بسم الله الرحمن الرحيم
ومن ذلك قوله فصل الاستدلال بحديث الطّائر المَشوي
المروي عن الفئتين الخاصة والعامة : )اللهُمّ ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر( ؛ فجاء عليّ
فلما بصر به رسولُ الله
قال : )وإليَّ( ، يعني به أحب الخلق إلى الله تعالى وإليه .وقد علمنا أن محبة الله لخلقه إنما هي ثوابه لهم وتعظيمه إياهم وإكباره وإجلاله لهم وتعظيمهم وأنها لا توضع على التفصيل الذي يشمل الأطفال والبهائم وذوي العاهات والمجانين لأنه لا يقال إن الله تعالى يحب الأطفال والبهائم فعلم أنها مفيدة الثواب على الاستحقاق وليست باتفاق الموحدين كمحبة الطباع بالميل إلى المشتهى والملذوذ من الأشياء . وإذا ثبت أن أمير المؤمنين
أحب الخلق إلى الله تعالى فقد وضح أنه أعظمهم ثواباً عند الله وأكرمهم عليه وذلك لا يكون إلا بكونه أفضلهم عملاً وأرضاهم فعلاً وأجلَّهم في مراتب العابدين . وعموم اللّفظ بأنه أحب خلق الله تعالى إليه على الوجه الذي فسرناه وقضينا بأنه أفضل من جميع الملائكة والأَنبياء عليهم السلام ومن دونهم من عالمي الأنام ولولا أن الدليل أخرج رسول الله
من هذا العموم لقضى بدخوله فيه ظاهر الكلام لكنه اختص بالخروج منه بما لا يمكن قيامه على سواه ولا يسلم لمن ادعاه .