الأمير أبو فراس الحمداني
أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى * ولا فــــرسي مهــــر ولا ربــــه غــمر
ولــــكن إذا حـــم القضاء على امرئ * فليــــس لــــه بــــر يقــــيه ولا بــــحـر
وقــــال اُصيحـابي : الفرار أو الردى * فقــــلت : هــــما أمران أحلاهما المر
ولكنــــني أمــــضي لمــــا لا يعـــيبني * وحــــسبك مــن أمرين خيرهما الأسر
يقــــولون لي : بعت السلامة بالردى * فــــقلت لهــــم : والله مـــا نالني خسر
هــــو الموت فاخــتر ما علا لك ذكره * ولــــم يمــــت الانســـان ما حيه الذكر
ولا خــــير فــــي رد الــــردى بمـــذلة * كــــما رده يــــوما بســــوأته عــــمرو
ولــــكن إذا حـــم القضاء على امرئ * فليــــس لــــه بــــر يقــــيه ولا بــــحـر
وقــــال اُصيحـابي : الفرار أو الردى * فقــــلت : هــــما أمران أحلاهما المر
ولكنــــني أمــــضي لمــــا لا يعـــيبني * وحــــسبك مــن أمرين خيرهما الأسر
يقــــولون لي : بعت السلامة بالردى * فــــقلت لهــــم : والله مـــا نالني خسر
هــــو الموت فاخــتر ما علا لك ذكره * ولــــم يمــــت الانســـان ما حيه الذكر
ولا خــــير فــــي رد الــــردى بمـــذلة * كــــما رده يــــوما بســــوأته عــــمرو
من من الناس لم يعرف قصة عمرو وفضيحة القرن الأول ولربما هي أول قصة تحدث من نوعها في الحروب ولعل هوليوود لم تنتج مثل هذا النوع لأن الصدفة التي طرت على ذهن عمرو أفضل وأروع بكثير من التمثيل
وصدق وا من قالوا رب ضارة نافعة
أنقذته عورته من موت محتم فكانت لها الفضل في بقائه مدة عشر سنيبن تقريباً شامل الفحص وقطع الغياربعد يريد أفضل من هالنعمة
من هو عمرو ؟؟؟الإمام الحسن المجتى يجيب
قال الإمام السبط الحسن الزكي سلام الله عليه بمحضر من معاوية وجمع آخر : أما أنت يا بن العاص فإن أمرك مشترك، وضعتك أمك مجهولا من عهر وسفاح، فتحاكم فيك أربعة من قريش فغلب عليك جزارها، ألأمهم حسبا، وأخبثهم منصبا، ثم قام أبوك فقال : أنا شانئي محمد الأبتر فأنزل الله فيه ما أنزل
رواه ابن أبي الحديد في شرحه 2 ص 101 نقلا عن كتاب المفاخرات للزبير بن بكار، وذكره سبط ابن الجوزي في التذكرة ص 114 .
وعده الكلبي أبو المنذر هشام المتوفى 206 / 4 في كتابه " مثالب العرب " الموجود عندنا - ممن يدين بسفاح الجاهلية، وقال في باب تسمية ذوات الرايات : وأما النابغة أم عمرو بن العاص : فإنها كانت بغيا من طوايف مكة فقدمت مكة ومعها بنات لها، فوقع عليها العاص بن وائل في الجاهلية في عدة من قريش منهم : أبو لهب، وأمية بن خلف، وهشام بن المغيرة، وأبو سفيان بن حرب، في طهر واحد فولدت عمرا
حديث شجاعته:
لم نعهد لابن النابغة موقفا مشهودا في المغازي والحروب سواء في ذلك : العهد الجاهلي، ودور النبوة، وأما وقعة صفين فلم يؤثر عنه سوى مخزات سوئته مع أمير المؤمنين، وفراره من الأشتر، وقد بقي عليه عار الأولى مدى الحقب والأعوام، وجرى بها المثل وغنى بها أهل الحجاز وجاء في شعر عتبة بن أبي سفيان :
سوى عمرو وقته خصيتاه * نجى ولقـــلبه منـــه وجيب
وفي شعر معاوية بن أبي سفيان يذكر عمرا وموقفه كما يأتي :
فــقد لاقى أبا حسن عليا * فآب الوائلي مآب خازي
فلو لم يبد عورته للاقى * بــه ليثا يذلل كـــل غازي
أمير المؤمنين وعمرو في معترك القتال بصفين:
كان عمرو بن العاص عدو للحرث بن نضر الخثعمي، وكان من أصحاب علي عليه السلام، وكان علي قد تهيبته فرسان الشام وملأ قلوبهم بشجاعته وامتنع كل منهم من الإقدام عليه وكان عمرو ما جلس مجلسا إلا ذكر فيه الحرث بن نضر الخثعمي وعابه فقال الحرث :
ليس عمرو بتارك ذكـره الحرث * مدى الدهــــر أو يلاقي عــــليــا
واضع السيف فـــوق منكبه الاي * ـمن لا يحــــسب الفـوارس شياليت عمرا يلقاه في حومة النقع * وقــــد أمست السيوف عــــصيا
حيث يدعو البراز حامية القــوم * إذا كــــان بــــالبــــراز مـــليــــا
فوق شهب مثل السحوق مــــن * النخل ينــــادي المبــارزين: إليّا
ثم يا عمرو تستريـح من الفخر * وتلقى بــــه فتــــى هــــاشمــــيا
فالقه إن أردت مكرمــــة الدهر * أو المــــوت كــــل ذاك عــــلــيا
فشاعت هذه الأبيات حتى بلغت عمرا فأقسم بالله ليلقين عليا ولو مات ألف موتة . فلما اختلطت الصفوف لقيه فحمل عليه برمحه فتقدم علي وهو مخترط سيفا، معتقل رمحا، فلما رهقه همز فرسه ليعلو عليه، فألقى عمرو نفسه عن فرسه إلى الأرض شاغرا برجليه، كاشفا عورته، فانصرف عنه علي لاقتا وجهه، مستدبرا له، فعد الناس ذلك من مكارم علي وسؤدده، وضرب بها المثل .
كتاب صفين لابن مزاحم ص 224، شرح ابن أبي الحديد 2 ص 110 .
وقال ابن قتيبة في - الإمامة السياسة - 1 ص 91 : ذكروا أن عمرا قال لمعاوية : أتجبن عن علي وتتهمني في نصيحتي إليك ؟ ؟ ! ! والله لأبارزن عليا و لو مت ألف موتة في أول لقائه، فبارزه عمرو فطعنه علي فصرعه، فاتقاه بعورته فانصرف عنه علي وولى بوجهه دونه، وكان علي رضي الله عنه لم ينظر قط إلى عورة أحد حياء
وفي رواية سبط ابن الجوزي : ثم التفت الوليد إلى عمرو بن العاص وقال : إن لم تصدقوني وإلا فسلوا .
أراد تبكيت عمرو، قال هشام بن محمد : ومعنى هذا الكلام : إن عليا خرج يوما من أيام صفين فرأى عمرو بن العاص في جانب العسكر ولم يعرفه فطعنه، فوقع، فبدت عورته، فاستقبل عليا فأعرض عنه ثم عرفه فقال : يا بن النابغة ؟ أنت طليق دبرك أيام عمرك، وكان قد تكرر منه هذا الفعل .
وفي لفظ ابن قتيبة في " عيون الأخبار " 1 ص 169 : رأى عمرو بن العاص معاوية يوما يضحك فقال له : مم تضحك يا أمير المؤمنين ؟ أضحك الله سنك .
قال : أضحك من حضور ذهنك عند إبدائك سوأتك يوم ابن أبي طالب، أما والله لقد وافقته منانا كريما ولو شاء أن يقتلك لقتلك .
قال عمرو : يا أمير المؤمنين ؟ أما والله إني لعن يمينك حين دعاك إلى البراز فأحولت عيناك، وربا سحرك وبدا منك ما أكره ذكره ذلك،
وفي لفظ البيهقي في [ المحاسن والمساوي ] 1 ص 38 : دخل عمرو بن العاص على معاوية وعنده ناس فلما رآه مقبلا استضحك فقال : يا أمير المؤمنين ؟ أضحك الله سنك وأدام سرورك وأقر عينك ما كل ما أرى يوجب الضحك .
فقال معاوية ؟ خطر ببالي يوم صفين يوم بارزت أهل العراق فحمل عليك علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلما غشيك طرحت نفسك عن دابتك وأبديت عورتك، كيف حضرك ذهنك في تلك الحال ؟ أما والله لقد واقفت هاشميا منافيا ولو شاء أن يقتلك لقتلك .
فقال عمرو : يا معاوية إن كان أضحكك شأني فمن نفسك فاضحك، أما والله لو بدا له من صفحتك مثل الذي بدا له من صفحتي لأوجع قذلك، وأيتم عيالك، وأنهب مالك، وعزل سلطانك، غير أنك تحرزت منه بالرجال في أيديها العوالي، أما إني قد رأيتك يوم دعاك إلى البراز فاحولت عيناك، وأربد شدقاك، وتنشر منخراك، وعرق جبينك، وبدا من أسفلك ما أكره ذكره .
ينبأنا التاريخ أن عمرو ليس بأول رجل كشف عن سوءته من بأس أمير المؤمنين وإنما قلد طلحة بن أبي طلحة فإنه لما حمل عليه أمير المؤمنين يوم أحد ورأى أنه مقتول لا محالة، فاستقبله بعورته وكشف عنها .
م - راجع تاريخ ابن كثير 4 ص 20 و ] ذكره الحلبي في سيرته 2 ص 247 ثم قال : وقع لسيدنا علي كرم الله وجهه مثل ذلك في يوم صفين مرتين : الأولى : حمل على بسر بن أرطاة .
والثانية : حمل على عمرو بن العاص فلما رأى أنه مقتول كشف عن عورته، فانصرف عنه علي كرم الله وجهه .
منقول من كتاب الغدير لسماحة العلامة الأميني قدس الله روحه الطاهرة