إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

\\\\\ مقالات أعجبتني /////

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    الفائدة الحادية والعشرون: اثبات المعرفة النورانية وأنهم كانوا أنوارا لما تقدم من ان اسم الاشارة (هؤلاء) وضمير الجمع (هم) المتكرر ثلاث مرات، إنما يستعمل في الحي الشاعر العاقل وأن تلك المسميات غيب محيط بالسماوات والارض بالعلم باسمائهم استحق مقام الخلافة والتفوق على الملائكة، فهذه المسميات موجود نوري أي حي شاعر لطيف منشأ للقدرة والعلم وكونهم أعلى وأرفع شأنا من آدم فضلا عن الملائكة، وفي الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) "إنه لا يستكمل أحد الايمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للايمان وشرح صدره وصار عارفا مستبصرا،.. معرفتي بالنورانية معرفة الله عز وجل، ومعرفة الله عز وجل معرفتي بالنورانية وهو الدين الخالص الذي قال الله تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} "(1) والحديث طويل يتناول فيه معرفتهم بالنورانية وشؤون الامامة وهو وإن كان حديثا مرسلا إلا أن مضمونه عال، وهكذا الرواية التي تليها من نفس الباب عن جابر بن يزيد الجعفي عن الامام السجاد والباقر عليهما السلام وهي كالسابقة عالية المضامين ويشير بعض الاعلام في ذيلها (إنما أفردت لهذه الاخبار بابا لعدم صحة أسانيدها، وغرابة مضامينها، فلا نحكم بصحتها ولا ببطلانها ونرد علمها إليهم (عليهم السلام)) وهذا عجيب منه(قدس سره)حيث أن أحاديث النورانية عنهم كثيرة في غير هذا الباب وليس فيها غرابة، انظر في بحار الانوار المجلدات 23 ـ 24 ـ 25 يذكر روايات كثيرة في بيان مقام الامامة التكوينية وعلومهم اللدنية، وكذا من طرق العامة التي بمضمون "اول ما خلق الله نور نبيك يا جابر".
    وفي حديث طارق بن شهاب عن أميرالمؤمنين المروي في البحار 25: 169: "يا طارق الأمام كلمة الله و حجة الله ووجه الله ونور الله وحجاب الله و أية الله يختاره الله ويجعل فيه ما يشاء ويوجب له بذلك الطاعة والولاية على جميع خلقه فهو وليه في سماواته وأرضه أخذ له بذلك العهد على جميع عباده، فمن تقدم عليه كفر بالله من فوق عرشه" وهذه الموارد كلها قد ذكرناها في النقاط الماضية حيث أنه يكون حرفيا بالنسبة لله مشيرا إليه دائما وأن إمامته تشمل جميع الخلائق،و لا نريد الاسترسال في البحث الروائي وإنما اوردنا البعض فقط من باب التأييد لما يستفاد من ظهور الآية الكريمة، ومن أراد الاستزادة فعليه بما ورد عن الامام الرضا في الكافي حيث يزاوج بين مقامات الامام العالية وشئونه النازلة.

    الفائدة الثانية والعشرون: إن الله عز وجل بيّن موضوعية الواسطة والوسيلة وضرورة الأخذ منها فلا يقول قائل ملك مقرب أو عبد ممتحن وأنه يجب أن يكون كل شيء عن طريقه، وفي نفس الوقت نؤكد أن تمام وجودها آية والاقتراب من الحق سبحانه هو بالواسطة ومن دون الواسطة سوف يكون كفراً إبليسياً وحجاب.

    الفائدة الثالثة والعشرون: أن الملائكة على عظم مقاماتهم وخلوصهم وصفائهم ونورانيتهم غير مؤهلين لخلافة الله تعالى.

    الفائدة الرابعة والعشرون: أن اضافة الرب إلى ضمير الخطاب (ربك) يفيد ان هذه السنة الالهية في هذه الامة ايضا، بل ان صياغة التعبير المكرر في السور لهذه الواقعة آب عن الاختصاص بأمة دون أخرى بل لنوع البشرية، هذا مضافا إلى ما ذكرناه من أن عموم جواب الملائكة لدفع اعتراضهم يقتضي التأبيد ايضا.

    الفائدة الخامسة والعشرون: أن مقتضى الجملة الاسمية واعتماد هيئة الفاعل في الخبر الذي هو بمنزلة الفعل المضارع يفيد الاستمرار،ومقتضاه الحصر به تعالى في جعل هذا المقام.
    الفائدة السادسة والعشرون: أن مقتضى مادة الخلافة تعطي تحلي الخليفة بصفات المستخلف لأنه ينوب في جهة ومورد الخلافة وإن كان في الباري الامر بلا عزلة ولا انحسار رباني ولا تفويض باطل.


    ثالثاً: قراءة في الخطبة القاصعة

    في قراءة للخطبة القاصعة التي يتناول فيها الامام (عليه السلام) مقامات الائمة ويتعرض لهذه الآيات:

    "الحمد لله الذي لبس العز والكبرياء، واختارهما لنفسه دون خلقه وجعلهما حمى وحرما على غيره واصطفاهما لجلاله وجعل اللعنة على من نازعه فيهما من عباده".

    ففي هذا المقطع نشاهد أنه انطلق من كون هذين الاسمين مختصين به تعالى لأن العز والكبرياء من لوازم الاستقلال وما عداه فهو خاضع له متذلل له، ومن ينازعه فيهما ويدعي له هاتين الصفتين فسوف يبعد عن رحمة الله، ولا يخفى ما في الابتداء من براعة الاستهلال حيث يريد أن يبين في الخطبة حقيقة التوحيد والطاعة وأن لا استقلالية لأحد على الاطلاق وسوف نشاهد أن هذا الامر هو السلك الذي تنتظم عليه فقرات الخطبة، وهو المنتهى إلى وجه ركنية الامامة في عقيدة التوحيد ونفي الشرك.

    (ثم اختبر بذلك ملائكته المقربين ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين).

    ثم أراد الباري اختبار ملائكته في التوحيد في الطاعة ليتميز المتواضع عن المستكبر ومنه يعلم أن التواضع جذره عقيدتي وليس مجرد أخلاق حيث أن المتواضع هو الذي لا يرى لنفسه موقعا ومقاما ومكانا، ومنه ايضا يتبين أن الملائكة يعملون ويتكاملون لكن فرقهم عن غيرهم أن الملك لا يعمل بغريزة الشهوة والغضب، واختبارهم يدلل على أنه يفعل ما يفعل عن علم واختيار. ثم إن اختبار التوحيد - وهو اتصاف الباري فقط بالاستقلالية - هو في اتباع ولي الله وهو كما أشرنا إليه مرارا أشق المقامات.
    (وهو العالم بمضمرات القلوب ومحجوبات الغيوب {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِين فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ}).

    ويوجد بحث بين الفلاسفة أنه هل لدى الملائكة علوما وصورا مرتسمة أم لا؟ العلامة الطباطبائي في الميزان والنهاية ينفي ذلك لكن ما في القرآن {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} يدلل على أن لديهم نوع من العلم الحصولي، ويركز الامام على الصفة الطينية لآدم، وكذلك اجتماع (فقعوا) مع (السجود) حيث أن فيه زيادة في الاخضاع.

    (اعترضته الحمية، فافتخر على أدم بخلقه وتعصب عليه لأصله، فعدو الله إمام المتعصبين، وسلف المستكبرين الذي وضع أساس العصبية ونازع الله رداء الجبرية وادرع لباس التعزز، وخلع قناع التذلل).

    فيشير الامام أن ابليس نازع الله تعالى رداء الكبر الذي لا يحق لأحد إلا له سبحانه واعتقد لنفسه الاستقلال ورفض الانصياع لولي الله، وخلع قناع التذلل فجحود خليفة الله تعالى وحجته على خلقه جذره ومنشأه كبر في الجاحد واستكبار على امر الله تعالى ورؤية استقلالية للجاحد في ذاته، وكانت عاقبته:

    (ألا يرون كيف صغّره الله بتكبره ووضعه بترفعه فجعله في الدنيا مدحورا وأعد له في الآخرة سعيرا).

    وهذه هي نتيجة الكفر الابليسي وعدم الانصياع لاوامر الله تعالى، وعاقبة من لا ينزل نفسه منزلتها ويرى الانا دون خالقه.

    (ولو أراد الله أن يخلق أدم من نور يخطف الابصار ضياؤه، ويبهر العقول روأؤه وطيب يأخذ الانفاس عرفه، لفعل، ولو فعل لظلت له الاعناق خاضعة ولخفت البلوى فيه على الملائكة ولكن الله سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله تمييزا بالاختبار لهم، ونفيا للاستكبار عنهم وإبعادا للخيلاء منهم).
    فهكذا نرى أن آدم لو كان في خلقه مبهرا للعقول لاستجاب له الملائكة لأنه بهرهم لا لأن الله أمرهم بذلك ومن هنا كان امتحان الامامة أصعب الامتحانات وأشقها حيث يكون المعنى حرفيا فقط دالا عليه وبه يكون التوحيد خالصا حيث لا يكون في اتباع الواسطة سوى حرفيته وآيتيته لله جل وعلا، فإذا نجح في هذا الامتحان الشاق واستطاع أن يكبح جماح ذاته وأناه فبها، وإلا لم تنفعه عبادته الماضية كابليس.

    (فاعتبروا بما كان من فعل الله بابليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد، وكان قد عبد الله ستة ألاف سنة، لا يدرى أمن سني الدنيا أم من سني الآخرة عن كبر ساعة واحدة، فمن ذا بعد ابليس يسلم على الله بمثل معصيته.كلا ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بامر أخرج به منها ملكا).

    ويتبين أن ابليس كان ملكا، كما يشير إلى ان القانون واحد بين أهل الارض والسماء وسير الكمال واحد وحكمه واحد.

    "فاحذروا عباد الله عدو الله أن يعديكم بدائه، وأن يستفزكم بخيله ورجله، فلعمري لغد فوق لكم سهم الوعيد، وأغرق إليكم بالنزع الشديد.....

    فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبية، وأحقاد الجاهلية، فإن تلك الحمية تكن في المسلم من خطرات الشيطان...

    ألا فالحذر الحذر من طاعة ساداتكم وكبرائكم! الذين تكبروا عن حسبهم وترفعوا فوق نسبهم، وألقوا الهجينة على ربهم وجاحدوا الله على ما صنع بهم..

    ولا تطيعوا الادعياء الذين شربتم بصفوكم كدرهم وخلطتم بصحتكم مرضهم، وأدخلتم في حقكم باطلهم، وهو أساس الفسوق وأحلاس العقوق اتخذهم إبليس مطايا ضلال وجندا بهم يصول على الناس وتراجمة ينطق على ألسنتهم، استراقا لعقولكم ودخولا في عيونكم ونفثا في أسماعكم،فجعلكم مرمى نبله وموطئ قدمه ومأخذ يده".
    فهذا تحذير منه (عليه السلام) من عدوى داء ابليس إليهم، ودائه هو عدم التسليم لخليفة الله تعالى والكبر عن طاعة الله في امره بطاعة حجته، وترفع ذاته عن الخضوع لأمر الله بمتابعة خليفته، وأن ابليس أخذ على نفسه إغواء البشر بنفس الغواية التي ابتلي بها، وإخباره (عليه السلام) بأن قد وقع منهم تأثر بعدوى ابليس، وهذا إشارة إلى ترك الناس الائتمام بإمامته (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)،وأن سبب ذلك الحمية الجاهلية التي يسعرها ابليس في قلوبهم ايجادا للكبر والاستكبار عن متابعة وطاعة خليفة الله تعالى، وأن دواء هذا الداء هو التواضع، ثم يشير مرة أخرى إلى وجود من هو مبتلى بهذا الداء في هذه الأمة ومتابعته لكبرياء ابليس وجحود حجة الله تعالى وأن عليه الوزر والآثام إلى يوم القيامة، ثم يقتبس (عليه السلام) من القرآن قوله تعالى {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} الوارد في سياق ذم محترفي النفاق في الامة وتحذيرهم بأنهم لاستكبارهم بحمية وفخر الجاهلية عن طاعة خليفة الله تعالى في أرضه، إذا تقلدوا زمام الامور امعنوا في الغي وافسدوا في الارض إلا انه (عليه السلام) يخبر عن تحقق ما حذّرت عنه الآية الكريمة.

    ثم انه (عليه السلام) يحذّر الناس من طاعة واتباع الذين تكبروا عن طاعة أمر الله في خليفته في ارضه وحجته على عباده الذي هو كبر ابليس أيضا، ووصفهم بأنهم جحدوا الله، وكابروا قضائه.... ومن هنا يتبين ان هذه الخطبة أصرح من الخطبة الشقشقية في بيان زلة طريقة القوم.

    (فاعتبروا بما اصاب الامم المستكبرين من قبلكم من بأس الله وصولاته ووقائعه ومثلاته، واتعظوا بمثاوى خدودهم،ومصارع جنوبهم.فلو رخص الله في الكبر لأحد من عباده لرخص فيه لخاصة انبيائه، ولكنه سبحانه كره إليهم التكابر....
    فإن الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين في انفسهم،بأوليائه المستضعفين في اعينهم، ولقد دخل موسى بن عمران ومعه أخوه هارون - صلى الله عليهما على فرعون وعليهما مد ارع الصوف وبأيديهما العصي...

    ولو اراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان، ومعادن العقيان....ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحلت الانباء ولما وجب للقابلين أجور المبتلين ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين ولا لزمت الاسماء معانيها ولكن الله سبحانه جعل رسله أولي قوة في عزائمهم وضعفا فيما ترى العين من حالاتهم مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى،وخصاصة تملأ الابصار والاسماع أذى.

    وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل).

    فيستعرض (عليه السلام) استكبار الامم الماضية وكيف آل مصيرهم،ومن المعلوم أن أكثر استكبارهم كان على أنبياء الله حجه استصغارا لهم، وهو عين الاستكبار والجحود الابليسي،ثم وصف (عليه السلام) حالة موسى وهارون عند دخولهما على فرعون من حالة التواضع والمسكنة زيادة امتحان الله لفرعون إذ لو بعث الله انبياءه بالقدرة المهيبة والسطوة الشديدة لسقط البلاء وبطل الجزاء ولكان الايمان عن خوف القوة أو رغبة فيها لدبّ الشرك في النيات، ولكان التسليم ليس لله تعالى وحده، فمن ثم يظهر وجه التناسب الطردي بين شدة الامتحان وشدة الخلوص في التوحيد، وهذا يتجلى بوضوح في رسل الله تعالى وخلفائه حيث انه تعالى أراد أن يكون الاتباع لرسله والاستكانة لأمره له خاصة أي التذلل له تعالى في كل من التابع وهم البشر والمتبوع وهم الرسل والحجج،فيصفى الامر عن أي كبر وإدعاء استقلالية في البين لأن الكبر هو دعوى المخلوق الفقير الغنى والاستقلال عن الباري بأي نحو كان. (ألا ترون أن الله سبحانه اختبر الاولين من لدن أدم صلوات الله عليه إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضر ولا تنفع ولا تبصر...
    ولو أراد سبحانه أن يضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وانهار وسهل وقرار جم الاشجار داني الثمار ملتف البنى متصل القرى بين برة سمراء وروضة خضراء وأرياف محدقة وعراص مغدقة وزروع ناضرة وطرق عامرة لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد ويتعبدهم بأنواع المجاهد ويبتليهم بضروب المكاره إخراجا للتكبر من قلوبهم وإسكانا للتذلل في نفوسهم وليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله وأسبابا ذللا لعفوه....

    فالله في عاجل البغي وأجل وخامة اللم وسوء عاقبة الكبر فإنها مصيدة إبليس العظمى ومكيدته الكبرى...

    انظروا إلى ما في هذه الافعال من قمع نواجم الفخر وقدع طوالع الكبر).

    يتعرض إلى وجود هذا السلك التوحيدي الجامع لكل أبواب الشريعة فيتعرض إلى وجود هذه الحكمة في الحج إلى بيت الله الحرام وأن ضروب المشقة في السفر وأداء الاعمال ووعورة المسالك كل ذلك اختبارا بالشدائد وأنواع المجاهد ليخرج التكبر من قلوبهم واسكانا للتذلل في نفوسهم، إذ حالة التكبر شرك وندية لذوات البشر مع باريهم وخروج منهم عن طورهم وواقعهم وهو الفقر لباريهم بخلاف حالة الذل في النفس فإنها حالة توحيد وخضوع لتسليم الذوات حينئذ بالفقر للباري وأن الغنى والعز خاص به تعالى.

    ثم انه (عليه السلام) يبين وجود هذه الحكمة ايضا في بقية الفرائض في الصلاة والزكاة والصيام مع ما فيها من الحكم الاخرى من انها تسبب خشوع أبصار البشر، وتسكنّ أطرافهم، وتذلل نفوسهم، وتذهب خيلاءهم، وأنها دواء عن السموم القاتلة لابليس وهي الكبر الذي وصفه (عليه السلام) بأنه مكيدة ابليس الكبرى.
    (ولقد نظرت فما وجدت أحدا من العالمين يتعصب لشئ من الاشياء إلا عن علة تحتمل تمويه الجهلاء او حجة تليط بعقول السفهاء غيركم فإنكم تتعصبون لأمر ما يُعرف له سبب ولا علة، أما ابليس فتعصب على أدم لأصله وطعن عليه فى خلقته....واما الاغنياء من مترفة الامم فتعصبوا لآثار مواقع النعم..

    فإن كان لا بد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال، ومحامد الافعال ومحاسن الامور....

    فتعصبوا لخلال الخمد من الحفظ للجوار والوفاء بالذمام والطاعة للبر والمعصية للكبر والاخذ بالفضل والكف عن البغي والإعظام للقتل والإنصاف للخلق والكظم للغيظ، واجتناب الفساد في الارض واحذروا ما نزل بالامم قبلكم من المثلات بسوء الافعال وذمم الاعمال فتذكروا في الخير والشر أحوالهم واحذروا ان تكونوا امثالهم...

    وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء، ألم يكونوا اثقل الخلائق أعباء وأجهد العباد بلاء وأضيق أهل الدنيا حالا...... ألا وقد قطعتم قيد الاسلام وعطلتم حدوده وامتم أحكامه).

    ثم انه (عليه السلام) يبين أن العصبية وليدة الكبر والاستكبار على اختلاف الوانه وأقسامه، وأن الحريّ بالانسان أن يتعصب للفضائل والمكارم المحمودة.

    ثم أنه (عليه السلام) بين أن النصرة والعزة لأي أمة من الامم لا تكون إلا بالولاية فإنه بها يذهب تشتت الألفة وتزول اختلاف الكلمة والافئدة، وكذلك كان حال ولد اسماعيل وبني اسحاق وبني اسرائيل، حيث كانت الا كاسرة والقياصرة غالبين لهم قاهرين عليهم، إلا انه بنعمة الله عليهم حين بعث رسولا إليهم انتظمت به ملتهم وطاعتهم وألفتهم واغدقت عليهم البركات فعادوا قاهرين بعد ان كانوا مقهورين، وغالبين بعد ان كانوا مغلوبين،ولكنهم - بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) - سرعان ما تركوا حبل الطاعة والولاية وهدموا حصن الله تعالى بأحكام الجاهلية وصاروا بعد الهجرة أعرابا،وبعد موالاتهم لولي الله أحزابا، لم يبقوا إلا على ظاهر الاسلام يرفعون شعار النار ولا العار، إلى ان تمادى بهم الامر أن قطعوا قيد الاسلام وعطلوا حدوده وأحكامه.
    (ألا وقد امرني الله بقتال أهل البغي والنكث الفساد في الارض، فإما الناكثون فقد قاتلت وأما القاسطون فقد جاهدت،واما المارقة فقد دوخت...

    أنا وضعت بكلاكل العرب وكسرت نواجم قرون ربيعة ومضر...

    ولقد قرن الله به (صلى الله عليه وآله) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن اخلاق العالم ليله ونهاره.

    ولقد كنت اتبعه اتباع الفصيل أثر امه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالاقتداء به ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه، ولايراه غيري ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة.ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله)، فقلت: يا رسول الله،ما هذه الرنة؟ فقال:هذا الشيطان، قد أيس من عبادته، إنك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي ولكنك لوزير، وإنك لعلى خير....).

    فبعد ما بين (عليه السلام) أن قوة الامة وعزها بموالاة ولي الله وخليفته في أرضه وأن هذه الموالاة تذلل في النفوس وتواضع للباري تعالى سبب لنزول الفيض الالهي والبركات والنعم وأن بدون موالاة حجة الله تعالى في أرضه تدب الفرقة والاهواء والاحزاب لكون ذلك عن كبر في النفوس واستكبار وهو منشأ نزاع كل منهما مع الآخر، بعد هذا كله، أخذ (عليه السلام) في بيان الادلة والبراهين على تقلده لمقام خليفة الله في أرضه وحجته على عباده بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بيان الصفات الخاصة التي يتحلى بها سواء للتربية السوية أو الاهلية الروحية الخاصة به حيث يرى نور الوحي والرسالة ويسمع المغيبات حتى قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنك تسمع ما اسمع وترى ما أرى... إي أنه قد أوتي مؤهلات العلم اللدني، ثم يبين أنه اول السابقين إلى الاسلام وأنه معصوم من الزلل والخطل، وأنه أقرب واشد الناس اتباعا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وغيرها من الصفات التي تشير إلى تقلده الخلافة الالهية.
    وبهذا يختم خطبته عطفا على ما بدأ من أن كمال التوحيد وتمام الاخلاص هو بموالاة ولي الله وطاعته كما في سجود الملائكة لآدم ولذلك كفر ابليس اللعين ودحر باستكباره عن ولاية خليفة الله.

    وبذلك يفصح (عليه السلام) عن وجه هذه الواقعة القرآنية التي تكررت في سبع سور من القرآن الكريم،كما أنه (عليه السلام) افصح عن حقه وغصب القوم له، ومن بديع الحكمة الذي أظهره (عليه السلام) أن يبين كيفية كون الصفات الخلقية هي جذر الافعال.وان الاعتقادات جذر للصفات الخلقية، أي ان كل فعل صادر من الفاعل المختار منشؤه صفة خلقية في نفس الانسان وهي منشؤها أمر اعتقادي يبطنه الفاعل ذو الصفة المعينة وهذا يفسر موالاة ولي الله وخليفته في أرضه وعدم موالاته أنهما يتسببان عن التواضع في النفس في الموالي والمنقاد، والكبر في الجاحد والمنكر، وأن التواضع متسبب عن خلوص الشخص لربه أي خلوص توحيد لربه عن الشرك بإقامة ذات نفسه ندا لخالقه، والكبر كفر وجحود وشرك لاقامة المتكبر ذات نفسه مستقلة على غير ما هي عليه من الحد الواقعي من الفقر لله تعالى.

    ومن ثم يتبين أن الولاية لخليفة الله في ارضه على أصعدة ثلاث في الفعل وفي الخلق بالمحبة له، وفي الاعتقاد بالاذعان أنه مجعول من قبل الباري.

    وهكذا نرى الامام يتدرج من الكفر الابليسي إلى الكفر في النبوة ثم الكفر في الافعال يرى أن جذرها كلها واحد هو الانصياع إلى الانا وعدم تسليم النفس لله الواحد الاحد وعدم الانصياع لأوامره وأن كل شيء ذائب فيه وأن لا استقلالية لأحد بل كل في سبيله ومن أجله وكل آية له سبحانه،و أخيرا يصل إلى الاخلاق وأن منشأ جميع الرذائل يرجع إلى الكبر ومنشأ كل الفضائل يرجع إلى الخضوع، والامام في كل هذا يربط بين اقسام الكفر ويرجعها إلى الاصل الواحد.

    تعليق


    • #47
      رابعاً: عصمة آدم

      معصية آدم وإخراجه من الجنة، وهذه من المسائل المهمة التي كثرت فيها الاقوال والآراء وزلت الاقدام من القديم وحتى يومنا هذا، وخصوصا أن القران قد عبر {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}، فكيف يتناسب هذا التعبير مع غيره من نسبة زلة الشيطان لآدم الذي له تلك المقامات العالية والخلافة عن الحق تعالى وهي خلافة اسمائية، وهذا له جواب نقضي وحلي.

      أما الجواب النقضي فهو: أن الواقعة تحكي نوع من المخالفة للملائكة مع أنهم معصومون ولا يعصون الله ما أمرهم، وذلك عندما قال لهم الحق تعالى {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فإن فيها نوع من التأنيب فأي جواب يذكر للملائكة فيتجه لآدم، ثم إن المكان الذي يجب أن يكون فيه هو الارض وان فعله هذا لم يؤثر على مقامه وخلافته بدليل رد الاعتبار الذي حصل له بالتوبة، وأن الذي فقده هو الخروج من الجنة ولا يعلم أن هذا عقاب حيث أن آدم مخلوق أرضي أصلا، ثم ان الانزال للأرض ليس فيه عقاب بل هو نوع من التكريم لأنها دار الحصاد وفيها الابتلاء والتكامل والسعي نحو الآخرة، وهذه الجنة التي كان فيها ليست جنة الخلد بل هي أقل شأنا من جنة المأوى والآخرة وذلك لأن الخلود في الأخيرة، وهذا كله شاهد على ان الهبوط للارض ليس فيه توهين لآدم.

      اما الجواب الحلي:

      1 ـ أن الحق تعالى يتعرض في حديثه عن الانبياء دائما إلى جنبتهم البشرية وأنهم مخلوقون له، وان كمالاتهم بالنسبة إليه ناقصة ومحدودة كما يتعرض إلى كمالاتهم الغيبية التي يفوقون بها على البشر، وهذا ليس لأجل بيان عيوبهم ونقائصهم بل لأجل بيان أنهم ليسوا بآلهة يعبدون من دون الله بل هم عباد مكرمون محتاجون إلى الله، وحتى الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) الذي لا خلاف في مقاماته ومنزلته فإن القران يركز على بشريته،كما يركز على مقاماته الغيبية {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ}(1) ففي الحين الذي يؤكد على مماثلته لهم بالبشرية يؤكد على اختلافه معهم بالمقام الغيبي وهو الارتباط بالوحي والعوالم الإلهية، حتى لا يعبد من دون الله فهم بالاضافة إلى بارئهم محدودين كمالاتهم ناقصة ولكن بالاضافة إلى ما سواهم فهم المعصومون الانبياء الواجب اتباعهم واتخاذهم قدوة. وهذا كله لأن الواسطة - في الحين الذي هي ضرورة لا بد منها - يجب أن يتوفر فيها خاصية الوساطة لا خاصية الحجاب.
      وبتحليل آخر يشير علماء النفس إلى أن الانسان يجب ان يستشعر في نفسه النقص فإذا أحس به سار وسعى نحو الكمال، ولذلك كانت العبادة - أي اصل العبادة - تكاملاً لكن المتعلقة بالمعبود الحقيقي، وحيث كان الانبياء هم قدوة المخلوقات فيجب أن يشعر الناس فيهم كلا الجنبتين، يرونهم أعلى منهم شأنا وأرفع منزلة من جهة الهدي الخارق والافعال التكوينية الخارقة ليستشعر الانسان النقص في نفسه فيسعى نحو الكمال الذي يراه، ويجب في نفس الوقت أن يلحظوا فيهم جنبة النقص والحاجة لله وانهم مخلوقون مثلهم حتى لا يكونوا حجابا دون الحق تعالى فيظهر الحق تعالى جانب النقص فيهم من خلال بعض الافعال ويكون جانب النقص بالاضافة إلى من هو أعلى رتبة منه لا بالنسبة إلى من هو دونه ممن يكون لهم إماما، فالانبياء والائمة في حركة إلى الله تعالى.
      2 ـ الجواب الآخر المذكور في بعض الروايات أن النهي في عالم الجنة ليس هو نهي تكليفي حيث أن الجنة ليست دار تكليف إذ التكليف مقارن مع الكمال والعقاب والثواب وبالتالي لا تكون معصيته معاقباً عليها كما في عالم الارض، مضافا إلى ان هذه الجنة كانت مختصة بأحكام خاصة منها أن لا تجوع ولاتعرى،ومن المتفق عليه بين العامة والخاصة أن المخالفة ليست لعزيمة وليس لها عقوبة أخروية.

      3 ـ أن الآية تدل على ان هناك مقامات ورتب و مدارج في الامامة وهي تلك الوجودات الحية النورية الشاعرة التي عرضها على آدم وهي بالتأكيد غير الذات الالهية المقدسة ونسبتهم لآدم كنسبة آدم لبقية الخلق.


      الطائفة الثانية: آيات الكتاب

      وهي كل آية ورد فيها لفظ القرآن أو الكتاب، وعمدة البحث في آيتين الاولى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}(1).

      الثانية: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَة مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ}(2).

      والبحث في الآية الاولى ويقع في أمور:

      1 ـ في شأن النزول المعروف أن سورة الرعد مكية وإن ادعى البعض أن خصوص الآية التي هي مورد بحثنا مدنية، على أساس ان المقصود من (من عنده علم الكتاب) هم اهل الكتاب وهؤلاء أسلموا في المدينة، وهذا ليس بشئ لان الاتفاق على نزولها في مكة.
      كما أن السورة كأغلب السور المكية واردة في بيان التوحيد والرسالة والرسول وتأكيد أن الرسول حق من عند الله عز وجل، وقد ورد فيها لفظ الكتاب 7 مرات، والآية واردة مورد الاحتجاج مع الكفار حيث ظلوا يجحدون بآيات الله ويستهزؤن بالرسول فهي بقرينة (بيني وبينكم) دالة على ورودها مورد الاحتجاج وهذا كله يدفع ورودها في المدينة حيث لم يتعرض الرسول لمثل هذه المواقف.

      2 ـ أن الآية تذكر شهادتين الأولى شهادة الله تعالى والثانية شهادة من عنده علم الكتاب، واقترانها بالاولى يدل على عظمها وفضلها، وهي غيرها وإلا لما ذكرت ثانية فإن التعدد دال على المغايرة.

      3 ـ كيفية شهادة الله، إن الكفار لما كانوا مشركين فأنهم يؤمنون بالقدرة المطلقة لله غايته أنهم يشركون بعبادته ويكفرون بنبوة النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله)، كما انهم يذعنون بكبرى مؤداها أن الذي يتقول على المقام الربوبي سيما مقام الشريعة وبيان مطلق الارادات الالهية فهذا ليس بكذب في مسألة جزئية بل هو ادعاء مقام من وإلى الرب، ومن هاتين كان وجه حجية المعجزة أنه اقدار الباري بقدرة يعجز عنها بقية البشر وتكون مقرونة بدعوى الوساطة. وهم مع اذعانهم أنها قدرة خاصة لا تصدر من البشر إلا أنهم يغالطون ويقولون أنها قدرة سحرية، فهم يذعنون كبرويا أن القدرات التي لا يقدر عليها البشر لا بد أن يكون منبعها الغيب.

      فشهادة الله هي اقداره للنبي (صلى الله عليه وآله) إي اعطاؤه قدرة غيبية، وكيفيتها هي نفس كيفية المعجزات وأنها هي شهادة منه والمعجزة هنا هي القرآن الكريم. ويمكننا القول ان الشهادة نوع من البرهان وهو لا ينحصر بالعلم الحصولي بل يطلق على ما يولّد العلم الحضوري، وذكرنا أن الكثير - من الفلاسفة من عهد ابن سينا - غفل عن البرهان العياني، وغرضنا أن شهادة الله هي من نوع البرهان العياني خلافا لما هو مشهور عند المتكلمين من الخاصة والعامة من حصر برهانية المعجزة في العلم الحصولي، بيان ذلك:
      أن معجزات الانبياء المذكورة في الكتاب باقية وليست منصرمة ومختصة بزمن معين، بل هي باقية وذلك لأن الغرض من المعجزة هو تحدي جميع الأقوام وليس خصوص القوم الذي أرسل لهم الرسول، ولو كانت المعجزة خاصة بمن اُرسل إليهم لأمكن أن يطلع على ايجادها الأمم الاخرى فينتهون إلى بطلان نبوته ولا تكون في واقعها معجزة بل أمرا عاديا خفى سببه عن الآخرين، فلابد أن يتوفر في المعجزة أنها تحد أبدي للبشرية أي ما يعجز عنه الاولون والآخرون، ولذا نقول أنه يطلق على المعا جز البرهان العياني.

      أما تطبيق البرهان العياني على شهادة الله فذلك بعد كون بعض مواده المؤلفة عيانية لا بتوسط الصور الحصولية، وهنا قد يتساءل عن وجه تقديم(بالله) على (شهيدا) والجواب انه من جهة الحصر ثم من جهة العيانية فالله حاضر بقدرته اللامتناهية واللامحدودة فكفى بالله الحاضر عيانا وكفى بحضوره العياني، ويذكر بعض المفسرين أن التعبير بـ (شهيدا) وليس بشاهد دليل على إرادة الحضور لا الشهادة المنشأة بالكلام.

      ومما يدلل على أن المراد من الشهادة التكوينية لا الاعتبارية، هو الرجوع إلى أصل اشتقاقها اللغوي حيث أنها أطلقت على التأدية والاداء مع انها اسم للتحمل والحضور فاطلقت على التأدية باعتبار المنشأ أي أن من له التأدية هو من كان حاضرا فتحمّل الشهادة،والشهادة في الامور الاعتبارية تجعل السامع كالحاضر حين التحمل أما في الامور التكوينية فإنها تجعل المشهود له في أكمل إدراك وأقصى ما يمكن تصوره وهذا لا يكون إلا بحصول علم لديه من الشهادة علما حضوريا.
      وكأن المعنى كفى بالله حاضرا وتشهدون حضوره في بيان الحق حيث ان هذه القدرة المدركة في القرآن التي يعجزون عنها نحو من رفع الستار عن قدرة الغيب فهو ظهور للغيب عياني لهم بعد كونهم يذعنون بأن الله موجود وحاضر.

      4 ـ شهادة من عنده علم الكتاب، وهاهنا تطرح أسئلة متعددة في كيفية شهادة هذا الشاهد وفي امكان كونها شهادة على صدق النبي وفي مصداقها، وذلك لان المشهود به هو النبوة والارسال فكيف يكون هذا الشاهد شاهدا على ارساله وهذا يعني انه يكون حاضرا في مقام انباء الرسول حتى يستطيع تحمّل الشهادة والاداء بها، وإذا لم يكن حاضرا عند تحمله فسوف تكون شهادته اطمئنانا بصدق النبي (صلى الله عليه وآله)، ومقتضى كون النبي في مقام الاحتجاج أن هذا الشاهد حاضر الانباء حتى يستطيع الأداء. ومن هنا نستطيع أن نفهم ما ورد في الخطبة القاصعة {انك تسمع ما أسمع وترى ما أرى}، وهذا يعني أن (من عنده) جهز بجهاز وجودي وروح ذات خصائص معينة مشابهة للروح النبوية {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}.

      قد يقول قائل ان تحمل (من عنده) ببرهان حصولي ثبت لديه فسوغ له الشهادة كما في قصة ذي الشهادتين حيث شهد لمجرد ان الرسول هو الذي أخبر ان الدرع له.

      وهذا القول مدفوع أن تسمية هذا بالشهادة من باب التنزيل وهذا مسلم به، ولو كان حصول العلم لدى الشاهد بهذه الطريقة فالاولى أن يذكر نفس البرهان ولا حاجة حينئذ لشهادته لأن ترامي الشهادة اضعاف للمشهود به فلو أمكن الادلاء بالمشهود به فهو أولى،فالغرض من الشهادة ان ما حصله الشاهد بعين الشهود واليقين المستند إلى العلم الحضوري، وهذا يدل على أن مستند الشاهد ليس علما حصوليا.
      وهاهنا تساؤل يطرح أنه كيف تكون شهادة الشاهد وهو من تابعي النبي يحتج بها على الكفار الذين يشككون في النبي؟

      ومن أجل الاجابة على هذا التساؤل يجب الاشارة إلى أن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) كان قبل البعثة معروفا لدى قومه ببعض الخصال والصفات التي استيقن منها الجميع كالصدق والامانة وانه من الذين يستسقى بهم الغمام، وهو من عائلة سلمت إليها زعامة قريش وذلك لأهليتهم وصدور خوارق العادات منهم، ومن هنا كان يتهم بالسحر، وقد تواتر النص التاريخي من المشركين على وصفه "أنه سحر قديم في بني هاشم" مع ما هو مقرر عند قريش من كونهم من نسل ابراهيم واسماعيل الذبيح وهم ورّاثهما، وقد ذكر الامام ذلك في ذيل الخطبة القاصعة "وأني لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم سيماهم سيما الصديقين، وكلامهم كلام الابرار عمار الليل ومنار النهار، متمسكون بحبل القرأن يحيون سنن الله وسنن رسوله لا يستكبرون ولا يعلون ولا يغلون ولا يفسدون، قلوبهم في الجنان، وأجسادهم في العمل" أي انه من قوم وشجرة توفرت فيهم صفات الكمال من الحكمة والصدق والاحسان والعفاف والشجاعة والخلوص لله تعالى والاجتهاد في العبادة والتحلي بالعصمة العملية، فلم يشاهد لهم زلل ولاخطل في جاهلية قريش ولا في الاسلام.

      ثم أن نفس ولادة الامام في الكعبة وانشقاق الجدار ودخول فاطمة بنت أسد وبقاؤها داخل الكعبة ثلاثة أيام لم يكن بالامر الذي لاقى استنكارا من قريش لما تعودوه من أهل هذا البيت من خوارق العادات.

      وعلى كل حال لا نجد فيما بأيدينا من أخبار وتواريخ اعتراض الكفار على هذه الشهادة وطعنهم فيها، ثم إن وصفه بأنه عنده علم الكتاب يعطي الحجية على وجه الاستشهاد به لأن في ذلك اشارة إلى انطوائه (عليه السلام) على العلم الجامع وفي ذلك تبيان لكيفية استعلام ذلك بالمسائلة ونحوها ليتحققوا من ثبوت الوصف ومن ثم يستثبتوا وجه حجية شهادته (عليه السلام)، وهذا الكتاب إما ان يراد به الكتب السماوية أو القرآن الكريم، والاخير هو الارجح حيث أن سورة الرعد نزلت دفعة واحدة غير متقطعة وموارد الكتاب فيها قد قصد منه القران الكريم، بل في بعض الآيات من السورة ارادة كتاب التكوين كما في ام الكتاب.
      5 ـ من عنده علم الكتاب، من بين معاني الاضافة الانسب ان تكون الاضافة بيانية استغراقية ولو اريد منها التبعيض لأتى بلفظ من كما في وصف آصف بن برخيا في سورة النمل، وقد ذكرنا ان الاختلافات الواردة في تعابير القرآن تدل على اختلاف المعاني وليس الهدف منها بلاغيا أدبيا، والاحاطة بمعاني الكتاب ليس بالعلم الحصولي بل بالعلم الحضوري، حيث ان الكتاب ليس الموجود النقشي بل كتاب التكوين كما سوف يأتي بيانه فيما بعد.هذا مضافا إلى ان العلم لو كان ببعض الكتاب لما كان في شهادته مزية حيث ان المشهود عليه هو اعظم الغيبيات وهو نبوة النبي الخاتم.

      ثم إن ماهية هذا العلم لا يمكن ان تكون حصولية وذلك لما ذكرناه من ان هذا العلم جعل منشأ لحجية الشهادة ومقتضاه ان يكون التحمل حضوريا.

      وقد ينقض على هذا المعنى وأن القرآن استشهد بشهادة بعض اصحاب الكتب السابقة وذلك في عدة آيات: منها {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ}(1).

      منها: {أَوَ لَمْ يَكُن لَهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ}(1).
      ومنها: {لكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً}(2).

      ومنها: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُم لاَ تَعْلَمُونَ}(3).

      والجواب العام عن هذه الموارد أن الاستشهاد بطائفة من علماء بني اسرائيل وما شابههم ليس من جهة أشخاصهم بل استشهاد بما ورد في كتبهم من بشارات بالنبي الخاتم، وواضح أن هذه الكتب غيبية من عند الله، والمشركون متأكدون من أن كتبهم متقدمة بقرون على زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وهي منسوبة إلى السماء وليس هو من السحر، وفي ذلك بينة وبرهان قاطع على نبوة النبي الخاتم فهي شهادة الكتب السماوية بالنبوة وهي تكون من سنخ شهادة الله وهي بمعنى آخر شهادة الانبياء السابقين على صدق النبي الخاتم، وشهادة الملائكة أيضا شهادة غيبية وسنخها ليس بالعلم الحصولي، وعليه نصل إلى نتيجة أن جميع الشهادات ترجع إلى سنخ واحد.

      اما الأجوبة التفصيلية:

      1 ـ فشهادة الملائكة ليس شهادة عادية وذلك لأنهم لا يستطيعون استنطاق الملائكة فكيفيتها يجب أن تكون بما ذكر في شهادة الله من أن ذلك هو بمحضره وقدرته، حيث ان مشركي قريش يذعنون بوجود الملائكة وانهم اعوان الله وذلك بدليل نسبتهم الأنوثة لملائكة لله وانهم بنات الله والعياذ بالله تعالى.2 ـ أن قريش والمشركين كانوا على اطلاع وخبر من علم أحبار اليهود ببعثة النبي (صلى الله عليه وآله) حيث كانوا من قبل يستبشرون ببعثته ويأملون النصر به على المشركين قال تعالى {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا}(1).
      3 ـ أن الآية الاخيرة ليس فيها استشهاد على أصل الرسالة والبعثة بل دفع لاستبعادهم كون الرسول المرسل بشرا رجلا، ومع ذلك فإن الاستشهاد بأهل الذكر لا باعتبار اشخاصهم كما قدمنا.

      6 ـ ونتعرض فيه لمقام القران الكريم ومراتبه.

      وفيه مسائل ثلاث:

      المسألة الاولى: ان القران ذو حقيقة تكوينية بمعنى ان القرآن لا تنحصر درجات وجوده بالعبارات الوارد ذكرها بين الدفتين،وأن هذا الوجود للقرآن هو المعبر عنه بالكتبي وأنه معبر عن وجود آخر للقرآن وهو الوجود التكويني، ويدل على هذه المرتبة للقرآن مجموعة من الشواهد:

      أ ـ ان التنزل يدل على أن القرآن كان موجودا ثم تنزل بما نراه نحن الآن وهذا التنزل لا يضاهيه التعبير بأنه كان لفظا مصوتا وكلاما نفسيا.

      ب ـ بعض الآيات القرآنية التي تدل على آثار للقرآن لا يمكن نسبتها إلى هذا الوجود الاعتباري من نحو {وَلَوْ أَنَّ قُرآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْكُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بِل لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً}(2)، حيث أنه قد ذكر في شأن النزول أن قريش اقترحت على النبي (صلى الله عليه وآله) أن يباعد بين جبال مكة لأن مكة ضيقة فتتوسع وتصبح بها وديان وسهول ومزارع وما شابه ذلك، وطلبوا منه أن يحيى لهم قصي جد قريش وأجدادهم ليكلموهم، فالله تعالى يخاطبهم أن القرآن لو أظهر لهم تلك الآثار بالقرآن لما آمنوا، وهذه الآثار لا تفترض للكتاب الاعتباري لأن هذه ألفاظ والوجود اللفظي وجود تنزيلي للشيء.
      ج ـ قوله تعالى {لَوْ أَنزَلْنَا هذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَل لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}(1)، وواضح ان المقصود في هذه الآية ليس القرطاس والورق الذي كتب عليه القرآن له هذه الخصوصية، ولم ينزل القرطاس المكتوب على صدر النبي الخاتم، بل ان ما نزل هو المعاني وحقيقة القرآن التكوينية هو الذي يجعل الجبل خاشعا متصدعا، ولدينا شاهد على تصدع الجبل وهو في قوله تعالى {فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً} فتدكدك الجبل هو من تجلي النور الالهي، والحقيقة القرآنية هي التي تجعل الجبل متصدعا وهي التي لها الآثار التكوينية.

      د ـ قوله تعالى {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْح مَحْفُوظ}(2)، فهذا القرآن المتصف بالمجد وهو نوع من العلو والرفعة والعز العظمة في اللوح المحفوظ فهو متنزل من حقيقة أخرى.

      هـ ـ قوله تعالى {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَاب مَكْنُون لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ تَنزِيلٌ مِن رَبِّ الْعَالَمِينَ}(3) وهذه الآية صريحة في كون حقيقة القرآن التكوينية في كنّ محفوظ لا يناله إلا المعصومون.

      المسألة الثانية: ما ورد من وصف الكتاب بالمبين وقد ورد ذلك في أماكن متعددة.

      ويذكر العلامة الطباطبائي في ذيل قوله تعالى {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ... فِي كِتَاب مُبِين}(1) أن الكتاب وارد في ثلاث معان:
      الاول: الكتب المنزلة على الانبياء وهي المشتملة على شرائع الدين مثل كتاب نوح {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ}(2){صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}(3) وكتاب عيسى وهو الانجيل {وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ}(4) وكتاب محمد (صلى الله عليه وآله) {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآن مُّبِين}(5).

      والثاني: الكتب التي تضبط أعمال العباد من حسنات أو سيئات، وهو كتاب الاعمال والآجال {وَكُلَّ إِنسَان أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً}(6)وما ورد في سورة المطففين: 21.

      والثالث: الكتب التي تضبط تفاصيل نظام الوجود و الحوادث الكائنة فيه ولعل هذا النوع من الكتب فيه ضبط عام حفيظ لجميع الموجودات وهو ام الكتاب يستطر فيه كل شيء وفيه ضبط خاص يتطرق إليه المحو والاثبات،وهذا هو الكتاب المبين واللوح التكويني {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَبِّكَ مِن مِثْقَالِ ذَرَّة فِي الأَرْضِ...إِلاَّ فِي كِتَاب مُبِين}(7).

      فالكتاب المبين بشهادة الآيات هو الذي يستطر فيه كل شيء وهو يحصي جميع ما وقع في عالم الصنع والايجاد مما كان وما يكون وما هو كائن من غير أن يشذ عنه شاذ وفيه نوع تعيين وتقدير للاشياء إلا أنه موجود قبل الأشياء ومعها وبعدها.
      المسألة الثالثة: ان القرآن الكريم هو الكتاب المبين بدليل قوله تعالى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء}(1)، وهذا الكلام الصادر من الحكيم العليم ليس من قبيل الالفاظ العادية والمبالغات وقد أشرنا إلى ذلك في بداية الفصل حول المعاني القرآنية العالية، و أننا إذا استنطقنا القرآن ووصلنا إلى معنى فلا يجوز ان نتراجع عنه خشية ذلك المعنى الهائل، فإذا كان القرآن فيه تبيان لكل شيء صادر من حكيم، وهو تعالى يعبر عن القران بذلك وفي موضع آخر أن الكتاب المبين فيه كل شيء ولا يعزب عنه شيء،وليس المقصود من التبيان هو خصوص الاحكام الشرعية وذلك لان الواقع يخالفه حيث أن أربعة أخماس القرآن في المعارف الالهية، ولا يمكن ان نقول ان ظاهر هذا الذي بين الدفتين هو فيه كل شيء من احكام الوجود وهو محدود إلا إذا اعتبرناه نافذة على أمر آخر، وأنه يشير إلى حقيقة معينة هي القرآن الذي فيه تبيان لكل شيء، وهذا هو الذي نريد الوصول إليه من أن النبي الخاتم اختص بالكتاب المبين،ومن هنا لم تطلق على كتب بقية الانبياء القرآن بل الفرقان.

      ونستطيع ان نوجز الدليل على اتحادهما من خلال اتحاد وصفهما:

      1 ـ ان الكتاب المبين يستطر فيه كل شيء وهكذا القرآن الكريم.

      2 ـ ان المقصود من القرآن ليس هو خصوص اللفظ المصوت بل الحقائق النورانية التي ليست من سنخ المعاني الحصولية ومن الشواهد على ذلك قوله تعالى {فِي كِتَاب مَكْنُون} فكيف يكون مكنونا مع أن المنقوش برسم الخط متداول بين أيدي الناس.

      تعليق


      • #48
        3 ـ قوله تعالى {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ...} وقد ورد توصيف الكتاب المبين بأنه ام الكتاب.
        4 ـ أن في القرآن الاسم الاعظم وهو ليس من جنس الالفاظ المصوتة - وإن كان لإسمه لفظ - فلا يعقل وجوده في القرآن بوجوده الاعتباري بنقش رسم الخط بل في القرآن التكويني.

        ومن هنا ننتقل إلى نقطة أخرى ان هذه الاقسام التي ذكرناه للكتاب هي في واقعها تنزلات ومراتب للكتاب المبين وأنها كلها تعود إليه، والكتاب المبين هو عين القرآن الكريم وهو له مدارج عالية ونازلة ومدارجه العالية ام الكتاب أي المصدر الذي يتنزل عنه كل شيء، والبقية تنزلات.

        والدليل على ذلك:

        أ ـ أنه قد ورد أن في القرآن أشياء يراد منها أمور تكوينية كالاسماء الحسنى،واللوح، والقلم والصحف والرق المنشور.

        ب ـ أن الماهية المقررة للكتاب شيء يكتب فيه ويجمع فيه الكلمات والكلام، والكلمة والكلام هو ما يدل على أمر ما،وهذه الدلالة وإن كانت بالوضع الاعتباري كما في الالفاظ فهي كلمة وكلام اعتباري، ومصداق فرضي لماهية ومفهوم الكلمة والكلام، وأما إن كانت الدلالة تكوينية فالشىء الدال تكوينا كلمة وكلام حقيقيان ومصداق خارجي للماهية، قال تعالى {إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَة مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ}(1)، وبالتالي فإن الكتاب الحقيقي هو الذي يجمع ويضم الكلمة والكلام الحقيقيين جمعا وضما تكوينا.

        وكذلك الحال في الاسم إنما سمي اسما لأنه يكون علامة على ذي العلامة والمصداق الاعتباري له هو اللفظ المصوت لكون دلالته بالوضع الفرضي الاعتباري، بخلاف المصداق الحقيقي فهو الدال تكوينا والعلامة التكوينية على الشىء، فالكتاب مجموع الكلمات، و ماهية الكلمة هي الشىء المنطوق بها، والنطق هو الاظهار والاعراب وهو أيضا ينقسم إلى اظهار تكويني واعتباري، وهو اعراب عن مغيب ومستور فنطق الله تعالى خلقه وايجاده ومخلوقاته كلماته وبعضها تام.
        ج ـ ذكر في المعقول أن كل معنى ماهوي له وجود اعتباري، ولا يمكن ان يكون هناك شيء اعتباري ليس وراءه امر تكويني أي ان الماهية التي يفرض لها وجود اعتباري انما تُقتنص وتنتزع عن وجود تكويني لها، فالكلمة لها وجود تكويني، والاسم له وجود تكويني، فالمعنى الاعتباري لا يمكن ان يكون مستلا لا من شيء، بل لا بد ان يستل من وجود تكويني، وهذه مسألة استوفي البحث فيها في الاعتباريات في علم الاصول أيضا، ومن شواهدها القرآنية التعبير عن بعض الانبياء انه كلمة من الله، (النساء: 171 ـ المؤمنون: 50)، وهذا الاطلاق ليس مجازيا بل هو اطلاق حقيقي واطلاق الكلمة على اللفظ هو المجازي لأن حقيقة الكلمة هي المعبرة تكوينا عن معنى لدى المتكلم، والمتكلم هنا هو الله جل وعلى والنبي معبر حقيقي عن الله وعن عظمته وينبئ عما في الغيب، فهذا الاطلاق حقيقي.

        وإذا كان القرآن الكريم هو الكتاب المبين وهو ام الكتاب وهذا يعني انه الكتاب التكويني فكل الكمالات المتنزلة تكون هناك موجودة بشكل بسيط شريف وعال ويكون معنى الكتاب هو وجود جمعي بسيط مجموع فيه كل الكلمات التي تعبر عن الغيب.

        د ـ وهناك الكثير من الآيات التي يذكر فيها الحق سبحانه تنزيل الكتاب والآيات مع ذكر خلق السموات والأرض مثل قوله تعالى {إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّماءِ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرَ مُتَشَابِهاتٌ}(1)، وقوله تعالى {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَدُنْ حَكِيم خَبِير..... وَمَا مِن دَابَّة فِي الأَرْضِ إِلاَ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَاب مُبِين وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام}(2)، وقوله تعالى {الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}(3)، وقوله تعالى {طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَن يَخْشَى تَنزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّماوَاتِ الْعُلَى}(4)، وغيرها من الآيات في السور الاخرى.
        5 - الروايات الواردة ان في القرآن عمل كل عامل ومكانه في الجنة مآله وثوابه وعقابه...وهذه الكتب في الكتاب المبين باعتبار انه يستطر فيه كل شيء، وهذا يعني ان القرآن فيه كل شيء وهو عبارة ثانية عن العينية بين القرآن والكتاب المبين.

        والخلاصة: ان المراد من حقيقة القرآن الكريم هو الكتاب بوجوده التكويني وهو حقيقة علوية تكوينية جامع لجميع الكلمات الالهية، والشهادة المعطوفة على شهادة الله تعالى هي شهادة من عنده علم مثل هذا الكتاب فمن ثَمّ ذكرت تلو الشهادة الاولى.

        ثانياً: قوله تعالى {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَة مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ}(1).
        الآية الكريمة في مقام الموازنة بين كفتين بعد ان ذكر الاحتجاج مع الكفار على كون القرآن كتابا منزلا من عند الله سبحانه، ثم يطيب خاطر النبي بأن ليس من كان كذا وكذا كغيره ممن ليس كذلك، وأنت على هذه الصفات من كونك على بصيرة من ربك ويتلوه من يشهد بأحقية القرآن وكان على بصيرة من أمره فآمن به عن بصيرته وشهد بأنه حق منزل من عند الله تعالى.

        إنما اوردناها في هذه الطائفة من حيث ان هذا الشاهد من شأنه أن يشهد على اصل النبوة وأحقية القرآن فتكون قريبة المضمون من آية سورة الرعد،مع اتفاقهما في كونهما مكيتان.

        حاول البعض صرف ظهورها عن الامام علي (عليه السلام) وذلك بالتصرف في ارجاع الضمائر ونحوه أو القول ان المراد منه جبرائيل يتلو القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله)، لكن كلها مردودة وخصوصا على ما ورد في بعض القرآت عند أهل البيت (عليهم السلام) من ان الآية {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى} فوصف الامامة والرحمة للشاهد لا لكتاب موسى إلا أنهم بدلوا موضعها عند جمع القرآن.

        وجود قيد (منه) للشاهد تدفع الاحتمالات التي ادعوها في المقصود من الشاهد، حيث لا معنى ان يرجع الضمير إلى غير الرسول،وان المراد من (يتلوه) التلو التابع لا التلاوة.

        ان المراد من حرف الجر في قوله تعالى {بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ} هي النشوية لا البيانية أي انها ناشئة من الله وآتية من جانبه.
        لفظة (منه) الواردة في (شاهد منه) هل المراد منها الاتصال النسبي أم امر آخر؟ والاول بعيد وذلك لان القرآن لا يعتد بخصوص ظاهرة الولاء النسبي فقط في نسبة الاشخاص كما في قوله تعالى {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} مع انه ابنه، بل يعتبر ان من خرج عن الطريق الصحيح فهو خارج عن اتصاله بالنبي وهنا اطلاق (منه) على الامام علي (عليه السلام) من جهة نسبة الروح والولاء والايمان وكونه منه لها دخالة في شهادة الشاهد، ويؤكده ما ورد عن الامام من رؤيته لنور النبوة، وقوله (صلى الله عليه وآله): انت أخي، فالاخوة ليست نسبية والشقيق يعني الاشتقاق من أصل واحد فمرتبتهما الغيبية تؤول إلى أصل واحد،وقريب منه ما ورد كنا نورا واحدا، ومثله قوله تعالى {وأنْفُسَنا وأنْفُسكُم}.

        ثالثاً: اما النقاط التي يمكن استفادتها من هذه الطائفة:

        1 ـ ثبوت مقام الطهارة والعصمة لمن عنده علم الكتاب حيث ان الشهادة لا يمكن أن تقبل في هذه المواطن التي هي اللبنة الاولى للشريعة إلا لمن اتصف بذلك، وإن سر وحقيقة العصمة يعود للعلم، ولم يدع احد من الاولين والآخرين ان لديه علم الكتاب إلا هؤلاء الاطهار واستعدادهم للجواب على كل تساؤل، ومن دلائل العصمة اجوبتهم وكلماتهم التي صحت نسبتها إليهم فإنها تظل منارا هاديا ومشعلا مضيئا إلى أبد الدهر ودالا على امامتهم وعصمتهم ومعاجزهم العلمية.

        2 ـ أن الائمة (عليهم السلام) لديهم العلم اللدني المحيط بكل الاشياء وهو ليس غير علم الاسماء الجامع، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في الطائفة الاولى.

        3 ـ ان من يكون لديه العلم اللدني يكون مؤهلا للهداية التكوينية الايصالية وهي الحد لماهية الامامة كما ذكرنا في الطائفة الاولى.

        4 ـ بما أن لديهم هذا العلم الحضوري فلديهم القدرة وهذا يعني ان لديهم الولاية التكوينية والقدرة التكوينية على من سواهم حتى الملائكة، وهذا العلم يكسب مثل هذه القدرة الغريبة كما رأينا في آصف بن برخيا إذ ان اتيانه بعرش بلقيس بهذه السرعة ليس إلا بسبب ما حصل عليه من علم من الكتاب فكيف بمن عنده علم الكتاب، وقد حرر في محله ان القدرة فرع العلم.
        5 ـ لقد أشرنا إلى ان الكتاب هو الكتاب المبين وهو كتاب التكوين وهو الحاوي لكل شيء ومن وصل إلى هذا العلم يدل على علو منزلته ومقامه وعلى حسب ما أوتي نستطيع معرفة رقيه الروحي، ومن المسلم به في علوم المعارف الالهية أن فضيلة الانسان بمقدار ما أوتي من ربه.

        6 ـ ان مقتضى النقاط السابقة هو امامتهم لمن دونهم وان هذه الامامة هداية تكوينية وانها باقية على مر الزمان، إذ تنزل العلوم والكمالات من المراتب العليا على النفوس المستعدة لها، وقد مرّ عليك اطلاق الكلمة على بعض الانبياء، كما انه قد عرفت الفرق بين الكلمة والكتاب التكوينيين، فعلم الكتاب حاو لجميع الكلمات، وإياك أن تحمل هذه الاستعمالات القرآنية على المجاز والتفنن اللفظي، فإنه كتاب حقائق موزونة ألفاظه واستعمالاته ومعانيه ولطائفه وحقائقه من لدن حكيم عليم، فلاحظ ما ذكرناه في الفصل الاول.

        7 ـ ان القرآن معجزة خالدة باقية على حقانية الرسول وهكذا الامام الذي هو شاهد حي على مر الدهور على صدق الرسول، حيث ان شهادة من عنده علم الكتاب لكل افراد الانسانية كما ان القرآن لجميع الانسانية فكذلك الشاهد الآخر يكون شاهدا ابديا على صدق الرسالة وصدق الكتاب من الحق سبحانه وهو القرآن الناطق.

        وهذا المفاد عين مفاد حديث الثقلين، وقد اشارت روايات أهل البيت (عليهم السلام) إلى العديد من الآيات التي يتطابق مفادها مع حديث الثقلين، وبالتالي فإن هذا الحديث وإن كان متواترا بين الفريقين إلا انه يزداد رصيد اعتباره مفادا وسندا.- وسوف يأتي مزيد بيان في فقه الروايات - والمحصل: ان وجود الائمة (عليهم السلام) وتصديقهم بنبوة النبي (صلى الله عليه وآله) شهادة و معجزة على نبوته (صلى الله عليه وآله) على حذو شهادة ومعجزة القرآن الكريم على نبوته،وهذا مفاد يدق معناه ويلطف في معنى معية الثقلين، فوجود الائمة (عليهم السلام) وعلومهم وسيرتهم وطهارتهم وكمالاتهم المختلفة في الجوانب العديدة التي بهرت العقول دليل صدق على النبوة،ومن ثم ورد عنهم (عليه السلام) أن آية {وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً....} مورد نزولها في أمير المؤمنين (عليه السلام) وهي جارية في الأئمة (عليهم السلام)، ولقد كان تحدي السلطات القائمة دولة بني امية و بني العباس لهم مستمرة على كافة الاصعدة في العلوم المختلفة والرياضات النفسانية والقدرات الكمالية، وكانوا يستعينون برواد العلوم والفنون والرياضات من الاقطار المختلفة في العالم ومن الممالك المختلفة بل كانوا يستعينون بالسباع فيرونها تخبت لهم خاضعة.
        8 ـ يثبت من خلال الآية ان ولايتهم وامامتهم امر اعتقادي وليس من الفرعيات وذلك باعتبار ان المعجزة يجب الايمان بها كالقرآن وهذه الشهادة أمر اعتقادي وهي دليل النبوة، مما يدلل على أن النبوة والامامة توأمان وقرينان لا ينفك احدهما عن الآخر.

        تعليق


        • #49
          لطائفة الثالثة: آيات الهداية
          وهي على ثلاثة ألسنة:

          أ - {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد}(1).
          {أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمْ مَن لاَ يَهِدِّي}(2).

          ب ـ {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}(3).

          {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ وَإِن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(4).

          ج ـ {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً}(5).

          {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً}(6).

          {وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لاَِقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً}(7).

          {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}(8).

          إن الهداية الواردة في القرآن الكريم على انحاء مختلفة:

          1 ـ الهداية التكوينية الخلقية {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} أي الذي خلق كل شيء، وجعله في صراطه التكويني الذي يؤدي إلى كماله وهدفه، وجعل ذلك في فطرته حتى الكائنات غير الشاعرة غير الارادية.

          2 ـ الهداية التشريعية الارائية العامة، وهي التي تصدر عن النبوات وشرائع الانبياء وهي معلقة على العلم والادراك الذي يستطيع ان يصيبه كل احد.
          3 ـ الهداية الايصالية للفاعل المختار، وهي التي نبحث عنها بالآيات من القسم الاول ويقابلها الاضلال التكويني، وفي القسم الثالث يتضح أن هذه الهداية معلقة على العمل والطاعة {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجاً}، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ}.
          فهذه الالسنة الثلاثة تعالج ماهية الامامة، وهي المستبطنة للهداية الايصالية وأما الارائية فتكون تابعة لصاحب الشريعة، ونلاحظ ان القران في مواطن كثيرة يشير إلى أن العمل الصالح له آثار وضعية منها انه يؤدي إلى عمل صالح آخر أكثر من الاول.

          و ـ يظهر من آية سورة الكهف: 24 أن الهداية على مراتب ودرجات وهي لا تقف عند حد فكلما زاد العمل والسعي زادت الهداية، وما ذلك إلا لأن الكمال لا حد له والقرب الالهي لا يقف عند نقطة معينة، وفي هذا جواب قاطع على العامة الذين يقولون ان الهداية حاصلة بمجرد التلفظ بالشهادتين بل أن قوله تعالى {وَزِدْنَاهُمْ هُدىً}(1)، وقوله تعالى {وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لاَِقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً}(2) دليل على خطئهم.

          وتشير آية سورة المائدة إلى تعين الولاية وتشخيص صاحب الهداية الايصالية، مما يعني ان هذا السعي يجب ان يسري عن هذا الطريق ومن هذا الباب.

          أن آية سورة طه التي اشرنا إليها في البداية تدل على ان الغفران منوط بالولاية لأنها تشترط الايمان والعمل الصالح والهداية وهو اتباع الهادي.

          المفاد التفصيلي للآيات:

          1 ـ إنما أنت منذر ولكل قوم هاد

          في هذه الآية الشريفة موارد للبحث:
          أولا: من المقصود بالهاد، فقد ذكر البعض ان المقصود هو الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) أي انك هاد لكل قوم، وهذا الاحتمال ضعيف لامور منها: ان الحصر بـ (انما) في قبال توهم أن وظيفته (صلى الله عليه وآله) هي اهتداؤهم بالفعل بتلبية طلبهم بإتيان المعجزة والآية التي يقترحونها.

          ومنها: من الجهة الاعرابية حيث سوف يتنازع منذر وهاد الجار والمجرور ولذا لا يجوز توسطها، كما لا يجوز الفصل بين العامل والمعمول بالواو.

          ومنها: ان الانذار هداية ارائية فتكون هاد عطف تفسير، وهو خلاف الاصل الاولي في ظهور الكلام في التأسيس.

          ومنها: انه لا يكون هناك وجه لتأخير هاد عن الجار والمجرور ثانيا: أن الهداية ليست الهداية الارائية بل الايصالية وذلك لعدة وجوه:

          المقابلة بين الانذار والهداية.

          إن الكفار طلبوا من الرسول آية وهي مظهر للقدرة والقدرة مظهر الولاية، وهذا ما يحتاج إلى بيان:

          وذلك لان المدعى أن المعجزة التي تظهر على يد الرسول هو من حيثية ولايته لا رسالته، ويكون جواب طلبهم أنك من حيث الرسالة لا تجري بيدك الآية وإنما ظهور الآية، والمعجزة بيد الهادي ومَن له الهداية الايصالية، والنبي الاكرم حيثياته متعددة ومن هذه الحيثية يكون المعجز على يديه.

          إن هذه الهداية جعلت عدلا للنبوة باعتبار أنها تحقق الايمان في الخارج وهو غاية الهداية الارائية فإن الايمان في الخارج متوقف على الهادي.

          إن مجيئ أداة العموم (كل)والتنوين في (قوم، هاد) يدل على الاستغراق وأن لكل قوم هاد وحيث أن النبي (صلى الله عليه وآله) محدود العمر و ليس باق في هذه النشأة لجميع الأقوام، فبتكثر الاقوام يتكثر الهادي.
          إن سياق الآيات التالية لهذه الآية يدل على العلم اللدني، وأن علم الحق يسع ويحيط بكل شيء وموارد قدرته التكوينية وهو مناسب للهداية التكوينية.

          2 ـ الآية الثانية {أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمْ مَن لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى}.

          والآية مكية واردة في مقام الاحتجاج مع الكفار، وأن الالهة التي يعبدونها لا تستطيع شيئا وان الهادي هو الله واسناد الهداية إليه لا يختص بالهداية الارائية بل يعم حتى الايصالية، ويكاد يجمع المفسرين ان (يهدي) في الاصل يهتدي ثم قلبت التاء دالا لاجل التخفيف، والمقابلة هنا بين من يهدي إلى الحق وهو عام ولم يخصص كما في قوله تعالى {قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ} أي من هو الاحق بالاتباع هل هو الذي يهدي إلى الحق ام من لا يهتدي إلى الحق إلا أن يهدى.

          فالذي تكون هدايته من ذاته ومن نفسه هو الذي يكون هاديا، أما من لا تكون هدايته ذاتية وليست من نفسه فإنه لا يكون هاديا للحق فتوجد ملازمة بين الهداية الحقة والهداية اللدنية، فيجب ان يكون الهادي مهتدياً لا بغيره وفي المقابل الذي يهتدي بغيره لا يكون هاديا للحق فتوجد ملازمة بين الاثنين أي ان المهتدي بنفسه هدايته ملكوتية باقدار الله عز وجل. والمهتدي بالله لا يقال انه مهتدي بغيره من المخلوقين، إذ الاهتداء بهداية الله كما ورد في قل الله يهدي للحق هو عبر اتباع رسوله والله هو الحق وهداية الرسول إلى الحق هي هداية إلى الله، ونتيجة لهذه الخصوصية في الهداية نقول ان المراد هو الهداية الايصالية وذلك لان المهتدي بسبب غيره قادر على الهداية الارائية اما الايصالية فلا يستطيعها.

          ثم أن للهداية درجات كما تشير إليه العديد من الآيات كقوله تعالى {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}(1)، وقوله تعالى {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}(2)، وقوله تعالى {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً}(3) مما يدلل على كون الهداية على درجات، وفي الاستعمال القرآني أيضا استعملت الهداية في مقابل الضلالة، والهداية بمعنى الصراط المستقيم في مقابل بقية السبل المتفرقة.
          كما ان في قوله تعالى {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}(4)دال على وجود درجة من الهداية دخيلة في أصل النجاة الاخروية وهذه الدرجة وراء مبدأ الايمان والعمل الصالح، وهذا المفاد كما يلاحظ مقارب لمفاد الطائفة الاولى في واقعة آدم (عليه السلام)، حيث تبين ان ابليس لم ينفعه إيمانه بالله تعالى واليوم الآخر، ولا عبادته بعد عدم توليه آدم (عليه السلام) وعدم خضوعه وانقياده إليه كخليفة لله تعالى، وهذا المفاد في آية سورة طه لمفاد آية الاكمال {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} فالاسلام بما فيه من التوحيد والنبوة والمعاد والفروع من الصلاة وغيرها كملت بالذي نزل ذلك اليوم وتم به، ورضا الرب مشروط بما نزل في حجة الوداع عند رجوعه (صلى الله عليه وآله) في غدير خم في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ وَإِن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(5)، فوعده بالعصمة مما يحذره (صلى الله عليه وآله) من الناس وأن من يكفر بذلك الذي انزل فإن الله لا يهديه، فهذه الهداية هداية زائدة على ما ذكرنا تشترط في النجاة الاخروية وهي الهداية التي في هذه الطائفة.

          الطائفة الرابعة: آيات الملك

          قوله تعالى {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُلْكاً عَظِيماً}(1).

          والآية تتعرض للنبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) بأن الآخرين يحسدونه على ما آتاه الله من فضله ثم يعدد ذلك الفضل بالكتاب والحكمة والملك العظيم، اما الكتاب والحكمة فمعناهما واضح إجمالا فالاول هو النبوة، والثاني هو العصمة كما تشير إليه كثير من الروايات فإن مقتضى الحكمة عدم الزلل.

          أما الملك العظيم فيتضح معناه بالالتفات:

          أولا: ان آل ابراهيم لم يستلم أحد منهم السلطة والملك إلا سليمان وداود وهذا لا يتناسب مع مجيئه مورد صفة الجمع والمنة على كل آل ابراهيم.

          وثانيا: هذا الملك العظيم لا بد أن يكون مغايرا للكتاب والحكمة ولا يكون غير الاقتدار والسلطنة، وهذا هو الحد الماهوي للملك.

          وثالثا: إذا لاحظنا الآية السابقة عنها وهي {أَم لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً} فما هو الملك الذي لو أوتوه بني اسرائيل لما اعطوا الناس منه شيئا بالتأكيد ليس هو الملك الظاهري حيث ان المراد من النقير هو المتخلف من التمر في النواة وهذا نوع تشبيه و المراد منه باب المحاجة وبيان المباغضة والحسد الذي عند اليهود تجاه نبوة النبي (صلى الله عليه وآله) وهي في مقام النعم الغيبية الالهية التي حباها الله تعالى آل ابراهيم، فإذا كانت لديكم النبوة وما هو من قبيلها من المنح الإلهية فلا تؤتونها أحداً من الناس وتمانعون من وصول هذا الفضل الالهي لأحد، فلا بد من مجموع هذه القرائن أن يكون هذا الملك ولاية تكوينية.
          وهذا يعني ان الملك هو الذي تنبثق عنه النبوة وهو أعظم مقام من النبوة بمعنى أن ولاية كل نبي أرفع شأنا من نبوته - لا أن ولاية أي ولي أرفع من مطلق النبوة - وذلك لأن الولاية تعبر عن أرقى مراحل الروح التي ترتقي فيها فترتبط بالفيض عن الذات الازلية، او ترتبط بالذات ويعبر عنه بباطن النفس وهي تنقاد للرب وتعبد الرب منتهى الانقياد والعبادة بحيث تكون مشيئته مشيئة الله وارادته ارادة الله.

          فالولاية هي الجانب الملكوتي اما الانباء والنبوة دون ذلك المقام وذلك لانه بتوسط رقي روحه يفاض عليه المطالب العالية حيث أن علومها أوسع من التشريعية وتكون مصدرا لها، ويشير إلى ذلك قوله تعالى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}(1)، حيث أن الابتلاء كان في كبر سنه بعد ما رزق الذرية، والابتلاء بتوسط ما أوحي إليه كما تشرحه بقية السور،فهو بعد النبوة والرسالة:كان التأهل لمقام الامامة.

          ثم بالنظر إلى الآيات الاخرى نرى ان آل ابراهيم قد أوتوا الامامة وحبوا بها {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا..}{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ}، فالحبوة التي حبى بها الله آل ابراهيم هي الامامة، وهل يوجد ملك اعظم من هذا! وهذا الملك العظيم هو الذي حباه الله لرسوله الاكرم وعترته الطاهرة.
          يذكر العلامة الطباطبائي "ان المراد من الملك هو السلطنة على الامور المادية والمعنوية فيشمل ملك النبوة والولاية والهداية وملك الرقاب والثروة وذلك انه هو الظاهر من سياق الجمل السابقة واللاحقة فإن الآية السابقة تومئ إلى دعواهم انهم يملكون القضاء والحكم على المؤمنين وهو مسانخ للملك على الفضائل المعنوية.... ثم عندما يصل إلى الملك العظيم يقول "تقدم ان مقتضى السياق ان يكون المراد بالملك ما يعم الملك المعنوي الذي منه النبوة والولاية الحقيقية على هداية الناس وارشادهم ويؤيده ان الله سبحانه لا يستعظم الملك الدنيوي لو لم ينته إلى فضيلة معنوية ومنقبة دينية"(1)، ونحن وإن نقلنا كلام العلامة بطوله إلا أنا لا نتفق معه على أن كلا من النبوة والامامة داخلتان في الملك العظيم لما ذكرناه من القرائن، ونضيف أن قوله تعالى {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ..} يدل على أن القدرة هو علم الكتاب وهو الامامة كما توصلنا إليه.
          ثم ان المراد بآل ابراهيم هم النبي وآله وذلك لجملة من القرائن:

          - منها ان المقام هو المحاجة والحاسدين هم بنو اسرائيل وحسدهم للنبي (صلى الله عليه وآله)، ولو كان المراد انبياء بني اسرائيل لكان تقريرا لحجتهم لا دحضا لها فلا بد ان آل ابراهيم لا يشمل بني اسحق.

          - ان الناظر في الآيات الاخرى:

          كقوله تعالى {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَات مَن نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَـانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُـحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم ذلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَاكانُوا يَعْمَلُونَ أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هؤُلاَءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَأَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}(1).
          وقوله تعالى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّـمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}(2).

          وقوله تعالى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَِبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}(3).

          فإن ما في سورة الانعام دل على ان ابقاء هذا الاجتباء والحبوة الالهية في ذرية ابراهيم متصلة حتى النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) فإن يكفر بها أي بهذه النعم اللدنية الالهية (الكتاب والحكم والنبوة) فقد وكلنا...وهكذا في سورة البقرة أن الامامة متصلة في ذريته وهي ذرية اسماعيل وكذا ما في سورة الزخرف فإن كلمة التوحيد ونفي الشرك جعلها الله باقية في عقب ابراهيم متصلة، ومن الواضح أن الباقي على التوحيد ونفي الشرك إنما هو في عقب اسماعيل، وتدل كل هذه الآيات في السور على بقاء هذا الأمر والأمور بعد النبي الخاتم في ذريته التي هي ذرية اسماعيل وابراهيم (عليه السلام) أيضا.
          فيستنتج ان الامامة في عقب ابراهيم و اسماعيل إلى النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) ثم في ذريته.

          - قوله تعالى {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا}(1)، فهذا التشقيق الثلاثي الذين اتبعوه والنبي والذين آمنوا فهو اولى الناس بابراهيم...

          - إن ما ورد في دعاء اسماعيل عند بناء البيت العتيق واستجابة الدعاء وأن الامامة في ذريته.وهي الآية المتقدمة في سورة البقرة.

          وعلى كل حال فإن المتتبع لآي القرآن الكريم يقف على ان المراد من آل ابراهيم في اصطلاحه هم محمد وآله عليهم الصلاة و السلام.

          تعليق


          • #50
            الطائفة الخامسة: آيات الاصطفاء والطهارة

            {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض}(2)، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(3).

            {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَاب مَكْنُون لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}(1)، {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً}(2)، {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}(3).
            ونبدأ البحث في آية سورة الاحزاب وقد وردت الآية في ضمن سياق آيات تخاطب نساء النبي وقد اشبع علماء الامامية البحث عن ان المراد منهم اصحاب الكساء خاصة لا نساء النبي ولذا نكتفي بما قرروه و نتحدث في فقه الآية:

            - ان في الآية قصرين احدهما بـ (انما) والمقصور عليه اذهاب الرجس عن اهل البيت، والآخر هو تكرار الاسم بعد الضمير في عليكم وهو دال على القصر والاختصاص أي ان المخاطب هم اهل البيت - ان الارادة هل هي تشريعية ام تكوينية؟ وهذا أيضا بحثه علماء الامامية واثبتوا ان الارادة تكوينية ونشير إلى نكتتين لذلك:

            أحدهما: ان الارادة لو كانت تشريعية وان الله يريد تبيين ان الهدف من ارادته- أي من التكاليف -هو تطهير اهل البيت فهو غير مختص بهم (عليهم السلام)،حيث ان المعنى ان ارادته تعالى متعلقة بصدور الفعل الواجب تشريعا من غيره بارادته واختياره كما في ارادة الله سبحانه وتعالى صدور العبادات والواجبات من عباده باختيارهم وارادتهم لا مجرد حصولها باعضائهم وصدورها بابدانهم، وحملها هنا عليهم فقط لا خصوصية فيه لان الجميع مخاطبون بذلك كما في {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَـحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ.. إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} لأن التعليل بالاعتزال لا يختص بأهل البيت، بخلاف ما إذا كانت الارادة تكوينية فهي لا تتخلف أي ان المراد يتحقق لا محالة،فيصح التخصيص في لفظ الآية، هذا مع أن الاغلب في استعمال الارادة التشريعية مجىء لفظ (أن) التفسيرية متوسطة بين الارادة و متعلقها تدليلا على التكليف.
            الثاني: يبقى التساؤل حول التعبير بالمضارع الدال على التدريجية لا الدفعية واذا كانت الارادة كذلك فهذا يدل على ان المراد من الارادة هو التشريعية لا التكوينية إذ ان الارادة التكوينية لا يتخلف عنها المراد فلا مجال للتدريج والاستمرار، مضافا إلى ان أهل البيت استخدمت في القرآن واريد منها الزوجة كما في سارة امرأة ابراهيم {رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ}.

            اما الاخير فجوابه ان سارة هي ابنة عم ابراهيم فهي من اهل بيت الوصاية وهي من اهل البيت من هذه الجهة لا من جهة زوجيتها لابراهيم.مع انه في هذه الآية أيضا لم يستعمل في خصوص الزوجة،وكذا في قوله تعالى حول موسى (عليه السلام) {وَسَارَ بِأَهْلِهِ} حيث أن الاطلاق عليها وهي حامل مقرب.

            وعلى أية حال فاطلاق الاهل على ذي الرحم ودخوله فيه لا ريب، وأما الازواج فعلى فرض الاطلاق فليس اطلاق ذاتي بل معلق على الوصف وهو الزوجية، ويزول بزواله وظاهر الحكم في الآية أنه بلحاظ الذوات هنا، مضافا إلى ما حرره العديد من الاعلام من ورود الروايات من طريق العامة على قراءة الرسول (صلى الله عليه وآله) هذه الآية ستة اشهر على باب اصحاب الكساء، أي اختصاصها بهم (عليهم السلام)، مضافا إلى تغاير الضمير بين آيات سورة الاحزاب المخاطبة لنساء النبي (صلى الله عليه وآله) بضمير جمع الاناث بينما الضمير في الآية بلفظ جمع المذكر كما ان لسان تلك الآيات التحذير والوعيد والتشدد بينما لسان هذه الآية المجد والتودد مما يوجب الوثوق بأن هذه الآية أقحمت بين تلك الآيات عند جمع القرآن الكريم.

            اما الاشكال الاساس في الارادة فجوابه: أولا: ان الارادة التكوينية على نحوين اما دفعية واما تدريجية كما في الامطار وارسال الرياح لواقح،وهذه التدريجية لا تقدح في كونها تكوينية وذلك لان الخاصية الاساس لها هو عدم التخلف وهي متوفرة،وكونها تدريجية لا يقدح في كون الارادة تكوينية. اما ان التدريجية تقدح في العصمة فهذا أيضا غير تام وذلك لان العصمة على درجات فالملائكة معصومون ولكن هذا لم يمنع ان يتركوا الاولى، والمسلمون قاطبة يجمعون ان النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) بالنسبة إلى ربه تعالى هو في تكامل مستمر ويكتسب الفيض منه تعالى، وان كان بالنسبة لمن دونه لا يصل إليه احد لما له من مقام لا يصل إليه نبي ولاوصي، إذن التدريجية لا تنافي العصمة لان التكامل والسير نحو الله مستمر وهم مكلفون بحقيقة التشريع.
            وأما الاشكال: بأن الاذهاب من زاوية التدريج لا يستلزم العصمة، لكن من زاوية اثبات الرجس قبل الاذهاب يدل على عدم العصمة.

            فجوابه: ان هناك مقطعين في الآية احدهما يذهب الرجس والاخر يطهركم تطهيرا فلنتأمل في سر المخالفة بينهما! والسر في هذه المخالفة انه قد قرر في علم الفلسفة والعرفان وايده الاخلاق ان هناك مقامان مقام التزكية او التخلية ثم مقام التحلية و التجلية، وذلك لان التحلية بالفضائل لا يكون إلا بعد التخلية عن الرذائل وهذا شرط في تحقق التحلية وبدونه لا تتحقق، وفي مقامنا نقول ان اذهاب الرجس تخلية والتطهير تحلية ويلاحظ أن التطهير - وإن كان مستمرا - فعلي حيث لا يوجد فيه دلالة على الاستقبال بل انه مؤكد بالمفعول المطلق وهذا يدل على الوقوع الحالي فلا بد من وقوع الاذهاب قبل ذلك، وهذا التطهير غير متناهي.

            ثم ان هناك معنى آخر لإذهاب الرجس يجتمع مع ما تقدم من المعنى وهو بمعنى الإبعاد وأن لا يقترب الرجس من الذات والتوقية عن حريم ذواتهم نظير قوله تعالى {لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُـخْلَصِينَ}(1)، أي الصرف فلا يقترب إليه.
            والجواب الثاني: يذكر علماء الاخلاق والعرفان ان المرتبة الادنى من العصمة هي عدم الرجس وما فوقها كمالات،كما ان ليس كل عدم يطلق عليه رذيلة، وذلك لأن العدميات تصنف إلى قسمين احدهما ما يكون منشأ للرذيلة والشرور والاخر عدم كمال، والمنطقة الاولى من العصمة سميت بإذهاب الرجس، ومنه يبدأ السير التكاملي.

            اما المراد من الطهارة في الآية:

            فهي في معناها اللغوي مقابل القذارة وقد استعملت في القرآن في مصاديق مادية ومعنوية، اما الاولى ففي النقاء من الحيض وموارد الاستنجاء بالماء، اما المعنوية فقد عبر عن الكفر بالرجس في آيات عديدة {كَذلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَيُؤْمِنُونَ}، وقد اطلق فيها الرجس على احد معاني الشرك أو الالتفات لغير الله.

            وللطهارة مراتب ومدارج نستفيدها من نفس القرآن الكريم ففي سورة الدهر {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} في الرواية عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: "يطهرهم عن كل شيء سوى الله"(2)، فهؤلاء الذين ادخلوا الجنة ونعموا بها يبقى هناك مجال للتطهير مع انهم داخل الجنة ولا يدخلها إلا المؤمنون، ولكن مع ذلك يمكن ان ينظروا بانشداد وجذبة في هذه الجنة إلى غير الذات الالهية نظرة مستقلة وهذا معنى للشرك دقيق قد لا يلتفت إليه الانسان في حياته اليومية، وفي بعض الروايات نرى التعبير ان كل شيء شغلك عما سوى الله فهو صنم، وهذا يدلنا على ان الطهارة لها مدارج عديدة وعجيبة.
            ثم أن هاهنا تحقيق دقيّ يزول به اللبس المتوهم في معنى الإذهاب، وذلك بالامعان في هذه النكتة العقلية وهي أن الرفع وإن عرف بأنه إزالة ما كان، والدفع ممانعة الشىء عن الحصول منذ البدء إلا انه في الواقع يرجع الرفع في حقيقته إلى الدفع لأنه أيضا ممانعة من الوجود غاية الامر بقاءا،إذ أن وجود الشىء حدوثا لا يشفع في وجوده بقاءا بل هو محتاج إلى سبب ليفيض عليه وجوده أناً فآناً فمن ثم يتضح أن الرفع هو دفع ممانعة عن حصة الوجود اللاحقة لا أن ما هو موجود بالفعل يزال ويعدم في عين فرض وجوده، فإن ذلك تناقض فإن العدم لا يصدق على نفس الوجود،فمن ثم يتضح أن الرفع أو الاذهاب في حقيقته دفع وليس هناك رفع حقيقي، نعم المصحح للتفرقة هو الوجود السابق ثم لحوق العدم أو العدم من الابتداء، ولكن المصحح للتفرقة لا ينحصر بذلك بل يسوغه أيضا وجود القابلية في المحل، إذ أن الممانعة التي في الدفع لا تصحح إلا بوجود الاقتضاء القابلي وإلا فلا معنى للممانعة "لولا التقى لكنت أدهى العرب" وهو ممانعة التكليف، فالاذهاب والرفع والدفع يصححه الامكان الذاتي والاقتضاء القابلي،فليس يتوقف الذهاب على الوجود الفعلي كما يتوهم وهذا الذي قررنا باللغة العقلية هو المعنى الثاني للاذهاب الذي اشرنا إليه سالفا بمعنى الصرف والابعاد للرجس عن حريم الذوات المطهرة.

            اما الآية الثانية وهي {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَاب مَكْنُون * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}.

            لقد تقدم البحث في شئون الكتاب في الطوائف السابقة ونشير هنا إلى المراد من المس، وقد ذكر ان المس غير اللمس الحسي بل يقصد به الادراك والعلم به، وعليه يحمل على ان الكتاب مكنون في العوالم العلوية لا يصل إليه إلا المطهر، والمطهر بقول مطلق هو الذي عنده علم الكتاب وبهذا يكون التناسب بين هذه الآية وبين الآيات السابقة في الكتاب.
            آيات الاقتران بين التوبة والطهارة.

            وهنا نلاحظ ان منشأ التوبة هو منشأ الطهارة، وبيانها العقلي ان كل أوبة وتوبة هو رجوع وسير إلى الله عز وجل إذ هو انقلاع للنقائص، والبعد عن الباري هو سبب النقائص والقرب منه تعالى هو سبب الكمال.

            آيات الاصطفاء.

            وواضح ان المراد منها هو الغربلة والانتقاء ومنها {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى الْنَّاسِ بِرِسَالاَتِي}(1)، وهو اختصاص بمقام غيبي واصطفاء آل ابراهيم وآل عمران على العالمين واضح فيه انه لمقام فوق مقام بقية العالمين، وفي بعض الآيات {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى}(2)، وهذا سلام مخصوص يدل على مقام مخصوص.

            تعليق


            • #51
              الطائفة السادسة: آيات شهادة الاعمال

              {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}(3).

              {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}(4).

              وقوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين}(1).
              وهذا المقام هو مقام غيبي حيث فيه شهادة اعمال الأمة.

              {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}(2).

              الكلام يقع أولا في الشهادة على الناس فليس المراد شهادة مطلق المسلمين بل المراد ثلة خاصة منهم لقرائن:

              - لما ورد في آية الحج {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هذَا..}(3) والتعبير بـ (أبيكم) حيث لا يراد منه مطلق المسلمين.

              - إن هذه الامة المسلمة التي دعى لها ابراهيم ربه {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً}(4)، وهذه هي التسمية التي اطلقها ابراهيم عليهم.

              - ما ورد في آيات عديدة من خصائص لذرية ابراهيم من الاصطفاء وان ليس كل الذرية مشمولون بكل دعاء وقوله تعالى {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}(5).

              ـ وقوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّة بِشَهِيد وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هؤُلاَءِ شَهِيداً}(6)، ومن الواضح ان مقام الشهادة ليس لكل الناس بل لفئة خاصة حيث يكون الرسول شاهدا على جميع الامم الغابرة، وهذا يقتضي نوع خاص من التحمل، خارج اطار الحياة البشرية حيث انها قبل ولادة الرسول وبعد وفاته.

              - إن سنخ هذه الشهادة التى هي مقرونة برؤية الله تعالى للاعمال تعني أن التحمل لهذه الشهادة ليس من سنخ الادراك الحسي إذ هو ممتنع في حقه تعالى لأنه ليس بجسم، وممتنع في حق رسوله (صلى الله عليه وآله) والمؤمنون المعنيون في الآية،بحسب أجسامهم البدنية أن يفرض لها الاحاطة بكل الناس مع ان رؤية الاعمال غير مخصوصة بما إذا كانوا في النشأة الدنيوية للتأبيد والعموم في الآية، فيحدس اللبيب بالقواعد العقلية أن نحو الإحاطة بأعمال العباد إحاطة ملكوتية في طول إحاطة الباري تعالى.
              - وقد ورد مثلها في قوله تعالى {وَكَذلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}(1)، وفي قراءة أهل البيت {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً } حيث فرع غايتين على الوسطية شهادتهم على الاعمال وشهادة الرسول عليهم وهذه الوسطية ليست متوفرة في جميع افراد الامة، ففيها الطغاة والظالمين فليس كونهم مسلمين هو الذي جعل لهم تلك الوسطية بل أن الوسطية في الصفات العلمية والعملية والخلقية - بين الافراط والتفريط - على نحو الاطلاق تعني التوفر على أكمل الصفات وأعلاها وإلا لم يكن وسطا ميزانا شاهدا وهو يعني العصمة من كل النقائض.

              وفي العياشي عن الصادق (عليه السلام) قال: ظننت ان الله عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحدين أفترى أن من لا يجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر يطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة جميع الامم الماضية،كلا لم يعن الله مثل هذا من خلقه يعني الامة التي وجبت لها دعوة ابراهيم كنتم خير امة اخرجت للناس وهم الائمة الوسطى وهو خير امة اخرجت للناس(2).
              إذن ما نستفيده من الآية ان الرسول له مقام الشهادة على كل الامم والائمة على كل اعمال الناس، وفي قوله تعالى لعيسى بن مريم {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ}(1)، فهو شهيد عليهم في زمن حياته، بخلاف شهادة النبي (صلى الله عليه وآله) فهو مقام شهادة يفوق مقام شهادة بقية الانبياء.
              كما نستفيد من هذه الطائفة ان الامام هو رائد قافلة الاعمال الذي له وسطية الفيض في العمل وله احاطة بالعمل، وقد ورد في كثير من تعاريف الامامة على لسان الائمة بشهادة الاعمال، فقد روى في بصائر الدرجات بعدة اسانيد معتبرة عن الباقر (عليه السلام): أن الامام إذا قام بالامر رفع له في كل بلد منار ينظر به إلى أعمال العباد، وروي بعدة أسانيد أخرى أنه يجعل له في كل قرية عمود من نور يرى به ما يعمل أهلها فيها(2).

              تعليق


              • #52
                الطائفة السابعة: آيات الولاية

                وهي الآيات التي تبين مقامات من ولاية النبي (صلى الله عليه وآله) في الامة ولسان آخر تبين ان الولاية للنبي وآخرين معينين {أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}، {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}(3).

                وهذه الآيات وثيقة الصلة ببحث التوحيد في الطاعة وهي آيات اغلبها مدنية وقد اشبعنا البحث حولها في الفصول السابقة، اما هنا فالكلام في نقاط:

                قوله تعالى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}(1).
                في هذه الآية يطرح بحث حول حدود ولايته وسلطانه،وكما ذكرنا مرارا ليس الغرض من القرآن التفنن الادبي الصرف والتزويق اللفظي المجرد بل الالفاظ لقولبة المعاني وهندسة القواعد وتحديد الحقائق، وأن انتقاء الالفاظ للدلالة على المعاني المعينة المحددة، وهنا يعبر عز من قائل عن النبي بأنه اولى من النفس فكل ما يثبت انه شأن من شئون النفس فالنبي اولى به وشئون النفس غير منحصرة في الارادة قال العلامة: "فالمحصل ان ما يراه المؤمن لنفسه من الحفظ والكلاءة والمحبة والكرامة واستجابة الدعوة وانفاذ الارادة فالنبي أولى بذلك من نفسه ولو دار الامر بين النبي وبين نفسه في شيء من ذلك كان جانب النبي ارجح من جانب نفسه.، وكذا النبي اولى بهم فيما يتعلق بالامور الدنيوية أو الدينية كل ذلك لمكان الاطلاق في الآية"(2).

                وهكذا تظهر الاولوية بنصوصية في قوله تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلاَ مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}(3)، وواضح من نزول الآية كون موردها قضية شخصية وهي زواج زينب بنت جحش وهو امر شخصي وهذا يعني ان ولايته تعم حتى الامور الشخصية - وهاهنا اشكالات قد تطرح على تعميم الولاية:

                1 ـ و حاصله ان ارادة النبي لو كانت في الاغراض الشرعية والامور العامة المهمة التي يعتمد عليها مصير الجماعة فيكون هناك وجه لتقديم ولاية النبي (صلى الله عليه وآله)، اما لو كانت إرادته صادرة عن أمر نفساني خاص وشوق شخصي فإنه لا يليق بالشريعة ذلك، وأنه لو كانت الولاية عامة لشملت حتى وطي الزوجة والنظر إلى محارم المؤمنين.
                والجواب: أن هذه الأحكام منوطة بعناوين خاصة كالزوجية وعناوين الرحم الخاصة كالابن والاب والعم ونحو ذلك، مضافا إلى عدم كونها أفعالا منوطة بالرضا والاختيار أي بقدرة وولاية الشخص فلم ينط حلية وطء الزوج للزوجة برضا الزوج ولم يعلق حلية نظر لمحرم للمرأة المحرم برضاه، والولاية خارج هذا الاطار وانما الولاية تشمل المواطن التي تناط بالاختيار والارادة وتكون للمؤمن ولاية على نفسه، وبتعبير آخر الاشياء الثابتة للمؤمن بما هو مؤمن وليست ثابتة له بعنوان خاص مثل عنوان الولد أو الاب أو الزوج لذا لا تصح المقايسة بين البيع والنظر لان في الاول منوط بالرضا والاختيار لذا يستطيع المالك ان ينيب غيره عنه بخلاف الوطي فإنه لا يعقل ان ينيب فيه أحد عنه والطلاق كفعل مثل انيط برضا بالزوج بما ان له الولاية وحينئذ يثبت للنبي (صلى الله عليه وآله).

                2 ـ ما ذكره البعض ان الآية ليست في صدد بيان الولاية الخاصة للنبي على الامة بل في صدد بيان ولايته على بيت المال وإمرة المؤمنين بدليل ما ورد في أدلة الارث من أن النبي ولي من لا ولي له، وان الامام من ضمن طبقات الميراث وانه إذا لم يوجد من يسدد ديون الميت فالامام هو الذي يقوم بسداده، مع الاستدلال بهذه الآية في مثل تلك الروايات منها ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه كان يقول: "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فأيما رجل مات وترك دينا فإلي، ومن ترك مالا فهو لورثته"(1)، وأمثال هذه الروايات العامة التي تثبت ولايته في الامور السياسية العامة وما يشبه الضمان الاجتماعي في يومنا هذا.

                ولكن الحق أن كل هذا لا يدل على تحديد لولاية النبي (صلى الله عليه وآله) وذلك لأن الآية ظاهرة في أن للنبي مقاماً فوق منزلة النفس يجب الانصياع لها في كل مورد يوجد نفوذ للارادة التي هي في مجال الولاية، وهذه الروايات في الارث لا تتنافى مع هذا الذي ذكرناه وذلك لأنها تعلل وتنزل ولاية النبي على الامة منزلة الوالد على الولد وهذه الولاية تعني أنه في موارد التزاحم تنفذ ولاية الوالد بمناط حرمة العقوق ووجوب الطاعة (وهي لا تعني أن يجب ان يستأذن من والده في كل تصرف) وهكذا في مورد البيع أنيط برضا المالك الشخصي ولم ينط بارادة النبي (صلى الله عليه وآله)، وكذلك بقية التصرفات الاعتبارية انيطت بالملاك الشخصيين ولم تنط بولاية النبي، نعم في بعض الموارد إذا أعمل النبي (صلى الله عليه وآله) ولايته وارادته تكون المفاضلة له وهي النافذة.
                هذا في موارد وجود الارادة النبوية اما في موارد عدمها فأن صرف الاعتقاد والمحبة هو الذي يكون عليه الفرد المسلم، ويوطن نفسه أنه في بعض الموارد إذا أراد النبي استعمال ارادته.

                3 ـ أنه لا يعقل تعميم الولاية للميل الشخصي أي أن النبي (صلى الله عليه وآله) يعمل ولايته تبعا لرغبات وأمور شخصية، لأنه يكون فيها نوع من الاستبداد الذي ينبذه القرآن والعقل فلا بد من اعتماده ميزانا شرعيا يرجع إليه في تصرفاته، وهذا يعني أن ولايته غير مطلقة بل محددة، وشبيه بهذا ما يقال في الأنفال والأخماس من أنه ليس ملكا شخصيا للامام بل هو للمقام، ويترتب عليه أن الامامة حينئذ لا تكون حيثية تعليلية بل تقيدية، لأنها إذا كانت تعليلية فتكون ملكا شخصيا للامام، وعليه لا يكون المعصوم منطلقا من الميول الشخصية خصوصا في الأمور العامة ومصالح المسلمين.

                والجواب: إن في هذا الكلام خلط لأنا عندما نتكلم عن اعمال الولاية في الأمور العادية والشخصية هل مرادنا هو غرائز المعصوم أم الارادة المعصومة؟ ولاشك أنا نريد الثاني وأصل البحث أن ثبوت هذه الولاية لهم هو بتعليل عصمتهم، فهم آباء هذا الامة فارادته معصومة عن الزلل والخطأ وغرائز الشهوة وكبرياء الذات، ولا يمكن أن تصدر منه نزوة و لا يكون تصرفه صادر عن جهالة، بل إنا من تصرفه نستكشف الارادة الشرعية لأن ارادته هي ارادة شرعية وإنْ لم نعلم جهتها الشرعية، وخلاصة القول:
                إن المعصوم غير خال من الغرائز والشهوات كبقية بني آدم، لكن الفارق أن مبدأها هو العقل والارادة الالهية التي تجعل كل فعل يقوم به الانسان يكون خالصا لوجهه الكريم ولا يكون مبدؤها الشهوات الطامحة البهيمية التي تأكل الإنسان العادي، بل القوة العاقلة المتصلة بالافق المبين هي التي تسيطر على جميع القوى المادون فتجعلها تسير في خط مستقيم لا ينحرف عن جادة الصواب والحق.

                وهذا يقودنا إلى بحث آخر وهو ان الجنبة البشرية في النبي والامام هل تعني الغاء الافعال الغيبية أو ان الجنبة الغيبية للمعصوم تلغي افعاله البشرية؟

                وللاجابة عن هذا التساؤل نقول أنه يذكر في اقسام العبادات:عبادة الاحرار وهو من يعبد الله حبا فيه وأنه أهلا للعبادة، وعبادة التجار وهي عبادة من يرغب في الجنة، وعبادة العبيد وهي من يعبد الله خوفا من النار، ومن جانب آخر نرى في الادعية حرص الائمة على العبادة والدعاء خوفا من ناره وطلبا لجنته، وقد ألفت صدر المتألهين - في مبحث المعاد من كتاب الاسفار - إلى ان هذا الرجاء والخوف لا ينافي الاكملية، إذ أن تلبية الغرائز الدانية للنفس ليس ينافي الا كملية دوما فليس كل من طلب بعبادته الجنة فهي عبادة التجار بل توجد روايات تشير إلى أن الذي يعبد طلبا للجنة بما هي جنة من دون غاية أخرى فهي عبادة التجار أما إذا أتى بالعبادة طلبا للجنة والنجاة من النار كغاية متوسطة، والغاية النهائية هي الله فلا يكون خلافا للراجح وتكون هي عبادة الاحرار.
                وببيان عقلي ان لكل قوة من قوى النفس كمال تسعى إليه وهذه القوى المادون كمالها هو في النعيم الاخروي والاجر والابتعاد عن النار، فيجعل الانسان سعيه في الدنيا لغرض تسكين تلك الغرائز في النشأة الدنيوية كي لا تمانعه من أن يسير في طريق آخر وهو طريق الحق وسير النفوس في كمالاتها العالية، فالخوف من النار وطلب الجنة هو غاية متوسطة للقوى النازلة حتى لا تمانع من سير النفوس العالية.

                وروي في الصحيفة السجادية أنه (عليه السلام) رؤي بعد منتصف ليلة متهيأ بأحسن وأجمل هيئة لي سكك المدينة فسئل: إلى أين؟فقال (عليه السلام): إلى خطبة الحور وقصد بذلك التهجد في المسجد النبوي، وفي كفاية الاثر في باب ما جاء عن الصادق (عليه السلام) في التنصيص على الائمة (عليه السلام) في حديث قال (عليه السلام): أن اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله فإن حب الله إذا ورثه القلب استضاء به وأسرع إليه اللطف فإذا نزل منزلة اللطف صار من أهل الفوائد فإذا صار من أهل الفوائد تكلم بالحكمة فإذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة فإذا نزل منزل الفطنة عمل في القدرة فإذا عمل في القدرة عرف الاطباق السبعة،فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبته في خالقه(1).

                4 ـ أنه ورد في معتبرة السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "إذا حضر سلطان من سلطان الله جنازة فهو أحق بالصلاة عليها، وإن قدّمه ولي الميت وإلا فهو غاصب"(2) فقد قيد صلاته على الجنازة بإذن ولي الميت، ولم يجعل أولى منه.

                والجواب: أن متن الرواية متدافع حيث ان اثبات الاحقية يفيد اولويته على الكل وعلى ولي الميت، والتقييد بأن قدمه ولي الميت، ينفي الاحقية الخاصة به، إذ أن من يقدمه ولي الميت أحق من غيره سواء كان السلطان أو غيره فلو كان المدار على تقديم من يقدمه ولي الميت فلا اختصاص لها بالسلطان كما ان الاحقية هي لتقديم ولي الميت، فلو لم يقدمه لما كان أحق، فكيف يجعل الاحقية الخاصة به دون بقية الناس.
                فالوجه في مفاد الرواية هو كون المراد ان سلطان الله أحق بالصلاة، وعلى ولي الميت تقديمه على الجميع، وإلا فولي الميت غاصب في التصرف فيما غيره وهو السلطان أحق منه، ويعضد هذا التفسير لمفاد الرواية، ما رواه الكليني في الصحيح عن طلحة بن زيد - وهو وإن كان عاميا بتريا إلا ان الشيخ الطوسي وصف كتابه بأنه معتمد - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا حضر الامام الجنازة فهو أحق الناس بالصلاة عليها(1) وقد رواه الشيخ في التهذيب أيضا، فإن ظاهر اطلاقها الأحقية على الجميع بما فيهم ولي الميت، ويكفي بيانا في المقام قضية زواج زينب بنت جحش من زيد بن حارثة، فقد روى في تفسير البرهان عن الكليني عن أحمد بن عيسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} قال: أنما يعني اولى بكم أي أحق بكم وبأموركم وانفسكم وأموالكم ولله ورسوله والذين آمنوا يعني عليا واولاده (عليهم السلام) إلى يوم القيامة.

                تعليق


                • #53
                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  السلام عليكم
                  قدمنا سابقا مقدمه في الخلافه والامامه في المنهج القرآني وقلنا أن هناك أربعه عشر آيه من القرآن الكريم قد تعرضت لذلك..وقلنا أننا سنتعرض لهذه الآيات على مراحل بعددها ..ونبدأ بعون الله وبعد التوكل عليه المرحله الأولى وهي آيه الخلافه.
                  (بسم الله الرحمن الرحيم.واذ قال ربك للملائكه اني جاعل في الأرض خليفه قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني أعلم مالاتعلمون,.وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكه فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين,.قالوا سبحانك لاعلم لنا الا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم قال ياآدم أنبأهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم اني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون.)
                  أشارت الآيه المباركه الى سر من أسرار الخليقه وهدف النشأه الأنسانيه والتي هي أساس الكمال الأنساني وغايته.
                  في الآيه الكريمه أشارات ومعاني لبعض جوانب المفهوم القرآني للخلافه .
                  تتحدث الآيه الكريمه عن الخلافه بمفهومها العام والذي يعني نيابه الأنسان عن الله في التصرف في الأرض .وبأمعان النظر في أشاراتها ومدلولاتها نتوصل الى المفهوم الخاص للخلافه بما ينطوي عليه من معنى الحكم والسلطه السياسيه..وذلك لآن الخليفه يقوم مقام الغير (المستخلف عنه).
                  لقد وردت لفظه الخلافه في القرآن بصيغتين ..
                  الأولى صيغه المفرد(الخلافه الألهيه) وقد وردت مرتين .المورد الأول في آيه الخلافه (اني جاعل في الأرض خليفه)..والمورد الثاني في قوله تعالى(يا داوود انا جعلناك خليفه في الأرض فأحكم بين الناس بالحق).
                  الثانيه/صيغه الجمع(الخلافه البشريه) ,وهي خلائف أو خلفاء,وقد تكررت في القرآن الكريم سبع مرات كما في قوله تعالى( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض),وقوله تعالى(هو الذي جعلكم خلائف في الأرض),وقوله تعالى(ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم),وقوله تعالى(وجعلناهم خلائف),وقوله تعالى(وأذكرو اذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح),وقوله تعالى(وأذكروا اذ جعلكم خلفاء من بعد عاد),وقوله تعالى(أمن يجيب المضطر أذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض).
                  ويلاحظ أن الأستعمال القرآني قد فرق بين الصيغتين,حيث أستعمل الصيغه الأولى في مورد الأشاره الى خلافه الأنسان عن الله عز وجل,وأستعمل الصيغه الثانيه في موارد الأشاره الى خلافه المؤمنين وأتباع النبوات لمن سواهم من المعاندين والمشركين بنحو خاص ,أو خلافه قوم لقوم آخرين بمعنى عام أي توارث الأرض والسلطه بينهم,
                  ومايعنينا هو الصيغه الأولى (الخلافه الألهيه) في بحثنا هذا.وذلك
                  أولا/أن الآيه أطلقت لفظة(خليفه)من غير اضافه أوأشاره الى المخلوف عنه,وهذا الأسلوب في التعبير يفهم منه أن الخلافه المقصوده خلافه عن الله عز وجل .ذلك ان منشأ الخلافه اذا كشف عن المخلوف عنه بأن قال (جعلت فلانا خليفه لفلان)أو(خليفة عني)فقد عرف الخليفه والمستخلف عنه,وأذا لم يكشف عنه في متن (الجعل)كما لو قال زعيم دوله ما (أني جاعل في الدوله خليفه)فهم من قوله هذا أن المخلوف عنه هو زعيم الدوله نفسه وأن الخليفه( المجعول )هو خليفه عن الزعيم (الجاعل)وان لم يصرح بذلك في كلامه ,وآية الخلافه هي من هذا النوع(اني جاعل في الأرض خليفه) فيفهم منها الخلافه الألهيه.
                  ثانيا/ان أستفهام الملائكه وما جرى من الحوار بينهم وبين الله سبحانه يبين بوضوح أنهم بصدد الأستفهام عن خلافة الأنسان عن الله سبحانه,وكذلك اجابه الله لهم وما جرى من سؤاله وأمتحانه اياهم تؤكد أنه سبحانه بصدد الخلافه الألهيه.
                  ثالثا/ومما يؤكد كون الخلافه المقصوده هنا الهيه,أن الله عرف الأنسان للملائكه على أنه خليفه قبل أن يخلقه.والمفروض في آيه الخلافه أنها تتحدث عن الأنسان الأول الذي سيدشن الأرض قبل أي مخلوق آخر له شأنيه الخلافه والسياده على ما سواه,فلا تعقل الخلافه البشريه اذ لابشر في الأرض قبل آدم حتى يكون خليفه عنهم ولم يسكنها مخلوق قبله بينه وبين آدم نوع من السنخيه .بحيث يكون أبو البشر خليفه عنه,فينحصر معنى الآيه المباركه في الخلافه الألهيه.
                  وأما آيه(ياداوود انا جعلناك خليفه في الأرض فأحكم بين الناس بالحق)فأن السبب الأول جار فيها,اذ لم تبين الآيه من هو المخلوف عنه .وقد تبين أن هذا الأسلوب من التعبير يفهم منه الخلافه الألهيه .كما أن عبارة (فأحكم بين الناس بالحق)تنسجم مع الخلافه الألهيه دون الخلافه البشريه والقيام مقام الآخرين.
                  ما هي الخلافه ,ومن هو الخليفه.
                  أن منطق الخلافه يقتضي من الخليفه أن يكون أمتدادا طبيعيا لمن يستخلفه وكذا النائب ينبغي أن يكون أمتدادا تجسيديا في الفكر والسلوك للمنوب عنه.ويلاحظ في آية الخلافه أنها لم تقيد الخلافه بل جائت مطلقه .فوضائف الخلافة وأعمالها غير محدوده وكذلك دائره الأستخلاف والمخلوقات المشموله له وهذا يعني أن الله سبحانه وتعالى فوض لآدم عليه السلام خلافه مطلقه من هاتين الجهتين وهذا الأطلاق يؤكد ضرورة كون الخليفه ممثلا للمستخلف وهو الله سبحانه في الفكر والسلوك وذائبا فيه بأعلى درجه ممكنه لان الخلافه المطلقه تعني الثقه المطلقه من قبل المستخلف والألتزام المطلق من قبل الخليفه. ومن الطبيعي أن تتطلب هذه الدرجه العاليه من الألتزام أن يكون الخليفه عالما بخصائص المستخلف وصفاته ومحيطا بالشؤون التي أستخلف فيها. أي أن يكون عالما بالله سبحانه وأسمائه الحسنى وصفاته العليا من جهه .وبالأرض التي أستخلفه عليها والمخلوقات الكائنه عليها من جهة أخرى كما يجب أن تكون له القدره الضروريه للتصرف فيه .وبدون هذا العلم لا يستطيع أن يجسد أرادة الله وصفاته وبالتالي يعجز عن أن يكون أمتدادا له وممثلا عنه كما لا يستطيع أن يدير المخلوقات ويدبر الشؤون التي أستخلف فيها .
                  ومن هنا أحتاج الخليفه المعين والمختار من قبل الخالق سبحانه الى العلم والتعلم بقدر كاف ومن نوع مناسب .فصرحت الآيه (وعلم آدم الأسماء كلها )ليتحقق من خلال ذلك ملاك الخلافه وأساسها وقد جاء ذلك التعليم بالقدر الكافي (الأسماء كلها)أي أن التعليم كان على قدر الخلافه فكما أن الخلافه مطلقه فكذلك جاء التعليم عاما شاملا للجهات التي يحتاج الى الأطلاع عليها في الخالق والمخلوق ولم يكن ذلك التعليم بالألفاظ ومداليلها الذهنيه.وأنما كان بالحقائق ومصاديقها الخارجيه العينيه وكان لابد أن يكون ذلك العلم متناسبا في نوعيته مع مقام الخلافه الألهيه المطلقه أي أن يكون في أرقى درجه ممكنه ومن أعلى نوع ممكن وقد كان كذلك فأن آدم تلقى العلم من الله مباشرتا ولاعلم فوق العلم الذي يفيضه الله سبحانه بصوره مباشره لمن جعله خليفه له وربما يؤيد ذلك ما ورد في الآيه من نسبه العلم الى آدم عليه السلام ونسبة الانباء الى الملائكه(وعلم آدم الاسماء كلها ) (فلما أنبأهم بأسمائهم) فما أفيض على آدم هو العلم وما أفيض على الملائكه هو الانباء .
                  ومن كل ذلك يتحصل أن الخلافه الألهيه تتقوم بالعلم ولكن ليس كل علم وأنما بالعلم الشهودي لاالكسبي الحصولي .علم يتلقاه الخليفه من الله سبحانه مباشرة ومن غير واسطه وهذا النوع من العلم يمثل أساس الخلافه الألهيه وملاكها وهذا هو الذي جعل الملائكه يعترفون بقصورهم عن أحتلال مقام الخلافه وقد كانوا قبل ذلك يتصورون أستحقاقهم له من خلال ما يقدمونه من تسبيح وتقديس ولكن حينما علم الله آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكه بادروا الى الأعتراف بالعجز قائلين(سبحانك لاعلم لنا الا ماعلمتنا انك أنت العليم الحكيم).
                  وبعد هذا نتسائل عن حقيقه الأسماء التي تعلمها آدم عليه السلام.فالمعروف أن الأسم هو مايعرف به الشيء؟فما المراد به في آية الخلافه؟
                  هنا توجد أربع أحتمالات هي
                  1/أن يكون المراد بها هو أسماء الله سبحانه أي الألفاظ.
                  2/أن يكون المراد بها هو المفاهيم الذهنيه لتلك الأسماء.فما حصل هو القاء هذه المفاهيم في ذهن آدم عليه السلام.
                  3/أن المراد بها الأعيان الخارجيه الحاكيه عن الله سبحانه وتعالى.
                  4/أن المراد بها أسماء المخلوقات.
                  أن الأحتمال الأول لايتم ,وذلك لأن اللغات والألفاظ لم تكن قد وضعت آنذاك.
                  والأحتمال الثاني لايتم أيضا .لأن المفاهيم الذهنيه غير قابله للنقل والأنباء.
                  والأحتمال الرابع أيضا لايتم.لأن ماورد على الأحتمال الأول يرد عليه أيضا..
                  فيتعين الاحتمال الثالث .فيكون المراد من تلك الأسماء هي الأسماء العينيه الحسنى كما يساعد عليه تعبير الأنباء في قوله تعالى(أنبئوني بأسماء هؤلاء ) وقوله تعالى (أنبأهم بأسمائهم ).
                  ومن المحتمل أن تكون هذه الأسماء أسماء الله تعالى من جهه وأسماء ما سواه من جهه أخرى .فأن (هؤلاء)الذين أضيفت الأسماء اليهم في الآيه يتصفون تاره بأنهم مضاهر لصفاته الحسنى ونعوته العليا وأخرى بكونهم موجودات تختزن في داخلها كمالات المخلوقات على وجه أتم وأعلى ..وعلى هذا الوجه فلا تعارض بين الروايات التي فسرت الأسماء بأنوار المعصومين وأرواحهم عليهم السلام وقد ورد في بعض الروايات وصف المعصومين بانهم الاسماء ألحسنى .
                  ولاريب في ان الخلافه ألمجعوله في ألآيه ليست مختصه بشخص آدم عليه السلام بل هي خلافه نوعيه. وذلك لأن الملائكه قالوا(اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) وهو قول ينسجم مع وجود كثرة في ألأفراد وواقع مستمر ومتواصل بنحو يفهم منه أن الخلافه لا تختص بآدم وانما تشمل غيره ,ويلاحظ في جواب الله سبحانه على استفهام الملائكه أنه لم ينف حصول القتل والفساد في ذرية آدم , و انما اجاب بقوله سبحانه (و اني اعلم ما لا تعلمون ) وهو قول يفهم منه ان الخلافه لا تشمل الأفراد الذين سيرتكبون القتل و الفساد , وانها لابد و أن تكون خاصه بمن يسبح الله ويقدسه , وعليه تكون الخلافه مجعوله لآدم كنوع لا كشخص , وآدم ألنوعي هو المعصوم الذي تلقى العلم الشهودي ونال الخلافه بنص ألهي , وعليه فالخلفاء من بعده_ او بتعبير اخر- ان الافراد الاخرين لخط الخلافه الالهيه لابد وان يكونوا من هذا النوع و يحملون هذه الخصائص . وأن في ألنوع ألأنساني من سيحمل صلاحية الوصول الى هذا المقام الرفيع .
                  ومما سبق كله يتضح لنا ان مقام ألخلافه الألهيه يمثل ذروة الكمال ألأنساني ومنتهى ألرفعه الانسانيه المنشوده .
                  وهنالك روايات عديده تؤيد المعطيات التي استفدناها من اية الخلافه .
                  منها ما رواه الصدوق بسندين عن الامام الصادق عليه السلام ( أن الله تبارك وتعالى علم آدم عليه السلام اسماء حجج الله كلها ثم عرضهم _وهم ارواح_ على الملائكه فقال ( انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين ) بأنكم احق بألخلافه في الأرض لتسبيحكم وتقديسكم من آدم عليه السلام (قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم ) قال الله تبارك وتعالى ( انبئهم بأسمائهم فلما انبأهم بأسمائهم ) وقفوا على عظيم منزلتهم عند الله تعالى ذكره فعلموا انهم احق بأن يكونوا خلفاء الله في ارضه وحججه على بريته ثم غيبهم عن ابصارهم واستعبدهم بولايتهم ومحبتهم وقال لهم (ألم أقل لكم اني أعلم غيب ألسماوات و الأرض واعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) ( كمال الدين : ج 1\ ص 14)
                  وفي تفسير العياشي عن ابي العباس عن ابي عبد الله عله السلام سألته عن قول الله ( وعلم آدم ألأسماء كلها )ماذا علمه ؟ قال ( ألارضين و ألجبال و الشعاب وألأوديه) ثم نظر الى بساط تحته فقال (وهذا البساط مما علمه) (تفسير العياشي ج1 /ص51/تفسير البرهان للبحراني ج1/ص75/ح9/المجلسي بحار الأنوار,ج1/ص146)
                  وفي تفسير العياشي ايضا عن داوود بن سرحان العطار قال كنت عند ابي عبد الله عليه السلام فدعا بألخوان فتغذينا ثم جاءوا بالطست و الدست سنانه فقلت جعلت فداك قوله ( وعلم آدم الأسماء كلها ) الطست و الدست سنانه منه ؟ قال الفجاج و الوديه واهوى بيده كذا وكذا ...(تفسير العياشي ج1/ص51/تفسير البرهان ج1/ص75/ح11/بحار الأنوار ج11/ص147)
                  نتائج البحث في آية الخلافه.
                  1/أن الخلافة جعل الاهي لادخل للبشر فيه.
                  2/أنها خلافه مطلقه لاتختص بجهه دون آخرى.
                  3/ أن الملاك في هذه الخلافه هو العلم بالمستخلف بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا.ليتمكن الخليفه من التعبير عنها والسير في خطاها وبالمخلوقات التي جعل خليفه عليها حتى يتمكن من تدبير أمرها وأدارة شؤونها.
                  4/أن الخلافه لاتنحصر في شخص آدم عليه السلام وذلك بدلالة أعتراض الملائكه بسفك الدماء ,كما أنها لاتشمل المفسدين بل تختص بالصالحين ممن حضي بعلم الاسماء .
                  5/أن الغايه من خلق البشر في كل زمان أنما هو وجود ذلك الخليفه الممثل لغاية الكمال الانساني ,أما غيره فأتباع منقادون لحكمه وقيادته.
                  بفضل الله ومنة منه علينا.أنتهينا من المرحله الاولى .
                  .ولنا عوده معكم في المرحله الثانيه وبحث في آيه الأمامه.أنشاء الله
                  وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

                  تعليق


                  • #54
                    حقيقت انسان كامل، سرّ همه عبادات

                    براي راهيابي به اسرار عبادت نشانه هايي است. توضيح اينكه، آنچه شرط صحت و قبول طولي عبادت است نه شرط عَرضي آن از اسرار عبادت محسوب مي شود؛ مثلا طهارت شرط صحت نماز است: «لا صلاة إلاّ بطهور»[1]، همانطور كه فاتحة الكتاب جزء قطعي آن است: «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب»[2]، ليكن اين گونه از اشتراط و توقف گرچه تقدم رتبي را به همراه دارد، ليكن از لحاظ سِرّ شناسي در عَرْض عبادت مشروط و موقوف قرار دارد، نه در طول آنها؛ زيرا شرط طولي قبول طهارت و نماز نيز پرهيزكاري است: (إنّما يتقبَّل الله من المتَّقين)[3]. قبول تقوا نيز رهن ولايت انسان كامل است؛ زيرا هيچ عبادتي حتي تقوا بدون تولّي معصومين (عليهم السلام) مقبول نخواهد بود؛ حتي پذيرش والي بودن آنان بدون اعتقاد به ولايت تكويني آن ذوات عظام مقبول نيست[4]؛ زيرا ولايت تكويني، سرّ والي بودن و سرپرستي جوامع بشري آنان خواهد بود؛ يعني پذيرش سرپرستي آنان مانند نماز و روزه و زكات و حج و… از فروع دين به شمار مي رود[5]، و هر فرعي داراي اصل است كه سرّ آن فرع محسوب مي گردد. در اين باره آنچه جزو فروع دين است قبول سرپرستي آنان است و آنچه از اصول دين به شمار مي آيد ايمان به لزوم نصب آنان از طرف خداي سبحان و مظهريت آنها براي خداوند است. از اين رهگذر معلوم مي شود كه حقيقت انسان كامل سرّ هر گونه عبادت است و هر سالكي به مقدار نيل خود از كمال انساني به راز عبادت مي رسد و كاملترين آنها كه معصومين (عليهم السلام) هستند به سرّ نهايي عبادت واصل شدند. از اين رو صراط مستقيم[6] و ميزان اعمال[7] هستند. براي رسيدن به اين هدف عالي و پيروزي بر رقيب ـ كه همچنان محترم نخواهد ماند و سرانجام ايام غم به سر آيد[8] ـ چاره جز خردمندي و هوشياري در مراقبت حَرَمِ امن دل نيست. فرزانگي نيز بدون تدبّر و ژرف انديشي حاصل نخواهد شد و صاحب نظري، بدون رازداري و طهارت ضمير و صيانت سرّ ميسر نخواهد شد: «الظفر بالحزم والحزم بإجالة الرأى والرأى بتحصين الأسرار»[9].

                    مأخذ: صهباي حج، ص 315.

                    [1] ـ وسائل الشيعه، ج 1، ص 222.

                    [2] ـ مستدرك الوسائل، ج 4، ص 158؛ به همين مضمون در وسائل‏الشيعه، ج 4، ص733 ـ 732.

                    [3] ـ سوره مائده، آيه 27.

                    [4] ـ وسائل الشيعه، ج 1، ص 96 ـ 90.

                    [5] ـ همان، ص 197.

                    [6] ـ بحار، ج24، ص 12.

                    [7] ـ همان، ج 11، ص 28 و ج24، ص68 و396 و ج97، ص287 و330.

                    [8]

                    تعليق


                    • #55
                      انسان کامل کیستانسان کامل کیست
                      Print Friendly Version of this pagePrint Get a PDF version of this webpagePDF
                      انسان کامل کیست؟ لطفا یک توضیح دقیق و جامع و مفصل فلسفی عرفانی بدهید.
                      در پاسخ به پرسش شما دوست گرامی باید گفت اصطلاح عرفانی «انسان کامل» گرچه در قرآن کریم و روایات بکار نرفته است، اما وجهه الهی انسان – که همان معنای انسان کامل است – در قرآن کریم مورد اشاره قرار گرفته علاوه بر آنکه تعدادی از تفاسیر این اصطلاح را به کار برده و آیاتی از قرآن کریم را بر آن تطبیق داده اند، و چون مصداق انسان کامل پیامبران و امامان علیهم السلام و به فرموده شهید مطهری قرآن از انسان کامل به «امام» تعبیر کرده است.(۱) بنابراین به جهات فوق ضرورت دارد از این عنوان بحث شده و دیدگاه قرآن و روایات درباره آن روشن گردد.
                      برخی از تعبیرهای غیر دینی چون «لوگوس»، «تعیّن اول»، «انسان بلورین»، «انسان برتر»، «انسان عقلی» و تعبیرهای دینی «عقل اول»، «قلم اعلی»، «مخلصین»، «سابقین»، «امام»، «رسول»، «قطب» و «خلیفه الله» هر کدام اشاره ای به مسأله انسان کامل است.
                      انسان کامل در واقع بیان انسان آرمانی است و هر دینی دیدگاه خود را درباره آن بیان کرده است، شناخت انسان کامل از نظر قرآن کریم نیز در واقع شناخت نوع نگاه قرآن به انسان و بیان غایت و هدف از تربیت قرآنی است. «ارتباط بحث از انسان کامل با مذاهب شیعه نیز روشن است و به گفته عفیفی: بحث انسان کامل ارتباط وثیقی با مسأله ولایت و امامت نزد شیعه دارد»(۲).
                      عرفان اسلامی را می توان در دو مسأله خلاصه نمود: «توحید چیست» و «موحّد کیست» و شناخت موحّد حقیقی همان بحث از انسان کامل است که در واقع نیمی از مباحث عرفان نظری را به خود اختصاص داده است.
                      شاید لفظ «انسان کامل» اولین بار در اواخر قرن ششم توسط محی الدین ابن عربی بکار برده شده باشد، اما پیش از او، معنا و مفهوم این لفظ مورد توجه و استعمال بوده است.
                      مثلاً ابن سینا معتقد است که کمال عالم کون آن است که انسان ازاو پدید آید و خلقت همه موجودات دیگر برای اوست و کمال انسان آن است که در قوه عقل نظری به عقل مستفاد و در عقل علمی به عدالت رسد و در این صورت نهایت شرف عالم ماده که انسان مستکمل به این دو مرتبه است پدید آمده است.(۳) ابن سینا لفظ انسان کامل را استعمال نکرده ولی می گوید: همه چیز برای انسانی که به نهایت شرف رسیده باشد و این همان انسان کامل است.(۴) راغب نیز فرموده: «الباب الخامس فی تکوین الانسان شیئاً فشیئاً حتی یصیر انساناً کاملاً…»(۵) وی در مراتب وجودی انسان را با استناد به آیات شریفه قرآن بیان کرده است. به هر حال آنچه مهم است بیان مقصود از انسان کامل و ویژگیهای او و نگاه قرآن کریم به چنین انسان آرمانی است .
                      شایع ترین و قدیمی ترین تعریفی که برای انسان ذکر شده «حیوان ناطق» است و مقصود از «نطق» قوه عالمه و عامله است. انسان کامل یعنی کسی که در دو قوه عقل نظری و عقلی عملی به بالاترین درجه قابل تصوّر رسیده باشد یعنی در عقل نظری صاحب عقل مستفاد باشد و در عقل عملی به مرحله فناء فی الله و بقاء بالله رسیده باشد.
                      عرفای اسلامی از انسان کامل با القابی چون: «شیخ»، «هادی»، «مهدی»، «خلیفه»، «جام جهان نما»، «اکسیر اعظم» و «خضر» تعبیر می کنند (۶)و در روایات از او با «امام»، «خلیفه»، «قطب»، «صاحب الزمان»، «ولی الله»، «مؤید به روح القدس» یاد شده است(۷) و در قرآن مجید کلماتی از قبیل «مخلصین»، «سابقون»، «رسول»، «عیسی زنده کننده اموات» و «سلیمان عالم به زبان مرغان» به انسان کامل تأویل شده اند.
                      اهمیت شناخت انسان کامل یا انسان نمونه از دیدگاه اسلام از آن نظر برای ما مسلمین واجب است که حکم مدل و الگو و سرمشق را دارد. اگر ما انسان کامل اسلام را نشناسیم قطعاً نمی توانیم یک مسلمان تمام یا کامل باشیم و به تعبیر دیگر یک انسان کامل و لو کامل نسبی از نظر اسلام باشیم.(۸)
                      تعریف انسان کامل
                      چون انسان دارای مقام ثابت نیست و حدّ یقف ندارد و به تعبیر قرآن مجید «یا اهل یثرب لا مقام لکم» و از طرفی حقیقت انسان کامل که متّحد با عقل اول و نور اقرب است دارای تجرد عقلی تام و بلکه فوق تمام است و مجردات را نمی توان به صورت ایجابی تعریف نمود و تمام آن‌چه ما از آن‌ها می دانیم به صفات سلبی است لذا تعریف جامع و مانع از انسان کامل بسیار مشکل است. ولی در این‌جا برخی از کلماتی که نشان دهنده حقیقت انسان کامل است را نقل می کنیم:
                      قیصری می گوید: «انسان کامل عبارت است از جمع جمیع مراتب الهی و کونی، از مرتبه عقل و نفس کلی گرفته تا آخرین مرتبه تنزلات وجودی. این انسان کامل صاحب مرتبه «عماء» است که شبیه مرتبه الهیت است و تفاوتی با آن ندارد مگر در ربوبیت و مربوبیت. که انسان کامل مربوب است و مرتبه الهیت ربّ است».(۹) در این کلام قیصری انسان کامل را انسانی خداگونه و شبیه خداوند می داند با حفظ تفاوت واجب و ممکن یا مستقل و وابسته یا بالذات و بالغیر. که اگر انسان کامل همه اسماء الهی را نیز داراست ولی تفاوت به بالذات و بالغیر محفوظ است. انسان کامل عالم است ولی بالغیر و خدای متعال عالم است اما بالذات. و این در توقیع شریف امام زمان علیه السلام که در دعاهای ماه رجب نقل شده است نیز مورد اشاره قرار گرفته است.(۱۰)
                      بنابراین معلوم شد که انسان کامل یعنی موجودی که بیشترین مقام قرب الی الله را داشته و جامع جمیع مظاهر و مراتب تعینّات بوده باشد.(۱۱) یعنی هر انسانی و هر موجودی مظهر یکی از اسماء الهی است به خلاف انسان کامل که مظهر تام جمیع اسماء و بلکه مظهر اسم اعظم و مستجمع جمیع کمالات و صفات است اما بالغیر نه بالذات. چنین انسانی عالم کبیر و کون جامع شمرده می شود. این چنین انسانی با سایر مردم تنها اشتراک در صورت و چهره ظاهر دارد «قل انّما انا بشر مثلکم»(۱۲) اما در سیرت و حقیقت تفاوت بسیاری با دیگران داشته و چون شناخت او مشکل است همچنانکه شناخت خدای متعال نیز چنین است فرشتگان جاهل مقام او بوده و نسبت به مقام او اعتراض داشتند.(۱۳) بنابراین انسان کامل تعیّن اول و مظهر اتمّ خداوند است که او چون جان همه جهان تکوین بوده و خلیفه خداوند است و دارای مفاتیح غیب، و شجره طیبه ای است که واسطه بین خداوند و تمام موجودات بوده و دارای مقام احسن تقویم و اعلی علیین می باشد. این انسان کامل گاهی به شکل نبی ظهور می کند و گاهی به شکل وصی و ولیّ. او کتاب جامع خداوندی است که کتاب تدوین شرح حال مقامات اوست.
                      ضرورت وجود انسان کامل
                      متکلمان از راه قاعده لطف بر ضرورت وجود انبیاء و امامان علیهم السلام استدلال کرده اند. و فلاسفه گاهی از راه مدنی بودن انسان و این که در جعل قانون یا در اجرای قانون نیاز به پیامبر و امام احساس می شود(۱۴) و گاهی از این طریق که چند قاعده فلسفی را به یکدیگر ضمیمه کرده و نتیجه گرفته اند که چون از واحد حقیقی بیش از یک معلول صادر نمی شود و باید بین علت و معلول سنخیت باشد پس باید صادر نخستین عقل مجردو نورانی باشد که همان حقیقت محمدی صلی الله علیه و آله است.
                      اما عرفا برای بیان ضرورت انسان کامل از راه ضرورت وجود مظهر برای اسماء الهی وارد شده و می گویند ضرورت وجود نسبت میان اسماء الهی و موجودات امکانی همان ضرورت وجود انسان کامل است. امام خمینی معتقد است که: هر کدام از اسماء الهی در حضرت واحدیت دارای صورتی است که همان مفاتیح غیب است (۱۵) و اولین اسمی که به تجلّی احدیت در حضرت علمیه و احدیت ظهور نموده اسم اعظم است که عین ثابت انسان کامل و حقیقت محمدیه صلی الله علیه وآله است. و از این‌جا است که معلوم می شود که انسان کامل مظهر اسم جامع و مرآت تجلّی اسم اعظم است. و بالجمله انسان کامل – که آدم ابوالبشر یکی از مصادیق آن است – بزرگ‌ترین آیات و مظاهر اسماء و صفات حق تعالی و مَثَل و آیت حق تعالی است.
                      و خدای سبحان از مَثَل – یعنی شبیه – منزّه و مبرا است، ذات مقدس را تنزیه از مَثَل به معنای آیت و علامت نباید نمود (وله المثل الاعلی)(۱۶) همه ذرات کائنات آیات و مرآت تجلیات آن جمال جمیل هستند منتها آنکه هر یک به اندازه وعای وجود خود. ولی هیچ یک آیت اسم اعظم جامع، یعنی الله نیستند جز حضرت کون جامع و مقام مقدس برزخیت کبری. پس خداوند انسان کامل را به صورت جامع آفریده و او را آینه اسماء و صفات خویش قرار داده است.(۱۷)
                      بنابراین چون خدای متعال «ظاهر و باطن» است و باید کمال ظهور و بطون را داشته باشد پس باید هر اسمی از اسماء جلاله او ظهور و بطون داشته باشد بنابراین هیچ اسمی بدون مظهر نخواهد بود، همچنان‌که هیچ موجودی نیست که مظهر یکی از اسماء الهی نباشد و یکی از اسماء الهی اسم شریف «الله» است که جامع جمیع کمالات است و تمام کمالات در او ظهور دارد بر خلاف سایر اسماء که هر کدام از آن‌ها، یک کمال در آن‌ها ظهور دارد و سایر کمالات بطون دارد. و این اسم شریف نیز باید مظهری داشته باشد که تمام کمالات در او ظهور داشته باشد و آن انسان کامل است. چون خداوند همیشه هست ظل و سایه او نیز همیشه هست پس انسان کامل همیشه وجود دارد، و این همان عقیده شیعه نسبت به ضرورت وجود امام و حجت خدا است.
                      پس کمال جلاء همان کمال ظهور حق متعال است در انسان کامل.(۱۸) و چون خداوند باید تمام کمالات را داشته باشد هم به صورت کلی و هم جزئی و هم به صورت جمع و هم به صورت فرق و تفصیل پس باید دارای اسم اعظم باشد که مقام جمع است و انسان کامل مظهر آن است.(۱۹) و چون ناسوت و ملکوت و جبروت گسسته از یکدیگر نبوده و انسان نیز حقیقتی است گسترده از عرش تا فرش. پس باید انسان کامل با همین بدن عنصری همیشه روی زمین باشد همچنانکه ملکوت او با ملکوت عالم است و قلب و سرّ او با جبروت عالم است.
                      به عبارت دیگر تا مظهر اتمّ اعلی وجود نداشته باشد طبق قاعده امکان اشرف نوبت به مظهر انقص نمی رسد. این انسان کامل انسان بالفعل است که اگر او موجود نباشد عبث لازم می آید زیرا هدف از خلقت اوست آنچنانکه ابن سینا فرموده مقصود از خلقت پدید آمدن انسان کامل در دو قوه عقل نظری و عقل عملی یعنی صاحب عقل مستفاد و متخلّق به عدالت است.(۲۰) علاوه بر آنکه هر حرکتی نیاز به غایت و مقصد دارد و چون حرکت استکمالی است پس غرض از خلقت رسیدن انسان به کمال لایق خود می باشد. و به عبارت دیگر رسول و نبی از اسماء الله نمی باشند بلکه از صفات عالم کون و ماده بوده و قابل انقطاع هستند اما «ولیّ» از اسماء الهی است(۲۱) و اسماء و صفات الهی فانی شدن نداشته و همیشه ثبات و دوام خواهند داشت لذا ولایت انسان کامل همیشه خواهد بود و روایات شریفه نیزگاهی می فرمایند «اللهم بلی لا تخلو الارض من حجه لله…»(۲۲) و گاهی می فرمایند «لو لا الحجه لساخت الارض… »(۲۳) و مقصود از اینها آن است که عقل و نقل و عرفان همگی اتفاق بر ضرورت دوام وجود انسان کامل دارند.
                      با توجه به آنچه گذشت معلوم شد که انسان کامل قطب عالم امکان است و همه ممکنات به گرد او می گردند و او مظهر اسم اعظم الهی است و هیچ گاه عالم خالی از چنین مظهری نیست.(۲۴) و قرآن مجید صورت کتبیه چنین انسانی است(۲۵) و به گفته صدرالمتألهین اگر در حدیث آمده است که خداوند انسان را به صورت خود آفرید(۲۶) مراد چنین انسانی است. این انسان است که چون دارای احدیت جمع یا نقطه جامعه است جامع قرآن و فرقانست.(۲۷)
                      انسان کامل یکی از حظراتِ خَمس بوده و مرآه اتم و مظهر اعلی حق متعال است.
                      «انسان کامل همان وجود مبارک علوی علیه السلام است که فانی مطلق و باقی به بقاء الله است».(۲۸)
                      آیه الله حسن زاده آملی یکصد و چهل حدیث در مورد انسان کامل و ضرورت او و ویژگیهای آن نقل فرموده است.(۲۹)
                      صدرالمتألهین انسان کامل را کتابی می داند که جامع همه کتابهای الهی است هم دارای کتاب تکوین است و هم کتاب تدوین و هم کتاب انفسی، و هم کتاب لوح محفوظ است و هم امّ الکتاب، زیرا انسان کامل نمونه عالم کبیر است که از جهت روح و عقل خود کتاب عقلی به شمار می رود، و از جهت قلب و نفس خود که همان نفس ناطقه اوست کتاب لوح محفوظ می باشد و از جهت نفس حیوانی و قوه خیالی اش کتاب محو و اثبات است.(۳۰)
                      در پاسخ به این سوال به همین مقدار کفایت کرده و شما را برای مطالعه بیشتر در موضوعات مختلفی از جمله: نقش انسان کامل در نظام هستی، انسان کامل و مقام مشیه الهی، تلازم شناخت خداوند با شناخت انسان کامل، انسان کامل و مسأله خلافت الهی، انسان کامل و ولایت تکوینی و تشریعی به منابع عرفانی ارجاع می‌دهیم؛ برخی از این منابع عبارتند از درآمدی بر عرفان نظری آقای یزدان پناه، انسان کامل از دیدگاه نهج البلاغه، رسائل قیصری.

                      ۱٫«انسان کامل» ص ۲۸٫
                      ۲٫ فصوص الحکم» با تعلیقات ابوالعلاء عفیفی، ص ۱۷۰٫
                      ۳٫ ر.ک: «المبدأ و المعاد» ص ۹۱٫
                      ۴٫ « نهج الولایه» ص ۲۲٫
                      ۵٫ «تفصیل النشأتین و تحصیل السعادتین» ص ۱۸٫
                      ۶٫ «الانسان الکامل» عزیز نسفی، ص ۵۷٫
                      ۷٫ « انسان کامل از دیدگاه نهج البلاغه» ص ۱۰۰٫
                      ۸٫«انسان کامل» شهید مطهری، ص ۱۴٫
                      ۹٫ شرح فصوص الحکم» قیصری، ص ۱۰؛ «نقد النصوص فی شرح نقش الفصوص» ص ۶۳ .
                      ۱۰٫«اقبال الاعمال».
                      ۱۱٫ آن گونه که در خطبه البیان آمده است: ر.ک: «یازده رساله» ص ۲۷۰٫
                      ۱۲٫سوره کهف / آیه ۱۱۰٫
                      ۱۳٫ سوره بقره آیه ۳۰٫
                      ۱۴٫«الاشارات و التنبیهات» ج ۳، ص ۳۷۱٫
                      ۱۵٫سوره انعام / آیه ۵۹٫
                      ۱۶٫سوره روم /آیه ۲۷٫
                      ۱۷٫«چهل حدیث ذیل» ح ۳۸، ص ۶۳۴ .
                      ۱۸٫«مصباح الانس» ص ۴۷٫
                      ۱۹٫«رساله ذکر و ذاکر و مذکور» ص ۱۱۸٫
                      ۲۰٫ «المبدأ و المعاد» ص ۹۱٫
                      ۲۱٫ «انت ولیی فی الدنیا و الآخره» سوره یوسف، آیه ۱۰۴ و «هو الولی الحمید» سوره شوری، آیه ۲۹٫
                      ۲۲٫«نهج البلاغه» حکمت ۶۸ .
                      ۲۳٫ «اصول کافی».
                      ۲۴٫ «هزار و یک نکته» نکته ۲۶، ج ۱، ص ۶۰ .
                      ۲۵٫ «مجموعه مقالات» آیه الله حسن زاده، ص ۹۷٫
                      ۲۶٫ «کلمات مکنونه» فیض کاشانی، ص ۱۲۵٫
                      ۲۷٫ «یازده رساله» ص ۱۴۱٫
                      ۲۸٫ «آداب الصلاه» امام خمینی، ص ۳۲۵٫
                      ۲۹٫ «یازده رساله» ص ۱۴۵٫
                      ۳۰٫ «اسفار» ج ۶، ص ۲۹۶٫

                      تعليق


                      • #56
                        پايگاه اطلاع‌رساني آيت‌الله لطف الله صافي گلپايگاني متن دل‌نوشته اين مرجع تقليد را در مورد شب و روز عاشوراي حسيني منتشر كرد.
                        به گزارش خبرنگار گروه فضاي مجازي خبرگزاري فارس، پايگاه اطلاع‌رساني آيت‌الله لطف الله صافي گلپايگاني متن دل‎نوشته اين مرجع تقليد را در مورد شب و روز عاشوراي حسيني منتشر كرد. *شب عاشورا سلام الله و سلام جميع انبيائه و ملائكته علي مولانا أبي‎عبدالله الحسين و علي اولاده و اهل بيته و اصحابه و انصاره و علي زوّاره و شيعته. حشرنا الله في زمرتهم بحق محمّد و آله الطاهرين صلوات الله عليه اجمعين! *اي كاش فردا نمي‌شد خدايا! چه مي‌شد اگر امشب را آن فردا نبود و تا صبح روز قيامت، بامدادش نبود و در فردايش آن جنايات هولناكي كه تا آن تاريخ سابقه نداشت و بعد از آن همانند و نظيرش اتفاق نخواهد افتاد، رخ نمي‌داد و تاريخ بشريت، سياه و آنچنان پر از ننگ و عار نمي‌شد و اوج بي‌رحمي، بي‌وجداني و درنده‌خويي برخي ابناي بشر، كه از هيچ مخلوق ديگري ظهور نمي‌كند، نشان داده نمي‌شد، و آن ددمنشاني كه در صحراي كربلا براي ارتكاب بزرگ‌ترين جرايم تاريخ گرد آمده بودند، فرصت اين همه گستاخي و اظهار خباثت نفس را نمي‌يافتند. آنان بدترين جنايتكاراني بودند كه خود را به جيفه دنيا و به يزيد و ابن‌زياد ـ آن جرثومه ها و تجسم ستمكاري، بي‌شرافتي، پستي، پليدي و همه رذايل اخلاقي و آن دشمنان مردمان مستضعف ـ فروخته بودند. خدايا! اگر امشب به پايان نمي‌رسيد، شمر و سنان و ابن‎سعد و حرمله و ديگر شقاوت پيشگاني كه اولياي تو را محاصره كرده بودند نمي‌توانستند آن همه شقاوتي را كه از خود نشان دادند، در دفتر سياه بني‎نوع انسان، ثبت نمايند و ميلياردها بشري را كه در طول تاريخ آمده و مي‌آيند سرافكنده و شرمنده سازند. خدايا! چه مي‌شد اگر خورشيد و ماهَت از حركت باز مي‌ايستادند و زمين از گردش باز مانده بود تا در فرداي امشب، عزيزترين و بهترين بندگان تو، حسين عليه‌السلام و يارانش به دست دشمنان تو به شهادت نمي‌رسيدند و آن همه مصائب جانكاه بر اهل بيت پيغمبر صلي الله عليه و آله تو وارد نمي‌شد؟ اما خدايا! تو خود صاحب اين جهاني و دنيا را دار امتحان و آزمايش، قرار دادي و فرمودي: ليبلوكم ايّكم احسن عملاً[1] به قضا و قدر تو ارزش انسان‌ها ظاهر مي‌شود. تا آنها كه بالاترين مراتب كمال انسانيت را دارند در اعلامِ انّ الله اشتري من المؤمنين انفسهم و اموالهم بانّ لهم الجنّة[2] و تو را بهترين مشتري شناخته و خود را به تو فروخته شناخته شوند. و هم آنهايي كه در اسفل السافلين مكان مي‌گيرند و اولئك كالانعام بل هم اضلّ[3] توصيفي از خباثتشان است خود را معرفي كرده و بشناسانند. لايُسئل عمّا يفعل و هم يُسئلون[4] انت العليم الحكيم[5] *رزم‌آورد حق و باطل امشب سران دو گروه، كه همواره در تاريخ، مواجهه و صف‌آرايي آنها در برابر يكديگر را خوانده و مي‌خوانيم، در كربلا به صحنه مي‌آيند و تمام اين عالم را تا پايان اين جهان به تماشاي مقابله و نبرد دو جبهه حق و باطل و موقف آنها مشغول مي‌سازند. موقف الهي و رحماني حسين عليه‌السلام، اهل بيت و اصحابش كه با آن عده به ظاهر اندك و معدود و به باطن امت‌ها و جهان‌هايي از شخصيت‌هاي بي‌نظير و بي‌بديل، براي بذل جان در راه خدا، عزت، كرامت، شرف انسانيت، اعلاي كلمة الله و احياي معالم دين تصميم مي‌گيرند و هيچ گونه فشار، تهديد و اوضاع ناگوار ـ از شهادت جوانان، تشنگي كودكان و اسارت فاضل‌ترين و باشخصيت‌ترين بانوان ـ به قدر ذره‌اي در تصميم آنها اثر نمي‌گذارد. و موضع نحس، ناپاك، پليد، ضدانساني و بي‌شرمانه سپاه كوفه كه با خدا اعلان جنگ داده‌اند، مي‌خواهند با فرزند رسول خدا بجنگند و او و تمام يارانش را تشنه‎لب از دم شمشير بگذرانند و محترم‌ترين و معتبرترين بانوان درگاه خدا را اسير سازند. گروه ابن‎سعد و شمر و سنان و خولي و يزيد و ابن‎زياد را طمع به جوايز و پست و مقام و يا بيم از يزيد و ابن‎زياد به كربلا كشانيده بود و گروه حسين عليه‌السلام و حزب خدا به شوق درك درجات عاليه، دفاع از نواميس دين و حرم نبوت و ولايت در آن ميدان آزمايش، حاضر شده بودند. سپاه سعادت و لشكر شقاوت. منظره شب عاشوراي كربلاي سال 61 هجري قمري منظره‌اي عبرت انگيز و آموزنده بود؛ سعادت، مناعت و بلندي همت از سيماي ياران امام حسين عليه‌السلام، و شقاوت، دنائت و پستي از چهره پليد پيروان بني‎اميه هويدا بود. سپاه حسين عليه‌السلام كه خود را چون رهبرشان، سعيد مي‌دانستند و به موقفي كه داشتند افتخار مي‌كردند و در حُسن عاقبت خود هيچ شبهه و شكي به دل راه نمي‌دادند و فاصله‌اي بين خود و رستگاري و رسيدن به لقاء‌الله جز شهادت در ركاب آقا و مولايشان نمي‌ديدند، آرام و مطمئن شب را به عبادت، به صبح رساندند. و سپاه يزيد، ابن‎زياد و عمر سعد گرچه خود را به ظاهر پيروز مي‌ديدند، اما هيچ‎يك خود را با موضعي كه داشتند سعادتمند نمي‌دانستند و جز شمر و تني چند از هم‎قماشانش، كه شايد از كشتن اولياء الله و فرزندان پيغمبر و آن مظاهر ايمان، توحيد و كمال انسانيت لذت مي‌بردند و احساس شرم نمي‌كردند، ديگران همه با وجدان خويش در جنگ و جدال بودند. *سپاه باطل و عدم بصيرت. به هر حال، اگرچه ما نمي‌توانيم هويت حق‌ستيزي فوق العاده و دشمني بي‌اندازه بني‌اميه با خاندان رسالت و ميزان عداوتشان با دين را ارزيابي كنيم، اما مي‌دانيم كه با اين وجود در ميان همين اشقيا كسي نبود كه براي كشته شدن و بذل جان آمده باشد؛ همه آمده بودند تا بازگردند و جايزه بگيرند، يا اينكه مورد خشم ابن‎زياد قرار نگيرند و در ميان آنها بسا كساني بودند كه مانند حر منتهي شدن اين جريان به شهادت امام عليه‌السلام را پيش‌بيني نمي‌كردند و كساني ديگر هم شايد استقامت و ايستادگي امام و يارانش را در موقفي كه داشتند باور ننموده و گمان مي‌كردند پيشنهاد تسليم يا جنگ و شهادت در آن شرايطي كه بزرگ‌ترين شجاعان دنيا را به تسليم وادار مي‌نمود، كارساز مي‌شود و امام و يارانش به ذلت تسليم ـ العياذ بالله ـ تن در مي‌دهند. خلاصه، جز عده معدودي، احدي از آنها نبود كه بتواند خود را با حساب معنويات قانع سازد و از خسارت و صدمه معنوي‌اي كه در اين جنگ مي‌بيند استقبال داشته باشد و مرگ در آن مهلكه را براي خود هلاكت حقيقي نداند. آنها نمي‌توانستند مواقف امام و يارانش را داشته باشند؛ زيرا بر باطل بودند و نمي‌توانستند در وجدان خود جنگ با پسر پيغمبر را توجيه كنند. *سپاه حق، سپاه بصيرت اما اصحاب امام همان طور كه خود امام آنها را توصيف كرد و آنها نيز خودشان مكرر اعلام كردند، به چيزي جز شهادت در راه امام عليه‌السلام راضي نمي‌شدند و همه آمده بودند كه در آن مهلكه، جان خويش را فدا كرده و به فوز شهادت نايل شوند. هدفشان از اينكه قرآن، موضع مجاهدين در راه خدا و در ركاب پيغمبر را به آن توصيف كرده و مي‌فرمايد: قل هل تربصون بنا الا احدي الحسنين[6] بالاتر بود. موقف آنها بين تسليم و ترك حق و ترك امام يا شهادت در راه خدا خلاصه شده بود و آن رادمردان ايمان و شرف انسانيت، شهادت را اختيار كرده بودند و لحظه‌اي در آن ترديد نكردند و به اينكه برحق‌اند و شهادتشان در راه خداست و در اين جنگ، زيان نمي‌كنند و كشته شدنشان در نزد خدا بي‌عوض نمي‌ماند، ايمان محكم داشتند؛ از اين جهت حتي يك تن از آنها در روز عاشورا ميدان جنگ را خالي نكرد، در حالي كه دشمنانشان هركجا خطرمرگ را مي‌ديدند پا به فرار گذارده و مي‌گريختند. *شب عاشقان بي‌دل شب عاشورا، خيام طاهره حسين عليه‌السلام و لشكرگاه آن حضرت پر از صفا و معنويت و شوق لقاء الله بود؛ صداي دلنوازشان به مناجات، بلند بود و تهجد و عبادتشان به انسانيت بها و ارزش مي‌داد: لهم دويّ كدويّ النحل ما بين راكع و ساجد و قائم و قاعد[7] هيچ‎يك از آنها از اينكه فردا شب، زنده نيست متأسف نبود؛ فقط آن غيرتمندان باشهامت از اين جهت نگران و متأسف بودند كه مي‌دانستند فردا شب، اين باعظمت‌ترين بانوان بيوت شرف و كرامت، اسير دشمن مي‌شوند و حمايت كننده‌اي ندارند. *شب اتمام حجت‌ها منظره شب عاشوراي حسين و اصحاب آن حضرت، اتمام حجت ديگري با سپاه كوفه بود كه بدانند مي‌خواهند چه جنايت عظيمي را مرتكب شوند؛ تا بفهمند كه با شب‌زنده‌داران و قاريان قرآن و بهترين خلق خدا رو به رو هستند؛ اگرچه بيشتر چهره‌هايي كه براي ياري حسين عليه‌السلام آمده بودند براي آنها ناشناخته نبود. *ستارگان سپاه سيدالشهدا حبيب‎بن مظاهرها و مسلم‎بن عوسجه‌ها، همه از كساني بودند كه سوابقشان در اسلام بر بيشتر سپاه كوفه به خصوص سران نامردشان پوشيده نبود و همه، آنها را به زهد، پارسايي، حفظ قرآن، عبادت و شخصيت مي‌شناختند. ابوعمرو نهشلي به تهجد و كثرت نماز توصيف مي‌شد؛ همچنين سويدبن عمرو به شرافت و كثرت نماز، مشهور بود. قارب، غلام امام، قاري قرآن بود، شؤذب، مجلس روايت داشت و از مشايخ حديث بود، همچنين بريربن خضير از قراء قرآن بود. قيس‎بن مسهر و عمروبن خالد و ابوثمامه و سويد و عبدالله‎بن عمير و سعيدبن عبدالله و . . . همه از شخصيت‌هايي بودند كه حضورشان در ركاب امام عليه‌السلام و فداكاري‌هايشان حقانيت خود و گروهشان را ثابت مي‌كرد. علاوه بر اينكه جمعي از صحابه پيغمبر صلّي الله عليه و آله مانند: انس‎بن حارث، حبيب‎بن مظاهر، مسلم‎بن عوسجه، ابوسلامه و هاني، عبدالرحمن‎بن عبدربّ انصاري و عبدالله‎بن يقطر نيز به شرف افتخار جان‌نثاري حسين عليه‌السلام مشرف بودند. اصحاب حسين عليه‌السلام شامل بزرگان، حاملان حديث، عباد، زهاد، قراء مشهور و صاحبان سوابق در مغازي بودند كه كشتن هريك از آنها سندي معتبر براي محكوميت و بطلان طرف مقابل بود. *آفتاب كربلا بديهي است كه مشروعيت و حقانيت موقف حسين عليه‌السلام به خود آن حضرت بود و اگر احدي از اين بزرگان از اهل بيت عليهم السلام و از آن صحابه هم، ملازم ركابش نبودند حقانيت حسين عليه‌السلام و بر حق بودن قيامش مسلم بود، اما شهادت اين بزرگان نيز در كنار آن موج وسيعي كه شهادت سيد الشهداء عليه‌السلام در درياي بيكران و پهناور عالم اسلام ايجاد كرد و تا امروز بر وسعت آن افزوده مي‌شود، امواجي بود كه هركدام جلوه خاص و معنا و مفهومي را عرضه مي‌كند و عظمت آن موجي را كه هرگز پنهان نمي‌شود بيشتر نشان مي‌دهد. چنانكه اجتماع سران اراذل و اوباش و اعداي اهل بيت عليهم السلام و افرادي كه معلوم بود در شركتشان هيچ هدف صحيح و مقصدي ندارند و در ارتكاب بدترين جنايت‌ها و انجام فجيع‌ترين بي‌رحمي‌ها شركت جسته و نيز براي خوش‌رقصي و اظهار ذلت و خودفروشي به بني‎اميه، آماده شده‌اند، موقف عزت، سربلندي و سرافرازي ياران ابي‌عبدالله عليه‌السلام را بيشتر آشكار مي‌ساخت. *خدا دوستانش را مي‌شناسد آري! فرشتگان الهي كه به درگاه خدا عرض كردند: اتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء[8] به اين‌گروه يزيديان و شمر و ابن‎سعد و پيروان‌ خط و راه آنها نظر داشتند. و خداوند متعال كه در جواب آنها فرمود: انّي اعلم ما لاتعلمون[9] به گروه حسين و اصحابش و كساني كه در طول تاريخ در اين خط مي‌باشند و از آنها پيروي مي‌نمايند، عنايت داشت. *فرصتي براي انس بيشتر چنانكه ارباب تواريخ و حديث نگاشته‌اند، عصر روز تاسوعا وقتي عمر سعد بر حسب دستور ابن‎زياد مبني بر فوريت شروع جنگ، فرمان يورش به خيام طاهره را صادر كرد، به شرحي كه در كتاب‌ها نوشته‌اند، امام حسين عليه‌السلام از آنها براي اجراي يك سلسه برنامه‌ عبادي و در واقع وداع با نماز، عبادات و تكاليف الهي يك شب مهلت خواست. مؤمن آماده براي لقاء خدا، در عين شدت شوق براي فوز به لقاء، ادامه انس نمازي و عبادي خود با خدا را نيز دوست مي‌دارد و آن را هم ظهور و جلوه‌اي از لقاء الله مي‌بيند؛ براي ولي اللّهي مانند حسين عليه‌السلام كه همه حالاتش در لقاء مي‌گذرد، همه جَلوات جلوه‌هاي لقاي حق، لذت‌بخش است. *فرصت تفكر اين مهلت خواهي، متضمن معاني عالي و اعلان موضع برحق امام بر آن گروه ستمكار كافر بود، اعلان حقيقت، اعلان توحيد و اعلان محكوميت دشمن بود و در عين حال مهلت و فرصتي براي سپاه عمر سعد بود كه اگر برخي از آنان تا به حال فكر مي‌كردند كه جنگ، با تسليم سيد الشهدا عليه‌السلام و اصحابش به پايان مي‌رسد و به شمشير كشيدن بر روي آن حضرت، كه با شمشير كشيدن بر روي پيغمبر فرقي ندارد، منتهي نمي‌شود، اكنون كه بر سر دوراهي جهنم و بهشت قرار گرفته‌اند، در اين يك شب در كار خود تأمل كنند. اگر در همان عصر تاسوعا جنگ بلافاصله شروع مي‌شد، براي آن عده‌اي كه شب عاشورا به اصحاب امام مي‌پيوستند، ديگر فرصتي براي تصميم‌گيري و بازگشت به سوي حق وجود نداشت و چه‎بسا كه براي سعادتمندي مانند حر نيز سعادت ندامت و رجوع به حق حاصل نمي‌شد. بنابراين مهلت يك‎شبه اگرچه به حسين عليه‌السلام و اصحابش براي عبادت داده شده بود، اما مهلتي براي سپاه عمرسعد هم بود كه در اين يك شب فكر كرده و با رجوع به وجدان خود تصميم بگيرند؛ اگرچه ابن‎سعد و شمر و سنان‌ها تصميم خود را گرفته بودند و براي محاربه با خدا به كربلا آمده بودند، اما بسياري بودند كه به زور و تهديد و تحت تأثير عواملي چون ضعف ايمان و نداشتن شجاعت نفساني، و به اميد خاتمه غائله با تسليم شدن امام بودند؛ از اين رو براي اينكه بر آنها اتمام حجت شود، اين فرصت يك‎شبه ‌لازم بود‌ كه همين فرصت در رجوع‌ عده‌اي به ‌حق، مؤثر واقع‌ شد. *شوق ديدار شب عاشورا، صداي عبادت و مناجات دلنواز حسين عليه‌السلام و اصحاب بزرگوارش صحراي كربلا را آكنده از عطر روحانيت، معنويت، شور و شوق و توجه به خداي متعال كرده بود؛ گروهي پاكباز، دل از جان شسته و خود را به خدا فروخته و مطلوب و مقصود خود را يافته بودند و دعوت به قرآن، دعوت به حق، دعوت به محكوم كردن ظلم و استكبار و دعوت به نصرت حق و دفاع از نواميس دين را لبيك گفته بودند. دعاهايشان همه مشحون به معرفت و حمد و شكر الهي بود؛ خالصانه‌ترين ستايش‌ها و نيايش‌ها همان بودند كه آن عزيزان درگاه خدا، به پيشگاه معبود حقيقي خود تقديم مي‌كردند. آنان دلشان فارغ از همه اغيار و پر از اخلاص و محبت به او بود. آن حالي را كه داشتند مغتنم مي‌دانستند و به آن معراجي كه عروج كرده بودند، سرافراز و سربلند بودند. *قلب‌هاي تاريك اما از آن سو، گروه يزيديان كه اين منظره روحاني انصار الله در برابرشان قرار داشت، در عمق ظلمات و تاريكي‌هايي كه در آن غوطه‌ور بودند و «بعضها فوق بعض» بود، آن روشنايي جهان‎تاب را مي‌ديدند. اگر در آنها صاحب وجداني بود غير از خجلت، سرافكندگي و از خود بيزاري، چه احساسي مي‌توانست داشته باشد؛ آنها نه دستشان به دعا بلند مي‌شد و نه مي‌توانستند با عالم معنويت و لذت احساس به كمال و درك حق، ارتباط برقرار كنند. آنها چه دعايي مي‌توانستند داشته باشند؟ آيا مي‌توانستند پيروزي بر حق را از حق طلب كنند؟ آيا واقعاً مي‌توانستند از خدا بخواهند كه حسين و يارانش به دست آنها كشته شوند؟ به يقين حتي عمر سعد كه با اين زبان به لشكرش گفت: *يا خيل الله (لشكر خدا يا شيطان!) اركبي و بالجنّة ابشري[10] نيز نمي‌توانست ميان خود و خدا، به حسين نفرين كند، او خوب مي‌دانست كه بهشت و رضاي خدا با كاري كه او مي‌خواهد انجام دهد، حاصل نمي‌شود. اگر كسي در لشكرگاه عمر سعد داراي ضمير بيداري بود و دعا مي‌كرد، دعايش غير از اين نبود كه: «خدايا! فردا مرا از درگير شدن با حسين عليه‌السلام و اصحابش نگهدار! مرا به شقاوت شركت در خون حسين يا كشته شدن به دست حسين، مبتلا نساز! و همين عده معدود بودند كه دعايشان مستجاب شد و به حسين و انصار حسين ملحق شدند. به راستي كه شب غريبي بود آن شب و اين دو گروه را حالات غريب متضادي بود. *ياوران حقيقي حسين عليه‌السلام با دلي آرام و مطمئن و سرشار از شوق به لقاء الله خطبه خواند؛ خدا را به نيكو‌ترين بيان، نيايش و ستايش كرد و بر اينكه آنها را به نبوت، پيامبري، علم قرآن و فقه دين سرافراز فرموده و چشم و گوش و دل (بصيرت و بينش همه جانبه) بخشيده، حمد نمود و اصحاب خود را مدح و توصيف كرده و فرمود: فانّي لااعلم اصحابي اوفي و لا خيراً من اصحابي و لا اهل بيتي ابرّ و لا اوصل و لا افضل من اهل بيتي فجزاكم الله عنّي خيراً[11] من اصحابي را باوفاتر و بهتر از اصحاب خودم و اهل بيتي را نيكوكارتر، متحدتر و فاضل‌تر از اهل بيت خويش نمي‌دانم؛ خدا شما را از من پاداشي نيك دهد! سپس به آنها فرمود كه شرط نيكي و ياري را به جا آورديد و به آنان اذن داد كه از آن اقيانوس موّاجِ پر از آزمايش به كنار روند و جان خود را نجات دهند و آنها را از بيعت و تعهدي كه نسبت به آن حضرت داشتند، آزاد و بريء الذمّه فرمود كه بروند و متفرق شوند و به منازل و شهرهاي خود برگردند. فانّ القوم انّما يطلبونني و لو قد اصابوني للهوا عن طلب غيري[12] اين مردم قصد تعرض به من را دارند و اگر به من دست بيابند، به غير من نمي‌پردازند. آن اهل بيت بزرگوار و آن اصحاب باوفا يك قول و يك سخن، پاسخ دادند كه ما هرگز چنين كاري نمي‌كنيم و امام خود را در ميان دشمن، بي‌يار و تنها نمي‌گذاريم. برادران آن حضرت، برادرزادگان و عموزادگانش همه گفتند، ما چنين نكنيم، چرا برويم؟ براي اينكه بعد از تو زنده بمانيم؟! لاارنا الله ذلك ابداً[13] خدا ما را بي‌ تو هرگز زنده نگذارد! ما جان خود و كسان خود را فداي تو مي‌كنيم و در راه تو جهاد مي‌كنيم و در هر بلا و مصيبتي كه تو وارد شوي ما نيز وارد مي‌شويم. *دژهاي محكم ايمان پس از اينكه بني‌هاشم از اين مقوله سخن گفتند و تصميم قاطع خود بر شهادت را اعلام كردند اصحاب به نوبه خود برمي‎خاستند و با عرض جانفشاني و جان‎نثاري در آن موقعيتِ به ظاهر پر از رعب و وحشت، كه بر حسب عرف و عادت بايد از آن پيشنهاد امام استقبال نمايند، ايمان محكم خود را به امام و راهي كه در پيش گرفته اظهار مي‌نمودند و به مرگ و آن شدايد و مصائب جانكاهي كه پيشِ رو داشتند اهميتي نمي‌دادند و خوشحال و سرافراز بودند كه از بوته امتحان چنان بي‌غل و غش بيرون مي‌آيند. در آرزوي شهادت مسلم‎بن عوسجه ضمن بيان سخناني پر از معنا و حقيقت، گفت: «به خدا قسم اگر بدانم كشته مي‌شوم سپس زنده مي‌شوم و باز كشته مي‌شوم و به آتش سوزانده مي‌شوم و خاكسترم بر باد داده مي‌شود و هفتاد بار با من چنين رفتار نمايند، از تو جدا نمي‌شوم تا جانم را در راه تو فدا نمايم؛ پس چگونه دست از دامن تو بردارم، در صورتي كه غير از يك كشته شدن نيست كه آن هم موجب كرامت بزرگ‌تر و جاويد است؟»[14] زهير گفت: «دوست دارم هزار بار مرا بكشند و خداوند متعال به كشته شدن من، از تو و از اين جوانان اهل بيت كشتن را بگرداند.»[15] ساير اصحاب نيز آنچه را بايد در چنين موقعيتي بگويند به عرض رساندند و دلاوران جهان و قويدلان را از درجه بلند قوت، استقامت، بي‌پروايي از مرگ و وحدت كلمه خود مبهوت و متحير ساختند. بزرگ‌ترين معامله تاريخ آري! آنچه اين رادمردان مي‌خواستند، بهايش همان بذل آن نفوس طيّبه و جان‌هاي پاك بود. احياي دين، برانداختن بدعت‌ها، اعلاي كلمة‌الله، نجات اسلام و معالم انسانيت از خطر اضمحلال، ابطال باطل، تبديل تفكر اموي به تفكر محمّدي و اسلامي و محكوم ساختن حكومت مشركانه سفياني بود كه به قول شاعر: لو لا صوارمهم و وقع نبالهم لم‎يسمع الاذان صـوت مكبّر[16] آنان با بذل جان، رضاي خدا و خشنودي رسول خدا و نصرت حق و نصرت قرآن را مي‌خريدند. آنها به رضوان خدا نظر دوخته‌ بودند و الحق در معامله‌اي كه كردند آن چنان سودي بردند كه احدي از انبيا و اوليا در معامله با خدا بيشتر از اين سود نبرده است. *نامي به بلنداي تاريخ آن شب و آن روز در بستر زمان بسيار كوتاه بود و به سرعت گذشت، اما آن صبر، پايداري و استقامت بر تصميم در هر ثانيه‌اي از آن شب و روز تنها از كساني مانند آن نخبگان فضيلت و شخصيت، قابل ظهور و صدور است. گوارا باد بر آنان رضاي خدا و رضاي رسول خدا صلي الله عليه و آله و رضاي اميرالمؤمنين عليه‌السلام و رضاي فاطمه زهرا سلام الله عليها و رضاي امام مجتبي عليه‌السلام و رضاي آقا و مولايشان حسين عليه‌السلام. همه جهات مادي آنها ـ كه عاقبت هم از ميان مي‌رود ـ در آن معركه از بين رفت، اما فضيلت، معنويت و نام بلند آنها باقي ماند و اگرچه دشمن بر آن ابدان طيّبه چيره شد اما هرچه كرد نتوانست بر مكارم اخلاق، حرّيت، ايمان، اصطبار و موضع ضد‌ ظلم و استضعاف آنها مسلط شود. قد غيّر الطعن منهم كل جارحة الا المــكارم في امن من الغير[17] خدايا! ما آنها را دوست مي‌داريم و به كار آنها راضي و خشنوديم و مواضع آنها را مي‌ستاييم؛ ما را در زمره آنان و دوستانشان مقرر فرما! *در سوداي محبت دوست اگر شنيده‌ايد كه فرموده‌اند، اصحاب سيد الشهداء عليه‌السلام درد شمشير را احساس نمي‌كردند، باور كنيد و تعجب نكنيد! آنچه آنها مي‌ديدند و به شوق آنچه آنها مي‌رزميدند و نيل به مقامات و درجاتي كه آنها به آن ايمان داشتند، شخص را از احساس رنج و درد تير و شمشير باز مي‌دارد. انساني كه گرم توجه به حق تعالي است و در عوالم وصال با او سير مي‌كند، اگر غير او و خودش را فراموش كرده و خلع بدن شده باشد، عجيب نيست، چنانكه معروف است كه پيكان تير را از بدن اميرالمؤمنين عليه‌السلام در حال نماز مي‌كشيدند و آن حضرت دردي احساس نمي‌فرمود. در نماز آن‎چنان زجا رفتي كه دعاوار بر سما رفتي پر به سوداي تن نكوشيدي گاه كَندي و گاه پوشيدي بود غفلت زسلخ پيكانش كه به تن بود آن نه برجانش. وقتي كه بانوان مصري با ديدن جمال يوسف چنان از خود بي‌خود شدند كه بر حسب آيه كريمه: فلما رأينه اكبرنه و قطعن ايديهن و قلن حاش الله ما هذا بشراً ان هذا الا ملك كريم[18] دست‌هاي خود را به جاي ترنج بريدند و به آن التفات نداشتند، پس اگر اصحاب سيد الشهدا عليه‌السلام با آن درجه بلند معرفت و با اينكه غرق تماشاي جمال الهي بودند و بر حسب اخبار، حضرت منازل آنها را به آنان نشان داد، ضرب شمشير و تير و نيزه را بر جان خود خريدند و آن‎چنان گرم شور و شوق و فوز به لقاء الله و ثواب حق تعالي شدند، جاي تعجب نيست. *برگزيدگان مكتب ايمان اين اصحاب، برگزيدگاني بودند كه از پيش براي چنين امتحاني آماده شده بودند و در درك اين فضيلت از همه بزرگان و اصحاب پيغمبر صلي الله عليه و آله و ياران اميرالمؤمنين و امام حسن عليهما السلام كه در آن عصر زنده بودند، پيشي گرفته و در كتاب «بصائر الدرجات» از حذيفة‎بن اسيد غفاري قريب به اين مضمون نقل شده است كه: «پس از اينكه حضرت مجتبي عليه‌السلام از كوفه به سمت مدينه عزيمت كرد، من در التزام ركاب آن حضرت بودم و شتري را ديدم كه باري بر آن است و پيشاپيش حضرت، حركت مي‌كند. به حضرت عرض كردم: «جعلت فداك (فدايت شوم)! مگر بار اين شتر چيست كه شما به آن توجه داريد و آن را زير نظر قرار داده‌ايد؟» فرمود: «طومار اسامي شيعيان ماست.» گفتم: «فدايت شوم! مي‌شود آن را به من نشان بدهي تا نام خودم را در آن ببينم؟» فرمود: «آري! فردا صبح نزد من بيا.» از آنجا كه من خود خواندن نمي‌دانستم، برادرزاده‌ام را به همراه خويش بردم. حضرت مجتبي عليه‌السلام فرمود: «اين جوان كيست؟» عرض كردم: «برادرزاده من است؛ او را آورده‌ام تا نام مرا در آن طومار ببيند.» حضرت مرا امر به نشستن فرمود و دستور داد آن ديوان و دفتري را كه در ميانه است، بياورند. برادرزاده‌ام در آن نگريست و گفت: «عمو! اسم من در اين صحيفه است.» گفتم: «من تو را آورده‌ام، تا نام من را بجويي و تو نام خود را مي‌خواني؟» جوان چند برگي را ورق زد و سپس نام مرا نيز در آنجا پيدا كرد. من از اين در تعجب ماندم كه چگونه نام او پيش از نام من ثبت شده بود، تا اينكه آن جوان در ركاب حضرت سيد الشهدا عليه‌السلام افتخار شهادت يافت و راز آنكه اسم او را در ورق‌ها پيش از نام عمويش، حذيفه ثبت كرده بودند، معلوم شد.» شايد از اين جهت باشد كه وقتي ابن‎عباس حبر امت (روحاني امت) به ترك ملازمتِ ركابِ سيد الشهداء عليه‌السلام در سفر به كربلا مورد عتاب و ملامت قرار گرفت، جواب داد: «ان اصحاب الحسين لم‎ينقصوا رجلاً نعرفهم و لم‎يزيدوا رجلا باسمائهم من قبل شهودهم.»؛ اسامي اصحاب امام حسين عليه السلام را از قبل مي‌دانستيم، نه يك نفر كم و نه يك نفر زياد. و از محمّدبن حنفيه نقل است كه گفت: «ان اصحابه عندنا لمكتوبون باسمائهم و اسماء آبائهم»؛ اصحاب امام حسين عليه‌السلام در نزد ما با اسامي خود و پدرانشان مشخص بود. سلام الله عليك يا اباعبدالله و علي الارواح التي حلّـت بفنائك عليكم منّي سلام الله يا ليتني كنت معكم فافوز فوزاً عظيماً [1]. سورة ‌هود، آية7؛ . . . تا شما را بيازمايد كه عمل كدام‎يك از شما نيكوتر است. [2]. سورة توبه، آية111؛ خداوند جان‌ها و اموال مؤمنين را به قيمت بهشت از آنان خريداري كرده است. [3]. سورة اعراف، آية179؛ آنان مانند چهارپايان، بلكه پست‌تر هستند. [4]. سورة‌انبياء، آية23؛ (خداوند) از هر آنچه مي‌كند بازخواست نشود و خلق از كردارشان بازخواست مي‌شوند. [5]. سورة بقره، آية 32؛ و تو دانايي و كارهايت حكيمانه است. [6]. سورة‌ توبه، آية52؛ بگو: آيا درباره‌ ما، ‌جز يكي از دو نيكي (پيروزي يا شهادت) را انتظار داريد؟ [7]. براي آنان آوازي بود همانند آواز زنبوران در حالي كه برخي در حال ركوع، برخي در حال قيام و برخي در حال قعود بودند. [8]. سورة‌ بقره، آية30؛ آيا كساني خواهي گذاشت كه در زمين فساد كنند و خون‌ها ريزند؟! [9]. سورة‌ بقره، آية30، من به آنچه شما علم نداريد، آگاهم! [10]. اي لشكريان خدا سوار شويد و بر حسين يورش بريد كه به بهشت بشارتتان باد! [11]. تاريخ طبري، ج3، ص315 و ارشاد، ص231. [12]. الكامل ابن‎اثير، ج4، ص57. [13]. ارشاد، ص231. [14]. الكامل في التاريخ، ج2، ‌ص559. [15]. همان. [16]. اگر شمشير آتشبار و تيراندازي آنان نبود گوش‌ها هرگز صداي تكبير را نمي‌شنيدند. [17]. شيخ كاظم ازري؛ طعن نيزه‌ها همه جوارح آنها را تغيير داد جز مكرمت‌هاي آنان كه از هر تغييري در امان بود. [18]. سورة يوسف، آية31؛ هنگامي كه چشمشان به او افتاد، او را بسيار بزرگ شمردند و دست‌هاي خود را بريدند و گفتند: منزه است خدا؛ اين بشر نيست اين يك فرشته بزرگوار است! ** صبح عاشورا السلام عليك يا اباعبدالله الحسين *صبحي سهمگين صبح روز عاشورا، صبح روز رستاخيز عظيمي است كه بشريت در هولناك‌ترين مواقف و هراس انگيزترين ايستگاه‌ها قرار گرفت و با حوادثي رو به رو شد كه فرشتگان آسماني را هم به شگفتي انداخت. صبحي است سخت رهيب؛ مخاطراتي كه در پي دارد و امتحاناتي كه براي انسان پس از آن پيش مي‌آيد، چنان شكننده است كه شكست ناپذيري در برابر شدايد آن، جلوه امر محال و غيرممكن را دارد. اگر آن سختي‌ها بر آسمان‌ها و زمين و كوه‌ها فرود مي‌آمد، تحمل آن را نداشتند و اگر توان همه افراد بشر را يك نفر داشته باشد، باز هم توان غلبه بر شدايد و مصائب اين روز از صاحب آن، عجيب و حيرت‌انگيز است. *جلوه‌گاه ايستادگي استقبال از اين روز، تنها در تاريخ انسانيت، از يك نفر صادر شده است[1] و نه پيش از او سابقه داشته و نه بعد از آن اتفاق مي‌افتد؛ يك نفر كه از نظر ظاهري يك تن بود، اما از نظر معنا و بصيرت در معنويت و شخصيت، يك عالم و عالم‌ها و بيش از آسمان‌ها و زمين و بهشت و آنچه در آنهاست بود، و همان مثال حقيقي و اكمل «الصورة الانسانية هي أكبر حجج الله علي خلقه ، و هي الكتاب الذي كتبه بيده وهي الهيكل الذي بناه بحكمته، وهي مجموع صور العالمين وهي المختصر من العلم في اللوح المحفوظ»[2] بود، بزرگ‎مردي كه در اين روز و در اين ميدانِ پر از آنچه در نظر همه وحشتناك، هول‌انگيز و غير قابل تحمل است، ايستاد. آن‎كس كه اصالت و شرف انسان، اوج عظمت خود و ارزش انسان در تمام عوالم خلقت را به همه مخلوقات و ممكنات نشان داد و آياتي مانند * حسين تفسير احسن الخالقين «لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم»[3] و «فتبارك الله احسن الخالقين»[4] و «اني اعلم ما لاتعلمون»[5]را تفسير نمود، حسين است؛ حسين انسانيت، حسين ملائكه، حسين انبيا، حسين ابراهيم و موسي و مسيح، حسين محمّد و علي و فاطمه، حسين حسن، حسين اسلام، حسين قرآن، حسين صبر و استقامت، حسين حق و عدالت، و در نهايت حسين خدا و حسين و حسين. *صبح مصيبت‌ها صبح روز عاشوراست؛ صبحي كه آبستن مصايب جانكاهي است ‌كه حسين عليه‌السلام و اهل بيت و اصحابش بايد به استقبال آنها بروند و از دين، قرآن و شرف آل محمّد صلوات الله عليهم و شرف همه انسان‌هاي شريف، دفاع كنند و در اين روز، يگانه راهي را كه طي كردن آن براي نخبگان در طول قرن‌ها ميسّر نمي‌شود، با عزت و سرافرازي طي نمايند. صبح عاشوراست؛ انبوه لشكر ظلم و ضدانساني، لشكري كه براي انجام بزرگ‌ترين جنايات آماده شده بودند، گروه معدود و به ظاهر اندك از نخبگان عالم وجود را محاصره كرده بودند. *عاشورا جلوه‌گاه توكل حسين عليه‌السلام و اصحابش با تصميم قاطع و عزمي راسخ، به تمام دنيا، مردم آينده جهان، فرشتگان و همه، اعلام وجود مي‌نمايند، و الله اكبر از آن عظمت ايمان و عظمت هدف و مقصد! حسين عليه‌السلام اگرچه وجودش مالامال از توجه خاص به خداوند متعال بود و اگرچه دلش در حد كمال، محكم و استوار بود و مي‌دانست كه در آن معركه، كه دشمن همه گونه شرارتي را مرتكب مي‌شود، نه خودش و نه اصحابش شكست نمي‌خورند، و با روحيه و قوّت ايمان به خدا در خط خود و صراط مستقيم فداكاري در راه دين و استقبال از شهادت، دشمن را بيچاره مي‌نمايند، اما با اين همه، مرد موحد و بنده خاص و خالص خدا همه چيز و همه نيروها را از او مي‌داند و فقط او را حيّ و قيّوم مي‌شناسد، از اين رو با ابتهال تمام، از خدا طلب كمك كرده و وثوق و اعتماد خود به پروردگارش را اعلام مي‌نمايد، و چنان دعا و ابتهال مي‌كند كه زبان و بيان ما از تقرير اين شور و شوق و توجه حسين و اصحابش به خدا عاجز است. دعاي حسين عليه‌السلام چه بود؟ حسين عليه‌السلام در اين روز آنچه را به ظاهر براي انسان عزيز است و همه براي حفظ آنها دعا مي‌كنند، در ورطه خطر قطعي مي‌بيند. او دعا مي‌كند، اما دعايش نجات ظاهري از اين ورطه و امتحان بزرگ نيست؛ دعا نكرد كه خدايا! جوانانم و برادرانم را از اين قتل و شهادت و اهل بيت را از اسارت، نجات بده و آنها و اصحابم را باقي بدار، يا شيرخوارم را مورد ترحم اين اشرار قرار بده؛ نه! او اين‎گونه دعا نمي‌كرد و هيچ‎يك از اصحاب و ياورانش هم اين‎گونه دعا نمي‌كردند؛ آنها همه به شهادت مي‌انديشيدند؛ آنها از اينكه انصار خدا، انصار رسول خدا و انصار حق مي‌باشند به خود مي‌باليدند. *در انديشه شهادت و چيزي كه به فكر آنها خطور نمي‌كرد، نجات از مرگ بود. آنها همه مستغرق در بحار توجه به خدا و نيل به فوز شهادت بودند، دعايشان اين بود كه در شهادت و ايثار جان درراه خدا هرچه بيشتر، خالصانه و موفق‌تر عمل نمايند و فداكارتر باشند و در برابرضربات ‌تيرها و شمشيرها و نيزه‌هاي دشمن، شايق‌تر ايستادگي نمايند؛ ‌كشته شدن درراه خدا و شهادت، فوزعظيمي بود كه به چشم خويش مي‌ديدند و با اختيار و اشتياق تمام به سوي آن مي‌شتافتند. *پرواز روح دعاي حسين عليه‌السلام در اين روز، دعايي است كه اوج پرواز روح آن حضرت را به نمايش گذاشته، و ارتباط خاص و خالص او با خدا را بيان مي‌كند. نكته‌هاي بزرگي كه در اين دعا و در اين موقعيت نهفته، بسيار آموزنده و سازنده است؛ اين بالاترين مقام ربط و قرب آنان به خداست؛ انساني كه تمام وجودش معناي «انّ صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله ربّ العالمين»[6] است دعا اين است: اللّهمّ انت ثقتي في كلّ كرب و انت رجائي في كلّ شدّة و انت لي في كلّ امر نزل بي ثقة و عدة، كم من همّ يضعف فيه الفؤاد، و تقلّ فيه الحيلة، و يخذل فيه الصديق، و يشمت فيه العدوّ، انزلته بك و شكوته اليك رغبة مني اليك عمن سواك، ففرجته عنّي و كشفته و كفيتنيه، فانت وليّ كلّ نعمة، و صاحب كلّ حسنة، و منتهي كلّ رغبة[7] *چند نكته از يك دعا در اين دعا، كه جمله‌هاي توحيدي آن را بزرگان علما و اهل معرفت و ارتباط با حقايق عالي و معاني متعالي بايد شرح بدهند و برهان قدرت ايمان، وثوق، اعتماد و اميد امام عليه‌السلام به خداست، به نكته‌هاي بزرگي اشاره شده است. اول: توحيد در مقام وثوق و اعتماد و اتكا؛ امام عليه‌السلام در اندوه‌ها تنها خدا را پشتيبان و تكيه‌گاه خود مي‌داند و به احدي غير از خدا اعتماد و اتكا ندارد. دوم: توحيد در مقام رجا و اميد؛ كه در اين مرتبه و مقام نيز حسين عليه‌السلام در هر شدت و سختي به او و حسن قضاي او اميدوار است. سوم: خدا را ستايش مي‌نمايد كه در همه حالات و همه همّ و غم‌ها، هموم و غموم او را برطرف ساخته و غصه‌هايي كه دل را ضعيف مي‌نمايد و راه چاره در آنها بسته مي‌شود و در آن دوست، شخص را وامي‌گذارد و دشمن، شماتت مي‌نمايد، برطرف فرموده است. در اينجا و در اين موقف هولناك نيز از خدا مي‌خواهد كه به او توان حفظ آن موقف را عطا كند و او را در تحمل اين همه مصيبت‌ها و بليات ياري فرمايد كه تا پايان راه، همه اين مدارج و معارج را خودش و اهل بيت و اصحابش با عزمي خلل ناپذير طي نمايند، و مشتاقانه، يكايك گردنه‌هاي خوفناك اين وادي را پشت سر گذاشته و پيش بروند؛ و بروند تا به جايي برسند كه ديگراين عقل‌هاي محدود ما از درك اوج آن عاجز است، و همه قله‌هاي عظمت را فتح نمايند. و دعاي حسين عليه السلام مستجاب شد اين دعا و اين ابراز اعتماد و وثوق به بهترين وجهي مستجاب شد، و حسين به آنچه اراده كرده بود و مي‌خواست، رسيد؛ همه مقاصدش حاصل شد و همه حوائج حقيقي و خواسته‌هايش برآورده شد؛ همه ياران و اصحابش قله‌هاي بلند تقرّب به خدا را فتح نمودند و بركات كار آنها تا روز قيامت، شكوفا و زنده و پايدار است و آيه شريفه ضرب الله مثلاً كلمة طيّبة كشجرة طيّبة اصلها ثابت و فرعها في السماء[8] در طول قرون و اعصار تا روز قيامت، تفسير شد. والســلام علي الحسين وعلي اولاد الحسين وعلي اصحاب الحسين و رحمة الله و بركاته[9] [1]. البته بزرگاني مثل ساير خمسة النجباء عليهم السلام نيز واجد همين قدرت روحي و توان عظيم ايماني بودند اما اجراي اين برنامه عظيم و ايستادن در موقف تاريخي و بي‎نظير به‎عهده حسين عليه‌السلام و بر دوش آن حضرت افتاد. [2]. صورت انسانيّت بزرگترين حجت هاى خدا بر خلق او است و آن كتابى است كه خدا با دست تواناى خود آن را نوشته و آن هيكلي است كه به حكمت خود آن را بنا كرده و آن مجموع صورت جهان‌ها و عوالم است و آن مختصر علومى است كه در لوح محفوظ است»؛ حديث معروف است و صدر آن به اين متن در تفسير صافي، در تفسير آيه2 سوره بقره نقل شده است: «الصورة الانسانية هي أكبر حجّة الله علي خلقه وهي الكتاب الذي كتبه الله بيده» [3]. سورة تين، آية 4؛ به تحقيق كه ما انسان را به بهترين صورت و نظام آفريديم. [4]. سورة مؤمنون، آية 14؛‌ پس بزرگ است خدايي كه بهترين آفرينندگان است. [5]. سورة بقره، آية 30؛ من حقايقي را مي‌دانم كه شما نمي‌دانيد. [6]. سورة انعام، آية 162؛ نماز و تمام عبادات من و زندگي و مرگم براي خداوند؛ پروردگار جهانيان است. [7]. مقتل الحسين، ابي‎مخنف الازدي؛ اي خدا! پناه من در هر غمي تو هستي و اميد من در هر سختي تو هستي. در هرچه بر من روي آورد تو پناه و ياري كننده من هستي. چه بسيار از غم‌هايي كه دل را به تپش درمي‌آورد و چاره را كم مي‌كند و رفيق را درمانده و دشمن را خشنود مي‌كند به تو واگذار نمودم و شكايت آن را به تو كردم براي رغبتي كه فقط به تو داشتم نه به غير تو، و تو آن غم را دفع كردي. پس تو صاحب هر نعمت و هر خوبي هستي و منتهاي هر آرزويي تويي. [8]. سوره مباركه ابراهيم آيه 24؛ خداوند كلمه طيّبه را به درخت پاكيزه‌اي تشبيه كرد كه ريشه آن ثابت و شاخه‌هاي آن در آسمان است. [9]. نگاشته صبح عاشوراي 1428 هـ ق. انتهاي پيام/

                        https://www.farsnews.com/news/890917...A7%D9%86%D9%8A

                        تعليق

                        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                        حفظ-تلقائي
                        x

                        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                        صورة التسجيل تحديث الصورة

                        اقرأ في منتديات يا حسين

                        تقليص

                        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                        أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 27-03-2024, 06:44 PM
                        ردود 0
                        13 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة وهج الإيمان
                        بواسطة وهج الإيمان
                         
                        أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 25-05-2019, 07:10 AM
                        ردود 3
                        273 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة وهج الإيمان
                        بواسطة وهج الإيمان
                         
                        يعمل...
                        X