصات المدوية التي انتهت اليها الحرب الاسرائيلية على لبنان، إلا ان مصادر أخرى أقرب الى فريق "الاكثرية" تسأل عن الآلية الدستورية التي ستُعتمد من أجل إعادة صياغة قواعد اللعبة الداخلية ما دام فريق 14 آذار يحتفظ بالاغلبية في مجلسي النواب والوزراء، وهو بطبيعة الحال لن يفرط بهذه الاغلبية، لا عبر إجراء إنتخابات نيابية مبكرة ولا عبر القبول برحيل الحكومة الحالية، لانه لن يجازف بإمكانية فقدان الارجحية في السلطة مع ما ينطوي عليه ذلك من تهديد لمشاريعه، الامر الذي يعني مبدئيا ان هذا الفريق سيظل ممسكا بزمام المبادرة حتى إشعار آخر.
تدرك القوى المعارضة ل"الاكثرية" ان مهمة تعديل موازين القوى لن تكون سهلة ولكنها تراهن على ان يدفع زخم الانتصار الذي حققته المقاومة في هذا الاتجاه، شيئا فشيئا، برغم ممانعة البعض او مكابرته، إنما لا بد من تأطير هذا الزخم في "أقنية" سياسية تمنحه الفعالية المطلوبة، كما تقول أوساط مقربة من تلك القوى، وفي هذا الاطار فان "اللقاء الوطني اللبناني" المعارض الذي كان قد دعا الى عقد مؤتمر وطني يواكب حقبة ما بعد النصر، بدأ حسب الاوساط المباشرة في خطوات عملية للتمهيد له، وعُلم ان "اللقاء" باشر في اتصالات مع "حزب الله" والعماد ميشال عون والرئيس سليم الحص وعدد من الاحزاب لاستمزاج آرائها حول فكرة المؤتمر التي ستُبحث بالتفصيل خلال الاجتماع المقبل للقاء الوطني، غدا الاربعاء، وحسب المعلومات فان هناك رغبة لعقد المؤتمر تحت شعار "حماية المقاومة" على ان تكون الدعوة مفتوحة وشاملة لكل من هو مقتنع بهذا الشعار وما يستتبعه من استراتيجية دفاعية ودولة قوية توفران الحصانة المنشودة للبنان.
أما "حزب الله"، فان اولوياته حاليا هي مداواة الجراح ودفن الشهداء ورصد السلوك الاسرائيلي، "ولاحقا يمكن الرد على أسئلة البعض وشكوكه في حال كانت الظروف مناسبة".
وإذا كانت إسرائيل تتصرف على قاعدة انها خسرت معركة ولم تخسر الحرب كما أوحت تصريحات وزير الحرب الاسرائيلي الذي أكد ان جيشه يستعد لجولة ثانية من المواجهة مع "حزب الله"، فان المقاومة بدورها تأخذ في الحسبان كل الاحتمالات وهي تبقي عينيها مفتوحتين ويدها على الزناد، حسب وصف أحد القياديين في الحزب، لا بل ان هذا القيادي يعتبر ان رجال المقاومة خرجوا من حرب ال33 يوما أكثر قوة وأغنى خبرة وبالتالي فهم أصبحوا يتمتعون بمستوى من الجهوزية، ربما أفضل مما كان عليه وضعهم قبل إندلاع المواجهة.
ويتساءل القيادي عن موقف بعض القوى الداخلية التي استعجلت نزع سلاح المقاومة من تصريحات وزير الحرب الاسرائيلي عمير بيرتس الذي هدد بجولة مقبلة من الحرب على لبنان، مستغربا كيف ان هناك من يستعجل إثارة ملف السلاح بينما العدو يلوح بشن عدوان جديد عدا عن انه ما زال يحتل أجزاء من المنطقة الحدودية.
ويرى القيادي المذكور ان كلام بيرتس يوجه ضربة حادة للمنطق القائل بالاعتماد على ضمانات المجتمع الدولي لحماية لبنان من أي إعتداء، إذ ها هو القرار 1701 لم يمنع وزير الحرب الاسرائيلي من التهديد الصريح بتجديد حربه ناهيك عن انه لم يمنع جيش الاحتلال من خرق القرار كل يوم منذ صدوره.
والاشد مرارة بالنسبة الى " حزب الله" هو تقاعس الحكومة اللبنانية عن أداء واجباتها في تحصين "خط الظهر" من خلال المساهمة في إعادة إعمار ما تهدم، ويقول القيادي في الحزب ان تأخر الحكومة في الاستفاقة "معيب"، لافتا الانتباه الى ان رئيسها ووزراءها إكتفوا حتى هذه اللحظة بجولات شكلية في المناطق المنكوبة لالتقاط الصور لهم، أما خارج كادر الصورة فلا حضور فاعلا للدولة على اي صعيد، ويعتبر هذا القيادي ان المناطق المتضررة تحتاج الى عمل وليس الى عواطف، وخصوصا ان الدولة مُنحت من الهبات والمساعدات العربية ما يقارب المليار ونصف المليار دولار، "إلا إذا كان في نيتها ان تنتظر الى ما بعد الضربة الاسرائيلية الاخرى حتى تطلق ورشة البناء!"
المصدر:جريدة السفير اللبنانية. بتاريخ 22/08/2006 الساعة 05:49
http://www.ghaliboun.net/newsdetails.php?id=2089