نقلا عن موقع العربيه الأخباري
دبي - فراج اسماعيل
يحتل ما تسميه أوساط برلمانية في مملكة البحرين "التجنيس السياسي" لمئات من حملة الجنسيات الآسيوية وبعض المقيمين العرب، اهتمامات الأوساط الصحفية والشعبية البحرينية، خاصة أن عددا من المعارضين عبرعن هواجسه من أن يكون الهدف هو تغيير التركيبة الديموغرافية على أساس طائفي لصالح "الموالين" للحكومة، علما أن غالبية مواطني البحرين من المسلمين الشيعة، حسب رأي المتحدث باسم كتلة النواب الديمقراطيين في البرلمان.
بينما تذهب بعض الأراء الأخرى إلى أن مرشحين موالين للحكومة للانتخابات البرلمانية المقبلة يستخدمون نفوذهم للانتهاء من تجنيس أكبر عدد ممكن وتغيير عناوينهم إلى دوائرهم الانتخابية حتى يصوتوا لهم على غرار ما حدث قبل انتخابات 2002 البرلمانية.
وفي تصريحات لـ(العربية.نت) قال النائب عبد النبي سلمان المتحدث باسم كتلة النواب الديمقراطيين في البرلمان إننا في المعارضة في البحرين نرى أن توجه الحكومة نحو التجنيس بهذه الصورة المخيفة يترك انعكاسات سياسية مباشرة على تغيير التركيبة الديموغرافية، فالبحرين بلد مختلط وأغلبيته، ربما في حدود سبعين في المائة تقريبا من الشيعة، والبقية من السنة.
وأضاف: الكلام هنا لا يدور عن مسألة طائفية، فقد اعتبر تاريخيا أن السنة تحديدا هم "الموالاة" في البحرين، وهذا بالطبع لا ينطبق على كل السنة بشكل عام، فعلى العكس.. هناك كثير من الشرائح السنية تنضوي في قوى المعارضة وهي شرائح وطنية محترمة تعمل باخلاص.
مخاوف أخرى تثيرها المعارضة
وأوضح ذلك بقوله: هنا ترى قوى المعارضة في الجانب الشيعي، خاصة المعارضة الاسلامية الشيعية، أن الحكومة تلعب على هذا الوتر لتغيير التركيبة الديموغرافية حتى تكون المسألة في صالح الموالاة للحكم.
واستطرد عبدالنبي سلمان: نحن كقوى وطنية في البحرين بعيدا عن هذا التمييز الطائفي، ننظر للمسألة ليس فقط من خلال تأثيرها المباشر على التركيبة الديموغرافية، وإنما على هوية البلد بشكل عام وانعكاساتها الخطيرة على الوضع الاقتصادي والأمني والاجتماعي أيضا، باعتبار أن البحرين دولة محدودة المساحة والموارد وغير نفطية في محيط نفطي، وعليها التزامات تجاه شعبها الذي ينمو سكانيا بنسبة 2.4% سنويا وهذه النسبة عالية تقريبا بالمقارنة بأية دولة عربية.
وقال: بينما نواجه كل هذه المعضلات والمشاكل، تأتي الحكومة لتستمر في عملية التجنيس لفئات من شرائح آسيوية وبعض الشرائح من الوافدين العرب. نحن كمعارضة نرى أن ذلك لا يلتزم بقانون الجنسية في البحرين، الذي من ضمن اشتراطاته أنه يجب أن يكون قد مر على الوافد العربي 15 عاما لكي يكون أحد أسباب استيفاء أحقيته للجنسية، وبالنسبة للأجنبي يجب أن تمر عليه 25 سنة، وكذلك أهمية معرفة اللغة العربية، وليس المقصود هنا إجادتها. وبالإضافة إلى ذلك يشترط القانون عدة معايير أخرى، من بينها أهلية المجنس، كأن لا يكون أميا أو معتوها أو ذا عاهة جسدية أو نفسية.
اتهامات بتجاوز المعايير والإثراء
وأشار إلى أن التجنيس يتم بدون وضع معايير محددة، وبتجاوز واضح جدا حتى أن هناك اتهامات بوجود بعض قوى الفساد التي تستفيد وتثرى من ذلك.
سألته: هل تقصد أنه يتم التغاضي عن شروط قانون التجنيس مثل ضرورة ألا يكون مزدوج الجنسية فأجاب: "نعم يتم التغاضي عن الكثير من الشروط، فمثلا الكثيرون من قبيلة الدواسر في السعودية وحتى من قبائل أخرى، ممن تم تجنيسهم لا يعلمون شيئا عن البحرين ولم يزورها. ومع أن لديهم الجنسية السعودية، فقد اعطيت لهم أيضا الجنسية البحرينية، وللأمانة هم ليسوا في حاجة لجواز البحرين، لأن الوضع الاقتصادي في السعودية أفضل كثيرا من البحرين، لكن المسألة أن الحكومة تشتري الولاءات لخدمة مصالحها المستقبلية".
أهداف سياسية
وأوضح "الأغلبية من الذين يتم تجنيسهم في هذه الفترة بالذات آسيويون، من الباكستانيين والهنود والبنجاليين والبلوش، وللأسف ليس شرطا أن يكونوا مسلمين، فهم يقومون بالتجنيس لهدف سياسي أكبر.
وعند سؤاله عن علاقة ذلك بالانتخابات البرلمانية وحقيقة أن بعض المرشحين يستغلون نفوذهم في دعم التجنيس للحصول على أغلبية في دوائرهم أجاب بقوله: "كما تعرف فإن البحرين مقبلة على الانتخابات البرلمانية خلال فترة شهرين، ولذلك هناك كلام يدور عن أن بعض المرشحين المحليين يحاولون ابتزاز الآسيويين بمنحهم الجنسية وإعطائهم جوازات لكي يصوتوا لهم في دوائرهم، وهذا كلام قرأناه في الصحف المحلية ولا نعرف مدى صحته، حدث ذلك عام 2002 حين بادرت الحكومة نفسها لتجنيس بعض الإخوة العرب من الأردن وسوريا وحتى من قبيلة الدواسر في السعودية، وتم ذلك تحديدا لتغليب بعض المرشحين الموالين للحكومة".
تغيير الهوية خلال عشر سنوات
وحول ما يثار في الصحف المحلية بأن ذلك المعدل من التجنيس سيؤثر على هوية البحرين العربية خلال عشرين سنة، رد النائب عبدالنبي سلمان: "هذا صحيح ولكن خلال فترة أقل من عشرين سنة، وأنا صباح الأحد 27-8-2006 خلال اجتماع مع وزير الداخلية حول موضوع التجنيس، قلت له إن التركيبة الديموغرافية سوف تتغير خلال عشر سنوات لصالح الآسيويين إذا استمرت الأمور بهذه الطريقة.
ويضيف النائب عبدالنبي سلمان: "لا تنسى أن شعب البحرين لا يتجاوز 750 ألفا، وحاليا يتم تجنيس ما بين 40 و 50 ألفا سنويا، أي أنه بهذا المعدل خلال عشر سنوات سوف يحدث تغيير كبير جدا. مقبلون خلال الأيام القادمة على حملة لرفض هذا التجنيس العشوائي، وقد اجتمعنا (الأحد) مع وزير الداخلية بايعاز من جلالة الملك لوضع الأمور في نصابها، خاصة أن هناك شدا كبيرا في الشارع البحريني تجاه هذه القضية".
وقال سلمان إنه لم يتحدد للآن موعد الانتخابات البرلمانية، وهذا مناقض لما يحدث في الدول المتقدمة والديمقراطية، فتحديد الموعد ضروري حتى يعلم المرشحون متى تبدأ حملتهم الانتخابية، وقد ذكر أن ذلك سيكون بعد شهر رمضان، لكن من المفروض أن يتم الإعلان عن ذلك مسبقا.
تجنيس 10 آلاف شخص
وتقول د. منيرة فخرو التي أعلنت أنها سترشح نفسها للانتخابات البرلمانية القادمة إن "المعارضة خصوصا نواب المنبر الديمقراطي في المجلس النيابي طرحوا قضية التجنيس، وذكروا أن عشرة آلاف آسيوي وعربي يجنسون هذه الأيام، وتعج الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة بالمئات من طالبي الجنسية، وتخشى المعارضة وبالذات الشيعة من ذلك كثيرا، ومن تكرار ما حدث عام 2002 عندما تم تجنيس بعض الدواسر في المنطقة الشرقية بالسعودية، فجاءوا بالآلاف وشاركوا في التصويت. ولذلك تثار المخاوف من التجنيس في هذه الفترة بالذات وقبل نحو شهرين من الانتخابات".
وتشير د. منيرة إلى أن "موجات طالبي الجنسية. التي تذهب للإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة انخفضت حاليا، وقد قيل إنه طلب منهم ألا يذهبوا لتقديم طلباتهم دفعة واحدة وإنما على دفعات. لكن الموضوع يشبه كرة الثلج، والأمر مرشح لأن تكبر خلال الأيام القادمة، علما بأن أهدافا انتخابية وراء موجات التجنيس لا يزال موضع اتهام، ولا يوجد لدينا إثبات لذلك".
لكنها ترى بعدا آخر لإثارة مثل هذه المخاوف بصراحة تامة وهو جو الحرية والانفتاح في البحرين الذي يجعل الجميع يتكلمون بصراحة كاملة بشأن القضايا المختلفة.
تاريخ طويل من الانسجام والتواصل
سألت العالم الشيعي البحريني السيد ضياء موسوي: عما إذا كان قد أصاب البحرين شئ من الطائفية الموجودة في العراق حاليا فأجاب: نحن في البحرين لسنا بالطبع معزولين عن العالم، نتأثر بكل مؤثرات إقليمية أو عالمية خصوصا في ظل العولمة الموجودة. وما يحصل في العراق طبعا له مرشحات هنا وهناك، لكني اعتقد أن أقل مكان تأثرا بالوضع العراقي هو البحرين. لا أضع هنا مساحيق، فأنا أتكلم حقيقة بلا رتوش، إننا أقل الناس تأثرا بذلك، لأن لنا تاريخا طويلا من التواصل الوطني المندمج ما بين السنة والشيعة. في البحرين مجلس أعلى موجود فيه كبار علماء السنة والشيعة، وهؤلاء لهم شرعيتهم التاريخية ومصداقيتهم في المجتمع.
وأضاف: عندنا حالات تزواج ما بين الشيعة والسنة وان كانت بنسب معينة، هنا تعايش في البحرين وقواسم مشتركة كثيرة على المستوى السياسي والاجتماعي. والقرى السنية والشيعية متجاورة مع بعضها وهناك تداخل. لا نقول إن الوضع ردئ جدا أوفردوسي، لكنه وضع لا يستبطن أي نوع من الخوف أو القلق المستقبلي على العلاقة ما بين السنة والشيعة، والدليل أنه رغم كل الظروف التي مرت بها العراق من انقسامات طائفية ورغم الاحتقان الذي تفجر هنا وهناك في العالم العربي بنسب معينة، فان البحرين لم يحدث فيها أي شئ من ذلك، وهذا دلالة على اننا نستند على ارث تاريخي متأصل في هذه العلاقة، قد يكون هنا خطاب من رجل دين متشدد في صلاة جمعة من أي طرف كان، لكن هذا لا يعني أن هناك حالة قلق على مستقبل هذه العلاقة.
وقد نشرت جريدة الوسط الصادرة في البحرين الاثنين 28-8-2006 أن الوفد النيابي المعني بقضية التجنيس خلص بعد لقاء وزير الداخلية (الأحد) الذي استمر ساعتين ونصف إلى أن "مسألة التجنيس هي أكبر من قدرة وزير الداخلية وأكبر من قدرة النواب، وتحتاج إلى إرادة سياسية عليا وتوافق وطني بشأنها على أن يتم تأطيرها ضمن إطار قانوني تقبل به جميع الأطراف ولا يتسبب في إثارة الحساسيات" بحسب الوفد الذي بدا أنه يعول على "الإرادة الملكية السامية في الفترة المقبلة لضبط هذه العملية بصورة تحفظ النسيج الوطني وتحافظ على الهوية البحرينية".
ونقلت الصحيفة عن النائب عبد النبي سلمان أن وزير الداخلية قال إن "البحرين لا يمكن أن توقف التجنيس، لأنها مستمرة باستمرار تقديم طلبات الحصول على الجنسية". مشيرا إلى أن "الوزير اتفق مع النواب على ضرورة وجود ضوابط واستيفاء طالبي الحصول على الجنسية للشروط، كما اتفق على أن الجواز البحريني لا يعطى لكل من يتقدم للحصول عليه، بل لابد من ضوابط وشروط تحكم ذلك، غير أنه لم يعط وعداً بوقف التجنيس على رغم مطالبة النواب أن تكون البحرين مثل الدول الخليجية الأخرى".
وحسب صحيفة (الوسط) ذكر سلمان أن "وزير الداخلية لم ينف وجود عمليات تجنيس، وبين أن من تم تجنيسهم ينتمون إلى أكثر من 60 جنسية، وذلك منذ بدأ التجنيس في البحرين منذ سنوات طويلة".
ليس تجنيسا عشوائيا أو سياسيا
وأكد وزير الداخلية أن "عملية التجنيس مستمرة وتستفيد منها الحالات التي حددها القانون وهي ليست مرهونة بوقت أو حدث أو مناسبة معينة"، مؤكدا على أن "البحرين وطن الجميع وأن البحرينيين يشكلون نسيجاً وطنياً واحداً، ولم ولن يكون منح الجنسية البحرينية في أي وقت بقصد ما يدعى بأنه تغيير للتركيبة السكانية أو أنه تجنيس سياسي أو عشوائي، وأن الأمر في حقيقته هو تجنيس واقعي وقانوني، ويدل على ذلك أن الذين منحوا الجنسية خلال السنوات الماضية، أو أولئك الذين تقدموا بطلبات للحصول عليها ينتمون إلى أكثر من ستين دولة وبأطياف وعرقيات وأديان ومذاهب مختلفة ومتعددة، انصهروا في النسيج الوطني البحريني من دون تمييز وأصبحوا جزءاً لا يتجزأ من الشعب، ويشتركون في بناء الوطن على مختلف الأصعدة.
وأفصح مواطنون ينتمون إلى الدائرة السابعة في محافظة العاصمة لصحيفة "الوسط" أن مترشحين لمجلس النواب بمحافظة العاصمة بدأوا يقودون حملة لتجنيس آسيويين وعرب من دوائر أخرى ونقلهم إلى الدائرة السابعة بهدف "قلب الموازين في الدائرة وضمان الفوز بمقعدها في الانتخابات النيابية المقبلة".
وعود من المرشحين للمتجنسين مقابل أصواتهم
ونقلت عن مصادر عليمة أن "أعداداً كبيرة ممن حصلوا على الجنسية البحرينية في الفترة الأخيرة من جنسيات آسيوية وبعض العرب يتركزون في الدائرة السابعة بمحافظة العاصمة، وأن المترشحين قدموا وعوداً زائفة لكثير من الآسيويين والعرب وذلك على حساب إيصالهم إلى المقعد النيابي، وقاموا بالتوسط لدى الجهات المعنية لتغيير عناوينهم السكنية من الدوائر التي يقطنون فيها إلى الدائرة السابعة بمحافظة العاصمة التي ينوون الترشح عنها، ومن ثم قاموا بمنحهم الجنسية البحرينية من خلال النفوذ الذي يمتلكونه في الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة. ولم يتبين ما إذا تم صرف مبالغ مالية مقابل هذه العملية".
وعن عدد الأشخاص الذين تم تغيير عناوينهم من دوائر أخرى ومنحهم الجنسية البحرينية، أشار المواطنون إلى أن "التحريات تشير إلى أن عددهم ليس بالقليل وهم بالعشرات، ولكن لا يتوافر لدينا أية إحصاءات رسمية بهذا الخصوص".
وبينوا أن "المترشحين بدأوا يتلاعبون على أوتار الطائفية لخدمة أغراضهم الانتخابية، من خلال حث الناخبين الجدد من الآسيويين والعرب ممن غيروا عناوينهم وجنسياتهم للتصويت لهم في الانتخابات، معللين ذلك بأنهم بصدد منافسة مترشح ينتمي إلى الطائفة الأخرى، ولا يجوز التصويت له لأن فوزه سيعني التضييق عليهم وعدم تلبية احتياجاتهم، على حد تعبيرهم".
وطالبوا بـوقف ما أسموه بـ"التلاعب في نتائج الانتخابات من خلال توظيف تجنيس الآسيويين والعرب".
وأكدوا أن "التجنيس الحاصل في الوقت الحالي يستهدف بالدرجة الأولى التلاعب في نتائج الانتخابات. وتساءلوا: "لماذا لا يتريث المسؤولون في منح الجنسية للآسيويين والعرب بعد انتهاء العملية الانتخابية، على سبيل المثال منحهم الجنسية في شهر يناير المقبل".
من جهة أخرى نفى السفير الهندي في المنامة بالكريشنا شيتي ردا على سؤال للزميلة ريم خليفة، علمه بأية صلة بعمليات التجنيس التي بدأت مع الوافدين الآسيويين وتحديداً الهنود في البحرين منذ منتصف يونيو الماضي وحتى اليوم، أو قيام سفارته بتوزيع استمارات طلب الحصول على الجنسية البحرينية على رعايا بلاده المقيمين في البحرين، موضحاً أنها معلومات عارية عن الصحة.
ويعيش في البحرين حاليا أكثر من 150 ألف هندي، ويوجد عدد ليس بقليل من الأسر البحرينية ذوات الاصول الهندية التي تقطن البلاد منذ أكثر من 100 عام.
دبي - فراج اسماعيل
يحتل ما تسميه أوساط برلمانية في مملكة البحرين "التجنيس السياسي" لمئات من حملة الجنسيات الآسيوية وبعض المقيمين العرب، اهتمامات الأوساط الصحفية والشعبية البحرينية، خاصة أن عددا من المعارضين عبرعن هواجسه من أن يكون الهدف هو تغيير التركيبة الديموغرافية على أساس طائفي لصالح "الموالين" للحكومة، علما أن غالبية مواطني البحرين من المسلمين الشيعة، حسب رأي المتحدث باسم كتلة النواب الديمقراطيين في البرلمان.
بينما تذهب بعض الأراء الأخرى إلى أن مرشحين موالين للحكومة للانتخابات البرلمانية المقبلة يستخدمون نفوذهم للانتهاء من تجنيس أكبر عدد ممكن وتغيير عناوينهم إلى دوائرهم الانتخابية حتى يصوتوا لهم على غرار ما حدث قبل انتخابات 2002 البرلمانية.
وفي تصريحات لـ(العربية.نت) قال النائب عبد النبي سلمان المتحدث باسم كتلة النواب الديمقراطيين في البرلمان إننا في المعارضة في البحرين نرى أن توجه الحكومة نحو التجنيس بهذه الصورة المخيفة يترك انعكاسات سياسية مباشرة على تغيير التركيبة الديموغرافية، فالبحرين بلد مختلط وأغلبيته، ربما في حدود سبعين في المائة تقريبا من الشيعة، والبقية من السنة.
وأضاف: الكلام هنا لا يدور عن مسألة طائفية، فقد اعتبر تاريخيا أن السنة تحديدا هم "الموالاة" في البحرين، وهذا بالطبع لا ينطبق على كل السنة بشكل عام، فعلى العكس.. هناك كثير من الشرائح السنية تنضوي في قوى المعارضة وهي شرائح وطنية محترمة تعمل باخلاص.
مخاوف أخرى تثيرها المعارضة
وأوضح ذلك بقوله: هنا ترى قوى المعارضة في الجانب الشيعي، خاصة المعارضة الاسلامية الشيعية، أن الحكومة تلعب على هذا الوتر لتغيير التركيبة الديموغرافية حتى تكون المسألة في صالح الموالاة للحكم.
واستطرد عبدالنبي سلمان: نحن كقوى وطنية في البحرين بعيدا عن هذا التمييز الطائفي، ننظر للمسألة ليس فقط من خلال تأثيرها المباشر على التركيبة الديموغرافية، وإنما على هوية البلد بشكل عام وانعكاساتها الخطيرة على الوضع الاقتصادي والأمني والاجتماعي أيضا، باعتبار أن البحرين دولة محدودة المساحة والموارد وغير نفطية في محيط نفطي، وعليها التزامات تجاه شعبها الذي ينمو سكانيا بنسبة 2.4% سنويا وهذه النسبة عالية تقريبا بالمقارنة بأية دولة عربية.
وقال: بينما نواجه كل هذه المعضلات والمشاكل، تأتي الحكومة لتستمر في عملية التجنيس لفئات من شرائح آسيوية وبعض الشرائح من الوافدين العرب. نحن كمعارضة نرى أن ذلك لا يلتزم بقانون الجنسية في البحرين، الذي من ضمن اشتراطاته أنه يجب أن يكون قد مر على الوافد العربي 15 عاما لكي يكون أحد أسباب استيفاء أحقيته للجنسية، وبالنسبة للأجنبي يجب أن تمر عليه 25 سنة، وكذلك أهمية معرفة اللغة العربية، وليس المقصود هنا إجادتها. وبالإضافة إلى ذلك يشترط القانون عدة معايير أخرى، من بينها أهلية المجنس، كأن لا يكون أميا أو معتوها أو ذا عاهة جسدية أو نفسية.
اتهامات بتجاوز المعايير والإثراء
وأشار إلى أن التجنيس يتم بدون وضع معايير محددة، وبتجاوز واضح جدا حتى أن هناك اتهامات بوجود بعض قوى الفساد التي تستفيد وتثرى من ذلك.
سألته: هل تقصد أنه يتم التغاضي عن شروط قانون التجنيس مثل ضرورة ألا يكون مزدوج الجنسية فأجاب: "نعم يتم التغاضي عن الكثير من الشروط، فمثلا الكثيرون من قبيلة الدواسر في السعودية وحتى من قبائل أخرى، ممن تم تجنيسهم لا يعلمون شيئا عن البحرين ولم يزورها. ومع أن لديهم الجنسية السعودية، فقد اعطيت لهم أيضا الجنسية البحرينية، وللأمانة هم ليسوا في حاجة لجواز البحرين، لأن الوضع الاقتصادي في السعودية أفضل كثيرا من البحرين، لكن المسألة أن الحكومة تشتري الولاءات لخدمة مصالحها المستقبلية".
أهداف سياسية
وأوضح "الأغلبية من الذين يتم تجنيسهم في هذه الفترة بالذات آسيويون، من الباكستانيين والهنود والبنجاليين والبلوش، وللأسف ليس شرطا أن يكونوا مسلمين، فهم يقومون بالتجنيس لهدف سياسي أكبر.
وعند سؤاله عن علاقة ذلك بالانتخابات البرلمانية وحقيقة أن بعض المرشحين يستغلون نفوذهم في دعم التجنيس للحصول على أغلبية في دوائرهم أجاب بقوله: "كما تعرف فإن البحرين مقبلة على الانتخابات البرلمانية خلال فترة شهرين، ولذلك هناك كلام يدور عن أن بعض المرشحين المحليين يحاولون ابتزاز الآسيويين بمنحهم الجنسية وإعطائهم جوازات لكي يصوتوا لهم في دوائرهم، وهذا كلام قرأناه في الصحف المحلية ولا نعرف مدى صحته، حدث ذلك عام 2002 حين بادرت الحكومة نفسها لتجنيس بعض الإخوة العرب من الأردن وسوريا وحتى من قبيلة الدواسر في السعودية، وتم ذلك تحديدا لتغليب بعض المرشحين الموالين للحكومة".
تغيير الهوية خلال عشر سنوات
وحول ما يثار في الصحف المحلية بأن ذلك المعدل من التجنيس سيؤثر على هوية البحرين العربية خلال عشرين سنة، رد النائب عبدالنبي سلمان: "هذا صحيح ولكن خلال فترة أقل من عشرين سنة، وأنا صباح الأحد 27-8-2006 خلال اجتماع مع وزير الداخلية حول موضوع التجنيس، قلت له إن التركيبة الديموغرافية سوف تتغير خلال عشر سنوات لصالح الآسيويين إذا استمرت الأمور بهذه الطريقة.
ويضيف النائب عبدالنبي سلمان: "لا تنسى أن شعب البحرين لا يتجاوز 750 ألفا، وحاليا يتم تجنيس ما بين 40 و 50 ألفا سنويا، أي أنه بهذا المعدل خلال عشر سنوات سوف يحدث تغيير كبير جدا. مقبلون خلال الأيام القادمة على حملة لرفض هذا التجنيس العشوائي، وقد اجتمعنا (الأحد) مع وزير الداخلية بايعاز من جلالة الملك لوضع الأمور في نصابها، خاصة أن هناك شدا كبيرا في الشارع البحريني تجاه هذه القضية".
وقال سلمان إنه لم يتحدد للآن موعد الانتخابات البرلمانية، وهذا مناقض لما يحدث في الدول المتقدمة والديمقراطية، فتحديد الموعد ضروري حتى يعلم المرشحون متى تبدأ حملتهم الانتخابية، وقد ذكر أن ذلك سيكون بعد شهر رمضان، لكن من المفروض أن يتم الإعلان عن ذلك مسبقا.
تجنيس 10 آلاف شخص
وتقول د. منيرة فخرو التي أعلنت أنها سترشح نفسها للانتخابات البرلمانية القادمة إن "المعارضة خصوصا نواب المنبر الديمقراطي في المجلس النيابي طرحوا قضية التجنيس، وذكروا أن عشرة آلاف آسيوي وعربي يجنسون هذه الأيام، وتعج الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة بالمئات من طالبي الجنسية، وتخشى المعارضة وبالذات الشيعة من ذلك كثيرا، ومن تكرار ما حدث عام 2002 عندما تم تجنيس بعض الدواسر في المنطقة الشرقية بالسعودية، فجاءوا بالآلاف وشاركوا في التصويت. ولذلك تثار المخاوف من التجنيس في هذه الفترة بالذات وقبل نحو شهرين من الانتخابات".
وتشير د. منيرة إلى أن "موجات طالبي الجنسية. التي تذهب للإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة انخفضت حاليا، وقد قيل إنه طلب منهم ألا يذهبوا لتقديم طلباتهم دفعة واحدة وإنما على دفعات. لكن الموضوع يشبه كرة الثلج، والأمر مرشح لأن تكبر خلال الأيام القادمة، علما بأن أهدافا انتخابية وراء موجات التجنيس لا يزال موضع اتهام، ولا يوجد لدينا إثبات لذلك".
لكنها ترى بعدا آخر لإثارة مثل هذه المخاوف بصراحة تامة وهو جو الحرية والانفتاح في البحرين الذي يجعل الجميع يتكلمون بصراحة كاملة بشأن القضايا المختلفة.
تاريخ طويل من الانسجام والتواصل
سألت العالم الشيعي البحريني السيد ضياء موسوي: عما إذا كان قد أصاب البحرين شئ من الطائفية الموجودة في العراق حاليا فأجاب: نحن في البحرين لسنا بالطبع معزولين عن العالم، نتأثر بكل مؤثرات إقليمية أو عالمية خصوصا في ظل العولمة الموجودة. وما يحصل في العراق طبعا له مرشحات هنا وهناك، لكني اعتقد أن أقل مكان تأثرا بالوضع العراقي هو البحرين. لا أضع هنا مساحيق، فأنا أتكلم حقيقة بلا رتوش، إننا أقل الناس تأثرا بذلك، لأن لنا تاريخا طويلا من التواصل الوطني المندمج ما بين السنة والشيعة. في البحرين مجلس أعلى موجود فيه كبار علماء السنة والشيعة، وهؤلاء لهم شرعيتهم التاريخية ومصداقيتهم في المجتمع.
وأضاف: عندنا حالات تزواج ما بين الشيعة والسنة وان كانت بنسب معينة، هنا تعايش في البحرين وقواسم مشتركة كثيرة على المستوى السياسي والاجتماعي. والقرى السنية والشيعية متجاورة مع بعضها وهناك تداخل. لا نقول إن الوضع ردئ جدا أوفردوسي، لكنه وضع لا يستبطن أي نوع من الخوف أو القلق المستقبلي على العلاقة ما بين السنة والشيعة، والدليل أنه رغم كل الظروف التي مرت بها العراق من انقسامات طائفية ورغم الاحتقان الذي تفجر هنا وهناك في العالم العربي بنسب معينة، فان البحرين لم يحدث فيها أي شئ من ذلك، وهذا دلالة على اننا نستند على ارث تاريخي متأصل في هذه العلاقة، قد يكون هنا خطاب من رجل دين متشدد في صلاة جمعة من أي طرف كان، لكن هذا لا يعني أن هناك حالة قلق على مستقبل هذه العلاقة.
وقد نشرت جريدة الوسط الصادرة في البحرين الاثنين 28-8-2006 أن الوفد النيابي المعني بقضية التجنيس خلص بعد لقاء وزير الداخلية (الأحد) الذي استمر ساعتين ونصف إلى أن "مسألة التجنيس هي أكبر من قدرة وزير الداخلية وأكبر من قدرة النواب، وتحتاج إلى إرادة سياسية عليا وتوافق وطني بشأنها على أن يتم تأطيرها ضمن إطار قانوني تقبل به جميع الأطراف ولا يتسبب في إثارة الحساسيات" بحسب الوفد الذي بدا أنه يعول على "الإرادة الملكية السامية في الفترة المقبلة لضبط هذه العملية بصورة تحفظ النسيج الوطني وتحافظ على الهوية البحرينية".
ونقلت الصحيفة عن النائب عبد النبي سلمان أن وزير الداخلية قال إن "البحرين لا يمكن أن توقف التجنيس، لأنها مستمرة باستمرار تقديم طلبات الحصول على الجنسية". مشيرا إلى أن "الوزير اتفق مع النواب على ضرورة وجود ضوابط واستيفاء طالبي الحصول على الجنسية للشروط، كما اتفق على أن الجواز البحريني لا يعطى لكل من يتقدم للحصول عليه، بل لابد من ضوابط وشروط تحكم ذلك، غير أنه لم يعط وعداً بوقف التجنيس على رغم مطالبة النواب أن تكون البحرين مثل الدول الخليجية الأخرى".
وحسب صحيفة (الوسط) ذكر سلمان أن "وزير الداخلية لم ينف وجود عمليات تجنيس، وبين أن من تم تجنيسهم ينتمون إلى أكثر من 60 جنسية، وذلك منذ بدأ التجنيس في البحرين منذ سنوات طويلة".
ليس تجنيسا عشوائيا أو سياسيا
وأكد وزير الداخلية أن "عملية التجنيس مستمرة وتستفيد منها الحالات التي حددها القانون وهي ليست مرهونة بوقت أو حدث أو مناسبة معينة"، مؤكدا على أن "البحرين وطن الجميع وأن البحرينيين يشكلون نسيجاً وطنياً واحداً، ولم ولن يكون منح الجنسية البحرينية في أي وقت بقصد ما يدعى بأنه تغيير للتركيبة السكانية أو أنه تجنيس سياسي أو عشوائي، وأن الأمر في حقيقته هو تجنيس واقعي وقانوني، ويدل على ذلك أن الذين منحوا الجنسية خلال السنوات الماضية، أو أولئك الذين تقدموا بطلبات للحصول عليها ينتمون إلى أكثر من ستين دولة وبأطياف وعرقيات وأديان ومذاهب مختلفة ومتعددة، انصهروا في النسيج الوطني البحريني من دون تمييز وأصبحوا جزءاً لا يتجزأ من الشعب، ويشتركون في بناء الوطن على مختلف الأصعدة.
وأفصح مواطنون ينتمون إلى الدائرة السابعة في محافظة العاصمة لصحيفة "الوسط" أن مترشحين لمجلس النواب بمحافظة العاصمة بدأوا يقودون حملة لتجنيس آسيويين وعرب من دوائر أخرى ونقلهم إلى الدائرة السابعة بهدف "قلب الموازين في الدائرة وضمان الفوز بمقعدها في الانتخابات النيابية المقبلة".
وعود من المرشحين للمتجنسين مقابل أصواتهم
ونقلت عن مصادر عليمة أن "أعداداً كبيرة ممن حصلوا على الجنسية البحرينية في الفترة الأخيرة من جنسيات آسيوية وبعض العرب يتركزون في الدائرة السابعة بمحافظة العاصمة، وأن المترشحين قدموا وعوداً زائفة لكثير من الآسيويين والعرب وذلك على حساب إيصالهم إلى المقعد النيابي، وقاموا بالتوسط لدى الجهات المعنية لتغيير عناوينهم السكنية من الدوائر التي يقطنون فيها إلى الدائرة السابعة بمحافظة العاصمة التي ينوون الترشح عنها، ومن ثم قاموا بمنحهم الجنسية البحرينية من خلال النفوذ الذي يمتلكونه في الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة. ولم يتبين ما إذا تم صرف مبالغ مالية مقابل هذه العملية".
وعن عدد الأشخاص الذين تم تغيير عناوينهم من دوائر أخرى ومنحهم الجنسية البحرينية، أشار المواطنون إلى أن "التحريات تشير إلى أن عددهم ليس بالقليل وهم بالعشرات، ولكن لا يتوافر لدينا أية إحصاءات رسمية بهذا الخصوص".
وبينوا أن "المترشحين بدأوا يتلاعبون على أوتار الطائفية لخدمة أغراضهم الانتخابية، من خلال حث الناخبين الجدد من الآسيويين والعرب ممن غيروا عناوينهم وجنسياتهم للتصويت لهم في الانتخابات، معللين ذلك بأنهم بصدد منافسة مترشح ينتمي إلى الطائفة الأخرى، ولا يجوز التصويت له لأن فوزه سيعني التضييق عليهم وعدم تلبية احتياجاتهم، على حد تعبيرهم".
وطالبوا بـوقف ما أسموه بـ"التلاعب في نتائج الانتخابات من خلال توظيف تجنيس الآسيويين والعرب".
وأكدوا أن "التجنيس الحاصل في الوقت الحالي يستهدف بالدرجة الأولى التلاعب في نتائج الانتخابات. وتساءلوا: "لماذا لا يتريث المسؤولون في منح الجنسية للآسيويين والعرب بعد انتهاء العملية الانتخابية، على سبيل المثال منحهم الجنسية في شهر يناير المقبل".
من جهة أخرى نفى السفير الهندي في المنامة بالكريشنا شيتي ردا على سؤال للزميلة ريم خليفة، علمه بأية صلة بعمليات التجنيس التي بدأت مع الوافدين الآسيويين وتحديداً الهنود في البحرين منذ منتصف يونيو الماضي وحتى اليوم، أو قيام سفارته بتوزيع استمارات طلب الحصول على الجنسية البحرينية على رعايا بلاده المقيمين في البحرين، موضحاً أنها معلومات عارية عن الصحة.
ويعيش في البحرين حاليا أكثر من 150 ألف هندي، ويوجد عدد ليس بقليل من الأسر البحرينية ذوات الاصول الهندية التي تقطن البلاد منذ أكثر من 100 عام.