بسم الله الرحمن الرحيم
من هو القائم
يقوم هذا البحث على فرضية مؤداها إن القائم هو أحمد ابن الإمام المهدي المذكور في وصية رسول الله (ص) ، والذي سنعرف في بحث لاحق – إن شاء الله – بأنه هو نفسه اليماني الموعود . ولأجل إقامة البرهان على مطلوبه سيعتمد البحث بالدرجة الأولى على الدليل الروائي ، مع الإكتفاء بالإشارة الى الأدلة الأخرى برجاء توفر فرصة مناسبة لاستيفاء القول بشأنها . ولعل أول ما يحسن البدء به هو عرض وصية رسول الله (ص) المشار إليها ، لغرض تعريف القارئ بشخصية أحمد ، وإليكم هذه الوصية ملخصة :-
عن أبي عبد الله (ع)عن آبائه عن أمير المؤمنين (ع) قال : (( قال رسول الله (ص) في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (ع) يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة فأملى رسول الله (ص) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال يا علي إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماما ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً فأنت يا علي أول الإثني عشر إماماً ... وساق الحديث إلى أن قال : وليسلمها الحسن (ع)إلى ابنه م ح م د المستحفظ من آل محمد (ص) فذلك إثنا عشر إماماً ، ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المهديين له ثلاثة أسامي اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله و أحمد ، والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين )) [ بحار الأنوار ج 53 ص 147 و الغيبة للطوسي ص150] .
يتضح من هذا النص لوصية رسول الله (ص) الذي تجدونه مفصلاً في غيبة الطوسي أن الإمامة تؤول بعد الإمام المهدي الى ولده أحمد أول المهديين الإثني عشر ، وأول المؤمنين ؛ أي الأصحاب ال (313) ، ولأجل معرفة المزيد عن شخصية أجمد يمكنكم مراجعة إصدارات أنصار الإمام المهدي (ع) على موقع الإنترنيت الخاص بهم .
قبل الإنتقال الى الروايات التي تنص على أن القائم هو أحمد ، أود التعرض الى بعض الشبهات التي أثيرت بخصوص مضمون وصية رسول الله (ص) ؛ وأول هذه الشبهات ما ذهب إليه البعض من القول بأن الوصية تنص على أن الإمامة تذهب الى أحمد بعد وفاة أبيه لا قبل ذلك الأمر الذي يمثل قرينة بزعمهم على أن وجود أحمد يتأخر زمنياً على عصر الظهور . وفي الجواب أقول إن تسلم أحمد زمام الإمامة بعد أبيه لا يصلح قرينة على مدعاكم ، بل إن استقراء التأريخ يثبت حقيقة كون الوصي كان دائماً موجوداً في حياة أبيه ، أو الإمام السابق له ، ثم إن قوله ( وهو أول المؤمنين ) واضح في أن أجمد هو أول الأصحاب ال (313) .
- الروايات التي تنص على أن القائم هو أحمد :-
روى الشيخ الصدوق في كمال الدين عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي (ع) عن أبيه، عن جده ، في حديث له عن القائم ، قال : ((... له اسمان؛ اسم يخفى، واسم يعلن؛ فأما الذي يخفى فأحمد، وأما الذي يعلن فمحمد)) (كمال الدين وتمام النعمة / ج2: الشيخ الصدوق 653).
وعن حذيفة، قال

وقال رسول الله (ص) ، في حديث طويل ... إلى أن قال (ص) : (( الحقوا به بمكة فإنه المهدي وأسمه أحمد )) ( الملاحم والفتن ص68 ) .
- روايات أخرى تبين شخص القائم : -
عن محمد بن الحنفية، قال: قال أمير المؤمنين (ع)

وعن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال علي (ع)

أقول : الخامس من ولد السابع من ولد أمير المؤمنين هو أحمد الذي تذكره وصية رسول الله (ص) آنفة الذكر . أما غيبته فقد أوضحها الحديث بأنها الصمت ، وورد عن الكافي، قال إن الإمام الكاظم (ع) قال لأولاده وأرحامه : ((إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لايزيلنكم عنها أحد. يا بني إنه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به!؟ إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه، لو علم أباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتبعوه. قال، فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه)) (الكافي / ج1: 336).
أتساءل : أي شئ تصغر عنه عقول أبناء الكاظم وأرحامه وتضيق عنه أحلامهم ؛ هل هو معرفة اسم الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) الذي يعرفه القاصي والداني ؟
عن الأصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين (ع) فوجدته متفكراً ينكت في الأرض، فقلت: ما لي أراك متفكراً تنكت في الأرض، أرغبة منك فيها؟ فقال

المولود من ظهر الحادي عشر من ولد أمير المؤمنين هو أحمد ، نعم ورد الحديث في بعض نسخ الكافي بعبارة من ظهري والمظنون أن زيادة الياء على كلمة ظهر من عمل النساخ الذين لم يستطيعوا فهم الحديث ، ولكن هؤلاء نسوا أن غيبة الإمام المهدي أكثر من ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين ، وإنه (ع) له غيبتان لا غيبة واحدة ، وأن غيبته ليست حيرة أو صمت كما نصت الرواية المتقدمة .
وعن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: دخلت على فاطمة (ع) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها، فعددت أثني عشر آخرهم القائم (ع)؛ ثلاثة منهم محمد، وثلاثة منهم علي)) (من لايحضره الفقيه / ج 4: 180. وسائل الشيعة / ج 11: 490).
وعن أبي جعفر (ع)، قال : ((قال رسول الله (ص): إني وإثني عشر من ولدي و أنت يا علي زر الأرض، يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد الأرض ان تسيخ بأهلها فإذا ذهب الإثنا عشر من ولدي ساخت بأهلها ولم ينظروا)) (الكافي / ج1: 534) .
أقول إن القائم في رواية جابر هو أحمد بن الإمام المهدي (ع) بعد استثناء اسم علي (ع) إذ إن المعدودين هم ولده (ع) وولد فاطمة (ع) ، ومثله يقال في الرواية الثانية التي استثنت علياً (ع) بقوله (ص) : ( وأنت يا علي ) .
وعن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول

أقول معلوم أن الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) لاتطاله أيدي الأعداء ، فالمقصود من صاحب الأمر غيره . هذا وقد ورد عن يزبد الكناسي عن أبي جعفر الباقر (ع)

و عن الإمام الرضا (ع)، قال

قال رسول الله (ص) : (( من ولدي إثنا عشر نقيباً نجباء مفهمون محدثون آخرهم القائم بالحق ليملأها عدلاً كما ملئت جوراً )) [ غيبة الطوسي ص102 / أصول الكافي ج1 ص608] وقال رسول الله (ص) : (( ياعلي إني مزوجك فاطمة ابنتي سيدة نساء العالمين وأحبهن إليّ بعدك وكائن منكما سيدا شباب أهل الجنة والشهداء المضرجون المقهورون في الأرض من بعدي والنجباء الزهر الذين يطفئ الله بهم الظلم ويحيي بهم الحق ويميت بهم الباطل عدتهم عدة أشهر السنة آخرهم يصلي عيسى بن مريم خلفه )) [ غيبة النعماني ص58 ] .
وقال رسول الله (ص) : (( أنا وإثني عشر من ولدي وأنت ياعلي زر الأرض أوتادها وجبالها بنا أوتد الله الأرض أن تسيخ بأهلها فإذا ذهب الإثنا عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم ينظروا )) . [غيبة الطوسي ص102/أصول الكافي ج1ص609] .
وعن أنس بن مالك قال : (( سئلت رسول الله (ص) عن حواري عيسى (ع) فقال (ص) : كانوا من صفوته وخيرته وكانوا إثني عشر ... وساق الحديث إلى إن قال (ص) : الأئمة بعدي إثنا عشر من صلب علي (ع) وفاطمة (ع) وهم حواري وأنصاري عليهم من الله التحية والسلام )) . [ كفاية الأثر عما جاء أنس بن مالك / كتاب لمحات للشيخ الصافي ] .
أقول إن أبناء رسول الله (ص) الإثني عشر هم أبناء علي وفاطمة (ع) والثاني عشر منهم (ع) هو أحمد .
والحق إن ما تقدم يمثل عينة صغيرة من أحاديث كثيرة استدل بها الأخوة أنصار الإمام المهدي (ع) في الإصدارات الكثيرة التي خطتها أقلامهم ، وهي على أية حال كافية لطالب الحق ، ومن لا تكفيه رواية فالكافي لا يكفيه . أقول ولعل هذا العلم عن حقيقة شخصية القائم (ع) يكفي وحده دليلاً على صدق السيد أحمد الحسن (ع) فقد ورد عن رسول الله (ص) قوله : ((... له علم إذا حان وقته انتشر ذلك العلم من نفسه)) (كمال الدين: 268). وعن مالك الجهني، قال : (( قلت لأبي جعفر (ع) إنا نصف صاحب هذا الأمر بالصفة التي ليس بها أحد من الناس . فقال : لا والله ، لا يكون ذلك أبداً حتى يكون هو الذي يحتج عليكم بذلك ، ويدعوكم إليه )) (غيبة النعماني : 337) . وفي الختام هاتان روايتان تكفيان من ألقى السمع وهو شهيد :
عن أبي عبيدة الحذاء ، قال : ((سألت أبا جعفر (ع) عن هذا الأمر، متى يكون؟ قال: إن كنتم تؤملون أن يجيئكم من وجه ثم جاءكم من وجه فلا تنكروه)) (المعجم الموضوعي : 767).
أليس في حديث الإمام الباقر (ع) إشارة الى أن الشيعة سيمرون باختبار وسيقع الكثير منهم في اللبس لأنهم يأملون أن يجيئهم من وجه وإذا به يجيئهم من وجه آخر لم يحسبوا له حساباً ؟ أما الحديث الثاني فيمثله قول الإمام الصادق (ع) : (( إذا قلنا لكم في الرجل منا قولاً فلم يكن فيه ، وكان في ولده، فلا تنكروا ذلك)) .