يُنقل عن أمير المؤمنين علي عليه السلام انه وصَّى عبد الله بن عباس لما بعثه للاحتجاج علي الخوارج : " لا تخاصمهم بالقرآن فان القرآن حمال أوجه ، ذو وجوه ، تقول ويقولون ، ولكن حاججهم بالسنة ، فإنهم لن يجدوا عنها محيصا " نهج البلاغة 1/4 ص 405 - دار الكتب العلمية –بيروت – لبنان الطبعة الخامسة عام 2003
بداية قبل الخوض في لُجي هذا المبحث نُذكر أن الأئمة عليهم السلام أنفسهم أوصونا بأن نعرض ما يُنسب لهم من كلام على كتاب الله ,فهو المحفوظ كما توعد الله,وهو الأصل الأصيل ,والمرجع الذي لا يأتيه الباطل بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد,فإن خالف كتاب الله نضرب به عرض الحائط0قال (ص) (ستكون عني رواة يروون الحديث ,فاعرضوه على القرآن,فإن وافق القرآن فخذوه وإلا فدعوه)
الآن نناقش هذه المقولة بعد هذه التوطئة0
أولا :هذا المقول يخالف كتاب الله ,إذا كان الله تعالى نفسه يطالبنا بالرجوع إلى كتاب الله حال التنازع والتخاصم (فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ والرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) فكيف يكون المأمور به في حال النزاع يكون محل نزاع ولا يرفع نزاعا؟!
هذا يلزم الدور,وهذا محال !
ثانيًا: الله تعالى نفسه يصف كتابه بأنه مبين وتبيان وبينات وأُحكمت آياته ونور والفصل وهدى وفرقان وبرهان وبصائر وشفاء ورحمة وفصلت آياته محكما لا عوج فيه 0
بل هذه المقولة تؤكد كلام المشركين بأنه قرآن أعجمي
(مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ)
ثالثًا: إذا كان القرآن حمَّال أوجه , فهل السنة ليست حمَّالة أوجه أحيانا, حتى يطالبه الإمام بالاحتجاج بها؟
رابعا: إذا كان القرآن حمَّال أوجه , معنى ذلك أنه فضفاض يحمل الشيء ونقيضه فهو مطَّاطة أو كما شبهه حسن حنفي بـ (سوبر ماركت) (يشبه الماسة تشعّ ألواناً حسب موقعك من الضوء، أو حسب المكان الذي تقف فيه) أي زئبقي المعنى والمدلول , فكيف يكون كتاب يحمل كل هذه العموميات وهذه القراءات يكون حجة بالغة على العباد وشهيد عليهم ويهدي للتي هي أقوم0فقبح العقاب بلا بيان0
خامسا:هذه المقولة تخالف كلام أمير المؤمنين نفسه كما في نهج البلاغة (فالقرآن آمر زاجر ,وصامت ناطق,حجة الله على خلقه) "البحار-92/20-ونهج البلاغة ص260"
سادسا: راجعتُ أنا الموسوعات الحديثية الأربعة القديمة المعتبرة (الكافي والاستبصار والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه) , فلم أجد أثرا لهذا الحديث قط,إنما وجدت في كتب قلة قليلة من المتأخرين كالبحار , وفي نهج البلاغة , وكما هو معلوم أن نهج البلاغة ليس كتابا معتبرا حديثيا من حيث الصحة عند العلماء0
سابعا:نعم القرآن يحاكي أفهاما متفاوتة من رجل الصحراء إلى رجل الفضاء بل جاء للجن والملائكة, و بعضه جاء ذو وجوه وهو قسم المتشابه منه , كما قال الحكيم (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ)
فهناك آيات تحمل أكثر من احتمال كــ (القرء) وكـ (أنى شئتم) الخ0
ولكن ما تشابه منه هو القليل ,أما المحكم (هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) ,أي :الكثرة الكاثرة0 والمتشابه لا يعني عدم الفائدة منه,إنما تعطي تفصيلات تُرد إلى المحكم0
ثامنا: صحيح (إن القرآن صحائف مكتوبة محصورة بين دفتين لا تنطق وإنما يقرأها الرجال) كما يُنسب إلى الإمام ,و إن القران أُستُغل استغلالا مغرضا رغبويا,ويُفسر تفسيرا بالهوى , ولكن هذا لا يعني عدم طلب الاحتكام به وإليه0
تاسعا: لو ثبت لي صحة ورود هذه المقولة من الإمام عليه السلام , فهي لا تعني سوى أن السنة هي الفيصل في تحديد المعنى الصحيح لكتاب الله (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) أي من جهة إنها مفسرة ومبينة لأن فيه المطلق والمقيد والعام والخاص والمجمل والمفصل والظاهر والباطن والناسخ والمنسوخ ,فبعض القرآن صامت لا ينطق ,فالسنة ترجمان القرآن 0
عاشرا:أو أنه عليه السلام قالها ليست على نحو الإطلاق والعام إنما خاصة فقط بالخوارج ,لأنه رأى منهم التأويل ألحشوي الظاهري ألقشوري كقولهم (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) على إنه لا يُحّكم رجالا0
أقول هذا لأني أرى أن كمًا من الذين لا يرجون لله وقارا يسوقون هذه المقولة
بطرق حيلية للتنصل من القرآن العزيز ومن تطبيقاته تحت تلك الذرعنة !!
قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ
نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ
بداية قبل الخوض في لُجي هذا المبحث نُذكر أن الأئمة عليهم السلام أنفسهم أوصونا بأن نعرض ما يُنسب لهم من كلام على كتاب الله ,فهو المحفوظ كما توعد الله,وهو الأصل الأصيل ,والمرجع الذي لا يأتيه الباطل بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد,فإن خالف كتاب الله نضرب به عرض الحائط0قال (ص) (ستكون عني رواة يروون الحديث ,فاعرضوه على القرآن,فإن وافق القرآن فخذوه وإلا فدعوه)
الآن نناقش هذه المقولة بعد هذه التوطئة0
أولا :هذا المقول يخالف كتاب الله ,إذا كان الله تعالى نفسه يطالبنا بالرجوع إلى كتاب الله حال التنازع والتخاصم (فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ والرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) فكيف يكون المأمور به في حال النزاع يكون محل نزاع ولا يرفع نزاعا؟!
هذا يلزم الدور,وهذا محال !
ثانيًا: الله تعالى نفسه يصف كتابه بأنه مبين وتبيان وبينات وأُحكمت آياته ونور والفصل وهدى وفرقان وبرهان وبصائر وشفاء ورحمة وفصلت آياته محكما لا عوج فيه 0
بل هذه المقولة تؤكد كلام المشركين بأنه قرآن أعجمي
(مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ)
ثالثًا: إذا كان القرآن حمَّال أوجه , فهل السنة ليست حمَّالة أوجه أحيانا, حتى يطالبه الإمام بالاحتجاج بها؟
رابعا: إذا كان القرآن حمَّال أوجه , معنى ذلك أنه فضفاض يحمل الشيء ونقيضه فهو مطَّاطة أو كما شبهه حسن حنفي بـ (سوبر ماركت) (يشبه الماسة تشعّ ألواناً حسب موقعك من الضوء، أو حسب المكان الذي تقف فيه) أي زئبقي المعنى والمدلول , فكيف يكون كتاب يحمل كل هذه العموميات وهذه القراءات يكون حجة بالغة على العباد وشهيد عليهم ويهدي للتي هي أقوم0فقبح العقاب بلا بيان0
خامسا:هذه المقولة تخالف كلام أمير المؤمنين نفسه كما في نهج البلاغة (فالقرآن آمر زاجر ,وصامت ناطق,حجة الله على خلقه) "البحار-92/20-ونهج البلاغة ص260"
سادسا: راجعتُ أنا الموسوعات الحديثية الأربعة القديمة المعتبرة (الكافي والاستبصار والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه) , فلم أجد أثرا لهذا الحديث قط,إنما وجدت في كتب قلة قليلة من المتأخرين كالبحار , وفي نهج البلاغة , وكما هو معلوم أن نهج البلاغة ليس كتابا معتبرا حديثيا من حيث الصحة عند العلماء0
سابعا:نعم القرآن يحاكي أفهاما متفاوتة من رجل الصحراء إلى رجل الفضاء بل جاء للجن والملائكة, و بعضه جاء ذو وجوه وهو قسم المتشابه منه , كما قال الحكيم (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ)
فهناك آيات تحمل أكثر من احتمال كــ (القرء) وكـ (أنى شئتم) الخ0
ولكن ما تشابه منه هو القليل ,أما المحكم (هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) ,أي :الكثرة الكاثرة0 والمتشابه لا يعني عدم الفائدة منه,إنما تعطي تفصيلات تُرد إلى المحكم0
ثامنا: صحيح (إن القرآن صحائف مكتوبة محصورة بين دفتين لا تنطق وإنما يقرأها الرجال) كما يُنسب إلى الإمام ,و إن القران أُستُغل استغلالا مغرضا رغبويا,ويُفسر تفسيرا بالهوى , ولكن هذا لا يعني عدم طلب الاحتكام به وإليه0
تاسعا: لو ثبت لي صحة ورود هذه المقولة من الإمام عليه السلام , فهي لا تعني سوى أن السنة هي الفيصل في تحديد المعنى الصحيح لكتاب الله (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) أي من جهة إنها مفسرة ومبينة لأن فيه المطلق والمقيد والعام والخاص والمجمل والمفصل والظاهر والباطن والناسخ والمنسوخ ,فبعض القرآن صامت لا ينطق ,فالسنة ترجمان القرآن 0
عاشرا:أو أنه عليه السلام قالها ليست على نحو الإطلاق والعام إنما خاصة فقط بالخوارج ,لأنه رأى منهم التأويل ألحشوي الظاهري ألقشوري كقولهم (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) على إنه لا يُحّكم رجالا0
أقول هذا لأني أرى أن كمًا من الذين لا يرجون لله وقارا يسوقون هذه المقولة
بطرق حيلية للتنصل من القرآن العزيز ومن تطبيقاته تحت تلك الذرعنة !!
قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ
نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ
تعليق