المشاركة الأصلية بواسطة كرار الشمري 30
هذه الاية شبيهة بهذه الاية :
عندما اتى اخوة يوسف ابيهم يعقوب نادمين :
((قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) يوسف
تفسير من وحي القرآن للسيد محمد حسين فضل الله :
اعترفوا بالخطأ ووعدهم بالاستغفار
{قَالُواْ يا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} فقد عشنا حياة الحقد والضغينة ضد أخوينا، حتى آذيناهما غاية الإيذاء، وعرّضنا حياة أخينا يوسف للخطر، وبعناه بثمن بخس دراهم معدودةً، وحمّلناك من الهموم ما أثقل حياتك، وأفقدك بصرك، فلم تستمتع بحنانك وعطفك عليه، ونحن لم نفسح لك المجال للراحة... ولكن الله أراد غير ما أردنا، ودبّر غير ما دبرنا، فرفع أخانا ووضعنا، فكنا في موضع الخطيئة التي ترهق أرواحنا وضمائرنا، وتشوّه شعورنا بصفاء الحياة وطهارتها من حولنا، فاستغفر لنا ذنوبنا، لأننا لا نملك الكلمة الطاهرة التي نتوجّه بها إلى الله، ولا نملك الروح الصافية التي ينفتح فيها دعاؤنا عليه من خلالها؛ أما أنت فإنك تملك الروح الصافية التي ينفتح فيها الإيمان، من موقع النبوّة، وروح الطهر من موقع الأبوّة الطاهرة. وكان أبوهم عند حسن ظنهم فاستجاب لهم ووعدهم بالاستغفار في الوقت الذي يستجيب الله فيه دعاء الداعين، واستغفار المستغفرين {قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الذي يغفر خطايا المسيئين المنيبين، ويرحم المستغفرين من ذنوبهم.***
والاية في نزلت في حياة النبي :
{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ} ثم يثير القرآن أمام موقف هؤلاء المنافقين المنحرفين الذين يحاولون أن يبرّروا أعمالهم بالباطل، إمكانية أن يتراجعوا ويصحّحوا مسارهم الطبيعي، من دون حاجة إلى اللف والدوران؛ {جَآءُوكَ} وذلك بأن يقفوا أمام الرسول(ص) بعد أن ظلموا أنفسهم بمعصيتهم لله، وتمرّدهم على الرسول، {فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} ليستغفروا الله ويتوبوا إليه مما عملوه حتى يستغفر لهم الرسول، ليؤكّد قبوله لهم ومسامحتهم في حقه، فيدعو الله لهم بالمغفرة، كما يدعونه ليغفر لهم، {لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً} وسيجدون الله عند حسن ظنهم فيتوب عليهم إذا عرف منهم صدق التوبة، ويرحمهم بمغفرته وعفوه ورضوانه، وبذلك يمكنهم أن يتخففوا من ثقل الذنوب التي أرهقت نفوسهم وظهورهم، وينطلقوا إلى الحياة خفافاً من كل وزر، أطهاراً من كل رجس.
من وحي القرآن للسيد فضل الله
تعليق