إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

فدك في التاريخ

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فدك في التاريخ

    بسم الله الرحمن الرحيم

    - فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر ص 73 : -


    ( مسألة السقيفة وموقف الإمام علي عليه السلام )

    وكان يعاصر هذا الاجتماع الذي تكلمنا عنه اجتماع آخر للأنصار عقدوه في سقيفة بني ساعدة برئاسة سعد بن عبادة زعيم الخزرج ودعاهم فيه إلى إعطائه


    - فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر ص 74 : -


    الرئاسة والخلافة فأجابوه ( 1 ) .

    ثم ترادوا الكلام فقالوا : ( فإن أبى المهاجرون وقالوا : نحن أولياؤه وعترته ، فقال قوم من الأنصار نقول : منا أمير ومنكم أمير ، فقال سعد : فهذا أومل الوهن ، وسمع عمر الخبر ، فأتى منزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وفيه أبو بكر

    فأرسل إليه أن اخرج إلي ، فأرسل إني مشغول ، فأرسل إليه عمر أن اخرج فقد حدث أمر لا بد أن تحضره ، فخرج فأعلمه الخبر ، فمضيا مسرعين نحوهم ومعهما أبو عبيدة ، وفتكلم أبو بكر فذكر قرب المهاجرين من رسول الله صلى الله عليه وآله

    وسلم وأنهم أولياؤه وعتره ، ثم قال : نحن الامراء وأنتم الوزراء لا نفتات عليكم بمشورة ، ولا نقضي دونكم الامور ، فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال : يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فإن الناس في ظلكم ولن يجترئ مجترئ على

    خلافكم ولا يصدر أحد إلا عن رأيكم ، أنتم أهل العزة والمنعة واولو العدد والكثرة وذوو البأس والنجدة وإنما ينظر الناس ما تصنعون فلا تختلفوا فتفسد عليكم اموركم فإن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير ، فقال عمر : هيهات لا يجتمع

    سيفان في غمد ، والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم ولا تمتنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة منهم ، من ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته . فقال الحباب بن منذر : يا معشر الأنصار املكوا أيديكم ولا تسمعوا مقالة

    هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبوا عليكم فاجلوهم من هذه البلاد وأنتم أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان الناس بهذا الدين أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب أنا أبو شبل في عرينة الأسد ، والله إن شئتم لنعيدها


    * ( هامش ) *
    ( 1 ) تاريخ الطبري 2 : 233 . ( * )




    - فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر ص 75 : -


    جذعة ، فقال عمر : إذن يقتلك الله ، قال : بل إياك يقتل .

    فقال أبو عبيدة : يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر فلا تكونوا أول من بدل وغير ،

    فقام بشير ابن سعد والد النعمان بن بشير فقال : يا معشر الأنصار ألا إن محمدا من قريش وقومه أولى به وايم الله لا يراني الله انازعهم هذا الأمر .

    فقال أبو بكر : هذا عمر وأبو عبيدة بايعوا أيهما شئتم ، فقالا : والله لا نتولى هذا ، الأمر عليك وأنت أفضل المهاجرين وخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة وهي أفضل الدين ، ابسط يدك . فلما بسط يده ليبايعاه سبقهما بشير بن

    سعد فبايعه ، فناداه الحباب ابن المنذر يا بشير غفتك غفاق ، أنفست على ابن عمك الأمارة ؟ فقال اسيد ابن خضير رئيس الأوس لأصحابه : والله لئن لم تبايعوا ليكونن للخزرج عليكم الفضيلة أبدا ، وبايعوا أبا بكر وأقبل الناس يبايعونه من كل جانب ( 1 )


    ونلاحظ في هذه القصة أن عمر هو الذي سمع بقصة السقيفة واجتماع الأنصار فيها وأخبر أبا بكر بذلك ، وما دمنا نعلم أن الوحي لم ينزل عليه بذلك النبأ فلا بد أنه ترك البيت النبوي بعد أن جاء أبو بكر وأقنعه بوفاة النبي ، فلماذا ترك البيت ؟

    ولماذا اختص أبا بكر بنبأ السقيفة ؟ إلى كثير من هذه النقاط التي لا نجد لها تفسيرا معقولا أولى من أن يكون في الأمر اتفاق سابق بين أبي بكر وعمر وأبي عبيدة على خطة معينة في موضوع الخلافة ، وهذا التقدير التاريخي قد نجد له شواهد عديدة تجيز لنا افتراضه .


    ( الأول ) تخصيص عمر لأبي بكر بنبأ السقيفة كما سبق ، وإصراره على استدعائه بعد اعتذاره بأنه مشغول حتى أشار إلى الغرض ولمح إليه ، خرج


    * ( هامش ) *
    ( 1 ) شرح نهج البلاغة / ابن أبى الحديد 1 : 127 - 128 ، طبعة دار الكتب العربية الكبرى - مصطفى البابي الحلبي . ( الشهيد ) ،
    وراجع : تاريخ الطبري 2 : 243 . ( * )




    - فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر ص 76 : -


    مسرعا وذهبا على عجل إلى السقيفة ( 1 ) ، وكان من الممكن أن يطلب غيره من أعلام المهاجرين بعد اعتذاره عن المجي ، فهذا الحرص لا يمكن أن نفسره بالصداقة التي كانت بينهما ، لأن المسألة لم تكن مسألة صداقة ، ولم يكن أمر منازعة الأنصار يتوقف على أن يجد عمر صديقا له بل على أن يستعين بمن يوافقه في أحقية المهاجرين أيا كان .


    ولا ننسى أن نلاحظ أنه أرسل رسولا إلى أبي بكر ، ولم يذهب بنفسه ليخبره بالخبر خوفا ممن انتشاره في البيت وتسامع الهاشميين أو غيرها الهاشميين به ، وقد طلب من الرسول في المرة الثانية أن يخبره بحدوث أمر لابد أن يحضره .

    ونحن لا نرى حضور أبي بكر لازما في ذلك الموضوع إلا إذا كانت المسألة مسألة خاصة وكان الهدف تنفيذ خطة متفق عليها سابقا ( 2 ) .


    ( الثاني ) موقف عمر من مسألة وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وادعاؤه أنه لم يمت ، ولا يستقيم في تفسيره ، أن نقول إن عمر ارتبك في ساعة الفاجعة ، وفقد صوابه وادعى ما ادعى ، لأن حياة عمر كلها تدل على أنه ليس من هذا الطراز ، وخصوصا موقفه الذي وقفه في السقيفة بعد تلك القصة مباشرة .


    * ( هامش ) *
    ( 1 ) تاريخ الطبري 2 : 242 .

    ( 2 ) راجع : تاريخ الطبري 2 : 234 ، وفيه : عن الحميري . . . قال : ( فحلف رجال أدركناهم من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم : ما علمنا أن الايتين نزلتا حتى قرأهما أبوبر يومئذ ، إذ جاء رجل يسعى فقال : هاتيك الأنصار قد اجتمعت في ظلة بني ساعدة ،

    يبايعون رجلا منهم ، يقولون منا أمير ومن قريش أمير ، قال : فانطلق أبو بكر وعمر يتقاودان حتى أتياهم ، فأراد عمر أن يتكلم ، فنهاه أبو بكر ، فقال : عمر لا أعصي خليفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في يوم مرتين . . . )

    يعني في المرة الاولى إعلانه موت النبي ، وهذه المرة الثانية ، ولاحظ تعبيره ( خليفة النبي ) قبل حصول البيعة ( الفلتة ) على ما قاله لاحقا ، كما في 2 : 235 . ( * )




    - فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر ص 77 : -


    فالذي تؤثر المصيبة عليه إلى حد تفقده صوابه لا يقف بعدها بساعة يحاجج ويجادل ويقاوم ويناضل ( 1 ) .

    ونحن نعلم أيضا أن عمر لم يكن يرى ذلك الرأي الذي أعلنه في تلك الساعة الحرجة قبل ذلك بأيام أو بساعات حينما اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المرض وأراد أن يكتب كتابا لا يضل الناس بعده ، فعارضه عمر وقال : إن كتاب الله يكفينا وأن النبي يهجر ( 2 ) ، أو قد غلب عليه الوجع كما في صحاح السنة .


    فكان يؤمن بأن رسول الله يموت وأن مرضه قد يؤدي إلى موته وإلا لما اعترض عليه وقد جاء في تاريخ ابن كثير أن عمر بن زائدة قرأ الاية التي قرأها أبو بكر على عمر قبل أن يتلوها أبو بكر فلم يقتنع عمر وإنما قبل كلام أبي بكر خاصة واقتنع

    به ( 3 ) فما يكون تفسير هذا كله إذا لم يكن تفسيره إن عمر شاء أن يشيع الاضطراب بمقالته بين الناس لينصرفوا إليها
    وتتجه الأفكار نحوها تفنيدا أو تأييدا ما دام أبو بكر غائبا ، لئلا يتم في أمر الخلافة شئ ويحدث أمر لا بد أن يحضره أبو بكر

    - على حد تعبيره - وبعد أن أقبل أبو بكر اطمأن باله ، وأمن من تمام البيعة للبيت ا لهاشمي ما دام للمعارضة صوت في الميدان ، وانصرف إلى تلقط الأخبار حادسا بما سيقع ، فظفر بخبر ما كان يتوقعه .


    * ( هامش ) *
    ( 1 ) راجع : تاريخ الطبري 2 : 235 .
    ( 2 ) راجع الرواية في صحيح البخاري 1 : 37 كتاب العلم - باب كتابة العلم ، و 8 : 161 ، كتاب الاعتصام - طبعة دار العامرة - استانبول ، دار الفكر - بيروت .
    ( 3 ) البداية والنهاية / ابن كثير 5 : 213 - نشر دار الكتب العلمية - بيروت . ( * )




    - فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر ص 78 : -


    ( الثالث ) شكل الحكومة التي تمخضت عنها السقيفة ، فقد تولى أبو بكر الخلافة ، وأبو عبيدة المال ، وعمر القضاء ( 1 ) .

    وفي مصطلحنا اليوم أن الأول تولى السياسة العليا ، والثاني تولى السياسة الاقتصادية ، والثالث تولى السلطات القضائية ، وهي الوظائف الرئيسية في مناهج الحكم الأسلامي .

    وتقسيم المراكز الحيوية في الحكومة الأسلامية يومئذ بهذا الاسلوب على الثلاثة الذين قاموا بدورهم المعروف في سقيفة بني ساعدة لا يأتي بالصدفة على الأكثر ولا يكون مرتجلا .


    ( الرابع ) قول عمر حين حضرته الوفاة : ( لو كان أبو عبيدة حيا لوليته ) ( 2 ) . وليست كفاءة أبي عبيدة هي التي أوحت إلى عمر بهذا التمني ، لأنه كان يعتقد أهلية علي للخلافة ومع ذلك لم يشأ أن يتحمل أمر الامة حيا وميتا ( 3 ) .

    وليست أمانة أبي عبيدة التي شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بها - بزعم الفاروق - هي السبب في ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يخصه بالأطراء ، بل كان في رجالات المسلمين يو مئذ من ظفر بأكثر من ذلك من ألوان الثناء النبوي ( 4 )


    * ( هامش ) *
    ( 1 ) الكامل في التاريخ / ابن الأثير 2 : 176 الطبعة الاولى - مصر / الأزهرية 1301 / ه‍ . ( الشهيد ) ، لما ولي أبو بكر قال له أبو عبيدة : أنا أكفيك المال ، وقال له عمر : أنا أكفيك القضاء . . . وكان على مكة عتاب بن اسيد .

    ( 2 ) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 1 : 64 طبعة مصطفى البابي - مصر ( الشهيد ) ، وراجع تاريخ الطبري 2 : 580 ، أخرج رواية عن الأودي قال : ( إن عمر بن الخطاب لما طعن قيل له : يا أمير المؤمنين ، لو استخلفت ، قال : من أستخلف ؟ لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا استخلفته . . . ) .

    ( 3 ) راجع تاريخ الطبري 2 : 580 ، الأنساب / البلاذري 5 : 16 ( الشهيد ) .

    ( 4 ) راجع مثلا : مختصر تاريخ ابن عساكر 17 : 356 وما بعدها ، ففيه مناقب علي عليه السلام والثناء عليه ،
    الخصائص / النسائي : 72 ح 113 ، مروج الذهب / المسعودي 2 : 437 ، مطبعة السعادة ط 2 - مصر / 1948 م . ( * )




    - فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر ص 79 : -


    كما تقرر ذلك صحاح السنة والشيعة .

    ( الخامس ) اتهام الزهراء للحاكمين بالحزبية السياسية ، كما سنرى في الفصل الاتي .

    ( السادس ) قول أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - للفاروق رضى عنه الله : احلب يا عمر حلبا لك شطره اشدد له اليوم أمره ليرد عليك غدا ( 1 ) .

    ومن الواضح أنه يلمح إلى تفاهم بين الشخصين على المعونة المتبادلة واتفاق سابق على خطة معينة ، وإلا فلم يكن يوم السقيفة نفسه ليتسع لتلك المحاسبات السياسية التي تجعل لعمر شطرا من الحلب .


    ( السابع ) ما جاء في كتاب معاوية بن أبي سفيان إلى محمد بن أبي بكر ( رضوان الله عليه ) في اتهام أبيه وعمر بالاتفاق على غصب الحق العلوي والتنظيم السري لخطوط الحملة على الأمام ، إذ قال له فيما قال : فقد كنا وأبوك نعرف فضل ابن

    أبي طالب وحقه لازما لنا مبرورا علينا ، فلما اختار الله لنبيه ( عليه الصلاة والسلام ) ما عنده وأتم وعده وأظهر دعوته فابلج حجته وقبضه إليه ( صلوات الله عليه ) كان أبوك والفاروق أول من ابتزه حقه وخالفه على أمره ، على ذلك اتفقا واتسقا ، ثم إنهما دعواه إلى بيعتهما فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما فهما به الهموم وأراد به العظيم ( 2 ) .


    * ( هامش ) *
    ( 1 ) راجع : شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 6 : 11 - الطبعة المحققه ، و 2 : 5 ، من الط بعة المصرية - مطبعة مصطفى البابي الحلبي ( الشهيد ) .

    ( 2 ) مروج الذهب / السمعودي 3 : 199 - تحقيق شارل پلا - بيروت / 1970 كتاب معاوية إلى محمد بن أبي بكر : إن أباك أول من ابتزه حقه . ( * )




    - فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر ص 80 : -


    ونحن نلاحظ بوضوح عطفه طلب أبي بكر وعمر رضى عنه الله للبيعة من الأمام ب‍ ( ثم ) على كلمتي اتفقا واتسقا وهو قد يشعر بأن الحركة انت منظمة بتنظيم سابق ، وأن الاتفاق على الظفر بالخلافة كا ن سابقا على الأيجابيات السياسية التي قاما بها في ذلك اليوم .


    ولا اريد أن أتوسع في دراسة هذه الناحية التاريخية أكثر من هذا ، ولكن هل لي أن ألا حظ في ضوء ذلك التقدير التاريخي ، أن الخليفة لم يكن زاهدا في الحكم كما صوره كثير من الباحثين ، بل قد نجد في نفس المداورة التي قام بها الخليفة في

    السقيفة دليلا على تطلعه للأمر ، فإنه بعد أن أعلن الشروط الأساسية للخليفة شاء أن يحصر المسألة فيه فتوصل إلى ذلك بأن ردد الأمر بين صاحبيه ( 1 ) اللذين لن يتقدما عليه ، وكانت النتيجة الطبيعية لهذا الترديد أن يتعين وحده للأمر .

    فهذا الأسراع الملحوظ من الخليفة إلى تطبيق تلك الصورة التي فدمها للخليفة الشرعي في رأيه على صاحبيه خاصة الذي لم يكن يؤدي إلا إليه ، كان معناه أنه أراد أن يسلب الخلافة من الأنصار ، ويقر ها في شخصه في آن واحد ، ولذا لم يبد ترددا

    أو ما يشبه التردد لما عرض الأمر عليه صاحباه . وعمر نفسه يشهد لأبي بكر بأنه كان مداورا سياسيا بارعا في يوم السقيفة في حديث طويل له يصفه فيه بأنه أحسد قريش ( 2 ) .


    * ( هامش ) *
    ( 1 ) راجع تاريخ الطبري 2 : 233 قال أبو بكر : ( إني رضيت لكم أحد هذين الرجلين : عمر أو أبا عبيدة . . . ) .
    ( 2 ) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 1 : 125 طبعة مصطفى البايي - مصر ( الشهيد ) ( * )




    - فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر ص 81 : -


    ونجد فيما يروى عن الخليفتين في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على هوى سياسي في نفسيتهما ، وأنهما كانا يفكران في شئ على أقل تقدير .

    فقد ورد في طرق العامة أن ر سول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله ، قال : لا ، قال عمر : أنا هو يا رسول الله ، قال : لا ولكن خاصف النعل - يعني عليا ) ( 1 ) .

    والمقاتلة على التأويل إنما تكون بد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والمقاتل لا بد أن يكون أمير الناس ، فتلهف كل من أبي بكر وعمر على أن يكون المقاتل على التأويل مع أن القتال على التنزيل كان متيسرا لهما في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يشاركا فيه بنصيب قد يدل على ذلك الجانب الذي نحاول أن نستكشفه في شخصيتهما .


    بل اريد أن أذهب إلى أكثر من هذا فالاحظ أن اناسا متعددين كانوا يعملون في صالح أبي بكر وعمر ( 2 ) وفي مقدمتهم عائشة وحفصة اللتان


    * ( هامش ) *
    ( 1 ) الصواعق المحرقة / ابن حجر : 123 ط 2 / مكتبة القاهرة / 1965 ، مسند الأمام أحمد 3 : 33 ، كنز العمال 15 : 94 ، ط 2 حيدر آباد - الدكن - الهند / 1968 ، خصائص أمير المؤمنين / النسائي الشافعي ( ت 303 ه‍ ) : 131 ، طبعة طهران ، راجع : التاج الجامع للاصول 3 : 336 .

    ( 2 ) قال الشهيد الصدر ( معلقا ) : وقد سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما هدد طائفة من قريش برجل من قريش امتحن الله قلبه للأيمان يضرب رقابهم على الدين ، إن ذلك الرجل هل هو أبو بكر ؟ فقال : لا ، فقيل : عمر ؟ قال : لا . . . إلخ .

    مسند الأمام أحمد 3 : 33 ، والرواية تهمل اسم السائل الذي توهم أن الشخص ا لذي وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أبو بكر أو عمر ، وإذا لم يكن أبو بكر وعمر معروفين بشجاعة وبسا لة في المشاهد الحربية على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا بد أن أمرا آخر دعى السائل إلى أن يسأل ذ ينك السؤالين والبقية أتركها لك . ( * )




    - فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر ص 82 : -


    أسرعتا باستدعاء والديهما عندما طلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حبيبه في لحظاته الأخيرة ( 1 ) التي كانت تجمع دلائل الظروف على أنها الظرف الطبيعي للوصية ولا بد أنهما هما اللتان عنتهما الرواية التي تقول إن بعض نساء النبي أرسلن رسولا إلى اسامة لتأخيره عن السفر ( 2 ) .


    فإذا علمنا هذا ، وعلمنا أن هذا لم يكن بإذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإلا لما أمره بالأسراع بالرحيل لما قدم عليه بعد ذلك ( 3 ) ، وأن سفره مع من معه كان يعيق عن تحقق النتائج التي انتجها يوم السقيفة ، خرجت لدينا قضية مرتبة الحلقات على اسلوب طبيعي يعزز ما ذهبنا إليه من رأي .


    ومذهب الشيعة في تفسير ما قام به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من تجنيد جيش اسامة معروف ، وهو أنه أحس بأن اتفاقا ما بين جملة من أصحابه على أمر معين ، وقد يجعل هذا الاتفاق منهم جبهة معارضة لعلي .

    ونحن إن شككنا في هذا فلا نشك في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد جعل أبا بكر وعليا في كفتي الميزان مرارا أمام المسلمين جميعا ليروا بأعينهم أنهما لا يستويان في الميزان العادل . وإ لا فهل ترى إعفاء أبي بكر ( 4 ) من قراءة التوبة


    * ( هامش ) *
    ( 1 ) راجع الرواية في سنن الكبرى / النسائي 5 : 145 باب 54 ، وأيضا في مختصر تاريخ ابن عساكر 18 / 21 .

    ( 2 ) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 1 : 53 ( الشهيد ) الطبعة القديمة - المصرية - مصطفى البابي الحلبي .

    ( 3 ) في مسألة بعث اسامة ، وطلب الأسراع بتنفيذ الحملة التي أمر فيها النبي اسامة بن زيد على شيوخ المهاجرين والأنصار .
    راجع الكامل في التاريخ 2 : 218 ، الطبقات الكبرى / ابن سعد 2 : 248 - 250 .

    ( 4 ) في قصة إعفاء الخليفة الأول أبي بكر عن مهمة تبليغ سورة براءة وإرسال علي بن أبي طالب لتنفيذ المهمة ،
    راجع : مسند الأمام أحمد بن حنبل 1 : 3 ، الكشاف / الزمخشري 2 : 243 ، الصواعق المحرقة / ابن حجر : 32 ، طبعة القاهرة . ( * )




    - فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر ص 83 : -


    على الكافرين بعد أن كلف بذلك أمرا طبيعيا ؟ ولماذا انتظر الوحي وصول الصديق إلى منتصف الطريق لينزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويأمره باسترجاعه وإرسال علي للقيام بالمهمة ؟ أفكان عبثا أو غفلة أو أمرا ثالثا ؟

    وهو أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحس بأن المنافس المتحفز لمعارضة ابن عمه ووصيه هو أبو بكر ، فشاء وشاء له ربه تعالى أن يرسل أبا بكر ثم يرجعه بعد أن يتسامع الناس جميعا بإرساله ليرسل عليا الذي هو كنفسه ( 1 ) ليوضح

    للمسلمين مدى الفرق بين الشخصين وقيمة هذا المنافس الذي لم يأتمنه الله على تبليغ سورة إلى جماعة ، فكيف بالخلافة والسلطنة المطلقة ؟ !


    إذن فنخرج من هذا العرض الذي فرض علينا الموضوع أن نختصره بنتيجتين :

    ( الأولى ) أن الخليفة كان يفكر في الخلافة ويهواها وقد أقبل عليها بشغف ولهفة .

    ( الثانية ) أن الصديق والفاروق وأبا عبيدة كانوا يشكلون حزبا سياسيا مهما لا نستطيع أن نضع له صورة واضحة الخطوط ، ولكنا نستطيع أن نؤكد وجوده بدلائل متعددة ، ولا أرى في ذلك ما ينقص من شأنهم أو يحط من مقامهم ، ولا بأس عليهم أن

    يفكروا في امور الخلافة ويتفقوا فيها على سياسة موحدة إذا لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نص في الموضوع ، ولا يبرؤهم


    * ( هامش ) *
    ( 1 ) راجع : الكشاف / الزمخشري 1 : 368 . وكما هو مقتضى آية المباهلة ،
    الصواعق المحرقة / ابن حجر : 156 ، أخرج الدار قطني احتجاج الأمام على القوم وإنه كنفس النبي . ( * )




    - فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر ص 84 : -


    إذا كان النص ثابتا بعدهم عن الهوى السياسي وارتجال فكرة الخلافة في ساعة السقيفة ( 1 ) من المسؤولية أمام الله وفي حكم الضمير .

    والسلام عليكم ورحمة اللة وبركاتة
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
استجابة 1
10 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
ردود 2
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X