الأسلوب الصحيح لمعرفة مذهب الشيعة الإمامية
الثالث : ما كان قول عامة الشيعة بخلافه ، وكان من الأقوال الشاذة التي يكفي إعراض الفقهاء على ممر التاريخ عنه دليلاً على عدم كونه من المذهب وإنما ينسب إلى قائله كقول شاذ اختص به ذلك القائل ، وأنه لا علاقة له بمذهب الإمامية ، وهو مقتضى الدقة العلمية ، وتكثر الأقوال الشاذة في بعض الحالات لا يستلزم كونه من الأقوال المسلمة ولا ينافي شذوذها ، إذ أنَّ هذا التعدد والتكثر لا يخلو في الحال من أحد أمرين :
أحدهما : أنْ يكون هذا التعدد والكثرة وقع في زمان واحد وفي أوقات متقاربة ، فحينئذ لا يمكن مع كثرة الأقوال دعوى الشذوذ كما هو واضح .
ثانيهما : أنْ تكون الكثرة نتيجة قول جماعة متفرقة في قرون طويلـة بـه ، كأنْ يكون قولاً شاذاً قال به عدة متفرقون في أكثر من عشرة قرون ، فمثل هذا التعدد من الواضح أنه لا يتنافى مع كون القول من الأقوال الشاذة والنادرة فوجود عشرين أو ثلاثين خلال ألف سنة في الآف الفقهاء والمحققين عدد نادر لا يُعتد به ، كما في قول جماعة منهم الشيخ الصدوق (قدس سره) بجواز صدور السهو من النبي (ص) في الصلاة ، فإنه وإنْ قال به بعض فقهاء الإمامية ، لكنه قول شاذ نادر أعرض عنه الفقهاء ولم يقبلوه ، ونفس
إعراض الفقهاء وتسالمهم على رفضه هو في حد ذاته دليل على عدم كون ذلك القول من المذهب ، وإنما غاية ما في الأمر أنه قول شاذ قال به بعض الفقهاء ، ولا يصح إلزامهم به ، ولا فرق في صحة نسبة هذه الأقوال بين أن ينسب ذلك إلى الشيعة أو السنة .
الرابع : ما قال به بعض المنتسبين إلى الشيعة الإمامية ، ولكن حكم عامة الفقهاء منهم بكونهم من الغلاة أو المقصرين ، فإنّ فقهاء الشيعة بالنسبة لما يرتبط بالإفراط والتفريط اتخذوا مواقف شديدة من ثلاثة فئات :
الأولى : النواصب ، ويقصدون بهم الذين ينصبون العداء لأهل بيت النبوة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
الثانية : الغـلاة ، ويقصـدون بهم الذين قالـوا في أئمة الهـدى من أهل البيت (ع) ما فيه مبالغة من استلزام التأليه والكفر والعياذ بالله تعالى أو غير ذلك من المبالغات كالقول بالتفويض .
الثالثة : المقصرون : وهم الذين نفوا بعض فضائل المعصومين (ع) وقالوا فيهم دون حقهم وأدنى ومراتبهم التي فضلهم الله عز وجل بها .
ولم يتخذوا موقف المواجهة للغلاة فقط ، بل حكم بكفر بعض الغلاة ونجاستهم .
2- لا يختلف فقهاء الإمامية في أنّ الغلو المستلزم لإنكار الربوبية أو التوحيد أو النبوة أو المستلزم للقول بنبوة أحد بعد رسول الله (ص) يستوجب الكفر والنجاسة ، وأما إذا لم يستلزم ذلك ، فهو وإنْ لم يقتضي الحكم عليهم بالكفر لكن مع ذلك يحكم بكونهم من المذاهب الفاسدة ومن المنحرفين ، يقول الإمام الخميني (قدس سره) : وأما الغلاة ، فإنْ قالوا بإلهية أحد الأئمة عليهم السلام مع نفي إله آخر أو إثباته أو قالوا بنبوته فلا إشكال في كفرهم ، وأما مع الاعتقاد بألوهيته تعالى ووحدانيته ، ونبوة النبي صلى الله عليه وآله ، فلا يوجب شيء من عقائدهم الفاسدة كفرهم ونجاستهم .
وصرّح بهذا المعنى
عدد كبير من الفقهاء أيضاً منهم السيد المحقق الخوئي والسيد الشهيد الصدر (قدس سره) .
وبل وصرح الفقهاء ومنهم المحقق الحلي والعلامة الحلي والشهيدان الأول والثاني وغيرهم بأنّ سائر الفرق الإسلامية تتوارث ولكن الخوارج والنواصب والغلاة لا يرثون المسلمين ، ومـن العبارات الواردة بهذا الشأن :
أ- قـول العـلامة الحلي (قدس سره) : فالإمامي يرث السني وبالعكس ، وأما الغلاة
فلا يرثون مسلماً .
ب – قول السيد محمد بحر العلوم (قدس سره) في بلغة الفقيه : كما أنّ المسلمين يتوارثون على اختلاف مذاهبهم لاتحادهم في الملة ، إلا الغلاة والنواصب وشبههم فإنهم كفار وإنْ انتحلوا دين الإسلام .
3- اهتم فقهاء الشيعة الإمامية بالتنبيه على المقالات والآراء المتداولة في المصنفات أو بين النـاس ، ونكتفي بذكـر شاهـد على ذلك من شواهد في غاية الكثرة ، يقول الشيخ المفيد (قدس سره) في المسائل السروية : ... إنّ الأخبار بذكر الأشباح تختلف ألفاظها
وتتباين معانيها ، وقد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة ، وصنفوا فيها كتباً لغو فيها وهذوا فيما أثبتوه من معانيها ، وأضافوا ما حوته الكتب إلى جماعة من شيوخ أهل الحق ، وتخرصوا بإضافتها إليهم ، من جملتها كتاب سموه > الأشباح والأضلة < ، ونسبوا تأليفه إلى محمد بن سنان ، ولسنا نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه ، فإن كان صحيحاً فإن ابن سنان قد طُعن عليه ، وهو متهم بالغلو ، فإنْ صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه فهو ضال بضلاله عن الحق ، وإنْ كذبوا فقد تحملوا أوزار ذلك .
هذه بعض الشواهد على موقف علماء الشيعة من الغلو ، كما أنهم تكلموا في ذم النصب ونجاسة النواصب وكفرهم أو كونهم بحكم الكفار ، ويقصدون بالنواصب من نصب العداء لأهل بيت النبوة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وليس مطلق من خالفهم في المذهب والاعتقاد كما افترى بذلك عليهم الكثير من الكذابين ، وتكلمـوا أيضاً في ذم التقصير ومذاهب المقصرين .
وبعد هذا يتضح أنـه لا يصح نسبـة كـل قـول إلى الشيعة الإمامية ، بلا ضابطة بل لابد من التمييز بين مذهب الحق وأقوال الغلاة وأقوال المقصرين ، فإذا نسب قول الغلاة إلى الغلاة المنتسبين للإمامية فإنّ هذهالنسبة تكون نسبة دقيقة تتناسب مع الأمانة العلمية ، وأما نسبة ما يقوله بعض الغلاة إلى جميع الشيعة على العموم والإطلاق ، فإنْ ذلك لا يكون سوى كذب وافتراء إذا كان المتهم ملتفتاً لذلك ، وإلا فهو محض اشتباه وجهل ممن قام بنسبة القول إليهم ومثل هذا في الكتب والمصنفات وكلمات الخصوم ، بل الجهلة من غير الخصوم ليس بعزيز .......
منقول
الشيعة الإمامية عنوان عام تندرج في ضمنه أغلبية الشيعة الذين يعتقدون بإمامة الأئمة الإثنى عشر (ع) من بعد رسول الله (ص) ، وما ينسب إليهم يمكن تقسيمه إلى الأقسام التالية:
اولا:
ما هو معلوم لديهم بالضرورة بكونه من المذهب ،كالقول بإمامة أمير المؤمنين (ع) بلا فصل بعد رسول الله (ص) .
الثاني : ما كان محل بحث واجتهاد ، ولم تتفق فيه كلمتهم على قول واحد كما هو الحال بالنسبة لكثير من الأقوال عند سائر المذاهب الإسلامية ، فإنّ الخلاف بين المذاهب الأربعة وغيرها من أهل السنة لا يقل عن الخلاف بينهم وبين الشيعة في مسائل العقيدة والفقه وغيرهما ، وهذا الصنف من المسائل لاشك في صحة نسبته لقائله ، ولكن قول أحد من الفقهاء فيه ليس بالضرورة يمثل الصحيح من المذهب ، ففرق بين أنْ يُقال أنه مذهب الشيعة الإمامية ، وبين أنْ يُقال أنه قول بعض الشيعة الإمامية ، كما أنّ المسائل التي هي محل اجتهاد عند السنة كذلك ، الصحيح أنْ تنسب لقائلها ، وأما نسبتها إلى جميع
السنة أو الصحيح من مذهبهم فقد يكون غير موافق للأمانة العلمية .اولا:
ما هو معلوم لديهم بالضرورة بكونه من المذهب ،كالقول بإمامة أمير المؤمنين (ع) بلا فصل بعد رسول الله (ص) .
الثاني : ما كان محل بحث واجتهاد ، ولم تتفق فيه كلمتهم على قول واحد كما هو الحال بالنسبة لكثير من الأقوال عند سائر المذاهب الإسلامية ، فإنّ الخلاف بين المذاهب الأربعة وغيرها من أهل السنة لا يقل عن الخلاف بينهم وبين الشيعة في مسائل العقيدة والفقه وغيرهما ، وهذا الصنف من المسائل لاشك في صحة نسبته لقائله ، ولكن قول أحد من الفقهاء فيه ليس بالضرورة يمثل الصحيح من المذهب ، ففرق بين أنْ يُقال أنه مذهب الشيعة الإمامية ، وبين أنْ يُقال أنه قول بعض الشيعة الإمامية ، كما أنّ المسائل التي هي محل اجتهاد عند السنة كذلك ، الصحيح أنْ تنسب لقائلها ، وأما نسبتها إلى جميع
الثالث : ما كان قول عامة الشيعة بخلافه ، وكان من الأقوال الشاذة التي يكفي إعراض الفقهاء على ممر التاريخ عنه دليلاً على عدم كونه من المذهب وإنما ينسب إلى قائله كقول شاذ اختص به ذلك القائل ، وأنه لا علاقة له بمذهب الإمامية ، وهو مقتضى الدقة العلمية ، وتكثر الأقوال الشاذة في بعض الحالات لا يستلزم كونه من الأقوال المسلمة ولا ينافي شذوذها ، إذ أنَّ هذا التعدد والتكثر لا يخلو في الحال من أحد أمرين :
أحدهما : أنْ يكون هذا التعدد والكثرة وقع في زمان واحد وفي أوقات متقاربة ، فحينئذ لا يمكن مع كثرة الأقوال دعوى الشذوذ كما هو واضح .
ثانيهما : أنْ تكون الكثرة نتيجة قول جماعة متفرقة في قرون طويلـة بـه ، كأنْ يكون قولاً شاذاً قال به عدة متفرقون في أكثر من عشرة قرون ، فمثل هذا التعدد من الواضح أنه لا يتنافى مع كون القول من الأقوال الشاذة والنادرة فوجود عشرين أو ثلاثين خلال ألف سنة في الآف الفقهاء والمحققين عدد نادر لا يُعتد به ، كما في قول جماعة منهم الشيخ الصدوق (قدس سره) بجواز صدور السهو من النبي (ص) في الصلاة ، فإنه وإنْ قال به بعض فقهاء الإمامية ، لكنه قول شاذ نادر أعرض عنه الفقهاء ولم يقبلوه ، ونفس
إعراض الفقهاء وتسالمهم على رفضه هو في حد ذاته دليل على عدم كون ذلك القول من المذهب ، وإنما غاية ما في الأمر أنه قول شاذ قال به بعض الفقهاء ، ولا يصح إلزامهم به ، ولا فرق في صحة نسبة هذه الأقوال بين أن ينسب ذلك إلى الشيعة أو السنة .
الرابع : ما قال به بعض المنتسبين إلى الشيعة الإمامية ، ولكن حكم عامة الفقهاء منهم بكونهم من الغلاة أو المقصرين ، فإنّ فقهاء الشيعة بالنسبة لما يرتبط بالإفراط والتفريط اتخذوا مواقف شديدة من ثلاثة فئات :
الأولى : النواصب ، ويقصدون بهم الذين ينصبون العداء لأهل بيت النبوة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
الثانية : الغـلاة ، ويقصـدون بهم الذين قالـوا في أئمة الهـدى من أهل البيت (ع) ما فيه مبالغة من استلزام التأليه والكفر والعياذ بالله تعالى أو غير ذلك من المبالغات كالقول بالتفويض .
الثالثة : المقصرون : وهم الذين نفوا بعض فضائل المعصومين (ع) وقالوا فيهم دون حقهم وأدنى ومراتبهم التي فضلهم الله عز وجل بها .
ولم يتخذوا موقف المواجهة للغلاة فقط ، بل حكم بكفر بعض الغلاة ونجاستهم .
ولو تتبعنا كتب الشيعة الإمامية قديما وحديثاً فسنجد لها حديثاً واسعاً جداً في التنبيه على الغلو والتحذير منه ، وفي ذكر الغلاة ومقولاتهم ، ففي تراجم الرواة والفقهاء وغيرهم نبهوا على عدة أشخاص وصفوهم بأنهم من الغلاة ، وبل حذروا الناس منهم وضعفوا أحاديثهم ، ولذكر بعض الشواهد على ذلك :
1- ذكر الشيخ النجاشي (قدس سره) في ترجمة سهل بن زياد الآدمي الرازي ، والذي يعتبر من الرواة المشهورين المكثرين لنقل الحديث أنّ أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي الذي كان كما يذكر شيخ الطائفة الطوسي (قدس سره) وجه الشيعة بقم وفقيهها غير مدافع ، وكان من أصحاب الأئمة الطاهرين وقد لقي الإمام الرضا (ع) كان يشهد عليه بالغلو والكذب ، وبسبب غلوه وكذبه أخرجه من قم إلى الري ، وهو ما أدى إلى أنْ يحكم بضعفه في الحديث عدة من فقهائنا منهم الشيخ الصدوق وشيخه ابن الوليد ، ومنهم الشيخ النجاشي الذي قال فيه : كان ضعيفاً في الحديث غير معتمد عليه فيه ، ومنهم شيخ الطائفة الطوسي (قدس سره) الذي قال فيه : وهو ضعيف جداً عند نقاد الأخبار .
وكلمات الفقهاء والمحدثين من الشيعة الإمامية نظير ما تقدم بشأن سهل بن زاد كثيرة جداً ، لا تخفى على من راجع الكتب المدونة في أحوال الرواة .1- ذكر الشيخ النجاشي (قدس سره) في ترجمة سهل بن زياد الآدمي الرازي ، والذي يعتبر من الرواة المشهورين المكثرين لنقل الحديث أنّ أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي الذي كان كما يذكر شيخ الطائفة الطوسي (قدس سره) وجه الشيعة بقم وفقيهها غير مدافع ، وكان من أصحاب الأئمة الطاهرين وقد لقي الإمام الرضا (ع) كان يشهد عليه بالغلو والكذب ، وبسبب غلوه وكذبه أخرجه من قم إلى الري ، وهو ما أدى إلى أنْ يحكم بضعفه في الحديث عدة من فقهائنا منهم الشيخ الصدوق وشيخه ابن الوليد ، ومنهم الشيخ النجاشي الذي قال فيه : كان ضعيفاً في الحديث غير معتمد عليه فيه ، ومنهم شيخ الطائفة الطوسي (قدس سره) الذي قال فيه : وهو ضعيف جداً عند نقاد الأخبار .
2- لا يختلف فقهاء الإمامية في أنّ الغلو المستلزم لإنكار الربوبية أو التوحيد أو النبوة أو المستلزم للقول بنبوة أحد بعد رسول الله (ص) يستوجب الكفر والنجاسة ، وأما إذا لم يستلزم ذلك ، فهو وإنْ لم يقتضي الحكم عليهم بالكفر لكن مع ذلك يحكم بكونهم من المذاهب الفاسدة ومن المنحرفين ، يقول الإمام الخميني (قدس سره) : وأما الغلاة ، فإنْ قالوا بإلهية أحد الأئمة عليهم السلام مع نفي إله آخر أو إثباته أو قالوا بنبوته فلا إشكال في كفرهم ، وأما مع الاعتقاد بألوهيته تعالى ووحدانيته ، ونبوة النبي صلى الله عليه وآله ، فلا يوجب شيء من عقائدهم الفاسدة كفرهم ونجاستهم .
وصرّح بهذا المعنى
عدد كبير من الفقهاء أيضاً منهم السيد المحقق الخوئي والسيد الشهيد الصدر (قدس سره) .
وبل وصرح الفقهاء ومنهم المحقق الحلي والعلامة الحلي والشهيدان الأول والثاني وغيرهم بأنّ سائر الفرق الإسلامية تتوارث ولكن الخوارج والنواصب والغلاة لا يرثون المسلمين ، ومـن العبارات الواردة بهذا الشأن :
أ- قـول العـلامة الحلي (قدس سره) : فالإمامي يرث السني وبالعكس ، وأما الغلاة
فلا يرثون مسلماً .
ب – قول السيد محمد بحر العلوم (قدس سره) في بلغة الفقيه : كما أنّ المسلمين يتوارثون على اختلاف مذاهبهم لاتحادهم في الملة ، إلا الغلاة والنواصب وشبههم فإنهم كفار وإنْ انتحلوا دين الإسلام .
3- اهتم فقهاء الشيعة الإمامية بالتنبيه على المقالات والآراء المتداولة في المصنفات أو بين النـاس ، ونكتفي بذكـر شاهـد على ذلك من شواهد في غاية الكثرة ، يقول الشيخ المفيد (قدس سره) في المسائل السروية : ... إنّ الأخبار بذكر الأشباح تختلف ألفاظها
وتتباين معانيها ، وقد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة ، وصنفوا فيها كتباً لغو فيها وهذوا فيما أثبتوه من معانيها ، وأضافوا ما حوته الكتب إلى جماعة من شيوخ أهل الحق ، وتخرصوا بإضافتها إليهم ، من جملتها كتاب سموه > الأشباح والأضلة < ، ونسبوا تأليفه إلى محمد بن سنان ، ولسنا نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه ، فإن كان صحيحاً فإن ابن سنان قد طُعن عليه ، وهو متهم بالغلو ، فإنْ صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه فهو ضال بضلاله عن الحق ، وإنْ كذبوا فقد تحملوا أوزار ذلك .
هذه بعض الشواهد على موقف علماء الشيعة من الغلو ، كما أنهم تكلموا في ذم النصب ونجاسة النواصب وكفرهم أو كونهم بحكم الكفار ، ويقصدون بالنواصب من نصب العداء لأهل بيت النبوة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وليس مطلق من خالفهم في المذهب والاعتقاد كما افترى بذلك عليهم الكثير من الكذابين ، وتكلمـوا أيضاً في ذم التقصير ومذاهب المقصرين .
وبعد هذا يتضح أنـه لا يصح نسبـة كـل قـول إلى الشيعة الإمامية ، بلا ضابطة بل لابد من التمييز بين مذهب الحق وأقوال الغلاة وأقوال المقصرين ، فإذا نسب قول الغلاة إلى الغلاة المنتسبين للإمامية فإنّ هذهالنسبة تكون نسبة دقيقة تتناسب مع الأمانة العلمية ، وأما نسبة ما يقوله بعض الغلاة إلى جميع الشيعة على العموم والإطلاق ، فإنْ ذلك لا يكون سوى كذب وافتراء إذا كان المتهم ملتفتاً لذلك ، وإلا فهو محض اشتباه وجهل ممن قام بنسبة القول إليهم ومثل هذا في الكتب والمصنفات وكلمات الخصوم ، بل الجهلة من غير الخصوم ليس بعزيز .......
منقول