إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

إنتقاص أهل البيت (عليهم السلام) روايات تعجب البخاري!!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إنتقاص أهل البيت (عليهم السلام) روايات تعجب البخاري!!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    مع الأسف الشديد أنّ الإمام البخاري اختار طريقه وسلك سبيله ضمن مدرسة الخلفاء التي شيدتها السلطة الحاكمة، أو أن تلك المدرسة هي التي اختارت البخاري وأمثاله وصنعت منهم ركائز وأركان ورموز لتدعيم سلطانهم وترويح مذهبهم وتصريف اجتهاداتهم التي أصبحت في عهد الأمويين والعباسيين سوقاً رائجة وسلعة رابحة لكلّ العلماء الذين تسابقوا وتباروا لتأييد الخليفة بكل أساليب الوضع والتّدليس الذي يتماشى والسّياسة القائمة، كل ذلك لينالوا عند الحاكم الجاه والمال، فباعوا أخراهم بدنياهم فما ربحت تجارتهم ويوم القيامة يندمون ويخسرون.
    فالناس ناس، والزمان زمان، فأنت ترى اليوم نفس الأساليب ونفس السّياسة، فكم من عالم جليل هو حبيس داره لا يعرفه النّاس. وكم من جاهل تربّع على منبر الخطابة وإمامة الجماعة والتحكّم بمصير المسلمين لأنّه من المقرّبين الذين نالوا رضاء النظام وتأييده وإلاّ قل لي بربّك كيف يفسّر عزوف البخاري عن أهل بيت النبي الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهرهم تطهيراً؟ كيف يفسّر عداء البخاري لهدي الأئمة الذين عاصر وعايش البعض منهم زمن البخاري ولم يروِ عنهم إلاّ ما هو مكذوب عليهم للحطّ من قدرهم السّامي والطعن في عصمتهم الثابتة بالقرآن والسنّة، وسنوافيك ببعض الأمثلة على ذلك.
    ثم إنّ البخاري ولّى وجهه شطر النّواصب والخوارج الذين حاربوا أهل البيت وقتلوهم فتراه يروي عن معاوية وعن عمرو بن العاص وعن أبي هريرة وعن مروان بن الحكم وعن مقاتل بن سليمان الذي عرف بالدّجال، وعن عمران بن حطّان عدوّ أمير المؤمنين وعدوّ أهل البيت، شاعر الخوارج وخطيبهم الذي كان يتغنّى بمدحه لابن ملجم المرادي على قتله علي بن أبي طالب.
    كما كان البخاري يحتج بحديث الخوارج والمرجئة والمجسمة وبعض لمجاهيل الذين لا يعرفون الدّهر لهم وجوداً.
    وقد جاء في صحيحه إضافة إلى الكذب والتدليس من الرّواة المشهورين بذلك، بعض الرّوايات السّخيفة والبشعة. مثال ذلك ما رواه في صحيحه من كتاب النكاح باب ما يحلّ من النّساء وما يحرم وقوله تعالى: (حرّمت عليكم أمّهاتكم…) إلى آخر الآية.
    قال في آخر الباب: لقوله تعالى (وأحلّ لكم ما وراء ذلكم) ، وقال عكرمة عن ابن عبّاس إذا زنى بأخت أمرأته لم تحرم عليه أمرأته، ويروى عن يحيى الكندي عن الشعبي وأبي جعفر فيمن يلعب بالصبيّ إن أدخله فيه فلا يتزوّجنّ أمّه.
    وقد علّق على هذا الكلام شارح البخاري في الهامش بقوله: اللاّئق بمنصب العلماء أن يجلّوا قدرهم عن كتب مثل هذا الكلام والتفوّه به.
    كما أخرج في صحيحه من كتاب تفسير القرآن باب نساؤكم حرث لكم عن نافع قال كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتّى يفرغ منه، فأخذت عليه يوماً فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكانٍ، قال: تدري فيما أنزلت؟ قلت: لا، قال: أنزلت في كذا أو كذا، ثم مضى.
    وعن نافع عن ابن عمر، فأتوا حرثكم أنّى شئتم قال: يأتيها في… وعلّق الشارح بقوله: قوله في… بحذف المجرور وهو الظرف أي في الدّبر، قيل وأسقط المؤلف ذلك لاستنكاره كذا في الشارح . صحيح البخاري ج6 ص127 .
    كنت يوماً في جامعة السربون بباريس أتحدّث عن أخلاق النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وخلقه العظيم الذي تحدث عنه القرآن وعرف به النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى قبل البعثة فسمّوه الصّادق الأمين ودامت المحاضرة ساعة تقريباً أوضحت خلالها بأنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يكن محارباً ولا غاصباً لحقوق الإنسان في تقرير مصيره، وفرض دينه بالقوة والقهر كما يدّعي بعض المستشرقين.
    وخلال المناقشة التي شارك فيها نخبةٌ من الأساتذة والدكاترة المختصّين بالإسلام وتاريخ المسلمين وجلّهم مستشرقون. وانتصرت نوعاً ما على المناوئين الذين أثاروا بعض الشبهات، ولكنّ أحدهم وهو عربي مسيحي طاعنٌ في السنّ (أعتقد أنه لبناني) اعترض عليّ بأسلوب فيه خبث ودهاء فكاد يقلب انتصاري إلى هزيمة نكراء.
    قال هذا الدكتور بلسان عربي فصيح، بأنّ ما ذكرته في المحاضرة فيه كثير من المبالغة وبالخصوص فيما يتعلّق بعصمة النبي إذ أنّ المسلمين أنفسهم لا يوافقونك على ذلك، وحتّى محمد نفسه لا يوافق على ذلك، فقد قال عديد المرّات، بأنّه بشرٌ يجوز عليه الخطأ وقد سجّل له المسلمون أخطاءً عديدة نحن في غنىً عن التعريف بها وكتب المسلمين الصحيحة والمعتمدة عندهم تشهد على ذلك، ثم قال: وأما بخصوص الحروب فما على حضرة المحاضر إلا مراجعة التاريخ ويكفي أن يقرأ فقط كتب الغزوات التي قام بها محمّد في حياته، ثم واصلها الخلفاء الراشدون بعد وفاته حتى وصلوا إلى (poitier) مدينة بواتييه بغرب فرنسا وفي كلها كانوا يفرضون دينهم الجديد على الشعوب بالقهر وقوة السّيف.
    وقابل الحاضرون كلامه بالتصفيق مؤيدين مقالته وحاولت بدوري إقناعهم بأنّ ما ذكره الدكتور المسيحي غير صحيح وإن أخرجه المسلمون في كتبهم، وارتفعت ضجة من الضّحك في القاعة استهزاء وسخرية منّي.
    وتدخّل الدكتور المسيحي من جديد ليقول لي بأنّ ما ذكره ليس من الكتب المطعون فيها وإنّما هو في صحيح البخاري ومسلم.
    وقلت بأن هذه الكتب صحيحة عند أهل السنّة أمّا عند الشيعة فلا يقيمون لها وزناً، وأنا مع هؤلاء.
    فقال: نحن لا يهمّنا رأي الشيعة الذين يكفّرهم أغلب المسلمين، والمسلمون السنّة وهم أكثر من الشيعة عشر مرّات لا يقيمون لآراء الشيعة وزناً، ثم أضاف قائلاً: إذا تفاهمتم أنتم المسلمون مع بعضكم البعض وأقنعتم أنفسكم بعصمة نبيّكم، عند ذلك يمكن أن تقنعونا نحن (قال ذلك ضاحكاً متهكماً).
    ثم التفت إليّ من جديد قائلاً: وأمّا بخصوص الأخلاق الحميدة فأنا أسألك أن تقنع الحاضرين كيف تزوّج محمّد الذي بلغ من العمر أربعاً وخمسين بعائشة وعمرها ستّ سنين؟
    وارتفعت من جديد ضجة الضّحك وأشرئبّت الأعناق تنتظر ردّي وحاولت جهدي إقناعهم بأنّ الزواج عند العرب يتمّ على مرحلتين المرحلة الأولى وهو العقد وكتب النّكاح والمرحلة الثانية وهو البناء والدخول، وقد تزوّج النّبي عائشة وعمرها ست سنوات ولكن لم يدخل بها إلا بعد أن بلغت تسع سنوات، واستطردت بأنّ هذا ما يقوله البخاري إن كان مناقشي يحتجّ عليّ بما فيه. وأنا شخصياً أشكّ في صحة الرواية لأنّ النّاس في ذلك الزمان لم يكن لهم حالة مدنية ولا تسجيل تاريخ الميلاد ولا تاريخ الوفاة، وعلى فرض صحة الرواية فإنّ عائشة بلغت سن الرشد في التاسعة من عمرها فكم رأينا اليوم على شاشة التلفزيون بعض الفتيات الروسيات والرومانيات لاعبات «الجمباز» اللاّتي عندما تراهنّ وترى كمال أجسامهن تستغرب عندما يعلنون عن عمرها وأنها لم تتجاوز إحدى عشر عاماً. فلا شك بأنّ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يدخل بها إلاّ بعدما رشدت وأصبحت تحيض، والإسلام، لا يقول بالرشد لمن بلغ ثمانية عشر عاماً كما هو معروف عندكم في فرنسا. بل الإسلام يعتبر الرشد بالحيض للنّساء وبخروج المني للرّجال. وكلّنا يعلم حتّى اليوم بأنّ من الذكور من يمنون في سنّ العاشرة ومن الإناث من يحضن في سنّ مبكرة قد لا تتجاوز العاشرة.
    وهنا قامت سيدةٌ وتدّخلت لتقول: نعم وعلى فرض أنّ ما أوردته قد يكون صحيحاً وهو صحيح علميّاً، ولكن كيف نقبل بزواج شيخ كبير أوشك عمره على نهايته بفتاة صغيرة ما زالت في العقد الأول من عمرها؟
    قلت: إنّ محمداً نبيّ الله ولا يفعل شيئاً إلاّ بوحي منه، ولا شك أنّ لله في كل شيء حكمة، وإن كنت شخصيّا أجهل الحكمة في ذلك.
    قال الدكتور المسيحي: لكنّ المسلمين اتّخذوا ذلك سنّة، فكم من فتاة صغيرة زوّجها أبوها غصباً عنها برجل يوازيه في السنّ ومع الأسف فإن هذه الظاهرة بقيت حتّى اليوم موجودة. انتهزت هذه الفرصة لأقول: ولذلك أنا تركت المذهب السنّي واتّبعت المذهب الشيعي، لأنه يعطي حق المرأة في أن تزوج نفسها بمن شاءت هي لا بما يفرضه عليها الولي.
    قال: دعنا من السنّة والشيعة ولنعد إلى زواج محمّد بعائشة والتفت إلى الحاضرين ليقول بكل سخرية: إن محمداً النبيّ والبالغ من العمر أكثر من الخمسين يتزوج بنيّةً صغيرة لا تفهم من الزواج قليلاً ولا كثيراً والبخاري يحدثنا بأنّها كانت في بيت زوجها تلعب بالدّمى وهذا يؤكّد على براءة الطفولة، فهل هذه هي الأخلاق العالية التي يمتاز بها النّبي؟
    وحاولت من جديد إقناع الحاضرين بأنّ البخاري ليس حجّة على النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولكن بدون جدوى، فقد لعب هذا المسيحي اللّبناني بأفكارهم كما أراد، وما كان لي إلاّ أن أوقفت النقاش متذرّعاً بأنّنا لا نتكلّم نفس اللّغة لأنهم يحتجّون عليّ بالبخاري في حين أنّني لا أؤمن بكل ما ورد فيه.
    وخرجت ناقماً على المسلمين الذين أعطوا لهؤلاء، ولأعداء الإسلام وأعداء محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم السّلاح النافذ الذي يحاربوننا به وعلى رأس هؤلاء البخاري! ورجعت للبيت يومها مهموماً وأخذت أتصفّح صحيح البخاري وما ذكره في فضائل عائشة وأحوالها فإذا بي أقول الحمد لله الذي فتح بصيرتي، وإلاّ لبقيت متحيّراً في شخصية الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وربّما داخلني الشكّ فيه والعياذ بالله.
    ولابدّ من إظهار بعض الروايات التي أثيرت خلال المناقشة حتى يتبين للقارئ بأنّ هؤلاء المنتقدين لم يفتروا علينا وإنّما وجدوا بغيتهم في صحاحنا فاستعانوا بها علينا.
    فقد أخرج البخاري في صحيحه من كتاب بدء الخلق باب تزويج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عائشة وقدومه المدينة وبنائه بها.
    * عن عائشة رضي الله عنها قالت: تزوجني النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنا بنت ست سنين فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحرث بن خزرج فوعكت فتمرّق شعري فوفى جميمةٌ، فأتتني أمّي أمّ رومان وإنّي لفي أرجوجةٍ ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي، فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدّار وإنّي لأنهج حتّى سكن بعض نفسي ثم أخذت شيئاً من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوةٌ من الأنصار في البيت فقلن على الخير والبكرة وعلى خير طائرٍ.
    فأسلمتني إليهنّ فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ضحىً فأسلمتني إليه وأنا يؤمئذ بنت تسع سنين.
    وأترك لك أيها القارىء لتعلّق بنفسك على أمثال هذه الروايات.
    كما أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الأدب باب الانبساط إلى النّاس.
    * عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا دخل يتقمّعن منه فسير بهنّ إليّ فيلعبن معي.
    يقول الشارح: ألعب بالبنات، يعني التماثيل المسمّاة بعلبِ البنات ـ ويسربهنّ إليّ: أي يبعثهن ويرسلهن إليّ وأنت تقرأ مثل هذه الروايات في صحيح البخاري أيبقى عندك اعتراض بعدها على نقد بعض المستشرقين إن كنت منصفاً؟
    قل لي بربّك! عندما تقرأ قول عائشة لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم «ما أرى ربّك إلاّ يسارع في هواك» . صحيح البخاري ج6 ص24 كتاب تفسير القرآن باب قوله تعالى ((تُرجي من تشاء منهن وتأوي من تشاء ومن ابتغت ممّن عزلت فلا جناح عليك)) .
    ماذا يبقى في نفسك من احترام وتقدير لامرأة كهذه التي تشكّك في نزاهته صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهل لا يبعث ذلك في نفسك أنها تصرّفات مراهقة لم يكتمل عقلها.
    وهل يلام بعد ذلك أعداء الإسلام الذين كثيراً ما يثيرون حبّ محمد للنّساء وأنّه كان شهوانيّاً فإذا قرؤوا في البخاري بأنّ الله يسارع في هواه، ويقرؤون في البخاري بأنه كان يجامع إحدى عشرة زوجة في ساعة واحدة وقد أعطي قوة ثلاثين.
    فاللّوم على المسلمين الذين أقرّوا مثل هذه الأباطيل واعترفوا بصحّتها بل واعتبروها كالقرآن الذي لا يتطرق إليه الشك ولكن هؤلاء مسيّرون في كل شيء حتّى في عقيدتهم وليس لهم خيارٌ في شيء. لقد فرضت عليهم هذه الكتب من الحكام الأوّلين. وهلّم بنا الآن إلى الرّوايات التي أخرجها البخاري للطّعن على أهل البيت.
    فقد أخرج في صحيحه من كتاب المغازي باب شهود الملائكة بدراً 5/16.
    * عن علي بن حسين أن حسين بن علي أخبره أنّ عليّاً قال كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدرٍ وكان النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أعطاني ممّا أفاء الله من الخمس يومئذ قلّما أردت أن أبتني بفاطمة عليها السلام بنت النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأعدت رجلاً صوّاغاً في بني قينقاع أن ترتحل معي فنأتي بإذخر فأردت أن أبيعه من الصوّاغين فنستعين به في وليمة عرسي، فبينما أنا أجمع لشارفيّ من الأقتاب والغرائر والحبال وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار حتى جمعت ما جمعته فإذا أنا بشارفيَّ قد أجبَّت اسنمتهما وبقرت خواصرهما وأُخذ من أكبادهما فلم أملك عينيُّ حين رأيت المنظر. قلت من فعل هذا؟ قالوا: فعله حمزة بن عبد المطّلب وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار عنده قينةٌ وأصحابه فقالت في غنائها (ألا يا حمزُ للشّرف النّواء). فوثب حمزةٌ إلى السّيف فأجبّ أسنمتهما وبقر خواصرهما وأخذ من أكبادهما قال علي: فانطلقت حتى أدخل على النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وعنده زيد بن حارثة وعرف النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي لقيت فقال: ما لك؟ قلت: يا رسول الله، ما رأيت كاليوم عدا حمزة على ناقتيّ فأجبَّ أسنمتها وبقر خواصرهما وها هو ذا في بيت معه شرب، فدعا النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بردائه فارتدى ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتّى جاء البيت الذي فيه حمزة فاستأذن عليه فأذن له فطفق النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة ثملٌ محمرّةٌ عيناه، فنظر حمزة إلى النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم صعّد النظر فنظر إلى ركبتيه ثم صعّد النظر فنظر إلى وجهه ثم قال حمزة: وهل أنتم إلاّ عبيد لأبي، فعرف النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه ثملٌ فنكص رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على عقبيه القهقرى فخرج وخرجنا معه.
    تأمّل أيها القارىء في هذه الرّواية التي طفحت بالكذب والزور لشتم سيد الشهداء لأنه مفخرة أهل البيت فكم كان الإمام عليّ سلام الله عليه يفتخر به في أشعاره بقوله: وحمزة سيد الشهداء عمّي، وكم كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يفتخر به حتّى إذا قتل حزن عليه حزناً كبيراً وبكى عليه بكاءاً كثيراً وسمّاه سيد الشهداء.
    وحمزة عمّ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي أعزّ الله به الإسلام عندما كان السمتضعفون من المسلمين يعبدون الله خفيةً، وقف وقفته المشهورة في وجه قريش وانتصر لابن أخيه معلناً إسلامه على الملأ من قريش وما خاف أحداً.
    حمزة الذي سبق هجرة النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ومهّد لدخول ابن أخيه في يوم مشهود.
    حمزة الذي كان مع ابن أخيه علي أبطال بدرٍ وأُحد، أخرج البخاري في نفسه في صحيحه كتاب تفسير القرآن باب قوله هذان خصمان اختصموا في ربّهم 5/242.
    * عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أنا أوّل من يجثوا بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة. قال قيس وفيهم نزلت هذان خصمان اختصموا في ربّهم قال: هم الذين بارزوا يوم بدرٍ، عليّ وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.
    نعم إنّ البخاري يعجبه أن يروي مثل هذه المثالب في مفخرة أهل البيت، وسلسلة الوضّاعين الذين وضعوا مثل هذه الرواية طويلة فقد قال البخاري حدثنا عبدان أخبرنا عبدالله أخبرنا يونس وحدّثنا أحمد بن صالح حدّثنا عنبسة حدثنا يونس عن الزّهري أخبرنا عليّ بن حسين [صحيح البخاري ج5 ص16] ، فهؤلاء سبعة أشخاص يري عنهم البخاري قبل أن يصل السند إلى علي بن الحسين وهو زين العابدين وسيد الساجدين. فهل يليق بزين العابدين أن يروي أكاذيب مثل هذه فيكون سيد الشهداء يشرب الخمر بعد إسلامه وبعد هجرته وقبل استشهاده بأيام إذ تقول الرواية بأن علي بن أبي طالب كان يعدّ وليمة عرسه على فاطمة عليها السلام التي بنى بها في السنة الثانية للهجرة النبوية وأنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أعطاه نصيبه من المغنم يوم بدر وهل يليق بسيد الشهداء أن تكون له قينةٌ عاهرةٌ تغنيه وتطلب منه أن يبقر النّاقتين فيفعل بدون مبالاة؟
    وهل يليق بسيد الشهداء أن يأكل لحم حرام بدون ذبح ويبقر الخواصر ويأخذ الأكباد؟
    وهل يليق برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يذهب ويستأذن على حمزة في ذلك المجلس الذي فيه الخمر والدّعارة؟ ويدخل في ذلك المكان؟
    وهل يليق بسيد الشهداء أن يكون ثملاً محمرةٌ عيناه فيشتم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بقوله ما أنتم إلا عبيد لأبي؟
    وهل يليق برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن ينكّص على عقبيه القهقرى فيخرج دون تأنيب أو توبيخ فالمعروف عنه أنّه كان يغضب لله.
    وأنا متيقنّ أنّ هذه الرواية لو كانت (على سبيل الافتراض طبعاً) تذكر أبا بكر أو عمر أو عثمان أو معاوية مكان حمزة، لما أخرجها البخاري لفظاعتها، ولو أخرجها لهذّبها على طريقته وابترها. ولكن ما الحيلة والبخاري لا يحبّ هؤلاء الذين رفضوا مدرسة الخلفاء، حتى بعد وقعة كربلاء وقتلهم عن بكرة أبيهم، فلم يبق إلا علي بن الحسين الذي وضعوا الرواية على لسانه.
    ولماذا لم يرو البخاري شيئاً من فقه أهل البيت ولا من علومهم ولا من خصالهم ولا من زهدهم ولا من فضائلهم التي ملأت الكتب وطفحت بها مجاميع أهل السنة قبل مجاميع الشيعة؟
    ولنستمع إليه يروي رواية أخرى تطعن في أهل البيت وفي القمّة بالذات إذ أنّ الرّواة بما فيهم البخاري لم يجدوا في علي بن أبي طالب نقيصة واحدة ولا سجّلوا عليه طيلة حياته كذبة واحدة ولا عرفوا له خطيئة واحدة، ولو كانت، لملأوا الدنيا صياحاً وعويلاً، فعمدوا لوضع رواية تتّهمه بأنه كان يستخفّ بالصّلاة.
    أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الكسوف باب تحريض النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على صلاة اللّيل وطرق النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فاطمة وعليّاً عليهما السلام ليلة الصّلاة: 2/43 قال:
    * حدّثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني علي بن حسين أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب أخبره أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم طرقه وفاطمة بنت النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلةً فقال: ألا تصلّيان؟
    فقلت: يا رسول الله أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إليّ شيئاً، ثم سمعته وهو مولُ يضرب فخذه وهو يقول: وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً.
    لاها الله يا بخاري، هذا علي بن أبي طالب الذي يحدّثنا عنه المؤرّخون أنّه كان يقوم بصلاة اللّيل في ليلة الهرير (في حرب صفين) فيفرش نطع ويصلّي بين الصفّين والنّبال والسّهام تساقط على يمينه وشماله فلا يرتاع ولا يقطع صلاة اللّيل.
    علي بن أبي طالب الذي أوضح للناس معالم القضاء والقدر وحمّل الإنسان مسؤولية أفعاله، تصوّره أنت في هذه الرواية بأنّه جبريٌّ يقول بالجبر ويجادل بها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بقوله: أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا يعني ذلك لو شاء الله أن نصلّي لصلّينا. عليّ بن أبي طالب الذي حبّه إيمان وبغضه نفاقٌ توصفه أنت بأنّه أكثر شيء جدلاً. إنّه كذبٌ مفضوح لا يوافقك عليه حتّى ابن ملجم قاتل الإمام ولا معاوية الذي كان يأمر الناس بلعنه، إنه كذبٌ رخيص ولكنّك جنيت من وراءه الكثير إذ أرضيت بذلك حكّام زمانك وأعداء أهل البيت فرفعوا قدرك في هذه الدنيا الدنيئة ولكنّك أسخطت ربّك بهذا الموقف من أمير المؤمنين وسيد الوصيّين وقائد الغر المحجّلين قسيم الجنة والنار الذي يقف يوم القيامة على الأعراف فيعرف كلاًّ بسيماهم [شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج1 ص198 في تفسير قوله تعالى ((وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم)) أخرج الحاكم عن علي قال : نقف يوم القيامة بين الجنّة والنّار فمن نصرنا وعرفناه بسيماه فأدخلناه الجنّة ومن أبغضنا عرفناه بسيماه] فيقول للنّار هذا لي وهذا لك [ابن حجر الشافعي في الصواعق المحرقة ص101 قال روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال : يا علي أنت قسيم الجنة والنار ، فيوم القيامة تقول للنار هذا لي وهذا لك ، وأضاف ابن حجر أن أبا بكر قال لعلي (رضي الله عنهما) سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : لا يجوز أحدٌ الصراط إلا من كتب له علي الجواز] .
    ولا أدري إن كان كتابك يوم القيامة شبيه بكتابك اليوم الذي يزوّق ويجلّد وينمّق، ليخرج في أبهى حلّة عرفها الكتاب.
    نعم كبرت على البخاري أن يظهر سيده عمر بن الخطاب تاركاً للصّلاة المفروضة عندما فقد الماء وبقي على مذهبه ذلك حتّى في خلافته فقال: أمّا أنا فلا أصلّي متحدّياً بذلك القرآن والسنّة.
    ففتّش عند الدجّالين الوضّاعين فوضعوا له هذا الحديث الذي يتّهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنّه تثاقل فلم يصلّ صلاة الليل، وعلى فرض واحتمال صحة روايته فلا ضير ولا إثم ولا ذنب على علي لأنها تتعلق
    بصلاة النافلة التي يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها ـ ولا يمكن أن يقاس فعل عمر بتركه للصّلاة المفروضة على ترك علي لصلاة النّافلة إن صحت الرّواية، ولكنّ أنّى لهذا الرواية أن تكون صحيحة ولو أخرجها صحيح البخاري.
    فالبخاري صحيح عند أهل السنّة، وأهل السنّة هم المؤيدون لمدرسة الخلافة التي قامت على سياسة بني أمية وبني العبّاس والمتتبّع يعرف هذه الحقيقة التي أصبحت اليوم غير خافية على أحد وأهل السنّة والجماعة تبعاً لسياسة الحكّام الذي دأبوا على عداء ومحاربة أهل البيت ومن والاهم وتشيّع لهم، أصبحوا من غير علمهم أعداءً لأهل البيت وشيعتهم لأنهم والوا أعداءهم وعادوا أولياءهم. ولذلك رفعوا من شأن البخاري إلى الدرجة الرفيعة التي أصبح عليها، ولا تجد عندهم من تراث أهل البيت ولا من أقوال الأئمة الأثني عشر شيئاً يذكر، ولا حتى عن باب مدينة العلم الذي كان من النّبي بمنزلة هارون من موسى، وبمنزلة النّبي من ربّه.
    والسؤال الذي يطرح على أهل السنة هو: ما الذي أحرز عليه البخاري زيادة على بقية المحدّثين لينال عندكم هذا التفضيل؟؟
    وأعتقد أن الجواب الوحيد على هذا السؤال هو أنّ البخاري:
    1 ـ دلّس الأحاديث التي تمس كرامة الصّحابة خصوصاً منهم أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية. وهذا ما دعا إليه معاوية والحكّام بعده.
    2 ـ أبزر الأحاديث التي تطعن في عصمة الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وتصوّره بأنّه بشرٌ عاديٌّ يخطىء، وهذا ما أراده الحكام على طول الدهر.
    3 ـ أخرج أحاديث موضوعة في مدح الخلفاء الثّلاثة وفضّلهم على علي بن أبي طالب وهو بالضبط ما أراده معاوية للقضاء على ذكر علي حسب زعمه.
    4 ـ أخرج أحاديث مكذوبة تمس بكرامة أهل البيت.
    5 ـ أخرج أحاديث أخرى تؤيد مذهب الجبر والتجسيم والقضاء والقدر في الخلافة وهو ما أشاعه الأمويون والعباسيون ليتحكّموا بمصير الأمّة.
    6 ـ أخرج أحاديث مكذوبة تشبه الأساطير والخرافات لتخدير الأمّة وإشاعة الفوضى وذلك ما يريده الحكّام في عصر البخاري.
    وعلى سبيل المثال إليك أيها القارىء العزيز هذه الرواية:
    أخرج البخاري في صحيحه من كتاب بدء الخلق باب أيام الجاهلية من جزئه الرابع ص238.
    قال البخاري: حدثنا نعيم بن حمّاد حدّثنا هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون قال: رأيت في الجاهلية قردةً اجتمع عليها قردةٌ قد زنت فرجموها فرجمتها معهم.
    ونحن نقول للبخاري، لعلّ الله سبحانه ورحمةً بالقردة قد نسخ حكم الرّجم الذي فرضه عليهم بعد طردهم من الجنة وأباح لهم الزنا في عهد الإسلام بعدما كان محرّماً عليهم في الجاهلية. ولذلك لم يدّع أي مسلم أنّه حضر أو شارك في رجم قردةً منذ بعث محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم وحتى يوم النّاس هذا.
    هذا الموضوع مقتبس عن كتاب (فاسألوا أهل الذكر) لشيخ المستبصرين الدكتور التيجاني (حفظهُ الله) .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
استجابة 1
10 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
ردود 2
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X